إشراقات

الدكتور نقولا زيادة ح 2

مفهوم التراث وأسباب محاربته، جمعية العروة الوثقى وحلم القومية العربية، مغادرة القدس وبداية العمل في الجامعة الأميركية في بيروت، مرحلة ما بعد الجامعة الأميركية واعتزال التدريس.

مقدم الحلقة:

كوثر البشراوي

ضيف الحلقة:

نقولا زيادة: مؤرخ

تاريخ الحلقة:

21/02/2002

– مفهوم التراث وأسباب محاربته
– جمعية العروة الوثقى وحلم القومية العربية

– مغادرة القدس وبداية عمله في الجامعة الأميركية في بيروت

– الجامعة الأميركية في بيروت وذكريات نقولا زيادة فيها

– مرحلة ما بعد الجامعة الأميركية واعتزال نقولا زيادة التدريس

undefined
undefined

كوثر البشراوي: أصدقاءنا المشاهدين في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم جميعاً في هذه الحلقة الثانية من حديثنا مع الدكتور نقولا زيادة، وقد مضينا في الحلقة الماضية من سيرة الصبا إلى سيرة الوطن ومن حوادث القرن إلى عبر التاريخ، وها نحن اليوم نستكمل السيرة مازجين بين الذاتي والموضوعي حيث التطابق يكاد يكون كاملاً، وهذا تحصيل للحاصل حين يكون الحديث مع مؤرِّخ هو شيخ المؤرخين العرب مثل الدكتور نقولا زيادة، واسمحوا لي في البدء بعد الترحيب بضيفنا وبكم أنتم أيضاً أن أطرح أول سؤالٍ في هذه الحلقة حول مفهوم التراث وأسباب محاربة الكثيرين لهذا التراث.


مفهوم التراث وأسباب محاربته

د. نقولا زيادة: أعتقد أن الذين يحاربون فكرة التراث مجموعة من الفرقاء منهم من لم يقرأ هذا التراث، ولذلك هو -اسمحي لي أستعمل الكلمة- يقرف منه من بُعد.

ثانياً: جماعة قُرئ لهم هذا التراث بطريقة متعبة فلم يحبوه، الفرقة ثالث فريق يعتبر التراث نوعاً معيناً من التراث الناحية الدينية، الإسلام فقط هو التراث فهذا يجعل هناك خصوم له من الذين -لا أقول من غير المسلمين، ولكن حتى من المسلمين- الذين لا يقبلون بهذه النظرة الضيقة، لأن.. لكن أنا أظن إن التراث يستحق أن يُعرف، ويجب أن يُنشر، ويجب أن يُدَّرس، لكن أنا بدي.. أريد.. أتمنى على الله أن يكون هناك أشخاص يكتبون عن التراث كتابة صالحة لكل الناس العرب، وهذا ممكن، هذا ممكن عندما تُنزع السوسات من جزئه، السوسات لن تُنزع من الرؤوس، إذاً يجب أن يتقوى القائلون بوجهة نظري أنا، يتقووا ويفرضوا –بقدر الإمكان- آراءهم على الناس، الآن المشكلة بترجع مع إن إحنا عندنا القضية قضية البيضة والدجاجة أي واحدة سابقة للتانية، تيجي للقضية الثانية، لأن الثقافة في العالم العربي الآن تكاد تكون مستولى عليها من السلطة أو من الأحزاب القوية بدون السلطة.

كوثر البشراوي [مقاطعة]: صاحبة السلطة.. صاحبة السلطة.

د. نقولا زيادة: هذه.. هذه مشكلتنا نحنا، نحنا ليه.. مشكلتنا ليست في التراث، يا سيدتي، فيما أعتقد -على الأقل- الجماعات أو الأمم التي قرأت عن تاريخها أنا كلها لها تراث من هذا النوع، يعني عندما يتحدث الفرنسي عن التراث ويختلف البروتستانتي والكاثوليكي، أليس الفرق خلاف بينهما يعادل إلى درجةٍ ما.. ما يمكن أن يكون من الخلاف بين المسيحي والمسلم؟ حروب التي تمت على أيديهم، لكن تجاوزوا هذا، أصبحوا يفتشون عن الإنسان…

كوثر البشراوي[مقاطعةً]: وعن المشترك.

د. نقولا زيادة: نعم؟

كوثر البشراوي: وعن المشترك.

د. نقولا زيادة: ما هو.. ما هو الآن عندما نفتش عن الإنسان تفتيشاً نظيفاً عندئذٍ يشترك الناس في هذا العمل، لكن مادام أنا لا أرى الشمس تظهر إلا من هذه الزاوية، وذاك يراها من زاوية أخرى، المشكلة مشكلة كبيرة، وهل.. وهل تظنين إن القضية خلاف بين فئة من المسيحيين يقيمون في العالم العربي وفئة من المسلمين والمسلمين؟ لا، الخلاف بين المسلمين أنفسهم حول القومية.. القومية العربية، عدد الذين يقاومون القومية العربية من المسلمين –كُتَّاباً أقصد- أكبر بكثير عن الذين لا يقبلون بها من العرب، لأنها تتعارض في رأيهم مع نص الإسلام مع إنها –في رأيي أنا المتواضع- لا تتعارض.

كوثر البشراوي: دكتور، على.. على ذكر المسيحيين العرب، أعتقد وأنه -وأنت نموذج لذلك- أعتقد أنه المسيحي العربي أولاً هو عربي أولاً، وبالتالي لا يزاود عليه أحد في قضية انتمائه إلى هذه الخارطة العربية.

د. نقولا زيادة: وأنا واحد منهم.

كوثر البشراوي: إيه، ثانياً: ذوبان العنصر العربي المسيحي في إطار الحضارة الإسلامية هو جزء عادي، يعني المسيحي العربي هو مسيحي عربي ذا ثقافة إسلامية، وهذه هي ضلوع أو أضلعة الإطار الذي يُقيم فيه المسيحي العربي، ألا تشاطرني هذا الرأي؟

د. نقولا زيادة: هو فيه أكثر من هيك، المسيحي العربي كان في أول الأمر أحد المثقَّفين للمسلمين، لما ترجموا ونقلوا في العصور الأولى، يعني ليس هو وريثاً لثقافة إسلامية، هو وريث لثقافة عربية إسلامية، ولذلك.. لذلك هو عربي، الآن فيه هناك حدثت إنه في العالم العربي هذه المنطقة التي تعاقب عليها خلال السنوات الستة آلاف الماضية كل أنواع الأجناس البشرية وجميع أنواع العروق الإنسانية واللغات والحضارات، فيه منها جماعات مسيحية –أنا أريد أتحدث عن المسيحية الآن- ورثت أموراً قد تكون خارجة عن الإطار العربي، إما لأنها كانت بعيدة أو لأنها كانت اضطُهدت أو.. أو.. أو لأسباب مختلفة، هذه الفئات قد لا ترى في الثقافة الإسلامية شيئاً يخصها عندما تُسمى إسلامية، لكن عندما تُسمى عربية تنفتح لها، فقضية المسيحيين العرب، المسيحيون خدموا وقدموا دوراً كبيراً في إنتاج الحضارة العربية الإسلامية، هذه واحدة، لكن على مدى التاريخ هذه المنطقة التي سكنها أقوام مختلفة منذ ستة آلاف سنة على أقل تعديل وعروق جنسية متباينة، وكانت فيها تضاريس مختلفة جبلية وغيرها، استقرت في بعض نواحيها فئات مسيحية ابتعدت عن العالم كله، فهي لا تقبل الفئات المسيحية الأخرى، متعصبة ضدها وتعتبرها هرطوقية، وكلمة هرطوقي باللغة اليونانية معناها: كافر، إذا هذه لا يستغرب أن لا تقبل مثلاً الإسلام، لكن هذه لا تُمثل المسيحيين في العالم العربي، هذه تُمثل نفسه، التهم التي تُكال على يد عدد كبير من المسلمين أن المسيحيين لا يؤمنون بالتراث وأنهم يمالؤن الغربي، وأنهم يقبلون بالحضارة الغربية، فيها شيء كثير من التجني، وعندما يصدر عن قريب كتابي "المسيحية والعرب" ستعرفين هذا التاريخ بالتفصيل.

كوثر البشراوي: لكن إعادة قراءة التاريخ ليست سهلة دكتور.

د. نقولا زيادة: يا ستي.. يا ستي..

كوثر البشراوي: أنت.. أنت أنا أول مرة أشعر أني أمام مؤرِّخ يدعو إلى الأخذ بعين الاعتبار الناحية الشعبية، الأسطورة، الأهزوجة، العادات والتقاليد، الوشم، بيت الشعر، كل هذا بالنسبة لك أداة من أدوات قراءة التاريخ.

د. نقولا زيادة: مثلاً..

كوثر البشراوي: بدون تعالي على الناحية الشعبية.

د. نقولا زيادة: مثلاً، هناك من يكتُب تاريخ العرب الاجتماعي، جاء وقت من الأوقات قررت الجامعات العربية أن تُدرِّس شيء اسمه "المجتمع العربي" في كل فروعه، فصار كل محل كل جامعة يكتب واحد تاريخ المجتمع العربي، أتدرين ما كان.. ماذا كانت أكثر الكتب التي رأيتها؟ رأيت نحو خمسة أو ستة منها، قصص مأخوذة من الأغاني ومن الطبري ومن هون، فسُمي هذا "تاريخ المجتمع العربي"، هذا ليس تاريخ، هذه قصص عن المجتمع العربي، قلت لواحد مرة: ما بتخجل تسمي هذا تاريخ المجتمع العربي؟ قال لي: قلت له: اقرأ الكتاب الفلاني الذي كتبه واحد أجنبي عن تاريخ فلسطين الاجتماعي في القرن التاسع عشر، قال: شو الفرق؟ قلت له: أنت رويت القصص نقلتها، هذاك سأل: لماذا كُتبت هذه القصة؟ هل صحيح أن هذه القصة كانت كُتبت؟ ولذلك أخرجنا إلى أسباب ونتائج عن هذا التاريخ، هذا اللي بدنا إياه يعني، الذين يكتبون تاريخ الاقتصاد العربي الكثيرون منهم عم بيشاركوا، هو كتابة وصفية، أنا أريد من الكتابة التاريخية الكتابة تكون كتابة تحليلية حتى نصل إلى الحقائق ولتكُن مُرَّة، لأننا إذا لم نعرف الحقائق الحلوة والمرة نظل نسبح في شيء من الغيوم والأفاق، وأنا.. وأنا أعتقد أن التاريخ لا يمكن أن يبدأ في سنة كذا، التاريخ مستمر، ولذلك أدعو أنا الذين يريدون أن يكتبوا التاريخ العربي ويتحدثون يقرأوا بضعة كتب تتعلق بما قبل العرب وقبل الإسلام لفهم.. قلت لواحد مرة: يُروى حديث عن الرسول أن الإسلام جبَّ ما قبله كان يتعلق ببعض قضايا دينية اجتماعية، رُحت قلت له: أنتوا جبيتوا كل ما قبل الإسلام واتهمتوا الرسول فيه، لأ، ما فيه شيء انجب كله موجود، نحنا لحد الآن بدون أن نشعر نروي مرات قصص من قصص العرب في القرن التاسع عشر، وهي من الجاهلية وأقدم من الجاهلية، لماذا لا يفهم المؤرِّخ العربي قصة جلجامش؟ لماذا لا يفهم قصة الطوفان؟ لماذا لا يحاول أن يعرف ما الذي جرى خلال آلاف السنين السابقة لظهور الإسلام في العراق؟ أنا لا أريد منه أن يتخصص، لكن أريد منه أن يتعرف، فليقرأ كتابين أو ثلاثة لا أكثر ولا أقل، يصبح عنده فكرة، هذه الفكرة تساعد على فهم التاريخ العربي، هذه كمان من مشاكل كتابة التاريخ العربي فالتضييق والحشر.. وفي.. في مصر في كلمة لطيفة لأ، في تونس فيه كلمة لطيفة الشارع الضيق يسموه "زنقة" هذا نعم نحط التاريخ في زنقة ونقول: هذا التاريخ، أنا أريده في الشارع الواسع، في (…) حتى يتهوى يتشمس، وعندئذٍ يُصبح له معنى، وطعم، ورائحة، وأثر في تنمية معنى الأمة ومعنى القومية العربية، ساعتها بيكون إله قيمة، لكن مادام نحنا بنكتبه بهذا الشكل ونحطه في الزنقة.


جمعية العروة الوثقى وحلم القومية العربية

كوثر البشراوي: طيب دكتور، حبيت أفهم شيء من العروة الوثقى إلى انهزام أو قسم ظهر هذا الحُلم عام 67، هل هناك شيء يُذكر؟

د. نقولا زيادة: ماذا.. ماذا تقصدين بالعروة الوثقى؟

كوثر البشراوي: من الجامعة الأميركية عام 24 من جمعية العروة الوثقى، وأنت كان عندك علم عنها، وكان في هذا.. هذا الحلم القومي إلى 67، هل هناك مراحل مهمة ممكن أن تُذكر؟

د. نقولا زيادة: العروة الوثقى كانت ناشطة جداً بشكل خاص قبل الحرب العالمية الثانية، وهذه أنا لا أعرف أنا عنها شخصياً، أعرف بالواسطة، بشكل خاص كانت تكريم لعدد كبير من الأدباء العرب، يلقون محاضرة في الجامعة الأميركية، لكن الطلاب أنفسهم يتحدثون، أنا عرفت من أعضاء العروة الوثقى خارج الجامعة، أنا قبل أن آتي للجامعة فعلاً كانوا هادول يمثلون وجهة نظر قومية عربية –اسمح لي أستعمل الكلمة الضرورية إلها- نظيفة لا.. مصلحة فيها، جاءت بعدين لما دخلت.. وصلت أن للجامعة الأميركية كانت الحرب العالمية الثانية قد مر عليها أربع سنوات وهي منتهية، أنا جئت 49..

كوثر البشراوي: 49..

د. نقولا زيادة: كان فيه.. في الجامعة الأميركية بقية للعروة الوثقى، وكان لها نشاطات قومية وأدبية.. وكان دائماً يكون أحد الأساتذة العرب هو مستشاراً للعروة الوثقى، أنا أعرف أنه في وقت من الأوقات كان (قسطنطين زريق) من قبل (جبرائيل جبور) كان، لكن أنا لم يكن لي لا شرف ولا عمل إستشاري.

كوثر البشراوي: في إطارها.

د. نقولا زيادة: لكن كنت أنا أتحدث معهم، أنا بهذه المناسبة في أواسط سنة 1950 بعد مجيئي على الجامعة بمدة قصيرة أوائل الخمسين جاء الطلاب، بعض الطلاب وطلبوا مني أن نتحدث عن القومية العربية، فكنا نجتمع مرة في الأسبوع 7 أو 8 نلتقي ونتحدث، نثير القضايا المتعلقة بها الشكوك والريب والصحيح، كما أفهمه أنا، لكن المهم لم تكن محاضرة، كان أخد وعطاء، نجتمع ساعة مرات تمتد الساعة إلى أكثر من الساعة، ظل هذا الأمر نحو سنة ونصف، ثم بدأ هؤلاء يتخرجون ويتفرقوا، لكن لم يستقطب الباقون آخرين، فانحلت هذه، لكن هذه ما كانت جمعية، هذه كانت الواقع على هامش العروة الوثقى إنما لعدد محدود، لكن العروة الوثقى بعدين في الستينات صارت فيها حركة القوميين العرب التي يُعزى تأسيسها لـ (جورج حبش)، فصارت الحركات في الجامعة تقوم ليست على هدوء..، ساحة وضجة وإلى آخره، فكانت النتيجة إن مجلس شيوخ في الجامعة قرر إلغاء أو وقف حركات العروة الوثقى، لا أذكر تماماً أي سنة كان هذا، لكن أرجِّح أنه كان في أوائل الخمسينات، في النصف الأول من الخمسينات، بعدها صارت الأمور أمور تكتلات.. ومن سوء الحظ أن قيام الثورة المصرية بقيادة الضباط الأحرار مع عبد الناصر حملت عدداً كبيراً من طلاب الجامعة والآخرين على شيء كثير من الأمل الهوائي، فصار التصرف رجعنا فيه لأيام التصرف الأهوج شوية فيه، صار فيه تكتلات عرب، كتائب، أصلاً إحنا بالأول عدد الطلاب اللبنانيين كان قليلاً لما جاء عدد من الطلاب اللبنانيين من الموازنة صار فيه كتائب لهم، فصار فيه تكتلات سياسية في الجامعة كتيرة، هذه بطبيعة الحال توقفت لما بدأت الحرب اللبنانية وكل شيء توقف عن السير، فالواقع الآن نرجع مرة ثانية لسؤالك الأول، بدي أكرر مرة ثانية ما قلته أنا، أنا لا أزال أؤمن بأن هناك قومية عربية، صحيح أنها ليست مشتعلة الآن، هي تكاد تكون شموعاً متفرقة.

كوثر البشراوي: لكنها حقيقة يعني.. هي واقع..

د. نقولا زيادة: لكن هذه الشموع موجودة، وهذه الشموع يجب أن تُصبح في يومٍ من الأيام لمبة كهربائية صغيرة ثم نور أكبر، لكن لحد الآن.. يعني الآن مش لحد الآن ما فيه مؤسسة استطاعت أن تُثير هذا النور من الشمعة إلا على الأقل القنديل اللي كنا نستعمله الجاز تبع رقم.. نمرة 10..

كوثر البشراوي: 10..

د. نقولا زيادة: لكن أنا آمل في..

كوثر البشراوي: دكتور، اسمح لي أواصل الآن استمر معك مع السيرة الذاتية.

د. نقولا زيادة: أهلاً..


مغادرة القدس وبداية عمله في الجامعة الأميركية في بيروت

كوثر البشراوي: ونصل إلى عام 47 العام الذي غادرت فيه القدس متوجهاً مرة أخرى إلى لندن، ولكن هذه المرة تُخلِّف وراءك بلد في حالة توتر بلد ستُحرم منها أعتقد..

د. نقولا زيادة: وقد حُرمت.

كوثر البشراوي: إلى.. إلى يومنا هذا، لحظة المغادرة عرفت كيف؟ تارك عائلة وتارك وطنه، وكنت تخشى على الجميع..

د. نقولا زيادة: لأ، أنا لما غادرت فلسطين كنت آمل بالرجوع، لأنه بعد وصولي للندن لبعض الوقت صدر قرار التقسيم، لكن لما وصلت (مرجريت) للندن قالت: شعرت لما تركت القدس أنها لن تعود إليها، مرتي قالت هذا.

كوثر البشراوي: طيب لندن لماذا عُدت إليها؟

د. نقولا زيادة: عُدت إليها، لأني حصلت على بعثة مرة ثانية للدراسة للدكتوراه.

كوثر البشراوي: كانت عندك منحتان؟

د. نقولا زيادة: منحتان نعم.

كوثر البشراوي: منحة فلسطينية ومنحة بريطانية.

د. نقولا زيادة: لأ، في الفلسطين من الحكومة ومن.. المجلس البريطاني.

كوثر البشراوي: إيه بجانب الحديث أسأل على المنحة الفلسطينية اللي انتهت فلسطين عام 48، وأنت مازلت تنتظر في منحة قد يكون صاحبها تلاشى من الوجود.

د. نقولا زيادة: لأ، هي المنحة لي كانت لسنة واحدة من فلسطين، إذا لم تكن منحة كانت إجازة دراسية بمرتب كامل، هذا في الواقع، وكانت سنة فقط، أنا حسبت أنني سأستطيع أن أحصل على إجازة إما تُمدد لي الإجازة بمرتب أو أعمل في.. في إنجلترا في سبيل إن أخلص الدكتوراه، ما لزم الأمر هذا، لأنه راحت فلسطين في نفس الطريق، ففي هذه الفترة كان انتقلت أنا من التاريخ.. الاهتمام بالتاريخ القديم إلى التاريخ العربي الإسلامي، ورسالتي كانت عن أيام المماليك بلاد الشام في أيام المماليك، وكما وصفت نفسي أنا لصديق لي كتبت له رسالة قلت أنا أجد نفسي الآن هذا ببعد 48 في هذا البلد لا بيت لي، لا وطن لي، لا عمل لي ولا وطن لي، هذا الواقع، لكن زوجتي لما وصلت إلى لندن أول شيء قالت لي بعد السلام وسلمنا على رائد.. رائد كان عمره 18 شهر، ما تعرف عليَّ، لأنه (سين) تعرف غريب على قلم الحبر اللي كان معي،كان يحبه كتير قلم كبير، مرات يمسكه يلعب فيه، طلع لي.. لما مسكت قلم الحبر فلقيته يبتسم، فبعدها هاديك اللي قالت لي نقولا، أنا لما تركت القدس شعرت أنني لن أعود إليها، ويمكن يكون شعور زوجتي بهذا أدق من شعوري، لأنه إحنا لما بنتعلم نصير مرات نتفلسف كتير.

كوثر البشراوي: طيب دكتور نقولا، عام 48 وأنت في لندن وكما ذكرت، jobless, stateless و Homeless لا وطن، ولا عمل، ولا بيت ولا وطن، أعتقد وقت هذا نحسب عمرك بالضبط يطلع يا سيدي 48 نقص منهم 3 = 41 سنة، طيب، إنسان عمره 41 سنة يُطالب فجأةً بألا يلتفت إلى الوراء، في هذا الضياع كيف فُتحت أمامك الأبواب أمام الجامعة العربية.. الجامعة الأميركية في بيروت.

د. نقولا زيادة: أنا بدأت.. بدأت..

كوثر البشراوي[مستأنفةً]: وبأي جواز سفر؟ وبأي هوية؟ من.. من.. من أنت لتتواجد؟

د. نقولا زيادة: بدأت.. بدأت أبحث عن عمل قبل أن أنتهي الدكتوراه، فكان أمامي الخيارات التالية:

1-أن أذهب إلى نيجيريا، لأنه كان فيه مركز للجامعات الواقع في الإمبراطورية البريطانية للتفتيش عن أساتذة إلها في نيجيريا كانوا بحاجة إلى مدير للدراسات رئيس فرع الدراسات العربية الإسلامية في جامعة عاصمة نيجيريا، شو اسمها؟..

كوثر البشراوي: نسيت اسمها..

د. نقولا زيادة: هذه واحدة، الثانية: كانت جامعة الخرطوم على وشك أن تُوسع قسم التاريخ فيها، وكان هذا احتمال تاني.

الاحتمال الثالث كان الجامعة الأميركية، لأنه لي أصدقاء فيها، والأمر الثالث.. الرابع كان أن الإدارة البريطانية في بنغازي في برقة في ليبيا كانت بحاجة إلى مساعدٍ لمدير المعارف الإنجليزي، وكانوا يحبون أن يكون عربياً إن أمكن، كان فيه واحد عربي سوداني وطلع، فأنا فيه ناس بأعرفهم قالوا لي عن هذا فقدمت طلب، يعني ما الذي حدث في هذه الخيارات الأربعة؟

السودان قرر أن يؤخَّر توسُّع قسم التاريخ، شطبنا على واحدة.

نيجيريا وصلت القضية أنني أُعطيت أسبوعاً للتقليل فيما إذا كان.. يعني قُبلت إذا كنت أقبلها قالت لي مرجريت: بلا نيجيريا، شطبنا على نيجيريا، الجامعة الأميركية ما كان جاء لسه ما تقرر، فأنا كان أمامي ليبيا أخذتها ورحت، واشتغلت في ليبيا أنا نحو خمسة شهور مساعد مدير معارف، لكن في طريقي إلى ليبيا تركت مرجريت ورائد في بيروت عند أهلها كانوا صاروا هون، وذهبت وحدي مررت على عميد.. لأنه لم أجد واحد من صحابي كان الدنيا صيف، مررت على عميد الكلية قال لي: أنا كنت الآن بدي أكتب لك رسالة أعرض عليك عمل لمدة سنة واحدة، لأن (قسطنطين زريق) أخذوه رئيساً لجامعة دمشق ومحله فاضي في قسم التاريخ، بدنا نعرض عليك لسنة، لأنه قسطنطين زريق رايح لسنة، فتحدثنا أنا وياه وتحدثنا حتى عن المعاش، لكن لأنني لم أُرد أن أرتبط قلت له إذا بتعمل معروف تكتب لي المكتوب أعطيه لبنغازي قال: ما العنوان؟ قلت له: لما أوصل لبنغازي أبعت لك العنوان، أنا تعمدت أنا حتى أشوف شو بيصير، فإذا تأتيني برقية –من العميد لبنغازي- اتفاقية لـ3 سنوات حتى ما يعرفوا الناس شوا المسألة، كتبت الجواب في كلمة واحدة accept أقبل، بس وانتهيت من عملي جئت إلى الجامعة، فهذه كلها ظروف بينها معرفة شخصية، بينها التفنيش، بينها.

كوثر البشراوي: الحظ..

د. نقولا زيادة: حظ كانت النتيجة إنه جئت إلى مكان ما أظن كان يمكن أن أُسعد بمكان أكثر منه للتعليم والعمل.

[فاصل إعلاني]


الجامعة الأميركية في بيروت وذكريات نقولا زيادة فيها

كوثر البشراوي: دكتور، على يميننا الآن البوابة الرئيسية للجامعة الأميركية ولم تتغير البوابة.

د. نقولا زيادة: لم تتغير هذه كما.. كما وضعت في الأول، كل ما هناك أنها تنظف كل حين وآخر.

كوثر البشراوي: طيب البوابة هي تفتح لنا أبواب على تاريخ هذه الجامعة اللي أنت قضيت فيها 22 عام.

كوثر البشراوي: خبرنا عنها شوي؟

د. نقولا زيادة: 24.

كوثر البشراوي: 24 معذرة..

د. نقولا زيادة: يا سيدتي، أولاً: هناك تغيُّر واحد بسيط على البوابة العامة كان مكتوب عليه أن لمَّا أُنشئت الكلية السورية الإنجيلية، الآن مكتوب عليها الجامعة الأميركية في بيروت، هذه الكلية أُنشئت سنة 1866.

كوثر البشراوي: لكن لماذا سُميت الكلية السورية؟

د. نقولا زيادة: في ذلك الوقت لم تكن هناك وحدات سياسية كما هي الآن، كان يُعتبر.. تُعتبر كل المنطقة هذه سورية، هي ولاية سورية كانت في الشام، هذه كان اسمها ولاية بيروت، لكن بالنسبة للأجانب كان هذا كله Syria من هنا سُميت سوريا، أما تسميتها الإنجيلية، لأنها بروتستانتينية، هذا السبب، ففي السنوات الأولى كانت الكلية تقوم بعملها في بيتٍ مستأجر في المدينة، ثم بُني أول مبنى فيها كان حيث يقوم هذا المبنى الحديث الآن، هذا المبنى الحديث الآن، هذا المبنى بُنى سنة 1873، وهو أقدم مبنى كان في الجامعة كلها، من أبنية الجامعة، وظل قائماً إلى سنة 1991 يوم نُسف وسقطت أكثر أجزائه، ورؤى أنه لا يمكن إصلاحه، فهدم الباقي، وجاءت التبرعات من خريجي الجامعة ومن.. إلى آخره، فبُني هذا المبنى وسُمي نفس الاسم College Hall، أي مبنى الكلية.

كوثر البشراوي: دكتور، في أي عام التحقت بالجامعة الأميركية؟ وكيف كانت الظروف أيام زمان؟

د. نقولا زيادة: أنا التحقت بالجامعة الأميركية سنة 1949، وظللت أُعلِّم فيها إلى سنة 1973 أي ما يقرب من ربع قرن، كانت الجامعة أصغر عدداً، يعني الطلاب أظن في ذلك الوقت لم يصل عددهم إلى أربعة آلاف، هذه واحدة، الأمر الآخر إنه أكثر الأقسام في الجامعة كانت كان التعليم فيها مُشتركاً أي أميركي وعربي باستثناء قسم اللغة العربية والتاريخ العربي.. التاريخ العربي الإسلامي كل هذا كان يُدَّرس باللغة العربية، لكن في سبيل أن نُعطي تاريخنا صبغة أوروبية أو تعليماً أوروبياً كنا نُعطي أيضاً، كنت أنا أُدِّرس تاريخ العرب والمسلمين بالإنجليزي للأميركان، لكن زملائي كانوا يدرسون باللغة..، كان طبعاً القسم الذي كنا نقدمه للعرب كان مختصراً، يعني كان سنة واحدة مع أن الطلاب الذين كانوا يتخصصون بالتاريخ كانوا يأخذون تاريخ العرب على مدى سنتين، هذه فيما يتعلق بحصتنا نحنا، أنا كنت غريب على بيروت لما جيت، بمعنى أنني يعني صحيح زرتها مرتين تلاتة، لكن الزيارة هذه يومين تلاتة أسبوع لا تكفي فبدأت أتعرف عليها.

كوثر البشراوي: كنت واصل من الناصرة؟

د. نقولا زيادة: لأ، أنا كنت آتٍ من لندن، كنت في لندن أعمل على الدكتوراه، خلصتها وسنة 48 راحت فلسطين، فأنا جيت من لندن الواقع، يعني حتى أنا لم أدخل لبنان كلاجئ فلسطيني، ولم أُسجَّل كلاجئ فلسطيني، كان فيه مشكلة عندي أن أؤقلم الطريقة البريطانية التي تعلمت عليها إلى الطريقة الأميركية، الأميركي كان بتتعامل مع السنة كنصفين.. منقسمين، البريطاني ينظر إلى السنة.. أنا أصلاً علاقتي بالجامعات البريطانية لم تكن قضية دراسة إعداد للدكتوراه، أنا درست الـB.A في جامعة لندن في university College الكلية الجامعية، لذلك فأنا متأثر بالـ.. Undergraduate فهذه كانت بدأت يتعود عليها الواحد، لكن أنا على ما يبدو أتأقلم، ولذلك مشي الحال.

كوثر البشراوي: دكتور، إذاً بيروت دخلت إليها من بوابة الجامعة الأميركية وهي على يميننا، بيروت ماذا قدمت لك من خلال فترة الجامعة الأميركية؟

د.نقولا زيادة: أولاً: بيروت أعطتني منبراً واسعاً منبر أتكلم منه، عندما كان يُقال نقولا زيادة أستاذ في الكلية العربية في القدس يقرأ للناس في فلسطين، لكن أستاذ في الجامعة الأميركية أُقرأ في سوريا، وأٌقرأ في العراق، وفي لبنان يمكن حتى قد أٌقرأ في مصر، هذا المنبر الذي قصدته، عندما أتحدث أنا في بيروت حتى للمحاضرة يعني فيُقال هذا من الجامعة الأميركية، هذا.. هذا شيء نفعني أنا شخصياً، ولم أستغله، ولكنني استفدت منه.

كوثر البشراوي: دكتور، حبيت أعرف حاجة، لما غادرت، أعتقد المبنى اللي كان فيه مكتبك تغير، والآن لو تبحث عن المواقع الحقيقية اللي كنت أنت تقضي فيها معظم أوقاتك لشعُرت بالغربة لأنه المبنى ليس هو الأول، هل هناك شيء من الحنين، من الاشتياق، من الحزن لما تدخل هذه البوابة مرة أخرى؟

د.نقولا زيادة: هذا المبنى الجديد (College Hall) اللي عمره سنة ونص دشن قبل سنة ونص، كان مكانه المبنى القديم الذي كان.. وسعني 22 سنة من الـ 24 سنة اللي قضيتها، كان مكتبي وتعليمي في جزء كبير منه هنا، لمَّا نُسف نزلت من البيت وجئت هون فوجدت الحجارة وقفت وبكيت، بعدين بٌني هذا محله، عندما أدخل لا أجد نفس الطرق والأشياء، لذلك أشعر بغربة قلما آتي أنا هنا، لاحظت الطلاب ها دول الشباب لم أعرف أهما أساتذة زائرين في قسم التاريخ، لأنه ما باجي.


مرحلة ما بعد الجامعة الأميركية واعتزال نقولا زيادة التدريس

كوثر البشراوي: دكتور، مرحلة الجامعة الأميركية تحدثنا عنه في الجامعة الأميركية إذا فيه شيء نسيته اتفضل، وإلا نمر بعد فترة 73 أعتقد من مراحل أحزانك، عام 74 وفاة السيدة (مرجريت شهوان) زوجتك، وأمامك أطفال، أمامك مستقبل، أمامك.. أمامك أبواب أخرى لابد أن تُفتح، يا ريت تذكرني بيها؟

د.نقولا زيادة: أنا باختصار ما عملته من حيث العمل التعليمي بعد 73 يشمل ما يأتي أولاً: سنتين في الجامعة اللبنانية، ثم بدأت الحرب، فذهبت إلى الجامعة الأردنية قضيت سنتين 76 لـ78 في هذه الأثناء عندما كنت آتي إلى بيروت كنت بدأت أُشرف على رسائل الدكتوراه في التاريخ العربي في الجامعة اليسوعية جامعة القديس يوسف فكنت أنا لما أجي بالزيارات أشوف الطلاب أقابلهم، يعني عدد الذين نالوا شهادة الدكتوراه من.. عن يدي في جامعة القديس يوسف حول 22 واحد، فهذه كانت مستمرة، رجعت من الجامعة الأردنية سنة 78 علَّمت في الجامعة اللبنانية ثلاث سنوات أُخرى، ثمَّ علَّمت في كلية اللاهوت للشرق الأدنى في بيروت أستاذاً غير متفِّرع إلى سنة الـ71.. 91، في سنة 1991 قررت أن أكف عن التعليم، بعد 67 سنة في التعليم.

كوثر البشراوي: ما شاء الله.

د.نقولا زيادة: يعني بها المناسبة هذه في أثناء ما كنت في الجامعة الأميركية كان عندي السنة السباعية، أول سنة قضيتها بين لندن وجامعة هارفارد، في لندن قمت بأبحاث في جامعة هارفارد درست، في سنة 62،63 قضيتها في هارفارد كاملةً، كنت أدرَّس وعملت شوية أبحاث كتبت كتابي عن دمشق في أيام المماليك بالإنجليزية هناك، ثمَّ آخر سباعية لي 1971.. 70، 71 قضيتها في ثلاثة أماكن، واحدة منها كنت نصفها كنت زائر في الهند في جامعة علي دار الإسلامية، وفي الجامعات العثمانية في حيدر أباد، وفي بومباي، والقسم الثاني من هذه السباعيات قضيته في ألمانيا زائراً لست جامعات للتحدُّث مع أساتذة التاريخ العربي والإسلامي في قضاياهم في حالات ألقيت محاضرات ألقيتها بالإنجليزي طبعاً، فيه حالات عملت ندوات مع طلاب الدراسات العليا، فهذه علاقتي التعليمية بالخارج عشان هيك ذكرتها، لكن أنا كل الفترة هذه.

كوثر البشراوي: من 91 تماماً أغلقت باب التعليم؟

د.نقولا زيادة: آه، .. أقفلته بالمرة، لسبب بسيط جداً الحمد لله ولادي حالتهم منيحة وطيبين معي، فأنا متقاعد على حسابهم.

كوثر البشراوي: الله يخليك ليهم.

د.نقولا زيادة: ولذلك.. لكن أنا لم أترك الكتابة في وقتٍ من حياتي، يعني أول كتاب نُشر لي سنة 1943 "رواد الشرق العربي في العصور الوسطى" وآخر كتاب صدر لي كُتيب صغير اسمه: "في سبيل البحث عن الله"، وسيصدر لي قريباً كتاب اسمه "المسيحية والعرب" في أثناء هذه عدد الكتب التي كتبتها نحو أربعين.

كوثر البشراوي[مقاطعةً]: إلى جانب اللغة الإنجليزية.

د.نقولا زيادة: نعم؟

كوثر البشراوي: إلى جانب الكتابة باللغة الإنجليزية.

د.نقولا زيادة: هذا بالعربية، بالإنجليزية فيه ستة وهناك عشرة مترجمة، تسعة من الإنجليزية وواحد من الألمانية، المقالات كثيرة، والإذاعات أكثر بالعربية والإنجليزية، الآن أنا لا أعلَّم، لكن في أحيان كثيرة يأتي الطلاب إما عن معرفة أو عن توصية لسؤال دايماً الجواب: اتفضلوا إذا وجدت عندي شيء أستطيع أن أقدمه لكم لطلاب الدراسات العُليا فليكن، استطعت أن أرشدكم فليكن وإلا فأعتذر وأتعرف عليكم.

كوثر البشراوي: طيب أنا الآن.

د.نقولا زيادة: هذه باختصار الآن.. الآن بأكتب وبأقرأ، لكن عدد الساعات أقل بسبب السن عيناي أصبحتا ضعيفتين، لكن ولله الحمد بعد أقرأ وأكتب.

[في الحلقة القادمة]

د. نقولا زيادة: نحن نخاف من العولمة على ثقافتنا، نحن قد (…) أريدها أن تقاوم.. أريدها أن تكون قوية بحيث تصبح جزءاً من هذه العولمة.

كوثر البشراوي: أصدقاءنا المشاهدين، ذاكرة الزمن تزدحم بالحوادث، وذكرياته ضيفنا تزدحم بالمفرح والمحزن، لذلك أقول: للذكريات بقية، وللحديث بقية، إلى اللقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.