تحت المجهر

سويسرا.. الحياد المسلح

خصصت حلقة (30/9/2015) من برنامج “تحت المجهر” موضوعها لسويسرا، البلد المعروف بحياده وديمقراطيته المباشرة، غير أن الحلقة تكشف أن الشعب السويسري مسلح تسليحا عاليا، وفق ضوابط ومحددات تحول دون انفلاته.

ماذا يعرف المشاهد العربي عن سويسرا؟ بلد البنوك والشوكولاتة والأمم المتحدة. لا يعرف كثير من الناس أن سويسرا تعيش في أمن وأمان دون جيش يحمي الحدود. وفي الوقت نفسه تتوفر على نمط فريد من الديمقراطية تسمى الديمقراطية المباشرة، إذ يعيش على أرض سويسرا مواطنون من 26 مقاطعة، متعددو الثقافات واللغات والأعراق.

لكن كيف تحافظ على استقرارها وتوازنها وأمنها رغم هذا التباين والاختلاف والفرادة في شكل الحكم؟ هذا ما كان جوهر ما حاولت الإجابة عليه في حلقة "تحت المجهر"، "سويسرا.. الشعب المسلح".

تربطني علاقة قوية بسويسرا ولدي أصدقاء كثيرون هناك، ولذلك اهتممت بتعميق معرفتي بالديمقراطية المباشرة، وكان النظام السويسري مهما جدا في مسار المعرفة هذا.

خلال صنع الفيلم أدهشني سلاسة تعامل المواطنين السويسريين مع الأسلحة بالرغم من عدم اقتناعي بوجهة نظر الداعمين الراديكاليين لمبدأ الشعب المسلح، والتي تقول إن الإنسان الحر هو من يمتلك سلاحا.

لهذا حاولنا أن نربط بين موضوعي السلاح والديمقراطية، فجاءت النتيجة مثيرة وأكثر الآراء عمقا كان تحليل د. ساندرو كاتاشين أستاذ علم الاجتماع في جامعة جنيف، الذي نبه إلى عيوب نظام الاستفتاءات الديمقراطي عندما لا يحميه كيان  دستوري قوي، كما حدث عندما استغلت مخاوف المواطنين فوافقت الأغلبية على قوانين تحد من الحريات الدينية وحرية تنقل المهاجرين.

لقائي بعائلة فيليو الذين يظهرون في الفيلم كان مهما جدا للوصول إلى توازن بين أفكاري الحائرة، فقد جعلني أدرك كيف يمكن للإنسانية أن تتخطى التعلق بتراث ثقافي إقليمي، واكتشفت قدرة المواطن السويسري على الجمع بين لطف غير متوقع وحب لهواية رماية الرصاص، وامتلاك الأسلحة الفتاكة.

أتمنى أن يقدم هذا الفيلم للمشاهد العربي أفكارا تساعده على تعميق نظرته تجاه الاستخدام السليم للسلاح، خاصة في وقت تنتشر فيه الأسلحة دون حساب في أكثر من دولة عربية وبطريقة غير نظامية، مما يشكل تهديدا دائما لمفهوم الديمقراطية.

مانولو لوبيكيني