الاتجاه المعاكس

المعارضة السودانية

ما رأى حركة (حق) المعارضة في اتفاق (المهدي-البشير) بجيبوتي؟ وبم اتصف أصحاب هذا الاتفاق؟ وهل خططت الحكومة السودانية لتجنيد الصادق المهدي لتحقيق مكاسب لها؟ لماذا أصبح التجمع الوطني الديمقراطي عند البشير مهماً بعد أن كان لا يعيره اهتماماً؟.

مقدم الحلقة:

فيصل القاسم

ضيوف الحلقة:

الخاتم عدلان: كاتب وباحث
د. صديق موسى بولاد: عضو المكتب التنفيذي لحزب الأمة

تاريخ الحلقة:

07/12/1999

– ما رأى حركة (حق) المعارضة في اتفاق (المهدي-البشير) بجيبوتي؟ وبم تصف أصحاب هذا الاتفاق؟
– هل خططت الحكومة السودانية لتجنيد الصادق المهدي لتحقيق مكاسب لها؟

– لماذا أصبح التجمع الوطني الديمقراطي عند البشير مهماً بعد أن كان لا يعيره اهتماماً؟

– دوافع الحملة الكلامية التي يشنها حزب الأمة ضد التجمع

– هل اتفاق جيبوتي يطيل عُمْر النظام الحالي؟

– لماذا هللت المعارضة لتدمير النفط ووقف استخراجه

undefined
undefined
undefined

د. فيصل القاسم: تحية طيبة مشاهدي الكرام، شهدت الساحة السودانية في الآونة الأخيرة تطورات سياسية هائلة ومتسارعة، ولعل الحدث الأهم في الأيام القليلة الماضية هو اللقاء التاريخي بين الرئيس عمر حسن البشير وزعيم حزب الأمة، رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي الذي أطاحت به حكومة الإنقاذ بانقلاب عسكري قبل عشر سنوات، اللقـاء أحدث دوياً إعلامياً، وسياسياً هائلاً على الصعيد الداخلي، والإفريقي، والعربي وحتى الدولي.

ففجأة تحول العداء المستحكم بين المهدي زعيم أحد أهم الأحزاب السودانية المعارضة، والبشير إلى عناق حار في (جيبوتي) وقد شكل اللقاء صدمة، إن لم نقُلْ هِزة كبرى للتجمع المعارض الذي ينتمي إليه المهدي، والذي يحارب الحكومة السودانية سياسياً وعسكرياً من الخارج.

كيف يمكن تقييم هذا الحدث السياسي الكبير؟

أليس الحوار السلمي المباشر مع الحكومة السودانية أفضل للمعارضة ألف مرة من التآمر على الوطن مع القوى الإقليمية والدولية ممثلة بأميركا وأزلامها؟

ماذا حقق التجمع المعارض غير المزيد من الخراب والدمار للسودان؟

ألم تفقد المعارضة السودانية البوصلة الوطنية، وراحت تتخبط وتخبط يميناً وشمالاً؟ ألم تتحول المعارضة في نظر الجماهير إلى ثُلة من الإرهابيين العابثين بأرزاق وثروات السودان، خاصة بعد أن تباهت بتفجيرها لبعض خطوط النفط داخل البلاد؟ أليس هذا دليلُ إفلاس أكثر من أي شئ آخر؟

ألا يعتبر لقاء البشير -المهدي في هذه الحالة عين العقل؟

أليس الرابح الأول من لقاء البشير -المهدي هو الوطن، وهذا أكبر مكسب؟

ألم يفشل الحل الاستئصالي الذي تريده المعارضة في أكثر من بلد؟

ألم يصبح تجمع المعارضة مترهلاً بشهادة الصادق المهدي؟

ألم تفشل المعارضة في هز النظام وهو يمر في أحلك أوقاته؟ فكيف لها الآن بعد أن استعاد عافيته داخلياً، وإقليمياً، ودولياً؟

هل يؤذن اتفاق البشير -المهدي بانهيار تجمع المعارضة؟

هل خان المهدي حلفاءه في التجمع المعارض، أم أنهم كان أكثرهم بُعْدَ نظر وواقعية، وأن السياسة هي فن الممكن؟

لكن في المقابل ألا يمكن القول: إن النظام السوداني اصطاد الصادق المهدي الذي باع بدوره حلفاءه في التجمع، كما فعل عبر تاريخه الطويل، فهو برأي معارضيه معروف بانتهازيته القاتلة، وله سوابق عديدة؟

هل كان اتفاق المهدي مع البشير مجرد إعلان مبادئ فعلاً، أم أن ذلك ضَرْبٌ من التمويه، ولعبة سياسية لا تنطلي على أحد؟

هل صالح المهدي النظام من أجل مصلحة الوطن فعلاً، أم لأغراض سياسية ضيقة خوفاً من ضياع نفوذه السياسي، وتعرضه للنسيان؟

وإذا كان المهدي ساعياً لمصلحة الوطن، لماذا لم يحث البشير على الاعتراف بالتجمع الوطني؟

هل صحيح أن المرجعيات التي استند إليها المهدي في اتفاقه مع البشير هي مرجعيات التجمع فعلاً؟

هل رَفْضُ المعارضة للتقارب بين المهدي والنظام السوداني مجرد غيرة سياسية، أم أن المهدي أقدم على فعلة خطيرة تتمثل في إطالة عُمْر النظام، وشق صف المعارضة بعد أن دنا الخلاص من حكم الإنقاذ؟

هل هناك فعلاً انفتاح سياسي أكبر من النظام السوداني على أحزاب المعارضة؟ أم أن هناك صفقة ما اختصرت زمن المباحثات، وتسوية الخلاف بهذه السرعة المفاجئة؟

لماذا أصبح المهدي يساوى الكثير في نظر النظام السوداني بعد أن كانت كل فصائل المعارضة لا تساوي جناح بعوضة بالنسبة للرئيس البشير؟

هل الحلول المنفردة مع الحكومة هي الدواء لمشاكل السودان السياسية؟ أم أنها تطيل في عُمْرِ الأزمة؟

ألم يغفل اتفاق جيبوتي الكثير من القضايا الخطيرة؟

أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على الدكتور صديق موسى بولاد (عضو المكتب التنفيذي لحزب الأمة) والذي شارك في اتفاق جيبوتي الأخير، والسيد

الخاتم عدلان (رئيس اللجنة التنفيذية بحركة القوى الجديدة الديمقراطية "حق").

للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال بالأرقام التالية 888840، 41، 42، ورقم الفاكس 311652.

[فاصل إعلاني]

د. فيصل القاسم: سيد الخاتم عدلان، ألا تعتقد أنه من الإجحاف الكبير أن يقول البعض بأن خطوة الصادق المهدي الأخيرة في التقارب مع الحكومة، والمصالحة معها، يرتقي إلى نوع من الخيانة؟


ما رأى حركة (حق) المعارضة في اتفاق (المهدي-البشير) بجيبوتي؟ وبم تصف أصحاب هذا الاتفاق؟

الخاتم عدلان: شكراً يا أخ فيصل، وشكراً لقناة (الجزيرة)، نحن نتحدث عن موضوع هام لأقصى حد في مرحلة خطيرة من تاريخ السودان، ونتحدث عن اتفاق سيكون له ما بعده سلباً في غالب الحال، هذا الاتفاق فيما أعتقد يهدم أكبر إنجاز فكري، وسياسي توصلت له المعارضة السودانية في تاريخها الطويل، يهدم مقررات (أسمرة) للقضايا المصيرية التي عقدت سنة 95 في يونيو 95، ويهدم الأركان الثلاثة التي قامت عليها هذه الاتفاقيات، وهي: شكل الحكم، وفصل الدين عن الدولة، وتقرير المصير..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أنا سآتي على كل هذه النقاط، لكن هل يمكن القول.. يعني هل يمكن القول إنها يعني خيانة بحد ذاتها؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: إذا كانت هي تهدم أكبر إنجاز توصلت إليه المعارضة، وتترك الحلفاء في العراء، وتذهب لتمد الأيادي، وتحتضن العدو المشترك، فإنها –قطعاً- خيانة.

د. صديق موسى بولاد: بسم الله الرحمن الرحيم..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: خيانة كبيرة، كيف ترد على هذا الكلام، وأنتم في هذه الحالة في حزب الصادق المهدي خائنون في نظر المعارضة؟

د. صديق موسى بولاد: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أتقدم بالشكر لقناة (الجزيرة) على إتاحتها هذه الفرصة، ولدورها المتميز في إثراء الساحة العربية ثقافياً، وفكرياً، ومتابعتها للتطورات السياسية في معظم العالم العربي، فأصبحت جسر للتواصل الاجتماعي بين الشعوب، ولدولة قطر الشقيقة لاهتمامها بالشأن السوداني.

حقيقة أنا أحب أن يكون حديثي موضوعياً مبني على الأسس التي اتفـقنا عليها، كثير من إخوانا فـي المعارضة اهتموا بشكل هذا الاتفاق دون مضمونة، واهتموا بالأجزاء الإجرائية بدون أن يمحصوا النصوص الـتي وردت فيه.

بالنسبة لهذا الاتفاق هو أسس إعلان مبادئ الحل السياسي الشامل، وهذا يعني أن ما اتفقنا عليه هو عبارة عن أجندة للنقاش حولها، حول أسس بصورة أوسع من الأجندة التي تتفاوض حولها الحركة الشعبية الآن عبر مبادرة (الإيجاد)، هذا الاتفاق هو أشمل وأعمق، وأوسع.

وسأفصل تفصيلاً دقيقاً أنه لم تخرج منه كلمة واحدة، ولا نقطة واحدة مما اتفقنا عليه في مؤتمر القضايا المصيرية، نحن عالجنا في هذا الاتفاق قضية السلام، وحددنا أسس النـزاع التي على ضوئها تقوم هذه الاتفاق…

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن السؤال المطروح يعني الطريقة التي تم فيها هذا الاتفاق، والذي أخرج بها يعني يعتبر.. يعتبر مصيبة بحد ذاته، يعني لم يكن هناك أي نوع من التشاور مع الحلفاء في التجمع، تمت بطريقة يعني ملتوية إذا صح التعبير، لهذا السبب وصفتم بأنكم خنتم المعارضة، ودقيتم إسفيناً كبيراً فيها.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: هذا حديث غير صحيح، وغير صحيح لمجمل من القضايا التي يمكن أن أثيرها الآن، وهي أولاً: التجمع الوطني الديمقراطي في داخل السودان -وهو الأصل-تقدم من قبل بمذكرتين للحكومة السودانية، وهذا فتْحٌ لباب الحوار، التجمع الوطني في الداخل قبل يومين اجتمعت به لجنة الحوار، التي أدارت معنا الحوار هناك في جيبوتي، تلاتة: حين حدث لقاء جنيف تم بحث هذا الموضوع في أسمرة وفي القاهرة وفي طرابلس، وضُمن الحل السلمي الديمقراطي كأساس من الآليات الثلاثة التي اتفق عليها التجمع الوطني الديمقراطي لإزالة نظام الجبهة في الخرطوم، وهي العمل المسلح، ثم الانتفاضة الشعبية، ثم الحل السياسي.

جوهر هذا الاتفاق: نحن كافة الفصائل، ودول الإيجاد، ودول شركاء الإيجاد، قدمت لهم الورقة التي على ضوئها تم هذا الاتفاق قبل شهر.. قبل شهر من الاتفاق، وحددنا في.. في رسالة مرفقة هذه هي رؤيتنا للحل يمكن لكم الإضافة، يمكن لكم الإرادة.. يمكن..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أو التعديل.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: أو التعديل.

د. فيصل القاسم: الخاتم عدلان سمعت هذا الكلام..أعتقد أنه كلام مقنع وليس بالإمكان أن تجادل فيه يعني؟

الخاتم عدلان: أستطيع أن أجادل فيه في الواقع، ومن منطلق الموضوعية نفسه الذي ذكره الأخ صديق، قلت: أن هذا الاتفاق في الواقع، ونحن قرأناه حتى حفظناه عن ظهر قلب يعني بالنسبة لنا المسألة هي ليست الشكل، وإنما هي المضمون فعلاً، قلت: أن هذا الاتفاق هدم أركان اتفاق أسمرة للقضايا المصيرية، وذلك في الأركان الثلاثة لهذا الاتفاق، وهي شكل الحكم، إذ أنه تبنى بصورة كاملة شكل الحكم كما هو قائم الآن على عهد الجبهة الإسلامية القومية..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طب سنأتي على هذه النقاط، لكن السؤال كيف ترد على كلام الدكتور -هنا- في أن يعني من الإجحاف أن نقول، أو نلصق كل هذه الصفات الخائبة -إذا صح التعبير- بهذا اللقاء، اللقاء يستند على مرجعيات المعارضة السودانية؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: وأنا أقول: إنه لا يستند على هذه المرجعيات..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كيف؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: لأن المرجعيات هي اتفاق أسمرة للقضايا المصيرية، فيما يتعلق بشكل الحكم: وافق هذا الاتفاق بصورة مطلقة على.. على ما بنته الجبهة الإسلامية القومية من.. من حكم طغياني وديني خلال عشر سنوات، وافق عليه بالكامل.

من حيث علاقة الدين بالسياسية: هذا الاتفاق تنصل تماماً عن ما توصلت إليه المعارضة في اتفاق القضايا المصيرية، وهي مسائل محددة: عدم استغلال الدين في السياسة، عدم إقامة الأحزاب على أسس دينية، واعتماد كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان كأجزاء أساسية في الدستور السوداني بحيث أن أي قانون يتعارض معها يعتبر لاغياً، وغير دستورياً، هذا اتفاق واضح لا أثر.. لا أثر له في هذا الاتفاق مطلقاً.

القضية الثالثة هي تقرير المصير، وهذه أم القضايا، صحيح أن السلطة توافق على تقرير المصير، المعارضة توافق على تقرير المصير، النداء المسمى بالنداء الوطني يوافق على تقرير المصير، ولكننا لو طرحنا تقرير المصير وفق رؤية السلطة، وفي حضورها لكانت النتيجة بنسبة 95% هي انفصال الجنوب، وما دام هذا الاتفاق يتبنى السلطة كما هي، فلو طرحنا تقرير المصير من منظوره لكان الانفصال محققاً بنسبة 95%، في نفس الوقت لو طرحنا تقرير المصير بتصور التجمع، وهو تصور تفصيلي فيه التزام من الحركة الشعبية بموقف وحدوي، وفيه التزام من التجمع الوطني الديمقراطي برفـع الـمظالم التاريخية، والحيوف الاجتماعية، والسياسية وغيرها.

إذن لو طرحناه من هذا المنظور لكانت نتيجة الاستفتاء على تقرير المصير بنسبة 95%هي وحدة السودان، إذن هذا الاتفاق أراد أن يحقق -كما قال السيد الصادق المهدي- 95% من مطالب التجمع، ولكنه في الواقع حقق 95% من مطالب السلطة، ويبدو أننا هنا أمام حالة كلاسيكية من حالات تشابه البقر على قوم تائهين في الصحراء.

د. فيصل القاسم: تفضل.

د. صديق موسى بولاد: حقيقةً الحديث الذي أدلى به الأخ الخاتمي يبدو إنه لم يطلع على الاتفاق، ولم يقرأه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: يحكي من عنده..

د. صديق موسى بولاد: لم يطلع عليه، ولم يقرأه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: يتكلم من عنده..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: هذا هو الاتفاق.. هذا هو الاتفاق.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: أنا أتحدث.. أنا أتحدث عن هذا الاتفاق..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن لديه نسخة من هذا الاتفاق، هو يتحدث من نسخة أصلية يعني من نسخة أصلية؟!

الخاتم عدلان: وأنا جئتُ لأناقش هذا الاتفاق، أنا في الواقع أرفضه.. أرفض هذا الاتهام.

د. صديق موسى بولاد: أنا مُستعد لمناقشة هذا الاتفاق نقطة نقطة، وكلمة كلمة، الذي يتحدث عنه الأخ الخاتم في مقررات أسمرة، وتخلينا عنها، مقررات أسمرة هذه أنا أحد أعضاء اللجنة التحضيرية التي صاغت هذه القرارات، والتوصيات حرفاً حرفاً، وكلمة كلمة، وأمامي قرارات التجمع الوطني الديمقراطي حول القضايا المصيرية، قرار حول الدين والسياسة في السودان، كل المبادئ والمعايير المعينة بحقوق الإنسان والمضمنة في المواثيق والعهود الإقليمية والدولية تشكل جزء لا يتجزأ من دستور السودان، وموجودة هنا في هذا الاتفاق.

يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيساً على حق المواطن، واحترام المعتقدات والتقاليد، وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين، أو العرق، موجودة هنا تقوم على العدل والمساواة..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: في هذه الحالة كيف.. ولكن.. طب كيف.. طب كيف.. طب ولكن..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ولذلك أنا الذي أود أن أقول..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طب لكن هذا الكلام غير صحيح، حسب.. حسب الـ.. يعني حسب شخصيات التجمع فاروق أبو عيسى بالحرف الواحد قال: إن هذا الاتفاق خطوة متأخرة عن اتفاق أسمرة عام 95، فاتفاقية أسمرة كانت صريحة بشأن حقوق الإنسان، والحقوق العرقية، والدينية، حين أكدت على ضمان.. ضمان اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية في دستور مستقبلي، وليست مجرد مراعاة هذه الحقوق كما ورد في الاتفاق بين المهدي والبشير، هناك فرق كبير بين.. بين هذه وتلك؟

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: هذا غير صحيح، هذا غير صحيح..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: في الواقع أنا أحترم دور الأخ صديق في صياغة هذه المقررات، ولكن بمجرد صياغتها فقد أصبحت ملكاً للشعب السوداني كله بما في ذلك أنا، الذي لم أشارك.. في صياغتها، ولكني أتبناها بالكامل، وسأقرأ عليه دون ابتسار قرار المؤتمر حول الدين، والسياسة في السودان بالتركيز على نقاط محددة، وباختصار، إدراكاً لفظاعة انتهاكات نظام الجبهة الإسلامية لحقوق الإنسان، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي باستغلالها الدين، وباسم الجهاد زوراً.

هل هذا في الاتفاق؟ لأ، ليس في الاتفاق مطلقاً، التزام بمبدأ عدم استغلال الدين السياسي، هل هذا في الاتفاق؟ ليس في الاتفاق مطلقاً، كل المبادئ والمعايير المعينة بحقوق الإنسان، والمضمنة في المواثيق، والعهود الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان تشكل جزءاً لا يتجزأ من دستور السودان، وأي قانون، أو مرسوم، أو قرار، أو إجراء مخالف ذلك يعتبر باطلاً، وغير دستوري، هذا غير موجود في هذا الاتفاق، يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيساً على حق المواطن، واحترام المعتقدات، هذا موجود، التميز موجود، لا يجوز لأي حزب سياسي أن يؤسس على أساس ديني، هذا غير موجود في هذا الاتفاق..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: نحن.. نحن نتحدث في هذا الاتفاق، قلنا هذا الاتفاق أجندة وأسس، أجندة وأسس لحل النـزاع السوداني عبر آليات ضمنت في هذا الاتفاق، هذه الأجندة لا يمكن أن تأتي بكتاب مقررات أسمرة، وتضعه في هذه الأجندة، وإذا كان يوضع هذا في الأجندة، فماذا سنناقش في المؤتمر القومي الدستوري؟ وماذا سنناقش..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: باعتبارها مرجعية.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ماذا سنناقش في مبادرة الإيجاد؟ وماذا سنناقش في المبادرة المصرية الليبية المشتركة، نحن هنا ناقشنا القضايا الأساسية الجوهرية، وهي قضية السلام، وحددنا نقاط النـزاع فيها في عشر نقاط من صلب قرارات مؤتمر أسمرة للقضايا المصيرية، حددنا نظام الحكم، ووضحنا شكله، وطبيعته، حددنا علاقتنا مع الجيران، وأنا أستغرب للحديث الذي يتحدث عنه الأخ الخاتم عدلان لأنه لو كان بيتحدث عن هذه.. نداء الوطن بهذه الكيفية، ماذا يقول عن المبادئ التي تتناقش وتتحاور عبرها الحركة الشعبية لتحرير السودان في الإيجاد، أيهما الأكثر تطوراً؟

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب هذا سؤال..

الخاتم عدلان: لا يوجد نظام حكم فيها..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: سأعطيك المجال..

[موجز الأنباء]

د. فيصل القاسم: دكتور، كنت تتحدث عن.. يعني عن الطريقة التي تتفاوضون بيها مع الحكومة، والطريقة التي يتفاوض بها المتمردون في الجنوب.

د. صديق موسى بولاد: حقيقةً في هذا لموضوع أنا عايز أقارن ما بين نداء الوطن الذي وقعنا عليه، وما بين نداء .. ما بين إعلان المبادئ الذي تتفاوض حوله الحركة الشعبية، وحكومة الخرطوم منذ 94 في مبادرة الإيجاد، هناك فرق كبير جداً بين الاثنين .

1- في إعلان Declaration Of Principle يتعارف عليه، ويدعوه بإعلان المبادئ، يتكون من ست نقاط أساسية جوهرية لحل النـزاع السوداني، تقول هذه الستة نقاط: لابد لكي يكون السودان هو الأفضلية، والأولوية لوحدة السودان، أن يكون هناك نظام ديمقراطي يكفل المساواة والعدل، وأن يكون هناك فصل بين الدين والسياسة –تكون الدولة علمانية- وإذا لم يحدث ذلك، تقرير المصير، فالاستفتاء، فالانفصال، نحن هنا ناقشنا عدد من القضايا التي أهملها هذا الإعلان بصورة أشمل، كيف؟

هنا يناقش حل مشكلة الجنوب بمعزل عن حل قضية الحكم في السودان..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: النظام السياسي.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: هذا واحد.

2-لا يناقش العلاقات الإقليمية والدولية، ودي تأثيرها كبير جداً لتدخلات النظام السوداني في الشؤون الداخلية لهذه البلدان مما قاد إلى العزلة.

3-نحن في هذا الإعلان وضعنا آليات الحل للمشكلة السودانية عبر هذا.. هذه الأجندة..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب.. طيب، طب لكن السؤال المطروح يعني

-هذا كلام سليم- سيد الخاتم عدلان السؤال المطروح: لماذا كل هذه الضجة طول لقاء المهدي البشير، علماً بأن حركة.. يعني حركة (جارانج) تجلس مع الحكومة وتتفاوض منذ زمن بعيد، ولا أحد يقول شيئاً، وتتفاوض على مبادئ يعني أقل بكثير -كما سمعنا من الدكتور- من تلك التي طرحها المهدي مع البشير في لقائه في جيبوتي، لماذا هذه الضجة؟

الخاتم عدلان: نعم –أولاً- أتعرض للنقاط التي ذكرها.. إن هذا الاتفاق هو أجندة، إذا أنا توصلت إلى أجندة لاجتماع ما بين فرقاء، لا يمكنني أن أدعي أنني حققت 95% من مطالب أحد هؤلاء الفرقاء، لا يمكن أن أدعي ذلك، مثلاً الإيجاد لا تدعي أنها حلت المشكلة السودانية بمجرد أنها وضعت مبادئ للتفاوض، لم نَقُل ذلك..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طب هذا الكلام سليم، هل حققتم فعلاً 95% في هذا الاتفاق؟

د. صديق موسى بولاد: 95% صحيح لأن هذه النقاط التي تضمنها هذا الاتفاق نقطة نقطة تسير على خطى مؤتمر القضايا المصيرية، وما توصل إليه في قضية السلام، في قضية الديمقراطية التعددية، في المساواة، في المواطنة.. في غيرها..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: هل مؤتمر القضايا المصيرية أجندة؟.. هل مؤتمر القضايا المصيرية أجندة؟

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: لا ليس أجندة، ولكن ولكن هذه الأجندة..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: أنا جاء دوري.. أنا جاء دوري.. جاء دوري أستأذنك يا دكتور..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: هناك نقطة مهمة، ليس أجندة، ولكن.. ولكن هناك آلية موضوعية في هذا الاتفاق تقول: أن المبادرة المصرية الليبية وأن الإيجاد دول الآليتين اللي عبرهم بيتم مناقشة هذه الأجندة بصورتها الموسعة.

الخاتم عدلان: جاء دوري..

د. فيصل القاسم: تفضل.. تفضل.

الخاتم عدلان: لأتهم الدكتور بأنه؟

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: تتهمه بإيه؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: بأنه لم يقرأ نداء الوطن قراءةً دقيقة.

د. فيصل القاسم: وهو الذي شارك فيه..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: وهو الذي شارك فيه..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: ليس شاركت فيه..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: صغته..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: وإنما أنا الذي صغته.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: خليني أقول لك كلام يناقض مباشرة ما قلته حول أن هذه أجندة، قلتم في نهاية هذا الإعلان كويس: "إننا إذ نناشد كافة القوى السياسية لتأييد هذا الإعلان للحل السياسي الشامل، والانضمام إليه، ودفعه لتحقيق الوحدة، والسلام، والوفاق" كما نناشد كافة الخ.. فهذا ليس حديث عن أجندة..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: أفسرها.. أفسرها..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: لا، لا تفسرها لي.. أنا .. لا تفسرها لي..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: هذه النقطة تعني تحديداً.. تعني تحديداً.. نحن لا نتحدث..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: هذا ليس حديث عن أجندة يا دكتور، هذا ليس حديث عن أجندة، لكن أنتقل من هذه النقطة، السلام، لا يمكن تحقيق السلام في غياب الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولا في غياب الجنوبيين -شعب الجنوب- لا يمكن، هذا.. هذا منهج أبوي فات زمانه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن.. لكن السؤال المطروح.. لكن السؤال المطروح: حركة.. حركة المتمردين في الجنوب-كما يصفونها- بدأت أصبحت معزولة أكثر فأكثر بعد اتفاق المهدي -البشير، وهناك آخرون على هذا الطريق يا سيد عدلان؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: الحركة الشعبية، والجيش الشعبي لتحرير السودان، هذا اسمه الرسمي في اجتماع نيروبي أبريل 93، ناقش الاجتماع قضية محادثات

(أبوجا) المقترحة، ومشاركة الحركة الشعبية الجيش الشعبي فيها، وقد تناول الاجتماع هذه القضية على أساس أن الحركة الشعبية.. الجيش الشعبي عضوٌ في التجمع الوطني الديمقراطي.

وقد عبر الاجتماع عن تقديره التام للظروف المحلية، والإقليمية، والدولية التي تعقد في ظلها المحادثات، وأعلن اقتناعه أن الحركة الشعبية-الجيش الشعبي-سيدخل هذه المفاوضات من أجل تحقيق السلام، والعدالة، ولإنهاء الحرب التي ألحقت بالبلاد دماراً هائلاً، وعرضت الملايين من المواطنين السودانيين لعذابات تفوق الوصف.

هذا تفويض من قبل التجمع الوطني الديمقراطي للحركة الشعبية أن تخوض هذه الصراعات لظروف محلية، ودولية، على أن تلتزم بمواثيق التجمع الوطني الديمقراطي، وقد التزمت بالكامل، ولم تصل إلى اتفاق، وكانت وحدة السودان هي رائدها بينما ذهب السيد الصادق المهدي في ساعتين، وشق المعارضة السودانية شقاً منكراً، ومشى عليها بخنجر التفتيت، لدرجة أننا -أنا وصديق-اللذين كنا نتحدث لغة واحدة، نتحدث الآن وقلوبنا شتى، هذه هي النتيجة المباشرة لهذا الاتفاق.

د. صديق موسى بولاد: أنا سأرد على هذه النقاط التي آثارها الأخ الخاتم حقيقة لـ..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب كيف ترد أنه شق الصف، وهناك دلائل، قال: خلال ساعتين هذه الأمور، بهذه السرعة!

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: هذا غير صحيح، هذا غير صحيح، أولاً: ليس هناك لقاء يتم في ساعتين، نحن جلسنا أكثر من خمس وثلاثين ساعة في خلال يومين، لكن دا ما الموضوع، الموضوع اللي أنا حأتحدث عنه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هذا موضوع مهم جداً، الطريقة التي تم فيها!

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: أشار.. أشار هو للنقطة الأخيرة بأنه نناشد كافة القوى السياسية أنه تعلم أن آخر اجتماع لهيئة القيادة في القاهرة تعثرت المفاوضات نتيجة لتحفظ الحركة الشعبية بتقديم ممثله في داخل اللجنة الخماسية التي تتفاوض مع الحكومة بناء على المبادرة المصرية الليبية، ولذلك ليس هناك أجندة لهذه المبادرة لكي تتفاوض عبرها.

1-فالمناشدة هنا إذا تعثرت.. إذا تعثرت المفاوضات والاجتماعات التي تؤجل من بين الحين والآخر بأسس تدفع الحل إلى الأمام،واحد.

2-تحدث عن غياب الجنوبيين، هنا التأكيد على دعم مبادرة الإيجاد كمبادرة من دول الجوار المعنية بالشأن السوداني، والمتأثرة بها، ودورها في تحقيق السلام، والتنسيق بينها بين هاتين المبادرتين.. بين هاتين المبادرتين..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن دقيقة، دقيقة واحدة، يا أخ عدلان، أنت ذكرت قبل قليل موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية، والفصل بين الدين والدولة يعني أمين حسن عمر وزير الدولة.. وزير الدولة للإعلام والثقافة -قبل أيام- قال: "إن معظم الفصائل السودانية متفقة الآن.. معظم الفصائل متفقة الآن على تطبيق الشريعة الإسلامية، فقط جارانج وبعض الفصائل اليسارية هي المعارضة الوحيدة".

والمهدي لم يلغِ القوانين، مثلاً قوانين الشريعة الإسلامية التي أقرها النميري عندما كان رئيساً للوزراء، إذن الذين.. الذين يجتمعون حول هذا المبدأ أكثر بكثير من الذين يعارضونه؟

الخاتم عدلان: هذا.. هذا خطأ..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: خطأ.

الخاتم عدلان: هذا مناف للواقع فعلاً لأن هذه القوى كلها اتفقت في إعلان نيروبي، وفى أسمرة 95 على فصل الدين عن السياسة، وصاغت هذا في مواثيق موجودة، أن يقول واحد من السلطة هذا..السلطة معروفة بالأكاذيب شرقاً وغرباً، فهذا لا علاقة له بهذه المسألة مطلقاً، لكن نشأ.. نشأ بهذا.. نشأ فعلاً بهذا الإعلان نشأ منبر جديد، السلطة، وحزب الأمة كجهة واحدة، كمنبر واحد جديد، يناشدون القوى السياسية لينضموا إليهم، وكأنما لم يحدث مطلقاً تحالف بين المعارضة منذ قيام هذا النظام متمثلاً في التجمع الوطني الديمقراطي، كأن هذا لم يحدث..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: يقول لك:إن النظام يعني ينشر هذه الإشاعات يميناً وشمالاً لأغراضه الخاصة، وأصبحتم الآن.. طيب..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: أنا.. أنا لا أتحدث عن النظام، النظام لديه مؤسساته التي تتحدث عنه، أنا معارض للنظام، ولكن الذي أود أن أقوله..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هل مازلتَ معارضاً بعد كل اللي حصل في جيبوتي؟ لا زلتَ معارضاً؟!

د. صديق موسى بولاد: طبعاً، طبعاً، الذي حدث في جيبوتي..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: بعد كل هذا الذي الغزل والعناق الحار؟

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: نحن نتقاتل في الميدان، ولكننا كحزب أمة درجنا، ليس من الآن، وإنما حتى منذ عهد الإمام المهدي الذي أسس الدولة السودانية بخريطتها المتعارف عليها، كانت تتوجه إليه الجيوش راشد بك أيمن، الشلالى (هكسون) وغيره، وينعتونه بالصفات، ويكتب لهم الرسائل، ويتكلم معهم، وفى نفس الوقت لديه وسائل العدة للمصادمة.

أنا أتكلم، وأتحدث معك الآن، وقواتنا أكثر مشاركة من أي فصيل آخر في المعارك الموجودة في التجمع..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: وهذا يدحض.. وهذا يدحض كلام الخاتم عدلان تماماً.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ولذلك.. ولذلك نحن نفصل بين شيئين أساسيين، بين صفاتنا كسودانيين في التعامل مع بعضنا البعض، والخصومة لا تصل إلى درجة الفجور، وبين الاختلاف في قضايا بلادنا ووطنا.

[فاصل إعلاني]

د. فيصل القاسم: الخاتم عدلان، تريد أن ترد باختصار قبل أن تدخل بعض المداخلات.

الخاتم عدلان: نعم، الخصومة يا أخ صديق، لم تصل إلى درجة الفجور فقط، وإنما وصلت إلى درجة التصفية..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: السؤال.. السؤال، أنا أريد أن تجيب على كلام، يعني قال لك في هذه اللحظات التي يتم فيها النقاش: قواتهم يعني تخوض نزاعاً عنيفاً، ومعارك عنيفة مع الحكومة، إذن ليس بالإمكان أن نتهم بأنهم خرجوا عن الخط، هم يفاوضون، ويناورون.. من حقهم..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: هذا صحيح.. خرجوا، خرجوا هنا عن الخط فعلاً، الصراع أو النضال السياسي.. العسكري يخاض وفق مفهومين، مفهوم عبر عنه السيد الصادق المهدي بأن يتم الضغط على الحكومة لتأتي إلى مائدة المفاوضات، ويبدو أن هذا في هذه الحدود قد تحقق.

ومفهوم آخر هو مفهوم الفضائل الأخرى أن يستمر الصراع السياسي، والنضال العسكري حتى إسقاط السلطة، وتفكيك دولة الطغيان الديني والسياسي، وإقامة دولة السودان الجديدة مكانها، هذان مفهومان مختلفان تماماً…

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: عما.. عما يفعله الصادق المهدي.

الخاتم عدلان: بالضبط، بدليل.. بدليل أن السيد الصادق المهدي وحزب جيش.. جيش الأمة للتحرير هو الذي نفذ نسف جنوب البترول في (عطبرة) بالقرب من عطبرة، ولكنه أدان هذا العمل، وقال: إنه غير مسؤول، وأن الذين قاموا به يرمون إلى قطع الطريق أمام الحل السياسي..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: غير صحيح، هذا الحديث حديث غير صحيح، وغير سليم..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب دقيقة.. لكن لنشرك.. لنشرك السيد المبارك المهدي (الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي) من ألمانيا، وأعتقد أن عضوية السيد المهدي قد جُمدت الآن في التجمع، تفضل سيدي، السيد مبارك المهدي.

مبارك المهدي: نعم، معك.

د. فيصل القاسم: تفضل يا سيدي.

مبارك المهدي: شكراً يا أخي، أنا لم أتابع معكم البرنامج، ولكن أقول: أن نداء الوطن الذي وقعناه في جيبوتي أصبح ملكاً للشعب السوداني يدافع عنه لأنه يجسد تطلعات الشعب السوداني في الديمقراطية، والسلام، وحسن الجوار الإقليمي، إخوتنا في الحركة الوطنية السياسية في الداخل كلهم قد أيدوا هذا الإعلان، سكرتارية التجمع الديمقراطي في الداخل، والعديد من القوى السياسية في الداخل أيدت هذا الإعلان لأنها تمسك بنبض الشعب السوداني، وتعلم ماذا يريد الشعب السوداني، وهي التي كما يقول المثل السوداني"الواطئ الجمرة"بعض الإخوة في الخارج، خاصة من الحزب الشيوعي وقوى اليسار عارضوا هذا، أظن أنهم عارضوا لأجندة خاصة بهم، أما هذا الإعلان فقد جسد تطلعات التجمع الوطني الديمقراطي، والمبادئ التي ارتضاها للنضال المشترك.

أما قضية التحالفات، والتعامل، والحوار، فالحركة السياسية السودانية تاريخها لم يبدأ من جيبوتي، بل بدأ منذ الخمسينات، التحالفات في الحركة السياسية السودانية تبدلت كثيراً، الأخوة الذين يلوموننا الآن لأننا جلسنا مع الجبهة الإسلامية القومية، ووقعنا هذا الاتفاق.

كانوا يوم من الأيام يحملون السلاح ضدنا، وقد قتلوا عشرة آلاف أنصاري في الجزيرة (أبا) ودفنوهم.. ودفنوهم أحياءً في مقابر جماعية، ولكننا بالسماحة السودانية جلسنا معهم عندما ارتضينا مبادئ مشتركة مع بعضنا البعض، وناضلنا من أجل هذه المبادئ، ولكن هل يريدون أن نوقف حركة التاريخ، وأن نودي بمصالح الوطن لأنهم لديهم خصومات حزبية، أو شخصية، أو عقائدية؟

فهذا لن يكون موقفنا، بل موقفنا سيكون المضي في.. في تنفيذ مبادئ الشعب التي نادى بها الشعب السوداني، وعليهم أن يحتكموا إلى المبادئ التي وقعناها سوياً، وسوف يروا أن كل هذه المبادئ موجودة في هذه الوثيقة، وعليهم أن يتقدموا ليحاوروا، لكي يصلوا إلى سودان المستقبل، سودان الديمقراطية والسلام، لكي ينعم الشعب السوداني بالاستقرار، والحرية التي ناضلنا من أجلها..

د. فيصل القاسم: طيب، ممتاز، هذا كلام ممتاز.. أنا أريد أن أطرح يعني تعقيباً على هذا الكلام.. سيد.. سيد الخاتم عدلان، هل بإمكانك أن تنفي بأن حركتك في الداخل باركت هذا الاتفاق، وصفقت له، حركتك في الداخل، حركتك داخل السودان باركت اتفاق المهدي- البشير السؤال المطروح: هل موقف الخاتم عدلان من المصالحة موقف شخصي؟ لماذا تعيب على الصادق المهدي ماذا فعله؟ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى هل تستطيع أن تنفي أن الصادق المهدي وحزبه يفاوضون الحكومة في العلن، أما البقية فهم يفاوضون الحكومة في السر؟

هناك كلام الآن عن اجتماع وشيك بين الميرغني والبشير، هناك كلام عن اتصالات سرية بين الحزب الشيوعي السوداني والحكومة السودانية، هناك كلام عن اجتماع حصل بين التحالف والحكومة السودانية، الكل يسير في هذا النهج من تحت الطاولة وتأتي أنت وتعيب عليهم بالرغم من أن جميع الفصائل في الداخل باركت هذا، يعني أنت هل أنت هاوي معارضة في هذه الحالة، مجرد هاوي معارضة؟

الخاتم عدلان: مطلقاً، مطلقاً، أنا لست هاوياً للمعارضة، الحقيقة أنا.. أنا أريد -أيضاً مع كل جماهير الشعب السوداني- أن ينعم الشعب السوداني بالسلام، وأن ينعم بالديمقراطية، وأن ينعم بالعدالة، وأن يكون له نظامه الديمقراطي الذي يحفظ حقوق الإنسان في كل ربوع السودان.

هذه قضايا أنا أناضل من أجلها، وإذا وجدتها في المنفى إنني لن أتردد في أن أتبناها بدون التمسك بحلول عسكرية، أو إليها، بالنسبة للحركة..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ألا تعتقد أنه بإمكانك أن تصل إلى هذه الأهداف سِلْماً؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: في حالة واحدة نحن أمام سلطة يا أخ فيصل..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكنك لم تجب على سؤالي، بالمناسبة السؤال الأول لم تجب عليه.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: سأجيب عليه لأنك عاجلتني بسؤال آخر، في الواقع، نحن أمام سلطة استطاعت خلال عشر سنوات أن تبني بنية من الطغيان، والمؤسسات الطاغية هائلة جداً، وهذا جوهر السلطة في الواقع، يعني السلطة يمكنُ أن تصل معك إلى أي اتفاقات، ويمكن أن تجيـز كل الدساتير، ويمكن أن تتبنى كل حقوق الإنسان، ولكن بنية الدولة المتعالية على القانون، المتعالية على الضبط، أجهزة قمعها، أجهزة أمنها، أجهزتها الكثيرة، دفاعها الشعبي، فلسفتها في الجهاد، هذا كله يبقى خارج كل اتفاق، ويبدو من السذاجة السياسية المطلقة أن لا أعالج بنية الدولة السودانية..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هل تريد أن تقول.. هل تريد أن تقول أن شخصاً سياسياً مخضرماً مثل الصادق المهدي تفوته كل هذه الأشياء، وأنه ساذج إلى هذه الدرجة بحيث يعني ينطلي عليه الاتفاق بهذه البساطة؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: لا.. لا.. مطلقاً، لم أقل ذلك مطلقاً لم أقل ذلك، قلت: أن الصادق المهدي موافق على هذه البنية لأنها بنية الدولة الإسلامية التي يؤمن بها، ويريد أن يقيم عليها هذا البناء، ولا يمكن إقامة بناء ديمقراطي على أسس ديكتاتورية..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن السؤال المطروح، دقيقة.. دقيقة، يعني السؤال المطروح -كل هذا الكلام كويس- الجبهة الإسلامية القومية جزء من الحركة السياسية السودانية -كما قلت- انفردت بالسلطة، ومارست العنف والقهر، وقد حاربت.. وحاربها الجميع بلا هوادة، إلى أن بدأت تعود إلى صوابها، وتتراجع، وهناك الكثير من الدلائل.

إذن كما يقول حزب المهدي نحن نريد حرية، وديمقراطية، وسلاماً، واستقراراً، والجميع يوافقون على مثل هذه الأهداف، وهي وافقت -الحكومة- على ذلك ورحبت به، والتزمت دولياً، وإقليمياً بكل مطالب الحركة السياسية السودانية، فهل نرفض ذلك في هذه الحالة، ونطالب بالاستقلال ويعني لمجرد.. لمجرد أن هذا معارض لكم؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: هذا لم يحدث، يا دكتور فيصل هذا لم يحدث، لم تتنازل السلطة عن شيء، السلطة تعتقد أنها من خلال عشر سنوات من المجاهدات، وهذه لغتها، توصلت إلى تمكين الإسلام في السودان، وأنه لم يعد مهدداً مطلقاً، وأن أية قوة جديدة تضاف إليها ستكون إضافة لهذا المشروع، وستندغم فيه، إذن ليس هناك تنازل مطلقاً من قبل السلطة..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: هذا..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طب هذا سؤال.. هذا سؤال.. هذا سؤال.. أنا أريد أن تجيب.. دقيقة، دقيقة، أنا أريد أن تجيب على كلام مهم جداً، مهم جداً، قال الخاتم عدلان كلاماً بخصوص أنه ليس هناك في واقع الأمر خلافات جوهرية بين حزب الأمة -الذي بدأ الآن يتقرب من الحكومة- ونظام الإنقاذ في السودان، يعني الحكومة الحالية سطت على سلطة الصادق المهدي، لكنها نفذت الكثير من أجندة برنامجه الذي كان ينوي تنفيذه ديمقراطياً، وأعادت إنتاج دولة المهدية مرجعية الصادق الفكرية، والسياسية، ومصدر إلهام أطروحته.

عادت المهدية مصر وإثيوبيا والغرب، والجبهة والمهدية تنطلقان من مرجعية دينية معادية للواقع الصوفي السائد هناك، إذن.. إذن..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: هناك.. هناك اختلاف.. هناك اختلاف أساسي وفكري كبير جداً بين ما تطرحه الجبهة الإسلامية، وبين حقيقة، وجوهر الإسلام، الإسلام دين مبني على التسامح، وعلى العدل، وعلى الإخاء، وعلى الإنصاف.

كل هذه القضايا ضربت بها الجبهة الإسلامية عرض الحائط، نحن لم نتحدث مطلقاً، ولا يوجد في الإسلام مطلقاً أن الإسلام يسعى لإقامة دولة استبدادية فيها القهر، وفيها هضمُ حقوقِ الآخرين، هذا فهم من الناحية الفكرية..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: إذن ليس هناك الحديث عن وجود أرضية مشتركة بين الحكومة، وبين حزب الأمة.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: لا توجد فيه اختلاف، فيه اختلاف أساسي..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: هذا غير صحيح.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: إذن لماذا نحاربهم؟

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: إذن لماذا نحاربهم؟

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: أنا سأتحدث.. على مواقع السلطة..

[حوار متداخل غير مفهوم]

الخاتم عدلان: حول ماذا يختلف الترابي مع البشير؟ مواقع وصلاحيات في السلطة، وأنا سأقول لك قول الصادق المهدي شخصياً"إن التوجه الإسلامي حيث هو لم يكن محل خلاف بين القوى السياسية السودانية صاحبة الكلمة في الديمقراطية الثالثة، ولكن التوجه الإسلامي الذي كان سارياً كان توجهاً قومياً بحيث تسعى إليه الأغلبية النيابية الشعبية، ويشارك فيها أهل السودان"المهم أن هذا المشروع مشترك..هذا المشروع مشترك..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: الآن بعد أن حصل الصادق المهدي على.. أو وعد بالحصول على قسم من الكعكة، فهو يعود إليها؟

الخاتم عدلان: بالضبط.

د. فيصل القاسم: إذن هذا هو السؤال!

د. صديق موسى بولاد: ليس هناك كعكة، الآن البلاد تعيش في أسوأ حالاتها، وهي معرضة للتفتت، والتفكك، بلادنا السودان، ولذلك..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: ولكن حكامها أغني الحكام في العالم، هذا البلد الفقير حكامها أغني الحكام في العالم.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ولذلك حينما نحن نطرح قضايا الإسلام، ومعالجته للقضايا، لا يمكن أن نساوي بين طالبان، وبين حركات الرفض الإسلامي، ودي موجودة في الإسلام، وفي المسيحية، وفي غيرها، وندمج أن كل الذين يتحدثون عن الإسلام، أو الذين يؤمنون به، أو الذين يطبقون معتقداته، معناته ملة واحدة من الإسلام هذا فهم خاطئ..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أنا أريد أن أقول.. ok، أنت تكلمت عن الفروق الجوهرية بين حزب الأمة، والنظام الحاكم في السودان، وليس هناك يعني أرضية مشتركة، لكن ما الذي تغير؟

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: الذي تغير..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ما الذي تغير؟ هل أنت توافق مع الكلام أنه عاد إلى جادة الصواب؟

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: أنا أجيبك بالذي تغير الجبهة الإسلامية القومية تعاملت معنا بمنطق القوة، وبمنطق القهر..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: وما تزال.

د. فيصل القاسم: وما تزال.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: زجت.. زجت بنا في السجون فملأناها..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: وما تزال.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: حتى فاضت عنا، ودخلناها هاماتنا مرفوعة، وخرجنا منها كذلك..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: وهذا صحيح..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: وقاتلناها بشرف. بشرف حتى الآن..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: صحيح.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: إذن ما الذي حدث؟

د. فيصل القاسم: ما الذي حدث؟

د. صديق موسى بولاد: الذي حدث أن الجبهة الإسلامية القومية رأت أن منطق القوة الذي استخدمته، وأن العنف الذي استخدمته لم يحقق لها مكسباً واحداً، ولم تستطيع تطبيق شعار واحد من الشعارات التي طبقتها، وغيرت، غيرت في ماذا؟ من لغة الذي يود أن يواجه هذا النظام عليه أن يحمل السلاح، ويقاتلنا، والذي يود أن يعمل أن يصل إلى السلطة فعليه ألا يتستر خلف الطلاب، وأن يحمل السلاح، ويأتي ليقاتل، فعلنا ذلك، وهي اقتنعت..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: يعني هناك تحول استراتيجي في موقف الحكومة.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: أنا لا أقول تحول استراتيجي في الحكومة، ولكن أقول:إن التجمع الوطني الديمقراطي وضع الحل السياسي ضمن الأجندة..

د. فيصل القاسم: ولماذا لا نعمل به؟

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ووضع.. ووضع أسس لهذا الحوار، إذا كان النظام في الخرطوم مستعد للتوجه والتحول نحو الديمقراطية..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: لم يتحول.

د. صديق موسى بولاد: كما حدث.. كما حدث في جنوب أفريقيا وكما حدث في نيجيريا نحن لن نرفض ذلك، أما حديث الأخ الخاتم، يود منا ألا نتعامل مثلاً كما تعامل مانديلا، جلاديه يخافون منه وهو أمامهم، وحين خرج أمامه تحدي إما أن ينتقم من هؤلاء الجلادين، ويفتت جنوب أفريقيا، أو يسلك المنطق، والحكمة، ويحافظ على وحدة بلده، وفعل هذا، واختار هذا الطريق، نحن لسنا دعاة تصفية..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: ما أبعدنا عنه.. ما أبعدنا عنه.. ما أبعدنا عن مانديلا، ما أبعدنا عن مانديلا!

د. فيصل القاسم: لكن ألا تعتقد أن.. لكن ألا تعتقد أن.. التشبيه.. التشبيه في غير محله، لكن سأعود إليك، لناخذ السيد ياسر عرمان (المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان) من كمبالا، تفضل يا سيدي.

ياسر عرمان: شكراً جزيلاً، والتحية للأصدقاء -صديق والخاتم- ومن المؤسف إنه الواحد يتحدث في هذا البرنامج مع زملاء ناضلنا معهم طيلة عشرة سنوات ضد نظام الجبهة الإسلامية، وفي أمر يفرقنا، ويوحد صف الجبهة الإسلامية، نحن ضد اتفاق جيبوتي لأنه أولاً هذا الاتفاق تجاوز كل المبادرات الموجودة الإيجاد، وبما فيها المبادرة المصرية الليبية ولأنه اتفاق ثنائي ولأنه اتفاق تم في إطار النظام القديم لترميم النظام القديم، ونداء الوطن- في الحقيقة- هو نداء لوطن قديم، وليس نداء لوطن جديد وتم باسم الحوار السوداني-السوداني كما تم من قبل اتفاقيات السلام من الداخل لـ (رياض مشار) و(لام أكول) والتي واجهت يعنى مصير معروف.

المسألة الأخرى: نريد أن نكون واضحين، في الحركة الشعبية لتحرير السودان، نحن نعتقد إنه السيد الصادق المهدي منذ (جنيف).. اجتماع (جنيف) مع الدكتور الترابي توصل لمساومة واضحة، مساومة واضحة مع الدكتور الترابي واتفاق، ولكن الانقسام الذي حصل داخل الجبهة الإسلامية لم يمكن هذا الاتفاق من المرور، ولذلك لجأ السيد الصادق الآن للفريق البشير باعتبار إنه هو المسؤول من الجهاز التنفيذي، وهنالك شواهد عديدة في الأربعة أيام الماضية، وفي ندوة في معهد (الأهرام للدراسات الإستراتيجية) قال السيد الصادق: إن التجمع ليس بالقوة المعروفة عنه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أصبح مترهل للغاية!

ياسر عرمان [مستأنفاً]: المعروفة عنها ودعا لتكوين جبهة عريضة للديمقراطية والسلام بديلة للتجمع الوطني الديمقراطي..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ياسر عرمان، ياسر عرمان، لكن بعد كل هذا الكلام، لماذا أنت توجه كل هذه الاتهامات للصادق المهدي وحزبه، والطريقة التي يتفاوض بها مع الحكومة، وأنتم تفعلون ذلك مع الحكومة منذ منذ زمن بعيد على يعني على سقف أقل بكثير مما يطرحه الصادق المهدي-حسب ما قال الدكتور قبل قليل-لماذا أنت تفعل؟ نعم.

ياسر عرمان [مستأنفاً]: نعم، نحن تفاوضنا عشر سنوات، ولم نصل لاتفاق لأن هذا النظام مراوغ، وتفاوضوا 35 ساعة، ووصلوا لاتفاق!أنا أقول: حينما يقول شخص قيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، إننا ليس أقوياء، ونحن في المعارضة ضعفاء، فماذا يمثل هذا القول؟ والآن أنت رأيت إن البشير والترابي بمجرد توقيع اتفاق جيبوتي تخلوا عن كل خلافاتهم، وقال الدكتور الترابي: إن الإجراءات لتعيين رئيس وزراء، وغيره قد رفعت إلى أجل غير مسمي، وجاؤوا مع بعض.

نحن نريد أيضاً أن نتخلى، وأن نتجاوز جيبوتي، وأن نأتي مع إخوتنا في حزب الأمة إلى كلمة سواء لأنه اتفاق جيبوتي هو في مصلحة النظام، ولا يؤدي إلى تفكيك نظام الجبهة الإسلامية بل يعززه، ويعطيه سند إقليمي، ودولي، ويضفي عليه صفات غير صفاته من الديمقراطية وغيرها، وحتى الحديث عن مانديلا، وعن جنوب أفريقيا حديث..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: في غير ..

ياسر عرمان [مستأنفاً]: بعيد كل البعد..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: في غير مكانه سيد ياسر عرمان يعني تريد أن تقول هذا هو.. أنا قاطعتك قبل.. نعم.

ياسر عرمان: أنا سأجيبك عن سؤالك، نحن في الحركة نحن في الحركة بدأنا التفاوض مع النظام قبل قيام التجمع أول مفاوضات تمت في (أديس أبابا) في أغسطس 89، والتجمع قام في21 أكتوبر 89..


هل خططت الحكومة السودانية لتجنيد الصادق المهدي لتحقيق مكاسب لها؟

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب، هذا سؤال، هذا سؤال، هذا سؤال، الكثير من النقاط مهمة، هذا الكلام، أنت قلت قبل قليل، حاولت أن دقيقة حاولت أن تقيم يعني نوع من المقارنة نوع من المقارنة بينكم وبين نيلسون مانديلا، أعتقد في غير مكانها أبداً، نيلسون مانديلا ظل سبعة وعشرين عاماً في خندق المعارضة والرفض التام، أنتم هرولتم إلى النظام في الخرطوم بمجرد أشار لكم، هذا هو الفرق.

د. صديق موسى بولاد: هذه ليس هرولة، هذه ليس هرولة، نحن طيلة هذه السنوات لم نلتق بالنظام، وغيرنا الأخوة في الحركة الشعبية عشر.. تسع جولات في (الإيجاد) أبوجا الأولىن أبوجا الثانية، أديس، كارتر، بابا نجيدا..إلخ، والذي قلته الذي قلته الذي قلته الاتفاق أنا..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طب هذا سؤال، هذا سؤال، ياسر عرمان يقول لك صار لهم يعني عشر سنوات يفاوضون النظام، ويعرفون أنه نظام مراوغ، ولم يتوصلوا معه إلى أي نتيجة، ما الذي يجعلكم متفائلين في الوصول إلى شيء ما، هذا هو السؤال؟

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: نحن.. نحن ليس متفائلين، ولسنا متشائمين، وليس خائفين من الجبهة الإسلامية القومية، نحن سلكنا طريق الحل السلمي، وهذا الحل أدخله التجمع في مواثيقه، وحينما يتحدث الأخ ياسر عن هذا الموضوع حقيقة إعلان المبادئ .. المبادئ تتفاوض فيه الحركة الشعبية، وتتفاوض فيه الحكومة.

ولماذا لا تقول: أن هذا الذي يتحدثون عنه اتفاق ثنائي ببن الحركة الشعبية، وبين حكومة الخرطوم، لا الحركة الشعبية، هي صحيح التيار الرئيسي في الجنوب، لكن مش هي كل الجنوب، ولا الجبهة الإسلامية القومية، كتنظيم أقلية موجود في شمال، هو بيمثل الشمال.

وإذا كان إحنا كنا خارج هذه المبادرة-مبادرة الإيجاد-والتي طالبنا مراراً، وتكراراً بتوسيعها في أجندتها، وفي الدول المشاركة فيها، وفي المواضيع التي تبحثها، ماذا.. ماذا يرجو منا؟ هل ندعم، ونقف، وننتظر في الرصيف الحركة الشعبية لحين ما تتفق مع نظام الخرطوم بصورة ثنائية..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن السؤال المطروح..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: لا..لا أبداً..أنا أريد أن أوضح عدة نقاط باختصار أولاً: السلطة لم تتنازل بل استطاعت أن تجلب إلى صفها حزب كبير، وعظيم، وله مساهمة مثل حزب الأمة..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: يعني اصطادت السيد الصادق.

الخاتم عدلان: بالضبط، بالضبط، بالضبط هي جندته، أكد الفريق البشير رئيس الجمهورية أن ما يجري اليوم من خطوات في اتجاه الوفاق مع المعارضة لا يعني أن الإنقاذ قد تخلت عن مبادئها، أو خانت دماء شهدائها، مشيراً إلى أن الوحدة التي تريد الحكومة تحقيقها مع المعارضة ستكون على مبادئ الإنقاذ، وبرامجها، وأهدافها، ووحدة على الكرامة والصدق، والدين، مجدداً الدعوة للمعارضين بالعودة إلى أرض الوطن من أجل المساهمة في بنائه والتوحد تحت راية"لا إله إلا الله"..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: يقول البشير..يقول البشير. يقول البشير.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: هذا، ليس هناك أي تنازل مطلقا هذه واحدة من القضايا ، هذه واحدة لأنك أثرت لي قضايا كثيرة مسألة إعلان المبادئ..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: قبل إعلان المبادئ، أريد أن أقول لك يعني لكن ألا تعتقد أنك تبالغ كثيراً في وصف هذا النظام يعني أنت تصور لنا النظام السوداني، ونظام الإنقاذ بشكل عام بأنه ديكتاتوري، وقمعي، وإلى ما هنالك، لكن العكس تماماً، يجب أن نقارن هذا النظام بالأنظمة العربية، والإفريقية الأخرى.

هناك من يقول:إن ما تتمتع به المعارضة السودانية من سقف وحريات يعتبر، أو يفوق ما تتمتع به العديد من المعارضات العربية في بلدان تقول عن نفسها إنها ديمقراطية، فالصحف، ومنابر الإعلام، والمسائل والوسائل المتاحة للتعبير للمعارضة السودانية تجعلنا نتساءل عن سبب وجود قيادتها في الخارج، يعني (مرتزقة) كما يتهمها البعض.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: نعم، أنا أريد أن أتحدى هذا

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كيف يمكن أن تتحداه؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: أتحدى هذا الفهم تماماً، لا.لا.هذه نقطة هامة جداً..

د. فيصل القاسم: تفضل، تفضل

الخاتم عدلان: هناك اختلال حقيقي في تقيم النظام السوداني، وخاصة من الأخوة العرب، هذا النظام السوداني مسؤول عن قتل مليون شخص في الجنوب، مليون سوداني في الجنوب، وتشريد أربعة ملايين من أهل السودان، أي نظام عربي أو إسلامي فعل ذلك؟ لا يوجد مطلقاً، ولكن العرب لا يعتقدون أن الجنوبيين كاملي الإنسانية، أو الوطنية، ولذلك يقللون من قمعية النظام.

مفيش نظام قمعي في العالم مثل النظام السوداني حالياً لأن ضحايا الحرب السودانية أكبر من ضحايا الحروب الرئيسية في هذا القرن منذ الحرب العالمية الثانية، والسودان صاحب أكبر كتلة مشردة بشرياً من سكانه، هذا لا يمكن أن نحكم فقط بما يحدث في الخرطوم، نحن نحكم بما يحدث في كل السودان لأننا سودانيون، ولأن المواطن الجنوبي بالنسبة لنا على نفس الدرجة من الكرامة، والقيمة، والعزة مثله مثل أي مواطن آخر، ومثل أي زعيم آخر من زعماء المعارضة.

د. فيصل القاسم: طب، كلام سليم، لتشرك إذن السيد أمين حسن عمر (وزير الدولة السوداني من الخرطوم) في الوقت مناسب أعتقد، تفضل يا سيدي.

أمين حسن عمر: السلام عليكم ورحمة الله.

د. فيصل القاسم: وعليكم السلام.

أمين حسن عمر: أنا بالطبع لي تحفظات كثيرة في الكلام الذي دار لأن هذا يمثل يعني لغة المعارضة..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هل تعتبره كلاماً فارغاً مثلاً؟

أمين حسن عمر [مستأنفاً: طبعاً كل الكلام الذي.. لا أستطيع أن أقول: أن هنالك كلام فارغ من كل محتواه، أي كلام له قدر من المحتوى، وله درجة من الصحة، والخطأ، وقد يغلب خطأه على صوابه، وقد يغلب صوابه على خطئه، لكن كل هذه القصة الكبيرة عن نظام استبدادي، قمعي، قتل مليون شخص،هذا أنا لا أستغرب هذه اللغة من الزميل الخاتم لأنه رجل عريق في..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: لا تستغربه لأنه حدث.

أمين حسن عمر[مستأنفاً]: أنا لا أستغرب هذه اللغة منك شخصياً، أنا أعرفك..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: لا تستغربها لأنها حدثت لأنها واقع.

أمين حسن عمر [مستأنفاً]: أنا أعرف أنك رجل عريق في (الديماجوجية) وعريق في الانتهازية..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: وأنت عريق في القتل و أنت عريق في الإبادة، وأنت عريق في التشريد، وأنت عريق في الإجرام.

أمين حسن عمر: هذا دليل على ديماجوجيتك، يعني هذا دليل على ما أدعي..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: انطقها كما ينطقها العرب.

أمين حسن عمر [مستأنفاً]: على العموم هذا الأمر بالطبع، أنا لا أريد أن أعلق بصورة عامة على ما دار، فلي تحفظات كثيرة حوله، ونحن لنا الكثير من الأشياء التي يمكن أن تحسب من خطايا، أو أخطاء للمعارضة مجتمعة بما فيها حزب الأمة نفسه، لكن هذا لا يمنع ..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: هذا جميل.

أمين حسن عمر [مستأنفاً]: من محاولة المقاربة، ومحاولة التفاهم، والتوصل إلى حل سلمي، الآن عندما ظهر ظهرت بوارق حل سلمي ظهر المعسكر اليساري الانتهازي الطفيلي الذي ظل دائماً يمسك بشجيرات، ..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: الانتهازي الطفيلي..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: الطفيلي، دى جميلة!

أمين حسن عمر [مستأنفا]: أو أشجار الأحزاب الوطنية الأخرى، وظل دائماً في تحالف انتهازي مع الحركات العنصرية مثل حركة التمرد التي يقودها جون جارانج، فلا نستغرب هذه الموقف، يعني تطاول الآخ الخاتم بأن الإسلام في السودان، أن أهل السودان يريدون الفصل بين الدين والسياسة، وأن هذا ما اتفق عليه غالب أهل السودان، تكذبه .. تكذبه الوقائع الحقيقية على الأرض.ذلك أن..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: الأرض المحروقة!

أمين حسن عمر [مستأنفاً]: آخر انتخابات في الديمقراطية الثالثة فاز.. تقدم إليها حزب الأمة تحت شعار نهج الصحوة..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: لماذا لجأت للانقلاب العسكري إذن.

أمين حسن عمر [مستأنفاً]: وتـقدم حزب الاتحاد الديمقراطي تحت شعار "الجمهورية الإسلامية" وتقدمت إليها الجبهة الإسلامية تحت شعار "تطبيق الشريعة" وهذه شعارات متطابقة لأنها تتحدث عن جمهورية إسلامية، وصحوة إسلامية، وشريعة إسلامية، وهذه القوى نالت ثلاث أرباع (الجمعية التأسيسية) في عام 86، بينما نال الحزب الشيوعي والذي مثل كل اليسار مقعدين فقط.

ولذلك الآن -بالطبع- هذه القوى التي اجتمعت فيما يسمى بالتجمع الوطني الديمقراطي، وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية، الحزب الشيوعي السوداني هذا لم يعقد مؤتمر لمناقشة أموره منذ العام 67، والأخ الخاتم هذا الذي يجلس أمامك كان دائماً جزء من هذا الحزب، وإن كان قد انسلخ منه الآن بعد أن أصبح هذا الحزب بلا شخصية، وبلا هوية، وأصبح غالبية أعضائه مجرد عملاء لأميركا..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: عملاء، ومنهم السيد عدلان.

أمين حسن عمر: وحملة الأجندة الأميركية في المنطقة، ولذلك لا نستغرب أبداً من هذا الخلاف على.. عندما لاح السلام، فرص حقيقية للسلام لماذا؟ لأن هؤلاء القوم لم يجتمعوا أصلاً إلا على العداء، وعلى حرب النظام القائم في السودان.وعلى حرب..


لماذا أصبح التجمع الوطني الديمقراطي عند البشير مهماً بعد أن كان لا يعيره اهتماماً؟

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب سيد عمر، سيد عمر، السؤال المطروح،لكن أنا أريد أن أسال سؤالاً هنا: سيد عمر السؤال المطروح لكن هناك سؤالك يعني يدور في أذهان الكثيرين: الرئيس البشير كان دائماً يعتبر التجمع المعارض التجمع الوطني الديمقراطي الذي لا تريد أن تسميه هكذا، كان يعتبره دائماً بأنه لا يساوي حتى جناح بعوضه، السؤال المطروح الآن: ما الذي جعل ما الذي جعل النظام السوداني يعني يعتبر حزب الأمة يساوي الكثير، ويستحق تقديم التنازلات له، هذا هو السؤال المطروح؟

أمين حسن عمر [مستأنفاً]: أنا لا أريد أن الرد يعني رد على هذه المسألة كما تتوقع، فالبعوضة نفسها-يا أخ فيصل-مزعجة، يمكن أن تكون مزعجة إذا دخلت في أُذنك، البعوضة نحن في شعب يعاني كثيراً جداً من البعوض..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: بسببكم.

أمين حسن عمر [مستأنفاً]: وأمراض (الملاريا) التي ينقلها البعوض، فإذا أردت أن تحتفظ يعني بهذا الشعار فيمكن أن تحتفظ به، نحن نريد أن نتخلص من هذه البعوضة، ومن جناحها أيضاً يعني برضك لازم.

د. فيصل القاسم: أشكرك جزيل الشكر، أشكرك جزيل الشكر..هذا..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: هذا يؤكد كل كلمة..

د. فيصل القاسم [مستأنفاً]: دقيقة، دقيقة، أنت انتهازي، وطفيلي، وأصبحتم مع اليساريين بشكل عام الذين لم يعقدوا مؤتمراً منذ عام 67 عبارة عن ثُلة من المتآمرين والمتعاملين، والعملاء للأميركيان وغيرهم، كيف ترد؟ وأنت في فترة من الفترات-الخاتم عدلان-باركت العقوبات الأميركية التي فُرِضت على السودان، وأنت تعلم أن السودان يمر بضائقة اقتصادية كبيرة، وحتى أنك باركت في لحظة من اللحظات تدمير أرزاق السودان الجديدة المتمثلة في النفط، كيف ترد؟

الخاتم عدلان: نعم، أولاً: الحديث الذي أدلى به الأخ أمين حسن عمر يؤكد في الواقع كل كلمة نطقت بها في هذه الحلقة، فهو يقول: أنهم لا يتنازلون عن الدولة الدينية، ويصف الحركة الشعبية لتحرير السودان بأنها حركة عنصرية، ولذلك ما دامت هي حركة عنصرية فإنه سيقاتلها حتى النهاية، وهذا واقع وحقيقة، ويصف التجمع الوطني الديمقراطي بأنه لا تجمع، لا ديمقراطي.

إذن إذا كان هذا النداء يريد أن يبيع لنا أن هناك اختلافً حصل في السلطة، فإننا.. فهذه لن نشتريها، وهذه بضاعة خاسرة، أما عن عمالتي، فأنا..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ليس عمالتك فقط، عمالة اليساريين بشكل عام الذين أصبحوا في واقع الأمر معزولين الآن عن الساحة السودانية، والدليل أن حزبك في الداخل يعني وافق على..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: أعود.. أعود إلى تأييد حزبي، بالنسبة لنا في حركة (حق)، نحن موقفنا واضح جداً وفق الوثيقة التأسيسية التي أجزناها في مؤتمر عام للحركة، شمل الداخل والخارج سنة 97، هذه الوثيقة تحدد بمنتهى الوضوح أننا نناضل مع كل أطراف المعارضة من أجل إسقاط هذه السلطة، وإحلال سلطة جديدة، سودان جديد، نهضة وطنية شاملة محلها..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن كم هذا الحزب، كم يمثل، عندما نرى هذا الحرب دقيقة عندما نرى حزباً تاريخياً مثل حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، وحزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة الميرغني يتدافعان باتجاه النظام؟ فما محلك من الإعراب في هذه الحالة؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: محلي هو محل الحق، إذا كان الحق مساحته ضيقة فإنني سأمثله حتى تتسع مساحته، هذان الحزبان حكما السودان طوال الفترات الماضية، أي قضية حلا أى قضية حلا؟ إذن الاعتبار ليس بالحجم، الاعتبار بالحق، والاعتبار بتمثيل العدالة، والشعارات الوطنية التي تمثل مصالح الجماهير، حتى تقتنع هذه الجماهير بها ربما بعد مائة سنة، لا أعرف، لكنني ما دمت حياً فإنني سأدعو، لهذا لم يُعرف عني أنني عميل لجهة ما مطلقاً، وكل ما عُرِف عني هو هذا الهيام بشعب السودان، والدفاع من أجله بكل مرتخص وغال..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كلام سليم.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: وهذا لم يعرف عن أمين حسن عمر.

د. فيصل القاسم: طيب، الدكتور صالح محيسي من الدوحة، تفضل يا سيدي.

صالح محيسي: أولاً أشكر الأخ فيصل القاسم لإتاحته هذه الفرصة.

د. فيصل القاسم: تفضل يا سيدي، شكراً.

صالح محيسي: وأحيي الأخ العزيز الخاتم عدلان، والأخ الدكتور صديق بولاد.

صديق: يا مرحباً.

صالح محيسي: وأحاول أن تكون المداخلة مختصرة كسباً للوقت، وكسباً لوقت الشعب السوداني نفسه.

د. فيصل القاسم: طيب، تفضل.

صالح محيسي: المداخلة:أكثر ما يثير الاشمئزاز أن حزب الأمة بعد توقيع نداء الوطن، بمجرد ما انتهى من التوقيع، حاول يبرر هذا التوقيع بالإساءة والتهجم على التجمع الوطني، ووصفه بالبطء والترهل، وهو طوال العشر سنوات السابقة حزب الأمة ضمن التجمع الوطني ، بل الأمين العام للتجمع الوطني هو السيد مبارك الفاضل الأمين العام (الدينامو) للتجمع الوطني هو السيد مبارك الفاضل، يأتي بعد توقيع نداء الوطن، وبصورة فورية، يصف التجمع الوطني بالبطء والترهل، أنا أقول له طوال العشر سنوات التجمع الوطني..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ماذا كنت نفعل؟ !

صالح محيسي [مستأنفاً]: ظل يعمل، ويسعى جاهداً لاستعادة الديمقراطية في السودان بكل الوسائل والسبل، الرد شو كان؟ كان صد متواصل، تارة يصفوه بالشياطين، تارة يطالبوه بالاغتسال والتطهر بماء البحر، وتارة.يعني مطالب كثيرة جداً جداً أخيراً أصبح أن التجمع الوطني هو البطيء في حين أن البطء من الحكومة، وليس من التجمع لأن الحكومة جاءت بعد عشرة سنة دلوقتي، وتسعى لإرساء الديمقراطية، في حين أن التجمع من قبل عشرة سنة يطالب بالديمقراطية، إذن البطء من أي جانب، بس، شكراً.

د. فيصل القاسم: طيب، شكراً جزيلاً..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: أنا أرد عليه. أنا أرد عليه.

د. فيصل القاسم: كيف ترد على هذا الكلام؟ يعني خرجنا من هنا، خرجنا من الاتفاق وبدأنا..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: أنا أرد على..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: دقيقة.. دقيقة، هل تنفي أن حزبكم بدأ يشن حملة كلامية ضد التجمع، ويصفه بصفات لا تليق به، مثلاً وصفه الصادق المهدي بالحرف الواحد بأنه أصبح مترهلاً، ولم يعد يعني إطاراً سياسياً جيداً للمعارضة السودانية، وبدأ يقول يتهمهم بأنهم يعني يسيرون، ويعقدون اتفاقات من تحت الطاولة، هذا كلام المبارك المهدي، فإذا كان هو على مدى عشر سنوات، ماذا كان يفعل؟


دوافع الحملة الكلامية التي يشنها حزب الأمة ضد التجمع

د. صديق موسى بولاد: عشر سنوات نحن بذلنا أقصى ما يبذل من جهد لتدعيم هذا التجمع، وجعله مؤسسة فاعلة، مبنية على أساس وعلى نظام، حتى تنـزل الهزيمة بالجبهة الإسلامية القومية، كل القاصي والداني يعلم أن هذا التجمع فيه كثير من الإشكالات، وممكن أحددها أكثر من عشرين واحدة: تضارب الاختصاصات على مستوى قيادته العليا، عدم وجود آلية تنظيمية يستطيع عبرها أن يترجم ما يتفق عليه إلى أرض الواقع، فأصبحت القرارات تصبح حبراً على ورق، إذن لماذا نحن نقبل مثل هذا؟ نحن حاولنا..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: حاولتم لمدة طويلة.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: نحن حاولنا، وتحدثنا حتى بُح صوتنا، وكتبنا من الوثائق، والمذكرات لإصلاح التجمع، وتفعيلة، وتحديثه، وتوسيع قاعدته، وتنشيط فروعه بما يشهد كل الشعب السوداني لكي يطلع بمسؤولياته التي يجب أن يقوم بها، ولمواجهة نظام الجبهة القومية الإسلامية، تنظيم لديه خبرة، وتجربة، وتنظيم لا تستطيع أن تقاوم هذا التنظيم بدون آلية تنظيمية أكثر فاعلية منه، كل هذا الكلام الذي قمنا به، وبذلناه، وقع على أذان صماء.

وأنا الآن أقول: نحن طرحنا لماذا لا يعقد المؤتمر العام للتجمع الوطني الديمقراطي، وحدد ميثاق أسمرة أن يعقد في ستة شهور، طالبنا بإجراء إصلاحات أساسية في التجمع، وأقول الآن من هذا المنبر ليس المشكل في مبارك المهدي أو غير مبارك المهدي، المشكلة الأساسية الموجودة في التجمع عدم وجود المؤسسات الفاعلة التي تستطيع أن تترجم ما تم الاتفاق عليه.

نحن في حزب الأمة الآن هنا أعطيك أكثر من عشرة وثائق أمامي فيها مفصلة هذه القضايا تفصيلاً، الأخطاء، العيوب، السلبيات، وهذا هو الذي يدفعنا أن نبحث لبلادنا عن حل، ونتحدث عن هذا، ليس البطء فقط كما يرى الأخ محيسي، ولكنني أقول إن التجمع يسير بطريقة سلحفائية، بينما تقع الأحداث تترى على الشعب السوداني.. ولذلك..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: وأنتم تسيرون بسرعة.. بسرعة البرق في اتجاه الحكومة؟!

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ليس بسرعة البرق، نحن أولاً: في فبراير 90 وقعنا اتفاق مع الحركة الشعبية، هذا الاتفاق هو الذي على ضوئه دخلت الحركة الشعبية التجمع، خلقنا القيادة الشرعية، بذلنا مجهود ضخم جداً لتوحيد كافة العسكريين، ذهبنا إلى (شقدم) وعلى أساس شقدم قام مؤتمر القضايا المصيرية، كل هذا الجهد –حقيقة- بذله حزب الأمة من أجل خلق أداة للمعارضة فاعلة ومؤسسة.

وأنا الآن أقول: لو كان التجمع الوطني الديمقراطي على استعداد أن تكون لتنظيماته الإدارة الفاعلة بتغيير هيكله، ومؤسساته، إحداث تداول سلمي في السلطة فيها، إن الأمين العام لحزب الأمة ممكن يمشي ويجي أي واحد من حزب الأمة، يمثل حزب الأمة في هذا المؤتمر، لكن هل الباقي سيحرصون على ذلك..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: أنا أريد أن..

[موجز الأنباء]

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: دكتور صديق، السؤال المطروح: أريد جواباً مختصراً، هناك من يقول الآن وبعد أن اتحدت الفصائل السودانية المختلفة، واتفقت على حل مشاكل السودان، ودنا الخلاص من حكم الجبهة الجائر، ها هو الصادق المهدي يمد لها يد المساعدة، أريد أن تجيبني هل فعلاً دنا الخلاص من حكم الإنقاذ؟ أم أن هذا الكلام غير صحيح؟

د. صديق موسى بولاد: هذا غير.. أيوه.. هذا غير صحيح، هذا غير صحيح، والصادق المهدي لو كان ما فعله.. ما فعلناه في جيبوتي يمد عُمْر النظام لمدت الحركة الشعبية عُمْر النظام من عشر سنوات لأنها.. لأنها تتحدث عبر نفس إعلان المبادئ، وإن ما طرحناه بصورة أفضل، نحن ما طرحناه يلبي أسس، حل سليم إذا.. إذا سارت القوى السياسية المعارضة في هذا الاتجاه ولم نقل أن هذا قرآناً مقدساً لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، ولكنه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كلام سليم..كلام سليم.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: لكنه إعلان مفتوح.. مفتوح للتغيير، والتحديث، والزيادة، وآليته موجودة، مبادرة الإيجاد، المبادرة المصرية..


هل اتفاق جيبوتي يطيل عُمْر النظام الحالي؟

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: تحدثنا عن هذا، كي لا نعيد، الخاتم عدلان، هل تعتقد أنه، يعني أنت قلت: إنه مثلاً هذا الاتفاق قد يطيل لعمر الحكومة.. الآيلة للسقوط شيئاً فشيئاً، هل توافق على هذا الكلام؟

الخاتم عدلان: أنا قلت: أن الاتفاق وافق على الأسس التي يقوم عليها النظام كما عبر عن ذلك أهل النظام أنفسهم، وهذه إطالة في عمر النظام، ليس في ذلك شك طبعاً..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أنا أريد أن أوقفك، أنا أريد أن أوقفك، وأقرأ عليك شيئاً، المعارضة السودانية لم تستطع هز النظام و هو يمر في أحلك أوقاته عندما كان معزولاً عربياً، وأفريقياً، وأميركياً، ولنقل دولياً، ورغم توفر هذه الظروف الموضوعية لإزالة النظام، إلا أن التجمع وقوى المعارضة بشكل عام لم تتمكن من إحداث الاختراق المنشود، فكيف تقول: إن اتفاق المهدي البشير أمد بعمر الحكومة عشرة أيام أو أكثر؟

الآن مع بدأ تصدير النفط، وتطبيع الحكم لعلاقاته العربية إلى حد ما، وإلى حد ما الإفريقية، والأوروبية، ومع طي صفحة عقوبات مجلس الأمن فإن المهمة تصبح أصعب بكثير خاصة بعد سماح النظام بشيء من حرية الحركة السياسية المهدي –على ما يبدو- قرأ الواقع السياسي السوداني جيداً، وأقدم على هذه الخطوة المدروسة جيداً، وكان أبعد نظراً وواقعية من الجميع، وأنت منهم بالتحديد، أنتوا ما قدرتوا تعملوا شيء عندما كان النظام يتهاوى، النظام قوي الآن، هناك بترول، هناك كل هذه الأمور.

الخاتم عدلان: نعم.. نعم، هذا صحيح، أنا أريد أن أتفق اتفاقاً كاملاً مع ما ذكره الأخ..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لا، لا كيف ترد؟ كيف ترد؟

الخاتم عدلان: هذا ردي، هذا ردي، إن التجمع الوطني الديمقراطي وهو الأداة الأساسية للمعارضة في مواجهة النظام..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: إذن لماذا تنتقد.. لماذا تنتقد الصادق المهدي على هذه الخطوة؟ الصادق المهدي قرأ.. قرأ الواقع.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: أنا انتقده.. انتقده لأن التجمع الوطني الديمقراطي الضعيف ذو البنية المهلهلة، المغلق أمام القوى السياسية، وأمام منظمات المجتمع المدني، وأمام الشعب السوداني في الواقع، هذا التنظيم الضعيف يجب تقويته، وليس هدمه على الآخرين، وهذا هو مثلاً..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ولكن من تقصد بالتجمع الوطني.. يا سيد عدلان ما الفائدة؟ ما الفائدة في تقويته؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: تفعيل.. تفعيل التجمع.. تفعيل التجمع الوطني الديمقراطي..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ما كان له عشر سنوات بيقول لك مثلاً ما عمل شيء..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: عشر سنوات في عمر الشعوب لا تساوي الكثير مع إنها في عهد الجبهة الإسلامية تساوي الكثير فعلاً، لكن منهج الحركة الشعبية مثلاً من ضعف التجمع هي تقوية هذا الضعف، يجب أن يكون منهج حزب الأمة الذي أقدر تقديراً كاملاً دوره خلال هذه السنوات، واقتراحاته لفتح التجمع للجميع، ومن ضمن ذلك حركتنا، أقدر ذلك تماماً، وأنا مع الحق أينما وُجد، موقف حزب الأمة يجب أن يكون زيادة تفعيل التجمع، وأن يطرح المسألة للشعب، إنه تجمعكم هذا.. تجمعكم هذا..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: دقيقة دقيقة يا سيد عدلان.. طرحها على الشعب.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: لم يطرحها..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: الانتفاضة الشعبية التي كان يراهن عليها التجمع لم تتحقق، ماذا جلب الحل العسكري؟ ماذا جلب؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: أن يطرح مشاكل التجمع الوطني الديمقراطي على الشعب، كساح المؤتمر.. التجمع الوطني الديمقراطي على الشعب، رئاسة المؤتمر.. التجمع الوطني الديمقراطي على الشعب، يجب أن نكون واضحين، التجمع الوطني الديمقراطي برئاسته الحالية لن يحقق شيئاً كبيراً، القوى التي داخله تحقق أشياء فعلاً، لكن بنية التجمع تحتاج إلى التغيير وهذه مسؤولية وطنية -نحن خارج التجمع- ولكننا نريد أن يكون التجمع قوياً..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب السؤال المطروح.. لكن السؤال المطروح: أريد أن يعني أن أتحدث عن نقطة مهمة جداً ظهرت في الكلام عن الصادق المهدي.

الخاتم عدلان: نعم.

د. فيصل القاسم: وصف بأنه انتهازي، وله سوابق عديدة في الانتهازية في الكثير من الأحيان، هل توافق على هذا الكلام؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: أنا عندي تحليل يعني عميق، أعتقد أنه عميق للسيد الصادق المهدي، وهو أنه في كل.. في كل تاريخ السودان، ومنذ أن بلغ الرشد السياسي سعى لتحقيق إجماعاً حول نفسه، بدلاً من إجماع حول الوطن وقضاياه، يريد أن يحقق إجماع حول نفسه، ويريد أن يكون في كل حين المخلص للشعب السوداني، ويكفي أنه قال الآن: أنه حقق 95% من مطالب الشعب السوداني.

قبل ذلك.. قبل ذلك السيد الصادق المهدي مسؤول من انهيار الديمقراطية الثانية بحله للحزب الشيوعي، وبمصادرته للديمقراطية، وتعديله للقانون، وتنفيذه بأثر رجعي، السيد الصادق المهدي مسؤول عن عدم إلغاء قوانين سبتمبر، السيد الصادق المهدي مسؤول عن انقلاب الجبهة الإسلامية ونجاحه، السيد الصادق المهدي مسؤول الآن عن خيانة حلفائه كما فعل ذلك في المصالحة الأولى، ومسؤول عن تقوية النظام، السيد الصادق المهدي يكلف السودان شططاً في الواقع، يكلف السودان أكثر من اللازم..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: هذا حديث تنقصه الموضوعية.

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طب كيف تنقصه الموضوعية؟ هناك الكثير من السوابق في هذا.. في هذا الكلام، انتهازي بالدرجة الأولى، انتهازي..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: السوابق.. الشخص الانتهازي هو الشخص الذي يعمل الآخرون، ويأتي لكي يسرق جهدهم وعملهم.. نحن.. نحن..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: بالضبط كده 95% مما حققه التجمع الديمقراطي هذه سرقة..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: نحن في طيلة الديكتاتوريات التي مرت على السودان بدون استثناء حزب الأمة أكثر بلاءً، وعطاءً، وتضحية ويتقدم شيبه وشبابه الصفوف في مواجهة هذه الديكتاتوريات بما فيها ديكتاتورية الجبهة الإسلامية الموجودة الآن، ولذلك حينما يأتي الحديث بهذا المستوى، حقيقة..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: أنا تحدثت عن الصادق المهدي، وليس عن حزبه، تحدثت عن شخص الصادق المهدي، إنه هو حقيقة كارثة في السودان، إنه يمثل الكارثة في السودان.

د. صديق موسى بولاد: الصادق المهدي ليس فرداً أو شخصاً، الصادق المهدي.. الصادق المهدي.. الصادق المهدي هو مؤسسة، وحينما تجي الانتهازية لأنه طالب بإيجاد إجماع للسوادنيين، وطالب بوحدته، وطالب بإدخاله في الحكومة، في حكومته القصر، ويحدث انقلاب، وكل العناصر هذه الموجودة مشاركة في الحكومة، وينادي الآن بنفس هذه المعاني، يأتي التغيير بهذه الكيفية.. ولذلك..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ولكني أريد أن أقول دقيقة لدي أمثلة، تاريخه، المهدي كما يقولون (سياسي براجماتيكي) وهو يعرف أن الابتعاد عن السلطة طويلاً يؤثر في مكانته السياسية، وذلك كان موقفه مع الرئيس النميري الذي حكم ستة عشر عاماً، جعلت المهدي مضطراً في نهاية المطاف كي يصالحه، وإلا نسيته الأجيال الجيدة، وقبل المهدي بأن يكون عضواً في الاتحاد الاشتراكي، وليس فقط رئيساً لحزب الأمة، وهو يكرر الآن نفس الموقف مع البشير خوفاً من النسيان، وضياع نفوذه السياسي..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: دا منطق ما صحيح.

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كيف ما صحيح.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ما صحيح للآتي، النظام منذ يومه الأول، هذا النظام منذ يومه الأول يطرح ما يطرحه الآن من المشاركة، والحلول الجزئية، وضرورة أن يؤيد حزب الأمة هذا النظام، نحن لو كنا كما يتحدث الأخ الخاتم ننشد ذلك لما احتجنا حتى أن نذهب لجيبوتي، ولما احتجنا للحديث عن هذه القضايا، والقتال عشر سنوات، موجودة لأنه دي أساساً مطروحة الحلول الجزئية والثنائية منذ اليوم الأول رفضنا نحن كل ذلك لأنه نحنا انتخبنا الشعب السوداني، وكرر الشعب السوداني انتخابنا لأنه العطاء الذي يقدمه حزب الأمة من أجل الوطن عطاء كبير، وضخم.

أعود لنقطة نميري، نميري نحن ناصبناه العداء منذ اليوم الأول وقتلنا وذبحنا في الجزيرة (أبا) وفي وادي (نوباوي) وحملنا السلاح لمقاومة هذا النظام، وكلنا له الصاع عشرين في 2 يوليو 1976م، ولكننا حينما يكون هناك مجال للحلول السلمية، وحينما يشعر النظام أن منطق القوة-الذي استخدمه ضدنا-فاشل وعاجز عن تحقيق أهدافه، نحن نأتي لهذه الحلول لأننا حزب سياسي في المقام الأول، وليس حزباً عسكرياً..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: والسياسية هي فن الممكن، وهناك من يقول أن الصادق المهدي يعرف من أين تؤكل الكتف على عكس المعارضة التي تفرق في الغلو والغلواء محمد محمد خير من كندا، اتفضل يا سيدي.

محمد محمد خير: شكراً أستاذ فيصل، أنا سأتحدث عن الجانب الدرامي الذي خلف حالة أشبه بالسريالية العبثية الناجمة في هذا المقام من الأزمة العامة لأحزاب الملكية الفردية، وأعني بأحزاب الملكية الفردية تلك الأحزاب التي تتنازل جماهيرها طوعاً لشخص واحد لينيبها إنابة سرمدية في كل شيء.

ما توصل له حزب الأمة من اتفاق مع الجبهة الإسلامية لا يخرج من الطموحات الشخصية للسيد الصادق المهدي، وبعض الصعوبات التي واجهها بعد خروجه من السودان منافحاً عن قضية الشعب السوداني كعملية (تهتدون) تلك العملية التي أضفى عليها الكثير من تلك الإيماءات الدينية التي لوحت بكرامته، وأنزلته منـزلةsuper man خاصة في محيط الزهاد، والعباد، والعارفين.

لذلك الطقس الديني خاطب الصادق المهدي الأنصار بالالتحاق به مقاتلين في فكرته المأمور بها، ولا أُظن أن الاستجابة كانت مضارعة لقوة النداء لأن حزب الأمة لا يدخل الآن طرفاً في ميدان القوة العسكرية، وقام الصادق المهدي بجولات عديدة أهمها رحلته للولايات المتحدة الأميركية في 97.

ومنذ ذلك العام أيقن الصادق المهدي أنه ليس في مستند الكمبيوتر الأميركي.. الأميركي الذي يرتب لحل محسوب بطريقة إليكترونية، وذلك من خلال الأحاديث التي سمعها من الإدارة الأميركية لثنائية خطابه، وميوله الواضحة لنموذج الدولة الدينية.

منذ عام لحتى الآن شغل الصادق المهدي بنشاط ثقافي، وحركة زائدة في المحيط الاجتماعي، وتحدث كثيراً عن المسرح، والديمقراطية المستدامة في ظل استراتيجية ثابتة هي إعادة فكرة التجمع ليصبح رئيسه.

حملت الرياح تلك الأحاديث حول الديمقراطية المستدامة، وكل شيء، ولم يجد الاستجابة من أطراف التجمع لترئيسه رغم أن التجمع ضعيف، ولا يزال يمر بهذا الوهن، وهذا يعني أن جميع الأطراف تتوجس من السيد الصادق المهدي، وتحبذ ضعف التجمع في ظل قيادته الحالية، وترفض قيادة المهدي له حتى لو كان في مقدوره جلب الطير الأبابيل.

الحالة العبثية والدرامية التي نشأت عقب اتفاق جيبوتي هي تلك الشخصية المزدوجة التي يمثلها الآن الأخ مبارك المهدي، فهو يمثل شخصيتين في آن معاً، وهو مسؤول العمل الخارجي لحزب الأمة الذي اعتمد الآن خيار الحل السلمي، وهو الأمين العام للتجمع الذي يسعى لإنزال هزيمة بنظام الجبهة الإسلامية..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: عسكرياً.

محمد محمد خير [مستأنفاً]: المهمة الأولى تتطلب أن يكون متسامحاً، وله صلات بالنظام ورموز النظام ليحقق أهداف حزبه، والمهمة الثانية تتطلب رصد وحشد الجماهير لإنجاز مهام الانتفاضة المهامية المسلحة، فهذا الإدعاء حقيقي لشخصية (جيكل) ومستر (هايد)..

نعم، أريد أن أختم حديثي، هنالك حديث عن أن ما أنجزه حزب الأمة قوبل بغيرة سياسية، وأعتقد أن الأخ الخاتم يعرف علمياً أن الغيرة تعني تلك يعني تعني أن طرف حقق..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أكثر من طرف آخر.. نعم.

محمد محمد خير [مستأنفاً]: يريد تحقيقها الطرف الآخر، ولا أعتقد أن قوى التجمع تسابقت نحو ما ظهر به حزب الأمة من توقيع بالجبهة.. مع الجبهة الإسلامية، ولا أعتقد أن أي طرف من تلك الأطراف كان ينوي ذلك، فهل ما يعتبره حزب الأمة.. يعني أنا أعتقد أن ما يعتبره حزب الأمة نجاحاً الآن، يعتبره الآخرون عار، وردة، وتراجع، فكيف يصبح العار انتصاراً..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: شكراً جزيلاً.. شكراً جزيلاً الكثير محمد محمد خير، الكثير من النقاط، أنا أريد أن أضيف إلى ذلك..

د. صديق موسى بولاد [مقاطعاً]: أنا..

د. فيصل القاسم [مستأنفاً]: أضيف إلى ذلك وأعطيك المجال، يقال إن عشية إلقاء القبض على الصادق المهدي في 6 يوليو عام 89، عثر الجنود على مذكرة كان المهدي ينوي إرسالها للفريق عمر البشير وهي مذكرة لم تختلف بنودها كثيراً عن محتوى إعلان نداء الوطن الذي هلل له الطرفان في جيبوتي، وأطلقا عليه الاتفاق التاريخي..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: صحيح، المذكرة هذه صحيحة، وكتبها الأخ الصادق المهدي منذ اليوم الأول، وقال فيها: استوليتم على السلطة بالقوة، معكم الآن القوة، ومعنا الحق، ولا يمكن لهذه القوى أن تقيم نظاماً يحقق الاستقرار الموجود في السودان، وهنا هذه المواقف حتى حينما خرج الصادق المهدي..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: باختصار حتى نستغل الوقت.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: حتى حينما خرج في عملية (تهتدون) كتب مذكرة أيضاً موجودة بنفس هذا المحتوى، إن القوة لا تحل قضايا السودان السياسية، أما الحديث الذي أدلى به الأخ..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: محمد خير..

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: محمد محمد خير، يبدو أن الأخ محمد محمد خير في تنقله الكثير من اليسار، إلى الشيوعية، إلى حزب الأمة، إلى الاتحاد الديمقراطي، إلى كندا هذا التنقل أوحى له بما يوحي إليه الآن بمثل هذا الحديث لأنه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: يعني هو شخصية مزدوجة، ويعتقد أن الآخرين مزدوجين أيضاً.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: لا، هو.. هو حقيقة ما مزدوجة فقط، ولكن ليس لديه لون ولا طعم، ولا رائحة ولا مبدأ.

د. فيصل القاسم: شكراً جزيلاً، طيب هاشم كرار من الدوحة، تفضل يا سيدي.

هاشم كرار: مرحب بيك يا أستاذ فيصل.

د. فيصل القاسم: هلا بيك.. هلا بيك..

هاشم كرار: في الحقيقة ننظر إلى نتائج اتفاقية جيبوتي شقت التجمع، أيضاً حتشق الحكومة لاحقاً، شقت المبادرة الليبية المصرية، مصر اعترضت عليها، أو أدهشتها، أو رفضتها أخيراً، ليبيا سكتت، هذه المسائل تقودني إلى أن أقول شيئاً واحداً: إن هذه المبادرة هي تخريب للمشروع، لمشروع الحل السلمي السوداني.

هذه المبادرة قلبت المعادلة في السودان رأساً على عقب، كل الجهات السودانية الآن مشتتة، وتعيش حالة من الفوضى، لم يعد هنالك أحد قادر على رؤية أي مشروع للحل السلمي بعد هذه المبادرة، بيجي سؤال ماذا يريد المهدي؟ وماذا يريد النظام من المهدي؟

الإجابة على السؤال الأخير : (لن يُصْلِحَ العطارُ ما قد أفسده الدهرُ الغشوم) السيد الصادق المهدي سياسي، نشط، وحصيف، ومفكر، وكل هذا وراء الميكرفون، أمام الكاميرا، وهو يتحدث في الصحف، لكن الصادق المهدي على الأرض، للأسف فشل فشلاً ذريعاً في أن يكون قائداً منقذاً للسودان في الديمقراطية، و…

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: سيد كرار كي لا نكرر كل هذا الكلام، قلت كلاماً مهماً، أشكرك جزيل الشكر، الوقت يُدَاهِمُني للأسف الشديد تريد أن ترد باختصار .. باختصار لأن الكلام موجه للسيد المهدي.

د. صديق موسى بولاد: أريد أن أرد باختصار –فعلاً شديداً، أولاً: هذه المبادرة، أو نداء الوطن كافة الفصائل الموجودة داخل السودان أيدت هذا..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: قلنا هذا الكلام، قلنا هذا الكلام، كي لا نكرر.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: ولذلك.. ولذلك.. ولذلك الذي أود أن أقوله: ليس هناك شكل المعارضة، تخوف بالكيفية التي يثار بها هذا الحديث..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: مبالغ فيها هذا التصور.

د. صديق موسى بولاد [مستأنفاً]: مبالغ فيها طبعاً.

د. فيصل القاسم: شكراً جزيلاً، يمكنك أن ترد يا أخ عدلان.

الخاتم عدلان: في الواقع أريد أن أُلخص أن هذا الاتفاق خِنْجَرٌ في قلب المعارضة..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: قلت هذا الكلام الخنجر، لكن أريد أن أطرح..

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: أريد أن ألخص..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هذه المعارضة.. هذه المعارضة.. قلت هذا الكلام، من خنجر وشقت المعارضة، ورددناه كثيراً موضوع النفط، هل يُعقل أن تهلل هذه المعارضة لتدمير وتخريب يعني ثروة شعبية استراتيجية وطنية، إلى ما هنالك من هذا الكلام.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: نعم، نعم.


لماذا هللت المعارضة لتدمير النفط ووقف استخراجه

د. فيصل القاسم: هل يمكن أن يكون النفط مصدر.. هدفاً..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: هذه قضية محاطة بالكثير من العواطف، السودان بلد فقير، شعبه فقير، اكتشاف النفط فرصة تاريخية لأن ينتشل الشعب السوداني، وخاصة في المناطق المهمشة والأقل نمواً من وهدة التخلف التاريخية الطويلة، تريد الجبهة الإسلامية أن تأخذ هذه الثروة الاستراتيجية القومية، وتوظفها في خدمة دولتها، وفي شراء الدبابات، والأسلحة الفتاكة، وغيرها.. يجب ألا يسمح لها بهذا.. يجب..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: من قال لك هذا؟ من قال لك هذا؟ طب من قال لك هذا؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: قاله الترابي.

د. فيصل القاسم: لكن لدي معلومات تقول:إن الحكومة السودانية لا تحصل إلا على أقل من5% من عائدات التصدير، أي أقل من 70 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ قليل جداً دولياً، بينما يذهب الباقي إلى الشركات النفطية لتغطية نفقات استكشافاتها التي استمرت سنوات.. سنوات عدة، فمن قال لك، إذن هذه ثروة..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: وهذا يوضح-أيضاً-أن هذه الثروة منهوبة، بدأ استخراج البترول -يا أخ فيصل- بطرد جميع الناس في القرى في ولاية (بانتيو) الذين يحيطونه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أنت مع ضرب الأنابيب، أنت مع ضرب الأنابيب.

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: نعم، أنا مع إيقاف ضخ البترول، يجب إيقاف ضخ البترول حتى تأتي حكومة ديمقراطية تستغل البترول، تستغل البترول من أجل مصالح الشعب..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكن كيف تفسر، ومن قال لك.. كيف تفسر هذه الغضبة الكبيرة داخل السودان على هذا العمل التخريبي؟

الخاتم عدلان [مستأنفاً]: هذه أبواق الجبهة الإسلامية ودعايتها منذ أن جاءت وهي تدق هذه الأبواق، وتحول الكذب إلى حقيقة، والباطل إلى حق، هذا ليس صحيحاً، الشعب السوداني –حقيقة- هو يعني يسعده ألا تقُوي هذه الجبهة الإسلامية صفوفها..

د. فيصل القاسم: كيف ترد باختصار؟

د. صديق موسى بولاد: أنا أرد.

د. فيصل القاسم: باختصار.

د. صديق موسى بولاد: البترول، والنفط، وغيره من الموارد ليس أغلى من دم المواطن السوداني الذي تقتله آلة الجبهة في ميادين القتال، ولذلك إذا كانت الجبهة الإسلامية القومية تسعى لاستثمار النفط، أو إخراج النفط أو غيره، عليها في المقام الأول أن تحترم الإنسان الذي من أجله يخرج هذا النفط، ويستخدمه..

الخاتم عدلان [مقاطعاً]: وهي لا تحترمه، هي في الواقع لا تحترمه..

د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: للأسف الشديد، للأسف الشديد، مشاهدي الكرام، لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا الأخ الخاتم عدلان (رئيس اللجنة التنفيذية بحركة القوى الجديدة الديمقراطية"حق")، والدكتور صديق موسى (عضو المكتب التنفيذي لحزب الأمة).

نلتقي مساء الثلاثاء المقبل فحتى ذلك الحين ها هو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة، إلى اللقاء.