صورة عامة - من واشنطن - 25/02/08
من واشنطن

جولة بوش في أفريقيا

تناقش الحلقة جولة بوش في أفريقيا وزيارته للدول ذات الاستقرار النسبي وتجاهله الدول المضطربة أمنيا, فما هي الاعتبارات الأمنية والإنسانية في جولته؟

– إنجازات جولة بوش في أفريقيا
– مراجعة للسياسة الأميركية في أفريقيا
– ملامح سياسة أوباما في أفريقيا

عبدالرحيم فقرا
عبدالرحيم فقرا
جنداي فريجر
جنداي فريجر
 

هاوارد وولبي
هاوارد وولبي
علي أحميدة
علي أحميدة
روبرت غيست
روبرت غيست

عبد الرحيم فقرا: حتى قبل عشرة أشهر من انتهاء موعد ولايته الرئاسية لم يتقن الرئيس بوش بعد الرقص على إيقاعات أفريقيا، لكن هل أتقن إيقاع تحريكها على قائمة أولوياته؟

[شريط مسجل]


جورج بوش/ الرئيس الأميركي: لقد كانت أفريقيا مهمة منذ بداية إدارتي. لن أنسى أبدا حديثي مع مستشارة الأمن القومي آنذاك كوندليزا رايس عندما ناقشنا الأولويات والقضايا التي يجب التعامل معها، لقد سألتني إن كنت مهتما بأفريقيا وكان جوابي يومها الجواب نفسه الذي أعطيكم إياه الآن، نعم بكل تأكيد.

[نهاية الشريط المسجل]

عبد الرحيم فقرا: ثم قراءة بين السطور فيما قاله الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي عندما سئل عن باراك أوباما.

[شريط مسجل]


جاكايا كيكويتي/ الرئيس التنزاني: الرئيس بوش بصدد إنهاء فترته الرئاسية وسيكون لأميركا رئيس جديد ومهما كان فإن الأهم أن يكون الرئيس الجديد صديقا لأفريقيا كما كان الرئيس بوش.

[نهاية الشريط المسجل]

عبد الرحيم فقرا: أهلا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج من واشنطن. أنهى الرئيس الأميركي جورج بوش جولته الأفريقية التي أخذته إلى خمس دول، ثلاث منها ناطقة باللغة الإنجليزية هي ليبيريا وتنزانيا وغانا إضافة إلى كل من رواندا المستعمرة البلجيكية السابقة في منطقة البحيرات الكبرى وبينين المستعمرة الفرنسية السابقة في غرب القارة. وبصرف النظر عن اللغة التي تنطق بها كل دولة من هذه الدول فقد كانت لهجة الضيف مفعمة بالتفاؤل كما كانت لهجة المستضيف في كل محطة مفعمة بالترحاب. لكن ماذا تراقص وراء التفاؤل والترحاب خلال تلك الجولة؟

[تقرير مسجل]

المعلق: أفريقيا امتداد طبيعي لأجزاء كبيرة من العالم العربي بفرصه وتحدياته ومسرح لملفات شائكة لا تتحمل الانتظار. فلماذا انتظر الرئيس جورج بوش حتى لم يبق من ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة سوى أقل من عام ليزورها؟ سؤال كانت ينتظره هناك حتى وسط مظاهر الترحاب التي خصه بها الرئيس التنزاني وغيره من زعماء الدول الأخرى التي شملتها جولة بوش هناك.


جورج بوش: لقد كانت أفريقيا مهمة منذ بداية إدارتي. لن أنسى أبدا حديثي مع مستشارة الأمن القومي آنذاك كوندليزا رايس عندما ناقشنا الأولويات والقضايا التي يجب التعامل معها، لقد سألتني إن كنت مهتما بأفريقيا وكان جوابي يومها الجواب نفسه الذي أعطيكم إياه الآن، نعم بكل تأكيد.


المعلق: زيارة الرئيس بوش إلى أفريقيا جاءت كذلك في الوقت الذي تثار فيه أسئلة في الكونغرس حول برامج المساعدات الأميركية إلى أفريقيا والتي يعتبرها الرئيس من بين إنجازات إدارته. أحد هذه البرامج مثلا تخصيص 15 مليار دولار لمكافحة مرض الإيدز في القارة على مدى خمسة أعوام، ولم يخف بوش أنه يريد تذكير الكونغرس والإدارات التي ستعقب إدارته بأن المصلحة القومية الأميركية تقتضي دعم الدول الأفريقية وبخاصة تلك التي تحقق تقدما على طريق الديمقراطية والحكم الرشيد. هذه الرسالة من الرئيس الأميركي إلى الكونغرس وجدت مرآة لها في كلمات الزعماء الأفارقة.


آلن جونسون سيرليف/ الرئيسة الليبيرية: سيدي الرئيس نشكركم على المساعدات الاقتصادية والفنية التي ما زالت أميركا تقدمها لنا من خلال عدة برامج ثنائية بهدف الاستجابة لأهم احتياجات شعبنا من طرق وكهرباء وصحة وتعليم وترشيد الحكم ومبادرات تنمية أخرى متعددة.


المعلق: صحيح أن القارة الأفريقية مصدر قلق متعدد الأبعاد، أمراض ونزاعات وحروب لكنها أيضا مصدر للعديد من الخيرات كالنفط مثلا الذي يتوقع أن تغطي القارة 25% من الاحتياجات الأميركية إليه بحلول عام 2015 وهو ما يفسر اهتمام الأميركيين أيضا حسب منتقديهم بإنشاء قيادة عسكرية أميركية في أفريقيا خاصة في الوقت الذي تكثف فيه دول أخرى كالصين وجودها الأفريقي في مختلف المجالات. هذا الاهتمام بالقيادة يثير مخاوف الأفارقة مما استدعى محاولة من الرئيس بوش لتبديد تلك المخاوف في غانا.


جورج بوش: إن كل الهدف من أفريكوم هو مساعدة زعماء أفريقيا، ثانيا نحن لا نفكر في إضافة قواعد عسكرية أخرى بكل بساطة. أنا على علم بأن هناك شائعات في غانا تقول إن بوش يحاول إقناعكم بقبول إنشاء قاعدة عسكرية كبيرة هنا، هذا كلام هراء.


المعلق: أحد القواسم المشتركة بين الدول التي زارها الرئيس بوش في جولته الأفريقية الأخيرة كونها تنعم بالاستقرار السياسي مقارنة بدول أخرى تمزقها الصراعات كتشاد وكينيا على سبيل المثال لا الحصر.

[نهاية التقرير المسجل]

إنجازات جولة بوش في أفريقيا


عبد الرحيم فقرا: يسعدني أن أرحب في هذه الحلقة بمدير برنامج أفريقيا في مركز وودرو ويلسون هاوارد وولبي الذي كان عضوا في اللجنة الفرعية للشؤون الأفريقية في مجلس النواب ومبعوثا رئاسيا إلى منطقة البحيرات الكبرى، كما أرحب بروبرت غيست مراسل مجلة الإكونوميست في واشنطن الذي كان قد غطى الشؤون الأفريقية لعدة سنوات من جنوب أفريقيا ومناطق أخرى من القارة، وكذلك بالبروفسور علي عبد اللطيف أحميدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيو إنغلاند بيدفارد ومن هناك سينضم إلينا. ولكن ضيفتي في الجزء الأول هي السيدة جنداي فريجر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، وتنضم إلي الآن من مقر الوزارة في واشنطن. سيدة جنداي فريجر مرحبا بك في الجزيرة بداية.


جنداي فريجر: شكرا جزيلا، يسعدني أن أكون معكم.


عبد الرحيم فقرا: بالنسبة لزيارة الرئيس جورج بوش أو جولته في أفريقيا، ماذا حققت هذه الجولة من المنظور الأميركي؟


جنداي فريجر: الرئيس ذهب إلى أفريقيا لكي يظهر حقيقة أننا نعمل بشراكة عظيمة مع الشعوب والقيادات لمواجهة التحديات في القارة سواء كان ذلك في شأن الأزمات والصراعات التي قلّت منذ 2001 بشكل كبير إلى جهوده لمكافحة مرض الأيدز والتعامل مع استئصال الملاريا ومعالجة القضايا المتعلقة بالتعليم والـ Health فهناك مبادرات جديدة متعددة، ولإثارة التنمية والتطور من خلال أهداف التنمية ولتطوير المساعدات وزيادة التجارة ولتوسيعها مع الدول الأفريقية. إذاً فنحن نحاول حقا أن نركز على الدول التي تحكم بشكل رشيد وتستثمر في شعوبها والتي تقدم فرصا لرجال الأعمال فيها.


عبد الرحيم فقرا: سيدة جنداي فريجر، عندما عقد الرئيس جورج بوش مؤتمرا صحفيا مشتركا مع نظيره التنزاني كان أحد الأسئلة التي طرحت على الرئيس جورج بوش يذهب في السياق التالي، لماذا تأخر الرئيس جورج بوش في القيام بهذه الزيارة؟ عشرة أشهر قبل نهاية ولايته الرئاسية، بالنظر إلى حجم التحديات كما أشرت التي تواجه الولايات المتحدة في القارة.


جنداي فريجر: الرئيس بوش كان مشاركا بشكل حاسم وذهب إلى أفريقيا عام 2003 وهذه الزيارة في 2008. إذاً لم يمر وقت طويل ولم ينتظر لنهاية ولايته، في الحقيقة ذهب مرتين خلال ولايته والسيدة الأولى التي انضمت إليه في هذه الرحلة ذهبت خمس مرات إلى أفريقيا، والرئيس قابل أكثر من مائة من المسؤولين في أفريقيا أكثر من أي رئيس، إذاً فهو مشارك بشأن الشؤون الأفريقية بشكل كبير ولا نشعر أن هذه الرحلة بل إنها تعكس مشاركة منه مع كل القادة فقد قابلهم عدة مرات هنا في واشنطن العاصمة من قبل.


عبد الرحيم فقرا: وطبعا كما شاهدنا خلال تلك الجولة مظاهر الابتهاج بزيارة الرئيس بوش في الدول الأفريقية التي زارها، يصعب تصور مثيلات لتلك المظاهر هنا في الولايات المتحدة بالنظر لما يقال عن تراجع ويكتب عن تراجع شعبية الرئيس جورج بوش في هذه الفترة الانتخابية في الولايات المتحدة. هل تلك المظاهر كان الرئيس جورج بوش ينظر إليها كفرصة للإعراب إعراب حقيقي عن تعاطفه مع أفريقيا؟ أم أنها كانت هدية إلى الجمهوريين هنا في الولايات المتحدة في هذا الموسم الانتخابي أو ربما هما معا؟


جنداي فريجر: أعتقد أنها تعكس شعبية الرئيس بشأن سياسته الأفريقية فالرئيس بوش لم يتحدث فقط عن المشاركة ولكنه دعم ذلك بموارد حقيقية وجهود حقيقية، على سبيل المثال مساعدات التنمية الأفريقية ذهبت من 1,2 مليار دولار عام 2001 إلى ما هو مجموعه 6,7 مليار دولار عام 2006. إذاً فهناك موارد هائلة تذهب إلى أفريقيا وأعتقد أن هذا يشير إلى الطريقة أيضا والمنهج، فنحن نشارك الشعوب والزعماء الأفارقة وجعلنا واقعا من حقيقة التواسط في إيجاد الحلول وإيجاد فرق أو قوات لبسط السلام. إذاً فهذا أمر يعبر معنويا عن مسؤوليته لأولئك الذين هم في حاجة وأيضا يعبر عن اهتمامه باستقرار هذه القارة.


عبد الرحيم فقرا: وعطفا على مسألة الدعم إلى أفريقيا، طبعا المساعدات العسكرية الأميركية إلى أفريقيا ارتفعت في السنوات القليلة الماضية خاصة منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وهذه الزيادة في حجم الدعم العسكري الأميركي إلى أفريقيا حدا ببعض الجهات حتى الرسمية في الكونغرس هنا في الولايات المتحدة أحيانا إلى الحديث عن عسكرة الدعم إلى أفريقيا. ما رأيك؟


جنداي فريجر: أعتقد أنه من المهم أن ننظر إلى هذا الأمر من ثلاثة وجوه. أولا هناك مساعدة لحل الصراعات ولتوفير قوات حفظ السلام، فنحن قدمنا المليارات من أجل تدريب قوات حفظ السلام بتركيز على أفريقيا وإلى اليوم دربنا تقريبا 39 ألفا من قوات حفظ السلام الأفريقية التي تقدم تقريبا 80% من أولئك الذين يدربون ويقومون بمهام حفظ السلام، إذاً فهناك زيادة حقيقية كبيرة في مساعدة زيادة القدرات الأفريقية لحل هذه الأزمات. ثانيا لدينا قيادة جديدة أفريقية حظت على اهتمام كبير. في الماضي عندما شاركنا مع أفريقيا كانت من خلال القوة الأميركية المركزية وثم الأوروبية ثم تلك التي في المحيط الباسيفيكي، الآن هناك مشاركة تحت قيادة واحدة، إذاً فهي إعادة تنظيم داخلية في الطريقة التي نتعامل بها مع أفريقيا وهي أيضا تقول إن أفريقيا كيان لوحده وليس فرعا من أوروبا، وأفريقيا تستحق الاهتمام. إذاً فنحن نقوم بذلك من خلال إعادة التنظيم الداخلي للقيادة الأفريقية وحتى بعد الحادي عشر من سبتمبر رأينا أن أفريقيا ليست بحصانة عن التهديدات الإرهابية فقد كان هناك تفجيران في أفريقيا من قبل القاعدة، إذاً فهناك تهديدات تمتد من السهل من الشرق إلى الغرب ثم من القرن الأفريقي امتدادا إلى الساحل الجنوبي. إذاً فهناك جهود حقيقية لمعالجة هذا التهديد المتمثل بالإرهاب، هذا يتمثل بشكل عسكري وأيضا في الطريقة التي أوضحها الرئيس وهي الاستثمار في التعليم والصحة، لأنه كما قال عندما يكون الناس أصحاء ومزدهرين لن يكون هناك أرضية حقيقية لوجود أيديولوجيات يستخدمها الإرهابيون من أجل تجنيد الشباب، إذاً فنحن بحاجة إلى الاستثمار بعملية تنمية واسعة في القارة من ناحية المسؤولية الأخلاقية وأيضا من حيث مصالحنا الإستراتيجية الحاسمة.


عبد الرحيم فقرا: بالنسبة لموضوع أفريكوم أو القيادة الأفريقية، هل فاجأكم حجم المعارضة في العلن لاحتضان مقر لهذه القيادة من قبل الزعماء الأفارقة؟


جنداي فريجر: أعتقد أن هذا سوء فهم وآلن جونسون سيرليف قالت للرئيس بوش إن هناك الكثير من الناس على القارة يريدون أفريكوم أن تكون في دولهم وهناك حكومات كثيرة أيضا ولكننا نحن الوحيدون المستعدون على قول ذلك علنا. هناك سياسة دبلوماسية مخفية وهناك علنية وفكرة أن معظم الدول لا تريد الأفريكوم هي حقيقة مبالغ فيها وهناك العديد من الذين يتنافسون لاستضافتها، ولكن اتخاذ القرار داخل واشنطن داخليا لم يتم ولم يحسم به أين سنكون في هذه القارة، ولكن سيكون هذا على شكل مجمع وآمل أن يكون مقرها في أفريقيا ونحن لسنا بحاجة إلى قاعدة جديدة في أفريقيا ولكننا بالتأكيد وسيكون من الملائم أن يكون هناك قيادة أفريقية مقرها في أفريقيا.


عبد الرحيم فقرا: بالنظر إلى حجم الواردات الأفريقية إلى الولايات المتحدة من المحروقات تحديدا النفط، في الزيارة السابقة في 2003 رأينا الرئيس جورج بوش يزور دول كنيجيريا وأنغولا مصدرين رئيسيين للنفط الأفريقي. اهتمام إدارة الرئيس جورج بوش بأفريقيا في السنوات القليلة الماضية حسب منتقديه ما يفسره هو الاهتمام بالنفط الأفريقي كبديل ولو جزئي للنفط العربي. ما رأيك؟


"
سياسة أميركا تركز على أن تستثمر في قطاعي الصحة والتعليم وأن تعمل مع دول حكوماتها رشيدة وأن تعزز الاستقرار في كافة أرجاء القارة
"
         جنداي فريجر

جنداي فريجر: الرئيس بوش عام 2003 لم يزر أنغولا وفي الحقيقة زار نيجيريا وجنوب أفريقيا دولتان مهمتان إستراتيجيا في هذه القارة ثم زار باتوانا وأوغندا عام 2003 ولم يذهب إلى أنغولا، ولكن أعتقد أنه من الخطأ أن نحاول أن نقلل من السياسة المتعلقة بأفريقيا بشأن النفط ذلك لأن كل موارد النفط التي تأتي من الولايات المتحدة كانت قبل مشاركة الرئيس الحقيقية مع أفريقيا، إذاً هذا ليس مدعاة لهذه المشاركة في أفريقيا، وكما قلت إن سياستنا تركز بشكل أكبر على أن نحاول الاستثمار في قطاعي الصحة والتعليم وأن نعمل مع دول حكمها رشيد وحكومات رشيدة وأن نعزز الاستقرار في كافة أرجاء القارة ولنحل صراعات ولمعالجة تهديد الإرهاب الدولي. إذاً فلا يمكن أن نختزل هذا بشأن النفط في أفريقيا. في الحقيقة علاقتنا التجارية مع أفريقيا هي عالية جدا وتأتي بدون جمارك وهذا ما نحاول أن نفعله أو نفتح أسواقنا وأن نسمح باستثمارات أكبر في أفريقيا وأن ننمي هذه الاقتصادات في أفريقيا لمنفعة المجتمع الدولي بأسره.


عبد الرحيم فقرا: طبعا أعتذر بالنسبة للخطأ فيما يتعلق بزيارة الرئيس جورج بوش لأنغولا عام 2003. سؤال أخير سيدة فريجر بالنسبة لوجود الصين في أفريقيا، سمعنا سواء هذه المرة أو في مناسبات سابقة من العديد من الزعماء الأفارقة بما فيهم بالمناسبة الزعيم الليبي معمر القذافي دفاعا شبه مستميت عن دور الصين في أفريقيا. هل يقلقكم أنتم كإدارة أميركية دور الصين في أفريقيا ليس فقط في مجال الاستثمار ولكن حتى في مجال الدعم الدبلوماسي مثلا الذي تقدمه الصين للقضايا الأفريقية ويقال إن الولايات المتحدة قد دخلت إلى هذا المجال متأخرة الآن؟


جنداي فريجر: أعتقد أننا دائما كنا هناك، فالولايات المتحدة كانت هناك، ربما دخلنا متأخرين، نحن نشارك مع أفريقيا قبل هذه الإدارة ونحن كنا نشارك بقوة مع أفريقيا على مدى ثمانية أعوام مضت. بالنسبة للصين أعتقد أن الفكرة هي أن الولايات المتحدة نوعا ما يجب أن تنافس الصين في أفريقيا هي نظرة خاطئة، فالحكومات الأفريقية ذات سيادة ولها الحق أن تشارك مع أي دولة في العالم تختارها، نحن نأمل أن هذه المشاركة ستكون مبنية على المبادئ التي وضحتها وتكون مبنية على الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان ومشاركة تستند إلى المساهمة بتنمية هذه الاقتصادات الأفريقية. واضح أن لدينا قضايا عندما تعاملنا معهم مع الصين ثنائيا بالنسبة لمشاركتها في السودان وخاصة في دارفور لدينا مشكلة في هذا الصدد وما زلنا نعمل مع الصين بشأن هذا الأمر ولكن هذا هو المجال الوحيد الذي لدينا من خلاله مجالات نحن لدينا خلافات مع الصين بشأنها ولكننا نحاول أن نعمل مع الصينيين بشأنها، وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية كنا نشارك الصين إيجابيا حتى بشأن القضايا كدارفور، وبشكل كبير مصالحنا ليست حصرية، بشكل ثنائي فيمكننا أن نعمل معا والصين تقوم بمشاريع تنموية ونحن نعمل بشأن التعليم والصحة وكلا الأمرين لازمان في هذه القارة في هذه الأيام.


عبد الرحيم فقرا: جنداي فريجر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية وقد انضمت إلي من مقر وزارة الخارجية في واشنطن. سيدة فريجر شكرا جزيلا.


جنداي فريجر: شكرا جزيلا لكم.


عبد الرحيم فقرا: استراحة قصيرة ثم نعود.

[فاصل إعلاني]

مراجعة للسياسة الأميركية في أفريقيا


عبد الرحيم فقرا: مرحبا بكم مرة أخرى ومرحبا مرة أخرى في هذه الحلقة بهاوارد وولبي مدير برنامج أفريقيا في مركز وودرو ويلسون الذي كان عضوا في اللجنة الفرعية للشؤون الأفريقية في مجلس النواب ومبعوثا رئاسيا إلى منطقة البحيرات الكبرى، مرحبا كذلك بروبرت غيست مراسل مجلة الإكونوميست في واشنطن، روبرت غيست كان قد غطى الشؤون الأفريقية لعدة سنوات من جنوب أفريقية ومناطق أخرى من القارة، مرحبا كذلك بالبروفسور علي عبد اللطيف أحميدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيو إنغلاند بيدفارد وينضم إلي من هناك. أبدأ بك هاوارد وولبي، دفاع مستميت عن زيارة الرئيس جورج بوش كما كان متوقعا من مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية في تلك المقابلة. ما رأيك فيما تم تحقيقه خلال هذه الجولة للرئيس جورج بوش في أفريقيا؟


هاوارد وولبي: أعتقد أن الزيارة كانت إيجابية جدا ويجب أن نعطيه فضلا كبيرا في ذلك فقد اتخذ قرارا لمحاولة أن يبرز قصص نجاح في القارة الأفريقية ليس فقط بالنسبة للسياسة الأميركية ولكن أيضا بالنسبة للمبادرات الأفريقية وخاصة لأن الإعلام يبدو منهمكا جدا في السلبيات كالحرب ومرض الأيدز، من المهم إذاً أن يكون هناك فرصة لنرى الجانب الآخر من هذه التجربة الأفريقية. وبالنسبة للسياسة المبادرات التي ركز عليها أيضا هي طريقة أخرى لكي يؤكد علاقة متطورة مع أفريقيا تكون مختلفة.


عبد الرحيم فقرا: بالنظر إلى الرسائل التي وجهها الرئيس جورج بوش خلال جولته سواء للأفارقة أو لغير الأفارقة في مسألة الدعم الإنساني كما تحدثت عنه الآن، مسألة الأيدز والملاريا وغير ذلك. هناك بعض المعارضة في الكونغرس للذهاب مع الرئيس جورج بوش في السبيل الذي يحاول أن يسلكه في هذه القضايا، هل تعتقد أن رسائله من أفريقيا قد وصلت بالشكل الصحيح إلى الكونغرس لإقناع الكونغرس بمواصلة الدعم وربما حتى زيادة الدعم إلى أفريقيا؟


"
بوش سار في مسار يختلف عن إدارة كلينتون بالنسبة لكثير من الدول في العالم هناك استمرارية في سياسته الأفريقية أكثر من الانفصال عن إدارة كلينتون
"
هاوارد وولبي

هاوارد وولبي: نعم أعتقد ذلك، وأحد الطرق الواضحة وهي أن رغم أن بوش سار في مسار يختلف عن إدارة كلينتون بالنسبة لكثير من الدول في العالم هناك استمرارية في سياسته الأفريقية أكثر من الانفصال عن إدارة كلينتون وهناك إجماع من كلا الحزبين انعكس في القرارات التجارية وتحدي الألفية وهذه الهيئة من أجل توفير الموارد للدول وانعكست أيضا في الدعم لمكافحة الأيدز، إذاً بطريقة كبيرة نحن تجاوزنا أعوام الحرب الباردة حيث كانت أفريقيا آنذاك نقطة نزاع بين الديمقراطيين والجمهوريين، إذاً فالجو السياسي الآن مختلف تماما.


عبد الرحيم فقرا: روبرت قبل أن أعرج عليك دعني أخرج من الأستوديو قليلا وأسأل البروفسور عبد اللطيف أحميدة. بروفسور أحميدة بالنسبة لمسألة القيادة الأفريقية كما تناولها الرئيس جورج بوش خلال جولته الأفريقية، هل صحيح بتصورك ما نقرؤه عن تراجع إدارة الرئيس جورج بوش في هذا الملف؟ في البداية كانت الفكرة فعلا هي إنشاء قيادة أفريقية تكون لها مهام عسكرية في أفريقيا، لكن بعد المعارضة التي أعرب عنها الزعماء الأفارقة خاصة خلال هذه الجولة، يبدو أن إدارة الرئيس جورج بوش قد حاولت تخفيف أو تلطيف موقفها من مسألة أفريكوم؟ ما رأيك؟


علي أحميدة: أنا أتفق مع هذا الرأي في ما يتعلق بالتصريحات الأخيرة للرئيس بوش وإدارة الرئيس بوش فيما يتعلق بالقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا. ولكن حتى نفهم هذا التغيير التكتيكي لا بد أن نستوعب حجم المعارضة وبالذات في الصحافة والرأي العام سواء في شمال أفريقيا أو في أوساط أخرى في أفريقيا أو حتى في الولايات المتحدة الأميركية نفسها في أوساط الرأي العام بشكل عام. الإدارة حاولت أن تتكيف مع هذه المعارضة من خلال إنكار وجود أو التفكير في قواعد عسكرية في أفريقيا أو الإصرار على أن المسألة كلها مجرد قيادة عسكرية في أفريقيا في إطار القوة اللينة والمساعدات والرؤية التي تركز على جانب المعونات، محاربة الأوبئة، الاستقرار السياسي وغيرها من الأهداف الأخرى، فهو تغيير تكتيكي برأيي نتيجة لم يأت من فراغ وإنما جاء كرد فعل على المعارضة التي واجهها الرئيس.


عبد الرحيم فقرا: طيب الآن أنت تتحدث عن مراجعة تكتيكية كما قلت، ماذا بعد هذه المراجعة التكتيكية بالنسبة لمشروع القيادة الأفريقية؟


"
الإدارة الأميركية تحاول إيجاد علاقات عامة طيبة في أفريقيا في ظل فشل وصعوبات جمة في الشرق الأوسط
"
         علي أحميدة

علي أحميدة: أنا أتصور المشروع لا زال مستمرا، الفكرة فيما يتعلق بالقيادة العسكرية في أفريقيا هي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فيما يتعلق بأفريقيا وهو ربط الهم الإستراتيجي والأمني بالقوة اللينة والقوة الرطبة أي ربط الهم الأمني بالمساعدات والاستقرار السياسي ولكن الأهداف كما هي لا زالت، هي التركيز على المصالح الأمنية فيما يتعلق بالإرهاب، فيما يتعلق بالتنافس الصيني الأميركي، فيما يتعلق بإيجاد مصادر يعني مستديمة للطاقة كالنفط واليورانيوم وغيرها، ولكن في نفس الوقت هي محاولة أيضا أعتقد من الإدارة -ولا بد أن نعترف بهذا- إيجاد علاقات عامة طيبة في أفريقيا في ظل فشل وصعوبات جمة في الشرق الأوسط وأيضا في داخل المجتمع الأميركي، ولهذا أعتقد لا بد أن نربط الأشياء مع بعضها.


عبد الرحيم فقرا: روبرت غيست من مجلة الإكونوميست، سمعنا الآن حديثا عن تغيير تكتيكي فيما يتعلق بأفريكوم، سمعنا عن هواجس أمنية للولايات المتحدة في أفريقيا، سمعنا الكثير من المحاور خلال المؤتمرات الصحفية التي عقدها الرئيس جورج بوش خلال جولته في أفريقيا، لم نسمع الشيء الكثير عن مناطق كالصومال وعلاقة الصومال بإثيوبيا مثلا، سمعنا بعض الشيء عن الوضع في كينيا وتكليف كوندليزا رايس بالإشراف على الموضوع لكن هذه الملفات الأمنية الشائكة الأخرى لم نسمع كثيرا عنها. هل هذا انطباع أم أن هذا واقع؟


روبرت غيست: أحد الأسباب أنكم لا تسمعون كثيرا عن الوضع في الصومال لأنه من الصعب جدا أن نأتي بأخبار طيبة عن الوضع في الصومال فالوضع هناك غير مستقر على مدى أكثر من عقد من الزمن وما من شيء قامت به أميركا في الماضي ساعد بشكل كبير الوضع هنا، وفي كينيا هناك أمر أيضا مزعج وما زال هناك الكثير من المحاولات الدبلوماسية الأميركية لجعل الأطراف في كينيا تتحدث لبعضها وأن تقدم تسوية سلمية للمشاكل التي أتت عقب الانتخابات، وأميركا لا يمكن لها أن تجبرهم على فعل ذلك ولكنها يمكن أن تتوسط بشكل لين وأن تحاول أن تقنعهم. ما من وجود أميركي أمني هناك وأميركا ليست مهتمة بمحاولة أن تسيطر على السياسات هناك ولكنها تستخدم القوة اللينة ومحاولة إقناع هؤلاء الناس أن يحلوا مشاكلهم.


عبد الرحيم فقرا: الآن بالنسبة للطريقة التي تعامل بها الرئيس جورج بوش مع الملف الأفريقي خلال هذه الجولة ركز على دول تعرف استقرارا سياسيا نسبيا مقارنة بمناطق أخرى كالصومال وكتشاد وغيرها من المناطق في أفريقيا. إلى أي مدى تعتقد أن الرئيس جورج بوش بينما قد يكون نجح في أعين الأميركيين بالتركيز على هذه الدول الناجحة قد يكون فشل في أعين الأفارقة في تقييم الأوضاع الأمنية خلال هذه الجولة في القارة؟


روبرت غيست: لا أعتقد أن الأميركيين الناخبين مهتمون بشأن ما يجري في أفريقيا فالسياسة الأفريقية هي قضية كبيرة هنا وما يجري هناك وبسبب تحرك بسيط من الحكومة الأميركية والتزامات بسيطة يمكن لها أن تخلق كثيرا على الأرض، رؤساء مثل الرئيس بوش وأناس في السياسة يرون أن هذا الأمر مثمر ولكن هناك إدراك بأن هناك دول هشة في أفريقيا وهناك مساعدة بسيطة بالنسبة للحفاظ على السلام ومساعدة بسيطة بالنسبة لإبقاء الناس المرضى بالأيدز أحياء، إذاً فهذا الكثير مما يسوق هذه الأمور.


هاوارد وولبي: أعتقد أن هذا التشخيص بالنسبة لدوافع أميركا أدى إلى عملية تعامل جماعية مع أفريقيا، وإن استمعتم إلى كلمات بوش التي حاول أن يلخص الانطباعات التي أتى بها من زيارته في أفريقيا كانت مشجعة جدا لأنها كانت تعترف بمصالح أميركا واهتمامها بأفريقيا، وأنا أعتقد أن العلاقات تستند إلى المصالح المشتركة هي ذات أساس صحيح لإيجاد علاقات صلبة متينة وهي موجودة في مجالات عدة كالاقتصاد والتعامل بقضايا الإرهاب والبيئة ويبدو لي أنني أنا مشجع على الأقل بسبب الحراك في هذا التوجه، ولكن أقول إنه ما من شك أن هناك الكثير من التحديات المتعلقة بالقضايا الصراعية التي لم نناقشها ولم يناقشها الرئيس في زيارته. معظم الدول الأفريقية وبوجوه متعددة فيها مؤسسات هشة لأنها أوجدت من قبل الوجود الاستعماري، إذاً ففي الكثير من الدول الأفريقية حتى التي تبدو مستقرة السياسة ما زالت ينظر إليها كلعبة الرابح والخاسر، بالنسبة للمقترحات وبالنسبة للعلاقات بين الزعماء فهي ليست متينة ومستوى الثقة متدني للغاية وأملي الوحيد هو أننا كالعالم الغربي سنفكر بطريقة مختلفة ولكن كيف نسير بدعم الديمقراطية وندعم الاستقرار. القضية هي ليست فقط عقد انتخابات ولكن بناء إدراك بالتداخل بين الناس والتفاعل بينهم في هذه القارة وهذا الأمر المفتقد، يجب أن يبني الناس قدراتهم بشكل جماعي.


علي أحميدة: ممكن أتدخل في النقطة هذه؟


عبد الرحيم فقرا: تفضل تفضل.


علي أحميدة: أنا يبدو لي أن النقاش مهم على زيارة الرئيس بوش ولكن لا بد أن نضع الأمور في إطارها الأشمل وهو عبء تاريخ السياسة الخارجية الأميركية في أفريقيا وعبء الماضي سواء في الحرب الباردة من جانب ودعم الأنظمة الدكتاتورية والدور السيء والمخجل في الكونغو وفي جنوب أفريقيا من ناحية، ومن ناحية أخرى أهمية أميركا من ناحية المجتمع المفتوح، المجتمع الذي تعلم فيه آلاف الأفارقة، فنجد التأثير المزدوج لأميركا في أفريقيا. أيضا لا بد من الأخذ بالاعتبار بالإضافة إلى عبء التاريخ أهمية الانسحاب الأميركي والغربي من أفريقيا لفترة طويلة في العقدين الآخرين وهذا الانسحاب والفكرة عن أفريقيا وكأنها بلد الفساد وبلد فشل الدول كان كارثة على الأفارقة وكارثة أيضا على السياسة الخارجية الأميركية. أنا أعتقد زيارة الرئيس بوش ولو أنها جاءت متأخرة تحمل في طياتها جانبين، الجانب الأمني وهو الجانب القصير النظر والجانب الإيجابي وهو دعم السياسات اللينة والرطبة كدعم التعليم والاستقرار وغيرها..


عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): طيب بروفسور علي أحميدة، لم يعد أمامنا في البرنامج سوى دقيقتين. لكن هذا الفشل الغربي أو الأميركي كما سميته في أفريقيا كيف استفادت الصين من هذا الفشل الغربي في القارة؟


علي أحميدة: السياسة الخارجية الصينية هي سياسة براغماتية بالأساس وهي تعكس أولويات أهدافها ومصالحها في أفريقيا، عدم التركيز على الديمقراطية، عدم التركيز على حقوق الإنسان، على دور القانون في الدولة وهي من هذا الجانب هي الحقيقة في رأيي كانت ناجحة ولكن أيضا قصيرة النظر. أيضا في نفس الوقت القروض التي منحتها إلى العديد من الدول الأفريقية هي قروض بشروط إيجابية وشروط جيدة ولهذا الوجود الصيني في أفريقيا هو وجود قوي ومهم ولن يتضاءل في القرن الواحد والعشرين وهذا، سواء أنكرت الإدارة أم لم تنكره، هو أحد الأسباب الأساسية للصراع على أفريقية في هذا القرن.


عبد الرحيم فقرا: طيب السؤال الأخير لك روبرت غيست، بالنسبة لأفريكوم في سياق الحديث عن الصين، الإدارة الأميركية لا تقيم أي ربط بين أفريكوم والوجود الصيني المتزايد في القارة، هل ترى أنت أي علاقة بين المحورين؟


"
أميركا والصين مهتمتان باستقرار أفريقيا ليكون هناك قدرة على شراء النفط وليس السيطرة على أفريقيا
"
        روبرت غيست

روبرت غيست: أعتقد أن درجة المنافسة يبالغ فيها أحيانا، الصينيون والأميركيون لهما منهجيات مختلفة ومبادئ فلسفية مختلفة، فالأميركيون يثقون بالأفارقة بالنسبة لحقوق الإنسان بينما الصينيون لا، لكن الدولتين مهتمتان بالاستقرار وبالاستمرار في تدفق النفط ولكن الأمر لا يتعلق بالسيطرة ولكن القدرة على شراء النفط والنفط سيتدفق طالما هناك سلام، وهنا الطرفان لهما مصالح مشتركة ولكن الأميركيين يخوضون بهذه العملية بشكل أقوى من الصينيين.


عبد الرحيم فقرا: للأسف وصلنا إلى نهاية هذا الجزء من البرنامج، شكرا لك روبرت غيست وأنت طبعا من مجلة الإكونوميست، شكرا كذلك لمدير برنامج أفريقيا في مركز وودرو ويلسون هاوارد وولبي الذي كان عضوا في اللجنة الفرعية للشؤون الأفريقية، وكذلك للبروفسور عبد اللطيف أحميدة. سأودع هاوارد وولبي والبروفسور أحميدة في نهاية هذا الجزء وأدعوك روبرت غيست إلى البقاء معي في الجزء الثالث. عندما نعود في الجزء الثالث نلقي نظرة على سياسة باراك أوباما الأفريقية إذا ما أصبح رئيسا للولايات المتحدة.

[فاصل إعلاني]

ملامح سياسة أوباما في أفريقيا


عبد الرحيم فقرا: أهلا بكم إلى الجزء الثالث والأخير ونطرح فيه فرضية قد تصبح واقعا، كيف ستكون سياسة باراك أوباما إزاء قارة أبيه وأجداده إذا ما انتخب خلفا للرئيس جورج بوش؟

[شريط مسجل]


باراك أوباما/ مرشح للرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي: واضح أن كينيا مهمة بالنسبة لي، أبي كيني وما زالت عائلتي تعيش هناك، أعتقد أن كينيا مهمة أيضا بالنسبة لأميركا لأن حكومتها ديمقراطية ومستقرة في منطقة قد تصبح قاعدة للإرهاب والعنف العرقي الذي يزيد من حدة أزمة المهاجرين، وستكون المنطقة مرشحة لمزيد من عدم الاستقرار إذا لم تتم السيطرة على الوضع.

[نهاية الشرط المسجل]

عبد الرحيم فقرا: ومعي روبرت غيست، روبرت غيست أنت مع مجلة الإكونوميست لك كتاب بالمناسبة اسمه "القارة المكبلة" عن أفريقيا. كيف ترى آمال أو الآمال التي يعرب عنها بعض الأفارقة فيما يتعلق بباراك أوباما إذا انتخب خلفا للرئيس جورج بوش؟


روبرت غيست: أعتقد أن باراك أوباما بدأ بميزة عظيمة لأنه وجه جديد ولأنه أسود واسم أبيه حسين والكثير من غير الراضين عن إدارة بوش سيعطونه ميزة كبيرة ويحسنون الظن به، إلا أن هناك خطرا وخاصة في ظل وجود التوقعات المخلصة التي ربما لا يلبيها، ولكن إن كان رئيسا سيكون رئيسا ذو مسؤوليات أمام المصوتين والمنتخبين وما يقوم به في أفريقيا ستسوقه حميميته لأفريقيا والمصالح الأميركية، وإذا كان هناك خلاف بين الأمرين يجب أن تغلب المصالح الأميركية على الأمر الآخر.


عبد الرحيم فقرا: بالمناسبة هل هناك سياسة أفريقية في الوقت الراهن لباراك أوباما يمكن الحديث عنها؟


روبرت غيست: يبدو أنها مشابهة للمرشحين الآخرين فهو يتحدث عن الحاجة لزيادة المساعدة وهذا ما قام به بوش، إذاً ستكون استمرارية لهذا التوجه، ويتحدث أيضا عن الحاجة لتدخل حقيقي لمنع الإبادة الجماعية وهذا النوع من السياسة الذي يتحدث عنه الناس في صيغة الماضي، الكل يقر أنهم لو تدخلوا لمنع الإبادة الجماعية في رواندا لحصل أمر ثان ولكن الحقيقة السياسية مختلفة وهي بعيدة عن إرسال قوات إلى هناك وهي بعيدة عن شاشات الرادار وخاصة عندما حدثت الإبادة الجماعية على مدى مائة يوم، إن المشاكل التي نراها في دارفور باراك أوباما يقول إنه يود أن يوجد منطقة منع طيران منطقة ممنوع فيها الطيران هناك ولكن هذا صعب وخاصة لأن الصراع شائك هناك وخاصة لوجود تردد كبير لدى أي رئيس ديمقراطي أو جمهوري لبعث قوات عسكرية هناك، هذا يجب أن يتم من خلال الأمم المتحدة وهذا بدوره يستغرق وقتا.


عبد الرحيم فقرا: في المقطع الذي استمعنا إليه قبل قليل تحدث تحديدا عن كينيا، هناك العامل النفسي الذي بدأنا نسمع عنه في هذه الانتخابات. إذا انتخب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة هل بإمكان باراك أوباما استغلال العامل النفسي كرئيس أسود أول رئيس أسود للولايات المتحدة لفك بعض هذه الأغلال التي تحدثت عنها أنت في كتابك في دول مثل كينيا مثلا؟


روبرت غيست: بلا شك، إنه يستغل حقيقة أنه لديه أجداد وأسلاف أفارقة والناس يحترمون هذا فهو ليس أفريقي حقيقة، وحتى أنه يعمل جديا من أجل كسب المؤتمرات الحزبية في آيوا حتى عندما كان في حملته الانتخابية كان يجري مكالمات هاتفية مع الزعيمين المتنازعين في كينيا وأن يحاول أن يجعلهم يضعوا جانبا السواطير وأن يتخلوا عن العنف وأن يأتوا بتسوية سلمية، وأعتقد أنه في موقع جيد لكي يلعب دور الوسيط هنا، لكنه لا يمكن له أن يجبر الناس على أن يفعلوا أشياء هم أنفسهم لا يريدون أن يفعلوها.


عبد الرحيم فقرا: نرى الآن مشاهد لأوباما في سينسيناتي بولاية أوهايو حيث ستجري جولة من الانتخابات التمهيدية، جولة حاسمة من الانتخابات التمهيدية ضد هيلاري كلينتون في الرابع من مارس المقبل. باراك أوباما عندما تحدث عن باكستان قبل بضعة أشهر، تحدث عن القاعدة وتحدث عن أسامة بن لادن، وقال إنه إذا علمت الولايات المتحدة بوجود أسامة بن لادن في باكستان مثلا فستدخل الأراضي الباكستانية دون طلب إذن من حكومة الرئيس برفيز مشرف، هل يمكن تمديد ما قاله باراك أوباما عن باكستان ليشمل بعض المناطق في أفريقيا كالصومال عندما تقول إدارة الرئيس جورج بوش إن فيها ما تسميه بالإرهاب مثلا؟


روبرت غيست: أنا لست متأكدا عن وضع الكثير من الثقل لهذه العبارات فقد تحدث عن وضع نظري وتحدث عن بعض المعلومات بأن أسامة بن لادن في مكان ما في وقت ما، وما كان يتحدث عنه هو أن يستقدم غارة جوية للتخلص منه. في أفريقيا من الصعب أن يفكر بوضع يمكن فيه أن يتدخل عسكريا بدون نوع من الدعم من أناس آخرين ولكن كما رأينا من جورج بوش الذي عندما انتخب لم يتحدث كثيرا عن اهتمامه بأفريقيا ثم بدا بعد ذلك أنه مهتم كثيرا، عندما تكون رئيسا تتغير الأمور وهذا الأمر نادرا ما يسأل عنه في حملة انتخابية وليس عليه بالتالي أن يبني التزامات عظيمة بشأن ما الذي سيفعله في هذا السياق ولا يختبر ثقل هذه الأمور مع الجمهور الأميركي.


عبد الرحيم فقرا: روبرت غيست من مجلة الإكونوميست وصاحب كتاب "القارة المكبلة" في نهاية هذا الجزء من برنامج من واشنطن. إلى اللقاء.