صورة عامة - في العمق 8/11/2010
في العمق

مستقبل اليورو

تناقش الحلقة مستقبل اليورو والمخاطر التي يتعرض لها، ومسيرة الوحدة النقدية الأوروبية وأبرز المخططات في مسيرة الاتحاد الأوروبي، أين وصلت مسيرة اليورو منذ اعتماده عملة موحدة؟

– المخاطر الرئيسية التي يتعرض لها اليورو
– دلالات ارتفاع وانخفاض اليورو وأثره على الدول الأوروبية

– آفاق تجاوز أزمة اليورو ودوره في الوحدة الأوروبية

– تأثير السياسة الأوروبية وانعكاسات الأزمة على التكتلات الاقتصادية

 

علي الظفيري
علي الظفيري
إدوارد هيو
إدوارد هيو
المنصف شيخ روحه
المنصف شيخ روحه

علي الظفيري: أيها السادة من وحدة للفحم والصلب إلى وحدة نقدية تجمع دول أوروبا كان اليورو منذ إطلاقه عملة أوروبية موحدة كان عنوانا لقارة سيدة منيعة وكان شعارا للأحلام والقوة والنفوذ في عالم اليوم، الأمر الذي لم يتجاوز اختبار العقد الأول من العمر، فاليورو يشيخ مبكرا كما عنونت مجلة نيوزويك الأميركية صدر غلافها، وراجت أحاديث عن القوى الشريرة التي تهدد استقرار منطقة اليورو برمتها وغدت اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا محطات تعثر للمشروع الأوروبي وكابوسا يؤرق العملة الجديدة. والليلة في العمق يبحث مستقبل اليورو وقدرته على التماسك في ظل الأزمة المالية التي تعيشها أوروبا والعالم والتباين الشديد للسياسات النقدية بين الدول الأوروبية فأهلا ومرحبا بكم. ومعنا للغوص في عمق هذه القضية الدكتور محمد المنصف شيخ روحه أستاذ المالية الدولية في المدرسة العليا للتجارة في باريس والخبير الاقتصادي البريطاني إدوارد هيو، مرحبا بكم ضيوفنا الكرام. الليلة نقاش اقتصادي بأبعاد سياسية وحضارية وثقافية حول اليورو ومستقبل اليورو لكن قبل النقاش نتابع هذا التقرير الذي يفصل في مسيرة الوحدة النقدية الأوروبية وأبرز المخططات في مسيرة الاتحاد الأوروبي.

[تقرير مسجل]

داود سليمان: شهد العام 1951 تشكل المجموعة الأوروبية للفحم والصلب بعد اتفاق بين فرنسا وألمانيا وبلجيكا واللوكسمبورغ وهولندا وإيطاليا غير أن هذه المجموعة سرعان ما شهدت ولادة مجموعتين أخريين عام 1957 حيث وقعت هذه الدول اتفاقية روما وأنشأت بموجبها المجموعة الاقتصادية الأوروبية والمجموعة الأوروبية للطاقة الذرية، لم تمض سوى سبع سنوات حتى أعلنت هذه الدول توحيد هذه المجموعات في ما أصبح يعرف بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية عام 1965، عام 1973 شهد التكتل أول توسع له فانضمت إليه الدنمارك وأيرلندا وبريطانيا ثم لحقت بها اليونان عام 1981 فإسبانيا والبرتغال عام 1986. قد يصح القول إن عام 1991 كان عاما مهما في تاريخ المجموعة إذ وقعت اتفاقية ماسترخت التي حددت جدولا زمنيا لولادة الوحدة الاقتصادية والنقدية، عام 1995 شهدت المجموعة الثانية عملية توسع فالتحقت بها السويد والنمسا وفنلندا وإذا كان عام 1991 لحظة تكون اليورو كجنين فإن عام 1999 مثل لحظة ولادة اليورو كعملة حيث استوفت 11 دولة معايير تبني اليورو كعملة رسمية مطلع عام 2000، في العام 2002 حل استخدام اليورو في تلك الدول محل العملات الوطنية، في عام 2004 انضمت للاتحاد الأوروبي قبرص والتشيك وأستونيا وهنغاريا ولاتفيا وليتوانيا ومالطة وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا، فيما انضمت بلغاريا ورومانيا للاتحاد عام 2007، في العام 2007 انضمت سلوفينيا لمنطقة اليورو تلتها قبرص ومالطا عام 2008 وسلوفاكيا عام 2009.

[نهاية التقرير المسجل]

المخاطر الرئيسية التي يتعرض لها اليورو


علي الظفيري: أهلا بكم من جديد أهلا بضيوفنا. السيد هيو سؤالنا الأول ما هي المخاطر الرئيسية التي يتعرض لها اليورو إبان هذه الأزمة المالية التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والعالم أجمع أيضا؟


إدوارد هيو: شكرا لكم. في المقام الأول أحد المخاطر الأساسية لنظام اليورو هو كبر السن في المناطق الأوروبية والشيخوخة تتراوح هناك في أوروبا فشيخوخة السكان هي أمر يعتبر مشكلة وخاصة فيما يتعلق بنظام الرعاية الصحية ونظام التقاعد وهذا يتضمن أن يكون هناك تمويل للناس، إذاً فهذا أمر يتعلق بهذا الأمر المتمثل في الشيخوخة كما قلنا، والمخاطر التالية أو الخطر الآخر في منطقة اليورو هو غياب البنية السياسية لدعم الاتحاد الاقتصادي الذي أتى على أثر الوحدة المالية أو النقدية ولذلك فإننا لا نرى إجماعا في الاتحاد الأوروبي وخاصة كما رأينا فيما يتعلق بالأزمة المالية اليونانية ورأي ألمانيا ودول أخرى بشأنها، إذاً فهذان هما الخطران الأساسيان، شيخوخة السكان وهم الأصل في النمو الاقتصادي وأيضا غياب البنية السياسية التي تدعم الوحدة الاقتصادية.


علي الظفيري: سيد هيو كان لك رأي مبكر فيما يتعلق بهذه العملة والإشكاليات المحيطة فيها، وبريطانيا أيضا كبلد أوروبي رئيسي لم ينضم إلى هذه الوحدة النقدية، هل أثر هذا الأمر -عدم الانضمام- هل كانت رؤية مبكرة للمشاكل التي ستواجه اليورو وهو ما يتحقق اليوم؟


إدوارد هيو: نعم لقد كان هناك شك منذ البداية فالكثير من البريطانيين والأميركيين الذين يعملون في الاقتصاد الجزئي كانوا يتشككون بأنه إن كان هناك نظام يستند إلى مصالح ووحدة نقدية بدون دعم مالي كما هو في الولايات المتحدة ففي الولايات المتحدة عندها البنك الاحتياطي وعندهم خزانة لكل الولايات في الولاية، إذاً فإن كان هناك عدم توازن داخل الاقتصاد فإن هناك آليات قائمة لكي تتحول المصادر من مكان إلى آخر، في أوروبا هذا لم يكن بعتبر ضروريا في البداية والتحفظات على سبيل المثال ودولة كبريطانيا هي تتمثل في كيف لهذا الأمر أن ينجح، أو استنادا إلى غياب هذه المؤسسة البنيوية لدعم الوحدة المشتركة وكما حدث أعتقد أن الناقدين أثبتوا بأنهم كانوا محقين وذلك لأننا الآن في خضم عملية انتقالية لكي نضع البنية السياسية اللازمة.


علي الظفيري: دكتور محمد المنصف ما يتعرض له اليورو اليوم من صعوبات هل يرتبط بشكل رئيسي بالأزمة المالية والاختبار الاقتصادي الصعب الذي تواجهه أوروبا وكل دول العالم أم له علاقة ببنية وأساس وهيكلية اليورو من الأساس كعملة موحدة؟


المنصف شيخ روحه: ما يتعرض له اليورو الآن مرتبط أساسا بعدم احترام البلدان الأوروبية التي اختارت أن تدخل جهاز اليورو عدم احترام قاعدة اللعبة، فالأزمة بينت أن قاعدة اللعبة المفروض أن تحترم حتى اليورو..


علي الظفيري (مقاطعا): ما هي قاعدة اللعبة؟


المنصف شيخ روحه: قاعدة اللعبة هي سهلة، هي أن عجز ميزان الدولة لكل بلد مفروض ألا يتعدى 3% من الناتج القومي الخام، وتراكم هذا العجز الذي يعطي دين الدولة الديون لكل دولة المفروض ألا يتعدى 60% من الناتج القومي الخام. ولما أتت الأزمة..


علي الظفيري (مقاطعا): اليونان كم كانت، 11%؟


المنصف شيخ روحه: كلهم وصلوا إلى تقريب 100% من الديون مكان 60 وكلهم دخلوا في 10%، 12% مكان 3% سنويا، فهم خرقوا هذه المؤشرات التي يعطيها الطبيب لنا، لما طبيب يقول لنا إن ضغط الدم المفروض أن يكون 12,8 ونحن نأتي بعشرين أو 19 فنصبح معرضين للخطر، وهذا ما صار في أوروبا هذه غلطة اليورو. أنا أريد أن أذكر بعجالة أن اليورو له فوائد كبيرة في أوروبا لأن أوروبا فيها 16 بلدا اختار اليورو لكن أوروبا كلها 27 بلدا، فالشروط لدخول منطقة اليورو هي شروط عسيرة جدا وممكنة لبعض البلدان التي لها ديون نسبة ديون كبيرة ممكن أنها لا تقدر أن تدخل اليورو اليوم ولكن ماذا أتى به اليورو حتى اليوم بعد عشر سنوات؟ هو أتى باستقرار هام للمعاملات ولدفع التجارة ولدفع التكامل الأوروبي الأوروبي، اليوم أوروبا كمنطقة هي أغنى منطقة في العالم تمثل تقريب 23% من الناتج القومي الخام للعالم بينما أميركا تمثل 20% فقط من الناتج القومي الخام، وهذه المنطقة الغنية بحاجة إلى دوران تجاري ودوران صناعي، فلما العملة تكون مستقرة فهذا يقلص من مخاطر التبادل لهذا تم تكوين اليورو ولكن هل هذا يكفي؟ أقول هذا لا يكفي وأنا أشاطر السيد إدوارد هيو لما يقول أوروبا في حاجة إلى أن تتقدم لأن أميركا لها الدولار لخمسين ولاية ولكن لها سياسة نقدية مشتركة مثل أوروبا ولها سياسة لميزان الدولة وللجباية مشتركة وهذا أوروبا لم تعط نفسها هذه السياسة حتى اليوم.


علي الظفيري: أريد أن أتابع مع مشاهدينا الكرام في هذا الرسم البياني تغير سعر صرف اليورو مقابل الدولار وكيف أن اليورو وصل مستويات قياسية في العام 2008 لكنه تراجع في العام الحالي ليصل لأدنى مستوى له منذ العام 2007 بالطبع مقابل الدولار. سيد هيو الآن نريد أن نعرف تحديدا ما هي المشكلة التي يواجهها اليورو؟ لماذا يثار كل هذا اللغط وهذا الحديث حول أن اليورو يواجه صعوبة؟


إدوارد هيو: بشكل أساسي لأن الأزمة الحالية كما تفضل المنصف بالتفسير قد أوجد وضعا رأينا فيه أن مستوى الديون في منطقة اليورو وأقصد الدين الحكومي قد زاد بشكل كبير عن المستوى المتفق عليه وهو 50% في كل منطقة اليورو فالمعدل هناك للدين هو ما يقارب 70% إلى 75% في كل منطقة اليورو وهذا نتج عن الحاجة لإيجاد إجراءات تحفيزية بغية وقف الأزمة الاقتصادية هناك وهذا دفع تلك المنطقة بحيث أصبحت خارج نطاق القاعدة، إذاً لا أحد يعرف كيف سنعود إلى داخل هذه الحدود التي وضعناها لأنفسنا. والنقطة الثانية مهمة جدا بالإضافة إلى أن هناك خلافات وفروقا في الديون المالية التي أشير إليها هنا، فقد كان هناك عدم توازن داخل منطقة اليورو بين الاقتصادات المختلفة وخاصة بين الاقتصادات في الوسط واقتصادات الطرف والكثير من الاقتصادات على الطرف تشوشت ولا أحد لاحظ ذلك، وذلك لأنه كانت عندها عجوز أو عجز داخلي وإن كان هناك عجز خارجي على سبيل المثال في قطر وأنت بحاجة إلى أن تدفع من الاحتياطات لكي تعوض عن النقص والفرق بين التوازن وهذا أمر غير طبيعي هنا أو غير معتاد ولكن داخل منطقة اليورو لا أحد لاحظ أن دولا كاليونان والبرتغال وإسبانيا كانت عندها عجز في الميزانية كبير وكان عليها أن تقترض لكي تسد العجز ولكن لم يكن أحد يعرف كيف أنه سيتم دفع هذه الأموال وسدادها ثانية. إذاً فهناك سؤالان كبيران ومسألتان كبيرتان، الأولى هي كيف للوضع المالي ومستوى الدين الحكومي سوف يؤدي إلى العودة إلى مستوى 60% بالنظر إلى الكلفة الزائدة الناتجة عن تقاعد الناس ونظام الرعاية الصحية والتي هي متزايدة؟ والثاني هو كيف أن لهذه الدول التي راكمت ديونا خارجية مع دول أوروبية أخرى وخاصة اليونان والبرتغال وإسبانيا مع فرنسا وألمانيا كيف لهذه الدول أن تكون قادرة في نظامها الحالي التي لا يمكن لها أن تغير قيمة عملتها كيف لها أن تكون قادرة على أن تصحح الوضع؟

دلالات ارتفاع وانخفاض اليورو وأثره على الدول الأوروبية


علي الظفيري: طبعا وكأني أفهم أيضا يعني كنقطة رئيسية أن الوصول إلى اليورو كعملة موحدة كان مرحلة متقدمة وكان يجب أن يسبقها مراحل قبل ذلك توحد هذه البنية الاقتصادية. سعر الصرف دكتور المنصف ماذا يعطينا يعني ماذا يؤشر لنا حول قيمة هذه العملة؟ حينما نقول تدنى مقابل الدولار أو ارتفع مقابل الدولار ماذا يعني لنا بالنسبة لقوة هذه العملة؟


المنصف شيخ روحه: أنا أشكركم أخ علي على هذا السؤال الجيد لأن سعر الصرف ما معناه؟ قيمة اليورو بالنسبة للدولار أو الدولار بالنسبة لليورو اليوم تعني شيئا نسبيا فقط، لماذا؟ لأن بقية العالم موجود، لأن قيمة اليورو وقيمة الدولار كلتيهما تنخفض منذ سنوات، بالنسبة لإيه؟ بالنسبة أولا لقيمة عملات البلدان الصاعدة لا فقط الصين يطالب كل الغرب بترفيع قيمة.. اليوان الصيني يعني أن هناك..


علي الظفيري: قيمة العملة الصينية.


المنصف شيخ روحه:  قيمة العملة الصينية، ولكن البلدان الصاعدة الأخرى أستراليا، زيلاندا الجديدة قيمة عملتها صاعدة، ما هو المؤشر الذي يعطي القيمة الحقيقية لعملة؟ هو مقدرة الاقتصاد للإنتاج وتشغيل الإنسان والتصدير، فالبلدان المصدرة لها عملة ترتفع والبلدان التي تستهلك وتقترض لها عملة ضعيفة، ففي أميركا على خمسين ولاية هناك 46 ولاية تشكو عجزا اليوم بالإضافة إلى العجز الأميركي الفيدرالي في مستوى الميزانية وفي مستوى التبادل التجاري العالمي، ولكن هذا يعطينا نظرة لخطر الاقتصاد الأميركي وخطر الدولار فالدولار في خطر واليورو في خطر، ما هي العملات المتبقية في العالم؟ سنرى ثلاث عملات ستلعب دورا إضافيا في السلة العالمية للعملات في المستقبل، أولا العملة الصينية أو الآسيوية، اليونان اللي ممكن أن ينضم إليه الين اللي هو صاعد بكثير الآن رغم أنها ليست دولة صاعدة واليونان لكوريا، ثانيا الذهب، الذهب الأصفر اليوم قيمته أكثر من 1200 دولار الوقية، فلو نحتسب سعر الدولار أو سعر اليورو بالذهب نرى أن قيمته قسمت باثنين وهذا انخفاض كبير، والثالث ولا ننساه هو الذهب الأسود، الذهب الأسود هي عملة لأنها ثروة تصديرية صلبة..


علي الظفيري: النفط.


المنصف شيخ روحه:  النفط. ممكن أن تبنى عليها عملة متكاملة وتعطي للاقتصاد الاستقرار اللازم، فالعالم رايح لعملة فيها خمسة مكونات اليورو والدولار وآسيا الأزيو أو الصين والذهب الأصفر والنفط.


علي الظفيري: خيار الدولار -وكنا ناقشناه في حلقة خاصة عن الدولار- خيارات الدولار كعملة تجارة عالمية وكعملة احتياط نقدية خلص في طريقه للانتهاء كخيار وحيد.


المنصف شيخ روحه:  هذا تاريخ.


علي الظفيري: سيد هيو، ماذا تستفيد أوروبا من هذا الارتفاع والانخفاض في عملتها مقارنة بالدولار؟ هل دائما الانخفاض ضرر وهل دائما الارتفاع فائدة؟


إدوارد هيو: أقول الكثير من الصداع والمشكلات، عندنا نظام مالي غير مستقر بالنسبة للعملات وأنا أتفق تماما مع التوجه الذي ذهب إليه الدكتور المنصف الآن وأعتقد أن الوضع الأولي بعد الحرب العالمية الثانية بالدولار كعملة احتياطية رأينا أنه خلق عدم توازن بالنسبة للولايات المتحدة بنيوية، بالنسبة لمعالجة هذه المشاكل في جذورها وهو النظر هو لماذا أن النظام لم يكن ينجح، رأينا ظهور اليورو كقوة بديلة عندما واجه الدولار مشاكل، إذاً فما عندنا هو عالم ثنائي القطبية حيث الواحد يرتفع والآخر ينخفض وقد رأينا هذا على مدى ثمانية أشهر مضت فقد كانت هناك روايات مختلفة، الآن الرواية السائدة هي رواية أن ألمانيا في حالة ازدهار ولكن الناس يلاحظون أن ألمانيا تزدهر بسبب صادراتها ولكن الصادرات يعني وجود زبائن، إذاً علينا أن نسأل أين سيكون هؤلاء الزبائن أم سيكونوا في اليابان أو الصين أو الخليج أو الولايات المتحدة؟ إذاً فألمانيا دولة معتمدة ولا يمكن أن تعتمد على الصادرات لوحدها والأمر ذاته معتمد على الصين التي تعتمد على الصادرات، إذاً بشكل أساس ما يحدث هو أن هناك أزمة في الديون السيادية وهذا أمر كان جيدا لألمانيا لأن هذا خفض من قيمة اليورو وزاد قيمة الدولار حيث هناك ارتفاع وانخفاض في الوقت ذاته.


علي الظفيري: استقبال البضائع الأوروبية أو الألمانية يكون أسهل مما كان عليه في السابق مع يورو مرتفع؟


إدوارد هيو: واضح أن الألمان هم المنتفعون الأساسيون من أزمة الديون اليونانية وبطريقة غريبة الولايات المتحدة هي الضحية لهذه الأزمة في اليونان لأنه كما رأينا في الاجتماع الأخير الاحتياطي الفيدرالي الأميركي فإن الولايات المتحدة والإدارة الآن قلقة جدا بشأن الاعتماد على الانكماش وأعتقد أنهم لن يقعوا في الانكماش ولكنهم دفعوا إلى الحافة وذلك لأن الدولار ارتفع إلى قيمة عالية إذاً ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ الدولار سيهوي ثانية واليورو سيرتفع والاقتصاد الأوروبي سوف يتجمد ثانية لأن هناك عدم توازن وغياب الطلب الداخلي لأن الكل في حالة دين كبيرة وهذا هو الموضوع الآخر الذي هو ليس مطروحا على الطاولة، إذاً الأمر ليس متعلقا بالديون الحكومية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى، هناك مستوى عال من الدين لدى الشركات بالإضافة إلى الاستهلاكية وما لم يخفض هذا فلن نرى وضعا طبيعيا في الطلب. إذاً فهناك مشكلتان، يجب أن نصحح هذه المستويات من الديون ونجد وضعا جديدا للنظام النقدي حيث نقدم مزيدا من النقود والعملات في هذه السلة وأنا أتفق مع الدكتور المنصف أن هناك تغييرا بنيويا في الاقتصاد العالمي وأهمية ما يسمى الأسواق الصاعدة والاقتصادات الصاعدة سوف يزيد ويزيد.


علي الظفيري: أعرض أيضا للمشاهدين لضيوفنا الكرام هذه المقارنة بين اقتصاد دول اليورو مع اقتصاديات الدول الأخرى لتوضح وتبين حجم الفوارق بين اقتصاد اليورو واقتصاد الدول الأخرى. دول اليورو طبعا حجم الدخل القومي 12,5، الاتحاد الأوروبي 16,4، أميركا 14,2، اليابان 5,0، والصين 4,9. مقارنة بهذه الأرقام يبدو أن دول اليورو تأتي في موقع متقدم جدا وبالتالي هذا الأمر حقق لها فائدة رغم المشاكل التي تواجهها اليوم دكتور منصف.


المنصف شيخ روحه:  أشاطركم في هذا ولكن لنا أن ننظر أبعد من هذا لأن هذه الأرقام الأساسية ماذا تبين؟ تبين أن هناك مناطق في العالم تصدر أكثر مما تورد ولها إمكانية الحياة المشرفة ولكن هناك بلدان ومناطق في العالم تصدر أقل بكثير مما تورد فهل ستتمادى في وضع أن أميركا أنها منذ عشرين سنة لها عجز تجاري كبير جدا يمول من اقتراض البلدان التي لا فوائض والتي هي اليابان والصين والبلدان المصدرة للبترول، إلى متى سيتمادى هذا الوضع؟ لأن الاقتصاد الأميركي له مشكلة كبيرة وما بينه السيد هيو هو أن في أوروبا هناك بلدان تشكو نفس المرض ألا وهو العجز الذي يبنى عليه نسبة تداين عالية جدا، العجز هذا يمس فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا واليونان بينما ألمانيا وهولندا وبلجيكا والدنمارك والنرويج فهي بلدان مصدرة، ففي قلب أوروبا لنا نحن أمام بلدان اللي سمينها immerging أي بلدان صاعدة ألمانيا وبقية البلدان المصدرة وبلدان أخرى في طريق التداين والتداين الخطير فنسبة الدين فيها كونت مشكلة اليونان ثم مشكلة إسبانيا ويمكن غدا مشكلة بريطانيا ومشكل فرنسا، فأمام هذا الوضع هذه الأرقام هامة جدا تعطينا فكرة على القرارات التي ستدرس في نطاق جمعية العشرين لوضع القاعدة الجديدة للتصرف المالي في الكون في العالم مثلما وضع سنة 1945 بعد الحرب العالمية الأولى وضع بريتن وودز أي قاعدة اللعبة لصندوق النقد الدولي وللبنك الدولي، اليوم العالم بصدد وضع قاعدة اللعبة لثلاثين أو أربعين سنة جاية، ومن المفرح أن هنا في الجي عشرين بلد عربي أي المملكة العربية السعودية ممثل لأول مرة لهذا، فلنا الآن أن نشتغل كل العرب كل الاقتصاديين كل رجال الأعمال كل السياسيين للتفكير في مصالح العرب مصالح المنطقة لا فقط للسنة الجاية بل للعشرين ثلاثين أربعين سنة المقبلة.


علي الظفيري: نعم. بعد الفاصل مشاهدينا الكرام نتناول من استفاد أكثر من اليورو من داخل دول أوروبا ومن خسر نتيجة هذه العملة الموحدة؟ إلى أين تسير هذه العملة التي تجمع أوروبا اليوم؟ وأيضا علاقتنا في المنطقة العربية مع هذه العملة وما تتعرض له، فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

آفاق تجاوز أزمة اليورو ودوره في الوحدة الأوروبية


علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة التي تبحث مستقبل أوروبا في ظل أزمة الاقتصاد العالمية وأزمة اليورو تحديدا مع السيدين طبعا إدوارد هيو والدكتور محمد المنصف شيخ روحه أستاذ المالية في المدرسة العليا للتجارة في باريس. سيد إدوارد هيو من استفاد بعد عشرة أعوام من إطلاق اليورو، من استفاد أكثر من هذه العملة بين الدول الأوروبية ومن خسر جراء عملة أوروبية موحدة؟


إدوارد هيو: أود أن أؤكد على ما قيل سابقا بأنه في الحقيقة الكل انتفع بطريقة أو أخرى فهناك جدل طويل إن كنت تنظر إلى الزجاجة والكأس بأنها مليئة نصف مليئة أو نصف فارغة فهذا لا يعني بأن اليورو كان عبارة عن كارثة ولكن ما يعني هو أنه علينا أن نقوم بما علينا وأن نوضح الأمور، من المنتفع الأساسي؟ واضح أن ألمانيا كانت المنتفع الأساسي من هذا الوضع وذلك لأن منطقة اليورو يسرت لألمانيا أن تقوم بإيجاد صادرات كبيرة تدعم الاقتصاد وهذا أدى إلى أن يكون عندها نظام توفير وأدى أيضا إلى الإقراض للاقتصاد على الأطراف ولكن لم يكن هناك أحد منتفع بشكل تام دون مشاكل، لأنه حتى في الحالة الألمانية ما زال على ألمانيا أن تجد طريقة لكي تستعيد الأموال التي أقرضتها لأنه إن أقرضت الأموال للناس الذين لا يستطيعون التسديد فهذا لا يعتبر عملا تجاريا ناجعا.


علي الظفيري: فقط لدي عدد من الأسئلة السريعة لك سيد إدوارد هيو. بريطانيا كخارج منطقة اليورو كيف تنظر لما يتعرض له اليورو اليوم، تزداد ارتياحا أم ربما تعيد التفكير في مسألة الانضمام؟


إدوارد هيو: في هذه اللحظة إنهم لا يراجعون موقفهم بكل تأكيد من ناحية أخرى كل عائلة -كما قالت رواية تولستوي- كل عائلة غير سعيدة هي غير سعيدة بطريقتها الخاصة، البريطانيون في الوقت الحاضر ليسوا في موقف يجعلهم يتأملون جديا بشأن منطقة اليورو لأنهم عندهم مشاكل خاصة بهم.


علي الظفيري: الأمور تسير إلى اتجاه إعادة النظر -دكتور المنصف- في قضية اليورو كعملة موحدة أوروبية أم أن هذه أزمة تمر بها كل العملات الأخرى وكل المواقف الأخرى أيضا ويتم تجاوزها؟


المنصف شيخ روحه: أوروبا بصدد البناء، لما تم تكوين الولايات المتحدة الأميركية أذكر بأن ما وقع كان أخطر بكثير مما يعقل لليورو لأنه كان في حرب أهلية بين الشمال والجنوب، كان فيها أمور سياسية واجتماعية ولكن فيها أمور اقتصادية، الشمال كان يتبع التقليد البروتستانتي الذي يضع العمل أولا والجنوب كان يبني ثروته على العبيد وعلى استغلال اليد العاملة المتأتية من إفريقيا للقطن، فالشمال تغلب على الجنوب وأميركا راحت في توجه إعادة الاعتبار للعمل والشغل وتكوين الثروة ولكن اليوم أوروبا ليست أمام هذا الخطر، هناك أزمة وكل الأطفال يمرون بأزمات، أزمات الـ 17 سنة 18 سنة فاليورو أمام هذه الأزمة اليوم، المفروض حتى يتخطاها أن نرجع إلى ما قاله السيد هيو وأنا مؤيد له أن هناك بلدا تنظر له كل أوروبا كالبلد الأب سيساعدنا سيعيننا إعانة هي ألمانيا، فاليونان لها مشكلة تنظر إلى ألمانيا إسبانيا لها مشكلة تنظر إلى ألمانيا ولكن ألمانيا ساعدت ألمانيا الشرقية وهضمت صعودها، ساعدت روسيا لما خرجت من الشيوعية فهل ألمانيا مستعدة اليوم أن تتمادى في الشغل لإعانة البلدان الأخرى بدون مقابل؟ فهي تقول أنا مستعدة للدخول في هذه المساعدة ولكن المفروض أن يكون هناك عقد..


علي الظفيري: من الآخرين.


المنصف شيخ روحه:  هذا هو.


علي الظفيري: سيد هيو ما هي مركزية اليورو في مشروع الوحدة الأوروبية، يعني لو افترضنا جدلا أن هذه العملات تواجه مشكلة جدية وحقيقية وربما تتعرض للسقوط، هل يسقط مشروع الوحدة الأوروبية بشكل كامل؟ هل اليورو ركيزة أساسية أم هو فقط واحد من مظاهر الوحدة؟


إدوارد هيو: أعتقد أنه يجب أن أكون واضحا، المخاطر بالنسبة لاختفاء المشاكل هناك ليست قائمة ولكن أعتقد أن هذا يعتبر مجرد عملة فقط ولن يخلق وضعا خطيرا جدا رغم أنه لن يكون سهلا والدروس التي نراها الآن هي أن المؤسسات الأوروبية تتجاوب مع الأزمة وهي تضع أمورا كان ينبغي أنه كانت وضعتها قبل أعوام ولكن هل سينجح هذا؟ هذا يعتبر مسألة أخرى وهذه تعتبر مسألة سنستطيع رؤية نتائجها بمرور الوقت ولكن هذه الاقتصادات التي على الأطراف بوجود الشمال ومنتصف أوروبا عليها تشويش وإن كان هناك جاهزية لقبول التضحيات لوقت طويل يكفل إعادة الوضع إلى ترتيبه هذا هو الخطر ولكن أقول إن الخطر ليس غدا ولكنه لأعوام قادمة ربما، ولأكن واضحا لا أعتقد أن هناك أي خطر بالنسبة للاتحاد الأوروبي أن يتفكك فالكثير من الدول بالعكس تود أن تنضم إليه كتركيا على سبيل المثال التي هي في طور الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ودول أخرى أيضا في الشرق وأماكن أخرى تناقش وتفاوض أن تنضم، إذاً فالاتحاد الأوروبي سوف يستمر بوجود أو بعدم وجود اليورو.


علي الظفيري: نعم. مارك لافينسون خبير اقتصادي في مجلس العلاقات الخارجية في مقابلة له على موقع المجلس قبل أشهر يقول تفكك الاتحاد النقدي سيقود حتما إلى تفكك الاتحاد الأوروبي نفسه، السيد هيو لا يرى بذلك، أنت أين تقف من هذه المسألة والاتحاد النقدي ينظر له على أنه ركيزة أساسية في المشروع الأوروبي؟


المنصف شيخ روحه:  أنا لما أنظر إلى بلدان البلطيق التي رشحت نفسها للدخول لا فقط في أوروبا لأنها في أوروبا 27 للدخول إلى اليورو zoon إلى للـ 16 ، حتى الآن هي تحاول الدخول في منطقة اليورو، مثل تركيا مهم جدا، فالثقة بهذه المنطقة كبيرة جدا وأنا لا أتصور أن اليورو سيزول لسببين، أولا السبب التجاري المنطقة التي فيها أكبر تبادل تجاري اليوم هي منطقة أوروبا، وبولك روغمان الحائز على جائزة نوبل الأخيرة بين على عكس ما كنا نظنه لما العالم كان مشتتا العالم الجديد هو قريب من بعضه البعض إلى أن التبادل بين البلدان التي تتشابه أصبح أكثر من التبادل بين البلدان التي لا تتشابه، فالتبادل التجاري بين البلدان الأوروبية اليوم لسبب.. لسبب كل ما يكبر حجم المصنع كلما تقل التكاليف فالتكاليف تنخفض في أوروبا إلى حد أن مزاحمتها لبقية العالم تكون أحسن، فأوروبا في حاجة إلى هذا ولهذا أوروبا ستمر بمشاكل أكبر مشكلة -وأنا أتفق مع السيد هيو- هي مشكلة الديون ونحن كعرب ومسلمين في تاريخنا نعرف معاملة الدين، الدين مفروض أن نأخذه إن كان لنا إمكانية تسديده..


علي الظفيري: إعادته.


المنصف شيخ روحه: إعادته من أين؟ من خلق الثروة المستقبلية، أما الدين الذي نأخذه ونصدر سندات مقابله ولا ننوي دفعها فهذا حتى بيع الدين حرام. فهذا مشكلة الدين اليوم أوروبا ستتطرق لها لا من جهة فقهية بل من جهة أخلاقية التي هي اليوم تكلفتها عالية، وبين البروفسور روغوفي في هارفرد أنه لما تصعد نسبة الديون إلى 70% أو 80% من الناتج القومي الخام تصبح كل الديون الإضافية التي تقترضها البلدان سلبية من وجهة نظر التقدم الاقتصادي ومن وجهة نظر النمو.


علي الظفيري: طبعا طرح قضية نهاية اليورو يعني هي ليست مسألة استنتاجية أو افتراضية إنما كبريات الصحف والمجلات الاقتصادية في العالم الأميركي والخبراء تحدثوا عن هذا الأمر، النيوزويك حينما تقول اليورو يشيخ مبكرا، الأميركي نيال فيكسون وهو من أشهر المؤرخين الاقتصاديين يتحدث عن نهاية اليورو، نهاية اليورو بمعنى أمر تام وحادث، الإيكونوميست تتحدث عن عيوب خلقية يعاني منها اليورو، كل هذا الأمر يدفعنا للتساؤل سيد هيو، هل اليورو متماسك بدرجة كبيرة أم أن ثمة فرصة لسقوطه كعملة موحدة والعودة للعملات الأساسية لكل دولة؟


إدوارد هيو: هل لي أن أدلي بنقطة؟ انظروا إلى ما حدث بعد فشل ليمان براذرز، ليس فقط الأوروبيين الذين لهم مصلحة في بقاء اليورو ولكن الاقتصاد العالمي كله والكوكب كله له مصلحة في بقاء اليورو حيا وإن كان هناك مشكلة خطيرة وانهار اليورو فإن المخاطر سوف تكون كبيرة جدا تتجاوز الركود، نعم اليورو فيه أخطاء وفي مشاكل يجب أن تعالج ونعم سيكون هناك صعوبات وكل هذه الصحف والصحفيين الذين ذكرتهم محقين بإثارة هذه المسائل ولكن بنهاية هذا الأمر لا يمكن لنا أن نتحمل أن يسقط اليورو وأن نتساهل مع ذلك.


علي الظفيري: تفضل.


المنصف شيخ روحه: أريد أن أضيف نقطة هامة مطابقة لما قاله السيد هيو، هي أن ما هي نظرة البلدان الأخرى والبنوك المركزية الأخرى غير الأميركية في هذا الموضوع؟ ننظر إلى روسيا، روسيا التي لها تقريبا ثلاثمئة مليار دولار رصيد في البنك المركزي حولت مائة مليار دولار من الدولار إلى اليورو..


علي الظفيري (مقاطعا): يعني أقصد أنه فعلا النقطة التي تريد أنه ما زال عملة احتياط جاذبة.


المنصف شيخ روحه: جاذبة جدا. والنقطة الثانية التي حبيت أقولها إن اليورو ليس فقط النقد الآن العملة النقدية لأوروبا بل لمناطق أخرى من العالم، لا ننس أن بلدان غربي إفريقيا لهم بنك مركزي موحد وهذا البنك المركزي الموحد يصدر عملة اسمها الفرنك سيفا والفرنك سيفا مرتبط عضويا باليورو فبلدان إفريقيا وجدت أن هناك استقرارا تأتى من هذه العملية يجعل التعامل التجاري وإن شاء الله التعامل الاستثماري في إفريقيا له مربوحية هامة، فننظر إلى اليورو كعملة عالمية لا لأخذ مكان الدولار بل للدخول في هذه السلة التي سيروح إليها العالم.

تأثير السياسة الأوروبية وانعكاسات الأزمة على التكتلات الاقتصادية


علي الظفيري: أعرض للمشاهدين هذا الرسم البياني والذي يحدد أبرز الدول الأوروبية المهددة بالتعرض لأزمة مالية وتعرف تلك الدول طبعا باسم الشقيقات الضعيفات، اليونان يبلغ حجم دينه العام 273 مليار و407 ملايين يورو حيث تبلغ نسبة الدين إلى الدخل القومي 115,1%، أما إيطاليا يبلغ حجم ديونها 1760 مليار فيما تبلغ نسبة الدين إلى الدخل القومي 115,8%، دين البرتغال يبلغ 1259 مليار يورو ونسبة الدين إلى الدخل القومي 76,8%، ديون إسبانيا 559 مليار يورو نسبة دينها إلى الدخل القومي 53,2%، أخيرا أيرلندا يبلغ حجم دينها 1,4 مليارات يورو وتبلغ نسبة الدين إلى الدخل القومي 64%، المصدر مكتب الإحصاء في الاتحاد الأوروبي. طبعا سيد هيو هذه أرقام صعبة ومخيفة تواجه دولا كثيرة في منطقة اليورو. أسأل الدكتور المنصف، الدول الساعية إلى وحدة نقدية دول مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال، والتجربة الأوروبية كانت جاذبة ومغرية لكثير من التكتلات الاقتصادية، ما يحدث اليوم أين يدفعنا للتفكير في دول مجلس التعاون بخصوص وحدة نقدية خليجية؟


المنصف شيخ روحه:  حسب رأيي دول مجلس التعاون لها حظوظ أكبر بكثير من الحظوظ الأوروبية لماذا؟ لأنها أولا هي دول تتكلم نفس اللغة ولها نفس التقاليد ولها اقتراب اقتصادي كبير، لما نظرت إلى الاستثمارات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي وجدت أن معظم استثماراتها هي في الدول الخليجية فهناك تكامل كبير وتقارب كبير بين الاقتصاديات فإدماج عملة مشتركة سيأتي بمصالح في المنطقة منطقة الخليج أكثر مما أتى به اليورو..


علي الظفيري (مقاطعا): لكن الدول التي انسحبت مثل الإمارات وعمان كأنها تنفست الصعداء نظير ما يجري لليورو بمعنى أن موقفنا سليم وصحيح وهذه أوروبا تتعرض لمشاكل نتيجة عملة موحدة.


المنصف شيخ روحه:  وإن شاء الله سترى مزايا العملة الموحدة وستأتي وتدخل لهذا، وأنا أتصور أنه بعد نجاح العملة هذه إن شاء الله سنرى عدة بلدان تأخذ هذه العملة كمؤشر لها وخصوصا البلدان المصدرة للبترول والغاز وليبيا، الجزائر غدا ستنظر إلى هذه العملة..


علي الظفيري: العراق مثلا.


المنصف شيخ روحه:  شكرا، العراق مثلا ستنظر إلى هذه العملة كعملة تجعلهم يتخلصون من تغيرات وتأرجحات خطيرة الآن لأننا الآن نمر بين بعضنا البعض عن طريق الدولار، ما هو مآل الدولار؟ ما نعرف، ولكن ما نعرفه أنه كلما ينخفض الدولار يصعد سعر البرميل والعكس بالعكس أي العملة الحقيقية في الدول المصدرة للبترول هي عملة مبنية على سعر البترول.


علي الظفيري: نعم أستاذ إدوارد هيو كيف أثرت السياسة في أوروبا على اليورو كعملة موحدة؟


إدوارد هيو: أعتقد أن هذا هو جوهر المشكلة فلكي يكون هناك عملة موحدة كل دولة يجب أن تقبل بأنه سيكون عندها مستوى مقبول من فقدان السيادة والأعداد التي أظهرتها بالنسبة للمستويات المختلفة للديون الحكومية بين هذه الدول كيف نتج هذا الموضوع؟ هو نتج بسبب الآليات الموجودة لضبط الإنفاقات في هذه الدول، لم تكن قوية بما يكفي، فأي مشروع يخرج لمحاولة إيجاد عملة موحدة بين دول مختلفة فإن الدول المتشاركة يجب أن تقبل منذ البداية أنه عليها أن تتخلى عن شيء ما ليمكن النظام من النجاح وأن كل دولة تريد أن تستمر بطريقتها الفردية الخاصة وهذا هو الحوار الكبير في أوروبا الآن، ما هو المستوى المقبول للتخلي عن بعض السيادة الذي ستقبله كل دولة من أجل أن تنجح الأمر؟ هذا هو السجال الدائر الآن، لكن إن كانت الدول لا تريد أن تقبل بهذه المسألة فلن تكون قادرة على المشاركة في الوحدة النقدية ولكن ما هو البديل؟ هذا هو الأمر الذي نثيره الآن، الارتباط بالدولار حيث لا يعرف أحد أين سيكون الدولار بعد عشرين عاما من اليوم قد لا يكون الأمر الأكثر إرضاء، إذاً فلا شيء في هذا العالم مثالي، يجب أن تخاطر وأن تكون جاهزا للتضحية وأن تحاول أن توجد أفضل حل لك كجزء من هذه العملية فأنت لا تخلق هذه الأوضاع، والدروس الأخرى التي يجب أن نستقيها من اليورو هي أنه لا يمكن لك أن تركض بسرعة فاليورو بحاجة إلى المزيد من الوقت ولذا فهذه المشاريع هي مشاريع جدية على مدى بعيد.


علي الظفيري: دكتور المنصف التكتلات الاقتصادية في العالم، العالم كيف ينظر لمسألة اليورو، ما هي مصلحته فيما يتعرض له اليورو اليوم؟


المنصف شيخ روحه:  هذا سؤال سأله رئيس جامعة بيكوني في إيطاليا ولكن كان هو وزير المزاحمة في الحكومة الأوروبية في برسيلز اسمه ماريو مونتي، ماريو مونتي قال هناك في العالم طلب لأكثر تواجد أوروبي متحد، ولكن عرض أوروبا أي بناء أوروبا من طرف الأوروبيين ما زال ضعيفا، والسؤال الذي طرحه السيد هيو هو سؤال التنازل على بعض ما يبدو أنه (sevrenty) أنه.. يعني..


علي الظفيري: أنا لا أعرف صراحة مثل هذه الكلمات، بإمكانك المواصلة يعني.


المنصف شيخ روحه:  ok فالتنازل على بعض أوجه السيادة بعض أوجه السيادة بعضها مش في الحقيقة السيادة لا نتنازل عنها، ولكن ممكن أن نربح بكثير لما نربط مصالحنا بعضها ببعض، فما أتصوره أن العالم يرى هذه التكتلات فيها مصلحة لأن الاستقرار الذي يتكون داخل هذه التكتلات من الوجه المالي والوجه المصرفي أي من الوجه الإنتاجي والبيع والتجاري يجعل الربح للجميع أكبر.


علي الظفيري: نعم، هو مفيد وأيضا في مسألة الأحادية القطبية ومسألة تعدد الأقطاب وجود أكثر من قوة. سؤالي الأخير أستاذ هيو، تعليقات أميركية قاسية جدا على أوروبا، ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية والمفكر الأميركي طبعا المعروف في الفايننشال تايمز يقول المشروع الأوروبي يتداعى، أزمة اليونان كشفت ضعف القيادة الأوربية، الرفض المتكرر لمعاهدة لشبونة أظهرت أن أوروبا موحدة لم تعد تثير خيال وحماسة الأوروبيين، الأوروبيون لم يعودوا ملتزمين بالمشروع الأوروبي، أندرو باسيفيتش أستاذ العلاقات الدولية في هارفرد جنرال أميركي سابق يقول مع مطلع القرن 21 فقدت أوروبا شهيتها للحروب وهنا نتحدث عن أسباب القوة فيها، وزير الدفاع الأميركي يتحدث عن انتهاء المشروع العسكري الأميركي، ستيف وولد أستاذ العلاقات الدولية بهارفرد أن مسيرة الصعود الأوروبي لنحو خمسمئة عام انتهت مع الحرب العالمية الثانية، وولتر راسل ميد أهم محلل للسياسة الخارجية يقول أزمة اليورو مظهر من مظاهر الانحدار الأوروبي. حاولت أن أجمع يعني خلاصة لحديث أميركي ناقد هو أن أوروبا مشروع حقيقي وكبير لم يعد موجودا ولا فرصة لاستمراره.


إدوارد هيو: أنا أقول بصراحة بأنني لا أعتقد أن هذا الرأي الوحيد القادم من أميركا، الرأي الأكثر توازنا المعبر عنه عما يجري آت من برنانكي الذي قال إن اليورو تجربة عظيمة ولا نعرف كيف ستنتهي، فهذه الكارثة التي كنت تصفها بالنسبة لكتابات البعض من الأميركان أعتقد أنها مبالغ فيها وبالفعل إذا ما استمعت للأميركان بالنسبة لاقتصادهم فسوف تسمع ذات الانتقادات المتعلقة بالاقتصاد الأميركي من مجموعة أخرى من الناس، إذاً فأعتقد أن علينا أن نأخذ كل هذا بدرجة من الحذر والتحقق والاعتدال فكل العالم له مصلحة في مشروع اليورو.


المنصف شيخ روحه: الرئيس السابق كلينتون لما ترك البيت الأبيض مثل كل رئيس كتب رسالة وداع ونشرها في الصحف، تقول هذه الرسالة في هذا القرن الجديد الـ leadership لأميركا سوف يتقلص والـ leadership سيتحول للشرق..


علي الظفيري: القيادة.


المنصف شيخ روحه:  السيادة للشرق. ففي إمكانية أوروبا أن تغتم الفرصة، إذا لم تغتنمها سيتحول أكثر إلى الشرق وستكون آسيا هي سيدة الموقف، العالم يتغير.

علي الظفيري: دكتور محمد المنصف شيخ روحه أستاذ المالية الدولية في المدرسة العليا للتجارة في باريس شكرا جزيلا لك، الخبير الاقتصادي البريطاني إدوارد هيو شكرا جزيلا لك على قدومك ومشاركتك معنا في حلقة عن اليورو، أذكر ببريد البرنامج الظاهر أمامكم، alomq@aljazeera.net تحية من داود سليمان منتج البرنامج، راشد جديع أيضا مخرج في العمق ومن الزميل يوسف شروف الذي كعادته يقدم بحثا اقتصاديا رصينا للحلقات حينما نستعين فيه في مواضيع اقتصادية وغيرها. شكرا لكم وإلى اللقاء.