من واشنطن - تخبط سياسة أوباما / صورة عامة
من واشنطن

وعود التغيير ومصيرها بعد عام على فوز أوباما

تناقش الحلقة وعود التغيير التي رافقت فوز باراك أوباما. هل فقدت الخطب الرنانة بريقها بعد عودة واشنطن إلى مواقفها التقليدية تجاه العرب والمسلمين؟

– حصيلة الوعود الانتخابية ومصير التوقعات العربية
– دلالات تقلب الموقف الأميركي تجاه قضية الاستيطان

– تفاعل الأنظمة العربية مع مواقف الإدارة الأميركية

– ملفا أفغانستان وإيران وأسباب التعارض بين الخطاب والممارسة

– آفاق العلاقة مع الصين ومشكلات التواصل مع العرب

محمد العلمي
محمد العلمي
حسن نجمي
حسن نجمي
كمال الطويل
كمال الطويل
خليل جهشان
خليل جهشان

محمد العلمي: مشاهدينا أهلا وسهلا بكم في حلقة هذا الأسبوع من برنامج من واشنطن. في مثل هذا الوقت من العام الماضي كان باراك أوباما ومؤيدوه من الحزب الديمقراطي وخارجه ومعظم سكان العالم تقريبا يمنون النفس بحقبة جديدة وصورة أفضل لأميركا من الصورة المقيتة التي خلفها جورج بوش، لكن بعد مرور عام كامل عشرة أشهر منها داخل البيت الأبيض هل بدأت تتحول تلك الأماني إلى إحباطات خاصة في العالمين العربي والإسلامي حيث ارتفع سقف التوقعات بفوز أوباما وبخطابه الشهير في القاهرة وموقفه من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة؟ ماذا حصل بالضبط ولماذا غيرت حكومة أوباما موقفها؟ وهل ما انقضى حتى الآن من حكم أوباما يعين على توقع بقية أيام حكمه أي إلقاء الخطب المؤثرة ومواصلة سياسات سلفه جورج بوش على قبحها وإثارتها للجدل؟ لمناقشة هذا الموضوع يسعدني أن أستضيف هنا في الأستوديو الناشط العربي الأميركي والمحلل السياسي كمال الطويل، والسيد خليل جهشان من جامعة ببرداين، وينضم إلينا من الرباط الكاتب والمحلل السياسي حسن نجمي، أهلا وسهلا بكم جميعا.

حصيلة الوعود الانتخابية ومصير التوقعات العربية

محمد العلمي: لو بدأت بك حسن هناك من الرباط حيث انعقد مؤخرا منتدى المستقبل وسمعت وزيرة الخارجية الأميركية مباشرة من زملائها العرب مدى امتعاضهم من تقلب الموقف الأميركي تجاه المستوطنات، هل بدأت مشاعر الشارع في المغرب وفي العالم العربي عموما في الانتقال من الآمال إلى الإحباط؟

حسن نجمي: شكرا. بطبيعة الحال الصورة التي جاء بها باراك أوباما بعد فوزه التاريخي في نوفمبر الماضي كانت صورة جميلة، هذا الغزال الأسمر الذي جاء برشاقته وبجماله الدافق وبجسده النحيل وبصورته كشاب يعطي الأمل للأجيال الجديدة وللذين يبحثون عن ثقة في المستقبل، طبعا تابعنا خطاباته تابعنا قدرته الخلاقة على التعبئة وعلى الاختراق وعلى الامتداد والانتشار تابعنا أفكاره والآمال المشرقة المضيئة التي غذى بها العالم وغذى بها العالم العربي والعالم الإسلامي ونحن في المغرب أيضا تابعناه بمحبة بتقدير بأمل كبير خصوصا وأنه جاء بعد الرئيس بوش وفضائحه وجرائمه وأخطائه القاتلة التي لا تعد ولا تحصى، إذاً بعد هذا الفوز الذي يشبه المعجزة أو يشبه تقريبا ما يتحقق في الأحلام وفي الأفلام وفي الروايات عقدنا هذا الأمل الكبير لكن ونحن نحاول اليوم بعد مرور سنة أن نرصد هذا الخطاب وهذه الوعود الكثيرة من 515 وعدا انتخابيا 49 وعدا أخذت طريقها بينها 14 وعدا تحقق جزئيا بعد توافق في الكونغرس، سبع وعود تم خذلانها حتى الآن، 14 وعدا دخلت منذ الآن طي السبات أو أفق السبات يعني دخلت في (كلمة أجنبية)، 128 وعدا والتزاما هي الآن محط نقاش برلماني و303 ديال الوعود ما زالت حبرا على ورق. كان أملنا كبيرا في الرئيس أوباما أن يمدنا بجرعة من الأمل ومن الثقة خصوصا فيما يخص وضع القضية الفلسطينية والقضايا العربية قضية العراق أفغانستان، لا نرى فعلا إلا امتدادا واستمرارا لنفس السياسة الأميركية ما يؤكد أن مجيء أوباما هو نتاج للنسق الرسمي الأميركي هو إنتاج طبيعي للآلية وللأجهزة الأميركية ولم يكن ولادة خارج هذا النسق وهذا النظام الإمبريالي الإمبراطوري الأميركي.


محمد العلمي: إذاً دكتور كمال هل تعتقد كما قال حسن أنه بغض النظر عن الرئيس عن الخطاب الانتخابي عن الوعود أن المؤسسة هي التي تحكم في نهاية المطاف وأن الموقف من الاستيطان تحديدا ربما جاء نتيجة لذلك؟

كمال الطويل: ما من ذلك من شك ولكن هذا لا ينفي أهمية دور الرئيس ومركزية دوره، هناك مؤسسة حاكمة لها جناحان وهناك حزب حرب في داخل نواة هذه المؤسسة وهذا الحزب يمتد على ضفتي الجناحين من هذه المؤسسة، الرئيس أوباما جاء تعبيرا عن محاولة حل أزمة ولكنه إلى الآن نهجه وطريقته في الإدارة هي نهج علاقات عامة ولم يتحول بعد إلى نهج تغيير جدي وجذري والسبب في ذلك أن إدارته بالتحديد -وهي علامة فارقة بين كل الإدارات التي سلفت- لا زالت للآن من رأسين لا زال هناك الجسم الصقوري الذي يمتد من المرحلة السابقة وهناك العاقلين -أو الواقعيين دعنا نقل بمقاييس نسبية طبعا- الذين يستشرفون آفاقا متغيرة عما سلف لأن المؤسسة تعتقد هذا الحيز منها أنها تصل إلى حائط مسدود ولا تستطيع أن تمرر مشاريعها الكونية بالطريقة التي سارت عليها الأمور إلى الآن، فالآن نحن في موقع استحكام ما بين نهج سلف ولا زال متمكنا وما بين نهج يعتقد أنه بواقعيته يريد أن يتلمس طريقا آخر ولا يستطيع بعد.


محمد العلمي: خليل أذكر أنك ساعدتنا مشكورا في تغطية يوم التنصيب ومن القضايا التي ناقشناها آنذاك في ذلك اليوم البارد من يناير الماضي هل التوقعات من هذا الرجل كانت تتعدى ما هو مقبول منطقيا أو عقليا؟

خليل جهشان: بدون أي شك، أعتقد أن ردة الفعل إن كان داخل الولايات المتحدة أو خارجها لانتخاب أوباما، ردة الفعل لهذه الشخصية التي تتمتع بكاريزما بجاذبية خارقة عن العادة كان مبالغا فيها ويعني الحملة الانتخابية التي قادها، نوعية هذه الحملة والزخم الذي كسبه من خلال هذه الحملة رفع توقعات العالم إلى مستوى غير قابل للتحقيق عمليا، أضف إلى ذلك أن ردة الفعل العربية بصراحة كانت عاطفية كثيرا..


محمد العلمي: كما العادة.

خليل جهشان: كالعادة، وآمل ألا يكون التقييم اليوم عاطفيا بنفس المستوى كي لا نذهب باتجاه خاطئ أيضا في تقييم ما يمكن أن يفعله الرئيس أوباما في السنوات الثلاث المتبقية له في فترة حكمه إن كانت هي فترة الحكم الوحيدة له. فالتوقعات غير قابلة للتحقيق بمعنى أن العالم العربي توقع من هذا الرئيس خلال أشهر ربما أن يحقق كل هذه الأمنيات التي كانت تساور عقلية الشارع العربي لسنوات طويلة في تغيير السياسة الأميركية، نحن نعرف دائما -يعني كمراقبين لطبيعة النظام هنا في الولايات المتحدة- السنة الأولى لأي رئيس لأي إدارة عادة لا تتدخل هذه الإدارة في السياسة الخارجية فلا يمكن إحراز الكثير لأي رئيس في سنته الأولى بالنسبة للسياسة الخارجية.

دلالات تقلب الموقف الأميركي تجاه قضية الاستيطان

محمد العلمي: نعم ولكن خليل دعنا ننتقل -حتى نتجنب ما قلته أو حذرت منه التسرع في إصدار الأحكام العاطفية- لنحاكم هذه الإدارة في الملف الذي يهمنا الشرق الأوسط بكلامها، وزيرة الخارجية كباقي أعضاء الحكومة ركزوا علنا وفي أكثر من مناسبة على أن الاستيطان يتعين أن يتوقف، لنستمع لوزيرة الخارجية الأميركية في الموقف الأول من الاستيطان.

[شريط مسجل]

هيلاري كلينتون/ وزيرة الخارجية الأميركية: نريد وقفا للمستوطنات ونعتقد أن ذلك جزء هام من الجهود الرامية إلى اتفاق سلام شامل لخلق دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل اليهودية بحدود ومستقبل آمنين.

[نهاية الشريط المسجل]

محمد العلمي: نريد وقفا للمستوطنات على لسان وزيرة الخارجية، سنستمع بعد قليل لموقفين مختلفين شيئا ما. حسن، هل تعتقد أن مثل هذه التصريحات والتي صدرت عن الرئيس نفسه عززت ذلك الانطباع بأن الآن نحن أمام حكومة أميركية جديدة بالفعل تطبق شعار التغيير الذي رفعته في الانتخابات؟

حسن نجمي: لا أريد أن أصيب الناس بالخيبة، كما قال زميلنا خليل علينا ألا ننتظر أكثر مما تتيحه الأشهر الأولى من ولاية أوباما، لا بد أن ننتظر قليلا. نحن كأمة عربية علينا أيضا من موقعنا أن نتحرك قليلا، ينبغي أن نستحضر أن أوباما لا يشتغل لوحده وليس متسابقا وحده في المضمار، هناك قوى ضاغطة داخل الولايات المتحدة الأميركية هناك لوبي صهيوني قوي رغم أنه يشكل أقلية لكنه يمتلك كل وسائل الضغط، ومؤخرا فقط لاحظنا أن هذه الجماعة الصهيونية الضاغطة مولت استطلاعا للرأي داخل الولايات المتحدة لاستخلاص نتائج قد لا تكون واقعية في تقديري بحكم معرفتنا وخبرتنا الطويلة بطبيعة استطلاعات الرأي وكيف يمكن أن تكون مخدومة ومصنوعة لتقدم النتائج التي يريدها الممول وبالتالي كانت النتائج شبه إشارة message إشارة رسالة إلى أوباما وإلى البيت الأبيض بأن عليهم أن يأخذوا حذرهم، نحن هنا والأميركيون لم يغيروا رأيهم من السياسة الأميركية ومن واقع الحال في الشرق الأوسط، لكن في المقابل ليست هناك جماعة ضغط عربية أو إسلامية، الأنظمة العربية والقوى العربية لم تبادر إلى تمويل استطلاع للرأي مضاد يأتي يكون يعكس الواقع ويقدم حقائق الأشياء. الجانب الآخر نحن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن أوباما أيضا ينتظر من الكونغرس أن يتبعه بخصوص الإصلاح الصحي وبعض الالتزامات تجاه شعبه داخل الولايات المتحدة بمعنى أنه من الصعب أن يغامر في أي اتجاه ما يترتب عليه أن يفقد معاركه الداخلية ورهاناته الداخلية خصوصا في علاقته بالكونغرس.


محمد العلمي: نعم حسن إذاً..

حسن نجمي: علينا أيضا أن..


محمد العلمي: عفوا حسن على المقاطعة، ولكنه ربما ساهم في رفع الآمال، ولنستمع إلى الموقف الجديد من الاستيطان أثناء مؤتمر صحفي مشترك بين وزيرة الخارجية الأميركية ومضيفها رئيس الوزراء الإسرائيلي.

[شريط مسجل]

هيلاري كلينتون: ما عرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي فيما يتعلق بقيود محددة لسياسة المستوطنات كوقفه بناء مستوطنات جديدة أمر غير مسبوق كما عهدناه في إطار المفاوضات السابقة.

[نهاية الشريط المسجل]

محمد العلمي: أمر غير مسبوق، هناك من قارن هذا التصريح بما كان قاله الرئيس الأميركي جورج بوش حينما وصف آرييل شارون برجل السلام. هل تعتقد أن هذه الحكومة غامرت حينما دخلت في مواجهة علنية لم تقدرها حق تقديرها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي؟

كمال الطويل: يعود بنا ذلك إلى نفس الشرخ الذي تكلمت عنه سابقا وهو موضوعة الشاقولية في جسم المؤسسة ما بين ذلك الجناح الذي لا زال متمكنا ونافذا وهو الصقور وذلك الجناح الآخر الذي يريد لبرنامجه أن يتسيد وهو فاشل في ذلك بعد وهو جناح الواقعيين، هذا الكلام الذي صدر عن نتيناهو هذا الكلام يعبر بشكل أم بآخر عما يجول في صدور وأفئدة وخواطر الصقور هنا وهناك وما تقوله أو ما قالته سالفا السيدة كلينتون أو حتى الرئيس أوباما نفسه في طياته يحمل نوعا من الرغبة بتغيير هذا الوضع إلى شيء آخر، باعتقادهم أن الملف الفلسطيني هو ملف مركزي ولكي ينطلقوا في مشاريعهم القارية وبالتحديد في أوراسيا الكبيرة هذه يجب أن يخمدوا يعني فتيل هذا الشيء المشتعل الذي يهدد باستمرار بأن يقلب الموائد على الجميع فمن هنا نجد هذا الاضطرام في العلاقة ما بين الصقور هنا وهناك والواقعيين، بين قوسين، هنا وهناك.


محمد العلمي: ولكن مشكلة الدخول في مواجهة علنية، الرأي العام في العالم كله كان.. حتى الأوروبيين رحبوا بالمواقف الجديدة واضطروا للتراجع عنها علنا أيضا. حينما دخل جورج بوش الأب في مواجهة مع شامير كان يعرف أنه سيكسبها لأنه كسب الشعب الأميركي كما تذكر في قضية ضمانات القروض التي كان يكتبها شامير آنذاك، لماذا الدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب؟

خليل جهشان: القضية ليست فقط الدخول في مغامرة، يعني عندما ذكرت كمثال موقف بوش من شامير، بوش كان في تلك الفترة يعرف بالتمام ما يريده من شامير، المشكلة الآن هي ليست الدخول في مغامرة سابقة لأوانها بقدر ما هو يعني عدم معرفة أوباما لما يريده في المنطقة، رفع التليفون وتكلم مع أبو مازن، تكلم عن تجميد الاستيطان، اختار السيناتور ميتشل لكي يكون مبعوثا له خاصا في الشرق الأوسط ولكن دون أن يكون له خطة معينة ماذا يريد في الشرق الأوسط؟ أين هذه الدولة الفلسطينية التي يريد أن يدعمها؟ يعني ليس لديه أي خطة عمل عملية يمكن تسميتها بإستراتيجية أو تسميتها حتى بسياسة، فلذلك عندما تحدث عن كل هذه النقاط أضف إلى ذلك وجود وزيرة خارجية ليس لها خبرة في الدبلوماسية لخبطت يعني الموقف موقف الإدارة الأميركية خلال زيارتها لباكستان وأيضا خلال زيارتها لفلسطين يعني كل هذه الأمور أثبتت أن هذه الإدارة بالرغم من حسن النوايا غير مهيأة للخوض في تغيير لسياستها في المنطقة لأنها لم تقم حتى الآن بإعادة النظر في سياساتها ليس هناك من تقييم لسياستها في المنطقة بعد، تقييم واضح ونتائج واضحة فلذلك هذا التردد في موقف الإدارة، بصراحة كمراقب للإدارات الأميركية المتتالية أعتقد أن هذه الإدارة أكثر إدارة فوضوية شاهدتها في الأعوام الثلاثين الماضية من تواجدي في واشنطن.


محمد العلمي: ولكن لهذه الفوضى عواقب..

خليل جهشان: إيه طبعا.

تفاعل الأنظمة العربية مع مواقف الإدارة الأميركية

محمد العلمي: يعني هذا الكلام الذي كان مضادا وضع السلطة الوطنية الفلسطينية الآن بسبب تصديقها لهذه الآمال، الموقف من تقرير غولدستون. سألت الجزيرة المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراوني الذي نفى بكل بساطة أي مسؤولية لواشنطن عن الوضع المتأزم للسلطة الوطنية الفلسطينية.

[شريط مسجل]

فيليب كراولي/ المتحدث باسم الخارجية الأميركية: منذ بداية إدارة الرئيس باراك أوباما عرفنا أن موضوع المستوطنات يهم كل من في المنطقة، مهم للإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم من دول المنطقة لهذا السبب جعلنا قضية المستوطنات محورا أساسيا في محادثاتنا مع الأطراف ومع ذلك فإننا لم نقل أبدا إن تجميد المستوطنات الكامل هو شرط مسبق لبدء المفاوضات.

[نهاية الشريط المسجل]

محمد العلمي: حسن في الرباط، لوحظ مع مجيء هذه الحكومة عودة لما يسمى بالنهج الكلينتوني في الشرق الأوسط أي اختزال علاقات واشنطن بالعواصم العربية في التطبيع مع إسرائيل لكن يبدو أن الأصدقاء التقليديين لواشنطن في المنطقة من المغرب إلى السعودية إلى مصر كلهم قاوموا هذه الرغبة حتى الآن، ما هو تفسير ذلك في نظرك؟

حسن نجمي: بطبيعة الحال الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة أو حتى غير الصديقة محكومة أيضا بواقع عربي بقضايا داخلية بصراعات على الحدود بقضايا وطنية لاستكمال التراب إلى آخره وبالتالي تأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى في علاقتها بالولايات المتحدة الأميركية. الجانب الآخر أيضا أنها تنطلق -في تقديري، على الأقل في أحسن نماذجها وفي أفضل أنظمتها، بين هلالين- تنطلق من نوع من الواقعية في تتبع وفي رصد واقع الحال وفي طبيعة العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية خصوصا وهي تلاحظ أن الرئيس الأميركي أوباما الذي جاء بحماس كبير وباندفاع أعطى الآمال ورفع من سقف الآمال في العالم العربي كيف بدأ يتقلص هذا الخطاب ويصبح تدريجيا أكثر التصاقا بتعقيدات الواقع، أوباما نفسه الذي رفع شعار التغيير وأعطى الأمل في أن يحقق نوعا من التغيير على كل المستويات الداخلية والخارجية عاد ليقول بأن تغيير الأشياء هو دائما أمر صعب، وبالفعل الذي يمارس الفعل السياسي والذي يتحمل مسؤولية تدبير سياسي في بلاده وكذا يدرك بأن الواقع لا يمكن أن تغيره بين عشية وضحاها، لا بد أن تأخذ المعطيات لا بد أن تتفاعل في علاقتك مع المتغيرات ومع الوقائع والمستجدات لاستيعابها قبل أن تبادر إلى اتخاذ قرارات معينة قد تكون أكثر مردودية وأكثر طمأنة للأصدقاء.


محمد العلمي: ويبدو أن العرب لم يكونوا لوحدهم الذين صدقوا هذه الوعود والتوقعات، يوري أفنيري ناشط سلام إسرائيلي كتب في إحدى الصحف الإسرائيلية يقول "لم يكن من المتوقع أن يستبدل الرئيس أوباما سياسة التأييد المطلق لإسرائيل بدعم أحادي الجانب للفلسطينيين لكن الجميع توقع أن الولايات المتحدة من الآن فصاعدا ستتخذ طريقا أكثر توازنا لدفع الطرفين إلى حل الدولتين، وكما كانت الآمال عالية آنذاك فإنها خابت الآن بنفس القدر، لم يتحقق شيء بل الأسوأ من ذلك تبدو إدارة أوباما من خلال أفعالها وإهمالاتها شبيهة بإدارة الرئيس السابق جورج بوش"، إلى أي حد هذا الكلام صحيح يا دكتور كمال؟

كمال الطويل: نحن نعيش باستمرار هذه الدوامة المستهلكة أن هناك even handling أو مساواة أو توازن في الموقف بين العرب والإسرائيليين، أنا أعود بالذاكرة -التاريخ دوما هادي- أنا أعود بالذاكرة إلى وليامز كلانتون حاكم ولاية بنسلفانيا في عام 1968 عند فوز نيكسون بالرئاسة وأرسل تحت هذا الشعار وكرر هذا الشعار من كل إدارة نسمع هذا الكلام، وإعادة تقييم جيرالد فورد وجيمي كارتر مش عارف إيش حقوق الإنسان والموضوع الفلسطيني والكيان.. وإلى آخره، ثم أذكّر الدكتور خليل صديقي أن الرئيس كارتر والرئيس كلينتون كليهما اشتغلا على الموضوع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي من أول سنة فالمسألة أنه هذا الكلام نسمعه باستمرار، حفلة نفاق استهلاكية لا تنتهي ويعتقدون أن ذاكرة الناس قصيرة، موضوع الاستيطان نفسه بحد ذاته ككلمة كلمة الاستيطان باستمرار الولايات المتحدة أو المؤسسة الحاكمة تقول عنه إنه غير شرعي، ليس من جديد، وقرارات متوالية من مجلس الأمن أم غيرها رعتها أميركا أو على الأقل سكتت عنها من أيام كارتر وإلى الآن وهي تقول نفس الكلام ومع ذلك لا شيء. ما أقصده هو التالي، هم يريدون بموضوع الاستيطان وهذا التركيز اللي حصل عليه ومن ثم نكسوا عنه عداك عن تعبيره عن واقع الأزمة المستحكمة داخل هذه الإدارة بين الرأسين الموجهين لها هو أيضا نوع من العصر المتواصل للكرت الفلسطيني بحيث أن يأتي في النهاية ويقول لا لاجئين، القدس كما تتصورونها ونكتفي بهذا القدر اللي هو موضوعة الضفة الغربية بحدود مقلصة ونقبل بالكتل الاستيطانية الكبيرة وهذا ما أتانا ونقبل به. إلى الآن المفاوض الفلسطيني أيا كان يكون لا يجرؤ على هذه النهاية وطالما لا يجرؤ فالعصر مستمر وأنا في اعتقادي أنهم أن الولايات المتحدة الأميركية آن لها أن تعرف يقينا -أنا عم أتكلم بدون عواطف وكأميركي- أولا أن هذا الموضوع يعني نفد صبر الناس حوله الحقيقة يعني لا يمكن استمراره بهذا الحال، لا يمكن.


محمد العلمي: ولكننا يجب أن نستمر بعد فاصل قصير نعود بعوده لتقييم حصيلة حكم باراك أوباما على المسرح الدولي فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

ملفا أفغانستان وإيران وأسباب التعارض بين الخطاب والممارسة

محمد العلمي: مرحبا بكم جميعا. أضحت أفغانستان من أكثر قضايا السياسة الخارجية استعصاء على الرئيس الأميركي على الرغم من وضوح خطابه الانتخابي حولها حينما وصفها بالحرب الضرورية وانتقلت ملكيتها رسميا من جورج بوش لتصبح حرب أوباما أو فييتنام أوباما، المخاض الطويل الذي لم ينته بعد في التوصل إلى قرار شهد أولى الاستقالات من وزارة الخارجية الأميركية حينما غادر الدبلوماسي الأميركي ماثيو هوب العسكري السابق الذي حارب في العراق وخدم كمبعوث مدني في الوزراة في أفغانستان، هو أعرب عن الاعتقاد بأن حرب أميركا في أفغانستان هي حرب خاطئة بكل بساطة.

[شريط مسجل]

ماثيو هو/ دبلوماسي أميركي سابق في أفغانستان: أعتقد أنها حرب أهلية وأن المصالحة السياسية هي الطريقة الوحيدة لإنهائها، بل أكثر من ذلك لا أعتقد أن تدخل الولايات المتحدة بالجنود أمر ضروري في أفغانستان لأن ذلك لا يخدم أي هدف إستراتيجي بعيد المدى، إن وجودنا هناك لا يلحق الهزيمة بالقاعدة ولا يسهم باستقرار باكستان، وبسبب علاقة باكستان بالهند وموضوع الأسلحة النووية على الجانبين أعتقد أن ذلك يتعين أن يكون من أولوياتنا بالإضافة إلى تدمير القاعدة.

[نهاية الشريط المسجل]

محمد العلمي: خليل هل تعتقد أن هذا أكبر نموذج على التعارض بين الخطاب الانتخابي وممارسة الحكم من الحرب الضرورية إلى الآن، حتى الأوروبيين بدؤوا ينفعلون لأن باراك أوباما يأخذ وقته في التفكير.

خليل جهشان: بدون أي شك يعني هو دائما هناك هوة ولو محدودة بين الخطاب الانتخابي وبين السياسة التي تتبعها أي إدارة جديدة، ولكن هذه المرة الهوة شاسعة يعني غير معقولة وخصوصا في وقت تعاني الولايات المتحدة وسياساتها في الخارج بالأساس من معضلة قلة مصداقية، فعدم اتخاذ قرار بشكل معقول وبشكل سريع يعني الإدارة تتكلم عن إعادة تقييم، ما هي إعادة تقييم؟ هذه رابع مرة تقوم الإدارات الأميركية المتتالية بإعادة تقييم سياساتها خلال تسع سنوات في أفغانستان، كم إعادة تقييم نحن بحاجة إليها؟ أولا، ثانيا الإدارة حتى في إعادة التقييم الرابعة هذه لا تركز على السؤال الأهم، السؤال الأهم هو هل أهداف أميركا في أفغانستان قابلة للتحقيق أم لا؟ السؤال هو ليس كم عدد الجنود الذي نحتاج إليه وما هي تلك الأهدف؟ فليس هناك من تركيز على الأهداف الحقيقية ولذلك هذا التخبط. ثانيا عند قضية المعارضة داخل الولايات المتحدة هناك أكثر من 60% من أبناء الشعب الأميركي الذي يعتبرون أن هذه الحرب حرب خاسرة وأن أهدافها غير قابلة للتحقيق، من هم المعارضون؟ المعارضون لهذه الحرب هم من المعسكر الذي انتخب أوباما ولذلك هذا التردد الذي نشاهده من أوباما، الآن أوباما يجد نفسه في معسكر الجمهوريين والمحافظين الجدد بينما الذين انتخبوه يعارضون هذه الحرب بأغلبية واضحة.


محمد العلمي: وهذا من مصادر إحباطهم الكبير لأنهم كانوا يتوقعون انسحابا وليس..

خليل جهشان: طبعا طبعا ولذلك هذا التردد ولذلك أوباما يريد أن ينطلق قدما في رسم سياسة جديدة ولكن في نفس الوقت يرى أن القاعدة الشعبية التي انتخبته ليست معه في هذا المضمار وليست معه في هذا الاتجاه.


محمد العلمي: بالإضافة إلى القاعدة دكتور كمال مشكلة المال، آخر التقديرات الرسمية كل جندي في أفغانستان يكلف الخزينة مليون دولار سنويا، يعني أربعون ألف جندي أربعون مليار دولار في الوقت الذي تعاني فيه الميزانية الفيدرالية بأكبر عجز في التاريخ، بحرب بدأ الرأي العام يعتقد أنها حرب غير ضرورية.

كمال الطويل: أربعون ألف جندي إضافي.


محمد العلمي: إضافي. يعني الآن موجودون يكلفون مليون دولار سنويا لكل جندي.

كمال الطويل: نعم، وهم سبعون ألفا والآن أربعون ألفا.


محمد العلمي: نعم. إذاً كيف يمكن التوفيق في.. ويحاول أن يدخر الأموال ولكنه لا يجد مشكلة في صرفها على حرب لا تبدو ضرورية في نظر الكثيرين.

كمال الطويل: يسأل في ذلك المجمع العسكري الصناعي الذي يعتقد أن مصلحته مباشرة هي في المزيد من الصراعات الحربية والإنفاق على السلاح دون النظر بعين الاعتبار إلى باقي فروع الاقتصاد الأميركي التي إما تذوي أو تصدر أو تموت أو تترنح أو تمشي بالكاد، فهنا يعني لب المسألة الحقيقة، من يريد هذه الحرب ولماذا؟ يريدونها المجمع العسكري الصناعي أقصد ومؤسسة الأمن القومي ودولة الأمن القومي اللي هي حزب الحرب ما أقصد، تريد أولا مرصدا على روسيا والصين، نقطة حصار وإطلالة على روسيا والصين، تريد معبرا لكل شيء اسمه خطوط أنابيب نفط وغاز عبر أوراسيا، تريده جانب إيران، تريده مطلة على المحيط الهندي وإلى آخره، وآسيا الوسطى من طرف آخر، إذاً هم يتصورون أن هذه بؤرة لا يجب التفريط بها في حال من الأحوال وفي تقديري أنهم مخطئون حتى بالبصيرة لأنه بالنهاية أنت قاعد في بلد مغلق وتحتاج إلى عون الآخرين كله حتى تصل له، والآخرون قد يزودوك من هذا الممر علشان يورطوك أكثر وأنت في غيك ماشي وسادر، يعني أمر حقيقة أشعر بعجب وعجاب كبير حول كيف يفكر به. تفضل.

خليل جهشان: القضية المالية هي أسوأ بكثير مما وصفنا حتى الآن في الواقع يعني ليس فقط وجود ستين إلى سبعين ألف جندي حاليا في أفغانستان زائد أربعين ألف جندي إضافي لأنه بالإضافة إلى ذلك هناك سبعون ألف..

كمال الطويل: أوروبي.

خليل جهشان: لا، لا، غير الأوروبيين، هناك أربعون ألف أوروبي، ولكن هناك..

كمال الطويل: متعاقدون.

خليل جهشان: سبعون ألفا من المتعاقدين.

كمال الطويل: نعم، نعم والمرتزقة.

خليل جهشان: والمتعاقد يكلف في الواقع أكثر بكثير من ألف دولار لأنه لن يعمل بألف دولار أو مليون دولار سنويا، فلذلك تكاليف أفغانستان ليس فقط 150 مليار كما يدعي البعض، أنا أعتقد أن تكاليف الحرب في أفغانستان الآن تفوق أكثر من 250 مليار دولار سنويا.


محمد العلمي: نعم لو انتقلت إلى حسن في الرباط، إلى أي حد يتعارض روح خطاب القاهرة والانفتاح على العالم الإسلامي مع هذه الحرب في أفغانستان أو يشعر الرأي العام في العالم العربي بالإرهاق من هذه الحرب أو حروب أفغانستان التي يبدو أنها لا تنتهي؟

حسن نجمي: من الواضح جدا أن خطاب القاهرة وخطاب أوروبا الشرقية وغيرها من الخطابات الجميلة والوديعة تندرج كما قال كمال في بداية هذا اللقاء ضمن تصور للعلاقات العامة التي تنتهجها الولايات المتحدة حاليا لتحسين الصورة وتلميعها ولإعادة بعض من المصداقية المفقودة إلى النظام الأميركي خصوصا في أعين المواطنين في العالم العربي، لكن نحن نعرف نظريا على الأقل أن العلاقات العامة وهي فلسفة تواصلية لتجويد وتلميع وتقوية الصورة أساسا لا يمكنها أن تعمر طويلا إذا لم تكن مدعومة بقرارات جدية وبسياسة حقيقية يلمسها الناس، إنها مثل حبل الكذب القصير لذلك في تقديري أوباما عليه أن يدرك قبل فوات الأوان بأنه يحتاج إلى قوة أخلاقية لملاءمة الخطاب مع الواقع، لا يمكن أن ينتظر الناس لأشهر أخرى حتى يتأكدوا من مدى صواب ومدى صلاحية أو عدم صلاحية الفكرة، أوباما محتاج فعلا إلى إعادة النظر في الخطاب في الفكرة في المبادرة في ربما في فريقه المصاحب، أحيانا تكون لرئيس الدولة نية طيبة لكن عندما يكون مصاحبا صحبة رديئة دائما تكون النتائج كارثية، لذلك أعتقد أن العلاقات العامة لا يمكنها أن تمتد في الزمن، لا بد أن يعاد النظر في هذه الخطوات وأن يتجه نحو المستقبل بجدية أكثر.


محمد العلمي: أشار حسن في جواب سابق لموضوع الرعاية الصحية، يبدو أن هذا الموضوع استنفد كل الوقت والجهد وتركيز البيت الأبيض وإلى أي حد انتزع هذا الأوكسجين من تركيز باراك أوباما على المسرح الدولي وتنفيذ ما تعهد به انتخابيا؟

خليل جهشان: لا شك أنه أثر ولكن يعني بصراحة الإدارة نفسها ارتكبت الكثير من الأخطاء حتى الآن يبدو لي أن الرئيس أوباما يشبه بالنسبة لإدارة البيت الأبيض يشبه أكثر الرئيس كارتر في سوء إدارة البيت الأبيض والسياسة التي ينوي أن ينفذها، يعني حسن النوايا مع كل الاحترام يعني حسن النوايا لا تنجز أي شيء. بالنسبة مثلا لقضية فلسطين في الواقع هناك مقبرة من حسن النوايا تعود لأكثر من سبعين عاما ولم ينتج عنها أي شيء، طبعا هذه القضية خصوصا لأن الجمهوريين في الواقع أو المحافظين في هذا البلد في الواقع اعتبروا هذه القضية قضية أيديولوجية كأنها هي المحك الأساسي بالرغم من أنها في الواقع قضية نوعا ما اقتصادية نوعا ما أخلاقية اجتماعية ولكن في نفس الوقت حولها إلى litmus test يعني إلى قضية محك أساسي أيديولوجي لهذه الإدارة مما اضطر هذه الإدارة بسبب الفوضى الداخلية التي أشرت إليها، بسبب أن أكثر من نصف الوظائف في هذه الإدارة ما زالت شاغرة فاستنفدت كل طاقات هذه الإدارة مما أضعف من مجال المناورة لها إن كان بالنسبة لقضايا داخلية أو اقتصادية أو بالنسبة لقضايا دولية بالنسبة للسياسة الخارجية التي كانت ربما تنوي هذه الإدارة الخوض فيها بشكل أفضل مما شاهدنا حتى الآن.

كمال الطويل: مع فارق أساسي بس شوية على موضوع كارتر وهو أن الرئيس أوباما يرتطم بحائط صلد من حيز كبير من العسكرية الأميركية، هذا عامل لازم ندخل في الحسبان إدخال دقيق جدا، أنت أمام عسكرية أميركية، عسكريتاريا، الآن كمان هي شاقوليا تنشطر بين أقلية عاقلة أو متعقلة مش عاقلة، متعقلة وما بين أكثرية راجحة من الصقور وعلى رأسهم أخونا المرشح لسنة الـ 2012 يطمح..


محمد العلمي (مقاطعا): هل تعتقد أن علاقاته بالمؤسسة العسكرية متوترة؟

كمال الطويل: متوترة جدا، من واقع هذا الشيء.

خليل جهشان: وانظر ما فعلت المؤسسة العسكرية لإحراجه، يعني التسريبات التي تتم من قبل وزارة الدفاع هذه الأيام أكثر من أي تسريبات..

كمال الطويل: ليس لهم نصيب فيها إلا اثنان جيمس جونز ودنيس بلير ورئيس الأركان واقع في موقع كثير متبلبل إنما الذي يضغط باتجاه تلك الحروب و و إلى آخره هم أساسا الرأسان مرشح الرئاسة 12 -وأذكر بهالكلمة هذه- اللي هو باتريوس وأخينا صاحب البطولات القاهر، شو اسمه؟

خليل جهشان: ماكريستول.

كمال الطويل: ماكريستول، إيه.


محمد العلمي: أنتقل ربما مرة أخيرة للزميل حسن نجمي في الرباط، حسن موضوع إيران دولة إسلامية أخرى تعهد الرئيس الأميركي الجديد بالانفتاح عليها، طي الصفحة، هذا الأسبوع قبل أن يسافر إلى آسيا جدد تجميد الودائع الإيرانية في الولايات المتحدة، صادرت حكومته بعض المساجد والمؤسسات بدعوى أنها مملوكة للحكومة الإيرانية، تعهد اليوم -والبرنامج مباشرة يوم الثلاثاء- وحذر إيران بشأن برنامجها النووي. هل طالت خيبة الأمل أيضا الموضوع الإيراني وأن ما تعهد به لم يف به؟

حسن نجمي: أعتقد حالة الارتباك التي تحدث عنها الإخوان في التدبير السياسي والإستراتيجي الأميركي في عهد أوباما خلال هذه السنة هو نفس الارتباك الذي يكرر نفسه ونلمسه يوميا في التعامل مع الملف الإيراني، أعتقد أن على أوباما أن يكون أكثر جدية في التعامل مع هذا الملف ومع مختلف الملفات الأخرى التي تهم العالم العربي والإسلامي، وأظن أن أوباما في كلمة وجيزة في حاجة إلى وقاية أخلاقية.

آفاق العلاقة مع الصين ومشكلات التواصل مع العرب

محمد العلمي: نعم. دكتور كمال في هذه الزيارة التي لم تنته بعد للقارة الآسيوية يبدو أن أوباما أصبح أول رئيس يرحب رسميا بالصين كزعيمة على المسرح الدولي، دعاها إلى أيضا تحمل مسؤوليتها، إلى أي حد سوف يسهم هذا الدخول الرسمي إلى الصين في تغيير ما نتحدث عنه اليوم؟

كمال الطويل: في الحقيقة هناك زواج سيامي نشأ ما بين الصين وأميركا منذ عهد دينغ زياو بينع وجيمي كارتر في الـ 1978، الآن يتحول أراه علائمه الآن تتحول من سيامي إلى زواج متعة موقوت بمعنى آخر لأن الآن طبائع الأمور طبائع الاقتصاد الصيني وطبائع الاقتصاد الأميركي وسيما في ضوء وأثناء وغداة وعشية الأزمة التي بدأت منذ عام هي يعني تفصل ما بين الأمرين، هناك علائم أو خلينا نقول علائق تجمع بين الاثنين منهم على سبيل المثال موجود السندات الصينية بنسبة اثنين ترليون دولار في الولايات المتحدة ومنها سوق الاستهلاك التي هنا وإلى آخره ولكن سوق الاستهلاك هنا ينكمش والسندات الصينية قلقة على مصير الدولار، والأميركان عاوزين من الصين أن تطوف عملتها كلام you know هذا الكلام كله مفرقات، مشتركات لا زال موجود، مفرقات تكثر، من هنا أرى أنها ليست في وضع حسن أو صحي وأعتقد أنه حصل كثير من الاحتكاك بين الرئيسين في الزيارة الأخيرة هذه سيما حول موضوع التيبت وحقوق الإنسان وكلام من هذا القبيل، كان في رغبة عند الرئيس أوباما أن يلجم لسانه لأنهم ليسوا مستعدين لتلقي محاضرات على ما يبدو، هم في نفس الحين يوجهون صناعاتهم نحو سوق استهلاك داخلي واسع وهذا في تقديري نوع من الفطم لاقتصادهم على أن يكون باستمرار يحتاج أن يرضع من أضرعة البقرة الأميركية الحلوب.


محمد العلمي: نعم، ولكن على مستوى العلاقة الدولية على الأقل نظريا هل وجود منافس قوي لأميركا على المسرح الدولي ربما سيعيدك للانضباط الأيديولوجي -إن شئت- الذي طبع الدبلوماسية الأميركية أيام الحرب الباردة حينما كانت تأخذ وجهة النظر السوفياتية بعين الاعتبار في كل القضايا؟

خليل جهشان: بصراحة يعني هذا ممكن ولكن هناك أيضا سيناريوهات محتملة أخرى تقود باتجاه ربما معاكس، يعني بإمكان إذا ما أرادت الصين بالواقع أن تلعب دورا إيجابيا من وجهة نظر أميركية باستطاعتها أن تكون شريكا في الواقع للولايات المتحدة في كثير من مناطق العالم خصوصا إذا ما اعتبرنا أن الرئيس أوباما يرحب بمثل هذه الشراكة يريد تعاونا من الصين في قضايا أخرى مستعصية الحل بالنسبة لواشنطن، ولكن في نفس الوقت الصين أيضا دولة عظمى يعني رحب بها أوباما أو لم يرحب بها، ولها مصالحها كما هي تعرفها في بكين ليس كما تعرفها واشنطن، وهذه المصالح من الواضح -كما قال كمال- هناك تناقضات واضحة وصريحة بين مطامح الصين كدولة عظمى وبين مطامح وأهداف الولايات المتحدة وهذه الأمور لن تنحل بهذه السهولة وبهذه البساطة فالتنافس مستمر وطبعا أحد السيناريوهات هنا أن هذا التنافس إذا كان بالفعل تنافسا عمليا وإيجابيا بإمكانه أيضا أن يحجم أغلاط -نوعا ما- الولايات المتحدة ويساعد الإدارة الأميركية على التركيز بشكل أفضل على القضايا التي تريد، الأهداف التي تريد أن تحققها أميركيا.


محمد العلمي: دعني آخذ وجهة نظر حسن حول هذا الموضوع بحكم اقتراب أو قرب العالم العربي من الصين تاريخيا وثقافيا وجغرافيا أيضا بالمقارنة مع أميركا، هل دخول أو الترحيب الرسمي على الأقل لأميركا بالصين كلاعب دولي ربما سيخفف من الاحتقان في المنطقة وإيجاد مخرج آخر للعالم العربي؟

حسن نجمي: الصين لم تكن في حاجة للاعتراف، هي عضو في مجلس الأمن، هي أكثر انتشارا في المساحات الممتدة، اكتسحت القارة الأفريقية، أصبحت لاعبا دوليا منذ فترة طويلة، أظن أن الرئيس أوباما هو الذي أكثر حاجة إلى هذا التوافق مع النظام الصيني، الصين بطبيعة الحال قوة اقتصادية ضاربة، قوة مقبلة من المستقبل وليست آتية من الماضي، كل التحديات الاقتصادية المطروحة اليوم عن النظام الاقتصادي العالمي هي صينية أو من جنوب شرق آسيا أساسا وبالتالي فهذا التوافق يبدو استعاريا ورمزيا أكثر منه تعبيرا عن واقع الحال، واقع الحال أن الصين قوة أساسية ضاربة فاعلة مؤثرة مسموعة الكلمة.


محمد العلمي: شكرا حسن. والآن إلى مدينة لوس أنجلس في ولاية كاليفورنيا، السيد ريتشارد غرونيل المتحدث السابق لأربعة من سفراء أميركا في الأمم المتحدة والذي يعتقد أن أوباما قد أخفق حتى الآن في كسب قلوب وعقول العرب والمسلمين، سيد غرينيل أين ترى بالضبط مشكلة تواصل البيت الأبيض مع العرب؟

ريتشارد غرينيل/ متحدث سابق باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة: من الواضع بالنسبة لي أن الرئيس أوباما كان في السلطة حتى الآن لقرابة سنة، وخلال خطابه في القاهرة والفترة التي سبقت وصوله إلى الرئاسة هناك الكثير من الناس يقولون بأنه سيتواصل مع العالم العربي وإنه سيحاول أن يتحدث إلى المعتدلين وأن يمكنهم وقد انقضت سنة حتى الآن لم يتحدث إلى الشبكة الأولى من العرب وأعتقد أن الوقت حتى الآن يصاب بالذهول، فالرئيس أوباما بشكل خاص عليه أن يتواصل مع مائتين من العرب على شكل يومي، أنا لا أقترح من خلال مقابلة واحدة وإنما من خلال حوار مستمر مع قناة الجزيرة، أعرف أن الرئيس أوباما قام بمقابلة مع قناة العربية ومن المهم أن يذهب إلى الشبكة رقم واحد وأن يتواصل مع السواد الأعظم من العالم العربي.


محمد العلمي: ولكن السيد غرينيل رئيسك الذي خدمت معه جورج بوش والقريب منه أيديولوجيا لم يتحدث معنا هو الآخر.

ريتشارد غرينيل: أعتقد أن ذلك كان خطأ، أنا شخصيا حاولت أن أدفع المجموعة الإدارية لبوش أن يتحدثوا إلى الجزيرة وأعتقد أنه مهم لأن الجزيرة تمثل مستمعين جيدين وكذلك أن جان نغرابونتي وجان دانكفورث وجان بولتن وخليل زادة كلهم قاموا بمقابلات مع الجزيرة وكذلك أجروا محادثات مع مراسلي الجزيرة في الولايات المتحدة، كذلك كنا نتحدث إلى المراسلين، أنا تحدثت إلى الجزيرة وكانت لدينا إستراتيجية قوية للتواصل ليس فقط مع قناة الجزيرة ولكن أيضا مع قناة العربية، أعتبر أن الإدارة الأميركية اقترفت خطأ وذلك في عدم قيامها بمحادثات مستمرة مع العالم العربي وللقيام بذلك عليك أن تتحدث إلى القناة الأولى في العالم العربي، هذا الأمر هو ببساطة أعرف أن هناك قلقا في الولايات المتحدة يقضي بأنهم لا يتفقون دائما مع الخط التحريري للجزيرة، هذه ليست مشكلتنا، في الإعلام الحر علينا أن نتوجه إلى تلك الشبكة وأن نعبر عن وجهة نظرنا وأن تجري محادثة مع العالم العربي، أنا بالتأكيد لا أتفق مع كل ما يجري مع الـ CNN والخط التحريري لفوكس نيوز ولكنه ليس موقفي أن أغير الخط التحريري لها، إنها مسؤوليتي أن أتواصل معهم وأن أتحدث إلى المشاهدين.


محمد العلمي: السيد ريتشارد غرينيل المتحدث السابق باسم أربعة من سفراء أميركا في الأمم المتحدة شكرا جزيلا وكنت معنا من مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا. دكتور كمال هل تعتقد أن المشكلة في الخطاب أم في السياسة كما عهدناه في كل حكومات أميركا؟

كمال الطويل: بطبيعة الحال في السياسة، الخطاب قد تسمعه قد تسر به وسمعنا كثيرا من الخطابات المتقنة والمرونقة من رؤساء سابقين، ليس هو.. يمكن هو أجود بالتجويد إنما هذا ليس شيئا متفردا به، من قبل كلينتون كان بارع الكلام وحتى بعض من لا يحسن الكلام كنيكسون قال كلاما جميلا في حينه، هذا كله لا يفيد، ما يفيد هو العمل والخطوات الفاعلة على الأرض وما يفيد هو قناعة الولايات.. وصول المؤسسة الحاكمة الأميركية إلى قناعة بأن الموضوع الفلسطيني والصراع العربي الفلسطيني خواتيمه لا تعالج هكذا، لا تعالج بفرض الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين أو على الجوار العربي إنما تعالج بحلول وفق الشرعية الدولية معروفة ومكتوبة ومصاغة ولا تحتاج إلى كثير من الابتداع والرعاية، وكلمة رعاية على فكرة كلمة سقيمة لأن الرعاية معناها وكأنما راعي غنم فليس هذا المطلوب.


محمد العلمي: كلارك ليفرد -خليل- المسشار الشهير للرئيس ترومان كان يقول القرار الخاطئ أفضل من لا قرار، ويبدو أن غياب القرار لدى هذه الحكومة في كل هذه القضايا التي ناقشناها لها تبعات على الأرض من وضع السلطة الفلسطينية إلى إيران إلى الوضع في أفغانستان، هل تعتقد أن هذا يعني أخطر ما تواجهه هذه الحكومة الأميركية؟

خليل جهشان: بدون أي شك خصوصا بالنسبة لإدارة أميركية موقفها يعني خال من المصداقية إن لم يعان فقط من مصداقية منقوصة فهذا التردد وهذا الفراغ الذي تتركه هذه الإدارة بالنسبة لإدارتها للأمور ولسياساتها في الشرق الأوسط مع العالم العربي مع العالم الإسلامي، هذا الفراغ يضر لأنه بالأساس المشكلة ليست -كما قيل عدة مرات في هذا البرنامج- ليست مشكلة علاقات عامة، هي يعني المشكلة مشكلة فحوى سياسة هذا البلد وهذه الفحوى لا يمكن ملؤها بالنسبة لأساليب دعائية أو عبر أساليب دعائية معينة مهما كانت هذه الإدارة في الواقع قادرة وممتازة بالنسبة للعلاقات العامة، يعني ما تحتاج إليه الولايات المتحدة في علاقاتها مع العالم العربي والإسلامي هو ليس حوار الطرشان الذي شاهدناه في الماضي ولا حوار الخرسان الذي نشاهده اليوم لأنه ليس هناك من حديث جدي كما قال الضيف من لوس أنجلس.

كمال الطويل: ولا حوار العميان.

خليل جهشان: ولا حوار العميان من الطرف العربي.


محمد العلمي: وكانت تلك آخر كلمة في هذا البرنامج، في نهاية هذه الحلقة أشكر الدبلوماسي الأميركي السابق ريتشارد غرينيل الذي انضم إلينا من لوس أنجلس، كما أشكر بقية ضيوفي حسن نجمي من الرباط، كمال الطويل وخليل جهشان معي هنا في الأستوديو، كما أشكر باقي الزملاء الذين ساهموا في إنجاز هذه الحلقة في الدوحة والرباط وهنا في واشنطن وأخص بالذكر منتجي البرنامج دادية حدفة، دينا سكرودي وهيثم نصر. وفي أمان الله.