صورة عامة من تحت المجهر
تحت المجهر

رحلة مصطفى البرزاني ج2

تستكمل الحلقة في جزئها الثاني سيرة حياة مصطفى البارزاني، الذي قضى 12 سنة في المنفى السوفياتي وعاد عام 1958 بعد انقلاب عبد الكريم قاسم على الملكية في العراق.

– علاقات في الشرق والغرب
– علاقات في سبيل المعركة والنهاية المأساوية

undefined

علاقات في الشرق والغرب

أحمد الزاويتي: نمسح الغبار عن أيام مضت لتاريخ لم يبق لأصحابه إلا آثاره، البراءة لا تزال في انتظار أمان مفقود وإلى أن يجد مَن يريد طريق الأمان نسير في طريق البحث عن آثار الراحلين الذين تركوا من بعدهم في انتظار الأمان كي يكون هناك أمان فلابد أن يسبقه قتال هكذا فهمت الأجيال من الحروب مَن يقاوم حر الصيف يبحث عن قمم الجبال مَن يقاوم برد الشتاء في الجبال فلابد له من كهوف حتى ولو كانت من صنع يديه تاريخ سطره المقاتلون قبل أن يكتبه المؤرخون هذا النفق من عمل ملا مصطفى البارزاني ورجاله عندما كانوا مطاردين من الحكومة العراقية أولئك قضوا حياتهم سائرين في الجبال والأنفاق والسجون والمنافي من وريثهم سكنوا البيوت والقصور والمقرات ويديرون الوزارات حقا كما قاله الله {وتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} لكن الخوف ملتصق بمستقبل مرهون بمصالح دولية هو المستقبل نفسه الذي حل على جمهورية مهاباد في إيران فالصيف حل على أثاثها المبني على ثلج فأذاب وانهارت الجمهورية دون أن يبقى لها أثر البارزاني كانت الخيارات أمامه صعبة تفاوضه مع العراق للعودة لم يثمر عن شيء خير رجاله بين مَن يريد العودة مع تحمل مسؤولياته وبين مَن يريد البقاء معه لأصعب الخيارات نبحث عن أحد مرافقي البارزاني في رحلته الطويلة إلى بلاد السوفييت عام 1947 أغلبهم قد وافتهم المنية ومَن بقي فهو في شيخوخته اجتمعنا بوجود أحدهم في هذه القرية النائية كان وهو يافع مرافق للبارزاني في رحلته الطويلة لا يتمالك نفسه عند الحديث عن الرحلة.

شريف قرطاس – من رجال البارزاني في رحلته: عندما عاد البارزانيون إلى العراق، ملا مصطفى لم يسلم نفسه ذهب لفترة إلى منطقة المزوريين في قضاء ميركا سور هناك فاوض الدولة العراقية ضمان الحصول على بعض المكتسبات للقضية الكردية جواب الحكومة كان أن يرجع البارزاني دون شروط عندما فهم البارزاني أن الحكومة تكيد له ولرفاقه سوء، وهذا خطر على القضية الكردية فاختار ملا مصطفى أن يتوجه إلى روسيا وكان الطريق إلى هناك صعبا جدا.

أحمد الزاويتي: خريطة رحلة البارزاني إلى الاتحاد السوفيتي تبدأ بالانسحاب من مهاباد ومواجهات مع الجيش الإيراني تمر بالعراق ومواجهات مع الجيش العراقي تدخل الأراضي التركية تجنب المواجهة عائدا إلى إيران في أقصى شمالها نحو أرمينيا وصل الأراضي السوفييتية في رحلة قدرت بخمسمائة كيلو متر مشيا في جبال وشتاء.

شريف قرطاس: عندما بدأنا المسيرة إلى روسيا أغارت الطائرات البريطانية والعراقية موكبنا وكلما كنا نصل منطقة كانت الطائرات تغير عليها عبرنا الحدود العراقية إلى قرية بايي في كردستان تركيا عند وصولنا إلى جبل سبيريز في كردستان تركيا أغارت الطائرات التركية على الجبل وقصفت المناطق التي وصلنا إليها لكن لحسن الحظ لم يقع بيننا شهداء تركنا الجبل في قرية جيرمي مقابل زيوكي دخلنا إيران.. إيران هيأت ضدنا جيشا جرارا هناك إيران حاربتنا بشدة.

أحمد الزاويتي: الباحث العربي دكتور إدموند غريب أعد دارسة عن الحركة الكردية المسلحة بقيادة ملا مصطفي البارزاني وعلاقته مع حكومات العراق وقد التقى البارزاني في المنفى بواشنطن آخر عمره.

إدموند غريب – مفكر عربي التقى البارزاني: قام بمسيرته الطويلة بعد سقوط مهاباد حيث انسحب مع خمسمائة من مقاتليه عبر وقاتل القوات العراقية والتركية لحد ما ولكن طبعا كان قتاله ضد القوات الإيرانية بشكل أساسي وانسحب إلى الاتحاد السوفييتي وكانت ظروف صعبة جدا وكانت هذه إحدى الأشياء التي تحدث عنها.

أحمد الزاويتي: رغم عدم التكافؤ العسكري بين قوة البارزاني والجيش الإيراني كان لابد من الاستعداد للمواجهة.

شريف قرطاس: قسمنا إلى ثلاثة أقسام القسم الأول كان في مقدمة المسيرة كانت أوامر البارزاني له هو أن لا يتوقعوا في مواجهتهم غير النصر هذه كانت مهمة القسم الأمامي القسم الأوسط كانت مهامه إسناد القسم الأمامي القسم الأخير كانت مهامه إنقاذ الجرحى وعدم ترك الشهداء بين أيدي العدو، هكذا كانت المسيرة.

أحمد الزاويتي: غني بلوريان كان من مرشحي جمهورية مهاباد لدورات عسكرية في الاتحاد السوفيتي بعد عودته لم تعد هناك جمهورية مهاباد.

غني بلوريان – من ضباط جمهورية مهاباد: كنا على وشك العودة وألبسونا الزي العسكري ومعها الرتب عند التهيؤ للعودة سمعنا من إذاعة هندستان الناطقة بالفارسية أن الجيش الإيراني تقدم شمالا ووصل أذربيجان ويتجه نحو كردستان كان ملا مصطفى البارزاني مع قواته يقاوم التقدم الإيراني في منقطة نغدا فانقطع أملنا وجمهوريتنا انهارت.

أحمد الزاويتي: بلوريان بعد عودته من السوفييت حكم عليه بالإعدام لم ينفذ الحكم بقي خمسة وعشرين عاما حتى سقوط الشاة بعد ثورة الخميني يتذكر ما رواه له زميله في المعتقل عن رحلة البارزاني إلى السوفييت.

غني بلوريان: تحدث لنا عن البارزاني وقال لي كان في الجبال كانت هناك ثلوج كثيفة وكثيرة قد تساقطت وكانت العائلات البارزانية تسير في الثلوج نحو العراق النساء كن يلدن فوق الثلوج.

أحمد الزاويتي: شتت السوفييت شمل البارزانيين في جمهورياتهم في البداية تم التعامل معهم كأسرى حرب سوء المعاملة معهم استمر حتى وفاة ستالين فسر البعض سبب ذلك بعدم استجابة البارزاني ورجاله لتبني الشيوعية.

شريف قرطاس: ملا مصطفي وأصحابه لم يصبحوا شيوعيين طوال تواجدهم هناك كنا على شكل مجاميع موزعة في سيارات عسكرية وكنا نرتدي زيا خاصا وموحدا وكلما مررنا بقرية كان مواطنوها يجتمعون حول سياراتنا ويشتموننا كانوا يعتقدون أننا أسرى ألمان.

صلاح بدر الدين – قيادي كردي سوري: وقد شرح لي بالتفصيل ما حصل معهم كيف أنهم أبعدوا إلى الكولخوذات وأهينوا يعني من جانب المسؤولين في عهد ستالين.

إدموند غريب: وكما أن تجربته السلبية مع بعض القيادات السوفييتية جعلته ينفر إلى حد ما من السوفييت ومن التجربة السوفييتية ومن هنا بدأ يشعر بأهمية الولايات المتحدة.

أحمد الزاويتي: حرص البارزاني على تشكيل علاقات وثيقة مع الاتحاد السوفييتي فقد كان قوة عظمى لها ثقلها في الميزان الدولي وشعر أن السوفييت انقلبوا عليه فقد زودوا الجيش العراقي بالأسلحة في الحرب ضد حركة البارزاني التي بدأتها حكومة عبد الكريم قاسم عام 1961 ومرورا بالحكومات التي تعاقبت بعد ذلك حتى عام 1975.

إدريس البارزاني – النجل الراحل لملا مصطفى: لدينا معلومات أكيدة حول ضباط عراقيين يتدربون على الأسلحة الروسية وهناك قيادات من الجيش العراقي الذين يشتركون في العمليات المسلحة في كردستان معهم خبراء روس يشتركون معهم في التخطيط ونحن على قناعة بأن طائرات كي يو 22 والتي قصفت كردستان اشترك فيها ضباط روس لأن الطيارين العراقيين لم يكملوا تدريباتهم على هذه الطائرات بعد.

أحمد الزاويتي: قضى البارزاني ما يقارب اثنتي عشرة سنة في المنفى السوفييتي وعاد عام 1958 بعد انقلاب عبد الكريم قاسم على الملكية في العراق استقبل البارزاني في بغداد استقبال الكبار شهر العسل بينه وبين قاسم لم يدم طويلا بدأت الحرب من جديد بينهما بعد سنتين مع عودة البارزاني الذي ترك بغداد عائدا إلى كردستان للاستعداد لحربة الجديدة التي سميت بثورة أيلول فؤاد عارف كان وزيرا في حكومة قاسم وقبلها مرافقا للملوك في عهد الملكية ثم نائبا لرئيس الوزراء في حكومة عبد الرحمن عارف خريف العمر لم يأخذ منه بعد ذاكرته التي تضم تاريخ العراق

فؤاد عارف – نائب رئيس وزراء عراقي سابق: كريم قاسم كان رجل وطني أقول لك يعني مو عميل رجل وطني مخلص لكن ما عنده كفاءة الحكومة عندها كل شي وما كان يقبل من الكفوئين حتى يعاونوا وياه وملا مصطفى أيضا كان حقيقة مخلص إلى كريم قاسم وإلى الحكومة العراقية لكن الناس السوء بطالة السوء عند كريم قاسم وتأثير الحكومة الإنجليزية وكذلك حكومة الجوار والناس السوء اللي ضدكم يا هذا كريم قاسم مثلما يقول ما عندك خبرة وسريع قال صديق أنا استقلت إلا قام ضدها ثورة كردية.

مكرم الطالباني – منسق مفاوضات بين حكومات العراق والحركة الكردية: مثل كثير من قيادات البورجوازية للثورات يجري علي تغييرات جرى تغيير على قيادة الثورة في العراق على عبد الكريم قاسم تحول من حكومة مسندة من الشعب حكومة ديمقراطية إلى ديكتاتورية وهذه الديكتاتورية تحولت إلى ديكتاتورية عسكرية فردية فيما بعد وبدل ما يعمل من أجل حل المشكلة الكردية عقد المشكلة الكردية.

[شريط مسجل]

ملا مصطفى البارزاني: عندما أصبح عبد الكريم قاسم رئيسا للوزراء، لم يستطيع إدارة المملكة كما يجب تصور إنه بالظلم يمكنه إدارة حكومته الشعب اضطر للمواجهة في جميع المجالات لكثيرون هربوا إلى إيران وآخرون هربوا إلى بلاد أخرى والذين بقوا قاموا وهم رجال هذه الثورة الآن كل ذلك لأنهم لا يقبلون سياسة قاسم فهو مارس القتل والاعتقال دون مبرر فقط استنادا إلى تقارير غير صحيحة وصل الوضع إلى درجة لا يستطيع الإنسان أن يجلس في بيته آمنا نحن أجبرنا على مقاومة هذه السياسة الخاطئة.

أحمد الزاويتي: في المكان نفسه أسر بيشمركة البارزاني جنود عراقيين في حروب سابقة واقع يشهد أن التاريخ كان مشحونا بالحرب.

أسير عراقي سابق لدى البيشمركة: القتال بالنسبة للجيش العراقي يكون على شكل أمر بدون أي قضايا أخرى يعني يستلم أوامر الجيش وينفذ الأمر مجرد بدون قضايا مثلا رغبة أو مثلا دافع أقول قتال أو كره بين قوميتين لا مجرد أوامر والجيش ينفذ الأوامر.

أحمد الزاويتي: الأماني الجميلة كانت دونها جسورا وأنهار صعبة العبور جسور كانت معلقة في طريق البارزاني ومياه كانت تجري عكس مصالحه حاول عبور الجسور والسباحة عكس التيار باحث عما تفزره المعادلات الدولية حتى ولو كان الفتات طرق أبوابا وآخرون طرقوا بابه من جعل الآخر جسرا ومن تمكن من العبور علاقاتهم مع السوفييت لم تثمر عن شيء مع إيران كانت في نظره شرا لابد منه ثقة مفقودة بين الطرفين كانت تسيطر على العلاقات.

مسعود البارزاني – رئيس إقليم كردستان العراق: كان واضح جدا بأن لا الشاه كان يثق بالبارزاني ولا البارزاني كان يثق بالشاه وإن لو كانت هناك مصالح، مصالح جماعات الحركة الكردية مع إيران في فترة معينة.

إدموند غريب: ولم يكن يثق بالحكومات المجاورة والحكومات الأخرى وكان يعتقد أن الولايات المتحدة هي الضامن لأن الشاه لم يتخلى عن الأكراد لأنه كانت لديه شكوك حول ذلك.

أحمد الزاويتي: فكر البارزاني في البديل بحث عن طريق يوصله إلى الولايات المتحدة الأميركية في لحظة ما اقتنع أن الطريق إلى الولايات المتحدة تمر بإسرائيل والطريق إلى إسرائيل تمر بإيران فاشترك في مثلث علاقة خطيرة كان هو طرفا فيها العلاقة التي أثارت ومازالت كثيرا الجدل.

إدموند غريب: بالنسبة لإسرائيل أيضا كان يأمل بأن تؤثر أن يستخدم النفوذ مثل الكثيرين منه وأنا أعتقد بأن الطريق إلى أميركا هي ربما عبر إسرائيل أو أن هناك علاقات وثيقة بين البلدين بالإضافة إلى الاعتقاد بأن اليهود والأكراد عانوا من تاريخيا من الظلم.

أحمد الزاويتي: مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق يتطرق في كتاب له عن والده إلى تفاصيل علاقاته المتنوعة ومنها مع إسرائيل ويعتبر أن العلاقة تلك أخذت في الإعلام أكثر مما تستحق.

مسعود البارزاني: من حق الشعب الكردي أن يقيم علاقات متوازنة مع الجميع ولكن لم يقبل البارزاني في يوم من الأيام أن تكون هذه العلاقات على مصالح الشعوب العربية والأمة العربية.

إدموند غريب: العلاقة مع إسرائيل أيضا كانت من الاعتقاد أنه بحاجة إلى نوع من الدعم وحتى يقال إنه نقل عنه أنه مرة عندما كان سئل عن هذا الموضوع وهو خاصة بعض الفلسطينيين قال إن الحركة الكردية تشبه كان إلى حد ما ذلك المتسول الأعمى الذي كان يقف أمام المسجد في السليمانية لأنه بحاجة ماسة إلى النقود ولا يسأل من أين تأتي هذه النقود.

أحمد الزاويتي: أليعيزر تسفرير عمل مسؤولا لمحطة الموساد في كردستان العراق حسبما يقول عام 1974 وألف كتابا بعنوان أنا كردي.

أليعيزر تسفرير – مسؤول سابق في الموساد: الأكراد في أوائل الستينيات اتجهوا إلينا حتى يطلبوا المساعدة مننا بناء على الوضع إنه ما فيش مكانش ولا ناحية في العالم حتى في العالم العربي بتقدم لهم مساعدة وطلبوا منا لأنه إحنا كشعب يهودي عارفين شو معناه العذاب خلال الأشغال وبنفهم عليهم وقررنا إنه نقدم لهم المساعدة.

"
إسرائيل حاولت الإفادة من الثغرات والتناقضات الموجودة في العراق خاصة الحروب المدمرة وحروب الإبادة ضد الشعب الكردي، ولكن الشعب الكردي لم يرضخ لهذه الأمور والتزم بالعلاقات العربية الكردية
"

صلاح بدر الدين: إسرائيل تحاول أن تستفيد من تلك الثغرات ولا أستبعد أنها حاولت أيضا الاستفادة من التناقضات التي كانت موجودة في العراق وخاصة الحروب المدمرة وحروب الإبادة ضد الشعب الكردي من تحصيل حاصل أن تحاول إسرائيل النتيجة الشعب الكردي لم يرضخ لهذه الأمور وبقي يعني ملتزما بالعلاقات العربية الكردية.

أحمد الزاويتي: هناك مَن فسر هذه العلاقة بعلاقة عمالة لكن أصحاب العلاقة يرون غير ذلك.

أليعيزر تسفرير: كلمة عميل عملاء ما فيش إلى محل بالمرة بالموضوع لا كان علاقة مصلحة شعبية بين ثلاثين واحد.

أحمد الزاويتي: في المقابل هناك من يقول إن البارزاني كان قد حرص قبل ذلك على علاقات جيدة مع بغداد.

مكرم الطالباني: موقفه موقف إيجابي مثلا في وقت اللي دخلت الحكومات في حروب مع إسرائيل كان المرحوم البارزاني يجمد الحركات ضد الحكومات بإمكانه أن يشدد الأمر وهذا يكون مساهمة من الموساد الإسرائيليين ضد الحكومات العربية ولكن كان بالعكس تماما.

ملا حمدي السلفي – المستشار الديني للبارزاني: لما أعلن الحرب بين العرب وبين إسرائيل البارزاني أمر بوقف القتال ضد الدولة العراقية الحكومة العراقية حتى لا يستغل هذا الموقف ضد الشعب الكردي.

[فاصل إعلاني]

علاقات في سبيل المعركة والنهاية المأساوية

أحمد الزاويتي: التوجه إلى إسرائيل ومنها إلى الغرب جاء بعد أن شعر البارزاني أن علاقاته مع بغداد من جهة ومع الشرق من جهة أخرى لم تُجدِ لقضيته نفعا.

مسعود البارزاني: حاولنا ولا زلنا نحاول أن نكون مفهومين لدى الأخوة العرب ولكن مع الأسف الشديد حقيقة الجيل الجديد تقريبا يجهل حقيقة الوضع الكردي حقيقة عدالة القضية الكردية هناك مَن لديه تصورات خاطئة تماما عن القضية الكردية وعن الشعب الكردي وكردستان.

إدموند غريب: أحد الأشياء التي ذكرها لي مثلا إنه حاولوا الاتصالات ببعض الدول المجاورة بما فيها دول عربية ولم يحظوا على الرد الإيجابي وإن كان رأيه مثلا بموقف الزعيم الراحل عبد الناصر كان موقف إيجابيا.

فؤاد عارف: وحتى عبد الناصر قال أنا ما دام الأكراد يريدون انفصال فهم يختارون نوع العلاقة اللي مع الحكومة العراقية أن يكون مانع ما عندي.

مسعود البارزاني: كانت له علاقات مع المرحوم جمال عبد الناصر مع المرحوم الملك فيصل مع المرحوم الملك حسين كان له علاقات قوية مع هؤلاء الزعماء ولكن في الحقيقة يعني أستطيع أن أقول إنه بعد وفاة هؤلاء انقطعت خاصة بعد وفاة عبد الناصر.

أحمد الزاويتي: إذاً نحن مع قصة علاقة بدأت مع الحكومات العراقية ومرت بدول المنطقة امتدت شرقا لتنتهي بالغرب.

"
البارزاني كان شخصية ذكية جدا ومحنكة ويفهم طبيعة القيم والتقاليد الكردية، لذلك عزز موقعه قائدا للأكراد إلى حدا كبير ليس فقط داخل العراق بل خارجه
"
 إدموند غريب

إدموند غريب: البارزاني أولا كان شخصية ذكية جدا ومحنكة ويفهم مجتمعه الكردي جيدا لا أعتقد أن أي قيادة كردية أو قيادة أخرى كانت تفهم هذا المجتمع وبالطريقة التي فهمها ومن هنا كانت وبالإضافة إلى شخصيته الكارزمية إلى تواضعه إلى فهمه للعلاقات وطبيعة القيم والتقاليد الكردية التي عززت موقعه كقائد للأكراد إلى حدا كبير ليس فقط داخل العراق بل خارجه حيث أصبح رمز لهم.

أليعيزر تسفرير: كل الإسرائيليين من الموساد ومن الجيش ومن الدكاترة رجعوا محبين للأكراد لهذا السبب كتابي اللي كتبته عن الموضوع أعطيته اسم أنا كردي.

أحمد الزاويتي: البعض يرى أن البارزاني من ناحية العلاقة كان سخي ولم يغلق بابه في وجه أحد.

ملا حمدي السلفي: أخبرني الأخ نظام الدين عبد الحميد أخو الدكتور محسن عبد الحميد قال لي لما صدر حكم الإعدام بحق سيد قطب رحمه الله ذهبت أنا مع وفد إلى حاج عمران للقاء مع البارزاني والطلب منه ليرسل برقية لعبد الناصر حول تخفيف الإعدام أو إلغاء الإعدام قال لي ذهبنا إليه ولما ذكرنا له الموضوع قال لنا اكتبوا أنتم البرقية وأنا أوقع عليها.

صبحي الداوودي – جماعة الإخوان المسلمين: عرضوا عليه الأمر فسحب ورقة بيضاء كتب في نهاية الورقة اسمه وتوقيعه وقال لهم أذهبوا إلى برق وبريد أربيل فاكتبوا باسم ما شئتم ولكن لسوء الحظ أن الوفد عندما كان في طريق عودته إلى أربيل فتح الراديو وسمع بنبأ تنفيذ حكم الإعدام بالشهيد سيد قطب رحمه الله.

أحمد الزاويتي: شخصية ملا مصطفى البارزاني فرضت نفسها على القضية الكردية ليس في العراق وحده بل في تركيا وسوريا وإيران أيضا.

مراد قرايلان – مسؤول في حزب العمال الكردستاني: أمتنا كانت بحاجة إلى حركة التحرير الكردستانية وكان هناك فراغ في هذا المجال ملأه ملا مصطفى البارزاني في حينه من هنا تكمن أهمية هذه الشخصية.

صلاح بدر الدين: كنا نلجأ إليه كما ذكرت وغيرنا أعتقد حتى الحركة الكردية في تركيا وفي إيران كانوا يتواجدون حوله وكانوا يلجئون إليه ويتلقون منه النصائح والتوجيهات في كل وقت.

غني بلوريان: الكردي الصادق والمخلص لقضيته يفهم البارزاني كأسطورة أنا أنظر إلى البارزاني كقديس قومي كردي.

أحمد الزاويتي: القرى كانت الساحة المفضلة للبارزاني لتجواله واستعداداته القتالية والسياسية المدن الرئيسية كانت خارج أهدافه العسكرية ولم يحبذ السيطرة عليها في قتاله حتى وإن كانت ميسورة له توفيرا لجهوده لحرب الجبال التي أجادها كان يستفيد من أهالي هذه القرى للحصول على المؤن وهم الذين كانوا يعتبرونه قائدا لهم دون منازع ولا يبخلون في تلبية طلباته.

سيد قادر حاج عمراني: البيشمركة الذين كانوا مع ملا مصطفي البارزاني لم تكن معهم أحذية أنا شخصيا ذهبت لشراء ثلاثة آلاف زوج أحذية من إيران الزوج بخمسة دراهم وجئت بها إلى البارزاني كان معه عزيز سورمي ومقدم عزيز وآخرون نسيت أسماءهم سلمتها لهم وجئت لهم أيضا بستة أحمال لملابس الخاكي وكذلك 11 ألف طلقة.

أحمد الزاويتي: تطورت حرب البارزاني مع حكومات بغداد أخذت تستخدم آلة إعلامية خاصة بها إذاعة تشجع على الالتحاق بالثورة وجريدة توزع على المثقفين وجد البارزاني طرقا لتمويل حربه بدأ رجاله يبحثون في كيفية صناعة السلاح شعرت الحكومات العراقية بضرورة حسم المشكلة قبل أن تتفاقم حكومات فكرت في القضاء على ثورة البارزاني تماما وأخرى رأت صعوبة ذلك وتحركت من أجل الوصول إلى حل وسط الانقلابات في بغداد لم تكن تعطي المجال أمام حكومة ما لتصل مع البارزاني إلى شيء.

مكرم الطالباني: سنة 1963 كان معروف أن الحكومة سوف تدخل في مفاوضات مع السيد البارزاني والمفاوضات اللي دخلت فيما بعد.. بعد فترة من الثورة من الانقلاب كان من أجل تمهيد لدخول مفاوضات مع شركات النفط وإذا إحنا تفحصنا الفترات التي دخلت الحكومات في مفاوضات مع الثورة الكردية نشوف أنها موقوتة مع دخول في مفاوضات مع شركات النفط للمطالبة ببعض الحقوق التي ما كانت شركات النفط تعطي للحكومة العراق.

فؤاد عارف: نعم صار تغييرات بالحكومات لكن سياستهم تجاه الأكراد ما تغير لأنها سياسة وسياسة ثابتة دائمة ضد الحركة الكردية لأن الحركة الكردية إذا صار فيها شيء يؤثر على الحكومة العراقية وكذلك تؤثر على الدول المجاورة.

أحمد الزاويتي: رفاق قاسم في الانقلاب الأول انقلبوا عليه أعدموه علنا مثلما كان قد أعدم قيادات عراقية من قبله عبد السلام عارف اشتد في حرب البارزاني حاول حسم المشكلة بالقضاء على حركته لكنه قتل بحادث طائرة غامض نصف قرن من المواجهات بين الحركة الكردية المسلحة والحكومات العراقية في مرحلتي الملكية والجمهورية لم تتحول إلى حرب كردية عربية.

مسعود البارزاني: بالرغم من الممارسات الوحشية في حق الشعب الكردي من قبل الأنظمة المتعاقبة ومحاولتها المستميتة في سبيل الاستدراج الحركة الكردية والشعب الكردي إلى موقع الحرب العرقية أو إلى حرب عراقية كردية ولكنني أقول بكل ثقة إن الفضل في إفشال هذا المخطط يعود لشخص البارزاني فكان يؤكد باستمرار على جميع مؤسسات الثورة والحركة التحررية الكردية يجب التمييز بين محاربة نظام قمعي نظام ديكتاتوري والشعب العربي.

أليعيزر تسفرير: كان هناك انتصار على لواء عراقي كامل مئات من اللواء قتلوا وظلوا مئات أسرى والملا مصطفى جمعهم في الميدان وأعطاهم محاضرة كردية أنه ما فيش لنا حرب ضد الشعب العراقي ونحن بدنا نعيش وبدنا حقوقنا وتفضلوا دوروا للوراء ومع السلامة لأنه خاف من الانتصار وعارف أنه بعده بده يعيش كأكراد كطائفة كردية بالنظام العراقي.

أحمد الزاويتي: عبد الرحمن عارف تسلم الحكم بعد مقتل شقيقه عبد السلام عارف بحث عن صفحة جديدة من العلاقة مع البارزاني فسافر إلى هناك للتباحث معه.

ملا حمدي السلفي: يظهر أن عبد الرحمن عارف أراد أن يمزح أو يعمل له نكتة مع البارزاني قال له يا أبو لقمان ماذا تريدون ما هي مطالبكم فرفع القرآن هذا مطالبنا طبقوا هذا القرآن ليس عندنا أي مطلب قال له نحن في العراق عندنا يهود وعندنا نصارى وعندنا صابئة وعندنا يزيدية يعني أراد أن يعتذر قال له البارزاني على كل إن تطبقون هذا فنحن لا كلام لنا وإن لم تطبقوا هذا فما تريدونه لكم نحن نريده لنا.

أحمد الزاويتي: لم يلبث في حكمه طويلا فانقلب عليه البعثيون عام 1968 بدل بعثيون جادين من أجل حل المشكلة الكردية في العراق.

فؤاد عارف: الحل بالقرآن أنه الحركة الكردية ملا مصطفى ما يحارب ويتفاوض ويعطيه حقه حسب ما يقول الأكراد وما يقوم ضد الأكراد أي حركة أو أي قتال جاءت الوزارة.

مكرم الطالباني: رحت أنا القصر الجمهوري كان الساعة 8 مسا كان هناك اجتماع لمجلس قيادة الثورة طلعوا من الاجتماع جاءوا لغرفة سعدون كانوا كلهم أحمد حسن بكر صدام حسين حردان تكريتي عماش وقياديين آخرين كانوا جاؤوا وجلسوا قال أنا مستعد أوقع لك على ورقة بيضاء وأعطيه للسيد البارزاني شيء اللي يريده أنا موافق عليه قلت هذا معناه موافق على شيء أنت تعرف كل شيء هو يريده يريد حكم ذاتي يريد إجراء إصلاحات إدارية مالية اقتصادية ثقافية في منطقة كردستان.

أحمد الزاويتي: مفاوضات البعثيين مع البارزاني تمخضت عن مشروع للحكم الذاتي لكردستان العراق عام 1970.

مكرم الطالباني: كان إحنا ما عندنا معلومات كافية عن ماهية الحكم الذاتي بإمكانك أن تقدم لنا الحكم الذاتي بإمكاني خلال يومين أقدم لكم فكرة عن الحكم الذاتي.

فؤاد عارف: للإذاعة في البيان أنه يطالب الحكومة الجديدة بالحكم الذاتي للأكراد فهم وافقوا عليه مبدئيا.

أحمد الزاويتي: لكن المشروع اصطدم بعوائق أثناء التطبيق فأستأنف القتال بين الطرفين عام 1974 بعض المراقبين فسروها بضغوط خارجية مورست على الطرفين.

مكرم الطالباني: خلال هذه الفترة الحكومة العراقية كانت تعرض للضغوط والحركة الكردية كانت تتعرض للضغوط أيضا من نفس الحكومات في نفس الوقت اللي كان نائب وزراء التركي كان رئيس وزراء في فترات من حياته حضروا إلى بغداد وطلبوا من صدام حسين عدم الاتفاق مع الأكراد في نفس الوقت كان يجري ضغوط على الأكراد بعد الاتفاق مع البعث.

أحمد الزاويتي: ملا مصطفى البارزاني في رحلة علاقاته الطويلة وفي أوج تطور ثورته وصل إلى مسؤولين من الولايات المتحدة وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنغر أشرف على هذه العلاقة وقع اتفاق ولأول مرة بين الطرفين عام 1972 انتظر الجانب الكردي أن يكون ذلك نقطة تحول في قضيته.

كريس كوغيرا – صفحي فرنسي التقى البارزاني: عندما وقعت أميركا في سنة 1972 اتفاقية معه كان سعيدا جدا لأنه ظن أن هذا سيحقق الأهداف الكردية سيحقق الحكم الذاتي وربما أكثر لكن ما لم يعرفه هو أو مستشاروه أن الاتفاقية كانت سرية وكانت (CIA) وكالة الاستخبارات الأميركية لم تكن الحكومة الأميركية ولم تكن اتفاقية رسمية لذلك عام 1972 عندما وقع صدام حسين اتفاقية الجزائر مع شاه إيران خاب أمل البارزاني كثيرا ولم يستطع فهم ما الذي جرى.

مسعود البارزاني: الاتفاق كان مع حكومة الولايات المتحدة الاتفاق لم يكن مع جهاز معين هنري كيسنغر كان وزير الخارجية وكان مستشار الأمن القومي هو كان المشرف على العملية كلها وعلى إقامة هذه العلاقة شخص الرئيس نيكسون هو الذي قرر إقامة هذه العلاقة فيعني الجهة التي كانت تدير العلاقة (CIA) أو مجلس الأمن القومي أو فهذا الطابع يجب أولا يعود إلى حكومة الولايات المتحدة.

إدموند غريب: قال بأنه لولا الوعود الأميركية لما وقعنا في الفخ وربما كان بإمكاننا الحصول على صفقة أفضل مع الحكومة العراقية.

أحمد الزاويتي: استأنف القتال لأول مرة كان ملا مصطفى البارزاني يسيطر على ما يقارب من ربع أراضي كردستان العراق في جبهة قتالية مفتوحة تبدأ شرقا وتنتهي غربا استمر ذلك سنة كاملة توقيع اتفاقية بين إيران والعراق في اجتماع الأوبك في الجزائر في السادس من آذار عام 1975 قضى على الثورة الكردية بموجب الاتفاق المذكور قد العراق تنازلات في شط العرب ومواقع استراتيجية عراقية أخرى لإيران في المقابل قامت إيران بغلق المنافذ أمام حركة البارزاني وسمحت باستخدام العراق لأراضيها لتطويق مقاتلي البارزاني.

مسعود البارزاني: الخيانة الكبرى هي اللي جاءت من كيسنغر مثلما هو قاضي قامت العلاقات قاد العملية الخيانية عملية الغدر بالحركة الكردية عندما قررت الولايات المتحدة قطع هذا أو إلغاء هذه العلاقة وسمحت للشاه بتعقد هذه الاتفاقية اتفاقية الغدر والخيانة اتفاقية الجزائر بين الشاه وصدام الكل تنصلوا عن التزاماتهم وتعهداتهم وتركونا وحيدين نواجه ذلك المصير الصعب.

أحمد الزاويتي: فجأة انتهى كل شيء عند نقطة العلاقة مع الولايات المتحدة وبقي الجانب الكردي مصدوما بما حدث.

مكرم الطالباني: كثير من الوثائق تدل على أنه كيسنغر شخصيا هو حضر لمدة 24 ساعة إلى بغداد بشكل سري لوضع الخطوط الأساسية للاتفاق بين الحكومة العراقية وبين حكومة الشاه وحكومة الشاه يعني هو أحد البنود بتاع الاتفاقية حكومة شاه تسحب تأييدها من الحركة الكردية وفعلا سحب تأييده من الحركة الكردية بموجب هذا الشيء بعد ما حقق مصالحه.

أحمد الزاويتي: مسيرة علاقات البارزاني اصطدمت بنهاية مأساوية لم يكن يتوقعها ففضل ترك ساحة المعركة لأجيال قادمة وهو في محنته الكبيرة لم يفارقه الأمل في وصول الكرد إلى ما يريدون حتى ولو كان ذلك بعد مماته.

مسعود البارزاني: قال لي سوف يأتي النصر لكنني مشكوك فيما إذا كنت أبقى لكي أرى ذلك النصر أنا ولكنكم سوف ترونه.

أحمد الزاويتي: بعد تركه لكردستان العراق في طهران شهر البارزاني بمرض ينهش جسمه رفض أن يعالج في إيران فنقل إلى الولايات المتحدة كشفت الفحوصات أنه مصاب بالسرطان والمرض في مراحله الأخيرة.

مسعود البارزاني: البارزاني في السنوات الأخيرة عنده أصيب بمرض عضال يعني فلذلك وضعه الصحي كان صعب جدا يعني لو البارزاني كان على شبابه بالتأكيد كان يتخذ موقف آخر.

نجم الدين كريم – طبيب ملا مصطفى البارزاني: ففي الوقت الذي كان يستلم العلاج والعلاج بالأدوية الكيميائية في أشعة علاج أشعة علاج جدا صعب على الجسم يعني حتى شخص نصف عمر المرحوم البارزاني يمكن يعني في وقتها العلاجات ما يمكن يتحملها ولا يمكن أن يفكر بشيء آخر ما عدا العلاج والصحة.

أحمد الزاويتي: رحل ملا مصطفى البارزاني في الأول من آذار عام 1979 بعد أشهر قلائل من سقوط شاه إيران وفي وقت كان صدام حسين فيه على وشك تنحية رئيسه أحمد حسن البكر أمين الواجهة ألغى صدام بعد ذلك اتفاقية الجزائر مع إيران وبدأت حرب بين البلدين استمرت ثمانية سنين السلسلة التراجيدية للأحداث أوصلت المنطقة إلى غزو الكويت عام 1990 فأصبح الزمان عصرين عصر ما قبل الغزو وعصر ما بعده، منطقة آمنة تشكلت بحماية دولية في شمال العراق تطورت إلى إقليم شبه معترف به عراقيا ودوليا يرأسه نجل ملا مصطفى البارزاني، مسعود، قصتنا انتهت وشخصياتها رحلت المكان هو المكان الزمان يسير وكأنه لا يسير على لعبة أسسها معقدة والأجيال لا تزال في انتظار الأمان.