تحت المجهر - أطفال المضيق
تحت المجهر

أطفال المضيق

أطفال في عمر الزهور يحملون همومهم وآمالهم إلى الجنوب الأوروبي تحت رحمة تيارات المضيق وأمواجه الغادرة نحو مستقبل غامض وغد مجهول أفضل من واقع صعب يرفضون العيش فيه.

مقدم الحلقة:

تيسير علوني

ضيوف الحلقة:

نزهة الشقروني: الوزيرة المكلفة بالجالية المغربية في الخارج– الرباط
فرانثيسكو فيرنانديث: مدير مركز لإيواء الأطفال في إشبيلية
إيساياس بيريث: مستشار الشؤون الاجتماعية في حكومة إقليم الأندلس
وآخرون

تاريخ الحلقة:

03/06/2004

– الهجرة في قوارب الموت
– اتفاقية ترحيل الأطفال

– تشرد الأطفال

الهجرة في قوارب الموت


undefinedتيسير علوني: الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق مشاهد تتكرر في الليل وفي النهار عشرات المرات كل عام. أحفاد موسى وطارق وغيرهم من كبار الفاتحين يحملون همومهم وآمالهم العريضة لحياة أفضل ويتسللون بها عبر المضيق باتجاه الشمال تحت رحمة تيارات المضيق وأمواجه الغادرة، المخاطر تكتنف الرحلة منذ خطوتها الأولى عندما يحشر المهربون أعداد كبيرة من البشر في هذه القوارب الصغيرة التي أصبح اسمها قوارب الموت لكثرة ما غدرت براكبيها وتركتهم طُعما للأسماك، شتان ما بين رحلة موسى وطارق عبر المضيق ورحلات أحفادهم الذين إن نجوا من الموت فهم يتابعون رحلة الذل طلبا للقمة العيش في أعمال يأنف منها أهل هذه البلاد أما الذين يقعون في قبضة حرس السواحل الإسباني فيتم ترحيلهم إلى بلادهم بموجب اتفاقية بين المغرب وإسبانيا هذه الاتفاقية كانت تستثني الأطفال فهؤلاء لا يكمن أن يُعادوا إلى بلادهم بسهولة لأن القانون الإسباني متشدد في حمايتهم ويمنع ترحيلهم إلا بموافقتهم وضمن شروط خاصة. هؤلاء الرضع لا يمكن سؤالهم إن كانوا يرغبون في البقاء أو العودة إنها ثغرة قانونية تستغلها بعض المهاجرات يغامرن بحياتهن لرفقة أطفال رضع سيضمنون لهن فيما بعد الحصول على حق الإقامة الشرعية، نساء أخريات لا ينتظرن ولادة الطفل ويتعجلن في السفر أثناء فترة الحمل بعد أن اكتشفن ثغرة أخرى في القانون فالطفل مشمول بالحماية حتى قبل ولادته ولكن هذه الطريقة لا تنجح في بعض الأحيان فتيارات المضيق المتقلبة وأمواجه الغادرة لا تعترف بقوانين البشر ولا بمخططاتهم وآمالهم، بعد الرحلة القاسية على متن قوارب الموت ينقل الناجون إلى مراكز للإيواء تمولها الحكومات الإقليمية ويخضعون لعناية صحية وبرامج للتعليم الأساسي أو التدريب المهني كلٌ بحسب سنه، الجانب الأقصى والأخطر من هذه الرحلة انتهى بالنسبة لهؤلاء الأطفال وعليهم الآن أن يتكيفوا مع واقعهم الجديد في مراكز الإيواء وأن يتطلعوا إلى المستقبل بنظرة أخرى ولكن الرياح قد تجري بما لا تشتهي سفنهم فالقوانين تتغير بتغير الحكومات ولعل عليهم أن يدفعوا ثمن سياسة الهجرة الجديدة بين المغرب وإسبانيا، أخبار مراكز الإيواء هذه كانت تنتقل على ما يبدو إلى ما وراء المضيق ومعظم الأطفال الذين يأتون إلى إسبانيا كانوا يسلمون أنفسهم إلى السلطات بشكل شبه طوعي لأنهم يعرفون أنهم سيلقون عناية ستكفل لهم مستقبل أفضل فتزايد عدد الأطفال المغاربة من نزلاء


المهاجرون الذين يقعون في قبضة حرس السواحل الإسباني يتم ترحيلهم إلى بلدهم المغرب بموجب اتفاقية بين المغرب وإسبانيا

تيسير علوني

هذه المراكز ليتجاوز ستة آلاف طفل وقاصر ولكن أحلام الراغبين في الهجرة في طريقها إلى التلاشي لأن اتفاقا جديدا وُقع بين حكومتي المغرب وإسبانيا سمح للحكومة الإسبانية بإعادة هؤلاء الأطفال إلى المغرب وهو اتفاق أثار احتجاجات واسعة في أوساط المنظمات الإنسانية على اعتبار أن المغرب لا يملك بنية تحتية قادرة على استيعابهم ووقايتهم من التشرد في الشوارع وأنهم سيعودون إلى تكرار رحلة الموت من جديد.

اتفاقية ترحيل الأطفال

عبد العزيز الهاشمي – مسؤول نقابي متخصص في شؤون الأطفال: اتفاقية هي تخريج قانون الأجانب بصفة عامة لأن على الدولة الإسبانية أن تتأكد من هوية هذه الطفل بعد ذلك من السن دياله هل هو قاصر أم لا بعد ذلك أن تتأكد بأن العائلة قادرة على القيام بشؤون الطفل قادرة على أن تحتضن طفل داخلها إن لم تكن هذه الشروط إذا فهناك خرق للقانون ولهذه الاتفاقية خرق مباشر للقانون تعتمد على إجراءات الشرطة أكثر من إجراءات محترفي التربية.

فيوليت داغر – اللجنة العربية لحقوق الإنسان – باريس: طبعا أتمنى على الدولة الإسبانية إنه تعيد النظر بالقرار اللي اتخذته على أساس أنها ستلحق الأذى النفسي وضرر كبير بهؤلاء الأطفال الذين عانوا الأمريْن كي يصلوا إلى إسبانيا وهم سيعانوا الأمرين كي يعودوا إلى المغرب.

نزهة الشقروني – الوزيرة المكلفة بالجالية المغربية في الخارج – الرباط: أو هذه ليست باتفاقية هذه فقط مذكرة تفاهم باعتبار أن هناك اتفاقية يعني منذ بضع سنوات هذه مذكرة التفاهم لابد أولا أن أقول شيء أعتبره مهما جدا هو أن لا يمكن أن نتنكر لأطفالنا إذا مسألة طرح الأطفال هي مطروحة ولكن وضعنا لها شروط، شروط أساسية وهذه الشروط هي تُلزم الطرفين فمن جهة أولا نرفض ترحيل الأطفال بشكل جماعي نعتبره أنه لابد معالجة كل حالة على حده.

تيسير علوني: الحنين إلى الأهل والوطن والأحباب لا يغادر ذاكرتهم ولكن ما وجدوه في هذه المراكز من الرعاية وما يتصورونه عن المستقبل وعن إمكانية مساعدة عائلاتهم عندما يدخلون سوق العمل يجعلهم أكثر تمسكا بالبقاء ويبدو أن عائلاتهم تشجعهم على ذلك.

طفل مغربي: لقد خضنا مغامرة حقيقية استمرت عامين ونصف العام من أجل الوصول إلى إسبانيا ثم أدخلونا هذا المركز ومنحونا أوراقا قانونيا ووجدوا لنا عملاً وبعد كل ذلك نسمع أن الملك محمد السادس توصل إلى اتفاق مع أسبانيا من أجل ترحيلنا.

طفل مغربي ثان: هذا القرار بين إسبانيا والمغرب جائر نحن لا نقبل بأن يرحلونا من هنا لأننا لو عدنا فلن نجد نفس الظروف المعيشية في المغرب.

فرانثيسكو فيرنانديث بلانكو – مدير مركز لإيواء الأطفال في إشبيلية: أعتقد أنه من المهم الاستمرار في عملية إدماجهم لأن خبرتنا في هذا المجال تفيد بأن هذه التجربة إيجابية والأطفال يحققون تقدما مستمرا ويمكن أن يجدوا مستقبلهم في بلادنا ويساعدوا


يجب إدماج الأطفال المغاربة في المجتمع الإسباني لأنهم قد يجدون مستقبلهم فيه، وترحيلهم بشكل عشوائي سيكون كارثة

فرانثيسكو

عائلاتهم أعتقد أن ترحيلهم بشكل عشوائي سيكون كارثة.

عبد العزيز الهاشمي: غالبهم يأتون مندسون في الشاحنات شاحنات أو الحافلات إلا أن هذا في الأواخر يلاحظ بأن هناك شراكة بين العائلة والقاصر من حيث العائلة تؤدي ثمن السفر طبعا في قوارب ما يسمى بقوارب الموت.

تيسير علوني: بعد سماعهم بقرب تطبيق الاتفاقية الخاصة بترحيلهم إلى بلادهم شرع الأطفال بالهرب من مراكز الرعاية ليتدبروا أمورهم بأنفسهم مع ما يترتب على ذلك من مخاطر العيش في شوارع المدن الإسبانية بينما اتخذت الحكومات الإقليمية التي تتولى تمويل مراكز الرعاية موقفا معارضا لهذه الاتفاقية بسبب مخالفتها لقانون القاصرين الإسباني.

ايساياس بيريث سالدانيا – مستشار الشؤون الاجتماعية في حكومة إقليم الأندلس: لقد خافوا كثيرا عندما سمعوا بقرار ترحيلهم وبدؤوا بالهروب من المراكز وقد هرب أربعون منهم حتى الآن إن ما يزعجنا هو أننا كحكومات إقليمية مسؤولين عن إيواءهم وفقا للقوانين الدولية إلا أن الاتفاقية عقدت دون موافقتنا تصور أن بعض الأطفال سيعيدون رحلة عبور المضيق على متن القوارب مع ما يمثله ذلك من خطر شبه محقق على حياتهم وفي المقام الثاني فإنهم عندما يهربون من المراكز لن يجدوا أحدا يمكن أن يشغلهم لأنهم قاصرين وهذا ممنوع في القوانين الأوروبية ولذلك فسيتجهون للسوق السوداء لكي تستغلهم المافيات وسيعيشون على حافة عالم الإجرام.

عبد العزيز الهاشمي: هذا عقاب أكثر من تربية والطفل في الحقيقة ضحية طبعا إذا عاش هذه المدة كلها بالشارع سيصبح طبعا مجرم نحن حاليا نحاول فبركة مجرمين.

تيسير علوني: أهداف الاتفاقية ودوافعها كانت موضع خلاف بين معارضيها وإن كان البعض قد فهم الموقف الإسباني على أنه محاولة للتخلص من الأعباء المالية المترتبة على رعاية القاصرين فإن كثيرين احتاروا في فهم الموقف المغربي.

ايساياس بيريث سالدانيا: لقد جاءني السفير المغربي بعد عقد الاتفاقية وقال باستعلاء إنه لن يسمح باستمرار بقاء الأطفال المغاربة في هذا البلد وقد سبب لي هذا نوعا من الصدمة فقلت له لماذا تلومنا نحن هل قصرنا في حقهم ألستم أنتم السبب في وجودهم هنا؟

تيسير علوني: السفارة المغربية في مدريد ورغم محاولات متكررة امتنعت عن التعليق عن الموضوع أما وزارة الداخلية الإسبانية وبعد ما ينوف على شهرين من المحاولات فقد امتنعت بدورها عن الإدلاء بأي تصريح ولعل لدى هؤلاء وهؤلاء أسبابا خاصة جدا تمنعهم من التعليق على الاتفاقية التي لا يُعرف إن كانت ستجد سبيلها إلى التنفيذ بعد تغير الحكومة الأسبانية أم أنها ستحفظ في الأدراج لاستخدامها وقت الحاجة.

عبد العزيز الهاشمي: طبعا هي عبارة على وسائل تظل قائمة لتُستغل في ظروف معينة حتى قانون الأجانب عام 1985 ظل واقف المعمول به حتى سنة 1991 هناك وسائل يمكن استعمالها في أي وقت وإجراءات هي عبارة عن إجراءات سياسية لأنها ليست لها أي سند قانوني.

تيسير علوني: إذا فالاتفاقية الخاصة بترحيل الأطفال والقاصرين سيتم تنفيذها عاجلا أو آجلا كما يقول المتخصصون في شؤون الهجرة هناك بعض الأطفال تم ترحيلهم فعلا إلى المغرب والظروف التي يعيشونها يمكن أن تعطي فكرة عن مصير المرشحين للترحيل إلى ما وراء مضيق جبل طارق. أحد الأحياء الشعبية في مدينة


الاتفاقية الخاصة بترحيل الأطفال والقاصرين سيتم تنفيذها عاجلا أو آجلا كما يقول المتخصصون في شؤون الهجرة

تيسير علوني

فاس إلى هذا الحي أعيد بعض الأطفال إلى ذويهم هذا الطفل ترك العائلة والأصدقاء والمدرسة واندفع في رحلة الهجرة على متن قوارب الموت وعليه الآن أن يستعيد إيقاع حياته السابقة قبل الهجرة وقد يصعب عليه الآن أن يتكيف مرة أخرى مع واقعه السابق خصوصا وأن العائلة رأت فيه مخرجا من مصاعبها المادية ولا ترى مانعا من أن يكرر رحلة الموت مرة أخرى على الرغم مما يمثله ذلك من خطر على حياته وأنانية لدى العائلة.

والد طفل مغربي: أنا أريد لأبني أن يعود إلى إسبانيا لأن مستقبله هناك في إسبانيا سيتمكن من إيجاد عمل في شركة ما أو أي مكان آخر وسيحصل على أوراق قانونية ويستطيع أن يتزوج ويؤسس عائلة وينقذ عائلته الموجودة هنا هذا هو المستقبل الذي أتمناه لولدي.

تيسير علوني: مبررات كثيرة يسوقها الأب بتسويغ قراره لتشجيع ابنه على تكرار المحاولة فعمله الذي لا يتعدى بيع الحلوى الرخيصة لأطفال الحي لا يكفي لإطعام الأفواه التي تنتظره كل مساء.

والد طفل مغربي: الناس هنا تعيش وتموت دون أن يحس بها أحد فالبعض يجدون ما يأكلون والبعض الآخر لا يجدون هذا شيء عادي هنا في هذا الحي الشعبي.

تيسير علوني: إلى جانب تحريض عائلاتهم لعل أسباب نفسية أخرى تدفع هؤلاء إلى تكرار المحاولة فهم أصبحوا بعد مغامرتهم المميتة أبطالا في نظر أقرانهم وبقاؤهم هنا قد يعني بالنسبة لهم نوعا من الهزيمة على الرغم مما عانوه من أخطار في رحلة الذهاب وسوء معاملة في رحلة العودة فالاتفاقية بين المغرب وإسبانيا تقضي بتسليمهم إلى الشرطة المغربية وليس إلى هيئات متخصصة في شؤون الأطفال.

نزهة الشقروني: نعتبر أن معالجة هذه القضية هي معالجة لابد أن سببها إلى عمق الأشياء وأن تكون فيها مسؤولية كاملة وأن نراعي فيها كل الأبعاد يعني دائما قلت لا يمكن معالجة الهجرة الشرعية من موقع أو من منطلق يعني من الناحية الأمنية محضة، لهذا لابد من مقاربة شمولية يراعى فيها الجانب الأمني ولكن الأمن بمفهومه الواسع الإنساني أي حقوق الطفل حقوق الإنسان بشكل عام كرامته للجانب الإنساني وجانب اجتماعي.

طفل مغربي ثالث: لقد سلموني إلى مخفر الشرطة في طنجة وبقيت هناك ثلاثة أيام اتصلت الشرطة بوالدي ليحضر إلى طنجة لكي يسلموني إليه وكان والدي مريضا في كليتيه فأرسل أخي بدلا عنه فضربه رجال الشرطة وسألوه أن كان معه نقود فقال لهم انه لا يملك مالا فقالوا له خذ أخاك واذهب.

طفل مغربي رابع: لقد خدعونا في أسبانيا ظننا أنهم يأخذونا في نزهة ففوجئنا بأنهم سلمونا لشخصين مغربيين فبكيت أنا وقلت لهم أنني لا أريد العودة ولكنهم أجبرونا على ذلك ونقلونا إلى طنجة وفي مخفر الشرطة عاملونا بشكل سيئ وتركونا ثلاثة أيام دون طعام.

تيسير علوني: العائلات التي تُرسل أطفالها إلى شمال المضيق تختلف أوضاعها المعيشية والأسباب التي تدفعها إلى ذلك ولكن القاسم المشترك هو الفقر الذي لا يجدون منه مخرجا.

والدة طفل مغربي: زوجي مريض بالسكري وأنا أعمل لتحصيل رزق العائلة أبيع البقدونس والكزبرة والليمون أربح عشرة دراهم أو أقل يوميا وأحاول أن أتدبر أمري بأية طريقة لن أكذب عليك نحن ناس فقراء لا نأكل سوى الخبز وأحيانا نجد الإدام وأحيانا لا نجده أنا أريد لأولادي أن يعيشوا في إسبانيا فهناك يعتنون بهم بشكل جيد ويربونهم كما لو كانوا أولادهم أولادنا هنا ضائعون وحتى لو درسوا وشبعوا فهناك من يدمن على الخمر أو على المخدرات حين وصل أولادي إلى إسبانيا فرحت كثيرا وكنت أتمنى أن يواصلوا حياتهم هناك ولكنهم أعادوهم.

تيسير علوني: ولعل ما ترويه هذه العائلات مختلف من حيث الشكل ولكنه متطابق في مضمونه تعددت الأسباب والفقر واحد.

والدة طفل مغربي ثانية: ولدي عزيز علي ولكني لا أستطيع أن أتحمل مسؤوليته أو أن أوفر له سبل العيش وبعد أن أعيد إلى هنا أحس أحيانا أنه فقد عقله لقد طلقني زوجي وترك لي مسؤولية الأطفال التي لا أستطيع أن أتحملها لقد كان ابني في المدرسة في الصف السادس ولكنه ترك المدرسة الآن نعم أن تكرار رحلة الهجرة خطر على حياته ولكن أية حياة فهو يعيش الآن كالميت.

[فاصل إعلاني]

تشرد الأطفال

تيسير علوني: مدينة سبتة تمثل عنق الزجاجة بالنسبة للراغبين في الهجرة السرية هنا يتجمع الأطفال على أمل أن تسنح لهم فرصة للعبور إلى شمال المضيق وفي انتظار ذلك يعيشون حياة مشابهة لما سيلاقونه إذا قدر لهم التشرد في أي من المدن الإسبانية.

عبد العزيز الهاشمي: عند اختلاف الوسط الثقافي ربما وبالرصيد اللي عند الطفل يتعامل مع الوضع بشكل مثير بشكل مختل ولهذا فهو قابل لكل الأشياء حاليا زيادة الدعارة هناك كما قلنا سابقا السوق السوداء تستغل الأطفال في جميع المجالات.

تيسير علوني: محاولة التعرف على حياة الأطفال المشردين في الشوارع مهمة صعبة تجدهم غالبا في ميناء سبتة يمارسون التسول أو يتظاهرون به وفي الوقت نفسه


في ميناء سبتة يتحين الأطفال الفرصة للتسلل إلى داخل سيارة أو شاحنة تقلهم إلى الضفة الأخرى من المضيق بحثا عن لقمة العيش في إسبانيا

تيسير علوني

يتحينون الفرصة للتسلل إلى داخل سيارة أو شاحنة تقلهم إلى الضفة الأخرى من المضيق ولكن رقابة الشرطة واقفة لهم بالمرصاد في جميع زوايا الميناء. أسامة لم يتجاوز بعد عامه الثاني عشر يروي لنا تجربته الأولى في الهجرة منذ سنتين وكيف أعادته الشرطة الإسبانية إلى المغرب ليكرر المحاولة مرة أخرى ويبدو أن الضحية الأولى لهذه المحاولات هي طفولته الغضة التي غادرها مبكرا لكي يتعلم أشياء تبعده أكثر فأكثر عن كل ما يربطه بحياة الطفولة.

الطفل أسامة: لقد تسللت تحت شاحنة كانت تعبر المضيق باتجاه إسبانيا وأوصلتني السفينة إلى الجزيرة الخضراء ثم تابعت طريقي إلى غرناطة في غرناطة يوجد عمل كثير وجيد وكذلك في المرية، إسبانيا جميلة جدا لقد كنت أعمل في غرناطة في مزرعة لتربية المواشي.

تيسير علوني: ولعل الإدمان على المخدرات هو أول الأخطار التي يتعرض لها الطفل المشرد في مثل هذه الأجواء والحصول على المواد المخدرة لا يعتبر مشكلة بالنسبة لهم وإذا تعثر الحصول على المخدرات التقليدية فلديهم بدائل متاحة وتباع في الأسواق كالسوائل اللاصقة التي يستنشقون روائحها المخدرة بطرق مختلفة. محاولة تنبيه الأطفال إلى خطورة هذه المخدرات غير ذات جدوى فهم يبررون استخدامها تحت ذرائع مختلفة.

شاب مشرد: عندما يستنشق أحدهم رائحة اللاصق فهو لا يشعر بالخجل أو الخوف ويستطيع أن يتنقل هنا وهناك لكي يتسول وقد يدخل إلى السفن أو إلى المحلات التجارية ليحصل على لقمة العيش أنت تعرف ما أعنيه أليس كذلك؟ وبغير المخدر فانه لا يستطيع فعل شيء من ذلك.

تيسير علوني: الأماكن التي يلجأ إليها الأطفال لقضاء الليل لا تقل خطورة عن الشوارع يلجؤون على الأغلب إلى أطراف المدينة هناك لا تُشاهَد دوريات الشرطة إلا نادرا وهناك يسود قانون واحد القوي يأكل الضعيف قانون يُبعد عن الأجساد المنهكة نعمة النوم التي يحتالون عليها باستنشاق مزيد من المخدرات لتصبح هذه النعمة وسيلة للهروب من الواقع أكثر منها وسيلة لإراحة الأجساد.