من واشنطن

فوكوياما: احتلال العراق كان خطأ كبيرا

ناقشت حلقة الثلاثاء (6/1/2015) من برنامج “من واشنطن” مع الكاتب فرانسيس فوكوياما رؤيته حول السياسة الخارجية الأميركية، إضافة للقاء سابق مع الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر.

تأثر الكاتب فرانسيس فوكوياما صاحب كتاب "نهاية التاريخ" في كتاباته بعالم الاجتماع العربي ابن خلدون وحاول أن يقلد نظرته، وقال إن ابن خلدون درس الحضارات المختلفة، وله نظرة تاريخية شاملة، ولم يكن يهتم بما يحدث في عصره فقط.

واعتقد فوكوياما أن نهاية الاتحاد السوفياتي السابق عبّدت طريق العالم أمام ما يوصف بـ"الديمقراطية الليبرالية". وكان فوكوياما أحد رواد ما يسمى "فكر المحافظين الجدد" الذي قاد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش إلى غزو العراق عام 2003.

وتراجع الكاتب عن فكر المحافظين الجدد، وترجم ذلك في كتابه الجديد "الأنظمة السياسية والانحطاط السياسي" واستخدم فيه مصطلح "الدانمارك" كتعبير مجازي يرمز فيه إلى مسار بناء ديمقراطيات ليبرالية يعم فيها الازدهار و"الحكامة".

أوضح فوكوياما في حلقة الثلاثاء (6/1/2015) من برنامج "من واشنطن" أن القوة تعطي بعض الدول إحساسا بالمسؤولية تجاه المجتمع الدولي، وضرب مثلا بالاجتياح الأميركي للعراق عام 2003، وأكد أن ذهاب الأميركان للعراق عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول كان خطأ كبيرا.

ورأى الكاتب أن الغالبية العظمى من مهام الحكومة تعتبر روتينية مثل إصلاح الطرق والرعاية الصحية، وتوفير الخدمات المختلفة، وأوضح أن اتخاذ قرارات سياسية بعيدة النظر يعتبر الاختبار الحاسم للحكومات الناجحة، وأكد أن الحكومة الأميركية سقطت في هذا الامتحان، إضافة إلى عجزها عن معالجة ملف الهجرة، والسيطرة على السلاح وتنظيم امتلاكه.

سياسة مربكة
وأشار فوكوياما إلى أن الوضع السياسي الحالي بأميركا يمكن أن يطلق عليه مصطلح "الدانمارك". ولكنه أكد أن أميركا تعود للوراء نحو القرن الـ19، حينما كان الفساد مستشريا بالبلاد، وتم استبدال ذلك في الوقت الحالي بالطريقة الراهنة والتي بها يتم توفير المساهمات المالية بين الفاسدين لتمويل الحملات الانتخابية، حيث تحاول النخب دوما الحصول على امتيازات باستغلال النظام السياسي.

وأكد أن السياسة الخارجية لأميركا تعتبر مربكة جدا للأميركيين وأربكت ميزانيتهم، وبعد حربين مكلفتين لم تحققا أهدافهما (برؤية الأميركان). ورأى أن انسحاب أميركا من التدخل في شؤون العالم لن يجعل الأوضاع أفضل لأن بعض الدول تعتمد في أمنها بشكل أساسي على القوات الأميركية.

وعبر عن قناعته الكاملة باستحالة ديمومة نظام سياسي إلى الأبد، ولكنه أوضح أن أميركا لا يمكن أن تتعرض لانهيار سياسي في الـ25 عاما المقبلة، لأنها تتمتع باقتصاد قوي يحقق نوعا من التماسك السياسي.

وبالنظر إلى دور الإدارات الأميركية المتعاقبة بالشرق الأوسط، أكد الكاتب أن أميركا كانت تشجع الديمقراطية بالمنطقة، وأوضح أن أميركا استخدمت تبرير الديمقراطية لغزو العراق، وكانت تتوهم أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل.

وردا على سؤال بشأن موقع الخلل بين ما يعيشه الأميركان بالداخل وما تريد الحكومة تحقيقه بالخارج، قال إن الشعب الأميركي يريد توفير الغاز والأمان، ولا تجد الحكومة بأسا من التعامل مع "حكومات فاسدة" كنظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.

وضع مشابه
وكشف الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر، في لقاء بث بتاريخ سابق، أن الوضع بالعراق عام 2003 كان مشابها للوضع اليوم، وأوضح أن المشكلة التي واجهتهم حينها، تمثلت في إقناع جنود الجيش العراقي "الشيعة" بالعودة إلى صفوف الخدمة.

ولحل مشكلة تهرب الجنود الشيعة من الجيش، أوضح بريمر أنهم قاموا بتشكيل جيش جديد تمكن من تحقيق بعض النجاح، مشيرا إلى أنه قام باستدعاء الجيش الأميركي للتدخل بالعراق مرة واحدة إبان أزمة الفلوجة، خلال الـ14 شهرا التي قضاها حاكما مدنيا للعراق.

واستعرض الجزء الأخير من الحلقة مشاهد فيلم "الخطوط الحمراء" الذي يكشف التجاوزات غير الأخلاقية التي يقوم بها النظام السوري ضد شعبه.

الناشط السوري معاذ مصطفى (المولود بمخيم اليرموك) قال إن الشعب الأميركي لا يعرف الكثير عما يجري في سوريا، وأكد أن مهمته تتمثل في لفت النظر لمعاناة الشعب السوري وحشد الدعم المادي واللوجستي والسياسي لمساندة الثورة السورية.

زيارة السيسي لأميركا كانت أحد محاور الحلقة أيضا، إذ أكد بعض من استضيفوا أنهم وقفوا تحت المطر واحتملوا البرد في انتظار زيارة من أسموه "قائد الانقلاب" مؤكدين أنهم متمسكون بالشرعية التي يمثلها الرئيس المعزول محمد مرسي رغم إدراكهم لارتكابه العديد من الأخطاء.

ووصف بعض المصريين أن المشكلة لم تعد اختلافا في الآراء السياسية، بل الوضع أصبح معقدا جدا يمثل حاكما قتل شعبا معارضا له، ولم يحقق أي نجاح في أي مجال.

وبالمقابل، كان هناك مصريون مؤيدون للسيسي يرون أن بلادهم تسير في الطريق الصحيح، وتمنوا أن يعلم جميع العالم أن السيسي هو أملهم الذي يقود البلاد إلى المسار الصحيح.