أكثر من رأي

الديمقراطية في الوطن العربي

هل تتعارض الديمقراطية مع مبدأ الشورى الذي أرساه الإسلام؟ هل تتعارض العملية الديمقراطية مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ هل العنف والإرهاب ناتج طبيعي لسياسة القمع التي تمارسها الحكومات؟ من المسؤول عن غياب الديمقراطية في الوطن العربي؟

مقدم الحلقة

محمد كريشان

ضيوف الحلقة

– نور محمد نور/ مدير تحرير صحيفة الشرق القطرية
– د. عبد العزيز الحر/ أستاذ بجامعة قطر
– أحمد عبد الله/ مدير مركز الجبل للدراسات الشبابية

تاريخ الحلقة

29/03/1999

undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (أكثر من رأي) والتي أعوض فيها الزميل سامي حداد، بضعة أشهر، ويبدأ قرن جديد، وقد استعدت الأمم والشعوب لدخول الألفية الثالثة برسم سياسات تتلاءم مع المتغيرات والتحديات التي تواجهها سواء كانت على الصعيد الداخلي أو الخارجي. والعرب كغيرهم من شعوب العالم الثالث يدخلون القرن الجديد بإرث ثقيل من الهموم تتراوح بين مشاكل الفقر، والبطالة، والأمية، والتطرف والإرهاب، ناهيك عن النزاعات الحدودية التي غالباً ما تستغلها القوى الخارجية للتدخل في شؤونهم الداخلية، وتوسيع شقة الخلاف بينهم.

ويجمع قادة الفكر وأغلب المثقفين أن أخطر المشاكل التي تواجهها الأمة على الإطلاق هو غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويرون ذلك السبب الرئيسي للنكبات والمآسي التي حلت بالعرب خلال الخمسين سنة الماضية، ففي غياب الديمقراطية كممت الأفواه، وانتهكت كرامة الإنسان وأصبح من يتربع في قمة السلطة حاكماً مطلقاً يصيغ شؤون البلاد كما يرى، بل ويقرر بمفرده قضايا الحرب والسلام، لا يجرؤ أحد على مناقشته، فكانت النتيجة سلسلة من الكوارث انعكست آثارها على الأمة تعاملها بكاملها.
لمناقشة أولويات العرب في القرن المقبل، وسبل الخروج من المأزق الذي يعيشونه نستضيف اليوم في الأستديو الدكتور عبد العزيز محمد الحر (الأستاذ بجامعة قطر)، والكاتب الصحفي نور محمد نور (مدير تحرير صحيفة الشرق القطرية اليومية)، وعبر الأقمار الاصطناعية من القاهرة الدكتور أحمد عبد الله (مدير مركز الجبل الجديد للدراسات الشبابية) وللمشاركة يمكنكم الاتصال بالهواتف التالية:
888840 مفتاح قطر -00974 أو 888841 أو 888842، أو عن طريق الفاكس 885999 ولكن لنتابع في البداية هذا التقرير.

تقرير/ أحمد الشولي: منظر هؤلاء الفلاحين في صعيد مصر من المناظر المألوفة التي يمكن للمرء أن يشاهدها في المناطق الريفية في أي بلد عربي، فهؤلاء الملتصقون بالأرض يكدون طوال النهار معتمدين على أساليب تقليدية في ري الأرض، وبذر الحبوب، وجني المحاصيل بطرق لا تختلف كثيراً عن طرق آبائهم وأجدادهم منذ مئات السنين، ورغم أن الهم اليومي للسواد الأعظم من الفلاحين والعمال هو تأمين لقمة العيش، وما أمكن من التعليم لأطفالهم، إلا أنهم ليسوا بعيدين عن الهموم التي تواجهها الأمة من تخلف، وانقسامات، وتآمر خارجي.

ولعل من أكثر المفردات تداولاً علي ألسنة المثقفين في العالم العربي هي: الحريات العامة، والمشاركة الجماهيرية، والمساواة، والتعددية الحزبية، وتداول السلطة، وغيرها من التعبيرات الديمقراطية، فقضيتا الديمقراطية وحقوق الإنسان ظلتا على مدار العقود الثلاثة الماضية تحتل قمة اهتمام وهموم المثقفين العرب، ومع تعاظم الأخطار المحدقة بالأمة وتزايد الإحباط نتيجة التدهور المستمر في النظام والعمل العربي المشترك، أصبحت قضية المشاركة الشعبية الفعالة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى باعتبارها الضمان الأكيد في مواجهة التطرف بجميع أشكاله، وما يفرزه من عنف وإرهاب، والأهم من ذلك الحيلولة دون تفرد شخص واحد أو مجموعة من الأفراد بالسلطة بدون حسيب أو رقيب.

لقد أثبتت تجارب العرب في العصر الحديث أن احتكار قرارات الحرب والسلام بيد فرد واحد -مهما كان عبقرياً أو ملهماً- جرَّ عليهم الكثير من المآسي والويلات، فمعظم الصراعات المسلحة بين الدول العربية، أو الحروب مع دول الجوار التي أتت على الأخضر واليابس لم تستشر بها الشعوب، وإنما كانت بقرار من فرد أو مجموعة من الأفراد.

غياب الديمقراطية لم يورث الإحباط والقنوط في الداخل وحسب، وإنما انعكس علي الصراع مع إسرائيل وكان سبباً في إحراج الأنظمة نفسها، وما انفكت إسرائيل تطرح نفسها في المحافل الدولية على أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وبالرغم من أنها كلمة حق يراد بها باطل، فقد صدقها العالم وترسخ الاعتقاد بأنها واحة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وقد بررت الأنظمة العربية إلغاء أو تعطيل الديمقراطية في الخمسينات والستينات بحجة أنه تدبير فرضته ضرورة التنمية والتحولات الكبيرة ومقتضيات مواجهة إسرائيل، فمظهر شعار" لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ولكن من المفارقات أنه بعد انتهت المعركة، وأصبح العدو شريكاً في السلام، ظلت الديمقراطية والحريات العامة معلقة، واستمرت الأنظمة في اعتماد الأسلوب الأمني بدلاً من الحل السياسي، والحوار مع الذين يخالفونها الرأي.

حسين عبد الرازق (حزب التجمع الوحدوي الوطني بمصر): المشكلة الحقيقة إن أغلب هذه الأنظمة هي أنظمة غير ديمقراطية، أنظمة بوليسية لا تقبل الحوار حتى مع القوى السياسية التي لا تمارس العنف.

أحمد الشولي: مجاراة لروح العصر أخذت النظم السياسية العربية خلال السنوات الأخيرة بأشكال متباينة من التعددية، والتنوع الإعلامي، والانتخابات البرلمانية والبلدية، ولكنها في الغالب ظلت تجارب قاصرة لا تلبي تطلعات المطالبين بمشاركة كاملة.

سميح القاسم (شاعر فلسطيني): هناك مؤسسات تقول أنها لا تقتل المواطنين في الشوارع، وهي لا تمنع المواطنين من الضحك، أو تنفس الهواء وتعتبر ذلك ديمقراطية لذلك يجب قبل كل شيء أن نحدد معنى الديمقراطية، ومعنى حقوق الإنسان.

أحمد الشولي: آخرون لا يرون الصورة قاتمة وسوداوية بهذه الدرجة.

عبد الرؤوف الروابده (رئيس وزراء الأردن): الديمقراطية كائن حي، يولد وينمو، لا يخلق كاملاً، ومن يطلب الشيء قبل أوانه يعاقب بحرمانه، والمولود الأكبر من حجمه يا بيموت يا أمه، يا الاثنين سوا، هذه عنده الديمقراطية كائن حي ينمو ويتطور على دفعات تمثل كل منها مرحلة من مراحل عمر مجلس النواب.

أحمد الشولي: نفر آخر يرى أن التدهور العربي يتعدى مجرد قصور التجارب الديمقراطية في أجزاء من العالم العربي، ويرد هذه الحالة إلى تدهور ثقافي اجتماعي وسياسي يمكن وصفه بتدهور حضاري يشمل العرب كافة..

د. أحمد الربعي (كاتب ومفكر كويتي): رغم وجود تفاوت بلا شك، ورغم أن العالم العربي ليس صورة مكررة من بعضه البعض، إلا أن الشكل العام لأوضاع الإنسان ولحقوق الإنسان واضح أن هناك أزمة وكارثة حقيقة تتمثل ابتداءً بالعنف والعنف العنيف جداً في الجزائر، وتنتهي بغياب حرية الإنسان فى الانتخاب، حريته في التقاضي أمام القضاء، التمييز ضد النساء واضح في العالم العربي، تشغيل الأطفال موجود في العالم العربي، أوضاع السجون، موضوع الاعتقالات.

أحمد الشولي: وأياً كانت الأسباب والمبررات، فإن الأنماط الديمقراطية السائدة سواء في الأحزاب الحاكمة أو المعارضة لا تعبر عن ديمقراطية حقيقة، فهي إما تجسيد لواقع طائفي أو قبلي أو في أحسن الأحوال تنظيمات هامشية تدين بوجودها للحاكم نفسه، ففي كل ديمقراطيات العالم تشكل الحكومة من حزب الأغلبية، أما في بلادنا فإن الحاكم هو الذي يشكل حزب الأغلبية.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: نبدأ مع السيد نور محمد نور، يعني عندما نتحدث عن دخول القرن المقبل، مع تركيز واضح على مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان -مثلما تابعنا في التقرير- هل هذا من باب المبالغة؟

نور محمد نور: أعتقد إلى حد ما أن هناك مبالغة شديدة في فكرة الطرح الديمقراطي، أولاً دخول القرن الجديد لا توجد فيه مشكلة فيما يتعلق بالزمن في يوم 1/1 سنة 2000م إحنا هاندخل القرن الجديد بدون أي مشاكل، لكن ندخل بمعرفة ناقصة، وندخل بعدم قدرة على مواكبة هذا العصر الجديد، هذه المعرفة الناقصة لابد من البحث عن أسبابها، لا يمكن أن تكون المعرفة الناقصة فقط متعلقة بالفكرة الديمقراطية أعتقد أنها تبدأ من الأسرة، لا يمكن أن نطالب الناس بالديمقراطية، ونحن نقمع الطفل في الأسرة من اللحظة الأولى لا تتكلم، لا تقاطع الكبار، اسكت، اخرس، هذه المجموعة من الدلائل تتربى داخل هذا الطفل، ولا يمكن حينما يكبر أن يقول لحاكمه: لا. إذن دعونا نبدأ الديمقراطية من الأسرة، ثم نذهب إلى المذاهب السياسية المختلفة لنناقش هذا الأمر.

محمد كريشان: نعم، دكتور عبد العزيز الحر، أنت رجل تربية وربما هذا السؤال موجه إليك بالتحديد، هل يمكن أن نتربى في بيئة ديمقراطية دون تنشئة ديمقراطية منذ البداية؟

د. عبد العزيز الحر: بداية بينما العالم بدأ يستعد لخوض هذا القرن -اللي إحنا نسميه الجديد- وبالنسبة للعالم المتقدم ليس جديد، لأن معالمه وتحدياته كانت واضحة منذ فترة طويلة، بدأ الاستعداد لهذا القرن من فترة طويلة، إحنا لازلنا نتكلم عن تحديات هذا القرن ومعطيات هذا القرن، وماذا سنفعل لهذا القرن؟ كأن اللي باقي خمسين أو مائة سنة على هذا القرن، ومثلما أشرت حضرتك إن القضية آتية خلال أشهر وليس أكثر من ذلك، القضية ما يمكن تقزيمها في الحديث عن الديمقراطية، وإشكالية العالم العربي، والإشكاليات اللي يعيشها العالم العربي، ونهوض العالم العربي مش مرتبط فقط بفكرة الديمقراطية، إذا اتفقنا على ماهية هذه الديمقراطية، إحنا أحياناً نستخدم مصطلحات، وأتمنى في هذا اللقاء إن إحنا نقف عند مفهوم هذه الديمقراطية، لأن هناك بعض من الدول ستقول: أنا أطبق الديمقراطية أنا عندي أحزاب وأحزاب متعددة، عندي صناديق اقتراع، عندي مجال للترشيح حتى الرئيس، لكن هل بالفعل مضامين الديمقراطية إحنا متفقين عليها وموجودة أم لا.. هذا السؤال؟

الأمر الآخر إذا كنا نتكلم عن قضية التربية والتعليم، وهل بالفعل نحن تربيتنا تربية القرن القادم، أنا عندي هنا تحفظ كبير جداً، نحن نتكلم عن أمة فيها 50% منها أمي لا يقرأ ولا يكتب، أكثر من 70 مليون أمي في هذا العالم العربي، وأكثر من.. أكبر نسبة من هذا السبعين مليون من النساء، الأم التي تربي أطفالنا أمية لا تقرأ ولا تكتب، ماذا ننتظر من هذه الأم؟ تعليمنا.. حتى التعليم ومن يدخل المدرسة يدخل النظام اللي أنا أسميه النظام المعلوماتي وليس المهاراتي، الطالب يذهب إلى المدرسة ليتلقى المجموعة من المعلومات يسترجعها في الاختبار ثم يطويها..

محمد كريشان [مقاطعاً]: الزمن.. نعم.

د. عبد العزيز الحر [مستأنفاً]: النسيان والزمن وتنتهي في هذا الأمر، القضية أيضاً.. إحنا ناتجنا ننتج -يعني تعليمنا الجامعي أو المدرسي- ينتج كوادر إدارية وليست كوادر إنتاجية، بمعنى أنهم يصلحون لإدارة بعض المكاتب في الدوائر الحكومية فقط، وليست كوادر إنتاجية بالفعل..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني ككدر إدراي بشكل.. نعم.

د. عبد العزيز الحر [مستأنفاً]: وليست كوادر إنتاجية حقيقية، هذا إشكالات نوعية نعم موجودة.

محمد كريشان: نعم، ننتقل إلى القاهرة إلى الدكتور أحمد عبد الله. دكتور، يعني ما تفضل به الضيفان برأيك هل يخشى أن يكون تعويماً -إن صح التعبير- لقضية الديمقراطية ولمدى إلحاحها، أم تعتبر بالعكس هو وضع القضية في إطارها الموضوعي الصحيح؟

د. أحمد عبد الله: أي عملية اقتحام للمستقبل تستلزم أن نحدد لقدمنا قبل الخطو موضعها، يعني نقدم كشف حساب القرن العشرين، ونحدد فيم نجحنا وفيم أخفقنا، أحد جوانب إخفاقاتنا الكبرى في العالم العربي هو المسألة الديمقراطية بالطبع،حيث عشنا في ظل نظم استبدادية لعشرات السنين، وكما أوضحتم في التقرير السابق، هذه النظم تسببت في كوارث حقيقة بالنسبة للإنسان العربي تشمل دماء وخسائر كبرى، إذن لابد أن ندرك النسب الصحيحة للأشياء، نعم دخول المستقبل يستلزم عتاداً متنوعاً، وأسلحة عديدة، وليس سلاحاً واحداً.

لا نقول أن الديمقراطية وحدها ستحل كافة مشاكلنا، ومن الخطأ تقديمها كحل سحري لكل المشاكل، ولكن بالنسب الصحيحة للأشياء تصبح المسألة الديمقراطية في مقدمة ما يجب أن نتسلح به لدخول القرن القادم بسبب الخسائر الواردة والواضحة في كشف حساب القرن العشرين فيما يخص ما جرته علينا النظم الاستبدادية العربية من ويلات وكوارث.

بعبارة أخرى الديمقراطية شرط ضروري لكن غير كاف، هناك اعتبارات أخرى مثل: مشكلة العدل، مثل مشكلة المساواة، مشكلة موقعنا من العصر فيما يخص قضية العلم، والتكنولوجيا، والتنافس الاقتصادي إلى آخره، لكن الديمقراطية كنظام عام وإطار عام لإدارة كافة هذه الأمور تصبح إذن شرطاً ضرورياً بل حتمياً لإمكانية انطلاقة حقيقية للعالم العربي ونحن على عتبات القرن الواحد والعشرين، هكذا ندخل القرن الواحد والعشرين، وأعيننا تنظر إلى الأمام، ولا ندخله بظهورنا.. إذا جاز التعبير الساخر يعني.

محمد كريشان: نعم، إذن برأيك -دكتور أحمد- يعني الاستعداد والإلحاح على الديمقراطية لا يتنافى مع ضرورة إعداد بيئة يعني لكن الديمقراطية السياسية هي الأساس، وهي المفتاح مثلما ذكرت.

د. أحمد عبد الله: أخشى ما أخشاه أن تكون هناك ذرائعية وتلككية ومماحكة فيما يخص موضوع الديمقراطية كأن يقال أن العرب أميين، غير جاهزين، ثقافتهم مبنية على قيم الاستبداد، لا يستطيعون أن يكونوا ديمقراطيين، هكذا قال عنا بعض المفكرين ذوي المشارب الاستعمارية في الحقيقة، أن العالم كله يمكن أن يكون ديمقراطياً ماعدا العرب!! يعني هذا الموقف عنصري من طرفهم، لكن أخشى ما أخشاه أن البعض منا يؤكد هذا الكلام قد لا نختلف على أن الديمقراطية عملية تاريخية، تدرجية، وتستلزم وقتاً لكي تترسخ، لكن التلكؤ فيه تضييع وقت كبير تدفع الشعوب ثمنه في النهاية، لأن ما يهمنا في النهاية هو صالح الإنسان وتعبئة طاقاته الكاملة وانطلاقه للمستقبل.

ولن تستطيع أن تقول للناس عبئوا طاقاتكم، وانطلقوا واعملوا في سبيل نهضة الأمة، ولكن لا تشاركوا في القرار، ولكن لا تعلقوا على ما يحدث، ولكن لا تكونوا شركاء متساويين هذه هي السخرية الحقيقة!! هذا هو التناقض الحقيقي في الموقف، نعم للتدرج لكن العالم العربي في كشف حساب القرن العشرين كما هو واضح تلكؤه وتباطؤه في اقتحام مجال البنية الديمقراطية لنظم حياتنا، تلكؤ وتباطؤ واضح وضوح الشمس، وآن الأوان للإسراع بالعملية الديمقراطية، ولن نصبح ديمقراطيين حقاً إلا من خلال شجاعة الاقتحام نفسها، ومن خلال إعطاء الناس فرصة التدرب، التدريب والتجريب لكي يصبحوا ديمقراطيين حقاً في كافة مناحي حياتهم.

محمد كريشان: نعم. دكتور أحمد، ستبقى معنا بطبيعة الحال. يعني.. سيد نور، الدكتور أحمد واضح أنه يرد على المنطق الذي تحدثت به والذي تحدث به الدكتور الحر، يعني الديمقراطية عملية تاريخية صحيح، ولكن ربما قد يصبح لمثل هذا التحليل تحليل تذرعي أو ذرائعي لتبرير واقع غير ديمقراطي، هل.. هل نخشى من مثل هذا الاحتمال؟

نور محمد نور: هو قطعاً نخشى من هذا الاحتمال، أنا موافق مع الدكتور تماماً على فكرة الديمقراطية وإحنا لسنا ضدها، لكن هي الديمقراطية أيضاً لا تهبط من السماء، وفجأة أنام أصحى الصبح ألقى نفسي ديمقراطي!! هناك أدوات تدريب، هذه الأدوات منعدمة تماماً حتى الآن..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن سيد نور -يعني عفواً- أحياناً بعض السلطات العربية تعتمد نفس المنهج بالقول بأن الديمقراطية عملية تاريخية، وأنها لا تنزل من السماء، وأن التغيير جهد يومي، ويجب أن يشارك فيه الجميع، ونجد في النهاية أن هذا يبرر واقع رديء في نهاية المطاف يعني؟!

نور محمد نور: طيب، ألا تلاحظ إن إحنا الأنظمة الاستبدادية بعدم منحنا الديمقراطية، ولا نسأل الشعوب لماذا لا تحصل هي على ديمقراطيتها؟ الشعوب سلبية حتى.. الشعوب لا تحاول أن تصل إلى مرحلة الصدام للحصول على الديمقراطية..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني لابد من الصدام؟

نور محمد نور: لابد من الصدام بشكل ما، في أوروبا كلها والشعوب لم تحصل على الديمقراطية بين ليلة وضحاها، صارعت وتصادمت مع الأنظمة ثم فرضت إرادتها، في منطقتنا أنا أعتقد إلى حد كبير أن إحنا حتى الآن غير قادرين على فرض إرادتنا كشعوب، ومنتظرين أيضاً أن تمنح لنا الديمقراطية، وبالتالي تسقط الفكرة ككل.

محمد كريشان: نعم. دكتور عبد العزيز الحر، إذن التربية وحدها لا تكفي، لابد من صدام لافتكاك هامش من الحرية يعني ؟

د. عبد العزيز الحر: خلي أنا أخرج من إطار التضييق لموضوع النقاش في قضية الديمقراطية، وأعتقد أن الديمقراطية في حد ذاتها ليست هدف، الديمقراطية هي وسيلة لتحقيق شيء ما خل إحنا نوسع الإطار، وأنا أعتقد أن الإشكالية الأولى اللي يواجهها العالم العربي إشكالية فكرية وليست قضية وسيلة، الإشكالية الفكرية تتحدد -في وجهة نظري- في ثلاث نقاط أساسية: واحدة من هذه النقاط غياب المرجعية الفكرية، إحنا في فترة من الفترات تخبطنا، هل نريدها اشتراكية؟ هل نريدها علمانية؟ هل نريدها قومية؟ هل تريدها بعثية؟ ماذا نريد؟! هل نحن غربيين؟ هل نحن في الوسط بين..؟
غياب هذه الرؤية، غياب هذا الأساس، هذه الهوية، اللي أنا أسميها الهوية أنا أعتقد ساهمت في خلق أمة ضبابية، أمة لا تعرف ماذا تريد، ثم نزلت هذه القضية إلى قضية المنظومة القيمية، لما اختلت الرؤية أو اختلت الهوية، واستوردنا من الغرب، ومن الشرق، ومن الاشتراكية، ومن الماركسية.. فأصبح هناك خلل في المنظومة القيمية كانت لدينا مجموعة من القيم استوردنا قيم بديلة فصار هناك خليط غير متجانس من هذه القيم. ومن ثم لا نعرف.. أصبحنا في مفترق طرق لا نعرف ماذا نريد، إذا نحن نعرف ماذا نريد، حددنا هويتنا بالضبط، حددنا مجموعة القيم، وهذه.. وهذه السنة الكونية.

اليابان عندما تقدمت لم تتقدم إلا بعد ما مرت بما يعرف بمرحلة فرز التراث، فرز التراث واستخلاص القيم الموجبة، وحذف القيم السالبة، ثم استوردت من الدول الخارجية أو استفادت من التجارب العالمية، وكذلك أوروبا إذا تحدثنا عنها أو إذا صار فيه مجال نتحدث عن ذلك. إذن الإشكالية الأساسية اللي أنا أريد أن أركز عليها هنا الإشكالية الفكرية اللي بعد ذلك لو حسمت ستحسم كثير من الوسائل اللي ممكن نأخذها لدخول هذا القرن.

[موجز الأخبار]

محمد كريشان: دكتور أحمد عبد الله في القاهرة، يعني ما رأيك فيما قيل؟

د. أحمد عبد الله: بالنسبة للدكتور نور في الحقيقة أرجو ألا يظلم الشعوب العربية وغير العربية، الناس كافحوا كفاحاً مستميتاً في سبيل الخبز والحرية معاً، وكم من أناس سقطوا صرعى رصاص البوليس في المظاهرات، وكم من أناس ماتوا تحت التعذيب في أقبية السجون بأيدي حكامنا الوطنين أكثر مما قتل منا الاستعمار، الشعوب كافحت يا إخواني الأعزاء، غير صحيح أنها لا تكافح، ولكنها تتعرض لعنت وقهر شديد من السلطات المستبدة التي -كما قلت- ربما كان الاستعمار أكثر رحمة بنا من بعض هذه السلطات فيما فعلته بشعوبها، فمن غير.. من غير المنصف أن نظلم الناس ونقول أنهم لم يكافحوا، نعم أن الديمقراطية لا تأتي على طبق جاهز، وأي مكسب يحققه الإنسان لا يأتي جاهزاً، لابد من كفاح وكما قال شاعرنا:
إن حروف التاريخ كاذبة
إن كتبت من غير دماء

هذا صحيح لكن الدماء أسيلت، وأهرقت في سبيل الحرية في بلادنا، الناس كانت تطالب بالجلاء والدستور في نفس الوقت، اختلط لدى الناس الكفاح الوطني بالكفاح الاجتماعي بالكفاح الديمقراطي، كل أشكال الكفاح شعوبنا قدمت فيها تضحيات كبيرة، وإلا لما كان لنا تاريخ طوال القرن العشرين، يعني انظر ما حدث بل أكاد أقول أنه بكفاح الشعوب في بلادنا فرضت أطر ديمقراطية على السلطات الحاكمة، ووجدت تجارب ديمقراطية بالفعل في عدد من الدول العربية في ثلاثينيات وأربعينات وخمسينيات هذا القرن العشرين الذي يشرف على الانتهاء.

لكن -مع للأسف- حدث نكوص عن هذه التجارب، إذن القضية ليست فقط قضية تلكؤ، وذرائعية، ومماحكة، وعدم كفاحية من طرف الشعوب كما يدعى، وإنما هي قضية قهر يمارس على هذه الشعوب، ليس معنى هذا إننا نولد من بطن أمهاتنا ديمقراطيين يعني، كما قلنا الديمقراطية تستلزم تدريباً وتجريباً، لكن لابد أن نتفق على أنها ضرورة هامة وأننا تباطأنا في اقتحام المضمار الديمقراطي في نهاية القرن العشرين، ولا حياة لنا في القرن الواحد والعشرين إلا ضمن الأمم الديمقراطية..

محمد كريشان [مقاطعاً]: دكتور أحمد، يعني..

د. أحمد عبد الله [مستأنفاً]: والديمقراطية لا تصبح ترفاً سياسياً، وإنما هي ضرورة خبز ولقمة عيش أيضاً.

محمد كريشان: نعم، لنكون أيضاً في هذه الحلقة، لنسهم.. لنسمع السيد مهدي صالح من ألمانيا، تفضل سيد مهدي.

د. مهدي صالح: مساء الخير إخوان.

محمد كريشان: مساء الخير.

د. مهدي صالح: بودي أن أقول بإن الديمقراطية لن تكون مفتاحاً سحرياً لحل مشاكلنا، ولكنها طريقة وهي الطريقة الفضلى لحل مشاكلنا، لماذا؟ لأنها ستفتح المجال لمختلف الإمكانيات، لمختلف المجموعات السياسية في أن تقدم برامجها، نحن نتحدث عن تحديات القرن المقبل أو عن تحديات أواخر القرن الحالي نفس هذه التحديات هي مجال بحث بين الناس ما هي هذه التحديات؟ ما هي الأولويات؟ مجموعات سياسية مختلفة من الممكن أن يكون عندها آراء مختلفة لحل هذه المشاكل، وما هي هذه المشاكل؟ الديمقراطية إذن تقدم الطريقة لحل المشاكل، هي ليست مفتاحاً سحرياً لحل هذه المشاكل، لكن هي الطريقة الفضلى لحل هذه المشاكل..

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم، شكراً.

د. مهدي صالح [مستأنفاً]: اسمح لي أن.. اسمح لي بس دقيقة.. دقيقتين بودي أن أرد عن بعض ما يقال حول الديمقراطية.

محمد كريشان: اتفضل.. اتفضل.. باختصار لو سمحت.

د. مهدي صالح: مثلاً هناك.. هناك أقوال تدعي بأن الشعوب العربية غير مدربة على الديمقراطية يعني أجيب مثل مثلاً (منغوليا الشعبية) بلد أسيوي، في الشمال الشرقي من آسيا، هذه أهلها كانوا بدو قبل حوالي 70 سنة يعني يشبهون نجد والحجاز، ولم يتذوقوا الديمقراطية، وأتاهم حكم سمي بالحكم الاشتراكي الشعبي دام حوالي 70 سنة، وبعد ذلك بعدما زال هذا الحكم الناس اتعلمت الديمقراطية بسرعة وأجريت انتخابات نيابية، وجاء رئيس وبرلمان للدولة عن طريق الانتخاب..

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم.. سيد.. سيد مهدي صالح، أعتقد أن الفكرة واضحة شكراً لك سيد نور، يعني يبدو أن ما أشرت إليه بخصوص الشعوب أثار حفيظة البعض، يعني أنا في نفس الإطار الذي تحدث عنه مهدي صالح من ألمانيا ومثال منغوليا، مثلاً مثال نيجيريا مؤخراً انتقلت من حكم عسكري ديكتاتوري إلى حكم ديمقراطي مدني عبر انتخابات أجمع المراقبون على أنها إلى حد كبير ديمقراطية، يعني لماذا.. أليس غريباً أن نتحدث الآن -ونحن على مشارف القرن- في أشياء تبدو.. تبدو بديهية على الصعيد الدولي، يعني نحن نناقش مدى.. أن يستأهل العرب الديمقراطية أم لا؟!

نور محمد نور: ما المؤسف أن هذه البديهة أساساً لم تكن موجودة عندنا في العالم العربي ولكن من الأشياء الغريبة أيضاً إن إحنا كنا نمارس الديمقراطية في العالم العربي ما قبل فترة طويلة إلى أن جاءت الحكومات الوطنية، يعني التجربة الديمقراطية في العالم العربي أيام الاستعمار كانت تجربة متقدمة جداً، وكان تستطيع كمواطن سوداني أو مصري أو مغربي أو تونسي تصادم الاستعمار وتحصل على حقوقك السياسية حتى لو دخلت السجن..

محمد كريشان [مقاطعاً]: إذن مصيبة أن لا نتمتع الآن بهذا الهامش الذي كان متاحاً!!

نور محمد نور [مستأنفاً]: هذا ما حدث.. هذا ما حدث نحن فعلاً فقدنا حريتنا بعد وصول الحكومات الوطنية، لكن على أي أساس؟ الحكومات الوطنية حينما وصلت كان فيه مرحلة بناء، مرحلة البناء من وجهة نظر بعض السلطات الوطنية كانت تتطلب أن يتوقف.. تتوقف الديمقراطية مؤقتاً في سبيل الإنتاج، ما حدث حقيقة إن إحنا لا أنتجنا ولا حصلنا الديمقراطية، بدليل إن اليوم وإحنا ندخل القرن الجديد لو نظرنا للدول العربية كلها ما نقدر نقول إن إحنا نساهم في الإنتاج العالمي بشكل جيد سواء الإنتاج العلمي، أو الثقافي، أو الفني ما لم يتوفر ده وسط المواطن العربي، وهو بذلك يتمكن من أن يملك قوته.. حينما يصبح منتج، ومخترع، ومبدع في هذه اللحظة تصبح الديمقراطية أداة طبيعية في إيده، لكن لا تطالبني بأن.. المواطن في جنوب السودان.. ونشر من أيام تحقيق في.. في (الجزيرة)، ورأيت المواطن هناك كيف يمكن أن يصبح هذا المواطن ديمقراطي وهو لا يجد خبز اليوم؟! وهذا المواطن في جنوب السودان موجود في جنوب مناطق كتير جداً. هل يمكن أن نستغل هذا المواطن في إطار الديمقراطية؟ ده واحد.

اثنين: المجموعات السياسية اللي تكلم عنها الدكتور دائماً هي التي استغلت الشعوب لتحقيق مطامحها وليس لتحقيق الديمقراطية، لأنها تستطيع أن تقود الجهلاء في السودان على سبيل المثال مجموعة سياسية مثقفة تستطيع أن تقود خلفها 500 ألف مواطن سوداني ليست لديهم الفكرة السياسية الكافية، وإنما لديهم الولاء، فتطبق الديمقراطية في إطار مجموعة صغيرة على حساب الـ 500 ألف مواطن سوداني، وقس على هذا في العالم العربي.

محمد كريشان: نعم، قبل أن نأخذ الدكتور محمد شمسان من بريطانيا، يعني تعليق من الدكتور أحمد عبد الله، يعني قضية الولاء، وقضية لقمة العيش، يبدو حسب السيد محمد نور هي طاغية قبل الديمقراطية في..؟

د. أحمد عبد الله: شعوبنا كافحت دائماً في سبيل الخبز والحرية معاً، يعني كما أسلفت القول العمال والفقراء كانوا يكافحون في سبيل حقوقهم الاجتماعية، أفضل لهم الإطار الديمقراطي ليعرضوا هذه الحقوق كي لا يلجؤوا إلى العنف، انظر أيضاً إلى أجيال الشباب التي نلومها الآن على ممارسة العنف واللجوء للتعصب والإرهاب، هذا الشباب لو أتحنا له فرصاً ديمقراطية أفضل فجعلنا مشاركته محل احترام، وأعطيناه فرصة للمشاركة الانتخابية دون تزوير للانتخابات، وأصبح الموضوع برمته موضوعاً جاداً الأغلبية الساحقة من هذا الشباب ستترك مجال العنف والاغتراب، وتؤمن بجدية الموضوع كله وتشارك، لكن أنت الآن ما يحدث في بعض البلاد العربية لأن البعض يستطيع أن يقول عندنا تجارب ديمقراطية في السنوات الأخيرة، لكن معظمها تجارب شكلية، ليست تجارب جدية والمطلوب-على الأقل-بمنطق التدرج أنه قد آن الأوان لتحويل التجارب الشكلية إلى تجارب جدية لتفادي أشكال العنف والتطرف والتشدد التي يلجأ إليها الناس حين يجدوا الحائط.. يعني فقط وراء ظهورهم..

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم، دكتور..

د. أحمد عبد الله: الديمقراطية ضرورة-حتى عملية-لمن لا يؤمن مبدئياً وفكرياً، لمن يريد الاستقرار لبلادنا.

محمد كريشان: نعم، دكتور محمد شمسان من بريطانيا، تفضل.

د. محمد شمسان: مساء الخير.

محمد كريشان: مساء الفل.

د. محمد شمسان: تحياتي لجميع المشاركين، أنا أحب أحط في البداية موضوع الإشكالية الديمقراطية، نحن بنتكلم من خلال إطارين، نحن بنحاول نتكلم عن الديمقراطية إنها هي الفكرة الأوروبية للديمقراطية ناسيين إنه قضية الديمقراطية قضية ثقافية نفسية ترجع لتربية النفس العربية التي تربت من الأساس على مجتمع الأب، أو مجتمع شيخ القبيلة مهما كنت أنا متعلم أو حائز على.. فى الأخير أنا ألجأ إلى فكرة إن هناك مجموعة صغيرة تضمني والشيخ هو الذي يقرر، هذه المشكلة نتيجة للتربية، فى المجتمع الأوروبي الأم هي الأساس، الأم محاورة وديمقراطية تنشأ الطفل من الصغر على أنه له رأي وممكن يؤخذ برأيه حتى في.. في يوم العيد حتى في يوم الخروج، لكن في المجتمع العربي الأب يقول كلمة وهو هذا القرار الذي يتخذه.

فيجب علينا لمناقشة الديمقراطية بأن نجد صيغة جديدة تتلاءم -أساساً- مع تراثنا العربي، حتى من الناحية الفلسفية أفلاطون يقول: إن الديمقراطية هراء إنها.. إنها فاشلة في.. فأنا أقصد إنه ليست الديمقراطية هي بالحل الأمثل بالمنظور الغربي.
النقطة الثانية: الدولة.. الدولة العربية اللي بنتحدث عنها كمؤسسة هي في العالم المتطور والحديث والديمقراطي هي الدولة لصيانة كرامة الإنسان في بلدها لتنميته، سنجد هذا في الدول المختلفة ومنها الدول العربية، هي بالعكس هي مؤسسة القمع للمواطن العربي، والمثال على ذلك الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة في جنوب لبنان، في غياب الدولة نجد الشعب تحرك وظهرت ملكاته، واستطاع أن يحقق أشياء كثيرة، لو كانت موجودة دولة في جنوب لبنان لما استطاع الشعب هناك أن يعمل شيء، وكذلك لنر الآن المؤسسة الفلسطينية.
والقضية الثالثة.. اسمح لي نقطة أخيرة لو سمحت..

محمد كريشان [مقاطعاً]: شكراً.. شكراً أعتقد الفكرة واضحة، شكراً دكتور محمد شمسان، دكتور عبد العزيز الحر، يعني دكتور أحمد عبد الله أشار وأيضاً فاكس أيضاً وصلني من نائل ذهب من ألمانيا ويتساءل يعني في ظل أنظمة توصف بأنها أنظمة استبدادية وتنتهك حقوق الإنسان، يصبح الملاذ أمام كل معارض، في ظل انسداد قنوات الحوار، وقنوات التعبير الحر عن الرأي اللجوء إلى العنف، ما رأيك في هذه الجدلية التي تثار باستمرار بين العنف وبين غياب الديمقراطية فى البلاد العربية؟

د. عبد العزيز الحر: بداية أحب أن أتفق أو أتكلم عن الإشكالية اللي خلقتها بعض الدول العربية عندما رفعت شعار الديمقراطية، واللي يسميها البعض الديمقراطية الشكلية إحنا استوردنا مجموعة من الأنظمة والدساتير والأفكار من المنظومة الغربية، وفصلنا يين مضمون هذه الأفكار والممارسات وبين الشكل، فعندما استوردنا الفكرة الديمقراطية ركزنا على قضية أساسية اللي هي الشكل الديمقراطي، قضية صناديق الاقتراع، قضية إعطاء بعض المساحات البسيطة لقضية التصويت والمشاركة، لكن فى الأخير نجد إن الناتج اللي هو 99.9 لصالح الرئيس الفلاني، وأيضاً إن هذه الممارسة في الحقيقة خالية من مضامينها.

ولو حبينا نعرف إيش مفهوم أو مضمون الديمقراطية الغربية؟ الديمقراطية الغربية تتكلم عن الحاكم المنتخب، تتكلم عن الحاكم الأجير، تتكلم عن تداول السلطة، تتكلم عن أن المال العام حق للجميع، تتكلم عن حق المساءلة، تتكلم عن حق تغيير الحاكم. طيب.. وين من الدول العربية اللي استوردت الشكل مع هذه المضامين؟ إحنا قد ما نكون ملزمين بجميع هذه المضامين، قد ما نكون ملزمين بجميع الأشكال اللي موجودة، لكن تعالوا خلينا نتفق ما هي المضامين التي نريدها في الديمقراطية للأمة العربية؟ لذلك لما استوردنا فقط الأشكال نتجت الإشكالات.

واحدة من الإشكالات اللي نتجت عن استيراد الأشكال اللي هي ظاهرة التطرف، إن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه، أنت تعاملني أنك أنت تستهزأ بعقلي، وتعتقد أنك أنت لما تعلن نتيجة فيها 99.9 أني سأصدق هذه الممارسة، لما تعلن في جرائدك وفي وسائلك الإعلام أنك أنت والله عندك تعددية، وعندك حزبية، وعندك مساحات، هذا.. هذا ما عاد.. يعني.. لأن العالم أصبح عالم منفتح، والعقلية العربية أصبحت عقلية مثقفة لا يمكن أنك.. نتعامل في المستقبل معاها بهذه السذاجة.

محمد كريشان: نعم، عبد الرحمن ياسين من دبي، اتفضل سيد عبد الرحمن.

عبد الرحمن ياسين: مساء الخير.

محمد كريشان: مساء الفل.

عبد الرحمن ياسين: الله يطول عمرك، شغلة صغيرة بأحب أشارك فيها الديمقراطية هي قبول الآخر، الرضا بالآخر، يعني أنا لازم أكون راضي بأني أتحاور مع الآخرين، والآخرين يكونوا راضيين في، مثلما صار بالجزائر بعدما نجحوا جماعة لإنقاذ.. جبهة الإنقاذ اتغير النظام، واتغير الوجه الديمقراطي للبلد كلها (واتلغت) الديمقراطية ليش؟ لأنه ما فيه رضا بالآخر، لما يكون.. بنجلاديش فيها ديمقراطية، بنجلاديش بلد ديمقراطي، الهند بلد ديمقراطي، فالديمقراطية اللي بيتكلموا عنها الدكاترة هى الآليات، آلية الدخول في الديمقراطية، إنما هي الديمقراطية أساساً هي قبول الآخر، وشكراً.

محمد كريشان: نعم، سيد عبد الرحمن ياسين شكراً على الاختصار. دكتور أحمد عبد الله في القاهرة عندما نركز على الديمقراطية، على أهمية هذا الملف، يعني ألا نهمل في الحقيقة بعض القضايا التنموية بعض القضايا التربوية، يعني نحن ربما نركز على هذه القضية، على أهميتها، ونهمل مسائل أساسية، يعني ماذا يمثل العرب في المعادلة الاقتصادية الدولية؟ في معادلة المعرفة؟ في معادلة الإنتاج؟ يعني ندخل القرن المقبل ونحن رقماً قد لا يعني شيئاً في الموازين الدولية.

د. أحمد عبد الله: نعم، علي وجه الإجمال العرب في حالة ضعف في إطار التنافس العالمي سواء من حيث: المقدرات الاقتصادية، أو العلمية، أو التكنولوجية، أو نوعية مؤسسات التعليم فى البلاد العربية، وجملة من عوامل ومعايير التقدم يفتقدها العرب، رغم أنه قد أتيحت لهم فرصة وجود موارد طبيعية كبيرة مثل النفط، ربما أساؤوا إداراتها إلى حد كبير، خصوصاً بدخول مغامرات حربية عرب ضد عرب، وتبديد الموارد بما يشمل طبعاً إسالة دماء لا لزوم لها، لكن أيضاً مسألة المنافسة الاقتصادية مهمة طبعاً، وعمليات التنمية الاقتصادية هي ضرورة خبز بالنسبة لنا، لكن كما قلنا دائماً ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، المعادلة دائماً هي معادلة الخبز والحرية معاً، ثم إن الحرية كإطار عام هي ضرورة أيضاً لتفعيل عملية إنتاج الخبز لزيادة نسبة مساهمتنا في الاقتصاد العالمي، وقدرتنا في المنافسة العالمية، وكما تلاحظون الأقدر اقتصادياً على المستوى العالمي هو الأكثر ديمقراطية أيضاً، هناك ارتباط بين ما هو اقتصادي، وسياسي، وتكنولوجي، واجتماعي، إلى آخره، تلك معادلة الحياة الإنسانية على وجه العموم.

لذلك نحن هنا –فقط- لا نتحدث عن الديمقراطية معزولة عن كافة الأشياء الأخرى، وإنما نقول الديمقراطية كإطار عام، كعملية إدارية، كنظام حياة، في داخله يبدأ كفاحنا في المجالات الأخرى من أجل التقدم الاقتصادي، والعلمي، والتكنولوجي، من أجل الرقي الاجتماعي والإنساني لشعوبنا بالمعنى الواسع للكلمة، وهذا هو المضمون الحقيقي للديمقراطية أنها تعطينا كفاءة وفعالية أكثر في كافة المجالات الأخرى للحياة، وليس فقط في المجال السياسي، لأن الديمقراطية ليست فقط سياسية، وإنما أيضاً ثقافية واجتماعية وإنسانية بالمعنى الواسع للكلمة، هذا من ناحية المضمون.

أيضاً الديمقراطية كشكل هامة بس كشكل بمعنى أبنية، وأطر، ومؤسسات. البرلمان شكل لكن المهم ماذا يوجد من مضمون داخل هذا الشكل؟ هل جاء نواب البرلمان من خلال انتخابات حقيقية شارك فيها الناس حقاً، ولم تزور أصواتهم؟ وأعطي كل مرشح حقه في عرض وجهات نظره وبرامجه، ثم اختاره الناس اختياراً حراً؟ إذن الشكل أيضاً هام، لكن لا أقصد بالشكل الهام الديكور العملية التجميلية التي لجأت إليها بعض النظم العربية في السنوات الأخيرة دون أن يكسو هذا الهيكل العظمي الديمقراطي لحم حقيقي من ديمقراطية حقيقية.

محمد كريشان: نعم، منذر الأسعد من السعودية، اتفضل.

منذر الأسعد: السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام ورحمة الله.

منذر الأسعد: أستاذ محمد، مع احترامنا لكامل الضيوف الأفاضل، السؤال إنه هل كانت الأسرة الأوروبية ديمقراطية قبل ما تحقق الشعوب الأوروبية ديمقراطيتها؟ وإذا كانت الأمية عائق فهل ننتظر من المستفيدين منها أن يزيلوها لكي تتحق الديمقراطية؟ نسبة الأمية في الهند كم؟! معظم النظم العربية حتى لو قورنت بالنظم المستبدة فهي أشد سوءاً منها، لأن هناك إنجازات دفعت الناس ثمنها، أما نحن فنحن الأمة الوحيدة التي تدفع للمستبدين ثمن الهزائم والإخفاقات، وشكراً.

محمد كريشان: شكراً سيد منذر الأسعد سيد نور محمد نور، يعني مثلما أكد سيد منذر الأسعد يعني هو الحديث عن الملفات الاقتصادية والتنموية الملحة.. يعني هو سلاح ذو حدين، يعني يمكن أن جزء من العملية التنموية السياسية الكبرى مثلما أشار الدكتور أحمد عبد الله من القاهرة، ويمكن أن تكون تبرير لتعطيل المسيرة.. مسيرة التنمية السياسية، يعني كيف يمكن أن نجد منزلة بين المنزلتين برأيك؟

نور محمد نور: هو أنا أعتقد الدكتور عبر تعبير جميل لما قال إن الأكثر إنتاج اقتصادي هو الأكثر ممارسة للديمقراطية، وأنا أضيف إن طول ما أنا في انتظار لقمة الخبز ليس من حقي أن أبدي رأيي على الإطلاق، طالما أني أمد إيدي لانتظار لقمة الخبز. إذن البديل -من وجهة نظري- أن تبدأ تنمية اقتصادية أساسية، مش على مستوى وطن عربي واحد، على مستوى الأوطان العربية بالكامل، وهو الشيء الفاشلين فيه حتى الآن.

لم نستطع -حتى هذه اللحظة- على 100 عام مرت قبل كده إن إحنا ننشأ نظام اقتصادي عربي متكامل، علماً بإن إحنا نملك كل مقوماته، وطرحنا الشعارات العربية في هذا الإطار، كلام كثير لكن لم يتحقق منها شيء. إذا تم هذا وتم منح فرصة للمواطن العربي من المغرب وحتى نهاية الخليج أن تصبح حركة المواطن حرة، حركة التداخل متكاملة، في هذه الخطة حتى التجربة الديمقراطية أو حتى الديمقراطية اللي احنا بننادي بيها تنمو مع هذه.. مع هذا التحرك، وإلا دعنا نتصور إن إحنا سوف ننام هذه الليلة ونستيقظ صباحاً فلنقي نفسنا ديمقراطيين!! تصور ماذا سوف يحدث، هبطت علينا هذه الديمقراطية، سوف يؤدي هذا إلى حالة فشل حقيقي لأن مقومات هذه الديمقراطية مش موجودة، المقومات الاقتصادية والإبداعية والثقافية، وما شابه ذلك، هذه نقطة.

النقطة الثانية المواطن العربي نفسه ما هو إسهامه في الديمقراطية؟ لبنان كان فيها أربع تجربات ديمقراطية –على حد علمي- في العالم العربي نهايتها حرب أهلية أبادت الأخضر واليابس، من.. من الذي دمر التجربة البرلمانية اللبنانية؟ هل معقول دمروها الأصابع من الخارج؟! أعتقد أن الشعب اللبناني-بشكل ما- قد شارك في هذه التجربة، إذن نحن كشعوب مسؤولين مسؤولية كاملة عن إخفاقنا في الوصول إلى الشكل الديمقراطي، أما اتهام الأنظمة فقط فهو نوع من شيل العبء من على أكتفانا وإلقائه للآخرين، وبالتالي ده يورينا إن إحنا غير قادرين على فهم الشكل الديمقراطي بالشكل المضبوط.

محمد كريشان: نعم، دكتور الحر.

د. عبد العزيز الحر: يقول أحد المفكرين: "أمة لا تأكل مما تزرع، ولا تلبس مما تصنع، فباطن الأرض خير لها من ظاهرها". القضية الاقتصادية قضية حيوية، إحنا لدينا -في الأمة العربية- لديها 62% من احتياطي النفط، 21 % من احتياطي الغاز، ولدينا فائض مالي 900 مليار دولار، واستثمارات خارجية تزيد عن 140 مليار دولار، لكن لازلنا نعاني معاناة شديدة في كثير من الجوانب، لازالت عندنا موارد طبيعية غير مستغلة، 28 مليون فدان في العراق وحدها مستغل منها 50%، 200 مليون فدان في السودان وحدها مستغل منها حاجة بسيطة جداً، 90% من دخلنا القومي معتمد على تصدير المواد الأولية، وعلى رأسها..

محمد كريشان [مقاطعاً]: النفط.

د. عبد العزيز الحر [مستأنفاً]: النفط، 34% فقط من أراضينا مستغل، وبمعنى إن إحنا لو شئنا في خلال سنوات نستطيع مضاعفة إنتاجنا 300%، لأن اللي منتج.. اللي مستغل فقط 34% فقط، كل هذه المعطيات تقول لنا عندنا 90 مليون كادر بشري يعمل في هذه الأمة، طبعاً عندنا 10 مليون بطالة موجودة، ولكن 90 مليون طاقة بشرية مش بسيطة نستطيع إن إحنا نصنع بها كثير من الأشياء، كل هذه الأمور ونعاني من إشكالات؟! 30% من ناتجنا القومي يصرف في وين؟ على السلاح والتسليح، هذا التسليح اللي جر الويلات على الأمة العربية، وفي الأخير حتى السلاح اللي يصلنا سلاح مسلوب قوته الاستراتيجية، أصبحت الدول العربية مخازن للسلاح الاستوكات القديمة، والتجارب والأسلحة اللي مسلوبة قدراتها الاستراتيجية ترسل لنا وتستهلك 30%من إنتاجنا القومي.

محمد كريشان: نعم، نأخذ مكالمة أخرى سامي عبد الله من الإمارات، تفضل.

سامي عبد الله: آلو.

محمد كريشان: تفضل سيدي.

سامي عبد لله: السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام ورحمة الله.

سامي عبد الله: أشكركم على هذا البرنامج.. آلو..

محمد كريشان: أيوه.. تفضل سيدي نحن في الاستماع، تفضل.

سامي عبد الله: لدي مداخوة بسيطة، وأظن أنها مهمة جداً.

محمد كريشان: تفضل سيدي.

سامي عبد الله: يعني.. حتى متى تظل الأمة العربية تابعة للغرب؟ يعني الأمة العربية.. الغرب طبقوا الديمقراطية، ونحن نريد الآن أن نطبق الديمقراطية رغم أن لدينا أحسن من الديمقراطية، لدينا الشريعة الإسلامية، لماذا الحكام لا يطبقون الشريعة الإسلامية؟! وشكراً.

محمد كريشان: نعم، سامي عبد الله شكراً. دكتور أحمد عبد الله، ما تفضل به سامي عبد الله الحقيقة هو تعبير عن شريحة لا بأس بها في البلاد العربية، ربما تعتبر الديمقراطية نهجاً غربياً وكثيراً ما تعود إلى موضوع الإسلام على أنه نهج سياسي، واقتصادي، وفكري، واجتماعي متكامل، وهو الحل كما يقولون، كيف ترى الموضوع دكتور؟

د. أحمد عبد الله: يا سيدي، المسألة بسيطة أينما وجدت مصلحة الناس فثم شرع الله، بغض النظر عن المسميات شورى، ديمقراطية، تشاورية أي اسم تختاره، نحن هذا نتحدث عن المضامين والأبنية والهياكل والمؤسسات، ما نريده هو تجسيد فكرة حرية الإنسان وكرامة الإنسان، وحقوقه كإنسان، ومشاركته في مصيره ومصير جماعته ومجتمعه ووطنه، هذا كله نسميه الديمقراطية. وأعتقد أن الإسلام بالمنطق والعقل أو حتى الشريعة الإسلامية بالشكل المحدد من حيث مقاصدها، والشريعة تتناول أساساً في مقاصد الشريعة تتفق تماماً مع المنطق الديمقراطي، ومن الظلم افتعال معركة بين تراثنا الإسلامي والديمقراطية، غير المعقول أن نتصور ديننا الحنيف يدعو للديكتاتورية والطغيان والاستبداد وانتهاك كرامة الإنسان وإهدار حقوقه، هذا غير معقول على الإطلاق.

لكن ما أود أن أقوله لإخواننا الذين يتبنون الفكر الديني والمنظور الإسلامي، أنه من الواجب أيضاً توسيع أفقهم لاحتمال التعددية والتنوع في الإطار الذي يختارون، لأنه من المهم أن يكون للناس حق الاجتهاد وحق التفكير واختلاف البرامج، وأن يعرض كل ما عنده لتحقيق مصلحة الناس، وأمام الناس الاختيار الحر، يعني لا يجب أن تشترط وضع الإكليشيه أو الختم الإسلامي فوق كل أطروحة ديمقراطية، لأن المنطلقات الفكرية تختلف، والاجتهادات تختلف، ولابد أن نحترم اختلافات بعضنا البعض.

محمد كريشان: يعني طالما كانت الأهداف واحدة..

د. عبد العزيز الحر [مقاطعاً]: تداخل في نفس الإطار.

محمد كريشان [مستأنفاً]: عفواً سأعود إليك بعد المداخلة من محمد الأحمد من الدوحة، اتفضل.

محمد الأحمد: آلو، السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام ورحمة الله.

محمد الأحمد: أنا أشكر الدكاترة أولاً على آرائهم، ولا أختلف مع أحد في رأيه وخاصة الدكتور الحر، ولكن عندي سؤال للدكتور عبد العزيز الحر ما رأيك في التجربة الديمقراطية اللي (…) آخر مرة أو آخر دولة خليجية هي دولة قطر؟ وأريدك ترد عليها بصراحة وهل تتوقع لها النجاح الكامل؟

أما السؤال الثاني وبرضو لك يا دكتور عبد العزيز الحر أنت في مقابلة صارت لكم من قبل قناة الجزيرة نفسها، تقريباً ما صار لها أكثر من شهر، فقلت لن تنتهي الأمية إلا تقريباً عام 2040م يعني بندخل إحنا القرن الجديد وبعد أربعين سنة من القرن الجديد يعني مر أكثر -تقريباً- من النص، وإحنا لازلنا ما قضينا على الجهل، وطبعاً الأمية من الناحية الاقتصادية أو من مرتبطة بالدين ومرتبطة بالاقتصاد وكثيراً من الأمور وكثيراً من الجوانب، وعندي سؤال أخير أحب أوجهه للدكتور في مصر أو للأستاذ في مصر عفواً.

محمد كريشان: اتفضل.

محمد الأحمد: قال هو بالنسبة للديمقراطية يعني مش لازم تكون مقنعة أو مختومة بالشريعة الإسلامية، الشريعة الإسلامية قامت على نظام الانتخاب وكلنا مثلما ما إحنا عارفين من قبل 1400 سنة، حتى أنها رسمت خطوط للناخب ورسمت خطوط للمرشح، هذا يعني أظن إنه ما يغيب عن ذهنكم وما يغيب عن الوعي.

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم محمد الأحمد.. لنبدأ بالدكتور الحر، شكراً أستاذ.

د. عبد العزيز الحر: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعاً بالنسبة..

محمد كريشان [مقاطعاً]: طلب منك الرد بصراحة.

د. عبد العزيز الحر [مستأنفاً]: أي نعم بالنسبة للتجربة في قطر، طبعاً هو أطلق عليها التجربة الديمقراطية، لكن إحنا إذا حبينا نحصها في إطارها السليم، فأنا أسميها حقيقة تجربة لتوسيع دائرة المشاركة وزيادة نسبة الحرية، لم تصل إلى الآن إن إحنا نطلق عليها التجربة الديمقراطية لأنه كما سنتفق بعد قليل إن الديمقراطية لها مضامين، والتجربة اللي حدثت هي على مستوى المجلس البلدي المجالس البلدية وهذا المجلس البلدي الحد الأقصى له هو رفع توصيات بشأن أو بخصوص الخدمات اللي موجودة في البلد، مثلها مثل المجالس البلدية اللي موجودة في كثير من الدول خاصة العربية.
يعني والنقطة اللي أحب أؤكد عليها أن التجربة في قطر الآن الناس منتظرة الخطوة اللي بعد ذلك، لذلك أعلن أمير دولة قطر أن هناك مجلس انتخابي -مجلس الشورى- سينتقل من قضية التعيين إلى قضية الانتخاب، وهذه خطوة أيضا للأمام في نفس الاتجاه، وأعلن أيضاً عن الدستور الدائم، إنه سيكون هناك دستور دائم يحل محل هذا الدستور المؤقت. في تقديري كل هذه الخطوات تعطي مؤشر إيجابي نحو اتجاه هذه الدولة بتجربة وليدة قد يترتب عليها يعني نمو.

أما بالنسبة للسؤال الثاني قضية الأمية، بالفعل لو بدأنا من اليوم في محو أمية المرأة لن ننتهي إلى سنة 2040م، لو بدأنا من اليوم في محو أمية الرجل لن ننتهي من هذه الأمية إلا في سنة 2025م، لذلك يجب أن نبدأ كل سنة تأخير معناها سنة إضافية، ولكن البشرى السارة من يدرس التجربة الأوروبية ومن يدرس جميع النهضات لم تنهض بأكثر من 55% نسبة تعليم، إذن الأمية ليست عائق في قضية نهضات الأمم وجود تعليم أكبر قد يزيد الفرص، ولكن الأمية في حد ذاتها لا توقف نهضات الأمم بالعكس تخلي الصفوة قادرة على استصحاب الجماهير في اتجاه واحد بدون وجود أفكار متناقضة ومتضادة بشكل حاد وبشكل كبير، إذن هذه النسبة غير مخيفة في القرن القادم.

محمد كريشان: نعم، دكتور أحمد عبد الله في القاهرة، وصلنا فاكس من الولايات المتحدة وقد بدأ بثنا يصل إلى هناك من حمود الدهيلي أو الدهبلي -على ما أعتقد- يشير إلى مفارقة يقول: إن أكثر الدول العربية تشدقاً بالديمقراطية هي أكثرها انتهاكاً لها، يعني هل هناك-فعلاً-أزمة على مستوى الخطاب السياسي الرسمي، يعني بعض الدول التي لا تتغنى بالديمقراطية قد لا نحاسبها على ذلك، لكن أولئك الذين يتغنون بالديمقراطية، وبالحريات، وبدولة القانون والمؤسسات، ونجدهم في المقابل يكتمون الأنفاس ويعدونها على الناس، هل هناك أزمة في هذا الخطاب الرسمي العربي؟

د. أحمد عبد الله: الأزمة تمسنا جميعاً، على مستوى القاعدة الشعبية حيث حرمت الشعوب لسنين طويلة من التجريب والتدريب بالممارسة الديمقراطية، فكادت تفقد الأمل في العملية الديمقراطية بالكامل، لكن لابد من إعادة الأمل إليها من خلال ممارسات ديمقراطية جادة، على مستوى الدول والحكومات يبدو-بالفعل-أن بعض الحكومات العربية وغير العربية قد استملحت لعبة إعطاء إشارة يسار والدخول يميناً.
بعبارة أخرى أنها تتحدث عن الديمقراطية ووجود عمليات ديمقراطية، لكن كلها عمليات شكلية، لأنه حين يكون لديك برلمان يحتل مقاعده بنسبة 90% أو 95% حزب واحد فقط فهذه لا تكون عملية ديمقراطية إلا من الناحية الشكلية البحتة، فنعم هناك أزمة ديمقراطية من حيث مستوى الادعاء في الخطاب الرسمي، ولابد من -إذا سمحتو لي في التعبير- جرجرة هذه الأنظمة للوقوف على أرضية جادة حين يتعلق الأمر بالمسألة الديمقراطية، لأنها قضية إدارة حياتنا، وترقية نوعية حياتنا، موضوع الديمقراطية ليس موضوعاً للمزاح، أو للدعاية الرخيصة أو للعلاقات العامة، إما ديمقراطية أو لا ديمقراطية، حتى لو كانت الديمقراطية عملية تاريخية تدرجية تأخذ وقتاً، لكن لابد أن نعرف الاتجاه الصحيح ونسير فيه يخطي حثيثة هذا فيما يخص النظم الحاكمة والحكومات.

أيضاً فيما يخص الصفوة الفكرية والثقافية خصوصاً المعارضة منها، وهذه الصفوة تنقسم إلى تيارات فكرية عديدة، البعض منها ديني إسلامي وغير إسلامي البعض منها مدني، البعض منها يساري، يميني، اشتراكي، ليبرالي إلى غير ذلك من المسميات القاسم المشترك بينها جميعاً أنها غير ديمقراطية هي أيضاً، حتى الصفوة المعارضة غير ديمقراطية، لا تمارس الديمقراطية داخل أحزاب المعارضة، لا تمارس الديمقراطية في منتدياتها ومنابرها الصغيرة التي يكون لها صوت فيها فيصبح صوتاً واحداً بدلاً من أصوات تعددية.

الديمقراطية بالتعريف هي اعتراف بالتعددية، هي اعتراف بقوس قزح الإنساني تلك الألوان المتنوعة التي خلقنا الله عليها كباقة الزهور لابد أن نعترف ببعضنا البعض، نحترم بعضنا البعض، تختلف منطلقاتنا واجتهاداتنا لكن يتجه جهادنا جميعاً إلى وجود إطار يجمعنا كلنا وهو الإطار الديمقراطي الذي أثبتت التجربة التاريخية لكافة الإنسانية في القرن العشرين، وسيتأكد ذلك مع بدايات القرن الواحد والعشرين أنه لا تقدم ولا نهضة ولا رقي للإنسان بدون ديمقراطية حقيقية هذا هو درس القرن العشرين وعلينا أن نعي هذا الدرس جيداً.

محمد كريشان: نعم، لنأخذ مكالمة أخرى، علي عبد الهادي الشاوي تفضل سيدي، من أميركا تفضل.

علي عبد الهادي الشاوي: مساء الخير.

محمد كريشان: مساء الفل.

علي عبد الهادي الشاوي: وتحياتي للضيوف الكرام.

محمد كريشان: أهلاً وسهلاً.

علي عبد الهادي الشاوي: فيه بس موضوعين حبيت أتطرق لهم: أولاً اللي.. ما يتعلق في دور الديمقراطية، والتنشئة السياسية، مثلاً لنأخذ على المجتمع القطري أو مجتمعات الخليج نجد أن الديمقراطية ليست مستحيلة ولكن لها جذور بما أن الخليج، دول الخليج العربي تشكل من مجتمعات قبلية بالأساس، وهذه الدول قامت على قاعدة قبلية، فنجد إنه في المجتمع القبلي لا يصل لدرجة عالية أو قيادة إلا أهل الرأي والحكمة برضاء أبناء القبيلة إذن هذا مؤشر لجذور الديمقراطية في الخليج العربي، أما من ناحية التنشئة السياسية -وهاي ضرورية- فنجد أن المتغيرات المؤثرة في التنشئة السياسية الأسرة، والمدرسة، والإعلام ، لو أخذنا مثلاً.. نعم، لو أخذنا المدرسة..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني باختصار لو سمحت.. أستاذ علي.

علي عبد الهادي الشاوي [مستأنفاً]: نعم باختصار، مثلاً الإعلام ليس هناك موضوعية في إعلامنا العربي، نجد هناك عدم موضوعية، مثلاً نجد إن الإعلام يخدم تيارات سياسية معينة، وهذا ما يسبب عند المواطن العربي الوعي الكاذب.

محمد كريشان: نعم، سيد علي عبد الهادي، شكراً جزيلاً. أستاذ نور، أنت إعلامي والرجل يشير إلى مأساة الإعلام، يعني هل الإعلام يتحمل مسؤولية في تردي الوضع؟ هل الإعلام أيضاً لا يساهم في إثراء قيم التعددية واحترام الرأي الآخر بما يكرس هذه المفاهيم في المجتمع؟

نور محمد نور: حقيقة قبل ما أرد على السؤال عايز أرد على كلام قاله المشاهد محمد أحمد القطري.

محمد كريشان: نعم، تفضل.

نور محمد نور: عن التجربة القطرية، التجربة القطرية فيه 21 ألف وكسور سجلوا أنفسهم للانتخاب، هذا الرقم -قياس على التعداد- قليل جداً، من الذي منع باقي الناس إنها تسجل؟ وهنا أنا عايز أعود بيك إلى أن المسؤولية كلها تبدأ أساساً من عند المواطن العربي، وإحساسه بمسؤوليته، وفي الـ 21 ألف انتخب 17 ألف وكسور، من الذي منع الأربع آلاف؟ هو نفسه الذي منع، إذن الديمقراطية تبدأ مني أنا كمواطن، ولا تبدأ من السلطة –ودي نقطة خلافي الأساسية مع الدكتور- إذا تم ده، والمواطن استطاع أن يقول لا، واستطاع أن يفرض وجهة نظره سوف تأتي الديمقراطية بدون انتظار من الآخر..

محمد كريشان: نعم، يعني طالما أثرت موضوع قطر.. دكتور عبد العزيز الحر، أشار السيد علي عبد الهادي إلى موضوع المجتمع القبلي في منطقة الخليج، يعني هنا كسؤال البعض ربما يطرح إنه هل المجتمعات الخليجية في حاجة -فعلاً- إلى هذه الممارسة الديمقراطية والذهاب إلى صناديق الاقتراع، وأصلاً الكثافة السكانية محدودة، الموارد المالية -رغم الأزمة- لا بأس بها، يعني هل هي حاجة ضرورية أم نعود إلى أن الخليج أيضاً يدخل إلى مرحلة الديكور كما دخلها دول أخرى من قبله؟

د. عبد العزيز الحر: أنا أتصور لأن هذه المعطيات موجودة نحن بحاجة إلى هذه المضامين وهذه الممارسات، قضية الديمقراطية ومضامينها الأساسية غير مرتبطة بتعداد السكان، غير مرتبطة بمقدرات الدول، بالعكس التفكير الجمعي الآن وهو التفكير الذي يقود الأمم إلى النهضات، وهذا اللي حدث في الخلافة الراشدة مممن يقرأ السيرة ويقرأ التاريخ يجد إن التاريخ يقول هناك عهد الخلفاء الراشدين -اللي هم الأربع خلفاء- بعد ذلك يقف ويقول العهد الملكي، وبعد ذلك لما.. إلى أن يأتي
عمر بن عبد العزيز ويسمى الخليفة الراشد الخامس ليش؟ لأنه بعد الخلافة الراشدة بعد الأربع خلفاء انتهت مجموعة من.. أو اختفت مجموعة من المضامين الأساسية، وبدأت مضامين جديدة. فنحن في قطر، في دول الخليج، نحن بحاجة ماسة إلى هذه المضامين بغض النظر عن مقدراتنا وبغض النظر عن معطياتنا.

محمد كريشان: سعيد دودين من برلين وفيها سجع أيضاً، تفضل سعيد.

سعيد دودين: مساء الخير.

محمد كريشان: مساء الفل.

سعيد دودين: في الحقيقة بأحب ألفت نظر الزملاء إنه مفيش مفهوم محدد وموحد للديمقراطية، أنا بدي أتكلم عن نمط الهيمنة الاستبدادي القائم في العالم العربي، واللي بتشارك فيه شرائح كبيرة جداً إلها مصلحة في ممارسة الاستبداد، لأنه هذا الاستبداد
-ومش قناعة الجماهير- هو أساس استمرارية السلطة، الاستبداد قائم في العالم العربي لفقدان السيادة الوطنية على ثروتنا الطبيعية، وبما إنه هذه الثروة منهوبة، فبالتالي لم تتبلور شرائح اجتماعية مثل أوروبا على سبيل المثال مثلما تبلورت في فرنسا قبل الثورة الفرنسية اللي تتمكن من تطوير نمط هيمنة سياسي اللي تم التعارف عليه بأنه هذه الديمقراطية بالمفهوم البرجوازي، بيت القصيد في العالم العربي إنه..

محمد كريشان [مقاطعاً]: باختصار لو سمحت سيد سعيد.

سعيد دودين [مستأنفاً]: حاضر، إنه الصراع السياسي، الصراع بين الفئات السياسية في العالم العربي والانقلابات هو الصراع في حد ذاته حول توزيع المسروقات لا ضد مبدأ اللصوصية، اللصوصية على الصعيد المحلي وعلى الصعيد الكوني، بيت القصيد بدون إعادة السيادة الوطنية على الثروة الطبيعية، وتطوير برنامج من أجل من أجل تسخير هذه الثروة على الصعيد العربي من أجل التطوير المادي والفكري لا يمكن إطلاقاً إنه تتبلور العناصر السياسية اللي راح تطور نمط هيمنة تتلاشى في عناصر الاستبداد.

محمد كريشان: نعم، سيد سعيد دودين من برلين، شكراً لك. الدكتور أحمد عبد الله من القاهرة، المداخلة تؤكد بأنه في الحقيقة ربما لا نصل إلى ديمقراطية حقيقية طالما أن –ربما– السيادة الوطنية مصادرة، والثروات الوطنية والقومية مصادرة ومسلوبة أيضاً.

د. أحمد عبد الله: جزء من الذرائعية في رفض التطور الديمقراطي في عالمنا العربي، هو التحجج بمسائل التحرر الوطني، فيصبح التحرر الوطني ذريعة لإيقاف العملية الديمقراطية، مرات أخرى التنمية الاقتصادية، مرات ثالثة مقتضيات التنمية الاجتماعية، وستظل هناك ذرائع دائمة لإيقاف العملية الديمقراطية، بصراحة هناك خطأ في تعريفاتنا للمفاهيم والمصطلحات أصلاً، ما معنى أن يكون مفهوم التحرر الوطني هو التحرر إزاء الاستعمار الأجنبي؟! هذا لا يكفي هو تحرر الإنسان المواطن داخل وطنه أيضاً إزاء الحكام، إزاء شركائه في الوطن، الحرية لا تتجزأ الحرية الخارجية والداخلية يتكاملان معاً، إذن حتى مفهوم التحرر الوطني.

محمد كريشان [مقاطعاً]: مرتبط بالديمقراطية.

د. أحمد عبد الله: لابد أن نعيد صياغته لتصبح الديمقراطية جزء لا يتجزأ من التحرر الوطني، وإلا أعطينا الحق للحكام لممارسة الاستبداد والاضطهاد والقمع وانتهاك حقوق الإنسان لأنهم حكام وطنيين يفعلون بنا ما يشاؤون خصوصاً إذا كان لهم دور في التحرر الوطني في مواجهة الاستعمار الخارجي، وأرجو أن نتعلم من درس الجزائر الجزائر حين حكمها بعد الاستقلال نظام استبدادي تحللت اجتماعياً، وانتشر الفساد في أروقة الحكم والبيروقراطية، وانقسم المجتمع الجزائري على نفسه، وانتهى الأمر في النهاية بهذه الحرب الأهلية الدموية التي نشهدها.

الديمقراطية كان يمكن أن تستدرك الأمر كله منذ البداية، ليس معنى هذا أن الديمقراطية لا تحتوي على توترات، النظام الديمقراطي به أيضاً توترات، ويسبب صداعاً أحياناً لكنه أفضل من غيره من الأنظمة، لأنه يسمح بتنفيس البخار أولاً بأول، يسمح بأن يكون لدى الناس أمل في التغيير بالطرق السلمية، وألا يكون العنف هو الباب الوحيد المفتوح أمامهم، إلى آخره فبصراحة لابد من إنهاء هذه الذرائعية والمماحكة التي تعرقل التطور الديمقراطي في عالمنا العربي.

محمد كريشان: نعم، دكتور أحمد عبد الله شكراً. أستاذ نور، يعني في نهاية البرنامج وباختصار شديد، يعني هل نحن –رغم أنه من الصعب أن نختزل الأمور بمثل هذه السطحية– هل نحن مؤهلين في النهاية إلى دخول القرن المقبل على الأقل بحد أدنى من الديمقراطية، دعنا نقول؟

نور محمد نور: نعم، نحن مؤهلين قطعاً لدخول القرن إذا تم الاتفاق منذ الآن على بديهيات أساسية لتطبيق الفكرة الديمقراطية التي تبدأ –من وجهة نظري– من المجال الإنتاجي، حينما نثبت وجودنا كشعوب عربية إنتاجياً، وإبداعياً، وثقافياً، واجتماعياً، تبدأ فكرة الديمقراطية، لكن أود أن أعلق تعليق سريع على دور الإعلام، الإعلام ليس جسد منفصل..

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم، نسيت سؤالك..

نور محمد نور [مستأنفاً]: الإعلام ليس جسد منفصل هو جزء من السلطة وجزء من الناس، ومثلما نكون يولى علينا، ففي النهاية لا يمكن أن فقط فقط كإعلاميين بإن إحنا بنروج فكرة ما، نحن جزء من الدائرة التي أصابها الخلل.

محمد كريشان: وهذا منطق ذرائعي –أيضاً– اتفضل دكتور.

د. عبد العزيز الحر: أنا أحب أؤكد أن إحنا لدينا معطيات للنهوض كأمة عربية، لدينا المرجعية الفكرية المجربة، واللي قادتنا وعملت لنا حضارة، عندنا المساحة الجغرافية الواسعة ثاني أكبر مساحة بعد الاتحاد السوفيتي سابقاً، لدينا موارد بشرية ومالية وطبيعية غير مستغلة، 230 مليون، عندنا الموقع الاستراتيجي، عندنا التاريخ المشترك، عندنا العقيدة، عندنا أكبر احتياطي من الوقود، عندنا كل هذه المعطيات، عندنا اللغة، عندنا الجانب الاجتماعي، عندنا هذا التجانس، كل هذه المعطيات تقول نحن أمة يجب أن تنهض، والله -عز وجل- وضع في هذه الأمة من المعطيات ما تحتاج فقط إلى هذه العقلية البشرية التي تدير هذه المعطيات للنهوض بها، نحتاج فرز لتراثنا الحقيقي، نحتاج الاستفادة وتكوين إطار مرجعي، نحتاج الاستفادة من التجارب المحيطة، وبعد ذلك يبدأ الحراك، ويبدأ الانطلاق نحو نهوض هذه الأمة، أنا كلي أمل، ومتؤمل في إمكانية نهوض هذه الأمة، وسوف تنهض باذن الله.

محمد كريشان: لنر الدكتور أحمد عبد الله -في نهاية هذه الحلقة- ما إذا كان يشاطرك نفس التفاؤل ولكن في أقل من دقيقتين، تفاؤل يعني قصير.

د. أحمد عبد الله: لكي.. لكي ندخل القرن القادم دخولاً ناهضاً واثقاً فهناك سلة من المقتضيات لابد من تحقيقها، أو الكفاح في سبيلها، هناك مقتضيات اقتصادية تتعلق بتعظيم عمليات التنمية الاقتصادية في بلادنا العربية، ومحاولة توحيد السوق الاقتصادية العربية لكي يصبح للعرب مكان ومكانة في التنافس الاقتصادي العالمي، هناك مقتضيات اجتماعية تتعلق بمعالجة الفجوة بين الفقراء والأغنياء حيث يزداد الغنى فحشاً والفقر يصبح يعني مدقعاً أكثر فأكثر، لابد من معالجة مشكلة الاختلال الاجتماعي هذه.

هناك مقتضيات ثقافية تتعلق بقدر التسامح الثقافي فيما بيننا، وقبول التعددية والتنوع بين العرب وغير العرب، بين المسلمين وغير المسلمين، بين أهل كل المدارس والمشارب المختلفة يبقى أخيراً مقتضى المقتضيات أو ما يمكن أن نسميه أول سلم المقتضيات ألا وهو المقتضى السياسي المسمى بالديمقراطية، والتي لا يجب أن نعتبرها عملية سياسية فقط، بل هي شرط ضروري لتحقيق بقية الأهداف الأخرى على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بل بالمعنى الواسع لترقية الإنسان، وترقية نوعية الحياة في عالمنا العربي هذا، لكي يكون لنا مكان حقيقي في القرن الواحد والعشرين بكفاح وجهد وتفكير وتجديد وليس فقط بالأغراض التقليدية للشعر العربي من حماسة وفخر ومدح وقدح إلى آخره.. إلى آخره.. إلى آخره، وشكراً جزيلاً.

محمد كريشان: شكراً جزيلاً دكتور. في نهاية هذه الحلقة لا يسعنا إلا أن نشكر ضيوف حلقة اليوم الدكتور عبد العزيز الحر من (جامعة قطر)، والكاتب الصحفي نور محمد نور (مدير تحرير صحيفة الشرق القطرية اليومية)، ومن القاهرة الدكتور أحمد عبد الله (مدير مركز الجيل للدراسات الشبابية) مشاهدينا الكرام، حتى نلتقي في فرصة قادمة، تحية طيبة، وفي أمان الله.