تحت المجهر

عابرون من الموت

مهاجرون فلسطينيون وسوريون يروون لحلقة 8/10/2014 من برنامج “تحت المجهر” معاناتهم مع اللجوء، وذكرياتهم الأليمة لفقدان أحبة لهم في حادث غرق سفينة بسواحل إيطاليا عام 2013.

امتدت مواقع تصوير هذا الفيلم بين ثلاث دول هي إيطاليا ومالطا والسويد. وكان الهدف ممثلا في الوصول إلى عائلات الناجين من غرق سفينة اللاجئين الفلسطينيين والسوريين يوم ١١ أكتوبر/تشرين الأول 2013، تم توزيعهم على مالطا وإيطاليا.

بدأنا التصوير في صقلية وحاولنا التحدث مع السلطات المختصة بحماية الأقليات، غير أن دواع أمنية لم تمكنا من تصوير لحظات لمّ شمل العائلات.

وفي المقابل سمح لنا بالتصوير على مركب غادر من لامبيدوزا باتجاه الأرجنتين وعلى متنه مهاجرون سوريون صغار.

قضينا أكثر من أسبوعين في لامبيدوزا وقابلنا العديد من المهاجرين المقيمين في مركز الاستقبال والإسعافات الأولية، ووفقنا في ربط علاقات صداقة معهم سهلت مهمة حكي القصص علينا وأيضا مهمة الوصول إليهم في ميلان بعد مغادرتهم لامبيدوزا.

لم يكونوا راغبين في البقاء في إيطاليا بل كانوا يرومون الوصول إلى دول شمال أوروبا كالسويد باعتبارها أول دولة في الاتحاد الأوروبي منحت إقامة دائمة للاجئين من سوريا. لكن حلمهم يواجه بعدم قانونية تنقلهم داخل الاتحاد الأوروبي، طبقا لاتفاقية دبلن، مما يحولهم إلى لقمة سائغة للمهربين الذين يتكاثرون بشكل رهيب.

قررنا مغادرة ميلان في اتجاه مالطا للوصول إلى العائلات التي نجت من مأساة أكتوبر. رووا لنا قصصا مريعة أثرت فينا بشكل كبير. منهم من فقد الزوجة أو الأبناء أو هما معا. ألمهم كان كبيرا لدرجة أنهم لم يسمحوا لنا بتصوير وجوههم فاحترمنا مشاعرهم وقرارهم.

في السويد كانت عائلتان أخريان بانتظارنا. حكايتهما تلخصت في أن الآباء أنقذوا من قبل السلطات في مالطا، وتم إنقاذ الأطفال عن طريق السلطات الإيطالية، مما تسبب في انفصالهم عن بعض لأسابيع حتى تمكنوا من الاستقرار بالسويد.

أطفالهم كانوا لا يزالون تحت الصدمة وكانت حالتهم النفسية سيئة نتيجة للتجربة القاسية التي تعرضوا لها. هؤلاء أطفال واجهوا المأساة في البحر في البدء وفصلوا عن آبائهم في ما تلا من أحداث..

في المدينة الفاضلة يحق لكل فرد إنقاذ نفسه وعائلته لكن الواقع مختلف. أجبروا على السفر إلى أوروبا عن طريق البحر لغياب وسيلة قانونية ومشروعة للوصول إلى هناك، والحكومات الأوروبية لا تساعد المهاجرين إلا حين يصيرون على أراضيها.

حلمهم هو العودة إلى سوريا يوما ما فبعضهم يساوره الشعور أنه سمكة أخرجت من مياهها الطبيعية. لقد تأثرنا بحكاياتهم على طول رحلتنا. كانوا يشعرون باليأس وأكثرهم لم تعد لديه رغبة في الحياة. نجاتهم من الغرق ليس نهاية الحكاية فلا يزال أمامهم نضال مضني لاستكمال رحلتهم إلى بر الأمان المادي والنفسي.

إخراج: كريستينا بوكيليني وأيمن الجازوي