عرب مدغشقر
تحت المجهر

قبائل الأنتيمور وعرب مدغشقر

نسلط الضوء في هذه الحلقة على قبائل الأنتيمور العربية الذين هاجروا قبل ثمانية قرون من مكة إلى ماناكارا حيث آيات الذكر غير مفهومة وتمسي العربية أعجمية.

– وصول العرب والإسلام لمدغشقر
– جهود نشر الإسلام في مدغشقر
– قبائل الأنتيمور.. أصولها وملكها

وصول العرب والإسلام لمدغشقر


undefinedغسان أبو حسين: قبل أن يصل الإسلام إلى عاصمة دولته الأولى المدينة المنورة كانت أفريقيا تحتضن أول بعثة من عرب الجزيرة المسلمين، قدموا إليها يومئذ لاجئين من ظلم ذوي القربى ومدفوعين بانفتاح حضاري مثّله النجاشي ملك الحبشة، كان احتضان الحبشة لما يمكن أن يطلق عليه حرية المعتقد سابقة من نوعها لملكها المسيحي، في حين مثّل إيفاد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه بُعد نظر في تدشين علاقة استراتيجية منذ وقت مبكر، على ذات النهج كان لهذه العلاقة أن تستمر فأكمل المسلمون إبان عهد الخلفاء الراشدين محاولة نشر دينهم، تارة عبر الفتوحات التي طالت شمال أفريقيا وصولاً إلى المحيط الأطلسي غرباً وتارة أخرى عبر الهجرات والتبادل التجاري كما حدث في شرق أفريقيا وهكذا أضحى معظم أهل القارة يدينون بالإسلام واستمروا على ذلك قروناً عديدة، حتى جاء الاستعمار فحاول خلال القرون الثلاثة الأخيرة عزل مسلمي أفريقيا عن بقية العالم الإسلامي وحارب انتشار اللغة العربية، لكن العلاقة التي أرساها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع النجاشي ظلت أقوى وأكبر.

علي المزروعي- جامعة بنغهامتون بنيويورك: لقد اندمجت أفريقيا والعالم العربي عموماً خلال القرون الماضية وأصبحتا منطقة واحدة بعد أن بدأتا مختلفتين، ففي القرن السابع الميلادي كان من الصعوبة بمكان العثور على عرب في أفريقيا، بينما الآن يزيد عدد العرب في القارة عن بقية العالم العربي.

غسان أبو حسين: مثّل العامل الجغرافي أحد العوامل التي ساعدت العرب والمسلمين على الهجرة إلى شرق أفريقيا، فشبه الجزيرة العربية قريبة جداً من أفريقيا لا يفصلهما سوى البحر الأحمر والمحيط الهندي وكان لمعرفة المسلمين بمواعيد الرياح الموسمية والطرق الآمنة دور مساعد، كانت المدن الساحلية تقوم بوظائف اقتصادية هامة في تجارة العبور بين مجتمعات الجزيرة العربية من جهة ومجتمعات شرق أفريقيا من جهة أخرى، أثرت هذه العلاقة على انتشار النماذج المشابهة للعرب خاصة في أنماط الحياة الاجتماعية وظلت تمثل تبادلاً متنامياً للعلاقة الحضارية التي تكوّنت بين هذين المجتمعين حتى يومنا هذا، كما هو الحال في زنجبار التي لا يزال أهلها يتقاسمون مع العرب دينهم وسحرهم وعاداتهم وجزء من لغتهم التي عُرفت بالسواحلية وهكذا فقد شهد شرق أفريقيا بل القارة جلها اطراداً ملفتاً للنظر في اقتباس مظاهر الثقافة العربية الإسلامية في مناحي الحياة المختلفة بعد أن أصبح الدين واحداً.

علي المزروعي: أضحى الحديث باللغة العربية مكوِّناً ثقافياً يشغل مساحة واسعة من قارة أفريقيا، بالإضافة إلى أن العديد من اللغات تأثرت باللغة العربية حتى وإن كان المتحدث غير مسلم.

غسان أبو حسين: كان القرن الثالث عشر بداية ازدهار كبير عن طريق التجار الذين تعاملوا مع المنطقة من الصومال إلى سوفالا بموزمبيق، كانت البضائع التي اهتم المسلمون بتصديرها خارج أفريقيا هي الذهب والعاج الثمين والعنبر والأخشاب، أما البضائع التي كانت تستورد للتجارة في أفريقيا فهي الأقمشة والحرير والأواني الخزفية واللؤلؤ، غير أن هذا التواجد الإسلامي في القارة شابه العديد من مظاهر التخلف خصوصاً إبان عهد الاستعمار الأوروبي، حتى باتت العديد من القبائل المسلمة أو ذات الجذور العربية تمارس ذات العبادات والتي يسودها غالباً الآن شيء من التحريف دون أن تكون قبائل مسلمة على غرار قبائل البورنا في شرق أفريقيا والغبرا في شمال كينيا والسكلافا والأنتيمور في مدغشقر. إلى مدغشقر شددنا الرحال مدفوعين بسحر الطبيعة والرغبة في التعرف على مَن كانوا بالأمس عرب مسلمين فأصبحوا اليوم غرباء عن دينهم وجذورهم، مدغشقر أو كما أطلق عليها وعلى البلاد المجاورة فيما مضى اسم بلاد الواق واق للتعبير عن بعدها أو حتى للدلالة عن عدم وجودها سوى في الخيال، تبدو اليوم أقرب إلى الحقيقة، حقيقة أنها كانت مقصداً للمهاجرين العرب والمسلمين قبل نحو عشرة قرون الذين وفدوا إليها وتعايشوا معها وأثروا فيها وتأثروا بها حتى هذا اليوم. تُشير مصادر تاريخية إلى أن الوجود الإسلامي في مدغشقر يعود إلى القرن الثاني الهجري عندما وصل إلى أفريقيا ودخلها عن طريق جزر القمر الواقعة بالقرب من الساحل الأفريقي، من هذه المصادر كتاب جورج امبروف عن مدغشقر بعنوان التابو والذي يُشير فيه إلى أن التأثير العربي والإسلامي في مدغشقر أقدم من التأثير المسيحي بمئات السنين خاصة في المجالات العقائدية والسياسية والاقتصادية والثقافية واستمر هذا التأثير ملحوظاً حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، اشترك البحارة المسلمون من الخليج العربي ومن حضرموت في الهجرات وفي التجارة وعاشوا أولاً في مستعمرات محددة شمال غرب وشمال شرق مدغشقر واعتباراً من القرن التاسع الميلادي أقام المسلمون علاقة بين سيناء وصحارى من جهة والموانئ الملاغاشية وموانئ جزر القمر من جهة أخرى، يمكن أن يكون أرخبيل جزر القمر الذي يقع بين أفريقيا ومدغشقر قد شكّل مرحلة للهجرات الملاغاشية حيث شكلت جزر القمر التي ضُمَّت للسيطرة الإسلامية نقطة تحول في الحضارة السواحلية.

جعفر حاجانارينا- إعلامي بتليفزيون مدغشقر: في الحقيقة إن مدغشقر جزيرة تتمتع بتاريخها الإسلامي، ذلك بأن وصول سكان مدغشقر عربية.. إما عربية وإما ماليزية وإما إندونيسية وفي الحقيقة إن هناك بعض الثقافات الملاغاشية أخذوها من العربية، مثلاً أسماء الأيام في اللغة الملاغاشي كلها بلغة العربية، مثلاً بالملاغاشي نقول مثلاً.. سبوتي، أهادي، اثنين، ثلاثة، أربعة، كميس، زمعة، إذاً كل هذه الكلمات تقريباً أصولها عربية.

جهود نشر الإسلام في مدغشقر

غسان أبو حسين: في نهاية الألف الأول الميلادي أصبحت جزيرة مدغشقر مأهولة على الأقل من أقصى الشمال، حيث تم العثور على أقدم المواقع الأثرية وبالنسبة للأفريقيين كانت هنالك سفن سواحلية تربط القارة بالجزيرة الكبيرة وهذا يُفسّر أن أقدم الهجرات كانت قادمة من الساحل الشرقي لأفريقيا وتأسست على الساحل الغربي لمدغشقر وفي القرن الثامن عشر كان الوجود الإندونيسي على السواحل الغربية للمحيط الهندي أمراً مؤكداً، حيث كان موجوداً في الساحل الشرقي لأفريقيا وفي الساحل شمال الشرقي وشمال غرب مدغشقر، ابتداء من نهايات القرن التاسع عشر خضعت مدغشقر لنوعين من المؤثرات الجديدة، كان أولها البعثات التبشيرية التي وفدت إلى البلاد في نهايات الربع الأول من ذلك القرن في عام 1820 على وجه التحديد وكان ثانيهما هو الاستعمار الفرنسي الذي أحتل البلاد 1895. لعل قصة قبائل الأنتيمور في جنوب شرق مدغشقر واحدة من القصص التي جذبت أحد نشطاء العمل الخيري فترك مهنة الطب التي اكتسبها وبلده الكويت التي ينتمي إليها ليجوب آفاق قارة أفريقيا منذ نحو ربع قرن ويؤسس مع آخرين منظمة خيرية أطلق عليها لجنة مسلمي أفريقيا، أراد لها أن تختص في قارة أفريقيا قبل أن يتفرغ منذ عقد من الزمان لقبائل الأنتيمور مقيماً معها معظم أيام العام ويُقدّر مختصون عدد أفراد القبائل التي تحولت من الإسلام إلى الوثنية أو اللادينية بما يتراوح بين أربعين إلى خمسين مليون نسمة.

"
عندما ذهبت إلى أفريقيا لبناء أول مسجد صدمت بما رأيت، وجدت الجهل بالإسلام يعني وجدت أئمة مساجد لا يعرفون الفاتحة
"
عبد الرحمن السميط

عبد الرحمن السميط- رئيس جمعية العون المباشر: ربّما.. لما نتكلم عن أفريقيا ربّما ما كل الناس سنحت لهم الفرصة اللي سنحت لي عندما ذهبت إلى أفريقيا لبناء أول مسجد وصُدمت بما رأيت، وجدت الجهل بالإسلام.. يعني وجدت أئمة مساجد ما يعرفون الفاتحة، فلما سألتهم قلت لهم كيف ما تعرفون الفاتحة وتؤمون الناس للصلاة؟ قالوا والله إحنا أحسن من غيرنا، إحنا بنعرف نركع ونسجد غيرنا ما يعرف يركع ويسجد، في عام 1994 جئت إلى مدغشقر وكان زيارتي زيارة تفقدية وزي ما يقولون بالإنجليزي (Fact finding) جمع معلومات، فوجئت بمكتبنا يتكلمون عن قرية اسمها مكة، طبعاً مكة لي كمسلم كعربي تمس شغاف قلبي، فقلت لهم فين القرية؟ جمعت معلومات، قالوا إنها بعيدة جداً وصعب الوصول لها، فأصررت على أن أذهب إليها، هم حاولوا أن يقنعوني بأن لا فائدة من الذهاب إلى هناك لأن الطريق جداً مزعج، ذهبت إلى مناكارا بالطائرة ساعتين.. طائرة بوينغ، مناكارا اللي إحنا فيها الآن ومن مناكارا أخذنا سيارة قديمة جداً إلى فايوبينو، السيارة كانت بدون كراسي، جلسنا على الحديد وبعدين عبرنا نهر كله تماسيح وفي قارب صغير جداً ثم سرنا مدة ونزلنا بالمستنقعات، المستنقعات تصل إلى حد الصدر وأحياناً إلى الكتف وأكثر من مرة غرق تماماً، أربع ساعات حتى وصلنا إلى قرية مكة، فلما سألتهم قالوا أصولنا إحنا من بلاد بالشمال، ما يعرفون السعودية، ما يعرفون.. اللي يعرفونه أن جدة ومكة والحجاز وقالوا إنهم.. لمّا سألتهم عن دينهم قالوا إنهم مسلمين بروتستانت، قلت لهم كيف هذا؟ قالوا والله إحنا مسلمين بس ما بنعرف الدين الإسلامي ولا نعرف الصلاة والصوم فجونا البروتستانت وقالوا لنا البروتستانتية والإسلام واحد وما فيه فرق بينهم وبنوا لنا كنيسة وأعطونا الإنجيل وإحنا كل أحد نصلي هناك، فلما شرحنا لهم عن الإسلام الجماعة الحمد لله بدأوا يدخلون في الإسلام شوي شوي، أرسلنا لهم داعية، بنينا لهم مسجد من الخشب لأن صعب إن أربع ساعات تشيل كيس أسمنت على رأسك وتروح إلى هناك، ما فيه طريق ثاني، فبالأخير القرية كلها أسلمت بعد ما أرسلنا لها داعية وأسلمت القرى المجاورة وبدأ الناس يعودون إلى الإسلام.

[موجز الأنباء]

قبائل الأنتيمور.. أصولها وملكها

غسان أبو حسين: الرحلة إلى قرية إفاتو حيث ملك ملوك الأنتيمور تتطلب قطع نهر تسكنه التماسيح في قارب أصله جذع شجرة تم تفريغها وهكذا فإن السيطرة على توازن القارب يتطلب هدوء لا تستطيع أن تضمنه أثناء توجهك لمقابلة ملك تقاعد عن وظيفته مدرسا للغة الفرنسية ليتولى شؤون رعيته، عاصمة الأنتيمور هي مدينة ماتيتانانا ومعناها اليد الميتة والتي جاء اسمها من موقعها على الحافة اليسرى من مصب نهر يحمل الاسم ذاته، تعيش قبيلة الأنتيمور الملاغاشية في الساحل الجنوب الشرقي من نهر منانغارا ومدينة المسنغرونو حتى فرفرغانا أي على طول مائتين وخمسة وعشرين كيلومتراً، حيث يحدها من الشمال قبيلة بتسينيساركا ومن الشمال الغربي تحدها قبيلة بيتسيلو ومن الجنوب الغربي قبيلة تنالا، تتداخل الأساطير بالروايات الشفهية حول هجرة قبائل الأنتيمور لتقدِّم روايات تاريخية يشوبها شيء من الغموض أحياناً، تقول الرواية التاريخية أن الجد الكبير لقبيلة الأنتيمور ويدعى راماكرارو أو في رواية أخرى علي الكرار قد جاء مع عائلته ليبدأ حياة جديدة في مدغشقر بسبب مشكلات سياسية بين قبائل الجزيرة العربية.

عبد الرحمن السميط: أنا عملت بحث عن هذه القبيلة.. بحث علمي وشارك معي تسعة عشر باحث من الجامعة وخارج الجامعة وثبت لي من خلال البحث هذا وهذا أول مرة باللغة العربية أحد بيعمل بحث عن مدغشقر بصورة عامة وعن هذه القبيلة بصورة خاصة، وجدنا أن أصولهم فعلاً من الحجاز وربّما نسبة كبيرة منهم من جدة، ما في شك ناس جايين قلة من مصر أو من مناطق أخرى أو ربّما حتى من اليمن رغم أني لم أعثر على أي دليل علمي على موضوع اليمن، أقول ربّما من اليمن يأتون ناس.

غسان أبو حسين: قبائل الأنتيمور تضم عدداً من القبائل الصغيرة المستقلة عن بعضها البعض حسب وجهات النظر الدينية والطبقات الملكية، لكنها تعتمد على قبائل الأنكار وفي الشرق هناك قبيلة الأنتيروترة وقبيلة ذافيتسميتو وقبيلة الكرنبيلو والتناري، شكل السلطة هي الملكية المطلقة، حيث أن الملك هو الحاكم وسيد الناس ويبالغ في تبجيله وتعظيمه، لكن البيت الملكي الذي ينعقد فيه مقر الحكم تبنيه الرعية فيظل مِلكاً لهم.

"
نحن لا نخفي أصالة عروبتنا لكن بسبب أوضاعنا الاقتصادية المتردية لا نستطيع زيارة إخواننا العرب في مكة
"
راماناسيترا كاريفو

راماناسيترا كاريفو- ملك من ملوك قبائل الأنتيمور: نحن لا نخفي أصالة عروبتنا لكن بسبب أوضاعنا الاقتصادية المتردية لا نستطيع زيارة إخواننا العرب في مكة، لأننا نريد أن نكون بينهم، نقترح على إخواننا العرب إبتعاث عدد من أفراد القبيلة إلى الوطن الأم ليعرفوا جذورنا عن قرب.

غسان أبو حسين: غير أن الملكيّة ليست وراثية، فحينما يتوفى الملك يتم استبداله بالشخص الذي يحصل على أكبر عدد من المؤيدين وكقاعدة فإن الابن هو الذي يخلف أباه ولكن حينما تكون بعض العائلات مستاءة من الملك فإنها قد تنقل السلطة إلى عائلة أخرى تبدو أكثر قدرة على تقديم فرص الازدهار لهم، يتم الفصل في الأمور القضائية أو ذات المصلحة العامة بواسطة موظف يعينه الملك ولا يملك إلا حق الحكم في الجرائم مثل حالات سرقة قطعان الماشية خصوصاً إذ تعتبر من علامات الغنى بين القبائل ولذلك فمن الضروري حمايتها قدر الإمكان وعليه فإنه لا يتم رحمة السارقين، فيتم ضربهم ثم شدهم على شجرة ويُقتلون بالرماح أو يتم ربطهم على قطع من الأخشاب ثم رميهم في النهر فيغرقون أو يصبحون طعاماً للتماسيح التي تكثر في الأنهار، الترحيب بالضيوف تتولاه فرقة الأمهات التي تأخذ على عاتقها إظهار الفلكلور الشعبي الخاص بقبائل الأنتيمور، انتماؤهم الممتد على مر القرون للإسلام لم يشفع من ظهور كتابهم المقدس والذي يطلقون عليه اسم السورابي أي الكتاب الكبير والذي يتجاوز العشرين جزئاً، حيث يكتبونه بالخط العربي القرآني وفيه بعض الآيات أو الصور أحياناً لكن أخطاءه والتحريف الذي شابه قد عمّه بشكل كبير، فإلى جانب بعض الآيات هناك طلاسم من السحر والشعوذة، يكتب الأنتيموريون كتابهم المقدس على ورق يصنعونه بأيديهم من أشجار معينة يطبخونها حتى تصبح عجينة ثم يفرشونها ويتركونها تجف رافضين كتابته على أي ورق مستورد وهم إلى جانب ذلك يكرهون تربية الخنازير أو الكلاب ويصرون على الذبح الحلال. للموتى قدسية كبيرة قد تبلغ مرتبة التوسل بهم والدخول إلى مثل هذه المقبرة التاريخية يتطلب من الزائر خلع نعليه، طبعاً بعد قراءة الأدعية والمأثورات الخاصة بهم.

عبد الرحمن السميط: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا هو الفاتحة و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

راماناسيترا كاريفو: هنا في هذه المقبرة يرقد بعض أجدادنا منذ عام 1504، لكننا لا نستطيع رعايتها بشكل لائق بسبب فقرنا.

عبد الرحمن السميط: أنا أعتقد إن إحنا كعرب ما اهتمينا بأفريقيا والآن إحنا بندفع مائتين أو ثلاثمائة سنة من الإهمال، المسلمين انقطعوا عن إخوانهم في أفريقيا وتركوها، يا إخوان الإسلام دخل لهذه القارة قبل أن يدخل المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام عبر هجرة الحبشة الأولى، القارة هذه أعطتنا أكثر من 56 صحابي من الصحابة.. 52 صحابي بالحقيقة و56 صحابي مدفونين في أفريقيا، هذه القارة كنا نعرفها كعرب.. حتى قبل الإسلام كان العرب يأتون وهذه القارة فيها مسجد رأيته أنا في شرق كينيا عمره ألف وثلاثمائة سنة، فيها مسجد في زنجبار عمره 1370 سنة، فيها قبائل أصولها عربية زي القبيلة اللي إحنا معها.

غسان أبو حسين: جهود التعريف الأنتموريين بالإسلام تفضي في كثير من الأحيان إلى نتائج إيجابية حيث ترسل بعض القرى في طلب الدعاة لإشهار إسلام بعض أفرادها أمامهم.لفألف وثلاثمائة

 

عبد الرحمن السميط: كل كلمة أقولها يقولنها فمَن قالها أصبح مسلماً، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، عندما أذهب ونذهب إلى بلادنا.. بلاد العرب نقول لهم أن في قريتكم.. في قرية نوسي أسلم 11 واحد وعادوا إلى دين أجدادهم.

غسان أبو حسين: يمثل الاعتناء بأطفال وأيتام قبائل الأنتيمور ركيزة أساسية في فكر الدكتور السميط والقائمين على اللجنة، إذ يتم التركيز على تزويدهم بمدارس متكاملة تجمع بين المناهج الحكومية والمعارف الإسلامية بغية الإبقاء عليهم في مجتمعاتهم بعد تأهيلهم دينياً.

عبد الرحمن السميط: لا شك أن العمل مع أي قبيلة من القبائل المستهدفة يحتاج على رجال، المشكلة الرجال أين تجدهم الذين يعملون بالطريقة التي تريدها، فما في غير الأيتام، نربيهم عندنا، نهتم بتربيتهم الخلقية.. الأخلاقية والإسلامية ثم نعلمهم التعليم الراقي ونجعلهم رواد في مدارسهم، فمعظم أيتامنا هم الأوائل في مدارسهم، أنا أتوقّع إن عدد الأنتيمور نصف مليون ونصف مليون من القبائل الأخرى التي تداخلت معهم، فالجماعة المستهدفين من قبلنا هم في حدود مليون شخص، ما عندنا معلومات عن عدد اللي أسلموا، ما في أي واحد في الدنيا يملك هذه المعلومات إلا الله سبحانه وتعالي، لكن أنا أتوقع إن عدد اللي اسلموا حتى الآن.. كانوا سابقا 2 %، أنا أتوقع إن عدد اللي اسلموا حتى الآن في حدود ثلاثمائة آلف شخص وأملنا إن شاء الله إنه في نهاية عام 2009 إذا ما الله سهل وتيسرت لنا الإمكانيات المالية والبشرية أن نُدخل 51% من أبناء القبيلة للإسلام، أي 510 ألف إلى الإسلام.

غسان أبو حسين: الطريق إلى قرية مكة وبعض القرى الأخرى التي يقطنها بعض قبائل الأنتيمور يبدأ من هنا، لكن مكة هذا ليست لديها من القدسية لدى أهلها سوى اسمها وبقايا حنين حمله مَن قدموا من جزيرة العرب إلى جزيرة مدغشقر في يوم ما، لربّما كان وداع مناكارا أصعب من لقائها، كيف لا وهي القرية التي ما فتئت تدهشني في مبتداها ومنتهاها وفي رحلة التيه التي حملت في يوم ما إلى هنا أجداداً عرباً مسلمين لتحمل أحفاداً لهم بعد قرون جاؤوها لا يملكون سوى بوصلة.