من واشنطن 30-6-2008 / لقطة عامة
من واشنطن

مؤتمر الأقليات المسلمة في الغرب

نلقي الضوء على المؤتمر الذي تحتضنه كندا ويبحث في موقع الأقليات المسلمة في الغرب في عالم ما بعد هجمات سبتمبر/أيلول. كيف يختلف وضع مسلمي كندا عن وضع مسلمي أميركا وأوروبا؟

– طبيعة الندوة وأهميتها وخصوصية الدولة الكندية
– النزاعات الفكرية بين العالمين الإسلامي والغربي

– السلم والحرب في العلاقة بين الإسلام والغرب

طبيعة الندوة وأهميتها وخصوصية الدولة الكندية

عبد الرحيم فقرا
عبد الرحيم فقرا
مختار لماني
مختار لماني
بول ديوور
بول ديوور
الأخضر الإبراهيمي
الأخضر الإبراهيمي
بول هاينبيكر
بول هاينبيكر

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم جميعا في حلقة جديدة من حلقات برنامج من واشنطن. البلدان كالأشخاص لكل واحد منهم هويته الخاصة به ولكن في إطار محيط أسري أكبر ينتمي إليه، لكن من تلك البلدان من ينتمي إلى أكثر من أسرة واحدة ككندا أحد أهم عناصر الأسرة الأنجلوساكسونية التي تقودها القوة العظمى الحالية الولايات المتحدة، والتي أي كندا تنتمي أيضا إلى الأسرة الفرانكوفونية وعلى رأسها القوة العظمى السابقة فرنسا. كندا كأخواتها الغربيات تحتضن جاليات مسلمة جاءت من مختلف أصقاع الدنيا ويقدر تعدادها بحوالي ستمائة ألف نسمة. في هذه الحلقة نتناول دور الجاليات المسلمة في هذه الدول وطبيعة مشاركتها في السجال الدائر عالميا حول مستقبل العلاقات بين العالم الإسلامي والعالم الغربي بشقيه الأنجلوساكسوني والفرانكوفوني. وقد نظم مركز الابتكار في الحكامة الدولية المعروف اختصارا بـ (سي.جي) مؤتمرا دوليا في مقر البرلمان الكندي في أوتاوا تحت عنوان "الهوية الكونية في العالم الإسلامي، المواطنة العالمية والتغيير الاجتماعي"، حضره عدد من الساسة والدبلوماسيين والمفكرين من مختلف الدول لبحث قضايا الإرث الثقافي الإسلامي ودور المسلمين في تحديد مسار العالم في الحاضر والمستقبل.

[تقرير مسجل]

المعلق: إذا أردت أن تربك كنديا فعامله على قدم المساواة، قد تكون هذه النكتة الأميركية طريفة ولكنها ليست بريئة تماما، فبرغم افتخار الكنديين بنجاحاتهم فإن نفوذهم السياسي والاقتصادي والثقافي في العالم محدود مقارنة بنفوذ الدولة العظمى إلى الجنوب. كثيرة هي الأمور التي تفرق كندا عن الولايات المتحدة وبرغم ذلك فإن القواسم المشتركة بينهما ليست منعدمة فكلا المجتمعين مثلا استند عبر تاريخه إلى المهاجرين في بناء قدراته.

ماري جويل زهار/ أستاذة علوم سياسية- جامعة مونتريال: إننا في كندا نخوض جدالا حول أفضل السبل لتعميق تجربتنا كمجتمع متعدد الثقافات وحول حدود تلك التجربة وقد شهد إقليم كيبيك في الآونة الأخيرة جدالا حول إدماج المهاجرين بصورة معقولة وحول قدرة الوافدين من خلفيات ثقافية ودينية مختلفة على العيش في وئام في كندا برغم اختلافاتهم.

المعلق: هذا الجدل تركز في جزء كبير منه على المسلمين في المجتمع الكندي خاصة في عالم ما بعد هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر. قدرة هؤلاء على التأثر والتأثير في مجتمعاتهم بما فيها المجتمع الكندي كانت أحد المحاور التي ركز عليها مركز الابتكار في الحكامة الدولية خلال مؤتمر احتضنه مقر البرلمان الكندي في أوتاوا، ويقول المشاركون فيه إن الهدف منه هو شد الاهتمام إلى قضايا المسلمين في كندا وخارجها وتسليط الضوء على مواقف كندا من قضايا العالم الإسلامي.

بسمة موماني/ أستاذة مساعدة علوم سياسية- جامعة واترلو: لقد كانت كندا على الدوام دولة محايدة ولها تاريخيا مواقف يحترمها الجميع إزاء منطقة الشرق الأوسط، إننا قوة غير استعمارية ولا نتدخل في الأزمات الرئيسية اليوم في المنطقة.

المعلق: هذه الأزمات حسب المشاركين في المؤتمر تغذي ليس فقط الجدال حول تفاعل الأقليات المسلمة مع مجتمعاتها ذات الأغلبيات المسيحية ولكن أيضا مشاعر التوتر والنفور إزاءها في تلك المجتمعات، وإذا كان الكنديون قد عارضوا غزو العراق فإنهم قد دعموا الموقف الأميركي في أفغانستان واصفين إياه بالمشروع لأن أفغانستان كما يقولون شكلت القاعدة التي انطلقت منها الهجمات ضد الولايات المتحدة. وإذا كان صانع القرار الكندي يشيد بالمواقف الكندية سواء إزاء المسلمين أو الأميركيين فإن هناك من يرى أن التناقض أحد سمات هذه المواقف.

أحمد رشيد/ صحفي وكاتب باكستاني: بصورة عامة لكندا صورة إيجابية وحيادية ولا يتم ربطها بالولايات المتحدة دائما ولكن من جهة أخرى فالجزء الأكبر من ذلك التناقض يتمثل في تشبث كندا بعدم انتقاد السياسة الأميركية.

المعلق: إذا كانت كندا ترتبط بالولايات المتحدة بأكثر من رابط فإنها ترتبط ارتباطا قويا بأوروبا أيضا ويرى بعض المشاركين في المؤتمر خاصة من الأوروبيين أن الموقف الكندي من مسألة وضع الأقليات المسلمة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر يحمل معالم شبه مع المواقف الأوروبية.

رودجر أوين/ أستاذ تاريخ الشرق الأوسط- جامعة هارفارد: يجب أن نتذكر أن الولايات المتحدة هي التي تعرضت لتلك الهجمات وبالتالي فإن الأميركيين يعتبرونها بمثابة حرب عليهم، أما في أوروبا وكندا يمكن للناس أن ينظروا إلى الإرهابيين الذين نفذوا تلك الهجمات الإرهابية كمسلمين دون أن يعتبروا أن هؤلاء يمثلون مواقف المجتمع المسلم برمته كما ينظر إليهم الأميركيون.

المعلق: إذا كان هذا التشخيص ينطبق على العديد من قطاعات المجتمع الأميركي فإن من الأميركيين من يعارض وصف كل المسلمين بالإرهابيين.

[نهاية التقرير المسجل]

عبد الرحيم فقرا: إذاً كيف يختلف وضع الجاليات المسلمة في كندا عن نظيراتها في الولايات المتحدة أو أوروبا؟ وما طبيعة النقاش الذي تخوضه تلك الجاليات مع محيطها الكندي؟ وفي أي سياق تشارك في النقاشات الدائرة بين العالم الإسلامي والعالم الغربي حول مختلف القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية وغيرها؟ يسعدني أن أستضيف في هذه الحلقة من كندا أربع شخصيات شاركت في مؤتمر أوتاوا، مختار لماني كبير المحاضرين في مركز الابتكار في الحكامة الدولية وقد شغل مناصب دبلوماسية سابقة من بينها منصب مندوب منظمة المؤتمر الإسلامي لدى الأمم المتحدة ومبعوث الجامعة العربية في العراق، الأخضر الإبراهيمي الذي تقلب في العديد من المناصب الوزارية والدبلوماسية وعمل مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في قضايا درء النزاعات وفضها وطبعا كان له موقع بارز في الدور الذي حاولت الأمم المتحدة أن تلعبه في العراق بعد غزوه، ثم بول هاينبيكر مندوب كندا الدائم سابقا لدى الأمم المتحدة وسفيرها السابق أيضا في ألمانيا، وأخيرا وليس بآخر بول ديوور وهو عضو في البرلمان الكندي. أبدأ بك سيد مختار لماني، فكرة عقد مثل هذه المناظرة، طبعا رأينا في السابق العديد من مثل هذه الأفكار حول مسألة الحوار بين الإسلام والغرب وتعزيز العلاقات بين الإسلام والغرب وما هي المشاكل بين الإسلام والغرب، ما الذي بتصورك يجعل من هذه الندوة في كندا شيئا مختلفا عما شهدناه حتى الآن في هذه المناظرات في أوروبا والولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم؟

مختار لماني: أولا طبيعة الندوة في حد ذاتها بأنها كانت مفتوحة طبيعة المشاركة في الندوة وطبيعة المواضيع والطريقة التي طُرحت بها هذه المواضيع، لا شك أن هناك أزمة كبيرة ولا شك أن هناك أزمة كبيرة تخص داخل العالم الإسلامي وطرح المواضيع كما هي وبالشكل العقلاني أعتقد في حد ذاته خطوة، ليس معالجة الموضوع بعدد الندوات التي تقام ولكن بالطريقة التي تقام فيها ومدى جديتها، ومن الأساس كان الهدف الأساسي أن تكون هذه الندوة بجدية تامة سواء وألا تكون هدفا في حد ذاتها وإنما تكون بداية لفتح حوار بشكل يختلف تماما عن حوارات لا ديماغوجية فيها وبشكل مفتوح جدا وعن الأدوار التي يمكن لأي طرف أن يلعب فيها.

عبد الرحيم فقرا: سيد بول ديوور الآن طبعا بالنسبة للعالم الإسلامي، للعالم الإسلامي علاقات تاريخية قديمة جدا ووطيدة مع بعض مناطق العالم كأوروبا مثلا، للعالم الإسلامي علاقات معروفة طبيعتها مع الولايات المتحدة ولكن كندا، طبعا العلاقة بين كندا والعالم الإسلامي من نوع خاص، ما الذي بتصورك يجعل هذه المناظرة عندكم في أوتاوا ذات دلالة بالنسبة للمسلمين وللغربيين حتى يولوها اهتماما؟

بول ديوور: أعتقد أن ما هو مهم في هذا هو العلاقة التي تستطيع كندا بناءها مع بقية العالم وكما تفضلت في المقدمة نحن لدينا ما يقارب المليون من مواطنينا هم مسلمون أو من أصول مسلمة، كندا معروفة لدى الجميع على أنها بلد متنوع الثقافات. من المنظور الكندي نحن نرى أنه من المفيد لنا ككنديين أن نستكشف من نحن عبر الحديث عن الجالية المسلمة داخل مجتمعنا وأيضا الدور الذي تلعبه الجالية المسلمة خارج كندا. بالإضافة إلى هذا ما حدث هنا خلال اليومين الماضيين في أوتاوا أننا استمعنا إلى وجهات نظر في كل أنحاء العالم فأنا بصفتي نائبا في البرلمان الكندي تكون لدي فهم أفضل للمشاكل التي تواجه العالم وربما في المستقبل وأنا أعلم أن مركز الابتكار في الحكامة العالمية سيعتبر هذه المنظارة بمثابة الأساس ما الذي يتوجه على كندا أن تفعله لتتعاطى مع العالم ولتتعاطى مع العالم الإسلامي وأن تضع كندا في دور من شأنه أن يساعد في رأب بعض الصدوع ومواجهة بعض التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، وأنا أقول بصفتي عضوا في البرلمان إنه كان من المفيد جدا أن نستمع إلى وجهات نظر متعددة بما فيها وجهة نظر المسلمين الكنديين نظرا لتنوعهم بالإضافة إلى وجهات نظر أخرى من أنحاء العالم.

عبد الرحيم فقرا: طيب سيد ديوور بعد قليل أريد أن أتحول إلى السيد الأخضر الإبراهيمي ولكن قبل ذلك، أسوأ ما يمكن أن يقال لكندي وصفه بأنه أميركي وأقصد ذلك من باب البسط، لكن وبصورة أكثر جدة كيف تختلف طبيعة العلاقة بين المسلمين في كندا ومحيطهم الكندي عن طبيعة العلاقة بين المسلمين ومحيطهم الأميركي هنا في الولايات المتحدة خاصة وأنت من البرلمان وخاصة إذاً فيما يتعلق بعلاقة هؤلاء بهياكل الدولة الكندية؟

لدينا فدرالية توجب علينا الاعتراف بحقوق الأقليات بكل أوجهها بما فيها الثقافة واللغة

بول ديوور: أعتقد أنها من طبيعة نظامنا الفيدرالي وطريقة العمل التي تتوخاها حكومتنا من جهة ولكن أيضا من تركيبة شعبنا. لقد أشرت في مقدمتك أننا بلد أسس تحت تأثير بالغ من فرنسا وبريطانيا وقد ورثنا ذلك النظام بالإضافة طبعا إلى سكان البلد الأصليين. وفي اعتقادي أن ما يعنيه ذلك هو أننا ولأسباب تاريخية نحترم التنوع فنحن لدينا ثقافة سياسية مختلفة جدا ولدينا هيكل حكومي مختلف، لدينا فيدرالية توجب علينا الاعتراف بحقوق الأقليات بكل أوجهها بما فيها الثقافة واللغة ولدينا لغتان رسميتان وهي الإنجليزية والفرنسية ولكن أيضا بالنسبة للأديان التي كان لها تأثير على تاريخنا وكل هذا يختلف تماما عن الحالة في الولايات المتحدة، ولنصف الأمر بصورة تشبيهية فإن الولايات المتحدة هي بوتقة انصهار بينما كندا هي فسيفساء، فنحن نشكل وحدة مركبة من أجزاء عديدة وأعتقد أن ذلك فرق واضح بين البلدين.

النزاعات الفكرية بين العالمين الإسلامي والغربي

عبد الرحيم فقرا: طيب. سيد الأخضر الإبراهيمي، الآن سيد إبراهيمي كما أشرنا في المقدمة سلفا لك باع طويل في مسألة درء النزاعات وفضها أريد في وقت لاحق من هذا البرنامج أن نتحدث عن النزاعات الحربية ولكن في هذا الجزء من البرنامج أريد أن أسألك عن النزاعات الفكرية بين العالمين الإسلامي والغربي، كيف بتصورك يمكن درء هذه النزاعات الفكرية؟ وإذا اندلعت كيف يمكن فضها؟

الأخضر الإبراهيمي: شكرا. يعني قبل ما أرد على سؤالك هلق خليني أقول كلمتين على موضوع كندا.

عبد الرحيم فقرا: تفضل.

الأخضر الإبراهيمي: كندا بلد نسبيا صغير ولكنه غني جدا عضو في مجموعة الثماني دول الغنية ولكن لا يخيف خلافا مثلا للولايات المتحدة، الولايات المتحدة دولة ضخمة تخوف شوية، كندا ما تخوفش أحد، ثم كندا عندها علاقات متميزة وتسعى لأن تحسن علاقاتها مع دول العالم الثالث في كل مكان، ثم مثلما قال السيد بول ديوور هم يحاولون أن يجعلوا من الناس اللي عايشين في بلدهم جميعا يكونوا مرتاحين ومهتمين بالأخص في الفترة الأخيرة هذه منذ 11 سبتمبر 2001 بوضع الجالية الإسلامية، والحقيقة جزء من العمل هذا بتاع الأخ مختار في هذه الندوة هو تمكين الكنديين من أنهم يوجهوا شوية أنظارهم إلى هذه القضية قضية جماعتهم هنا. بالنسبة للنزاعات الفكرية اللي هي موجودة ما في شك على أن الكلام اللي قيل على أن هنالك حرب حضارات في الوقت الحاضر، كلنا نفينا أن يكون ذلك صحيحا ولكن في الحقيقة ما حصل بعد 11 سبتمبر احتلال العراق ورد الفعل العالمي ضد هذا الاحتلال جعل أن هنالك فعلا توتر على الأقل بين المسلم بشكل عام والغربي بشكل عام وبالأخص بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، كثير من الناس في الولايات المتحدة يتكلمون عن أن الحرب المقبلة هي مع الإسلام، مش مع المتطرفين المسلمين وإنما مع الإسلام، طبعا هذا مرفوض في الولايات المتحدة من قبل كل الناس العاقلين ومرفوض في بلد مثل كندا رفضا كاملا، لكن الموضوع هذا يحتاج لعمل يحتاج لعمل كبير جدا من قبل الناس الواعيين الناس اللي هم يدركون أن حتى إذا كان الموضوع سوء تفاهم، سوء التفاهم هذا لا يجوز أن يُترك يتفاقم ويتسع بل يجب أن يحتوى، وهذه الندوة أظن أنها يعني محاولة مهما كانت متواضعة ولكنها مهمة لرفع هذا سوء التفاهم وحصاره ومحاولة فتح أبواب للتفاهم والتقارب ومساعدة أيضا الجالية الإسلامية في كندا على أنها تجد مكانها في مجتمع كندا.

عبد الرحيم فقرا: طيب سيد بول هاينبيكر الآن السيد الأخضر الإبراهيمي وصف كندا بأنها دولة لا تخيف على خلاف القوة العظمى الأميركية، بالنظر إلى بعض الأحداث التي كانت قد شهدتها كندا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهنا في إشارة خاصة إلى آراء مثلا مارك ستين في صحيفة ماكلين قبل بضعة سنوات بأن أوروبا تتحول إلى منطقة عربية يصل إليها أو يحتلها الرعاع العرب والمسلمون كما وصف ذلك مارك ستين الكندي، إلى أي مدى يمكن في ظل هذه الآراء القول إن كندا لا تخيف لكنها تُخوَف؟

بول هاينبيكر: ليس لدى الكنديين خوف ولا أعتقد أن كندا بلد مخيف، ما من شك أن لدينا قدراتنا، أنا أتفق مع ما قاله بول ديوور في البداية نحن بلد أقليات ليس هناك أقلية في هذا البلد ما من أحد هنا يمثل المحور وما من أحد يمثل الهامش هذا بلد مهاجرين مع السكان الأصليين ليس هناك سكان يمثلون الأغلبية. أما بعض ما تفضلتم به مثل الإسلام والغرب هناك مواطنون مسلمون في هذا البلد والعديد منهم فنحن لا نحشر أنفسنا في هذا المعسكر أو ذاك كما قلتم في المقدمة وقلتم نحن في المعسكر الأنجلوساكسوني أو المعسكر الفرنسي. نحن نرى أنفسنا في المعسكر العالمي نحن بلد عالمي لدينا مواطنون من جميع أصقاع الأرض، تورنتو مثلا تعد خمسة ملايين نسمة 47% منهم ولدوا في بلد غير كندا، فنحن دولة متعددة الأعراق والثقافات حقا لهذا عندما ننظر إلى أحداث مثل أحداث أيلول/ سبتمبر أو الحرب في العراق هذا يخيفنا والسبب هو أننا بلد عالمي ولا نود أن نرى العالم ينحدر نحو الصراعات وذاك هو الغرض الذي أسست من أجل هيئة الأمم المتحدة وذاك أيضا هو السبب الذي أسس من أجله المركز الذي أعمل فيه أي مركز الابتكار في الحكامة العالمية، نحن نعلم أن العالم يتغير نحن نعلم أيضا أن العالم ذا القطب الأوحد سينتهي، نحن متأكدون أن الولايات المتحدة ستبقى إحدى القوى العظمى بجامعاتها الكبيرة وبالتطور التكنولوجي الهائل وبالاقتصاد القوي إلى آخر ذلك سيتواصل ولكن سيكون هناك لاعبون آخرون، ونظرتنا أنه من صالح الجميع أن نفكر في طريقة حكامة العالم. أخر مرة كنا في وضعية فيها مراكز قوة متعددة كان هناك ما يسمى قوى متوازنة مما أوجد مرحلة من السلم العالمي دامت ما يقارب المائة سنة وحالما انهار ذلك النظام حصلت الحرب العالمية الأولى وحصلت الحرب العالمية الثانية والتي أودت بحياة ما يقارب ستين مليون من البشر وكان ذلك قبل الوصول إلى حقبة السلاح النووي ففكرة وجوب أن نتوصل إلى نظام نحكم به أنفسنا وأن نتعاطى مع النزاعات حال حصولها وأن نتطرق إلى جذور مشكلة النظرة التي تضعنا نحن إلى جانب والإسلام إلى جانب آخر.

عبد الرحيم فقرا: أريد أن أعود مرة أخرى إلى السيد مختار لماني، سيد لماني في صحيفة أو مجلة الإكسبريس الفرنسية في عددها الصادر يوم الثاني عشر من يونيو أدرجت في هذا العدد مقالة كاتبها عُرّف فقط بحرف (سين. ميم) تحت عنوان "الحداثة الماضي الحاضر أكثر من اللازم"، وأقرأ لك مقتطفا من هذه المقالة يقول "في العالم الإسلامي تتعايش القطاعات الصناعية والمالية الأكثر تطورا مع الهياكل التقليدية الأكثر سلبية لتطوير العقل والمسؤولية الفردية وممارسة روح النقد وهي عناصر تشكل الأركان الثلاثة للحداثة وتدور إذاً رحى السجال بين دعاة نظرية صدام الحضارات كما عرفها سامويل هانتنتون الذين يقيسون الحداثة بمدى الالتزام بالمعايير الغربية بما يصف تأخر المجتمعات الإسلامية بأنه غير قابل للإستدراك، وبين المفكرين الجدد في الإسلام الذين يبحثون دوما عن طرق جديدة تسمح لثقافتهم بالتطلع إلى مستقبل خاص بها لا يحاكي النماذج الأميركية الأوروبية". سيد لماني بالنظر إلى تجربتك في المجتمع الكندي هذه الآراء وهي ربما آراء بعض الأجنحة اليمينية في فرنسا، إلى أي مدى تجد أصداء في علاقة المسلمين مع محيطهم الكندي بتصورك؟

مختار لماني: أعتقد هي أفكار اليمين ليس في فرنسا فقط في عدد كبير من دول العالم، أعتقد بالرجوع إلى ما ذكرت أنت صدام الحضارات، المتحضر لا يصطدم By Definition، لكن هذا لا ينفي أنه لا شك أننا نعاني أزمة كبيرة جدا في العالم الإسلامي إذا استمرت الأمور بالشكل الذي هي عليه سواء من ناحية الحكامة موجودة سواء من ناحية وضع حقوق الإنسان سواء من ناحية المواطَنة لن تؤدي إلا للمزيد من الأزمات، العالم يتقدم وهو يتأخر لأنه حتى إذا استمرت الأمور كما هي فهو في حد ذاته تأخر. أعتقد أن النقطة الأولى التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أن يكون هذا الحوار داخلي هذا الإصلاح العميق والمتجذر الذي يجب أن يكون في المجتمعات يجب أن يكون من الداخل إذا طرف أي دولة من الدول حتى الكلام عن التنمية الاقتصادية أو أن هناك حداثة أو هناك تطور لكن في نفس الوقت تلاقي مآسي نأخذ مثلا عندنا في شمال أفريقيا وعندنا في المغرب كم طفل يموت يوميا وهو يحاول أن يقطع للضفة الأخرى مضيق جبل طارق فيه مآسي وللأسف الشديد نلاحظ أن هذه المآسي مع العديد من الفشل فشل في التعليم فشل في طرق التعليم فشل في الاقتصاد فشل ليس هناك مشروع يطرح للمواطن العادي وأنا ما عنديش شك برغم كل ما يقال وأتكلم أنا عن كندا وآخذ بعين الاعتبار لما أقارن كندا كمجتمع متعدد الأعراق أو الأقليات المسلمة التي تعيش في كندا بالمقارنة مثلا مع أوروبا بحكم أن أوروبا قارة للماضي وقارة للتاريخ فليس الفرنسي من يحمل جوازا فرنسيا وهو اللي هو [كلمة أجنبية] الفرنسي، ولكن كندا قارة للمستقبل فتحتضن الكل وأعتقد بوجود دستور فوق الكل، هذه أكبر ضمانة لأي أقلية من الأقليات.

عبد الرحيم فقرا: طيب سيد مختار لماني كبير المحاضرين في مركز الابتكار في الحكامة الدولية وهو كما سبقت الإشارة قد شغل مناصب دبلوماسية سابقة والسيد الأخضر الإبراهيمي ويعمل منذ عام 2004 مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في قضايا درء النزاعات وحلها ثم بول هاينبيكر مندوب كندا الدائم سابقا لدى الأمم المتحدة وبول ديوور وهو عضو في البرلمان الكندي. استراحة قصيرة ثم السلم والحرب في العلاقة بين الإسلام والغرب.

[فاصل إعلاني]

السلم والحرب في العلاقة بين الإسلام والغرب

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم مرة أخرى في هذه الحلقة على هامش المؤتمر الدولي الذي عقده في مقر البرلمان الكندي مركز الابتكار في الحكامة الدولية المعروف اختصارا بـ (سي.جي) تحت عنوان "الهوية الكونية في العالم الإسلامي المواطنة العالمية والتغيير الاجتماعي". ما هي إسهامات الأقليات المسلمة في الدول الغربية بما فيها كندا في النقاشات الدائرة حول طبيعة العلاقات بين العالم الإسلامي والعالم الغربي في ظل نزاعات مسلحة كحرب العراق أو الأوضاع في فلسطين وأفغانستان ومناطق أخرى من مناطق العالم الإسلامي؟ أجدد الترحاب بضيوفي من كندا المختار لماني كبير المحاضرين في مركز الابتكار في الحكامة الدولية وقد شغل مناصب دبلوماسية سابقة من بينها منصب مندوب منظمة المؤتمر الإسلامي لدى الأمم المتحدة ومبعوث الجامعة العربية في العراق، الأخضر الإبراهيمي الذي تقلب في العديد من المناصب الوزارية والدبلوماسية وعمل مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في قضايا درء النزاعات وفضها وطبعا كان له موقف بارز في الدور الذي حاولت الأمم المتحدة أن تلعبه في العراق بعد غزوه، بول هاينبيكر مندوب كندا الدائم سابقا لدى الأمم المتحدة وسفيرها السابق أيضا في ألمانيا وأخيرا وليس بآخر بول ديوور وهو عضو في البرلمان الكندي. لعلي أبدأ بالسيد الأخضر الإبراهيمي، سيد الإبراهيمي مسألة الحرب في العراق أشرت إليها في الجزء الأول ثم هناك نزاعات مسلحة أخرى في منطقة مثلا في الشرق الأوسط كالنزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هناك النزاع المسلح في أفغانستان، كيف تؤثر هذه النزاعات على طبيعة العلاقة بين المسلمين ومحيطهم المسيحي في العديد من الدول الغربية كما تعاين ذلك أنت شخصيا؟

كثيرون يرون أن هناك حربا كونية تقودها الولايات المتحدة في أماكن عدة

الأخضر الإبراهيمي: يعني ما في شك أن هذه أزمات ضخمة كبيرة تؤثر في الحقيقة في محيطها القريب والبعيد موضوع النزاع العربي الإسرائيلي أو قضية فلسطين أو النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هذه قضية لا تؤثر فقط في العلاقة بين المسلمين والغرب أو بين المسلمين والولايات المتحدة بل هي قضية تشغل العالم كله وقضية يعني طال أمدها وصار فوق الستين سنة وهي مطروحة ولم تعالَج. موضوع العراق يعني كارثة كبرى احتلال غزو العراق واحتلاله لم يكن له مبرر لم يؤيده أحد في العالم خارج أغلبية في ذلك الوقت في الولايات المتحدة وإسرائيل، بقية العالم كلهم كانوا ضد غزو العراق، الآن أغلبية الشعب الأميركي أيضا ضد هذه الحرب وفي أسف عند الناس أن حكومتهم قامت باحتلال العراق وفي مطالبة بأن الأميركان يخرجوا من هناك. أفغانستان قضية مهمة جدا، أفغانستان بلد يعني كان يشكو من أزمة داخلية كبيرة والغزو الأميركي لأفغانستان تم في ظروف خاصة بعد 11 سبتمبر حين كان هنالك يعني إجماع بأن الاعتداء على الولايات المتحدة الذي لم يكن له مبرر تم من أفغانستان وبالتالي رد الفعل الأميركي كان يُنظر له كشيء مشروع وإنما الحديث في الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت وإلى الآن على أن كل هذه الأزمات الآن أصبحت يشار إليها تحت عنوان واحد وهو الحرب الكونية ضد الإرهاب Global War on Terrorism. أعتقد أن أيضا الآن هناك كثير من الناس لعله أغلبية ترى أن هذه النظرة وهذا التبسيط بأن كل الأزمات هذه هي بين إرهابيين وغير إرهابيين وأن هنالك حرب كونية تقودها الأمم المتحدة في هذه الأماكن كلها وغيرها، أظن هنالك..

عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): الولايات المتحدة تقصد.

الأخضر الإبراهيمي (متابعا): الولايات المتحدة قصدي نعم آسف. هذا يعني شيء مش مقبول. في أفغانستان بالذات إذا كان الموضوع هو حربا ضد الإرهاب لن تُحل المشكلة بل الدول التي تشارك في هذه الحرب أنا أعتقد أنها ممكن تبلى بهزيمة، لكن إذا كان الهدف هو مساعدة شعب أفغانستان على حل مشاكله وعلى إعادة بناء دولته التي هدمت من قبل.. بعد الغزو السوفياتي في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات وبعد الحروب الأهلية، إذا كان الهدف هو مساعدة أفغانستان على إعادة بناء نفسه هذه ممكن عملية ممكن تنجح ولكن لازم تتوضح.

عبد الرحيم فقرا: طيب لو سمحت لي سيد الإبراهيمي على ذكر أفغانستان أريد أن أنتقل إذا أمكن إلى بول ديوور، بول ديوور مسألة أفغانستان كما تحدث عنها السيد الأخضر الإبراهيمي، مسألة العراق معروف أن الرأي العام الكندي كان قد عارض مسألة غزو العراق وكان لكندا موقف رسمي معروف إزاء هذه الحرب ولكن بالنسبة لهذه العلاقة مع أفغانستان موقف كندا كان طبعا مختلفا، بالنظر إلى المليون مسلم الذين كما سبقت الإشارة في هذا البرنامج يعيشون في كندا إلى أي مدى تعتقد أن ما يدور في أفغانستان والمواقف التي أخذتها الدول الغربية بما فيها كندا إزاء هذه القضية قد عقد وضع العلاقة بين المسلمين في كندا ومحيطهم الكندي الأعم؟

بول ديوور: من المهم بمكان أن نلاحظ أن حوارا جديا قد انطلق منذ تدخلنا في أفغانستان، لقد صوت برلماننا منذ قليل بتمديد مهمتنا في أفغانستان إلى سنة 2011 ومهم أن نلاحظ أيضا أن الحوار لم يقتصر على المسلمين وغيرهم من المواطنين الذي يعارضون مشاركتنا في أفغانستان، كانت هناك بعض الأصوات نادت بانسحابنا من أفغانستان من الجهة القتالية والتركيز على الدبلوماسية وإعادة الإعمار وقال البعض كلا علينا أن نمدد المهمة وكان البرلمان منقسما حول هذه المسألة، وأعتقد أن تجربة البعض الذين ينتمون إلى الجالية المسلمة أضافت إلى ذلك الحوار وجهة النظر الخاصة بهم وقالوا إنه من الأفضل أن نعرف وجهة النظر تلك وإن أفكارنا يجب أن تكون ممثلة داخل البرلمان، لذلك علي أن أؤكد أن الحوار الذي جرى في كندا حول دورنا في أفغانستان لم ينقسم إلى معسكر المسلمين ومعسكر غير المسلمين، بالعكس كان هناك تنوع في الآراء وتنوع في حاملي تلك الآراء والجالية المسلمة في كندا ساهمت في إثراء هذا الحوار وقدمت أفكارا كان يجب أن تكون ممثلة داخل البرلمان وأيضا في الحوار العمومي المفتوح الذي ما يزال متواصلا حتى وإن اتخذ البرلمان قرار تمديد المهمة.

عبد الرحيم فقرا: طيب، أريد أن أطرح عليك سيد ديوور سؤال متابعة هنا، طبعا لكندا لها حدود كبيرة مع الولايات المتحدة لها تاريخ مشترك مع الولايات المتحدة لها أواصر روحية مع الولايات المتحدة لها علاقات اقتصادية متينة مع الولايات المتحدة، هناك طبعا كما سبقت الإشارة بعض الاختلاف في مواقف السياسة الخارجية، هذه العلاقة الرسمية بين كندا والولايات المتحدة ما مدى إسهام النقاشات الدائرة حول العلاقة بين الإسلام والغرب في تأطير هذه العلاقة؟ هل هناك مشاكل معينة يطرحها هذا النقاش في إطار العلاقة بين كندا والولايات المتحدة؟

بول ديوور: أنا لا أعتقد أن ذلك يزرع أي خلافات بين الولايات المتحدة وكندا لقد كانت هناك فروق بيننا على الدوام، أحد رؤساء الحكومة السابقين الكنديين كان يقول إن كندا هي كالفأر الذي ينام إلى جنب الفيل فعندما يعطس الفيل نحن نحس بذلك بكل تأكيد. علينا أن نذكر أنه مثلا في موضوع الحرب على العراق فالأمر واضح تماما لدينا ولقد نزل مواطنونا إلى الشوارع في حينه مخبرين الحكومة أننا لا نريد أن نشارك في هذه الحرب وقد أظهر ذلك أن هناك نظرة مختلفة تماما للسياسة العالمية ولقد قلنا ذلك بوضوح تام إلى حكومتنا وأيضا إلى الولايات المتحدة، آمل أن تتواصل علاقتنا على هذا المنوال أي أننا لا نشعر بوجوب مسايرة الولايات المتحدة فقط لأنها أكبر منا واقتصادها أكبر من اقتصادنا، ونحافظ على صوت مستقل في السياسة الخارجية والبعض منا لا يزال يشعر بالقلق أحيانا بأننا نميل إلى مسايرة سياسات واشنطن وهذا يعيدنا إلى التركيبة المتنوعة في كندا ليس فقط من الجانب البشري بل وأيضا تنوع وجهات النظر وذاك ما يحفظ لنا استقلالنا في السياسات الخارجية والمواقف وذلك سيكون مهما جدا في المستقبل.

عبد الرحيم فقرا: طيب، بول هاينبيكر الآن سيد هاينبيكر كما سبقت الإشارة عملت كمندوب لكندا في الأمم المتحدة سابقا عملت كذلك سفيرا لبلادك في أوروبا في ألمانيا وأريد أن أطرح عليك سؤالا في هذا الإطار، مواقف كندا كما وصفها بول ديوور قبل قليل في مسألة السياسة الخارجية وإزاء النزاعات المسلحة في العالم الإسلامي سواء تعلق الأمر بأفغانستان أو بالعراق أو بالنزاع بين العرب والفلسطينيين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، هل تلمس تقاربا أكبر بين المواقف الكندية والأوروبية إزاء هذه القضايا إزاء هذه النزاعات المسلحة؟ تقارب وتوافق أكبر بين هاتين الكتلتين من مواقف أو مقارنة بمواقف الولايات المتحدة مثلا؟

بول هاينبيكر: لطالما كانت كندا نوعا ما في وسط المحيط الأطلسي عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية. لدينا ما يكفي من الاستقلالية للاختلاف مع الولايات المتحدة ولكن هناك أوقات نتفق فيها مع أميركا عندما نشعر أنهم على صواب لذا فنحن لدينا موقف في وسط المحيط الأطلسي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، عندما تعلق الأمر بالمشكلة العراقية وقبل أن تصل إلى مرحلة الحرب ما من أحد كان يشك أن كندا كانت ستنهض وتذهب إلى الحرب ولكننا حكمنا عقلنا وأخذنا قرارنا ولم نعتبر أن دواعي الحرب كانت جدية ولا مقنعة بشكل كاف، أما بالنسبة إلى أفغانستان رأينا أنه فعلا الهجمة ضد الولايات المتحدة انطلقت من أفغانستان وكان هناك قرار من الأمم المتحدة للتحرك ورأينا أنه من واجبنا أن نشارك ونحن لا نزال نشارك بقوات كبيرة على الأقل من المنظور الكندي وبمقدار من الأموال أظن أننا خصصنا أكثر من مليار دولار للحالة الأفغانية، ونحن ننظر إلى ذلك إلى حد كبير من جهة الأمن الإنساني أي أننا نضع الأشخاص في مركز المعادلة الأمنية فليس من الممكن أن تطور جنوب أفغانستان ما لم توجد الأمن أولا، لا يمكن أن تبني السدود والطرقات والحماية الصحية والنظام التعليمي ولا حكومة فعالة في ظروف الحرب ونحن الآن في أفغانستان من أجل تحقيق ذلك.

عبد الرحيم فقرا: طيب لو سمحت لي السيد هاينبيكر أريد أن أعود بك الآن إلى مسألة الإسلام، أنت عاينت الإسلام كما يعاش ويمارس طبعا في بلادك كندا عاينت الإسلام كما يعاش ويمارس في بعض مناطق أوروبا كألمانيا، أريد أن أقتبس لك مرة أخرى من مجلة الأكسبريس وهذه المرة افتتاحية كريستوف باربيي في نفس العدد عدد الإكسبريس الصادر في الثاني عشر من يونيو وهو تحت عنوان "الإسلام حان وقت الإصلاح"، يقول "لكي يلعب التسامح، الذي يمثل كذلك محركا للاندماج، يجب أن يتجه نحو الجمهورية بوتيرة أسرع وأكثر صراحة مما عليه الأمر حاليا. لا شك في أن على الدولة الفرنسية أن تدافع عن المخلصين ضد النبذ وأن تحمي إنشاء أماكن العبادة لكن يتعين على الديانة الإسلامية اليوم أن تتبرأ من معتقداتها الأكثر تحجرا وأن تدين ليس فقط أصولييها وهو ما تفعله بدون غموض منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر ولكن أيضا من فقهاء دينها الأكثر تشددا، ويجب أن يفهم إسلام فرنسا أنه لا يمكن أن يتصرف الإنسان المسلم في بلد ليس مسلما وكأن ذلك البلد في طريقه إلى أن يصبح مسلما بل وكأن الأمر يتعلق بحمل ذلك البلد على اعتناق الإسلام". هل ترى أو تجد هل تسمع في المجتمع الكندي أصداء لهذه المواقف كما تم التعبير عنها مرارا وتكرارا في المجتمع الفرنسي؟

الجالية المسلمة بكندا تتراوح بين ستمائة ألف ومليون نسمة، مرت بأوقات عصيبة بعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001

بول هاينبيكر: أنا لا أتفق تماما، أنا طبعا لست خبيرا بالشؤون الفرنسية ولكني أتابع بشكل يسمح لي بالتعليق، كل بلد يختلف عن الثاني، الوضع في فرنسا يختلف تماما عن الوضع في كندا هذا بلد أسس حول الهجرة يتكون من أقليات فكما قلت سابقا كلنا ننتمي إلى أقليات ما من مجموعة هنا تعتبر نفسها سائدة وما من مجموعة تعتبر هامشية فالمقارنة بين فرنسا وكندا لن تظهر أي شيء. لدينا جالية مسلمة في كندا تتراوح بين ستمائة ألف ومليون نسمة مروا بوقت عصيب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهذا مؤكد، هناك قوائم المنع من الطيران احتراز من بقية المواطنين صعوبات لعبور الحديد مع الولايات المتحدة وكان هناك بعض الحالات من الإرهاب المحلي تورط بها مسلمون فهناك مشكلات في هذا البلد، هذا البلد ليس فردوسا ولكن بوسعنا أن نقول إننا لا نشكو من بعض تلك المواقف أو الواقع الموجود في أوروبا فنحن لسنا جزءا من العالم القديم نحن جزء من العالم الجديد. بلدنا أقيم على أسس فكرية مختلفة وأعتقد أن العديد من المسلمين يفضلون التغيير والعديد منهم ينظرون إلى مؤتمر مثل الذي حدث هنا حاولنا فيه التطرق إلى هذه المشاكل وهذا أظن أنه دليل صحي في حالة مجتمعنا الكندي.

عبد الرحيم فقرا: طيب سيد هاينبيكر شكرا لو سمحت لي داهمني وقت البرنامج، داهمنا الوقت أريد أن آخذ تدخلا أخيرا من السيد مختار لماني. في دقيقة سيد لماني لو تفضلت الآن بالنسبة لهذا المؤتمر انعقد هذا المؤتمر انتهى هذا المؤتمر، ما هي القضايا الملموسة بتصورك التي انبثقت عن هذا المؤتمر في نهاية هذه الحلقة؟

مختار لماني: أعتقد بالنسبة لعدد كبير من المشاركين والطريقة التي كانت بها النقاشات أن لا يكون المؤتمر هدفا في حد ذاته وأعتقد وذكر هذا خلال المؤتمر وإنما أن يكون بداية لاستكشاف ما يمكن عمله وبشكل متفتح جدا، المؤتمر لم نطلب من أي شخص أن يقدم ورقة وإنما كان نقاشا مفتوحا وتفكيرا بشكل جماعي وأن نستمر في هذا الشكل، ومركزنا أعلم أنه جاهز لاستكشاف سواء بالنسبة للمشاركات التي ممكن أن تتم في المستقبل وبشكل مفتوح جدا وبشكل وفق مبادئ تخص المواطنة وتنمية حقوق الإنسان تنمية مبادئ متعارف عليها دوليا كأحد الأهداف الحقيقية التي نسعى إليها.

عبد الرحيم فقرا: شكرا لضيوفي الأربعة في أوتاوا مختار لماني كبير المحاضرين في مركز الابتكار في الحكامة الدولية وهو قد شغل مناصب دبلوماسية سابقة من بينها مندوب منظمة المؤتمر الإسلامي لدى الأمم المتحدة ومبعوث الجامعة العربية في العراق، الأخضر الإبراهيمي الذي تقلب في العديد من المناصب الوزارية والدبلوماسية وقد عمل مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في قضايا درء النزاعات وحلها وطبعا كان له موقع بارز في الدور الذي حاولت الأمم المتحدة أن تلعبه في العراق بعد غزوه، ثم رئيس المؤتمر بول هاينبيكر مندوب كندا الدائم سابقا لدى الأمم المتحدة وسفير كندا السابق أيضا في ألمانيا، ثم بول ديوور وهو عضو في البرلمان الكندي. لكم منا جميعا في واشنطن وأوتاوا أحر التحيات في نهاية هذه الحلقة من برنامج من واشنطن، إلى اللقاء.