من واشنطن

اهتمام واشنطن بمنطقة الساحل وشمال أفريقيا

منطقة الساحل وشمال أفريقيا يحظيان باهتمام غير مسبوق لدى صناع القرار أو العاملين في المراكز البحثية التي تعمل أحياناً كمصانع لإنتاج الدراسات وتقديم الحلول بطلب من دوائر صنع القرار.
‪عبد الرحيم فقرا‬ عبد الرحيم فقرا
‪عبد الرحيم فقرا‬ عبد الرحيم فقرا
‪ديفد بولوك‬ ديفد بولوك
‪ديفد بولوك‬ ديفد بولوك
‪محمد المنشاوي‬ محمد المنشاوي
‪محمد المنشاوي‬ محمد المنشاوي
‪علي أحميدة‬ علي أحميدة
‪علي أحميدة‬ علي أحميدة
‪جون إنتيليس‬ جون إنتيليس
‪جون إنتيليس‬ جون إنتيليس

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلاً بكم جميعاً في حلقة جديدة من برنامج من واشنطن.أصبحت أهمية دول الساحل وشمال إفريقيا تكتسي أهمية خاصة في حسابات الأميركيين سواء من صناع القرار أو العاملين في المراكز البحثية، هذه المراكز تعمل أحياناً كمصانع لإنتاج الدراسات وتقديم الحلول بطلب من دوائر صنع القرار وأحياناً أخرى كرادارات تنبه تلك الدوائر إلى أهمية قضية من القضايا بالنسبة للمصالح الإستراتيجية الأميركية.

[شريط مسجّل]

فريدرك ويهري/باحث في مؤسسة كارنيغي للسلام: على مستوى واسع النطاق نرى منطقة الساحل تربط مناطق أخرى، تربط أوروبا وتؤثر على الشرق الأوسط والعالم العربي والقارة الإفريقية، وفي نظرة إلى الخارطة يرى صانعو السياسات أن عددا من الأزمات يمتد من الغرب إلى الصومال إلى سوريا، ما يحدث هنا يؤثر على مناطق أخرى، وفيما يتعلق بالإرهاب أو تدفق الأسلحة والمواد المحظورة فإن الولايات المتحدة قلقة من أن تتحول هذه المنطقة إلى منطقة ضخمة غير خاضعة للسيطرة.

عبد الرحيم فقرا: فريدرك ويهري أحد محرري كتاب صحراء المخاطر الذي يعكس تزايد اهتمام الباحثين في واشنطن بملف مالي وانعكاساته على الحسابات الأميركية في دول كالجزائر مثلاً.

[شريط مسجّل]

فريدرك ويهري: هناك التقاء مصالح، كلا البلدين يريد الاستقرار لكن السؤال كيف نتعامل مع الأمر، ترى الولايات المتحدة الجزائر كبلد بموارد هائلة من ناحية النفط أو من الناحيةٍ العسكرية، وباستطاعته أن يلعب دوراً بنّاءً.لذا فإن الولايات المتحدة تتطلع إلى الجزائر لتلعب هذا الدور، والجزائريون متحفظون لعدة أسباب منها داخلية تعود إلى فلسفة سياسية ولذا فإنهم لم يتقدموا للعب هذا الدور الإقليمي.

أزمة عابرة للرأي العام الأميركي

عبد الرحيم فقرا: حلقة هذا الأسبوع تشمل ثلاثة محاور: العلاقة بين صنّاع القرار والباحثين، ثم أهمية مالي في الحسابات الأميركية، وبعد ذلك العلاقة بين واشنطن والعواصم المغاربية في ظل الأزمة الحالية في مالي، ضيفايّ في الجزء الأول من هذه الحلقة هما ديفد بولوك من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومحمد المنشاوي من معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية، أريد أن أبدأ النقاش في هذا الجزء بما قاله مايكل نونن مدير برنامج الأمن القومي في معهد بحوث السياسة الخارجية في فيلادلفيا فيما يتعلق بمالي، يتحدث في سياق ما الذي مكن الفرنسيين من التحرك سريعاً في مالي يقول هو وجود منشآت عسكرية حافظت عليها فرنسا في مستعمراتها السابقة يصوغ مثالا طائرة الهليوكوبتر غزال الذي يقول إنها رخيصة ومرحة ومرنة ثم يتساءل: ما عبرة ذلك بالنسبة للولايات المتحدة؟ بينما هناك فوارق كبيرة بين الاستثمارات والقدرات الدفاعية لكل من فرنسا والولايات المتحدة إلا أن التجربة الفرنسية الحديثة في مالي يجب أن تذكر بأنه لن يكون من الحكمة المالية أن تقلّص الولايات المتحدة شبكتها الضخمة من المنشآت العسكرية التي تتحكم فيها في الخارج سواء بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، أبدأ بك ديفد: ما الذي يميز تصريحا مثل هذا التصريح لمايكل نونن يعمل في معهد بحث عن لنقل تصريح أستاذ لجامعة من الجامعات الأميركية مثلاً؟

ديفد بولوك: أنا أعتقد أن الفرق ليس في الجوهر أو في المعنى لكن في التأثير، لأن الحكومة الأميركية أنا أعتقد أحياناً تهتم بآراء معاهد الأبحاث كما نحن نسميهم أكثر من الاهتمام بالآراء والتحليلات الأساتذة في  الجامعات.

عبد الرحيم فقرا: لماذا؟

ديفد بولوك: التحليلات بتاعة المعاهد، معاهد الأبحاث مهتمة بالأحداث يعني بالطوارئ بالأزمات الراهنة في العالم وليس بالنظريات المجردة ولذلك هناك استفادة للحكومة الأميركية من هذه التحليلات.

عبد الرحيم فقرا: هل يمكن القول قبل أن أتحول إلى محمد أن أحد هذه الفروق الجوهرية بين هذه المراكز والجامعات هو أن الحكومات والإدارات الأميركية تستثمر أو الأحزاب الأميركية تستثمر مالياً في هذه المعاهد؟

ديفد بولوك: لأ الحقيقة إنه أغلبية المعاهد أو المراكز مستقلة بالتمويل وبالآراء وليس لها انتماءا حزبيا أو انتماءا سياسيا.

عبد الرحيم فقرا: محمد ما هو تقييمك أنت؟

محمد المنشاوي: بداية سأختلف مع ديفد فيما ذكره هناك معاهد معروف عنها القرب من الإدارات الجمهورية أو الديمقراطية.معهد التقدم الأميركي center of American progress معروف أنه قريب جداً من الإدارة الحالية معهد Heritage أو American enterprise institute معروف جداً أنه كان مقرّب من إدارة جورج بوش والجمهوريين عموماً وهذا يتضح أكثر عندما نرى من هم الباحثين هناك، غالباً سيكونون ممن خدموا إدارة الرئيس بوش في هذين المعهدين المعروف عنهما قربهما من الحزب الجمهوري، لكن الفرق لا يظهر كثيراً في قضايا السياسة الخارجية.قضايا السياسة الخارجية معظم الأبحاث في واشنطن وخارج واشنطن عليها شبه إجماع لأن المصالح الأميركية معلنة أو معروفة في مناطق العالم المختلفة، الفرق والسياسات المختلفة، الناس تقترب من حزب أو أيديولوجية معينة تظهر كثيراً في القضايا الداخلية، عندما نتكلم عن الضرائب، عن زواج المثليين، عن الإجهاض، عن الهجرة يكون الخط واضحا جداً.المعاهد التي ذكرت أنها تقترب من الحزب الجمهوري لها سياسات معادية للإدارة الحالية والعكس في السابق.

عبد الرحيم فقرا: مفهوم، عندنا الآن ما الذي يؤثر في الآخر الإدارة أو الأبحاث.

محمد المنشاوي: التأثير متبادل، أعتقد أن هناك خطوطا حمراء لا يقترب منها معظم الباحثين خاصة ممن يرغبون في وظائف حكومية في الإدارات التي يتم التعيين فيها تعييناً، أنا أسمي هذا الشخص اللي ينضم إلى إدارات فلا نجد أي باحث من هؤلاء يشطح في فكره أو يقدّم فكرة غريبة على المجتمع الواشنطوني آملاً في أن ينضم إلى الإدارة القادمة أو الإدارة السابقة، كما أن الكثير من هؤلاء الباحثين، هناك أسماء كثيرة يبقون في الإدارة سنة أو سنتين ويخرجوا لينضموا إلى معاهد الأبحاث ومن الصعب عليهم التفكير بصوت عالٍ مخالف لما رأوه داخل الإدارة أو وزارة الخارجية أو البنتاغون وهذا تأثير متبادل بمعنى: أنا أريد كباحث في أحد هذه المعاهد أن أنضم إلى الإدارة وهذا قمة النجاح في واشنطن والإدارة من ناحيتها تنظر إلى ما يقدمه الباحثون من أفكار جديدة قد تستغل.

عبد الرحيم فقرا: ديفد في الحالة المالية وهناك حالات عديدة أخرى شهدنا مواكبة اهتمام مراكز البحث باهتمام الإدارة في السنوات القليلة الماضية بما يدور في مالي وفي منطقة الساحل كيف نفسّر هذا التواكب.

ديفد بولوك: بسيط الجواب بسيط جداً، وهذا نتيجة الإرهاب، نتيجة انتشار حركة القاعدة والمجموعات المسلحة الإرهابية الأخرى في الساحل في إفريقيا، والحقيقة إنه ليس لأميركا مصالح عميقة في هذه المنطقة، ولكن لما نحن نرى من واشنطن الواقع كما حصل في الجزائر في جنوب الجزائر من شهرين أو ثلاثة أشهر يعني وقعت حادثة إرهابية جيدة ضخمة، نحن فجأة نحن نهتم بهذه المنطقة وبالبلدان المجاورة كمالي، أنا أعتقد بكل صراحة إنه ما كان واحد من مليون أميركاني اللي كان يكون يشير على بلد مالي دولة مالي في الخريطة العالمية قبل هذه الحادث الإرهابي هناك في الجزائر، ولكن الحقيقة أنا أعتقد إنه من تجربة شخصية لدي وفي هذه النقطة أنا أختلف إلى حد ما مع الزميل محمد إنه أنا كنت في وزارة الخارجية الأميركية من زمان ولما خلصت الشغل لما استقلت من..أو خرجت من هذه الوزارة أنا بكل صراحة مرة ثانية أنا محرر من قيود عدم التعبير الحر.

عبد الرحيم فقرا: هل معنى ذلك أنه على مستوى من المستويات هذه المعاهد الفكرية تعمل بمثابة رادار يوجه يرصد التحولات ويوجه اهتمام الإدارة إلى تلك التحولات كما في الحالة المالية؟

ديفد بولوك: نعم، نعم الجواب نعم وهناك حرية التعبير لها اعتقد دور مهم كما أنت قلت الرادار المسبق يعني الرادار من قبل الأزمة..

عبد الرحيم فقرا: محمد ما رأيك في هذا الكلام؟

محمد المنشاوي: أوافق إلى حد ما على ما ذكره ديفد لكن معظم المراكز البحثية في واشنطن نجد أن هناك تشابها كبيرا بين السياسات المقترحة للإدارة.إذا نظرنا إلى معهد بروكنغز أو معهد كارينغي أو معهد مجلس العلاقات الخارجية فيما يتعلق بمالي أو فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي أو مستقبل القوات الأميركية في العراق أو الديمقراطية ليس في المنطقة العربية، التحول الديمقراطي..نفس السياسات تحس وكأنهم يعملون مع بعض، مثلا الباحثين يشتغلون بخلفيات مختلفة لكن النتائج شبه واحدة لا احد يخرج من الصندوق كما نقول خاصة في السياسات المجمع عليها في واشنطن، اعتقد أن هناك إجماعا واشنطونيا فيما يتعلق بالسياسات الخارجية الهامة للولايات المتحدة..

عبد الرحيم فقرا: بالنسبة لما يدور في مالي على سبيل المثال، هل هناك مراكز بحثية تستطيع أن تؤثر على صانع القرار أكثر من غيرها في هذا الاتجاه، إقناع الرأي العام الأميركي بوجهة نظرها هي إذا كان مثلا أوباما ديمقراطي وهي جمهورية تحاول أن تورط الرئيس باراك أوباما مع الرأي العام..

محمد المنشاوي: نعم لكن السياسة والمصالح تحكم كما ذكر ديفد، مالي ليست مصلحة أميركية مباشرة أو غير مباشرة على الإطلاق، لا احد يعرف في أميركا أين تقع مالي في الخريطة، هذا إلى حد ما مهم، المنطقة افريقية كلها كانت تحت الرادار الفرنسي أو الأوروبي، وهي ليست مثل الشرق الأوسط في الأهمية لأميركا أو أميركا اللاتينية أو الجنوبية.ما حدث في مالي كان ناقوس خطر ركز عليه الإعلام الغربي البريطاني والفرنسي وبعد ذلك انتقل إلى هنا ومع وجود عنصر الإرهاب العالمي الذي نتج طبعا بأحد تداعياته عن سقوط نظام القذافي في ليبيا إلى حد كبير وهروب آلاف المرتزقة الأفارقة من مالي وغيرها وبدء ظاهرة Franchise of القاعدة، القاعدة ابتدأت في جنوب أسيا والشرق العربي ثم في المغرب وإدارة القاعدة في دول المغرب والآن في الصحراء الإفريقية التي لا تعترف بالحدود وهناك قبائل غير معروفة للأميركيين بصفة عامة..

عبد الرحيم فقرا: ديفد أريد أن أسألك في نفس الباب يعني إذا كان مركز البحث في الحالة التي يكون مركز البحث يحسب على جهة سياسية معينة، إذا كان يحسب على الجمهوريين هل يكون أكثر تأثيرا على الرئيس؟ إذا كان الرئيس جمهوريا مقابل معهد له ميول ديمقراطية أم أن الأمر ليس كذلك بالضرورة؟

ديفد بولوك: إذا كان الآراء أو النظريات أو التوصيات من قبل معهد معين منطقي موضوعي هناك تأثير سواء أكان جمهوريا أو ديمقراطيا.أنا اعتقد انه الصحافة لها شأن مهم جدا لأن الإذاعة والصحافة هي التي تصدر الآراء من معاهد ومراكز الأبحاث إلى الشعب الأميركاني والى المتخصصين..

عبد الرحيم فقرا: طيب يعني هل يمكن أن نفترض من هذا الكلام أن الفرق بين المعاهد الفكرية والإعلام هو أن الإعلام يعبئ الشعب ويضغط على الإدارة من خلال تعبئة الرأي العام في حين أن هناك قنوات مباشرة بين المراكز البحثية و…

ديفد بولوك: هناك قنوات مباشرة ولكن بدون الإعلام ليست لها أنا اعتقد للقنوات المباشرة شخصية للاتصالات المستمرة شخصية وسرية أحيانا بين المعاهد والنظام ليست لها تأثير جيد، لكن لما كانت هذه الآراء وهذه النظريات في الصحافة هناك تأثير مباشر على النظام لأنها لا تقدر أن تتجاهل من الصحافة ومن الإعلام..

عبد الرحيم فقرا: محمد ما هو تقييمك أنت بالنسبة للحالة المالية مع إدارة الرئيس باراك أوباما؟ كيف تقارن بين تأثير الصحافة على الرأي العام الأميركي وبالتالي على إدارة الرئيس باراك أوباما مع تأثير مراكز البحث التي تتخصص في الملف المالي في ملف الساحل في ملف الإرهاب..

محمد المنشاوي: للأسف ليست هناك معاهد متخصصة بصفة عامة في الساحل الإفريقي كله والقارة الإفريقية، ليس هناك معهد في الولايات المتحدة للدراسات الإفريقية حتى هذه اللحظة رغم وجود على الأقل 45 مليون أميركي من أصل إفريقي، وهي اعتبرت فضيحة بالمعايير الأميركية، هناك برامج صغيرة في بعض المراكز الكبيرة.برامج صغيرة وفيها باحث أو باحثين..مسؤول سابق أو سفير سابق في المنطقة وإنتاجهم المعرفي والفكري ضعيف جدا مقارنة بالإعلام.الإعلام عنده حرية حركة وعنده مساحة اكبر للخطأ والتجربة وتكلفة اقل.اقدر بعد أزمة مالي أن أرسل 10 صحفيين أو استعين بوسيلة مثل الجزيرة أو بي بي سي وانقل الأخبار بسهولة والصور والـ Social Media لصنع السياسة والمواطن الأميركي، فدور الصحافة أهم وأسرع، هذه هي الكلمة السحرية السرعة والتأثير ويمكن استغلالها من بعض القوى المجتمعية الأميركية لخدمة أهداف معينة لدفع السياسة في اتجاه أو اتجاه آخر..

عبد الرحيم فقرا: ديفد؟

ديفد بولوك: أنا اعتقد انه كمان انه النقطة السابقة كما ذكر الزميل انه هناك ما يسمى في أميركا الباب المدور، من المتخصصين في معاهد معينة والإدارة الأميركية ونحن نرى أحيانا أو دائما..نحن نرى بعضا من الخبراء من المعاهد يدخلون الإدارة لما يفوز مرشح معين في الانتخابات الأميركية أو مرشح آخر، وهم يجمعون الشبكة الفكرية شبكة الخبراء من هذه المعاهد إلى الإدارة الأميركية، وفي هذه النقطة هناك تأثير شخصي تأثير مباشر على السياسة الأميركية ونقطة ثانية قليلة، صحيح أن هناك إجماعا واشنطونيا كما قال الزميل ولكن هناك كمان بعض من هذه المعاهد التي تخرج من هذا الإجماع ولها نوع من التأثير على السياسة الأميركية، مثلا في اليمين في التيار اليميني في أميركا هناك معهد غيتوب مثلا الذي يدعم مثلا Isolation العزل الأميركاني من العالم والتركز المطلق على المشاكل الداخلية الأميركية الاقتصادية والاجتماعية وكذا وكذا، وهناك تأثير في الكونغرس الأميركاني على الرغم من أن هذه الآراء هذه النظرية تخرج من الإجماع الواشنطوني وعلى اليسار هناك كمان معهد الذي يسمى مثلا  معهد الدراسات السياسية على اليسار وهذا المعهد يدعم التركز الأميركاني على التنمية الاقتصادية الدولية وليس على الحروب وعلى الإرهاب وكذا وكذا وهناك كمان تأثير في الكونغرس وفي الإدارة في هذا التيار..

عبد الرحيم فقرا: محمد نهاية يعني أنت ذكرت ما وصفته بالفضيحة وانه ليست هناك مراكز أميركية متخصصة في الشؤون الإفريقية، هل تعتقد الآن وقد حصلت هذه المشكلة في مالي ولا يتوقع أن تحل غدا وفي منطقة الساحل عموما، هل تعتقد أن ذلك قد يغير هذه الأوضاع في الولايات المتحدة أم أن هذه بالنسبة للرأي العام الأميركي أزمة عابرة في نهاية المطاف؟

محمد المنشاوي: للأسف هي أزمة عابرة لكن مستمرة بحكم وجود الإرهاب، ولن يختفِ الإرهاب من دول الساحل الإفريقي في وقت قريب، طبيعة المجتمعات والصحراء القاسية تسمح بنمو الإرهاب إضافة إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية كثيرة.التنافس الصيني على ثروات القارة الإفريقية سيكون إشارة حمراء للمجتمع الأميركي ومراكز الأبحاث الأميركية للتركيز على القارة السمراء كذلك النفوذ الفرنسي الطاغي الذي أثبتته تجربة مالي أن الدول الأوروبية مثل فرنسا من تاريخها الاستعماري وقربها الجغرافي ومعرفتها اللغوية للمجتمعات لها أيدٍ اعلي من الأيدي الأميركية في هذه المنطقة، اعتقد أنها  كانت نقطة إزعاج واعتقد أن هناك مباحثات لنقل منطقة القيادة الإفريقية إلى أحدى الدول الإفريقية، وهذا سيكون أيضا ناقوس للمجتمع الأميركي المدني والفكري أن ينشأ معهد بحث متخصص للقارة الإفريقية..

عبد الرحيم فقرا: محمد المنشاوي وديفد بولوك في ذلك الجزء من البرنامج استراحة قصيرة ثم نعود.

[فاصل إعلاني]

عبد الرحيم فقرا: أهلاً بكم في الجزء الثاني من هذه الحلقة من برنامج من واشنطن، في زيارة لهم إلى العاصمة الأميركية نهاية شهر إبريل من هذا العام تحدث مسؤولون مغاربة عن منظورهم لتعقيدات الأزمة في مالي وانعكاساتها.

[شريط مسجل]

يوسف العمراني/الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون المغربي: نحن نعتقد أنّ هذه الأوضاع في مالي تهدد ليس فقط دولا إفريقية لكن تهدد كذلك دول المغرب العربي، ولهذا المغرب كعضو في مجلس الأمن منكب في كل الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، والآن نحن نمر إلى مرحلة جديدة نبني فيها مستقبلاً ديمقراطيا لمالي احتراماً أولاً  للوثاق الوطني واحترام السيادة الوطنية لمكافحة كل المنظمات الإرهابية، واليوم في الحقيقة الوضع خطير جداً بأن يكون هناك تواطؤ بين من المنظمات الإرهابية والمنظمات يعني الأخرى التي تريد أن تهدد الوحدة الوطنية والاستقلال استقلال مالي.

عبد الرحيم فقرا: في لقاء مع الجزيرة بمقر وزارته تحدث دون ياماموتي القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون إفريقيا عن منظور بلاده للأزمة في مالي وانعكاساتها.

[شريط مسجل]

دون ياماموتي/القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركية: مالي مهمة لأنك كما تعلم بأنّ الرئيس توريه الذي تمت الإطاحة به في انقلاب جاء إلى الولايات المتحدة واستقبله الرئيس أوباما في مكتبه، وقد كانت مالي أحد أكثر البلدان ديمقراطية في القرن ولكنها تمثل أيضاً هشاشة المؤسسات والوضع السياسي بشكل عام هناك، وبعد سقوط الحكومة وانقسام الشمال والجنوب تجد الآن خمسة عشرة بلداً إفريقياً منخرطاً في شؤون مالي.إنّ التحديات التي تواجهها مالي شبيهة بالتحديات التي تواجهها دول تلك المنطقة.

عبد الرحيم فقرا: طبعاً الولايات المتحدة كانت قد أنفقت قدرا من المال على التنمية في مالي ثمّ جاء الانقلاب فوضع حد للوضع كما كان معروفا حتى ذلك الوقت، إلى أي مدى يمثل ذلك فشلا بالنسبة للمقاربة الأميركية لمالي في السابق؟

دون ياماموتي: لا أعتقد أنّ بإمكانك وصفه بالفشل، مجمل المساعدات التي نقدمها لمالي تبلغ نحو ثلاثمائة مليون دولار أغلبها مساعدات إنسانية ودعم للحكم الرشيد وبناء المؤسسات وقيم الديمقراطية، إننا نركز الآن على الانتخابات وعلى المصالحة بين المجموعات المختلفة بما فيها الطوارق والسمهاي والعرب في الشمال و المجموعات المالية، فما الذي يمكن أن نقوم به بشكل أفضل؟ أعتقد أنّ المشكلة تتمثل بأنّ مالي ديمقراطية هشة فهناك خطوات إلى الأمام وتراجع أيضاً ولكن أعتقد أنّ المسار العام يجب أن يكون إلى الأمام وهذا ما نريده في النهاية وما يريده شعب مالي فهو في النهاية سيقرر مستقبله.كل  ما باستطاعتنا فعله أن نساعده و نؤيده.

عبد الرحيم فقرا: كيف يمكن أن تصف لنا مستوى التطابق في وجهات النظر بالنسبة لما حصل ويحصل في مالي بين الفرنسيين من جهة وبين الحكومة الأميركية من جهة أخرى؟

دون ياماموتي: ما قامت به فرنسا هو فسح المجال لحل من نوع ما، بكلمات أخرى في ذلك الوقت كانت هناك حركة متطرفة تتجه إلى الجزء الجنوبي من مالي وقد تمّ إيقاف هذا التحرك، ولكني أعتقد بشكل عام بأننا جميعاً نتفق.أحد جوانب الأمر هو قرار الأمم المتحدة الذي صدر مؤخراً بخصوص عمليات حفظ السلام، أمّا الجانب الثاني فهو أننا جميعاً متفقون على ضرورة الحوار وإجراء الانتخابات، إن التركيز ينصب على إجراء انتخابات رئاسية ومن ثمّ انتخابات تشريعية ولكن قبل كل ذلك نحن بحاجة إلى إجراء حوار، وهذا أمرٌ ناقشناه مع الرئيس توريه، يجب أن لا تكون هناك صعوبة في التعامل مع أية مجموعة في الشمال أو أية مناطق أخرى أو أي من القبائل كقضية أمنية دون الدخول في حوار.وهذا ما اتفقنا عليه ليس فقط الولايات المتحدة وفرنسا بل شعب مالي أيضاً، هذا حوار مطلوب وهو ما نريده وما نحن بحاجة إليه..

عبد الرحيم فقرا: الملف المالي جاء في وقت يدور فيه كثير من النقاش حول القيود المالية في الميزانيات في أوروبا وفي الولايات المتحدة هل يمثل ذلك مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة وما تحاول أن تقوم به في مالي؟

دون ياماموتي: يجب التأكيد على ذلك أيضا، إنّ الأمور المالية مهمة أيضاً، كم من الأموال ستصرف هناك، إنّ عملية الأمم المتحدة وحدها ستكلف مئات الملايين من الدولارات وعلى كل بلد أن يتحمل جزء من العبء.الولايات المتحدة ستوفر نحو 28 % من مجمل ميزانية الأمم المتحدة أمّا فرنسا فستقدم مابين 6 إلى 7 % منها، لذا على كل بلد أن يحمل قسطاً من العبء ليس في أوروبا فقط بل في إفريقيا أيضاً، لذا فإنّ الجانب المالي سيشكل تحدياً لكن إذا كنت ملتزماً وأعتقد أنّ شعب مالي كذلك وكذلك فإنّ الالتزام دول المنطقة أيضاً يلعب دوراً وإذا كان لديك خمسة عشر بلداً إفريقياً بما فيها الجزائر تؤيد العملية فهناك أمل في المستقبل، أعتقد أنّ هناك التزام وسيحتاج ذلك إلى بعض الوقت..

عبد الرحيم فقرا: طبعاً هذه المنطقة غنية بالنفط وبموارد طبيعية أخرى وتعرفون ما يقال في المنطقة أنه كلما كانت هناك منطقة غنية بالموارد تكبر أهميتها في أعين العالم الخارجي خاصةً الولايات المتحدة، هل يمثل النفط و الموارد الطبيعية الأخرى في المناطق القريبة من مالي عامل من عوامل الاهتمام الأميركي بهذا البلد؟

دون ياماموتي: إنّ مصادر الثروة مهمة بالنسبة لتلك البلاد للاستفادة منها، إذا نظرت إلى الدول الأفريقية المنتجة للنفط فهي ليست بأحسن أحوالها اقتصادياً، أعتقد أنّ الدول التي تعمل بنجاعة إفريقيا هي تلك التي لا تملك النفط وذلك يعطيك فكرة عن أسلوب الحكم.أحد الأمور التي يجب أن نركز عليها هي كيفية جلب الحكم الرشيد إلى تلك البلدان، يجب أن تكون الحكومات مسؤولة أمام الشعب كي يكون هناك استقرار، ثمّ ليتمكنوا بعد ذلك من استغلال الموارد بعدالة ويكون جزءا من البلاد ليس بالفساد بل كيف يدافع عن البلاد والعباد.

عبد الرحيم فقرا: عندما غزت الولايات المتحدة أفغانستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر طبعاً قدم الفرنسيون دعما للولايات المتحدة على مختلف الأصعدة في أفغانستان بما فيه الدعم العسكري، هل الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وقدمته لفرنسا في مالي يسير في نفس الروح وفي نفس السياق؟

دون ياماموتي: ينظر إلى إفريقيا كوحدة واحدة وليس كما هو الأمر في أفغانستان.إنّ لفرنسا روابط ومصالح تاريخية في إفريقيا و نحن نأخذ اهتمامهم هذا بعين الاعتبار، ونحن ننسق عن كثب مع فرنسا، فرنسا تقدم الكثير من المساعدات من خلال توفير الخبراء ودعم القضايا الأساسية التي نحاول نحن وشعب مالي والدول الإفريقية تحقيقها وهي وضع الحكومات تحت طائلة المساءلة وبناء المؤسسات وتعزيز التنمية الاقتصادية والرعاية الصحية، ويمكن لفرنسا أن تقوم بدور مساعد ومؤيد، إنّ علينا استغلال جميع المصادر المتاحة كي نضمن أن يصل الأفارقة أنفسهم إلى مستوى أفضل وأكثر ازدهاراً وهذا هو هدفنا..

عبد الرحيم فقرا: كما تعرفون هناك في مالي وفي دول أخرى في المنطقة من ينظر إلى ما قام به الفرنسيون في شمال مالي من تدخل عسكري على أنه شيء إيجابي بالنسبة لمالي والمنطقة برمتها، لكن هناك أيضاً من يعتقد أنّ مالي التي استقلت من فرنسا عام 1960 عاد الفرنسيون ليتدخلوا فيها عسكرياً وليحكموها من جديد بصرف النظر عن دقة هذا الكلام أو لا هل لديكم أي تخوف من أن يشملكم أنتم أيضاً ذلك الانطباع بالنظر إلى تعاونكم مع الفرنسيين؟

دون ياماموتي: أن أحد الأهداف المتوخاة أن يقود الأفارقة تلك العملية من غير الممكن أن تتم بقيادة فرنسية أو أميركية، لا يمكن أن تتم تحت أي قيادة غير الأفارقة أنفسهم وفي نهاية الأمر يجب أن تكون قيادة مالية، هكذا جاءت فكرة تأسيس بعثة الدعم الدولية لمالي بقيادة إفريقية، هي تأتي من خلال عمليات الأمم المتحدة ووافقت عليها الولايات المتحدة ومناطق أخرى بما فيها الجزائر ودول إقليمية.

علاقات واشنطن بالدول المغاربية بعد القذافي

عبد الرحيم فقرا: ما مدى التغيير الذي شهدته علاقات واشنطن مع الدول المغاربية خاصة بعد سقوط نظام القذافي وهل واشنطن مهتمة فعلا في تحسين العلاقات بين المغرب والجزائر خاصة في تواصل تعقيدات ملف الصحراء.زيارة يوسف العمراني إلى العاصمة الأميركية جاءت بعد سحبها لمشروع قرار دولي يشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، خطوة اعتبرتها بعض الأوساط بمثابة انتصار للدبلوماسية المغربية فيما اعتبرتها أوساط أخرى بمثابة انتصار لكن انتصارا مكلفا لعلاقات الرباط مع واشنطن.

يوسف العمراني: أولا أنا لا أريد أن أتكلم عن الانتصار أنا أتكلم عن الإجماع الذي كان داخل مجلس الأمن للمواجهات أو للتحديات الأمنية وكذلك لإيجاد حل سياسي والتفاوض عليه حسب المحددات التي أقرها مجلس الأمن.وهي روح توافق وواقعية أما ما يخص العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة أعتقد أنها علاقات متميزة وبينهما حوار إستراتيجي ونريد أن يعطي دفعة جديدة لعلاقتنا باستكشاف الحوار السياسي وقضايا أخرى لتعزيز التعاون.

عبد الرحيم فقرا: برنامج من واشنطن كان قد استضاف أيضا كلا من علي أحميدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيوانغلاند وجون إنتيليس مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة فوردهام بدأ الحديث معهما عن أهمية مالي في الحسابات الأميركية..

علي أحميدة: أزمة مالي كانت مهمة بالنسبة للولايات المتحدة وكانت ردة الفعل تقريبا هو نوع من إعطاء الدور لفرنسا ولكن بنفس الوقت هو نوع من رد الفعل السريع الذي لم يستطع أن يحل المشكلة برأيي في الأمد البعيد خاصة وأن إشكالية مالي فتحت مشاكل عديدة تناستها نخب شمال إفريقيا وتناستها الولايات المتحدة فترة طويلة وفجأة وجدت أن الساحل والصحراء لهما أهمية إستراتيجية وأهمية دولية كبيرة.

سياسة أميركا الترقيعية في مالي

عبد الرحيم فقرا: بالنظر إلى ما سمعناه الآن من علي هل السياسة المتبعة من قبل واشنطن حاليا في مالي وفي منطقة الساحل هل ترى فيها أي بوادر على أنها تهدف إلى حل مشاكل هناك بطريقة جذرية أم أنها سياسة ترقيعية مرحلية نتعامل مع ما يحصل اليوم وندبر أمر يوم غد غداً؟

جون إنتيليس: هذه أزمة مالي كانت ارتجاجا لأزمة تعود إلى الانقلاب العسكري في الجزائر الذي قاد إلى 10 سنوات من الحرب الأهلية والتي أتت بالجهاديين اليوم.ولأن مالي هي امتداد لأزمة الجزائر التي لم تقم الولايات المتحدة بأي ردة فعل تجاهها ولم تفهم أصولها وكيف تواجه الأزمة حيث أن الجمع بين أزمة الصحراء والممر الصحراوي قد أوجد موقعا إرهابيا لم تكن الولايات المتحدة متأكدة من طريقة التعامل معه، وهذا في نظري سبب سعادتهم لرؤية الفرنسيين يأخذون دور القيادة وقد قاموا بذلك، لكنى أعتقد أن نتائج ذلك على الولايات المتحدة هو أنه سينظر إليها في المنطقة بأنها ترد كما كانت ترد في الماضي على اهتمامات عسكرية وأمنية قائمة على أسس ضيقة بدلا من أن تكون مهتمة بالقضايا الاجتماعية والسياسية الأوسع نطاقا في المنطقة.

عبد الرحيم فقرا: أنت ذكرت الجزائر الآن، الجزائر كما هو معروف لها علاقات تقليديه مع فرنسا فيها وفاق وفيها توتر ما هو تأثير الأزمة في شمال مالي على علاقة الجزائر مع الولايات المتحدة؟

جون إنتيليس: إن أقل ما يمكن قوله أن العلاقة الأميركية الجزائرية لم تكن مستوية المسار، وبعد أحداث 11سبتمبر كانت هناك مصلحة مشتركة بين الولايات المتحدة والجزائر في مكافحة الإرهاب، ولسوء الحظ فإن العلاقات كانت في الدرجة الأساس مركزة على النفط والغاز أو الإرهاب، وهكذا فإن العلاقة وثيقة حول قضايا الآمن والمخابرات، لكني أعتقد أن القضايا الأهم هي القضايا ذات الطبيعة السياسية ولا تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ كبير في هذا المجال، ولست متأكدا من أنهم يدفعون قدما بأجندة سياسية والجزائريون علي أية حال كما تعلم ليسوا منفتحون على التدخل في شؤونهم الداخلية والسياسية وهكذا فإن العلاقة جيدة إذا ركزت على الاهتمامات الأمنية والعسكرية وموضوع النفط، ولست متأكدا أن هذا هو لب الموضوع الذي تواجهه الجزائر والمنطقة ككل.

عبد الرحيم فقرا: إنما بالنظر إلى هذه المشاكل في مالي هل تعتقد أن هناك ما يحمل واشنطن على الندم فيما يتعلق بالمشاركة في إسقاط معمر القذافي، تدفق هذه الأسلحة الحركات التي تصفها بالجهادية وحتى ترددها الآن في معالجة ملفات أخرى كالملف السوري نتيجة ما يحصل في منطقة الساحل؟

جون إنتيليس: بلا شك أن الولايات المتحدة وكباقي دول العالم لم تكن مستعدة للثورات العربية التي بدأت في تونس ومنها إلى مصر وليبيا ثم اليمن واليوم في سوريا، وهناك محاولة لتحليل نتائج تلك الأحداث بطريقة تجعل من الصعب على الولايات المتحدة وضع سياسات متماسكة.إنهم يحاولون تحديد نتائج تلك الأحداث التي لا سيطرة لهم عليها، إلا أنه يمكننا القول إن تلك الأحداث قد تكون مرتبطة بطريقة مباشرة أو بغيرها بالاستياء الذي كان بين الناس في المغرب العربي للإطاحة بالدكتاتوريين وأن يؤدي إلى هذا النوع من المشاكل القائمة اليوم والتي لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للتعامل معها ولست متأكدا أن الولايات المتحدة قد وضعت سياسة متماسكة حول أي من تلك القضايا سواء كان تهديد الإرهاب أو الاستقرار السياسي ويظهر ذلك بوضوح في الطرق المختلفة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع تلك الأوضاع.

عبد الرحيم فقرا: كيف علي يمكن أن تصف الميزان في واشنطن بالنسبة لعلاقات واشنطن مع كل من المغرب والجزائر؟

علي أحميدة: المملكة المغربية كانت حليفة دائما للولايات المتحدة كما تعلم وأنت مغربي أخ عبد الرحيم أن المغرب أول دولة اعترفت بالولايات المتحدة، وبالتالي هناك علاقة قوية و قديمة مع المملكة المغربية، علاقة دبلوماسية أمنية اقتصادية سياحية ثقافية بشكل كبير واستمرت خلال الحرب الباردة وازدادت عمقا.الجزائر كانت علاقتها دائما متوترة مع الولايات المتحدة ولكن في خلال العقدين الآخرين كان هناك تقارب أمني وتبادل استخباراتي وأيضا كما قال جون هناك أيضا استثمارات نفطية، هناك نوع الآن تقريبا أري أن العلاقة وكأنها محاولة للموازنة بين الاثنين، ولكن يبدو أن الأزمة العصية وهي أزمة الصحراء التي شلت المنطقة بشكل عام وخاصة أن المغرب والجزائر هما الأكبر والفاعلين الكبيرين في الإتحاد المغاربي والمنطقة لم يستطع حل المشكلة وبالتالي يبدو أن الولايات المتحدة وكأنها كما قال جون تقوم بدور ليس قويا أو فعالا ولكن محاولة للتوازن بين هاتين الدولتين من غير أن تقود إلى حل أو فرض نوع من الحوار بين هاتين الدولتين لحل المشكلة المزمنة التي أدت في الحقيقة إلى كوارث كبيرة بالنسبة لمستقبل المنطقة بشكل عام.

تنافس إقليمي بين الجزائر والمغرب

عبد الرحيم فقرا: جون طبعا هناك تنافس إقليمي بين كما سمعنا قبل قليل من علي بين الجزائر والمغرب، هل تغيرت آليات هذا التنافس أو هل تغير منظور واشنطن بآليات هذا التنافس في ظل ما يوصف بالربيع العربي خلال العامين الماضيين؟

جون إنتيليس: تجد الولايات المتحدة نفسها بموقف لا تحسد عليه فيما تراه الآن كعلاقة بين دولتين حليفتين الجزائر والمغرب وقد ظهر ذلك في الأمم المتحدة مؤخرا حيث كانت هناك محاولة إدخال لجنة حقوق الإنسان كجزء من التجديد لقوات الميناسو والتي يتم التجديد لها سنويا وقد أيدت الولايات المتحدة تلك الجهود في البداية لكنها انسحبت في اللحظة الأخيرة، وأعتقد أن ذلك كان بضغط من المغرب، وقد هاتف الرئيس أوباما الملك محمد السادس لدعوته لزيارة واشنطن ووجه الملك أيضا دعوة للرئيس أوباما لزيارة المغرب، فمن ناحية يريد الرئيس الحفاظ على علاقات حسنة مع المغرب في موضوع الصحراء، ومن ناحية أخرى فإنهما كما تعلم أن الجزائر حليف هام جدا في موضوع النفط والغاز ومكافحة الإرهاب، لكن حقيقة الأمر أن وزراء الخارجية اجتمعوا مؤخرا ومن المفروض أن يكون موضوع الأمن الإقليمي بين المواضيع التي تم بحثها وحيث أن موضوع الحدود المغربية الجزائرية مغلق كما كان عليه منذ أكثر من عشر سنوات أو ما يقرب العقدين فما هو الأمن الإقليمي الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة إذا لم تكن الدولتان الأكثر أهمية في المنطقة راغبتان فيه أو أن تكون حدودهما مفتوحة.إن ذلك سيبقي التقدم فيه مرتبطا بموضوع الصحراء الغربية ولم تكن الولايات المتحدة لتميل إلى أي من الجانبين، فمن ناحية قد أيدت في البدء جهود المغرب في دفع موضوع الاستقلال الذاتي للصحراء الغربية قدما ثم بدا وكأنها غيرت موقفها عندما اعتبرت المغرب سفيرها شخصا غير مرغوب فيه لأنه في نظرها كان يميل إلى الجزائر كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة، لكن الولايات المتحدة أيدته واضطر الجزائريون إلى الرضوخ.أنها أمثلة محددة على عدم قدرة واشنطن على العمل والتدخل بقوة في ذلك النزاع والذي يتوجب على الأطراف أن تصل إلى حل بشأنه.

عبد الرحيم فقرا: هل لديك أي شيء يشير إلى أن الولايات المتحدة فعلا تريد أن تحسم المشاكل بين المغرب والجزائر، أم أنك تعتقد أن للولايات المتحدة أولويات أخرى تعتبرها في مناطق أخرى من العالم ومن الشرق الأوسط تعتبرها أكبر بكثير من مسألة العلاقات بين المغرب والجزائر؟

جون إنتيليس: أعني بذلك أنه إذا وضعنا الأمر في سياق أولويات السياسة الخارجية الأميركية في التعامل مع المغرب والمشرق فإن ما يجري في سوريا أو العراق أو الخليج أو إيران هو أكثر أهمية بكثير مما يجري في الصحراء الغربية، ويعود ذلك جزئيا إلى أن النزاع حول الصحراء الغربية قد مضى عليه أكثر من 35 عاما وهو سلام بارد أكثر من حرب تدور رحاها وإن الولايات المتحدة راغبة في قبول استمرار الوضع الراهن هذا وسأكون مسرورا برؤية الجانبين يحلان خلافاتهما كي تتكامل جهود المنطقة في مكافحة الإرهاب على الأقل لكن في غياب ذلك فمن غير المحتمل أن تستعمل الولايات المتحدة ضغوطا، والمثال الذي ذكرته في تردد الرئيس أوباما في موضوع قرار قوات المونوسو هو مثال على ذلك لأن الصحراء الغربية موضوع ذو أهمية ثانوية إذا قورن بما يجري في منطقة الشرق الأوسط.

عبد الرحيم فقرا: علي..لو أعتقد نهاية يعني هل هناك أي بوادر بالنظر إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في دول الشمال الإفريقي، هل هناك أي بوادر تشير على أن الأزمة في مالي وفي منطقة الساحل وما حصل حتى الآن فيما يسمى بالربيع العربي يدفع بواشنطن إلى أن تدفع أكثر باتجاه تحقيق تكامل اقتصادي بين دول الشمال الإفريقي خاصة الدول المغاربية.

علي أحميدة: أتمنى هذا ولكنني لست متفائلا جدا يا عبد الرحيم لأن السياسة الخارجية الأميركية تبنى على المصالح وتبنى على أولويات هذه القرار وعلى مدى رؤيتهم لأهمية هذا المكان أو هذه المنطقة الأخرى ولهذا نجد أن السياسة الخارجية الأميركية الحقيقة ليست متسقة إذا نظرنا لها من الخارج ولكن إذا نظرنا من منظور المصالح والأولويات فهي دائما تبنى على ما هو مهم لها في أنحاء جميع العالم وبالتالي لا أعتقد أننا يجب أن نتوقع الكثير من هذه السياسة.

عبد الرحيم فقرا: على أحميدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيوانغلاند وقبله جون إنتيليس مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة فوردهام، إحدى حلقاتنا المقبلة ستأتيكم من فنزويلا التي حققت إنجازات اجتماعية هامة لكنها لا تزال تصارع الفقر وسط انقسام سياسي وصراع طبقي حادين، فنتساءل الآن وقد رحل الرئيس هوغو شافيز إلى مثواه الأخير هل يجد الفنزويليون مخرجا لهم من محبس الانقسام حول السياسة والفقر.

[شريط مسجل]

ديفد سميلد/باحث متخصص في شؤون فنزويلا: هل هناك مخرج، نعم أعتقد ذلك هناك بلدان أخرى كالبرازيل تجد فيها درجات من عدم المساواة أكبر من ثلث فنزويلا وقد تمكنت هذه البلدان من إيجاد مخرج بإتباع نهج مختلف واستطاعت أن تقرب وجهات نظر مختلفة خلال حكم شافيز مرت بعض الفترات حصل فيها على إجماع يقارب ثمانين بالمئة فكان هنالك توافق واسع ورغم ذلك شهدت البلاد استعراضا كبيرا على فنزويلا أن تجد مخرجا من ذلك الاستقطاب.

عبد الرحيم فقرا: انتهت الحلقة يمكنكم التواصل معنا كالمعتاد عبر بريدنا الإلكتروني وفيسبوك وتويتر إلى اللقاء.