صورة عامة - في العمق 10/5/2010
في العمق

صناعة القرار الإسرائيلي

تناقش الحلقة صناعة القرار في إسرائيل، من يصنعه الجيش أم البرلمان، أم الحكومة؟ ما تأثير الإعلام والرأي العام في صناعة القرار الإسرائيلي؟

– أهمية وكيفية البحث في آلية ومؤسسات صنع القرار
– أشكال التفاعل بين المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية

– خصائص الإعلام وتأثيره في صنع القرار

– دور الرأي العام الإسرائيلي وطرق التأثير فيه

علي الظفيري
علي الظفيري
عزمي بشارة
عزمي بشارة

علي الظفيري: أيها السادة، تبدو الديمقراطية الإسرائيلية في مأزق جوهري فهي دولة احتلال ودولة استيطانية توسعية ودولة عنصرية تقوم على النقاء الديني والاضطهاد، وهذا كله كفيل بجعل أي ملمح من ملامح الديمقراطية المزعومة مشوها إلى أبعد الحدود، وتظل أزمة إسرائيل في شرعية الوجود أساسا في هذا النشاذ الذي تختلط فيه المؤسسات القوية والفاعلة بأوهام تسكن قلب وعقل دولة كبر حلمها وقامت أرضها على حساب وحق الآخرين المسلوب، وقد انقسم العرب أيها الإخوة جراء الحالة الإسرائيلية عرب القرار وعرب الرأي العام انقسوا إلى فريقين، فريق آمن بالتفاوض والسلام مهما كان الثمن وآخر قرر أن يقاوم، ولهؤلاء جميعا نبحث الليلة في صناعة القرار الإسرائيلي مع المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة فأهلا ومرحبا به.

أهمية وكيفية البحث في آلية ومؤسسات صنع القرار


علي الظفيري: مرحبا بكم مشاهدينا الكرام أهلا بك دكتور، برأيك دكتور ما هي أهمية البحث في الآلية التي تتم بها صناعة القرار في إسرائيل، ما هي قيمة وأهمية هذا الأمر؟


عزمي بشارة: أن هذا موضوع طبعا يتحدث فيه الناس بمعنى صناع القرار في الوطن العربي إن كانوا على مستوى الرأي العام وإن كانوا صانعي الرأي العام وإن كانوا على مستوى صانعي القرار، في الحالتين هنالك حديث مستمر كأنه يبنى عليه إستراتيجيات وسياسيات أنه كيف يصنع القرار في إسرائيل مثلا كيف يصنع القرار في الاستيطان أو وقف الاستيطان، لمن يريدون تسوية ويتحدثون مع إسرائيل عن وقف الاستيطان كشرط هل فعلا يتوقف الاستيطان؟ من أصلا يوقف الاستيطان وكيف يتم ذلك؟ هؤلاء الذين يقاومون ويريدون أن يقاوموا ويتجنبوا الحرب لأن الحرب لا تعني المقاومة، يعني الحرب هي بالضبط ما تريد المقاومة أن تتجنبه عادة لكي تحافظ على مستوى معين من الصراع والنضال اللي هو بكثافة منخفضة low intensity or fair هذا أيضا متعلق بكيف يصنع القرار إلى آخره، في الحالتين ما دام ليس هناك قرار ساحق شامل شمولي بمحاربة إسرائيل حتى النهاية بجيوش، بجيش عرمرم يراكم ويخوض معركة تلو الأخرى، ما دام الموضوع هو إما تسوية أو مقاومة طبعا هنالك أهمية لدراسة هذه الظاهرة بالمجمل طبعا دون الوقوع في حب الظاهرة، يعني تعرف عادة..


علي الظفيري (مقاطعا): أحيانا يعشقها يعني.


عزمي بشارة: يعني ما هو أحسن الباحث يحب الموضوع، يعني عندما يبحث موضوعه هناك خطر أن يقع بحب الموضوع إن كان الموضوع طبيا ولا بيولوجيا ولا فيزيائيا ولا رياضة لا، يعني تنشأ حميمية مع الموضوع من نوع ما، طبعا ليس هذا هو المقصود، المقصود هو بحث الموضوع خاصة أنه بالتأكيد لا يلزم العرب أفكار مسبقة خاطئة أو معلومات خاطئة أو تعميمات خاطئة أو كذا، لا يلزمهم هذا الموضوع يعني في التعامل مع الصديق ومع العدو لا يلزم أساطير وخرافات وأفكار مسبقة ومبالغات وشطط وغيبيات، ما يلزم هو معلومات وتحليلات واستنتاجات مبنية على معلومات من ناحية وتحليل عقلاني من ناحية أخرى.


علي الظفيري: تقييمك للحالة العربية، هناك أكثر من حالة عربية، هناك دول عقدت اتفاقيات سلام مع إسرائيل مصر مثالا والأردن، هناك فريق فلسطيني يتفاوض منذ عام 1994 وما قبل ذلك وحتى اليوم، وهناك فرق أخرى تقاوم، تبنت خيار المقاومة مع إسرائيل. بشكل عام دكتور هل تعتقد أن هذه الجبهات العربية المختلفة تقدمت كثيرا في فهم آليات صناعة القرار الإسرائيلي أم هي تقف عند منطقة محددة؟


عزمي بشارة: أنا أعتقد أنه بعد هزيمة الـ 1967 كان واضح كان هناك صدمة كبيرة البعض اعتقد أنها صدمة الحداثة الثانية العربية يعني بعد صدمة نابليون، صدمة حقيقية، وأدت إلى إعادة النظر في الكثير من المسلمات، أعرف على الأقل يعني أكاد أكون موقنا أن قرار إقامة مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية من قبل الرئيس جمال عبد الناصر كان لبحث الشؤون الإسرائيلية بالأساس، واضح أنه هنالك كانت رغبة وتوجه ولكن كما هو أوضاع البحث العلمي عموما يعني لا يوجد هنا في حالة إسرائيل استثناء خاص عند الأكاديمية العربية..


علي الظفيري: ينسحب عليها الأشياء الأخرى.


عزمي بشارة: عموما البحث المجتمعي عندنا ضعيف إن كان بحث المجتمعات العربية وإن كان بحث المجتمعات الإسرائيلية، يعني عموما موضوع الأبحاث الاجتماعية ضعيف فما بالك بموضوع مجتمع عدو تسود فيه تجنب للحقائق العلمية قد تكون محرجة قد تكون غير مقبولة عند الرأي العام، يعني هنالك أسباب عديدة أيديولوجية ومتعلقة بالعلاقات العامة والرأي العام ولكن هناك أيضا آراء وأسباب أيديولوجية تمنع من سبر الحقيقة بشكل واضح هذا يؤدي إلى أن البحث العلمي كثيرا ما يغيب ويتركز بالأيديولوجيات اليهودية الصهيونية، ويعيب البحث العلمي المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والعسكري على إسرائيل والسياسي ومن ناحية أخرى تنتشر في الصحافة العربية ترجمات بدون رقابة، بدون رقابة ذاتية بدون رقابة عقلانية لكل ما ينشر في الصحف الإسرائيلية مما يسهل على إسرائيل نشر ما تريده هي عربيا، يعني ما يجري عربيا بنقص خبراء في الموضوع الإسرائيلي أن الصحافة العربية تفرد صفحاتها بشكل..


علي الظفيري (مقاطعا): يكاد اليوم هناك صفحة إسرائيلية في كل جريدة.


عزمي بشارة: أنا أريد أن أستغل هذه المناسبة معك أخ علي لأنتقد هذه الظاهرة انتقادا شديدا، أنا لم أسمع عن صحيفة إسرائيلية تترجم المقالات من الصحافة العربية وتنشرها كما هي بالصحف الإسرائيلية.


علي الظفيري: طيب يقول لك كيف نعرف إسرائيل إن لم ننشر..


عزمي بشارة: (مقاطعا): تعرف إسرائيل بالبحث مش بترجمة كل ما تقوله إسرائيل لأن إسرائيل تعرض نفسها كما تريد، أنت تترجم كل ما تقوله إسرائيل بدون حذر، انتبه أن قسما كبيرا ممكن تعرف الآن وحدة الحرب النفسية في الجيش الإسرائيلي وهي وحدة قائمة -ليست أسطورة- هي وحدة قائمة لها قيادة لها اجتماعات لها إستراتيجية تستطيع أن تسرب أي إشاعة تريد أي خبر تريد إلى الوطن العربي لأن العرب بشكل غير منضبط هؤلاء المتهمون بالاستبداد والدكتاتورية وانعدام حرية الرأي، بشكل غير منضبط -يعني إحنا يا استبداد يا فوضى- بشكل غير منضبط إطلاقا يترجم كل ما ينشر في إسرائيل كما هو ويوضع في صفحات الصحف وعلى القارئ أن يدبر نفسه مع هذا الكم من المعلومات.


علي الظفيري: ماذا يجب فعله؟


عزمي بشارة: يجب أن يكون هنالك مثل ما في عند الإسرائيليين خبراء بالشأن العربي هم يتولون ذلك بالتلفزيون الإسرائيلي وفي الراديو الإسرائيلي في الصحف الإسرائيلية يتولون الشأن العربي في فلتر كبير مؤلف، فلتر نفسي وفلتر أيديولوجي وفلتر سياسي وفلتر أدبي، في فلتر كبير أو مصفاة كبرى أو عدة مصافي أخرى أصغر يمر منها الوضع العربي ليصل إلى المشاهد الإسرائيلي. أيضا يجب أن يكون في الشارع العربي خبراء في الإعلام العربي خبراء، عندك صناع القرار خبراء بهذا الشأن مش نترك أنه إسرائيل تحللنا وتحلل نفسها لنا أيضا، يعني تحللنا لنفسها وتحلل نفسها لنا ونحن فقط متلق، ذلك مسألة الخبرة بالشأن الإسرائيلي أصبحت الآن، لأن البديل لها الآن ليس الحرب، البديل للخبرة في الشأن الإسرائيلي أن المواطن العربي متروك لما تقوله إسرائيل عن نفسها أو للشطط.


علي الظفيري: طبعا أحيانا هناك للأسف أيضا دكتور هناك ابتهاج ربما بما يقرأ من متابعات عبر الصحف الإسرائيلية التي تنقل واعتقاد طبعا وهو الحالة ربما التي أشرت لها عشق الموضوع الذي يتم بحثه أو حب هذا الموضوع. الآن نريد أن نتوجه مباشرة إلى صناعة القرارات الكبرى ونعني بذلك قرارات السلم قرارات الحرب، القرارات التي تمس المحيط العربي كيف يتم صناعتها في إسرائيل، ما هي المؤسسات الأكثر تأثيرا في صناعة وآلية صناعة القرار بشكل عام في إسرائيل؟


عزمي بشارة: يتوقف أي قرار أخي علي نحن لدينا هنا، نحن نتحدث هنا عن دولة مؤسسات، يعني ذهبت الفترة التي كان فيها نفس النخبة هي النخبة الاقتصادية وهي السياسية هي العسكرية وهي النقابية، في يوم من الأيام على الأقل العقد الأول وحتى العقدين الأوائل على نشوء هذا الكيان على خرائب الشعب الفلسطيني، نحن في هذه الأيام نعيش ذكرى النكبة على فكرة، في هذه الأيام تحديدا، اللي أحد الرؤساء العرب هنأ إسرائيل فيها يعني مش مضطر أنا أقولها لأنه واقفة هون يعني ملاحظة مع أنه إحنا بدنا نكون علميين وأكاديميين قدر الإمكان. في العقدين الأولين لنشوء إسرائيل كانت تستطيع أن تقول نومنكلاتورا يعني نظام واحدي أحادي بمعنى أن النخبة السياسية والنخبة الاقتصادية والنخبة النقابية والنخبة العسكرية تتحدر من نفس المجموعات الاجتماعية وهي نخبة الاستيطان الزراعي العسكري اللي كلها جاءت منها نخب حزب العمل والهيستودروت والوكالة اليهودية والجيش، الهستودروت اللي هو نقابة العمال العامة في إسرائيل، الجيش غالبية الضباط نشؤوا من تقاليد الهجانا اللي هي حركة الاستيطان الزراعي العسكري وحركة العمال العسكرية، وحزب العمل ماباي سابقا إلى آخره، هذا في عقدين كنت تستطيع أن تقول إنه إلى درجة كبيرة رغم وجود تعددية حزبية وحرية رأي داخلية إلى حد ما إلا أنه في واقع الحال حتى عام 1977 تقريبا يعني حتى ما يسمى التحول، هاماخباخ باللغة العبرية في إسرائيل حتى عام 1977 كان نظام حكم حزب واحد تقريبا وحلفائه من النخب العمالية ونخب الجيش ونخب الاستيطان الزراعي وبعض فئات الطبقات الوسطى المتحالفة معها، الآن الوضع اختلف..


علي الظفيري: بعد الـ 1977.


عزمي بشارة: طبعا اختلف، أولا صار نظام حزبين ثم تفتت وأصبح نظام عدة، أصبح نظام معسكرين، يعني للدقة نقول الآن في إسرائيل مش في نظام حزبين، في نظام معسكرين، كل معسكر وحلفاؤه، نظام الحزبين حتى الليكود وحزب العمل انهار، أنت رأيت ما حصل لحزب العمل والليكود أيضا تراجع من حيث عضويته.


علي الظفيري: كاديما وأحزاب أخرى المؤثرة الآن.


عزمي بشارة: نعم.

أشكال التفاعل بين المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية


علي الظفيري: ما هما المعسكران؟


عزمي بشارة: لا، أنا أريد أن أتجنب الآن التسميات حتى لا ندخل في أشياء قد تزعج القارئ يعني مثلا إذا سميت يسار أو يمين سأضطر أن أعرف ما هو اليسار وما هو اليمين في الخارطة السياسية الإسرائيلية، ولكن فقط أكتفي الآن أنه من نظام الحزبين إلى نظام المعسكرين، يعني حزب واحد تدور في فلكه أحزاب صغيرة كثيرة تشد به نحو قطبين متصارعين على الأقل في قضايا التسوية، في الصراع العربي الإسرائيلي. الآن النخبة الاقتصادية أصبح لها دور مع خصخصة الاقتصاد، حصلت طيلة الوقت ولكن القفزة الكبرى حصلت عام 1985 بعد ما يسمى the lost decade العقد الضائع في الاقتصاد الإسرائيلي اللي كان عقد التضخم وكذا وبلغت مصروفات الدولة 77% من.. مصروفات الدولة بلغت 77% من مجمل الناتج المحلي هذا رقم حتى غير موجود في الدول الاشتراكية، في هذا الوضع طبعا بدأت عملية خصخصة شاملة بشكل خاص بعد 1985، النخبة الاقتصادية أصبحت أقوى بمعنى اتحاد الصناعيين اتحاد غرف التجارة، طبعا البنوك، لجنة المالية في الكنيست اللجنة التي تتخصص بهذا الشأن ويقودها عادة الائتلاف الحاكم، الحكومة ووزارة المالية، هذه النخبة تتخذ القرارات الاقتصادية وتتعرض إلى ضغوط عديدة أولا من الوزارات وقطاعات المجالات المختلفة، ثانيا تتعرض إلى ضغوط مختلفة من النقابات والقطاعات العاملة، ثالثا تتعرض لضغوط من قطاعات مجتمعية ممثلة في الكنيست، أحزابها تفضل مواضيعها القطاعية اللي منسميها sectorial issues المواضيع القطاعية على الموضوع القومي العام، مثل الصراع العربي الإسرائيلي للاستيطان، وتضع موضوع قطاعها المجتمعي في الدرجة الأولى وعملها الأساسي هو في الضغط لتحصيل ميزانيات لهذا القطاع، هذا بالنسبة لموضوع.. طبعا محافظ بنك إسرائيل عامل أساسي في صنع القرار الاقتصادي ويكاد يكون سلطة مستقلة، محافظ بنك إسرائيل.


علي الظفيري: فقط يؤثر في الحدود الاقتصادية أم حتى فيما يتجاوز ذلك مما يؤثر أو ينعكس على الاقتصاد دكتور؟


عزمي بشارة: لا لا، السياسات المالية والسياسات الاقتصادية توضع طبعا ضمن حدود معينة، مثلا هناك بقرة مقدسة اسمها ميزانية الأمن لا تمس أو تكاد لا تمس أو دور اللوبي الجيش الإسرائيلي..


علي الظفيري: الحفاظ عليها.


عزمي بشارة: هو الحفاظ عليها، اللوبي الثاني هو لوبي الاستيطان، قدر الإمكان التخطيط لعشرين سنة مقبلة في مسألة البنى التحتية والاستيطان، قضية ثالثة تعتبر أيديولوجية صهيونية في وضع الميزانيات ما تسمى استيعاب الشتات، هذه ثوابت التي نتحدث عنها الآن ثوابت، استيعاب الهجرة استيعاب الشتات صهر التجمعات اليهودية في العالم في شعب واحد كل ما يسمى بلغتهم جمع الشتات، لم الشتات هو من المسلمات الصهيونية التي تقوم عليها، ثم يأتيك قضايا مثل التعليم الصحة إلى آخره، ولكن هناك قضايا مسلم بها وهناك لوبيات تضغط عند وضع الميزانية هذا بالنسبة للقرار الاقتصادي، ولكن طبعا الجميع الآن متفق على أن الاقتصاد اقتصاد سوق مع مجموعة تأمينات اجتماعية ويدور صراع مستمر حول هذه التوسيع أو تضييق الحقوق الاجتماعية، توسيع أو تضييق دور الدولة في التأمينات الاجتماعية، أما الآن أصبح متفق أن الحديث عن اقتصاد السوق، في الموضوع الإستراتيجي أو السياسي القرار الإستراتيجي أو السياسي طبعا كما يظهر لأول وهلة لديك الحكومة هي صاحبة القرار بدون أي شك وهي حكومة -خلافا للنظام الرئاسي اللي في الولايات المتحدة- غير منفصلة عن البرلمان.


علي الظفيري: هي نظام برلمان طبعا.


عزمي بشارة: بالضبط بالتعريف لا يوجد فصل حقيقي بين السلطة التشريعية والتنفيذية في النظام البرلماني خلافا للنظام الرئاسي، في النظام الرئاسي الرئيس منتخب مباشرة من الشعب والبرلمان من الشعب.


علي الظفيري: قوتان.


عزمي بشارة: وهو يقوم بتعيين وزراء تكنوقراط إلى آخره، في حين في حالة النظام البرلماني البرلمان ينتخب الحكومة وبالتالي الحكومة تسيطر على البرلمان لأن لديها أغلبية برلمانية.


علي الظفيري: يعني حكومة أغلبية.


عزمي بشارة: إيه وبالتالي في كثير من الحالات نقاشات البرلمان تتحول إلى مسرح لأن الأكثريات مضمونة من قبل الائتلاف الذي انتخبته ليشكل حكومة فبالتالي هي تضبط أكثرية في غالبية اللجان البرلمانية وبالتالي النقاشات البرلمانية في غالب الأحيان محسومة سلفا حتى لو كان في قاعة الكنيست عشرين واحدا الائتلاف بيحافظ أنه من العشرين يكون 11 له، أنه يحافظ دائما على أغلبية، قال حالات استثنائية اللي فيها ينهار الائتلاف نتيجة لصراعاته السياسية أو الأيديولوجية أو الانتهازية لا يحصل على أغلبية الحكومة، الحكومة تنتخب cabinet حكومة مصغرة يسمى الحكومة السياسية الحكومة السياسية الأمنية التي تجتمع لبحث القضايا السياسية، من هذه الحكومة ينبثق أيضا ما يسمى المطبخ، يسمونه المطبخ متماحون يسمونه كذلك، اللي هو المطبخ الصغير أو المطبخ المصغر لصنع القرارات اللي عادة يشكل من أقطاب الائتلاف الحاكم يعني عادة رئيس الحكومة نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع وزير الخارجية إلى آخره، يعني من هذه الأقطاب يشكل وعادة يكونون يمثلون أطراف الائتلاف المختلفة تتخذ القرارات مثل قرار الحرب، هلق قرار الحرب بأحب أذكرك هنا أن رئيس الأركان وشعبة المخابرات العسكرية لها دور أساسي فيها وليس فقط قرارا سياسيا يعني المعلومات تقدم من شعبة المخابرات العسكرية والمخابرات الإسرائيلية اللي هو الموساد..


علي الظفيري: عندنا موساد وأمان وشاباك، الشاباك جهاز الأمن الداخلي.


عزمي بشارة: هذا جهاز الأمن الداخلي اللي له سمعة سيئة جدا في الصراع مع القوى السياسية الداخلية، في مقاومة الحركات الفلسطينية تحافظ على الأمن الداخلي حركات المقاومة الفلسطينية ولكن أيضا كان له دور سياسي ضد الخصوم السياسيين لبن غوريون ولحزب ماباي لفترات طويلة واتهم عمليا بالقيام بدور سياسي ضد خصومه السياسيين بما فيهم حزب حيروت اللي كان يقوده مناحيم بيغن، يعني الشاباك لم يكن في يوم من الأيام بمعزل عن السياسة على فكرة، كان دائما متورطا بالسياسة الداخلية الإسرائيلية والآن متورط في السياسة الداخلية فيما يتعلق في العرب في الداخل. القضايا الخارجية هنالك جهازان أمنيان جهاز الأمن والمخابرات وجهاز الأمن العسكري المخابرات العسكرية تابعة للجيش اللي معلوماتها أساسية، هذا طبعا مكتوب في الكتب حول التوازنات بين الجهازين والخلافات بينهم ومن الذي يحسم، في النهاية رئيس الأركان أساسي جدا إلى درجة أقول أساسي أكثر من وزير الدفاع لأن وزير الدفاع يتوقف على شخصيته، سلطاته قليلة، يتوقف على شخصيته يعني إذا كان هو قويا خريج جيش سابق يلعب دورا أساسيا في صنع القرار، إذا لم يكن يتحول إلى مدافع عن الجيش عند صنع الميزانية في الحكومة.


علي الظفيري: يعني مثالان شارون وعمير بيريز مثلا.


عزمي بشارة: مثالان، باراك وعمير بيرز اللي انجاب بعدما عمير بيريز فشل في حرب أو اتهم بأنه فشل في حرب لبنان،  ليفي أشكولوم وموشيه ديان مثلا أعطيك مثل أنه كيف اتخذ قرار حرب 67، هذا شيء مهم في تاريخنا كله، كيف اتخذ القرار في حرب 67؟ فاجأ العرب القرار، أن إسرائيل خرجت للحرب بهذا الشكل وبهذه الطريقة، فاجأ أو لم يفاجئ على كل حال واضح أن رئيس الحكومة الإسرائيلي كان بشكل واضح مترددا جدا في الخروج إلى الحرب، البعض يقول حتى كان خائفا من النتائج، يعني لم يقدروا مدى ضعف العرب أو مدى عدم استعداد العرب لتلقي الضربة أو لم يقدر مدى جاهزية جيشه هو، ما حصل الآن في كتاب شهير يعني بالبحث في الأكاديمي الإسرائيلي عملية صنع القرار، اشكول أعطي أمرا يعني بالعبري اشكول تيم كودا، مجموعة من الضباط اللي هم هيئة الأركان فرضوا عليه الخروج للحرب لأنهم اعتبروا إغلاق المضائق والخطابات يعني سلوك عبد الناصر السياسي والوضع على الجبهة الشمالية فرصة ذهبية يجب عدم تفويتها لتحقيق ما أراده بن غوريون عام 1956 وهو أن العرب لن يقتنعوا بوجود إسرائيل إلا بعد حرب أخرى، يعني أنه بن غوريون كان لديه القناعة التالية -وهذا للمشاهدين- كانت لديه القناعة التالية أن العرب بحرب 48 لم يقتنعوا بوجود إسرائيل، لم تكف حرب واحدة وكان مقتنعا بهذا كله وكتب هذا، أنه سيلزم حروب أخرى حتى يستسلم العرب ويقتنعوا بوجود إسرائيل مش بإعادة المناطق، بوجودها، ولذلك هو اعتبر 56 هذه الحرب 56 طبعا فشل بتقدير ميزان القوى الدولية ووضع فرنسا وبريطانيا وقوة التيار القومي وصعوده في تلك الفترة والزحف الجماهيري، 1967 لاحت الفرصة لتلاميذه، من هم تلاميذه؟ ضباط هيئة الأركان ليس ليفي اشكول هو بالتالي كان مختلفا مع توجهاته السياسية، ليفي اشكول أقرب الى توجهات من كان وزير خارجية بن غوريون هو موشيه شاريت فذهبوا إليه وضغطوا عليه أن يعين موشيه ديان وزير الدفاع، كان ليفي اشكول وزير الدفاع، كان رئيس الحكومة ووزير الدفاع، لأن أركنوا أن واحد منهم موشيه ديان كان رئيس أركان ثم إنه كان قادرا على قيادة صنع القرار السياسي في الحكومة من أجل الحرب، واتخذ القرار وأقيمت حكومة وحدة وطنية، ضموا خصمهم السياسي اللي هو بيغن إلى آخره واتجهوا إلى الحرب، كان واضحا أن في هذه الحرب المستوى العسكري اللي منه تتحدر النخبة السياسية في النهاية -أنت عارف- موشيه ديان كان ضابطا صار كذا، رابين كان رئيس الأركان صار فيما بعد رئيس الحكومة، سفير في الولايات المتحدة ثم رئيس الحكومة، نفس النخبة السياسية، هذا الجزء العسكري تعرف النخبة السياسية العسكرية الإسرائيلية الاقتصادية والنقابية حتى كان قادرا على الضغط باتجاه صنع القرار والذهاب إلى حرب 67، على فكرة الحرب زادت من قوته فيما بعد وازدادت قوته أكثر في عملية..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب تجربة الـ 67 كيف أثرت دكتور في العلاقة ما بين الجهاز العسكري، ما بين العسكر في إسرائيل والسياسيين فيما بعد ذلك فيما تلا من حروب وحتى يومنا هذا؟ هل ما يروج بأن المؤسسة العسكرية لديها قدرة على فرض أجندات، الضغط على السياسيين هذا حقيقي دقيق في فهم العلاقة بينهم؟


عزمي بشارة: لا، هي قادرة على الضغط طبعا ولكنها ليست صاحبة القرار، الجيش الإسرائيلي هو جيش محترف ومهني ووظيفته أن يطيع أوامر المستوى السياسي، المستوى السياسي يتخذ القرارات العسكرية، الجيش قادر عبر أجهزته، ما هي أجهزته؟ أولا وضعه شبه القدسية المضفاة عليه، الهالة التي حوله على مستوى الرأي العام، من الصعب أن تناقش الجيش الإسرائيلي لأنه حامي الدولة حامي الوجود حامي الكذا، كل الإيتوس الإسرائيلي مبني على نفي يهود المنفى المستضعف الذي لم يخدم بالجيش، الضعيف، والجندي الإسرائيلي هو الإنسان العبري الحديث الذي تحدث عنه بيغيروت، تحدث عن الثورة الصهيونية، هو الإنسان الحديث الإنسان العبري الإنسان المقاتل، الجيش يمثل كل ما أردت أن تكونه إسرائيل ما أن تكونه الصهيونية، ولذلك من الصعب مناقشته ولذلك هو يستغل هذا، ثانيا لديه الأجهزة التي تعطي المستوى السياسي التقارير حول الوضع العسكري حول تحركات العدو حول..


علي الظفيري: موقف العدو نفسه مثلا.


عزمي بشارة: موقفه، وتقييم موقفه على فكرة إلى آخره، وبهذا المستوى هي تهمس بهذه الاتجاهات وحرب الـ 73 كانت syndrome نوع من العقدة النفسية للجيش لأنه تم لوم الجيش خاصة المخابرات العسكرية أنها لم تكن تقدر كفاية نوايا المصريين والسوريين في شن حرب الـ 73، ولذلك منذ عام 1973 عموما يعطي تقديرات بالحرب خوفا من أن يتهم بأنه لم ير مؤشرا يعني لديه نزعة عمومة للمبالغة في قدرة الخصم.


علي الظفيري: ربما قللت من قيمة هذا التقدير..


عزمي بشارة: إيه، هناك أمر آخر على فكرة الناس تقلل من أهميته، الجيش في النهاية مؤسسة وجهاز ومعاشات وcareers مهن، الجيش يريد ميزانية إذا أنت أقنعت المؤسسة الحاكمة أنه ما فيش حرب ما حدش يعطيك ميزانية، عليك أن تبالغ في عملية صنع القرار لكي تحصل على أكبر ميزانية ممكنة لصالح الجيش والضباط، هذه الأمور كلها تساعده ولكن في النهاية يجب أن نكون واضحين هنا أنه بعد الفرز اللي تحدثت عنه اللي حصل في المجتمع الإسرائيلي أنه في قيادة عسكرية في قيادة ساسية في نخبة اقتصادية هذا التمفصل الذي حصل في الوحدة الاستيطانية الإسرائيلية الجيش هو الطرف المنفذ والمستوى السياسي هو المستوى المقرر اللي هم بيسموه الميشور ميديني المستوى السياسي هو المستوى المقرر الآن، هذا المستوى السياسي كثير من الحالات يشمل ضباطا سابقين لهم علاقات في الجيش أو كانت لهم تاريخ سيرة عسكرية.


علي الظفيري: أصبح معملا لإنتاج سياسيين إسرائيليين أو قيادات إسرائيلية سياسية.


عزمي بشارة: سياسية واقتصادية، الكثير من مدراء الشركات من أصحاب الشركات يفضلون أن يعينوا ضابطا كمدير عام للشركة  CAOأو رئيس تنفيذي للشركات وليس فقط بسبب السمعة أنه جنرال ولكن لأنه عنده خبرة إدارية كبيرة، أنت لا تعرف مدى الخبرة التي يكتسبها ضابط من إدارة فرقة وإدارة منظومات معقدة بالجيش تؤهله فيما بعد للـ business الشركات الكبرى فيها نوع من الهرمية والنظام وكذا خاصة في الصناعة فيفضلون تعيين مديرين، إذاً هذا الاختلاط موجود ولكن يجب أن يكون واضحا أنه في النهاية ليس لديك حالة انقلابية عسكرية في إسرائيل، ليس هنالك حاجة لأنه في قناعة بالأمن أنه مسلّم، في قناعات أيديولوجية حول يهودية الدولة، خليني أحكي لك القناعات الأيديولوجية التي دعني أقل خارج التنافس الحزبي تقريبا في الصهوينية يهودية الدولة، أهمية الجيش والأمن، جمع الشتات، العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، الاستيطان، بمعنى أن إسرائيل كيان استيطاني يجب باستمرار أن يستوعب هجرة ويستوطن، هذه تكاد تكون.. أنا لا أقصد الاستيطان في المناطق المكتظة بالسكان تحديدا ولكن فيها إيتوس استيطان، هذه أمور لا يجري عليها المناقشة وبالتالي ليس هنالك حاجة لحالة انقلابية لأن الضباط والسياسيين في النهاية أبناء نفس الأيديولوجيا أبناء نفس الهيمنة الثقافية يعيشونها، ولكن إذا أردت من الناحية الفنية، المستوى السياسي يقرر، الجيش ينفذ.


علي الظفيري: هذا التلخيص مركز ودقيق جدا دكتور لما أوردته في كتاب..


عزمي بشارة: الحقيقة هو مبسط.


علي الظفيري: لا، في كتابك "من يهودية الدولة حتى شارون" ناقشت بشكل مفصل كثيرا من هذه القضايا، سننتقل إلى محاور أخرى فيما يتعلق بقوة ومركزية أيضا ودور الإعلام، مسألة الرأي العام وتأثيرها في صناعة القرار الإسرائيلي وكذلك سلوك الآخر في هذه المسألة لكن كل هذه الأمور نناقشها مشاهدينا الكرام بعد الفاصل مع الدكتور عزمي بشارة تفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

خصائص الإعلام وتأثيره في صنع القرار


علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام، في العمق يبحث الليلة ماذا يجري في إسرائيل كيف يجري بشكل عام صناعة القرارات -القرارات التي تعنينا بالضبط وليس بالتأكيد أي قرار- هناك مع ضيفنا الدكتور عزمي بشارة. دكتور تحدثنا عن جوانب من، أو مراكز قوى سياسيا وعسكريا وغير ذلك، ماذا عن الإعلام؟ ثمة ما يروج حول دور وأهمية الإعلام في التأثير على صناعة القرار الإسرائيلي.


عزمي بشارة: يعني في العقود الأخيرة كما قلت لك يعني حصل تمفصل تمايز داخل الوحدة داخل الكيان نفسه الاقتصادي الاجتماعي السياسي، وبدون أي شك أنه أصبح هنالك حيز أكبر للفرد وللطبقات الوسطى وأيضا للإعلام ولتعدديات الإعلام يعني حتى التلفزيون أصبح هنالك عدة قنوات، الصحف عدة صحف، طبعا بالبداية، هناك صحف نقدية مثلا ليبرالية أكثر عمالية أكثر دينية أكثر حتى في المشروع الاستيطاني قبل عام 48 توجد عدة صحف وتوجد تعددية ولكن الوضع التعدد الحالي في الصحافة الإسرائيلية يكاد يكون حالة من المشهدية السياسية حالة من إنتاج المشهدية السياسية الميلودرامي المستمر في التنافس بين الصحف والقنوات، هنالك إنتاج للخبر حتى، خلق تنافس بين السياسيين، اختراع فضائح لأنه أصبح الإعلام يشكل مثل أي دولة غربية، الإعلام نفسه أصبح اقتصاد، أصبح سوقا ويحتاج إلى..


علي الظفيري: حركة تدوير.


عزمي بشارة: إلى بضاعة، يحتاج إلى سلع يبيعها والأخبار هي السلعة التي يبيعها وبالتالي ينتج أخبارا ويخترع أخبار ويخترع أو يكبر فضائح ويصغر فضائح إلى آخره، الإعلام قوة كبيرة جدا في السياسة الداخلية الإسرائيلية.


علي الظفيري: مؤدلج له مواقفه يؤثر في القضايا الكبرى؟


عزمي بشارة: يؤثر جدا، العلاقة بين الإعلاميين والسياسيين في إسرائيل علاقة حب وكره، علاقة مركبة جدا خاصة أن السياسيين يحافظون على علاقة مباشرة مع الصحفيين، يسربون لهم أخبار، مقابلها هؤلاء الصحفيون يكتبون عنهم بشكل إيجابي أو بشكل سلبي حسب كيف يتعاملون معهم، هناك علاقة خدمة متبادلة، يعني أنا أعتقد أنه في الدول الديمقراطية الحديثة فساد الإعلام وفساد السياسيين مرآة لبعض.


علي الظفيري: انعكاس.


عزمي بشارة: يعني أنه خدمات متبادلة عادة الإعلاميون يتحدثون عن فساد السياسيين وهم ليسوا أقل فسادا لأن العلاقة متبادلة في الديمقراطيات الحديثة خاصة حيث هنالك استهلاك للسلعة الإعلامية، ولكن دعني أقل إن الإعلام الإسرائيلي يتمتع بالأمور التالية، أنه في فصل بين ملكية الصحافة وبين التحرير.


علي الظفيري: من يملك الصحافة؟ عفوا.


عزمي بشارة: رجال أعمال، مجمعات اقتصادية..


علي الظفيري: ما علاقة الدولة بوسائل الإعلام في إسرائيل؟


عزمي بشارة: لا تملك إلا وسائل الإعلام الرسمية، وسائل الإعلام الخاصة خاصة يملكها رجال أعمال منفصلين عن سياسة التحرير، هذا حقيقة موجود، الآن في القضايا السياسية الداخلية يؤثرون عبر تكبير ذاك وتصغير هذا.


علي الظفيري: طيب في الثوابت دكتور ميزانيات الأمن المستوطنات عودة أو استيعاب يهود الخارج.


عزمي بشارة: حتى في الثوابت يثور هنا وهناك نقاش شبه حر، ولكن عندما يمس الأمر الحرب والسلم وقضايا الأمن وكذا، في زمن الحرب تجد تعبئة شاملة كأن الإعلام يصبح جيشا وتصمت الأفواه عندما تتكلم المدافع، رأيناهم حتى الليبراليين منهم أثناء حرب لبنان 2006 أثناء حرب غزة يحرضون على الحرب يحرضون يعبئون حتى ويرون أن لديهم مسؤولية وطنية في التعبئة، في قضايا الصراع مع الفلسطينيين ومع العرب فيما عدا نقاش تحت سقف الإجماع القومي في قضايا معاناة الفلسطينيين والتمييز ضدهم في الضفة والقطاع هنالك يكاد يكون إجماع في التحريض وفي التعبئة، ونشر قليل جدا ومنزوي ويكاد يكون ضريبة كلامية لأخبار معاناة الفلسطينيين..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب ما استفدنا شيئا دكتور، إحنا إذا كنا نعيب مثلا على الإعلام في الدول العربية ودول العالم الثالث أنه والله إعلام مرتبط أو فيه إجماع على قضايا يتم تحديدها، أيضا هناك في إسرائيل هذه الحالة يعني..


عزمي بشارة: لا، لا، يعني ليس..


علي الظفيري: بالتالي يعني هناك محاولة ترويج وهم حول استقلالية وسائل الإعلام واختلافها في قضايا رئيسية.


عزمي بشارة: تحت سقف الإجماع القومي.


علي الظفيري: ما تحت هذا السقف.


عزمي بشارة: يعني الصراعات الحزبية قضية ميزانيات التعليم، قضايا الدين والعلمانية هذا موضوع أساسي يتناقش عليه الإعلام لأنه في معسكرين فعلا وينعكسان في الإعلام والإعلام بشكل عام منحاز للعلمانية وللتحديث وللرأي الأكثر حداثة في المجتمع الإسرائيلي مثله مثل القضاء على فكرة، دعني أقل الإعلام، القضاء، الأكاديميا، الإعلام والجامعة والقضاء هي نخب علمانية أكثر تنورا ولكن في القضايا الأساسية -الصراع مع العرب- الإعلام عنصري، لا شك أنه عنصري، وعلى فكرة لا توجد تعبيرات عن الرأي العربي وعن الموقف العربي بشكل جدي إطلاقا.


علي الظفيري: في قضية التسوية والسلام تحديدا..


عزمي بشارة: (مقاطعا): يعني بالجزيرة في تعبيرات أكثر بكثير من ناحية التنوع منشان يكون واضح يعني، لا، لأنه عادة بيصير في كلام، أنه يا أخي نحن ما عندنا إعلام، لا، لا، الإعلام الإسرائيلي أقل تعددية من الجزيرة، كله كله كله، يعني كله مع بعضه، إذا أخذت كل الآراء مش من صحيفة لكل الإعلام الإسرائيلي سوى فيش التعددية السياسية والفكرية اللي بتلاقيها بالإعلام اللبناني مثلا أو في الجزيرة.


علي الظفيري: ماذا يغيب من أصوات، ما الذي يغيب؟


عزمي بشارة: الأصوات العربية تغيب بشكل واضح، أصوات اليهود القلائل المعادين للصهيونية تغيب أو تُغيب وعندما تحضر يحضرون ككوريوس كشيء wild غريب هيك للسخرية وغيره، تغييب الموقف الآخر، ما أنت بصراع في موقف آخر، يعني دعني أقل في الإعلام العربي مثلا في حرب 2006 في الإعلام العربي كان في مدافعين عن الموقف الإسرائيلي بكثير أكثر من كل تاريخ إسرائيل ما كان في مدافعين عن الموقف العربي يعني بتبرير حرب 2006 وبتبرير الحرب على غزة، أنا سمعت تبريرات عربية في الإعلام العربي أكثر ما سمعت في كل تاريخ إسرائيل -وأنا بأعتبر حالي باحثا بهذا الشأن- في تبرير الموقف العربي في الإعلام الإسرائيلي في كل تاريخها.


علي الظفيري: سمعنا هذ الأمر يتردد كثيرا وطبعا هو مؤشر مؤكد أنه مؤشر خطير جدا. في قضايا السلام أو التسويات هل ثمة اختلاف وتباين في وسائل الإعلام في مواقفها الرئيسية أم نحن نتحدث عن التفاصيل؟


عزمي بشارة: ما نراه نحن تفاصيل هم يرونه قضية أساسية، ولكن عندما تتحدث عن نقاش هل نؤيد أو لا نؤيد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة؟ هنالك نقاش حقيقي جار في إسرائيل، هنالك قسم من الإعلام الإسرائيلي والأكاديميا الإسرائيلية ومن النخب الإسرائيلية وحتى في الشارع مع إقامة دولة فلسطينية ولكن ليس للأسباب التي نتحدث عنها للتخلص من العبء الديموغرافي كي لا تتحول إسرائيل إما إلى دولة apartheid بالتالي يصعب الدفاع عنها أو إلى دولة قومية لا يريدها أحد في إسرائيل لأنها تتناقض مع الدولة اليهودية وبالتالي هناك نقاش جار حول الدولة الفلسطينية ولكن لأن الأهداف هي التخلص من أكبر عدد ممكن من السكان فإن الهدف هو ليس إعادة القدس ولا الانسحاب إلى حدود الـ 67، الهدف هو التخلص من أكبر عدد ممكن من السكان في كيان فلسطين، هلق هذا يجري نقاش، في ناس معارضين لذلك، مثلا الاستيطان وتجميده مثلا موضوع دائما يجري في النقاش يقيم الناس للأسف إلى يسار ويمين واليسار الوحيد اللي في العالم اللي مع أميركا هو اليسار الإسرائيلي، اليسار الإسرائيلي هو اللي مع أميركا واليمين اللي مع مناقشة أميركا، يعني بإسرائيل لديك عموما تاريخيا اليسار هو الذي يؤكد على عدم مناقشة الولايات المتحدة، هذا أغرب يسار في التاريخ.


علي الظفيري: أجمل يسار هذا بالنسبة لأميركا!


عزمي بشارة: في حين اليمين بما فيه الممثلون الأساسيون بالمفترقات التاريخية بيغن شارون إلى آخره، لذلك كان يقف إسحق شامير على التفاصيل في العلاقة مع أميركا والتمسك بالخطاب الوطني الإسرائيلي، طبعا هنالك من يقول إن أيضا اليسار الإسرائيلي -ضع يسار بين قوسين كبار- إن اليسار الإسرائيلي أيضا عندما ينصاع إلى الولايات المتحدة ينصاع لغويا، في الممارسة ينفذ كما يريد ولكن لا يتكم كثيرا كما يتكلم اليمين.

دور الرأي العام الإسرائيلي وطرق التأثير فيه


علي الظفيري: طيب دعونا دائما نتوجه للرأي العام الإسرائيلي ونؤثر فيه حتى يؤثر على القرار الذي يخرج من إسرائيل، ما حقيقة دور وتأثير الرأي العام الإسرائيلي في صناعة القرارات الإستراتيجية الكبرى قرارات الحرب قرارات السلام قرارات العلاقة مع الآخر؟


عزمي بشارة: طبعا الرأي العام له تأثير كبير ولكن إذا أخذت في عين الاعتبار أن الرأي العام ليس معطى يعني الرأي العام يصنع بإسرائيل، يعني تخيل أنت أنه قبل أوسلو كان الرأي العام معبأ من قبل رابين نفسه ضد الحديث مع منظمة التحرير، كانت إلى حد أوسلو إلى لحظة أوسلو في أغلبية تناقصت باستمرار ولكنها بقيت أغلبية ضد المفاوضات مع منظمة التحرير، طبعا هي تناقصت بشكل خاص وقت الانتفاضة الأولى عندما ظهرت حماس، في نهاية الانتفاضة الأولى بشكل خاص بدأ هنالك توجه أنه يجب أن نتكلم على..


علي الظفيري: حدث العكس بالقرار السياسي.


عزمي بشارة: اتخذ القرار السياسي بالحديث مع المنظمة ليس فقط حدث العكس اتخذ القرار السياسي بمعنى رابين، شارون مشهور عنهم أنهم ليسوا قارئي استطلاعات، يصنعون رأيا عاما لا ينصاعون للرأي العام، أخذوا القرار شارون بالانسحاب من غزة، رابين بالذهاب إلى الحديث مع منظمة التحرير، بعدها أخ علي تغير الرأي العام ليه؟ لأنه تعبأت النخب حول رابين اللي حكيت عنها الإعلامية والأكاديمية بشكل خاص، الخبراء، خبراء الشؤون السياسية اللي بيطلعوا بالتلفزيون وبيشرحوا وهيك، والإعلاميون وكان تعبؤوا حوله والنخبة العسكرية كانت مع هذا الموقف، النخبة الاقتصادية كانت مع هذا لموقف ليش؟ اعتقدت أن الانتفاضة كانت مسيئة للنمو بإسرائيل، ولذلك اعتقدت أن التفاوض -دعك من السلام- التفاوض هو ضروري للنمو الاقتصادي.


علي الظفيري: قيل شيء من هذا في المؤتمر الأخير.


عزمي بشارة: في مؤتمر هرتزيليا اللي هي محافظ بنك إسرائيل هذه كانت محاضرته، لم ينتبه، أنا أنصح الناس الخبراء طبعا عندنا بقراءة هذا، أنه هو يقول من أجل أن نصل إلى ما فوق الـ 3% بالأرقام من أجل فرنك اللي كان محافظ بنك الولايات المتحدة لكي نصل إلى نمو فوق الـ 3% في إسرائيل يجب أن نقوم بعملية سلام.


علي الظفيري: بعملية سلام؟!


عزمي بشارة: يعني يجب أن تكون مفاوضات، يعني هو كمان يؤمن أن الحياة مفاوضات أو النمو مفاوضات.


علي الظفيري: مطلوبة المفاوضات كثير.


عزمي بشارة: آه، طبعا، لكن اتخذ القرار تجندت هذه النخب وصنع الرأي العام بهذا الاتجاه، إذاً الرأي العام مؤثر، المشكلة عند اليمين مع الرأي العام، اليمين يعبئ الرأي العام باتجاه معين ثم يضطر لاتخاذ خطوات مناقضة، لأنه دائما عندما تصل إلى الحكم في فرق بين كلام المعارضة والمبالغات وكذا، والإعلام العربي أنا باعتقادي بيعطيه أهمية أكثر مما يجب، مثلا الإعلام العربي بيعطي أهمية أكبر مما يجب للخطابات بالكنيست، يصورها ويبثها كلام فارغ يعني عادة مسرحية، القرارات لا تؤخذ بالكنيست، قلت هناك أغلبية فورية في الكنيست، في.. متأسف كنت أتحدث عن..


علي الظفيري: الخطابات في الكنيست.


عزمي بشارة: نعم، أنا أقول إن القرارات السياسية لا تؤخذ في الكنيست وإعطاء أهمية كبرى للخطاب السياسي وللتعبئة والمشهد الإعلامي إلى آخره هي لا تصنع القرار، في النهاية النخبة السياسية والنخبة العسكرية والنخبة الاقتصادية..


علي الظفيري: هي تصنع الرأي العام.


عزمي بشارة: صنعت الرأي العام وعبأته باتجاه مثلا التفاوض مع منظمة التحرير.


علي الظفيري: بيغن.


عزمي بشارة: حالة شارون، بيغن.


علي الظفيري: في سيناء.


عزمي بشارة: استيعاب فجأة أن السلام مع مصر قضية مصيرية أنه لديك أكبر دولة عربية، أكبر دولة عربية اتخذت قرارا بصنع السلام مع إسرائيل والاعتراف بها مقابل استرجاع سيناء، طيب هذا هدف إسرائيلي وليس هدفا مصريا يعني إسرائيل أصلا خرجت إلى الحرب لكي تجبر العرب على قبولها، إذا العرب الآن مستعدون على قبولها باسترجاع الأراضي 67 بتكون إسرائيل حققت أهداف الحرب، هذا رأته، رآه اليمين الإسرائيلي مع أنه ببرنامجه مش موجود الانسحاب من سيناء ولذلك هو يستغل الفرصة التاريخية ويقول طيب أنا برنامجي أنا ما في، برنامجه الانتخابي اللي فيه كما قلت الإعلام العربي بيركز عليه، أن المعارضة والتصريحات اليمينية المتطرفة أو التصريحات اليسارية المتطرفة بيركز عليها هي ليست الأساس، في برنامجك الانتخابي قد تكون مثل ليبرمان بدك تقصف أسوان وبدك تقصف بالبرنامج الانتخابي والكلام الفارغ، بدنا نركز إحنا على التهريج هذا، في واقع الحال ليبرمان وبيغن وشامير وشارون وباراك لما يوصلوا الحكومة مضطرين أن يسلكوا نفس السلوك لأن الحكومة في النهاية تدير نفس المؤسسات نفس المصالح الاقتصادية الاجتماعية تحت سقف نفس الإجماع الوطني وصلوا إلى الحكومة، أدرك أنه في فرصة تاريخية لإسرائيل كمصلحة وطنية مش لحزب الليكود، أنه في سلام مع أكبر دولة عربية فمستعد فورا يعمل تغيير ويرجع سيناء ويعبئ الرأي العام بهذا الاتجاه. لذلك أنا يعني نصيحتي هنا لأخينا هذا اللي كنت راح عن بالي بالدقيقتين مليح اللي استرجعته وأنا متأسف، أنه إحنا بنعلق تعليقات كبيرة وتهريج ومرات بث مباشر ونشدد على تصريح متطرف هنا أو هناك في إطار التهريج الحزبي في إطار المسرحيات الحزبية، في إطار المسرحيات لأن السياسة الإسرائيلية سياسة مشهدية  spectacle آه، بنركز عليها وبننسى أنه في نهاية الأمر ليس هكذا يصنع القرار وأنه في النهاية من ينتخب طبعا في فوارق ولكن السلوك الرئيسي للحكومات في إسرائيل تنطلق من مصالح نفس المؤسسات، المؤسسات لا يعاد انتخابها، الأمن وغيرها، بتبقى كما هي النخب الاقتصادية لا يعاد انتخابها..


علي الظفيري: هي الأكثر تأثيرا.


عزمي بشارة: وتحت سقف نفس المسلمات.


علي الظفيري: طيب هنا دكتور تبقى لي تقريبا سبع دقائق، السؤال المهم باعتقادي أنه كيف يمكن أن يؤثر الطرفان العربيان سواء الطرف الذي اتخذ خيار السلام والتسوية والتفاوض مصر الأردن نموذج كدول، السلطة الوطنية الفلسطينية والطرف الآخر أيضا العربي الذي اتخذ قرار المقاومة بغرض التأثير وإحداث التغييرات في إسرائيل، حماس حزب الله سوريا، دولة ربما حتى الآن لم تخضع لعملية تسوية حقيقية أو نهائية مع إسرائيل، كيف يمكن العمل للتأثير، لإحداث تأثير وتغيير في مجريات القرار الإسرائيلي؟


عزمي بشارة: بالتأكيد الموضوع ليس سوء تفاهم وبالتأكيد الموضوع ليس موضوع إقناع بالحجة، يعني الصحيح أنه يجب ألا تساعد الطرف الآخر أن يقدم حججا لجمهوره بالتأكيد أو أن يلتف حوله، يعني أنت ليس لديك مصلحة بأن يلتف الجمهور حول القرار السياسي الإسرائيلي، ليس لديك مصلحة بالوحدة الوطنية الإسرائيلية، بالتأكيد لديك مصلحة أن يكون القرار السياسي ضعيف، لديك مصلحة بذلك بالتأكيد إن أردت تسوية أو لم ترد تسوية بكل الحالات من يريد أن يضغط على الطرف الآخر إما بالمقاومة أو بالتسوية من يريد أن يضغط لديه مصلحة ألا يحدث وحدة سياسية ولكن هذا لا يتم بالحجج وبالإقناع وإنما بإفهام المجتمع الإسرائيلي بأن هذه السياسة تضره، يعني النموذج الأخير اللي قدموه الحكومات العربية، النموذج العبقري الأخير اللي قدموه أنهم جعلوا نتنياهو ينتصر في مسألة تجميد الاستيطان وأنه يقنع جمهوره أن كل هذه الضغوط كانت كلام فاضي.


علي الظفيري: قبلوا بالمفاوضات غير المباشرة.


عزمي بشارة: بالتأكيد، من يريد أن يخاطب الرأي العام الإسرائيلي هو الاقتناع طلعوا بتلفزيونات إسرائيل وتحدثوا مع الرأي العام الإسرائيلي بس في سلوكهم قوّوا نتنياهو، يعني ما بيفيدني أنا إذا بيطلع زعيم فلسطيني بيحكي مع إسرائيل مباشرة كأنه بلغة معتدلة تخاطب قلوب الإسرائيليين ولكن في السلوك السياسي يفيد اليمين لأنه يثبت كل يوم للإسرائيليين أن ضغط اليمين يفيد وأنه يتراجع عن مواقفه بالتالي كل كلامه الآخر هذا، هذا أولا. ثانيا الاعتقاد أن المجتمعات العربية قطيع بيقوده زعيم، أنه أنت بتحكي مع الزعيم العربي بقوته بينما المجتمع الإسرائيلي أنت بدك تخاطبه، هذا إيش بيقول عنا في الصراع مع إسرائيل؟ مرة أخرى مهمة كثير هي، طبعا ومهم أن صناع القرار أن يسمعوا هذا الكلام، أنهم بيتصرفوا كأن مجتمعاتهم بجيبتهم، مجتمعاتهم العربية، أنا بأنقل من تجميد الاستيطان لعدم تجميد الاستيطان كأن المجتمع الفلسطيني بجيبي واللي بده يتكلم أنا وإسرائيل مع بعض محاصرينه، في حين إسرائيل بتقول للعرب يوميا أنا ما فيي أنا عندي رأي عام عندي ائتلاف ممكن ينحل، عندي المحكمة العليا، عندي نقاشات في الكنيست عندي كذا، فبيروح الزعيم العربي بيخاطب الرأي العام الإسرائيلي، يعني بده يفاوض إسرائيلي إسرائيلي، تخيل بده يصير أمامه ستة ملايين مفاوض يعني وبده يقدم تنازلات لمواطن مواطن، بينما مواطنوه هو غير محسوبين إطلاقا! هذا من أضعف النقاط في التعامل مع الرأي العام الإسرائيلي، هو المفروض يقول أنا مش شغلي برأيك العام أنت احك مع رأيك العام، أنا بدي مصالح بلدي أنا عندي رأيي العام تفضل انت احك معه، انت اعمل.. انت اعمل مكرمات للرأي العام واثبت أنت أنه بدك سلام، هيك السلوك بيكون، بينما السلوك الحالي هو معكوس ويظهر كأنه عقلاني ويخاطب الرأي العام، هو في الواقع هو مش بيخاطب الرأي العام هو يجعل الرأي العام الإسرائيلي يتمسك بالالتفاف حول اليمين أن هؤلاء العرب لا يفهمون سوى لغة القوة، هذا ما يبدو وكأن موقف مساير أو معتدل أو متفهم للرأي العام الإسرائيلي هو الموقف الأكثر خدمة لليمين لأن يقنع اليمين أن العرب إذا تكلمت معهم بلغة الشدة وتصلبت، وأغرب ما حصل مؤخرا في إحدى القمم العربية هذه في أيام العز للمحافظين الجدد وجورج بوش أنهم اتخذوا قرارا في إحدى القمم العربية بـ marketing، بتسويق مبادرة السلام العربية، marketing عند إسرائيل تحولت الزعامة العربية والأمة العربية العظيمة من المحيط للخليج اللي مفروض تكتشف ذاتها عاد وتكتشف شو في عندها من قوة وقدرات وإلى آخره، أنه بدها تعمل marketing لمبادرات السلام العربية لتقنع الرأي العام الإسرائيلي بالسلام ووضعوا إعلانات بالصحف العبرية باسمهم، أنه إحنا بدنا سلام معكم.


علي الظفيري: والكل قيل وقتها إنه يجب أن نتحدث..


عزمي بشارة: (مقاطعا): هذا يثير السخرية عند الإسرائيليين.


علي الظفيري: دكتور، السؤال الأخير إن تكرمت وهو إلحاحهم من قبل مشاهدينا ومتابعينا والقراء في أكثر من وسيلة للتواصل في البرنامج، متى أو هل يمكن أن تتخذ إسرائيل قرارا بالحرب تجاه إيران؟


عزمي بشارة: ليس قرارها، هذا ليس قرارها، طبعا موضوع جديد وكل مواضيعنا..


علي الظفيري: تحتاج إلى حلقة.


عزمي بشارة: إلى حلقات. يعني تخيل أنت موضوع إسرائيل كم حلقة بدي عليه لنشرح الاقتصاد والسياسة والصهيونية والجيش وكذا. ولكن موضوع الحرب على إيران ليس قرارا إسرائيليا، إذا اتخذته إسرائيل واضح هو بدعم أميركي وبتنسيق مع الولايات المتحدة وستعقبه خطوات أميركية. استفزاز إسرائيل لإيران بالقصف من طرف واحد يعني المجازفة بحرب شاملة أولا النتائج غير مضمونة من حيث قدرتها على سيطرة كم الأهداف في إيران، النتائج غير مضمونة، وثانيا رد الفعل الإيراني غير واضح ماذا سيكون، وبالتالي بدون حسابات لكل الخطوات التي ستلي وبتنسيق مع الولايات المتحدة لن يكون، هذا يعني أن القرار الإسرائيلي ممكن أن يكون فقط مندمجا مندرجا في إطار قرار أميركي واضح. فقط تذكير ما دام مش قاعدين الآن حول هذا الموضوع، انظر ما يروج الآن أنه للفصل بين إيران وبين العرب المتكرر الآن أن القيادات العسكرية الإسرائيلية توصي بالعودة للسلام مع سوريا، أو لمفاوضات السلام، فكروا بذلك أنه كيف المستوى العسكري عندما يريد التركيز على قضية مثلا الضغط على القيادة الفلسطينية أنه بنقدر نفتح مفاوضات أخرى، مثلا محاولة إبعاد سوريا عن إيران، أنه فجأة بيصير يثار في كل مكان والقيادات العسكرية الإسرائيلية توصي رئيس الحكومة..


علي الظفيري: بالسلام مع سوريا.


عزمي بشارة: ببدأ مفاوضات مع سوريا في حين رئيس الحكومة اللي عنده حزبه وسياسته ورأيه العام متحفظ أكثر، للتفكير في هذا فقط في نموذج ما تحدثت عنه في كيفية صنع القرار في إسرائيل.


علي الظفيري: شكرا لك دكتور عزمي بشارة على كل هذه الإفادة في هذه الحلقة. ولمشاهدينا الراغبين أيضا بتفاصيل أنصح بقراءة هذا الكتاب "من يهودية الدولة حتى شارون" للدكتور عزمي بشارة، كتبه منذ سنوات طويلة ولكنه يفصل كثيرا ربما في بنية الدولة والمجتمع داخل إسرائيل. بريدنا الظاهر على الشاشة، alomq@aljazeera.net

في أمان الله.