من واشنطن

تركة أوباما بين الرمادي وتدمر.. إستراتيجية أم أطلال؟ ج1

بحثت حلقة “من واشنطن” كيف وفر تمدد تنظيم الدولة فرصة لخصوم الرئيس الأميركي باراك أوباما لوصف إستراتيجيته بالفشل، فهل يطابق هذا الوصف الواقع أم إنها دعاية أطلقها الجمهوريون بسباق الانتخابات؟

ترتفع وتيرة سجالات الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستنعقد أواخر العام المقبل. وفي حصة الشؤون الخارجية تتربع الأوضاع في المنطقة وخصوصا سوريا والعراق على صدارة هذا السجال.

الجمهوريون يحملون الرئيس باراك أوباما مسؤولية الفشل الذي نجم عنه تمدد تنظيم الدولة من الرمادي إلى تدمر، ويعيدون التذكير بأنهم رفعوا عدد الجنود في العراق عام 2007 مما كان له آثار إيجابية، حسبما يقولون، بينما أوباما جاء بعد ذلك ليسحب القوات كاملة في 2011.

عن هذه السجالات حول الإستراتيجية وأطلال الإستراتيجية في عهد إدارة أوباما التي ستغادر مع الانتخابات المقبلة، دارت حلقة برنامج "من واشنطن" يوم 9/6/2015.

المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية نبيل خوري وافق على المثل الأميركي الشائع "الكلام رخيص خاصة إذا كان لا يحكم"، في إشارة إلى تحميل الجمهوريين أوباما مسؤولية تمدد تنظيم الدولة الإسلامية.

لكنه مقابل ذلك لفت إلى أن أي مرشح جمهوري لن يغير كثيرا في السياسة التي اتبعتها إدارة أوباما، ذلك لأن الشعب لا يريد حربا كبيرة في المنطقة.

الدبلوماسية النشطة
وعرض خوري وجهة نظر بديلة تفيد بأن استعادة الدور الأميركي القوي قد تكون عبر الدبلوماسية النشطة وليس القوة العسكرية، مقترحا هيلاري كلينتون (مرشحة الديمقراطيين للرئاسة) للعب هذا الدور لما لها من خبرة دبلوماسية تمكنها من استعادة هذا الدور دون استعمال القوة الفظة.

وذكّر خوري بأن الإدارة الأميركية إبان الانتخابات العراقية 2006 و2010 كان يمكن أن تلعب هذا الدور، لكنها تقاعست مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مما سمح بتوسع سياسته المجحفة تجاه الأنبار وبفشل علاقته مع الأكراد وبالفساد الذي يمارس حتى اليوم في القوات المسلحة، حسب رأيه.

عضو مجلس النواب العراقي خالد المفرجي الذي استضافه البرنامج لدى زيارته أميركا أعادنا أيضا إلى 2010، مذكرا بأن القائمة العراقية بقيادة إياد علاوي فازت "وسُرق الفوز في وضح النهار" ولم يكن ثمة رأي لواشنطن، ولذلك "فأنا أفسر ذلك بأنه انحياز".

يلخص المفرجي المشهد في العراق بأنه انقسام حاد وصل مرحلة خطيرة، برز فيه الخطاب الشيعي والسني وابتعد عن الوطني، متهما واشنطن بأنها -وهي التي أسست العملية السياسية في العراق- سمحت للخطاب الطائفي بأن يتوسع ثم تركت العراق في وسط الطريق، وسمحت لإيران بأن تتدخل بشكل فاضح.

ودعا إلى أن تكون نظرة واشنطن للمكونات العراقية على حد سواء، فالجيش أُهمل مقابل تعزيز الحشد الشعبي الذي يثير حساسية السنة، بينما تدخلت القوة الأميركية بشكل حاسم حين اقترب تنظيم الدولة من أربيل، عاصمة إقليم كردستان.

شرطي العالم
من ناحيته قال ليث كبة، من الصندوق الوطني للديمقراطية، إن أغلب المراقبين يرون أن أوباما له قناعة كلية مفادها أن الولايات المتحدة لا تريد أن تكون شرطي العالم، وتفضل الاعتماد على آليات مثل الأمم المتحدة، وفيما يتعلق بالمنطقة تريد طي صفحتها رغم المعارضين لهذه القناعة من داخل إدارة أوباما نفسها.

ورغم "جمالية" هذه القناعة فإنه أبدى استغرابه من بقاء أميركا متفرجة بينما تتطاحن القوى في المنطقة وتحديدا في العراق، على حد قوله.

غير أن هذا لم يمنعه من الإقرار بأن الشارع الأميركي ليس لديه مزاج التدخل، بل ولا يبالي حتى لو وصل القتلى لمئات الآلاف، بينما رفع أوباما من مستوى رد الفعل حين أعدم تنظيم الدولة مواطنا أميركيا لأن الإعدام أثار الشارع.

وقلل كبة من أهمية الانطباع السائد بأن لأميركا مصالح في العراق، فالنفط سيباع بصرف النظر عن هوية الحكومات، وتدخل إيران لم يعد خطا أحمر.