من واشنطن - إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة - صورة عامة
من واشنطن

مستقبل العلاقات السورية مع واشنطن وطهران

تستضيف الحلقة وزير الخارجية السوري وليد المعلم ليتحدث عن مستقبل علاقات بلاده مع الولايات المتحدة وإيران، والوضع في الشرق الأوسط في ظل إدارة أوباما.

– معوقات عملية السلام وآفاق الحوار السوري الأميركي
– السياسة الخارجية وتفاعل العلاقات السورية الدولية

– وضع مسلمي البوسنة وآفاق المستقبل

 عبد الرحيم فقرا
 عبد الرحيم فقرا
 وليد المعلم
 وليد المعلم

حارث سيلادتش
حارث سيلادتش

معوقات عملية السلام
وآفاق الحوار السوري الأميركي

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج من واشنطن وتأتيكم للأسبوع الثاني على التوالي على هامش الدورة الـ64 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وقد جاءت هذه الدورة في الوقت الذي بدا فيه أن وتيرة الحوار السوري الأميركي قد تعززت في ظل المباحثات التي أجراها في كل من واشنطن ونيويورك مسؤولو البلدين حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وزير الخارجية السوري وليد المعلم خص الجزيرة بلقاء استعرض فيه بعض أهم تلك القضايا. السيد الوزير مرحبا بك، أولا أنتم حاليا في نيويورك حيث ألقيتم كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تحدثتم فيها عن جملة من المحاور، أحد تلك المحاور كان الوضع في الشرق الأوسط، كما هو معروف هذه التطورات تأتي في ظل إدارة أميركية جديدة وعلى رأسها الرئيس باراك أوباما، كيف تشعرون إزاء آفاق التسوية في منطقة الشرق الأوسط في ظل هذه الإدارة؟

وليد المعلم: أولا من حيث المبدأ نحن متفائلون بهذه الإدارة التي وضعت منذ وصولها إلى البيت الأبيض إحلال سلام عادل وشامل في مقدمة أولوياتها وعينت مبعوثا خاصا هو السيناتور ميتشل لتحقيق تقدم باستئناف محادثات السلام، لكن في الوقت ذاته نرى أن إسرائيل التي تتمتع بأفضل علاقات مع الأمم المتحدة إسرائيل التي تحظى على الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري من الولايات المتحدة تقول لا للجهد الأميركي تقول لا لوقف الاستيطان، لا لتهويد القدس، لا لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، حتى موضوع الدولة الفلسطينية هناك إشارات استفهام حقيقية حول قبول إسرائيل لمبدأ الدولتين نابعة من حقيقة الاستيطان الذي يقضم أراضي الضفة الغربية، ولذلك أقول المعادلة إدارة أميركية راغبة، إسرائيل رافضة، العرب ينتظرون، كنا نتمنى أن تأتي إدارة أوباما لتساعدنا في إحلال هذا السلام وإذ المطلوب من هذه الإدارة من الجانب العربي أن يتخذ خطوات لمساعدة الإدارة، وهذا شيء في الواقع يعني يجعلنا لا نتفاءل.


عبد الرحيم فقرا: باراك أوباما خلال خطابه ألمح أو استخدم كلمة الدولة اليهودية، بالنظر إلى ذلك هل تعتقدون أن باراك أوباما غير قادر على الضغط على إسرائيل أم أنه متواطئ مع إسرائيل؟

وليد المعلم:  أنا لا أريد أن أصل إلى عبارة متواطئ، أفضل أن أقول إن القدرة هي محل شك في الشارع العربي وهناك كثيرون يتحدثون عن حسن نوايا الرئيس أوباما ومحدودية قدرته في الضغط على إسرائيل. لكن السؤال دائما، هل يسمح المجتمع الدولي الذي يدعم إحلال سلام عادل وشامل وفق مرجعيات الأمم المتحدة ومرجعية مدريد للسلام هل هذا المجتمع الدولي كله يسمح أن تقف إسرائيل وتقول لا للإرادة الدولية؟ هذا هو السؤال الكبير.


عبد الرحيم فقرا: السيد الوزير، باراك أوباما الرئيس الأميركي كان قد صرح وقال بصريح العبارة إذا أرادت جهة من الجهات -وكان الكلام موجها حتى للعرب والمسلمين بشكل عام- أن أقوم باتخاذ خطوة معينة فيجب أن تضغط علي حتى أقوم بتلك الخطوة. هل تشعرون أنتم كوزير خارجية سوريا أن العرب والدول الإسلامية بشكل عام قد ضغطت على باراك أوباما بما يكفي لدفعه في اتجاه معين بالنسبة لعملية السلام؟

وليد المعلم:  يعني أنا فقط أتمنى لو كان لدينا القدرة للضغط، أنا أشك بأن لدى الجانب العربي بالوضع العربي الراهن أو الجانب الإسلامي بالوضع الإسلامي الراهن أن يكون لديه القدرة على الضغط، العكس هو الصحيح، ما يجري على أرض الواقع نلمس أن هناك تحركا وضغطا على الجانب العربي لاتخاذ خطوات عملية تكافئ إسرائيل على تصلبها وعلى تشددها، في الواقع هذه الخطوات إذا اتخذها أحد الأطراف أقول سلفا إنها ستعرقل السلام.


عبد الرحيم فقرا: هل الجانب السوري من ضمن الأطراف التي تتعرض لهذه الضغوط لحمل سوريا على اتخاذ موقف معين من عملية السلام مع الإسرائيليين أولا؟

وليد المعلم: نحن في سوريا سنوات الضغط التي حاولوا يمارسوها ولت واستمر موقفنا واضحا، نحن أولا لا نرضخ للضغوط، معروف عنا ذلك، ثانيا ليست سوريا من الدول التي تُطالَب باتخاذ خطوات لأن موقفها واضح ومعروف، عندما تستجيب إسرائيل لمتطلبات وبديهيات عملية السلام عندما تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية لدى الإسرائيليين ترى أنها جزء من عملية السلام، أم سوريا غير جاهزة لأن تضيع وقتها من أجل مفاوضات للمفاوضات، وهذا موقف معروف وواضح.


عبد الرحيم فقرا: كون هذه الجولة من المباحثات بين الجانب السوري والجانب الأميركي لا تتم على مستوى وزير الخارجية وليد المعلم ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، هل يقرأ في ذلك أنه لا سوريا ولا واشنطن متأكدة من أنه في نهاية المطاف سيتم بناء هذا الجسر الذي تحدثتم عنه والتوصل إلى تسوية ناجحة لمختلف القضايا؟

وليد المعلم:  أولا أستطيع أن أتحدث عن سوريا، نائب الوزير مخول خلال هذه الزيارة بأن يبحث مختلف المسائل، وكما فهمت من الجانب الأميركي هناك اهتمام واسع في الإدارة والكونغرس بهذه الزيارة، هي أول زيارة لمسؤول سوري إلى واشنطن منذ أكثر من ثماني سنوات ولذلك من هنا تأتي أهمية هذه الزيارة، وهذه خطوة على طريق حوار طويل لا بد أن نبدأ بها حتى تستمر ونبني عليها خطوة واضحة.


عبد الرحيم فقرا: طيب إلى أي مدى السيد الوزير تشعرون أن الموقف الذي تتخذه سوريا إزاء إسرائيل تحديدا يؤثر أو لا يؤثر على وضع العلاقات التي تريد سوريا إنشاءها مع الولايات المتحدة مع حكومة الرئيس باراك أوباما تحديدا؟

وليد المعلم:  نحن اتفقنا مع الجانب الأميركي أن للعلاقة السورية الأميركية سماتها وميزاتها الخاصة بها بمعنى أن هذه العلاقات يجب أن تبنى على أسس واضحة، صحيح لن يكون هناك تطابق في وجهات النظر، ستكون هناك عقبات ما زالت تقوم في وجه هذه العلاقات، لكن هذه العلاقات ستبنى بقرار مستقل عن إرادات الآخرين، بمعنى ألا تكون رهينة لنتنياهو ولا رهينة لأي z أو x من قادة المنطقة.


عبد الرحيم فقرا: طيب أين تقف الآن مسألة الاتصالات بين الجانب السوري والجانب الأميركي في إطار آفاق العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة؟

وليد المعلم:  الاتصالات قائمة والحوارات مستمرة على أكثر من صعيد.


عبد الرحيم فقرا: على صعيد العلاقات السورية مع العراق مثلا هل يؤثر الملف السوري العراقي على وضع العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا؟

وليد المعلم: لا، أبدا، لم يؤثر وهذا ما لمسته خلال الاتصالات التي جرت معي هنا في نيويورك مع الجانب الأميركي، لن يؤثر والسبب أنا بقناعتي الظروف تغيرت وثانيا لا توجد قناعة حقيقية أن لدى العراق دليلا على اتهام سوريا، معظم من تحدثنا إليهم بما فيهم أعضاء مجلس الأمن سمعنا منهم كلاما أن هذا اتهام سياسي وهم لا يريدون أن يستجروا إلى موقف سياسي ولذلك اتهامات العراق يعني استمرت تدور في فنجان ليس أكثر.


عبد الرحيم فقرا: الآن نقطة اعتراضية، مسألة العلاقات بين سوريا والعراق بحد ذاتها في ظل كل هذه التطورات في العلاقات بين البلدين، هل تشعرون أنتم هل تقييمكم في سوريا أن الأزمة الحالية بين سوريا والعراق هي أزمة عابرة أم أن تقييمكم أن هذه الأزمة هي بداية مرحلة من القلاقل ستظل تؤرق العلاقات السورية العراقية؟

وليد المعلم: أقول لك بصراحة، هناك انطباع ساد في المنطقة لسنوات وعقود أن العلاقة السورية العراقية ممنوعة، ممنوعة إقليميا ممنوعة دوليا، هذا اعتقاد ساد منذ استقلال سوريا منذ استقلال العراق، لكن في هذا الوقت بالذات وعندما قررت الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق وعندما طلبت من سوريا المساعدة في تأمين أمن الحدود المشتركة لمسنا قبولا أميركيا أوروبيا عربيا للعلاقة السورية العراقية المتينة ولذلك قبل يومين من التفجيرات أو يوم واحد حتى بـ 18 آب اتفقنا مع رئيس الوزراء العراقي على إقامة مجلس للتعاون الإستراتيجي يشمل النواحي الاقتصادية والطاقة يشمل النفط يشمل الدفاع يشمل الأمن يشمل الثقافة، هذا هو الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن يقوم بين قطرين عربيين شقيقين، وكنا أيضا نتعاون من أجل تأمين أمن الحدود أكثر بالإضافة أنه لدينا أكثر من مليون لاجئ عراقي في سوريا يعيشون ضيوفا على سوريا، هذا الوضع الطبيعي، الوضع الغير طبيعي أن نفاجأ باتهام عراقي ولذلك لا بد من أن يسأل الإنسان ما هي دوافع مثل هذا الادعاء؟ استنتاجي أن الدوافع سياسية، إما أن هناك في العراق من يدوخ عندما يسمع كلمة بعثي أو أن في حكومة العراق من لا يرغب في إقامة علاقة إستراتيجية بين سوريا والعراق أو أن في العراق من له ارتباطات خارج العراق لا تخدم مصالح لا العراق ولا سوريا، من هنا لا يوجد تفسير آخر سيما وأن هناك القاعدة أصدرت بيانا تعلن فيه مسؤوليتها عن التفجير وهناك خلال المحادثات التي أجريناها مع الجانب العراقي كان إصرار من قبلي أعطونا الدليل، أعطونا الدليل، كانوا يأتون بلائحة فيها 179 اسما، أول اسم فيها رغد صدام حسين وهي ليست في سوريا، قلنا لهم هل هي مسؤولة عن التفجير؟ قال لا، لكن مطلوبة سياسيا، إذاً الاتهام سياسي وليس اتهاما جرميا له علاقة بالتفجير الدامي الإرهابي الذي وقع في بغداد يوم 19 بالشهر والذي كانت سوريا سباقة في إدانته.

السياسة الخارجية وتفاعل العلاقات السورية الدولية

عبد الرحيم فقرا: إيران الآن، السيد الوزير، المعروف أن هناك علاقات وطيدة وتوصف حتى بالإستراتيجية بين سوريا وإيران، الوضع كما تعرفون بين إيران والغرب بشكل عام وإيران والولايات المتحدة بشكل أكثر تحديدا متوتر في الآونة الأخيرة في الوقت الذي يوصف فيه الجهد السوري بأنه يذهب باتجاه محاولة تحسين العلاقات مع  الغرب ومع الولايات المتحدة، هل أصبحت العلاقة السورية الإيرانية تمثل بأي شكل من الأشكال عبئا بالنسبة لوضع سوريا في المنطقة؟

وليد المعلم: هذا سؤال هام جدا، أولا نحن لا نقيم علاقات سورية مع دول أخرى على حساب دول أخرى، نقيس العلاقة بمقياسين -علاقاتنا الخارجية- المقياس الأول موقف هذه الدول من قضية الشعب الفلسطيني، والثورة الإيرانية منذ البدء كان لديها موقف واضح من قضية الصراع العربي الإسرائيلي، ثانيا نرى أين مصالحنا تخدم؟ من هنا استطعنا أن نبني علاقة طيبة مع الجانب الإيراني. الآن نفس الشيء -ولا نحتاج لاستئذان أحد أو موافقة أحد- نقيم حوارا مع الولايات المتحدة وسبق وأقمنا حوارا مع دول الاتحاد الأوروبي والآن علاقاتنا جيدة مع دول الاتحاد الأوروبي ونأمل أن نبني علاقة جيدة مع الولايات المتحدة تقوم على الاحترام والتفاعل. نحن نؤمن أن الحوار هو الطريقة الدبلوماسية الأسلم لتحقيق أمن واستقرار المنطقة ولذلك شجعنا الطرفين الغرب وإيران على أن يجلسوا على طاولة الحوار، نحن نؤمن أن من حق كل بلد بموجب معاهدة منع الانتشار في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، هذا حق لسوريا قد تستخدمه مستقبلا لتوليد الكهرباء، لإيران، لكل بلد، لكن نحن ضد استخدام هذه الطاقة للأغراض العسكرية كما نقف بحزم أمام ما تملكه إسرائيل من ترسانة نووية معروفة للعالم أجمع، نقول لا نريد أن يدخل الشرق الأوسط سباق تسلح نووي ولهذا في عام 2003 تقدمت سوريا بمشروع قرار إلى مجلس الأمن لجعل المنطقة خالية من الأسلحة النووية. أقول إن حوارنا مع الولايات المتحدة لا يبنى على أساس قطع الصلة بإيران أو على أساس حساب علاقاتنا مع إيران.


عبد الرحيم فقرا: هل معنى ذلك السيد الوزير أن منظوركم الحالي الآن في ظل كل هذه المتغيرات والتطورات في منطقة الشرق الأوسط، هل يعني ذلك أن سوريا قد أصبحت تنظر إلى دورها في المنطقة فيما يتعلق بإيران من حليف لإيران إلى وسيط بين إيران والغرب؟

وليد المعلم: لا، أبدا، لم تكن وسيطا في يوم من الأيام بين إيران والغرب، لكن هذا لا يعني.. أننا ننقل لأصدقائنا في الغرب الموقف الإيراني وننقل لإيران ما نسمعه من الغرب إلى الإيرانيين لكننا لسنا وسطاء في هذا الموضوع ولا يمكن أن نكون وسطاء. كما لا يمكن أن نقيس علاقاتنا مع الدول الأخرى على حساب علاقتنا بإيران أو علاقتنا بالعراق أو علاقتنا بتركيا، لدينا علاقة إستراتيجية مع تركيا أيضا وقد تكون أعمق بكثير من علاقاتنا مع الدول الأخرى ومع ذلك لم تأت على حساب أحد.


عبد الرحيم فقرا: السيد الوزير أريد أن نتحدث بعض الشيء عن تركيا بعد قليل، لكن لدي سؤال متابعة لو تفضلتم بالنسبة لإيران، في ظل ما حصل في العراق عام 2003 عندما تنظرون إلى ما يحصل بين الولايات المتحدة وإيران في الوقت الراهن بالرغم من كل الانفتاح الذي حصل بين إدارة الرئيس باراك أوباما وإيران في الآونة الأخيرة هل تشعرون بالقلق إزاء وقوف المنطقة على شفا عمل عسكري ما بين إيران والغرب ممثلا إما في الولايات المتحدة أو في إسرائيل؟

وليد المعلم: بدون شك ولو كنت أعيش في المغرب سأشعر بهذا القلق فكيف ونحن قريبون من منطقة التوتر؟ ولهذا أقول إن الحوار هو الوسيلة الأصلح لحل المشاكل القائمة، والمشاكل القائمة في معظمها هي فقدان الثقة، فقدان عامل الثقة بين إيران والغرب. من هنا أقول إن أي حرب في منطقتنا سيكون شررها خطيرا على الجميع وما أخشاه أن تقوم إسرائيل بجر الآخرين إلى هذه الحرب حتى تهرب من عملية السلام من استحقاقات السلام، هذا ما أخشاه في الواقع أن تضخم مسألة إيران وأن تورط الآخرين في مواجهة مع إيران لكي تهرب من استحقاقات السلام.


عبد الرحيم فقرا: السيد الوزير في ظل هذه التوترات في المنطقة كيف تصفون وضع العلاقات السورية السعودية؟ للمملكة العربية السعودية تخوفات رسمية في الملف الإيراني بطبيعة الحال كما تعلمون، ولكن بالنسبة لسوريا كيف تصفون وضع العلاقات حاليا؟

وليد المعلم:  يعني بالواقع بعدما بادر الرئيس بشار الأسد بزيارة أخيه جلالة الملك عبد الله في المملكة مؤخرا واللقاء الذي جرى بين القائدين وقبلها كان هناك قمة رباعية جرت في الرياض أيضا، كل هذا يصب في خانة التضامن العربي وتعزيز التضامن العربي وردم الهوة القائمة بين بعض الدول العربية، هذا سيساهم في استقرار المنطقة ولذلك العلاقة السورية السعودية تلعب حجر الزاوية في استقرار المنطقة والحمد لله علاقاتنا طيبة والعلاقة بين قائدينا طيبة.


عبد الرحيم فقرا: هل هناك معالم توافق سوري سعودي في ملفات كالعلاقة مع حماس في غزة، مع حزب الله في لبنان وحتى في الملف الإيراني وعلاقات الإيرانيين أو عدم وجود تلك العلاقات مع الأميركيين؟

وليد المعلم:  شوف في الواقع غياب الحوار وغياب النقاش يجعل الهوة أوسع ويجعل الصور المسبقة الصنع لكل طرف سلبية لذلك أعتقد أن بإمكان سوريا أن تلعب دورا في إزالة أسباب القلق وبإمكان السعودية أن تلعب دورا بإزالة أسباب قلق سوريا من مواضيع معينة، ولكن الهدف يجب أن نناقش هذه الأمور، وفي نهاية المطاف نحن بالنسبة لسوريا بلد يؤمن بالقومية العربية يؤمن بالتضامن العربي، نحن هموم أي قطر عربي بالنسبة لسوريا تحظى بالأولوية.


عبد الرحيم فقرا: هناك مقولة راجت في الفترة الأخيرة نقلا عن لسان سوري تقول إن تركيا وليس إيران هي الصديق الحميم لسوريا، ما رأيكم في هذه المقولة؟

وليد المعلم: أليس من الأفضل أن تكون تركيا صديق حميم وإيران صديق حميم لسوريا؟ ما هو الخطأ في ذلك إذا كان يخدم مصالح المنطقة واستقرارها؟ لا أرى تعارضا، حتى تركيا تبني علاقة مع إيران علاقة طيبة وهناك زيارات متبادلة ولا تعارض. هناك علاقة إستراتيجية تقوم بين سوريا وتركيا وعند زيارة السيد الرئيس بشار الأسد مؤخرا إلى اسطنبول خلال  الأيام الأخيرة من شهر رمضان تم توقيع اتفاق للتعاون الإستراتيجي بين البلدين وجرى بقرار رئاسي من الطرفين السماح لمواطني البلدين بالعفو من الحصول على التأشيرة ومن سمات الدخول ونأمل أن ينطبق هذا على أشقائنا الدول العربية أن يسمحوا للمواطن السوري بالدخول إلى أقطارهم بدون تأشيرة كما تسمح سوريا لأبناء الوطن العربي بدخول سوريا بدون تأشيرة وبدون رسوم منذ عام 1965.


عبد الرحيم فقرا: وزير الخارجية السوري وليد المعلم. نأخذ استراحة قصيرة ثم نعود.

[فاصل إعلاني]

وضع مسلمي البوسنة وآفاق المستقبل

عبد الرحيم فقرا: أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج من واشنطن. عملية السلام في الشرق الأوسط تحظى باهتمام مختلف الأوساط بما فيها أوساط مسلمي البوسنة وقد خص الرئيس البوسني حارث سيلاديتش أحد أعضاء الرئاسة الثلاثية البوسنية خص قناة الجزيرة بحديث رسم فيه أهم معالم التوتر الذي بدأ يعود إلى علاقات المسلمين والكروات والصرب في بلاده. وقد عادت منطقة البلقان إلى الواجهة في الولايات المتحدة منذ تعيين الرئيس باراك أوباما لريتشارد هولبروك موفدا له إلى كل من أفغانستان وباكستان، وكان هولبروك قد توسط في إبرام اتفاقية دايتون للسلام عند منتصف التسعينيات من القرن الماضي عندما انتهت حرب البلقان. كما تعرفون هناك أحاديث كثيرة هذه الأيام حتى في الجمعية العامة عن ملف التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هل ترون بأي شكل من الأشكال أي خطوط توازي بين حالة مسلمي البوسنة وحالة الفلسطينيين في الشرق الأوسط؟

حارث سيلادتش: هناك بعض خطوط التوازي وخاصة في أساليب المتطرفين الصرب ونظام ميلوزوفيتش مثلا قتل المتعلمين والرؤساء في المجتمع المحلي، التطهير العرقي بأساليب معينة ومنع وعرقلة عودة اللاجئين، أعتقد بعض خطوط التوازن طبعا موجودة، مش كلها ولكن هذا بالضبط يعني التطهير العرقي وعرقلة عودة اللاجئين هو أعتقد أنه الموضوع الرئيسي. ونتمنى إن شاء الله أن تصبح هناك دولة فلسطين في حدود الـ 67 وأعتقد أن إدارة أوباما تسعى لهذا الشيء وبالطريق إلى هذا الحل.


عبد الرحيم فقرا: كيف حال المسلمين في البوسنة في الوقت الراهن.

حارث سيلادتش: طبعا المسلمون في البوسنة والهرسك أحرار ولهم حرية كاملة في إقامة شعائرهم الدينية والاجتماعية والسياسية ولكن هناك توتر، صحيح، لماذا التوتر؟ لأننا نسعى الآن لبعض التعديلات الدستورية، أنا شخصيا أرغب في صياغة دستور جديد عصري يضمن التكافؤ والمساواة في البوسنة والهرسك وهذه سياستنا ولكن لا أعتقد أن المجتمع العالمي الآن جاهز لتغييرات عميقة وكبيرة، ولذلك التوتر، نحن نقترب الآن من هذه المفاوضات الجديدة ففي توتر معين والتوتر لأن الفكرة فكرة التطهير العرقي الطهارة العرقية -كما يزعمون- للأسف الشديد لها حضور في بلغراد خاصة لحد الآن مع أن الحكومة الجديدة حكومة ديمقراطية وأعتقد أنها لا تتبنى هذه الفلسفة ولكن هناك حركة قوية وكأن الحرب لم تنته بالنسبة لهم هم.


عبد الرحيم فقرا: قد يخيل إلى الناس في العالم الإسلامي بأن علاقات البوسنة علاقات مسلمي البوسنة مع العالم الإسلامي تشوش على مستقبل الوجود المسلم في أوروبا كما يشخصه مسلمو البوسنة، هل هذا الانطباع صحيح؟

حارث سيلادتش: لا أعتقد، هذه الدول الصديقة لنا وللدول الغربية وغيرها ونحن كلنا نسعى للسلام في البوسنة، فهذه الدول ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالكامل لها دور مهم في مؤتمر السلام في البوسنة ولحد الآن هناك لجنة للتنسيق لمنظمة المؤتمر الإسلامي ونحن نريد إنعاشها في المستقبل، ولا أرى ولا أسمع من أي جهة أن هناك يعني خطورة لتواجد المسلمين في البوسنة لأن هناك علاقة مع الدول الإسلامية والعربية ونحن أقمنا سنقيم إن شاء الله هذه العلاقات في المستقبل وهي علاقات أخوة وصداقة وعلاقات اقتصادية وما إلى ذلك ولا أرى فيها ضررا.


عبد الرحيم فقرا: طيب تحدثتم عن مسألة الانضمام للاتحاد الأوروبي، معروف أنه في الحالة التركية مثلا، الترشيح التركي للانضمام للاتحاد الأوروبي يواجه بعض الصعوبات بسبب المسألة الدينية كون الأتراك مسلمين، ما هي الأسباب التي تعرقل انضمام البوسنة بما فيها المسلمين للاتحاد الأوروبي؟

حارث سيلادتش:  أولا عن تركيا للأسف لأن تركيا جسر لأوروبا في طريقها إلى آسيا والقرن 21 هو قرن آسيا ولا شك ستضرر أوروبا ومصالحها، هذا رأيي أنا، وبعد ذلك تركيا دولة وكانت دولة كبيرة ومهمة قوة اقتصادية سياسية ثقافية وما إلى ذلك. أما البوسنة ما يعرقل طريقنا إلى الانضمام هو أمور قانونية وإدارية، هناك طريق معين، لكن الأهم بالنسبة لنا الانضمام إلى حلف الناتو لأن هذا هو السقف لنا ويمنع تكرار ما رأيناه من جرائم للأسف، نحن نريد السلام نريد الاستقرار نريد النمو ونريد أن نبقى بهويتنا وكل الشعب وكل الدين في البوسنة يعني مع جميع الحقوق لكل واحد في البوسنة، عندنا المسلمون وعندنا الأرثوذوكس وعندنا الكاثوليك وعندنا عدد من اليهود ليس بالكبير وغيرهم من الأديان فهذه هي الدولة الحديثة والمجتمع الحديث ومطلب العولمة اليوم، فنحن بهذا الطريق.


عبد الرحيم فقرا: طيب حلف شمال الأطلسي كما تفضلتم الآن، تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي الناتو ومعروف أن هناك علاقات وطيدة بين تركيا كدولة في أوروبا ولها امتداد في العالم الإسلامي والولايات المتحدة، هل تشعرون أن الأميركيين أكثر دعما للأمن والاستقرار والازدهار في البوسنة من الأوروبيين مثلا؟

حارث سيلادتش:  أولا الأوضاع تتغير، والمنظور الأوروبي لتركيا يتغير أيضا أما الأميركيين، أميركا لها إدارة سياسية واحدة، أوروبا مجموعة من الدول لحد الآن، هناك آراء تتباين في بعض الأحيان، فلذلك هذا دعم أميركا لبوسنة ولاستقرار البوسنة دعم مباشر وإرادة سياسية واحدة قرار سياسي واحد وقرارهم الاستقرار والسلام في البوسنة، مع أن اتفاقية دايتون تنص على بعض التنازلات أيضا احتراما للوضع على الأرض سنة 1995 ولكن هذه الاتفاقية أوقفت الحرب وصارت أرضية لنمو وسلام وتطور وما إلى ذلك ولكن محليا حاولت بعض القوى الصربية خاصة عرقلة الدولة، الحكومة المركزية، ونحن الآن بصدد الحديث عن يا إما دستور، صياغة دستور جديد أو بعض التعديلات ويظهر أن بعض هذه التعديلات هي الخيار الأول.


عبد الرحيم فقرا: أريد أن نتحدث عن دايتون، وجه محدد من دايتون، ولكن قبل ذلك أنتم كبوسنيين كمسلمين في البوسنة هل تفضلون المقاربة الأميركية للوضع في البلقان أم أنكم تفضلون المقاربة الأوروبية للوضع في البلقان بما فيه مسلمي البوسنة؟

حارث سيلادتش: الاثنين، لأنه سنصبح جزءا من الاتحاد الأوروبي يعني عضو في الاتحاد الأوروبي في غضون خمس أو ست سنوات، أما علاقاتنا مع أميركا بالنسبة لدايتون، اتفاق دايتون مشروع أميركي في عهد إدارة الرئيس كلينتون وهذه علاقات وطيدة. وبما أنه حضرتك تصر على المسلمين في البوسنة وعلاقاتهم مع العالم وما إلى ذلك أنا أريد أن أقول إن المسلمين في البوسنة أظهروا وجها حضاريا في أيام الشدة أيام الموت وهذا شيء لا ينفيه حتى عدونا، لم نقم معتقلات وتطهير عرقي وما إلى ذلك، اللي حصل أن عدونا للأسف ارتكب أكبر جريمة، جريمة الإبادة الجماعية أو الـ genocide وهذا حكمت محكمة العدل الدولية بهذا الشيء يعني أكدتها قانونيا ولأول مرة في التاريخ، ولكن ومع ذلك نحن نبنى النموذج التاريخي الأصلي البوسني للتعايش والسلام والمساواة للأديان وجميع المواطنين، إذاً هذا العنصر عنصر إيجابي وعنصر بناء وعنصر سلام ولا شك في ذلك، ونحن نريد أن الغرب والشرق يدعموننا في إقامة البوسنة دولة عصرية ونحن بهذا الطريق مهما كان التوتر، عضو في الاتحاد الأوروبي والناتو وعضو في المجتمع العالمي أيضا.


عبد الرحيم فقرا: طيب دايتون، اتفاقية دايتون طبعا معروف أنها مرتبطة بريتشارد هولبروك الذي هو مبعوث الرئيس باراك أوباما حاليا إلى أفغانستان وباكستان، أنتم في البوسنة تعيشون في ظل تركة اتفاقية دايتون وتركة ريتشارد هولبروك، ما هي الدروس التي تعتقدون أن إدارة الرئيس باراك أوباما يجب أن تستفيدها من الحالة البوسنية في مناطق أخرى من العالم الإسلامي كباكستان وأفغانستان؟

حارث سيلادتش: أولا إن أجهزة المجتمع العالمي تتبع دائما وتحترم الوضع على الأرض، هذا هو، والسيد هولبروك كان منفذا للسياسة الأميركية في البوسنة والهرسك في أوضاع صعبة للغاية واجتهد وعمل وكان ينفذ هذه السياسة، كلنا نخطئ ولكن ما حاول هو في البوسنة شيئا جيدا في الأصل، الخطأ في بداية الحرب عندما وهذا مجلس الأمن منعنا عن الدفاع عن أنفسنا بحظر التسلح وللأسف الشديد وهذا هو الخطأ الكبير المرتكب حتى قبل الحرب.


عبد الرحيم فقرا: أين الدرس فخامة الرئيس بالنسبة لأفغانستان في هذا الكلام مثلا؟

حارث سيلادتش: هو الأوضاع، الدرس في أن الحلول السريعة لا تفيد أولا، أنا رأيي في أفغانستان لا بد من الاستثمار في الاقتصاد أيضا في التعليم أيضا والصبر، ليس هناك حل سريع في رأيي، البوسنة اتفاقية دايتون صارت ولكن كما ترى حضرتك أنه لحد الآن عندنا توتر سياسي، فالحلول السريعة ونسيان الموضوع وترك الموضوع لا يفيد.


عبد الرحيم فقرا: إنما بالنسبة لكم أنتم كمسلمين في البوسنة الحل الأمثل لوجود المسلمين في البوسنة ليظل في إطار التجمع الحالي السياسي مع الكروات والصرب؟

حارث سيلادتش: البوسنة والهرسك بحدودها التاريخية يعني لا نسمح بلمس أي شبر من هذه الحدود أو الأراضي البوسنية ولذلك حاربنا والحمد لله نجحنا، هذا هو، نحن نقول إن على المجتمع العالمي دعم هذا النموذج التاريخي الأصلي القديم جدا في البوسنة والهرسك وإذا ما نجحنا في البوسنة كيف ننجح في أماكن أخرى وهي في وسط أوروبا، أوروبا التي تدعي التساوي والحوار وما إلى ذلك. البوسنة بلد ليس كبيرا يعني ولكن ردودها وتداعياتها كبيرة.

عبد الرحيم فقرا: الرئيس البوسني حارث سيلادتش في نهاية هذه الحلقة من برنامج من واشنطن. عنواننا الإلكتروني،minwashington@aljazeera.net لكم تحيات طاقم البرنامج من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إلى اللقاء.