ضيف وقضية

الديمقراطية في دول الخليج

التحولات الديمقراطية في دول الخليج، تقييم التجربة البرلمانية في دول الخليج، التجربة النيابية في الكويت، مدى تخوف الأسر الحاكمة في منطقة الخليج من التجربة الديمقراطية، مدى توفر الحريات العامة في منطقة الخليج، أهداف الضغط الخارجي على دول الخليج.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيف الحلقة:

د. عبدالله النفيسي: أستاذ العلوم السياسية

تاريخ الحلقة:

26/10/1999

– التحولات الديمقراطية في دول الخليج
– تقييم التجربة البرلمانية في دول الخليج

– التجربة النيابية في الكويت

– مدى تخوف الأسر الحاكمة في منطقة الخليج من التجربة الديمقراطية

– مدى توفر الحريات العامة في منطقة الخليج

– أهداف الضغط الخارجي على دول الخليج لتبني موضوع الديمقراطية

undefined
undefined

محمد كريشان: دكتور عبد الله النفيسي أهلاً وسهلاً.

د.عبد الله النفيسي: يا مرحباً.


التحولات الديمقراطية في دول الخليج

محمد كريشان: يعني دكتور عندما نتحدث عن التحولات الديمقراطية في الخليج، أولاً هل هذا هو التعبير المناسب، هل هو تعبير دقيق؟ هل هو يعكس حالة سياسية واجتماعية الآن في الخليج أم ربما يعكس أمنية أكثر منها تعبير عن واقع؟

د.عبد الله النفيسي: لا أنا بأتصور إنه مصطلح الديمقراطية أشمل بكثير مما يجري في الخليج، يعني ما يجري في الخليج هو خطوات نحو الديمقراطية، لكن مصطلح الديمقراية يشمل السلطة والمجتمع المدني والعلاقات بينهما وهذا غير حاصل في الخليج.

محمد كريشان: ولكن هذه الخطوات مثلاً ما هي تعبيراتها برأيك الآن؟ وهل يمكن أن تشكل عبر تراكم ما أن تؤدي إلى هذه التحولات؟

د.عبد الله النفيسي: الديمقراطية؟

محمد كريشان: لأ يعني الخطوات التي أشرت إليها ما هي –تحديداً- في منطقة الخليج؟

د.عبد الله النفيسي: يعني تشكيل مجالس الشورى والتفكير بإتفاقيات دائمة ولوائح تنظم السلطات والفصل بين السلطات، هذه تحولات مطلوبة كإجراءات تمهيدية للديمقراطية.

محمد كريشان: برأيك هذه الخطوات يعني هل جاءت تعبير عن وعي الطبقة السياسية الحاكمة بضرورة الانفتاح السياسي التدريجي، أم نتيجة موازين قوى معينة في المجتمع فرضت هذه التحولات، يعني كيف تضعها في سياقها التاريخي؟

د.عبد الله النفيسي: آه، هنا ننتقل إلى أفق آخر من النقاش أنا تعنيني في.. في هذا الخصوص –أخي محمد- قضية المنهج، لابد من.. من منهج لحوارنا حول هذا الموضوع، ولابد من نموذج نضعه كمقدمة للنقاش ونبني عليه، أنا بأتصور المجتمع الخليجي جزء من المجتمع العربي، والمجتمع العربي كله بدون استئثار من البحر إلى البحر يعاني من ثلاث مشاكل، هاي المشاكل لها علاقة بما يجري بالخليج اليوم، المشكلة الأولى هي تركز السلطة في العالم العربي، وأقصد بتركز السلطة استثناء القلة بالقرار السياسي، هذه العملية تؤدي دائماً إلى القرار الخاطئ، والقرار الخاطئ، يؤدي دائماً إلى تذمر، والتذمر يؤدي إلى ظاهرة القمع، وظاهرة القمع تؤدي إلى المواطن الخائف، فالمواطن العربي اليوم مواطن خائف حتماً من البحر إلى البحر، ليش؟ لأن فيه تركز السلطة الذي يؤدي إلى القرار الخاطئ، فيه مشكلة ثانية اللي هي سوء توزيع الثروة أيضاً هذه ظاهرة عربية، الفروقات الفاحشة بين الناس في موضوع الدخول ظاهرة عربية، سوء توزيع الثروة هذه تؤدي إلى ظاهرة الحرمان، فالمواطن العربي اليوم في الأعم نتيجة لسوء توزيع الثروة مواطن محروم، فحط الخوف زائد الحرمان يؤدي إلى الظاهرة الثالثة اللي هي التحلل الاجتماعي، ليس بمعنى الأخلاقي، بل بالمعنى المؤسساتي، ليس هناك انتماء بين المواطن العربي اليوم والمؤسسة التي يعمل فيها، ليش؟ لأنه أولاً خائف، ثانياً محروم، بالتالي لا يعنيه الأمر.

محمد كريشان: ولكن الخوف والحرمان هل يمكن أن يكونا التعبيرين الدقيقين فيما يتعلق حتى بمنطقة الخليج؟

د.عبد الله النفيسي: هي مسائل نسبية، قد يكون الخوف والحرمان موجود في دولة ما بنسبة تفوق النسب الأخرى في الخليج، لكن موجود خوف في الخليج وموجود حرمان في الخليج، وهذا الأمر الذي نود أن نُلقي الضوء عليه خلال نقاشنا.


تقييم التجربة البرلمانية في دول الخليج

محمد كريشان: نعم، يعني إشارتك العابرة إلى تجربة مجالس الشورى في دول الخليج العربي كنوع من التعبير عن هذه الخطوات المحدودة حول.. نحو الديمقراطية، يعني هناك مجلس أمة في الكويت، هناك مجلس شورى في عُمان، مجلس النواب في البحرين حُل، وهناك توجه نحو انتخابات برلمانية في قطر، يعني إلى أي مدى يمكن أن تشكل الحياة البرلمانية رغم تعدد التجارب وتعدد.. هناك اختلافات بين هذه التجارب، هل يمكن أن تشكل الحياة البرلمانية في دول الخليج خطوة لا بأس بها نحو مجتمع قائم على المؤسسات وقائم على القانون بشكل واضح؟

د.عبد الله النفيسي: أنا أريد أن أكون صريح معاك أخي محمد، أنه مالم يحصل تبدل وتغير جوهري في فكر السلطة في الخليج وفي توجهاتها السياسية كل الخطوات هذه يعني تذهب هباءاً، الأمويين والعباسيين كان عندهم مجالس شورى وصدرت فيها مراسيم، لكن لماذا لا يذكر الطبري أو ابن الأثير أو تاريخ ابن كثير شيئاً عن هذه المجالس؟ لأنها لم تكن فعالة، كانت شكلية، أبو بكر، عمر، علي، عثمان ما كان عندهم مجالس شورة بالمعنى الرسمي، ولكن كان جوهر السلطة، ملتزم بمفهوم الشورى، وملتزم بالقرار الجماعي، ولذلك يعني تسمى الخلافة راشدة، راشدة لماذا لأنها تسترشد بالقرار الجماهيري أو المجموعة أو الشوروي إلى آخره، فالشكل شيء والجوهر شيء آخر، إحنا عندنا إلى الكويت.. خليني أعرج على الكويت، أنا بأتصور إنه التجربة النيابية الكويتية ما أسميها تجربة ديمقراطية، لأن الديمقراطية أشمل من النيابية، تجربة نيابية بالكويت جاءت نتيجة لملابسات تاريخية وجغرافية، الكويت فيه مثلث الضغط محاطة بالعراق وبالسعودية وبإيران، كل نظام من ها الأنظمة الثلاثة له مشروعه السياسي في الكويت، وله رؤيته للكويت إلى آخره، فلجأت العائلة الحاكمة أو السلطة سمها ما شئت إلى الإنفراج الداخلي عبر التجربة النيابية، زائد الضغط البريطاني الذي تولد على الأسرة الحاكمة لإنشاء برلمان، لكن لأن السلطة في الكويت غير مقتنعة أساساً بموضوع النيابية والحياة النيابية لجأت إلى تزوير الحياة النيابية.. الانتخابات سنة 67، لجأت إلى حل غير دستوري سنة 76، لجأت إلى حل غير دستوري سنة 86، فأنا أقول وأزعم بأنه ما لم تقتنع السلطة السياسية في الخليج والجزيرة بالمفهوم لا فائدة من هذه الأشكال، يعني كأنك قاعد في مسرح تشاهد مسرحية والديكور الخلفي هو بيت فقط والبيت من كارتون، وحمام.. والحمام من كارتون، ومنبر.. والمنبر من كارتون، من السهولة يعني تمزيقه بيد واحدة، لذلك أنا.. أنا أهتم ويعنيني المضمون وليس الشكل.

محمد كريشان: ولكن طالما أشرنا منذ البداية إلى أن الأمور تظل نسبية، يعني التجربة البرلمانية أو النيابية في الكويت كما أشرت إليها مع ذلك ورغم التحفظات على عدم مشاركة المرأة، ورغم التحفظات العامة التي أشرت إليها، تظل تجربة.. تجربة نيابية جريئة في منطقة الخليج.

د.عبد الله النفيسي: نسبياً.

محمد كريشان: نسبياً، هناك نواب يمكن أن يصنفوا كمعارضة، هناك استجواب لوزراء رغم أنها عموماً لا تصل إلى النهاية، يعني طالما أن الأمور نسبية، وطالما أشرت إلى أن الضغوط بمختلف الأقليمية والدولية، هل يمكن أن نصل بهذا التحليل إلى استنتاج بأن طالما لا توجد ضغوط مشابهة على دول أخرى مثل قطر أو مثل السعودية أو مثل البحرين لا يمكن أن نصل إلى تجربة على الأقل متقدمة نسبياً.

د.عبد الله النفيسي: نعم، ينبغي أن تعرف -أخي محمد- بأن أي مجتمع سياسي ينقسم إلى 4 شرائح.. 4 شرائح: الشريحة الصغرى اللي هي شريحة الأقوياء اللي بأيديهم السلطة، بأيديهم القرار، الأقوياء، الشريحة المحيطة بهم وهي شريحة صغيرة هي شريحة الساعون نحو القوة، الشريحة اللي هذه شريحة الكادر المحيط بصاحب القرار، الشريحة التي تلي الساعون نحو القوة هي الشريحة السياسية الاجتماعية نخبة المفكرين، الكتاب، صناع الرأي إلى آخره، الشريحة الأعرض في المجتمعات السياسية هي الشريحة غير السياسية، الشريحة المعنية بيومياتها وأهم مؤسسة مثلاً عند هؤلاء اللي في الشريحة غير السياسية ممكن شبرة الخضرة أهم من البرلمان عنده، صح أم لا؟ هو يتعامل يومياً مع عالم يختلف تماماً عن العالم اللي أنت وأنا نفكر فيه، هذه التقسيمات يعرفها صاحب الرأي.. صاحب القرار، ولذلك لن يتزحزح عن مكانه مالم يتم الضغط عليه لإحداث التغيير، ولذلك أنا أقول بأن تجربتنا في الكويت لم تأتِ نتيجة لتوازن اجتماعي، فصارت الحياة النيابية أبداً أبداً كان فيه ضغوط خارجية أساساً من العراق من أيام الملك غازي صح أم لا؟ مروراً بحكومة بكر صدقي، مروراً بعبد الكريم قاسم، مروراً بالبعث العراقي، مروراً.. يعني فيه ضغوط على الكويت من العراق، من السعودية كان فيه ضغوط على الكويت، يعني الكويت كانت 45 ألف كيلو متر مربع.. اليوم 17 ألف كيلو متر مربع، ثلثين الكويت راحت في بطن السعودية فيه ضغط جغرافي، ولذلك كانت الأسرة الحاكمة مضطرة اضطراراً لكي تتفاعل داخلياً في طريقة منفرجة معاي يا محمد؟ فلذلك أنا أزعم بأن صاحب القرار أياً كان في الكويت، امتداداً بشريط النفط إلى مسقط الآن لا يتحرك ولن يتزحزح مالم يحصل عليه ضغط إن داخلي أو خارجي لكي يغير وجهة نظره في موضوع الـDiligation Power اللي هي تفويض السلطات.


التجربة النيابية في الكويت

محمد كريشان: نعم، يعني طالما نحن في.. في الموضوع الكويتي لماذا التجربة في الكويت لم تصل في تفاعلاتها إلى.. إلى النهائي؟ يعني هناك قبول بقواعد لعبة معينة داخل المجتمع الكويتي، ولكن عندما تصل هذه القواعد إلى ما يمكن اعتباره خط أحمر، أو ما يمكن اعتباره تجرؤ على مقدسات معينة داخل الكويت يقع إبطال اللعبة وقلب الطاولة من جديد، حل مجلس النواب، حل مجلس النواب مثلاً حُل مرات عديدة وآخرها المرة الأخيرة، يعني لماذا لا تقبل السلطة –رغم أنها ليست مهددة في العمق- لماذا لا تقبل أن.. أن تمتد اللعبة أو أن يتسع هامش اللعبة أكثر مما هو معمول به في السنوات الماضية؟

د.عبد الله النفيسي: نعود إلى عقلية.. عقلية الحصار اللي بتعيشه السلطة في الكويت، يعني السلطة في الكويت تعيش عقلية الحصار، وأنا أشبه الموضوع النيابي في الكويت والتجربة النيابية في الكويت مثل اثنين قاعدين يلعبون شطرنج صح أو لا؟ السلطة مثلاً والبرلمان وتمضي اللعبة ساعة، ساعتين، ثلاث ساعات، عندما يتبين للسلطة إنه اللعبة ماشية باتجاه انتصار البرلمان ركلت الطاولة وقلبت الحطب كله صح أو لا؟ وقالت خلاص أنا ما بي ألعب، ما بي أكمل، ليش؟ لأن الديمقراطية.. التجربة النيابية لم تأتِ نتيجة لتطور أدى إلى هذا التوازن الاجتماعي، وإلى تنظيم الثروات أبداً، إنما جاءت التجربة نتيجة لضغوط خارجية، ربما كانت فيه مطالب داخلية هذا صحيح، وربما كانت هذه المطالب قديمة، لكن لم تكن من الثقل بمكان أن تجعل السلطة تقرر بتبني التجربة النيابية، يعني ينبغي أن نعرف بأن البريطانيين ضغطوا كثيراً باتجاه تكوين تجربة نيابية في الكويت و(وليم لوث) جاء إلى الكويت سنة 59 لإقناع عبد الله سالم الصُباح بالتجربة النيابية، و.. وزف وفد هائل وكبير من أبناء الأسرة الحاكمة في الكويت يطالبون عبد الله سالم الصباحي بعدم الركون أو الاستسلام لرغبة بريطانيا، وعبد الله سالم لأن تكوينه الخاص الشخصي كان عنده شيء من التعاطف مع أقطاب اللوجاثية الكويتية اللي تطالب بتجربة نيابية، كان عنده شيء من العلاقة معهم والثقة بهم، صرف هذا الوفد اللي هو يمثل الإرادة العامة – ترى – للأسرة الحاكمة في الكويت، فأنا أقول وأزعم بأن لازالت كل السلط السياسية في الخليج، وكل السلط السياسية في الخليج غير مقتنعة تماماً بعملية تفويض السلطات، لأسباب عديدة… لأسباب عديدة.

السبب الأول: أنها تعتقد هي صاحبة الحق في هذا الأمر التاريخي.

السبب الثاني: ليس هناك ثمة ضغط لا داخلي ولا خارجي إذا استثنينا الكويت يدعو إلى.. إلى تبني هذه التجربة.

محمد كريشان: ولكن عفواً يعني لماذا سلطت كل هذه الضغوط على الكويت تحديداً؟ لماذا مثلاً

د.عبد الله النفيسي: الجغرافيا.

محمد كريشان: يعني لماذا لم تسلط مثلاً على.. على السعودية؟ يعني لو.. لو التجربة انطلقت من السعودية مع كل الحجم التاريخي والجغرافي للسعودية لكان ربما الأمر مختلف بالنسبة للكويت، وقطر، والبحرين، و.. يعني لو كانت البداية مع السعودية ربما لاختلفت الـ..

د.عبد الله النفيسي: لا صعبة البداية مع السعودية، أما لماذا تركزت الضغوط على الكويت، فالجغرافية تحكم هذا الأمر، الجغرافية تحكم هذا الأمر، الجغرافية والضغط ومثلث الضغط و.. والصورة اللي رسمتها

محمد كريشان: طبيعة الموقف، نعم.

د.عبد الله النفيسي: أدت إلى.. إلى.. إلى تفاقم هذه الضغوطات لكن ما يدريك أنه ليس هناك ضغوط كبيرة على السعودية أنا بأعتقد ثمة ضغوط كبيرة اليوم على السعودية، من طرف الأميركان و.. وحتى مجلس الشورى الحالي هذا إنما جاء أيضاً بضغط خارجي، وبأتصور إنه هذه الضغوط ستزداد على السعودية في المستقبل القريب لكي تطور الصيغة هذه إلى ما هو أكثر تقدماً.

محمد كريشان: أيضاً يبدو هناك ضغوط داخلية، يعني السعودية في السنوات العديدة الماضية استثمرت كثير في.. في التربية، في البعثات إلى الخارج، يعني أصبحت هناك الآن نخبة من المثقفين السعوديين الذين عاشوا وتربوا في.. في الولايات المتحدة وفي بريطانيا ثم عادوا إلى السعودية لم يعد يستثيغوا مثل هذا الأسلوب في.. في المشورة السياسية.

د.عبد الله النفيسي: أخي محمد هناك ما يصل عن 18 ألف إلى 24 ألف طالب وطالبة سعودية يقومون بتلقي التعليم والدراسات العليا خارج السعودية، هؤلاء يقعدون 4،5 سنوات 6 سنوات في المجتمعات الغربية يحتكون بالإعلام الغربي، يقرأون، يناقشون، يشاركون الطلبة في مظاهراتهم، في احتجاجاتهم، يشاهدون هذه الظواهر يومياً على الشارع وليس من خلال التلفاز فيعودوا هؤلاء إلى.. إلى المجتمع السعودي، ومن غير المعقول أن تطالبهم بأن ينسوا كل ها التجربة وينخرطوا من جديد بالتشكيل التقليدي اللي قائم عليه المجتمع السعودي.


مدى تخوف الأسر الحاكمة في منطقة الخليج من التجربة الديمقراطية

محمد كريشان: دكتور منذ البداية وأنتم تشيرون إلى أنه لا توجد قناعة، ولكن ربما القناعة وحدها لا تكفي، هل هناك تخوف من أن أي تجربة ديمقراطية أو تعددية في الخليج ستهدد بالتأكيد مصالح العائلة الحاكمة، مصالحها الملموسة، مصالحها الاقتصادية، يعني ربما قناعة وربما هناك أيضاً وأساساً –برأيي- خوف من تهديد مصالح.

د.عبد الله النفيسي: أكيد، هذا أساسي، الأمر هذا جوهر المشكلة، وأتصور إنه السلط السياسية في.. في منطقة مجلس التعاون الخليجي يجب أن تعي إنه إذا كان بوسعها في الأربعينات والخمسينات أن تتوسع في مصالحها كيفما شاءت فهذا أمر غير مبرر اليوم، لا بل من.. من غير الممكن أن تتوسع هذه المصالح على حساب العموم، ولذلك اليوم في العالم كله تضيق الدوائر على النخب الحاكمة، في كل أنحاء العالم، ليس في الخليج بس، وهناك ظاهرة عالمية اليوم اللي هي على.. اللي هي تعقيد القرار وليس تبسيطه، يعني هناك مؤسسات عديدة في المجتمع اليوم المدني تشارك في القرار، فلم يعد شخص أو شخصين أو ثلاثة هم أصحاب القرار، هذه الظواهر وهذه التحولات الجديدة في العالم ستنعكس حتماً على المجتمع الخليجي شئنا أم أبينا، رضي أصحاب السلطة أم لم يرضوا.

محمد كريشان: يعني قبل زهاء الثلاثين تقريباً أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة أشار في تصريح مهم إلى أنه آن الأوان في قطر على الأقل للتفريق بين المال العام والمال الخاص، بين مال الدولة ومال الأسرة الحاكمة، يعني مثل هذا الكلام عندما يقوله أمير دولة في.. في منطقة الخليج هل يعكس شعوراً أو يعكس حاجة أكيدة لهذا الفصل يعني في ضوء.. في ضوء ما أشرت إليه من.. من التحولات الدولية؟

د.عبد الله النفيسي: أنا بأتصور هذه.. هذه نقطة الانطلاق، لا يمكن.. لا يمكن أن تتحقق التنمية –أخي محمد- في أي مجتمع ما لم تحل معضلتين، معضلة الحرية السياسية ومعضلة المال العام، الحرية السياسية، حرية التعبير، حرية التنظيم، حرية الاحتجاج، حرية التظاهر، حرية التجمع، هذه المشكلة اللي هي مشكلة الحرية ومشكلة المال العام وضوابطه، ولذلك لابد من ديوان محاسبة، ولابد من ميزانية، ولابد من تدقيق، ولابد من محاسبة ولابد من شفافية مالم تنحل ها المشكلتين: الحرية ومشكلة المال العام فلن تتحقق أي تنمية سليمة يعني في أي منطقة يعني.

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني طالما أشرنا

د.عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: فحديث.. حديث المسؤولين في قطر وعلى رأسهم أمير قطر حول الحد الفاصل بين المال العام والمال الخاص هذا أمر يشكل نقطة الانطلاق نحو التنمية الصحيحة إن شاء الله.

محمد كريشان: يعني طالما أثرنا موضوع قطر، يعني قطر شهدت انتخابات بلدية، وستشهد في.. في القريب انتخابات برلمانية، يعني بالنسبة لقطر مثلاً ما هي الضغوط الخارجية أو حتى الداخلية التي جعلت القيادة في قطر تلجأ إلى مثل هذه الانتخابات؟ يعني هذا يجرنا إلى سؤال يعني هل أحياناً مطلوب من القيادة السياسية أن.. أن تتخذ خطوات ربما حتى استباقية تحسباً لضغوط داخلية قوية وخارجية ربما تكون أقوى؟

د.عبد الله النفيسي: طبعاً، السلطة الذكية هي التي تفعل ذلك أن تستبق الحدث، ولا أعتقد بأن يعني قطر استثناءً من العالم يعني يجري عليها ما يجري من تحولات، وأنا بأتصور هناك حاجة ماسة في.. في الخليج لهذا التحول من المجتمع التقليدي إلى المجتمع المدني، الذي تتوفر فيه المؤسسات الدستورية الضرورية، لكن.. لكن وهذا استدراك مهم دائماً أقوله لكل من التقي معه سواءً هنا في قطر أو في غير قطر، إذا خطونا خطوة إلى الأمام فلا نفكر بخطوة إلى الوراء، يعني.. يعني المسألة موتكتيك يعني، كما حصل عندنا بالكويت يعني، لأن التجربة إذا.. إذا تلوثت بالتراجعات –كما حصل عندنا بالكويت- فسوف تفقد مصداقيتها وسوف يبدأ الناس يفكرون بأساليب أخرى في المشاركة السياسية، يعني هذه

محمد كريشان: يعني التحول من المجتمع التقليدي إلى المجتمع المدني -مثلما أشرت- هل يفترض نوع من الخطوات التمهيدية، يعني مثلاً هل يمكن اعتبار تجربة سلطنة عُمان مثلاً على سبيل المثال في انتخابات مجلس الشورى التي تجمع بين..

د.عبد الله النفيسي: التعيين

محمد كريشان: التعيين والانتخاب وهناك صيغة ربما معقدة قليلاً في اختيار أعضاء مجلس الشورى، هل يمكن أن تشكل هذه التجربة لا نقول نموذج ولكن تعبير عن مثل هذه الخطوات التمهيدية، هل تراها كذلك؟

د.عبد الله النفيسي: أراها كذلك لكن بأتصور إنه الطريقة هذه فيها شيء من التمطيط للتحول، يعني.. يعني هناك تحول ممكن تسويه خلال 5 سنوات وهناك سلطة ترغب بأن يكون هذا التحول على مدى ثلاثين سنة، فهمت كيف، فتأتي بهذا النظام المعقد في موضوع التعيين والانتخاب و.. والدرجة الأولى والدرجة الثانية من الانتخاب، أنا بأتصور هذا كله مرتبط بخصوصية القطر اللي يتبنى التجربة.

محمد كريشان: يعني ومثل البحرين مثلاً التي كانت لها تجربة برلمانية جيدة ثم لظروف معينة ألغي هذا البرلمان، يعني هل يمكن أن تشكل أحياناً الضغوطات الشعبية الداخلية أو خوف السلطات من تغير موازين القوى هل.. هل يمكن أن يشكل مبرر مقنع لتأجيل أي تجربة برلمانية أو لتأجيل أي إنتخابات؟

د.عبد الله النفيسي: لا أبداً أنا لا أتصور أن لدى أي سلطة في الخليج أي مبرر مشروع لتأجيل التحول، بالنسبة للبحرين، الشعب البحريني يعني هذه النقطة هامشية هو من أقدم الشعوب الخليجية تقرباً للفكرة وللتاريخ وللتعليم، إحنا أجدادنا كانوا في الكويت يذهبون إلى البحرين لتلقي العلم، ولذلك إذا كان ثمة من مجتمع في الخليج هو مدني فعلاً وهو متحضر فعلاً، وهو متقدم فعلاً فهو الشعب البحريني، فهو أولى بهذه التجارب من حتى الشعب الكويتي، ولذلك أنا لا أتصور بأن أي تأجيل للموضوع هذا يجد له مبرراته التاريخية.

محمد كريشان: يعني دكتور طالما أن أشرنا إلى الوتيرة المختلفة من دولة خليجية إلى أخرى في مجال الحياة البرلمانية على الأقل يعني سؤال افتراضي لو بدأت التجربة من السعودية، وما يُعرف عن السعودية من أنها توصف عادة بالشقيقة الكبرى ومدى تأثيرها أو حتى هيمنتها أحياناً –كما يُقال- على بقية دول الخليج، لو بدأت التجربة مع السعودية هل كانت بقية الدول ستمر حتماً بتجربة أفضل من الحالية.

د.عبد الله النفيسي: قطعاً، بس هذا لو، كمان نعرف في الحديث الشريف "لو تفتح عمل الشيطان" يعني صح أو لا؟ لازم نعي أيضاً شغلة مهمة إنه مجتمعات الساحل اللي هي من الكويت إلى السلطنة تختلف عن مجتمعات اليابسة اللي هو السعودية، يعني دائماً في دراسة الجيوبوليتكس

محمد كريشان: المزاج العام يعني

د.عبد الله النفيسي: آه.. المزاج العام.. المزاج العام ستجد دائماً إنه أبناء السواحل عندهم شيء من الانفتاح، في العالم كله يعني، فهمت كيف، ليش؟ لأنه منفتحين على البحر وعلى الاتصال، إنما دائماً أبناء اليابسة ستجد أفكارهم فيها تشدد وفيها تحفظ وفيها توجس وفيها خوف وفيها.. ولذلك كل الأفكار المتطرفة والمتشددة جاءت من اليابسة، شوف السنوسية في ليبيا وين جاءت مش من طرابلس، أو بني غازي جاءت من جغبوب اللي هي منطقة.. بمنطقة يابسة، في السودان المهدية لم تأتِ من بور سودان جاءت من الجزيرة اللي هي اليابسة، الوهابية لم تأتِ من جدة أو.. أو من الجديل على الساحل، جاءت من الدرعية اللي هي في قلب اليابسة، لذلك أنا بأتصور إنه مجتمع السعودية مجتمع يابسة، ولذلك هو صعب المراس في موضوع التطور يعني، وجاءت فوقه سلطة أيضاً تفضل هذا الخيار فاكتملت الصورة، لكن بأتصور إنه الآن الصورة هاي سوف تتغير حتماً نظراً للضغوط الخارجية والداخلية المتراكمة.


مدى توفر الحريات العامة في منطقة الخليج

محمد كريشان: دكتور منذ البداية ونحن نركز على المجالس النيابية وتجربة مجالس الشورى، ولكن يعني كمقدمة على الأقل للوصول إلى هذا الموعد، يعني الحديث عن الحريات بشكل عام يعني ربما بشكل متوازي لابد أن تتوفر حرية الصحافة، حرية التنظيم، حرية إنشاء النقابات، وهذه ليست متوفرة على الأقل في.. في كثير من دول الخليج، وعلى الأقل ليست بنفس.. بنفس الوتيرة وبنفس الجرأة، إلى أي مدى الحريات بشكلها العام، بشكلها السياسي على الأقل تشكل مقدمة لا.. لا مفر منها نحو بناء دولة المؤسسات والقانون في الخليج؟

د.عبد الله النفيسي: فعلاً ما لم نحل موضوع الاتفاقية لن نصل إلى ما نريد أن نصل إليه من تطوير سياسي أو تنمية سياسية، يعني خلينا نمسك الوضع الصحفي في الخليج.. الخليج كله يعني من الكويت إلى مسقط ستلاحظ أن فين الجريدة؟ الجريدة هي يعني وسيلة للتعبير عن رأي صح أو لا؟ وهي المفروض تعبر عن رأي عام، اللي حاصل في الخليج أن هذه الجرائد وهذه الصحف لايمكلها أصحاب الرأي، بل يملكها البيوتات التجارية سواءً كانت حاكمة أو غير حاكمة، ولذلك أنت سلمت وسيلة تعبير عن الرأي لمن لا رأي له، إنما عنده مال فهو يستورد بالات من الأوراق وبراميل من الحبر ويطلع له جريدة ويبيعها عليك أنت، الـ Content المحتوى الرسالي ما للجريدة هو الذي يصوغها، لذلك أنا دكتور في العلوم السياسية أتسول على جريدة من الجرائد لكي تنشر لي رأيي، ولابد أن تكون صلتي بأصحاب الجريدة صلة طيبة على مستوى شخصي لكن يُنشر رأيي، على مستوى شخصي خلي بالك، فهمت كيف؟ ولذلك إحنا أصحاب الرأي ليس عندنا وسيلة للتعبير عنا وأصحاب المال هم اللي بيحتكروا وسيلة التعبير عن الرأي مالم يحصل مراجعة لهذا الوضع المقلوب في الصحافة الخليجية لن.. لن تتحق المرامات من وراء هذه الصحف، ستظل هذه الصحف وسيلة ضغط للبيوتات التجارية، الكتل اللي في السوق تضغط من خلال هذه الصحف لكي تصل إلى ما تصل إليه، أما موضوع الرأي وأصحابه فهذا على الهامش، ومن هنا الإعلان يُلغي كثير من الزوايا.

محمد كريشان: إذا جاء الإعلان.

د.عبد الله النفيسي: إذن يعني الإعلان عن ثلاجة أو تلفاز أو.. أو ربما حتى حذاء صح أو لا يُلغي أكبر مفكر في البلد صح أو لا؟

محمد كريشان: ولكن مع ذلك يعني مع ذلك مثلاً نجد الكثير من المقالات الجرئية في الصحافة الكويتية، يعني مثلاً الصحافة الكويتية يمكن أن نجد مقال ينتقد الحكومة بعنف، ينتقد الوزير الفلاني بعنف، قطر في السنوات الماضية حققت تقدماً لا بأس به في مجال الحريات الصحفية يعني

د.عبد الله النفيسي: بس من الذي يقرر ماذا ينشر؟ من الذي يقرر ماذا يُنشر؟ ومتى؟ وكيف؟ وفي أي صفحة؟ ليس أصحاب الرأي، بل صاحب الجريدة، صاحب المال الذي يستورد بالات الورق وبراميل الحبر ويصدر الجريدة، صاحب المال، فأنا بأتصور الوضع الصحفي في الخليج يتطلب مراجعة، يتطلب مراجعة كبيرة لكي نجني نحن المجتمع الخليجي ككل، الغالبية العريضة من المجتمع الخليجي نجني ثمار الحرية الصحفية.

محمد كريشان: وهل تراه مقدمة لأي تغيير سياسي جوهري يعني؟

د.عبد الله النفيسي: بأتصور هو.. هو

محمد كريشان: على الأقل في المجتمعات التي لم تشهد بعد أي.. أي.

د.عبد الله النفيسي: هو يساعد.. هو يساعد كثيراً يعني.. يعني الصحافة لماذا سُميت بالسلطة الرابعة؟ سميت بالسلطة الرابعة يعني لأنها يعني فعلاً تمارس الضغط على السلطات خاصة التنفيذية لإحداث يعني هذا التغير.

محمد كريشان: على مستوى حرية التنظيم يعني هل يمكن أن.. أن تشهد دول الخليج حرية تنظيم بالمعنى العصري يعني سواءً أحزاباً مثلاً أو..وهنا يعني هل.. هل طبيعة المجتمع التقليدية تحول دون هذا التنظيم؟ مثلاً في.. في الكويت هناك الديوانيات والمنابر، ربما في المجالس في دول الخليج الأخرى، يعني هل هذه الصيغة التقليدية يمكن أن تعوض المفهوم العصري للتنظيم؟

د.عبد الله النفيسي: شوف عبقرية الغرب.. عبقرية الغرب يعني ممكن اختصارها بكلمة واحدة التنظيم organization ولذلك كل شريحة من شرائح المجتمع المدني هناك لها تنظيم ما، يعني فرنسا هناك رابطة لزراع البصل، البصل فهمت كيف؟ لهم رابطة وعندهم مقر في قرية، مقر من أربع طوابق وفي الطابق الثاني هناك مركز الأبحاث فهمت كيف؟ يبحث في موضوع واحد هو البصل، وعندهم مؤتمر سنوي، مؤتمر رابطة زراع البصل، يُعقد في أكبر الفنادق في جوستا، وكـ المريديان إلى آخره، ماذا يبحثون في هذه المؤتمرات؟ تطور محصول البصل، كيف نبيعه؟ كيف نحسنه؟ كيف نجوده؟ كيف نرغب المستهلك أن يستهلك أكثر؟ فيه أوراق طبية في هذه المؤتمرات، فيه أوراق تسويقية ترويجية إعلانية، إعلامية، قس على ذلك، فحتى زراع البصل لهم تنظيمهم، إحنا البشر ما عندهم تنظيم في الخليج، البشر غير مسموح لهم أن ينظموا أنفسهم للمطالبة بحق مشروع كحق الكفالة الاجتماعية أو التأمين الاجتماعي أو التأمين الصحي، ليش؟ لأن ثمة رهاب من فكرة التنظيم، سلطة تعاني من رهاب سياسي في الخليج، تخوف

محمد كريشان: يعني كأنه.. كأنه فيه تآمر يعني

د.عبد الله النفيسي: آه تتخوف من فكرة التنظيم، بالعكس أنا بأتصور إنه التنظيم هذا يساعدها في ضبط الأمور ضمن سياقها الصحيح، وتنظيم الممكن من الغير الممكن، وتأجيل المهم وتقديم الأهم، يعني الخيارات أمام السلطة تتضح أكثر عندما تتأسس ها التنظيمات، فحرية التنظيم لزومية من لزوميات التنمية في الخليج، وإذا انكرت السلطة السياسية في الخليج حق المواطن في التنظيم كأنما قطعت ذراعه يعني.

محمد كريشان: لكن هل يمكن أن نتحدث عن نخبة معينة مثقفة في دول الخليج تسعى في اتجاه هذه التغيير، يعني لأنه دون وجود -كما أشرنا- ضغط داخلي أدنى على الأقل أي سلطة ليست مجبرة بتقديم تنازلات هكذا لوجه الله يعني، هل هناك نخبة خليجية فاعلة في هذا الاتجاه؟

د.عبد الله النفيسي: هذه النخبة تندرج في شريحتين، أنا ذكرت لك الأربع شرائح، أقوياء، ساعون نحو القوة، الشريحة السياسية والشريحة غير السياسية، النخبة تكون بالساعون نحو القوة وبالشريحة السياسية، لما شافت النخبة في الخليج إنه الأمور بسيطة، والتطورفي الرأي في الخليج هوبطيء جداً قالت إحنا إلى متى نضيع وقتنا، خلينا ننضم إلى.. إلى الأقوياء أو الساعون نحو القوة وخلينا نشوف رزقنا يعني صح أو لا؟ ولذلك خفت صوت النخبة، يعني لو بتراجع تاريخ الخليج المعاصر يعني بالخمسينات وربما حتى الستينات يعني ستجد أن هناك مثقفين في الخليج يخضعون بالرأي الصريح الصحيح ويحرضون عليه ويواجهون من أجله ويتحملونه اليوم لا على كثرتهم أصبحوا كغثاء السيل يعني كالزبد لا قيمة لهم في تحقيق الضغط المطلوب على السلط السياسية، وبالتالي هذا مدعاة لارتخاء السلطة صح أو لا؟ وليعني ارتياحها من هذا التحول في النخبة السياسية، ومن هنا زال ضغط كبير عن السلطة وأصبحوا هؤلاء ضمن يعني دواليب الخط الرسمي والمشروع الرسمي.


أهداف الضغط الخارجي على دول الخليج لتبني الديمقراطية

محمد كريشان: هذا عن الضغط الداخلي، الضغط الخارجي الذي أشرت إليه أكثر من مرة، يعني إلى أي مدى يمكن أن ننظر إليه بمصداقية؟ يعني الدول الغربية أو الولايات المتحدة ما الذي يدفعها للضغط على دول الخليج لتحقيق انفراج سياسي أو حريات.

د.عبد الله النفيسي: مصالحها.

محمد كريشان: إذا كانت مصالحها مضمونة حتى في هذا المناخ.

د.عبد الله النفيسي: آه مضمونة، بس مهددة، مضمونة صحيح يعني الدرس الإيراني استوعبته الإدارة الأميركية، الدرس. الشاه لم يكن هناك أقوى من الشاه في إيران عنده عصابات وعنده جيش عرمرم وعنده إعلام وعنده سيطرة حديدية على المجتمع الإيراني، هكذا رفعت إليه التقارير يعني، الأميركان فوجؤوا بما حدث في إيران، والأميركان خسروا خسارة كبيرة في موضوع إيران، هذا التحول الدراماتيكي في الوضع الإيراني أدى إلى خسارات أميركية هائلة 13 قاعدة عسكرية على الحدود الإيرانية السوفيتية فقدتها، أسلحة طائلة مصالح هائلة وعريضة، خط سياسي استراتيجي يهدد الاستراتيجية العليا الأميركية في المنطقة العربية بفعل الثورة الإيرانية فخسروا، استوعبوا الدرس وسقطت نظرية العمودين المتساندين (مالك نيكسون) ولذلك الآن الأميركان يسعون سعي متواصل لإحداث التوازن في الخليج والجزيرة حماية لمصالحهم لا حباً في أهل الخليج والجزيرة، ولذلك أنا بأتصور سوف تزداد الضغوط الخارجية على دول مجلس التعاون الخليجي لإحداث شيء من الانفتاح السياسي.

محمد كريشان: وهذا يمكن أن يؤتي أكله في.. في القريب، في المدى المتوسط؟

د.عبد الله النفيسي: أنا بأتصور في المدى المتوسط يعني سيتحقق شيء يعني في بحر 10 سنوات، 15 سنة القادمة هذه حتماً سوف.. وبدأوا الأميركان يضغطون علينا بالدراسات، يعني الشيء بالشيء يذكر يعني، في يناير 92 عُقدت ندوة في نيويورك تحت رعاية المجلس الأميركي القومي للعلاقات الخارجية (American Council For Forgien relation)نزلت في هذه الندوة 28 ورقة، ورقتين من الـ28 واحد وضعها (كاسمن) اللي هو محلل سياسي في الـ C.I.A وآخر يعمل في Galf desk في وزارة الخارجية الأميركية يقولون فيه أنه مالم يعني يحصل تحول في دول مجلس التعاون الخليجي نحو الإدماج، نحو الانفتاح، نحو.. سوف لن يبقى في الخليج والجزيرة إلا ثلاث دول اليمن والسلطنة والسعودية، هذا كأنما هو مشروع أميركي.

محمد كريشان: تلويح

د.عبد الله النفيسي: تلويح، بأنه يجب أن تسرعوا بعملية التغيير وإلا.. وإلا سيحصل هذا، في حدود 2015 قالوا.. 2015 قد يحدث شيء درامي في.. في الخليج مالم يحصل هذا الانفتاح.

محمد كريشان: يعني هذا ربما -ولو ضمنياً- ما دفع الدول هذه المعنية بالغياب إلى أن تكون أكثر اهتمام ربما بالشأن التغييري الداخلي قطر أو غيرها.

د.عبد الله النفيسي: أنا بأتصور هناك ضغط أميركي واسع على.. على GCC لإحداث التغير المتدرج عوضاً أن يفاجئهم انفجاراً كبيراً.

محمد كريشان: وجود قيادات شابة في الخليج سواء البحرين مؤخراً أو قطر منذ 95، هل يمكن أن يسرع هذه الوتيرة لأنها عقلية جديدة ومنطق جديد في إدارة الأمور؟

د.عبد الله النفيسي: طبعاً عندما يكون الحاكم جديد ليس يعني له ثأريات وليس له تاريخ قمع، وليس له يعني صورة غير محببة في العقل العام هذا يسهل كثير طبعاً من عملية التغيير، التغيير الجذري يعني في.. في المزاج العام في البلد.

محمد كريشان: شكراً جزيلاً لضيفنا الدكتور عبد الله النفيسي (أستاذ العلوم السياسية) وقد تحدثنا معه في قضية التحولات الديمقراطية بين قوسين.

د.عبد الله النفيسي: بين قوسين، نعم.

محمد كريشان: في منطقة الخليج والحريات بشكل عام ومستقبل هذه المنطقة في طريق بناء دولة القانون والمؤسسات، شكراً جزيلاً دكتور.

د.عبد الله النفيسي: أهلاً وسهلاً.