تحت المجهر

ساقط قيد

تناولت حلقة الأربعاء 12/2/2014 من برنامج “تحت المجهر” قضية “ساقطو القيد” في مصر، وهم مواطنون بلا هوية إدارية يعيشون خارج السجلات الرسمية, توارثوا وضعهم الغريب أبا عن جد.
تناولت حلقة الأربعاء 12/2/2014 من برنامج "تحت المجهر" قضية "ساقطو القيد" في مصر، وهم مواطنون بلا هوية إدارية يعيشون خارج السجلات الرسمية, توارثوا وضعهم الغريب أبا عن جد.

ففي مصر ما بين سبعة وعشرة ملايين مواطن بلا هوية ولا ملامح إدارية، يتزاوجون ويتوالدون في استمرارية غير مفهومة لمعاناة لم تتبنَ الحكومات المتتالية قرارات حقيقية لتسويتها رغم مجهودات عدد من الجمعيات الأهلية التي تبنت القضية.

خارج الإحصائيات
السيد أحمد ونعيمة عبد العظيم وصبحية مرزوق وسيدة عبد ربه مجرد أسماء لم ترد في أي سجل رسمي في الدولة المصرية، رغم أنهم موجودون في الواقع ونبتوا من تربة الوطن، ويمشون في الأسواق، ويبيعون ويشترون، ويحبون ويتزوجون ويمنحون الحياة لأسماء جديدة تتكرر معها الحكاية كأنها مسلسل بلا نهاية.

هم خارج الإحصائيات الرسمية وخارج دائرة الاهتمام الحكومي، لكنهم يُستغلون دوما في الانتخابات وفي أقسام الشرطة، حيث تلفق لهم التهم وتغلق بهم ملفات القضايا.

يرافقهم الخوف في كل مكان، فهم من دون بطاقات هوية، والشرطة منتشرة في كل الدروب، وهم بالتالي الحلقة الأضعف والأقرب للاستغلال.

مآس وآمال
في حلقة "ساقط قيد" تحكي الشخصيات عن معاناتها وعن أحلامها، عن الحاضر بمآسيه، وعن المستقبل بآماله.

حاول كثيرون منهم تسوية أوضاعهم، لكن دوامة التعقيدات الإدارية التي لا تنتهي كثيرا ما تدفعهم للتخلي عن الموضوع والقبول بالأمر الواقع وتوريثه لأبنائهم.

يجد ساقط القيد نفسه بلا شهادة ميلاد ولا أي وثيقة ثبوتية أخرى، وهو بذلك ممنوع من الدراسة ومن ولوج الوظائف الحكومية، ويجد صعوبة كبيرة في العمل بالقطاع العام أو الخاص.

زواجه عرفي غير رسمي، وأبناؤه أطفال بلا هوية ومشاريع ساقطي قيد جدد سيكررون المأساة، لا يستفيدون من عناية صحية ولا مساعدات اجتماعية ولا كوبونات عيش أو زيت أو مؤونة.

في هذه الظروف يعيش "ساقطو القيد" تحت تأثير ضغوط نفسية رهيبة تضاف إلى الضغوط الاقتصادية والسياسية العادية لتفرز شريحة مهمشة ومحرومة من أبسط حقوق الإنسان، وهي الاعتراف الرسمي بوجودها ككيان آدمي وكمواطن له حقوق توازي الواجبات التي تطارده في كل مكان.

ويعد ساقطو القيد في البدء والانتهاء ضحايا تركيبة إدارية بيروقراطية لا تعترف بغير الأوراق إثباتا للوجود.

شماعة
ويتحدث مختصون في الحلقة كيف أن ساقطي القيد أصبحوا شماعة تعلق عليها كثير من الأحداث التي عرفتها مصر في السنوات الأخيرة لمجرد أن الجناة مجهولون أو يتم التستر عليهم.

لكن الملايين من ساقطي القيد -الذين يصلون حسب إحصاءات المجتمع المدني إلى عشرة ملايين مصري- مستمرون في وضعيتهم دون أن تهتم الجهات المعنية بكل المخاطر المترتبة عن انتشارهم في الأرض دون هوية ولا عنوان.

ساقطو القيد مثال على أن مفهوم المواطنة لا يزال حكرا على فئة من الشعب دون أخرى.