none
من واشنطن

رحيل إدوارد سعيد، اعتقال عبد الرحمن العمودي

مسيرة إدوارد سعيد في 67 عاما من النضال والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، تداعيات اعتقال الناشط الإسلامي عبد الرحمن العمودي.

مقدم الحلقة:

حافظ الميرازي

ضيوف الحلقة:

كلوفيس مقصود: مدير مركز عالم الجنوب- الجامعة الأميركية
زياد العسلي: رئيس فريق العمل الأميركي العربي من أجل فلسطين
كمال نعواش: محام- أحد فريق المدافعين عن عبد الرحمن العمودي

تاريخ الحلقة:

02/10/2003

– إدوارد سعيد ومسيرة 67 عاماً من الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية
– تداعيات وأبعاد اعتقال الناشط الإسلامي الأميركي عبد الرحمن العمودي


undefined

إدوارد سعيد ومسيرة 67 عاماً من الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية

حافظ الميرازي: مرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامج (من واشنطن)، أتحدث فيها هذه المرة عن شخصيتين من عرب أميركا.

الشخصية الأولى: شخصية عربية أميركية عالمية مرموقة، إنه الكاتب والمفكر والبروفيسور الجامعي إدوارد سعيد، فقد رحل في الأسبوع الماضي عن عالمنا إدوارد سعيد عن عمر ناهز السابعة والستين عاماً.

لعل عام 67 كان أيضاً عام التحول في مسيرة إدوارد سعيد، الذي ولد في القدس من أب فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية، وأم فلسطينية لبنانية، وهاجر مع أسرته إلى القاهرة، حيث نشأ فيها وتعلم هناك بمدرسة (فيكتوريا كوليدج) البريطانية، وانتقل وعمره سبعة عشر عاماً إلى الولايات المتحدة ليكمل تعليمه الثانوي ثم الجامعي في الأدب الإنجليزي بجامعة (برنستون)، وحصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة (هارفارد)، وأصبح أستاذاً للأدب المقارن بجامعة (كولومبيا) حتى وفاته.

كان حلمه أن يصبح موسيقاراً، وقد برع في عزف البيانو وفي الكتابة والنقد عن الموسيقى، برعت كتاباته الأدبية والأكاديمية، لكن المنحى السياسي لكتابات إدوارد سعيد، وتبلور وعيه القومي بعروبته، برز -كما يقول أصدقاؤه- بعد هزيمة حرب عام 67.

عبد المحسن القطان (رجل أعمال فلسطيني): يمكن 68 أو 69 لما إدوارد بدأ يحس بالتغيير، يعني ما قبل ذلك كان هو مهتم بالـ career تبعه، وكان متفوق فيه أصلاً وهو شاب، فهو بعد.. بعد النكبة صار عنده هاجس.. هاجس، إنه هو طيب هو شو.. شو لازم يعمل، وبدت الأمور تتطور إلى أن أصبحت القضية الفلسطينية هي الأولوية المطلقة بحياته، بس بالمعنى اللي هو متحضر، يعني كان ضد اللي بيسموهم يعني اللاسامية، إنه كان ضد ها الشيء هذا، وكان إنه دائماً إنه يعني إذا ممكن إنه يصير حوار يعني بين الجانبين، مع كل أسف ما صارش، بس هو أدرك يعني بالأول، إنه طيب أنا متعلم ومثقف وإلى آخره، لازم كيف بأقدر أخدم شعبي؟ بالكتابة، بالمحاضرات، وكان عنده أولاً يعني غزير الثقافة إلى أقصى الحدود، ومتنوعاً من الموسيقى إلى الاهتمام بالحدائق.. يكتب مقالات عنها، طبعاً الأشياء اللي هو.. اللي هو كان يقول دايماً إنه كان بيتمنى وهو صغير يصير موسيقار، يعني المهم ما صارش، فهو يعني لما بدأ يتعرف على.. على أكثر.. على البلدان العربية، فهو عنده ها الشغلة هذي اللي هي قليل ما تلاقيها عند الناس، هو متمرد على الوضع العربي، متمرد تمرد كامل اجتماعياً وثقافياً وسياسياً، إنه هادول يعني وضع غير مقبول، وإنه الديمقراطية غائبة وكذا راح، لكن بنفس الوقت إنه هذا الغرب هو كمان ساهم بهذا الوضع السيئ، فطلعت قصة الاستشراق، إنه الاستشراق هي شو عظمتها، إنه هو اكتشف، أو إنه اكتشف وأعطى الناس، إنه كان مش بس اللي يعني الجنود ولا الجيوش هي اللي تروح تغزي، لأ، الكُتَّاب، الشعراء، المثقفين، كله مبني على إنه العالم الثالث، اللي هو بالنسبة إله كان يعني أهم.. أهم ما فيه هو العالم العربي والإسلامي، إنه.. إنه هذا عالم أقل منَّا، وإنه لازم نحن بنستعمل بقصصهم..، هذه ما كانتش موجودة، فهو لذلك كتابه "الاستشراق" عمل ثورة، أولاً عجز معظم الناس إنهم يهاجموه، لأنه الكلام اللي فيه أساسي وعميق، وهذه عملت له طبعاً شهرة، بعدين عمل.. عمل عدة كتب، وآخر واحد المهم هو “culture and imperialism” الكتاب الضخم.

بس هو كان عنده، أول إشي عنده إنسانية، يعني محبة للناس وللأشياء هائلة.. هائلة، (……)، ونفس الوقت عنده عقل جبار، يعني بالمرض، الآن إله 12 سنة مريض، 12 سنة مريض، ومع ذلك محاضرات بيعملها، بتروح على أي محاضرة، بتلاقي إنه الناس اللي بَّره أكثر من اللي جوه، أنا عمري ما شفت هيك حقيقة، وبعدين عنده قدرة على.. على.. على فهم الناس، وأهم من ذلك أنا بأعتقد إنه الناس أدركوا مع الزمن، إنه هذا مش بس مفكر وكبير، هذا مفكر صادق ويعني شجاع.

حافظ الميرازي: عبد المحسن القطان، أحد أصدقاء إدوارد سعيد، الذين جاءوا من أوروبا لحضور جنازته بإحدى كنائس نيويورك، والتي شارك فيها نحو 1000 شخص، مثَّلوا -كما يقول أحد تلامذته- تنوع معرفة وثراء شخصية إدوارد سعيد.

جوزيف مسعد (أستاذ بجامعة كولومبيا): طبعاً إدوارد سعيد موسوعي المعرفة، فالشخصيات التي كانت موجودة اليوم وطبعاً تراوحت بين.. من الطيف السياسي، بعض.. ممثلي بعض الحكومات العربية كانوا موجودين، بعض الوزراء، إلى بعض النشطاء السياسيين في معارضات عربية، يسارية وتاريخية لعبت دوراً مهماً في اعتقادي في الستينات والسبعينيات وحتى الآن، هناك طبعاً النشطاء والسياسيين الفلسطينيين اليوم كان مثلاً.. مثلاً مصطفى.. الدكتور مصطفى البرغوثي موجود، رجال أعمال فلسطينيين ملتزمين بالقضية الفلسطينية، السيد عبد المحسن قطان، موسيقيين عالميين طبعاً (دانييل بارينباون) وغيره من الموسيقيين، صحفيين مثلاً (شارل جلاس) يعني مثالاً لنأخذه كمثال، وغيرهم من مجلات معروفة في الولايات المتحدة وفي أوروبا، نقاد أدبيين، طبعاً أساتذة في جميع التخصصات من الأنثروبولوجيا، والتي أثر إدوارد جداً عليها بنظرياته، إلى العلوم السياسية، إلى الأدب المقارن، إلى الدراسات السينمائية، إلى دراسات ما بعد الاستعمار، وإلى آخره، إذا كان.. التخصصات طبعاً الأكاديمية اللي كانت موجودة لا تعد ولا تحصى، فهي فعلاً تشمل -أعتقد- كل الدراسات الإنسانية والتخصصات الإنسانية والاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك طبعاً كان هنالك طلاب إدوارد، الكثير من طلابه الذي خرَّجهم وعلَّمهم مثلي أنا، يعني أنا تتلمذت على أيدي إدوارد، وفيما بعد أصبحت زميله هنا في الجامعة.

حافظ الميرازي: أبرز مؤلفات إدوارد سعيد كان كتاب "الاستشراق" عام 1978، الذي كشف الدوافع السياسية الاستعمارية لكتابات المؤلفين الغربيين عن الشرق والتي ادعت الموضوعية.

أهداف سويف (روائية وناقدة أدبية): يعني إدوارد طبعاً اللي عمله إنه هو يعني بلور نظرة جديدة، طريقة جديدة، منهج جديد، نبص به لأجزاء كبيرة جداً من الثقافة الغربية، اللي هو اللي دلوقتي تبلور في شكل (….. studies) إنه فدا يعني.. يعني حقل جديد، حقل دراسات جديد، هو.. هو اللي بلوره، وهو اللي خلقه، وأعتقد إنه.. إنه ممكن نقول إنه فيه حاجتين مهمين جداً جداً يعني مترتبة على دا، واحدة إنه ده أرسى نوع من العلاقة اللي فيها تبادل.. تبادل على أساس من المساواة بين الثقافة العربية والثقافة الغربية، يعني إدَّى إمكانية أكبر، لأنه.. لأن إحنا نبص للثقافة الغربية، مش من منطلق إنه دي حاجة إحنا بنصبوا إليها أو..، إنما من منطلق إنه حاجة، يعني من الثقافات اللي موجودة في العالم زي ثقافتنا، بناخد منها اللي عاوزينه، وبننتقدها، بنحبها، وفي نفس الوقت إنه هو بالرغم من اللي اتقال في انتقادات ناس لكتابه “Orientalism” اللي هو الكتاب اللي فعلاً كتاب "الاستشراق" اللي عمل الفرشة الأولى للكلام دا كله، إنه هو انتُقد على أساس إنه كان بياخد يعني جانب ضد جانب، أو إنه هو كان بيقول إنه كل الاجتهادات الاستشراقية كانت.. كانت شريرة، وكانت سيئة، وكانت في خدمة الاستعمار، وهو لم يقل هذا أبداً، إنما قال إنه بعضها كان، ودافع كبير وراها كان، وإن إحنا لما بنبص للدراسات الإشراقية.. الاستشراقية، لازم نبص لها في يعني قالب واحد مع كل اللي كان بيحصل في مجتمعها وقته، مش على إن هي حاجة يعني اجتهاد أكاديمي بحت لوحده، لكن إنه هو فعلاً كان بيخدم حاجات معينة، وإنه فيه بعض المستشرقين رفضوا إنه هم يخدموا المشروع الاستعماري، وبالتالي يعني طريقة جديدة للنظر إلى الأمور، وإصرار في نفس الوقت دايماً على الندية، وعلى الموضوعية أيضاً.

رشيد الخالدي (أستاذ كرسي إدوارد سعيد -جامعة كولومبيا): هو الشخصية الريادية التي ابتدع نموذج التفكير بالعلاقات الإمبريالية والكولونيالية، الكثير من الجدل والكثير من الاتجاهات والتيارات المتناقضة، ولكن ولدرجة رائعة، إما من خلال الإطار الذي طوره، أو كمحاولة لتعديل الإطار الذي طوره إلى حد كبير، وهذه مساهمة كبيرة، ولكن عدا عن هذا كان هناك تغيرٌ جوهريٌّ في البلد في الثلاثين أو الأربعين عاماً الماضية فيما يخص الهيمنة الإمبراطورية والقمع والعنف، وبالتأكيد فقد حدث ذلك كله بأشكالٍ مختلفة، ولو أخذنا مثالاً واضحاً وهو إبادة أو تهجير السكان الأصليين، التي كانت ممارسة وحشية، ولكنها لم تصبح جزءاً من التاريخ المتداول حتى الستينيات، وهذا جزء من دراسات علم السكان، فقد تم طمسها، وإنكار حصولها وإبقاؤها مجهولة، وقد غير ذلك طرقاً كثيرة، فقد بدأت حركات تضامنية بالظهور بشكل أساسي في أميركا، وبدأت حركات تضامن واسعة جداً، فقد ذهب الآلاف بل عشرات الآلاف من الناس للعيش مع الضحايا، من أجل مساعدتهم وحمايتهم، وتطور هذا الأمر إلى عمل مهم وشجاع في الضفة الغربية وغزة وأماكن أخرى.

نعوم شومسكي (أستاذ معهد العلوم للتكنولوجيا): أمر واضح أن الذين شنوا حرب على العراق، حرباً وقائية، قاموا بحملة وقائية ضد العلماء والأدباء والمفكرين الأميركان والعرب، في الولايات المتحدة قبل هذه الحرب، أي رافقت هذه الحملة الشنيعة الحرب ضد العراق، وكانت التمهيد لهذه الحرب، ولا تزال هذه الحملة شغالة ضدي وضد كرسي، ضد ذكرى إدوارد سعيد، ضد أي واحد يعارض التيار السائد.. التيار السائد في البنتاجون، الذي هو تيار معادي للعرب، معادي للمسلمين، ومعادي للشرق الأوسط.

حافظ الميرازي: انتقاداتٌ في الإعلام الأميركي، وحملات تعرَّض لها رشيد الخالدي، منذ شغل الكرسي الجديد الذي أنشأته جامعة كولومبيا، باسم إدوارد سعيد للدراسات العربية والإسلامية، وذلك لمواقفه السياسية المشابهة لإدوارد، لكن التمسك باللغة العربية لدى عائلة إدوارد سعيد، ظهر بوضوح، حتى في إصرارها على أن يكون جزءاً من الموعظة في كلمات رثائه بالكنيسة باللغة العربية، رغم عدم فهم أغلب المعزين لها.

الواعظ: نعاهده الآن بأننا لن نرتاح حتى تستعاد الكرامة، ونعيش حياة الكرامة في أرض الكرامة في الوطن فلسطين، كما ونعاهده أيضاً بأننا سننقل جثمانه الطاهر لكي يوارى في تراب تلك الأرض التي ناضل وأحب من أجلها.

حافظ الميرازي: مثلما كان الرثاء بالعربية إلى جانب الإنجليزية كانت هناك لغة الموسيقى التي أتقنها إدوارد سعيد، وجاء خصيصاً لعزف أحب مقاطعها له من موسيقى (باخ) صديقه اليهودي الإسرائيلي من أصل أرجنتيني الموسيقار (دانييل بارينباون) الذي كان قد أثار حفيظة بعض المتطرفين اليهود في إسرائيل لعزفه هناك مقطوعة للموسيقار الألماني (فاجنار) الممنوع في إسرائيل بسبب استخدام ألمانيا النازية لموسيقاه كألحان وطنية.

دانييل بارينباون (مايسترو عالمي): كثيرون بالطبع نظروا إلى صداقتنا بقدر كبير من الشك إن لم نقل من العداء والخصومة.

أنا ولدت في الأرجنتين وترعرعت في إسرائيل، وكان هو من مواليد القدس، ونشأ وترعرع في القاهرة والولايات المتحدة الأميركية، وقد قرَّب ذلك فيما بيننا رغم ما بدا من اختلاف وجهات النظر بيننا.

اعتقدنا أن السبيل الوحيد أمام شعبينا كي يستمرا في العيش هو إيجاد سلام عادل وطريق عادل للعيش سوية، ولهذا السبب أدرك هو أيضاً في النهاية أن حل قيام الدولتين كان ضرورياً تماماً في كل الحالات كنقطة انطلاق، والرسالة الأهم هي مساعدة الشعب الفلسطيني كي يرى أن عدالة القضية لا تعني بالضرورة أن تكون مناوئاً لليهود أو لدولة إسرائيل، ولكن في الجهة المقابلة يجب مساعدة إسرائيل كي لا تكون معادية للفلسطينيين، ما هو مطلوب حقيقة من الإسرائيليين هو اعتبار الشعب الفلسطيني شعب مساوٍ لهم في البشرية.

حافظ الميرازي: دانييل بارينباون أسس مع إدوارد سعيد ما أسمياه بـ"ديفان موسيقى الشرق والغرب" لدعم النابغين الموسيقيين من الشباب الفلسطيني واليهودي الإسرائيلي، وشارك اثنان من هؤلاء الشباب في الجنازة بالمثل.

قد يبدو تطبيعاً للبعض علاقات إدوارد سعيد مع يهود إسرائيليين أو أميركيين، لكنه كان يؤكد على ضرورة التفريق بين إمكانية التعايش بين الأديان في فلسطين والعالم العربي وبين قبول المشروع الصهيوني في إسرائيل أو سياسة الإملاءات، لذلك استقال من عضوية المجلس الوطني الفلسطيني احتجاجاً على اتفاقات أوسلو وما سبقها من مفاوضات سرية، وأوضح موقفه منها في مقابلة مع (الجزيرة) لبرنامج (بلا حدود) قبل ثلاث سنوات.

إدوارد سعيد: اتضح للعالم كله إنه كان فيه اتفاقية بين منظمة التحرير اللي هي الممثل للشعب الفلسطيني والحكومة الإسرائيلية، تحت رعاية أو برعاية الولايات المتحدة، فهذا تم أمام العالم، ومع هذه الحالة الجديدة اللي.. اللي يعني أنا بأعتقد إنه أكثرية الناس رحبت بها الشيء، لأن لأول مرة بتاريخنا كان فيه فرصة أعطيت للناس إنه فيه أمل للمستقبل إنه يعني مش تماماً لحق تقرير مصيرنا، بس تحسين لحالة الناس اللي عايشين تحت يعني مثلاً الاحتلال، نهاية الاحتلال، حق العودة للاجئين بالألوفات اللي عايشين بالمخيمات بالبلدان المجاورة لفلسطين و.. إلى آخره، يعني التعويضات اللي ممكن تصير للشعب الفلسطيني بعد خمسين سنة من معاناة حزينة، هذا ما تم، فعلى.. على.. على يعني أول وهلة أنا لما قريت.. قرأت النصوص كان واضح من الأول إنه النصوص هي وسيلة لإعادة النظر بالاحتلال وليست لحل القضية الفلسطينية، يعني مثلاً القضايا الرئيسية اللي هم مثلاً: القدس، احتلال القدس الشرقية اللي تمت بالـ 67، قضية اللاجئين، قضية السيادة للشعب الفلسطيني، حق تقرير المصير على أرض فلسطين، هذا كله كان مؤجَّل لمرحلة نهائية قد تكون بعد عشر سنوات.. عشرين سنة، يعني من غير أي.. من غير أي تحديد ملموس، فبأول سنة برهنوا الإسرائيليين إن هم كانوا بس بدهم يعيدوا الانتشار للقوات المسلحة الموجودة على الأرض الفلسطينية ويكملوا يستمروا في بناء المستوطنات، وتغيير الخريطة لصالحهم، يعني الخريطة الفلسطينية والأراضي الفلسطينية، وفي هذا العمل كان فيه يعني فيه كيف بأقدر أوصفه مش يعني نوع من هل.. يعني مش تواطؤ بالضبط، يعني بس.. بس كيف.. مشاركة فلسطينية فيها؟

حافظ الميرازي: أصبحت انتقادات إدوارد سعيد للسلطة الفلسطينية شديدة وحادة، ورغم صدور بيان مكتوب في نعيه من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلا أن أحد شخصيات المعارضة وليس السلطة الفلسطينية هو الذي جاء خصيصاً لحضور جنازته.

د. مصطفى البرغوثي: فأنا جئت يعني لأعبِّر عنهم جميعاً هنا في وداع إدوارد سعيد لنقول كلمة واحدة لعائلته ولأصدقائه ولمحبيه أننا سنعمل كل ما نستطيع كي نكمِّل المشوار الذي بدأه إدوارد سعيد والذي شق طريقه بصعوبة بالغة، وهذا أقل ما يمكن أن نفعله من أجل أن نرد الجميل لهذا الإنسان الرائع، وهو خير من أنجب الشعب الفلسطيني، وخير من مثَّل قضية فلسطين دون منازع.

حافظ الميرازي: البعض كان أو بعض من حاول أن ينتقد إدوارد سعيد لرفضه أوسلو أو غيرها بأنه شأن بعض الفلسطينيين يعيشون في الخارج لا يدفعون ثمن الرفض أو قبول أي تحسين في الوضع الفلسطيني، لكن أنت تعيش في الداخل وتتفق مع إدوارد سعيد، كيف ترى الرد على ذلك؟

د. مصطفى البرغوثي: نعم، نتوافق توافقاً كاملاً في رفض أوسلو ومعارضته وليس فقط في ذلك، بل أيضاً في تنبيه شعبنا إلى أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ومن المحظور أن يتكرر أوسلو أو نهج أوسلو، إدوارد سعيد وصل إلى القضية الفلسطينية عبر بوابة.. عبر بوابة الإيمان بالإنسانية كلها، ورفض أوسلو ليس منطلقاً من تعصُّب قومي، بل رفض أوسلو لأنه شعر أن أوسلو تزوير لقضية السلام العادل، وشعر أنه مناورة أصحاب المصالح على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني والشعوب، وبالتالي كان رفضه له مبدئي، لأنه آمن بحقوق الشعب الفلسطيني، وإدوارد كان مناضلاً مشاركاً ومكافحاً، ضحَّى بالكثير من أجل قضية فلسطين، وكان من أنصار المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها، وكان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وعندما استقال استقال احتجاجاً على النهج الخاطئ الذي أثبتت الحياة أنه خاطئ، والشعب اليوم الفلسطيني بحاجة بكل طاقته إلى نهج جديد يعمِّق الديمقراطية الداخلية الفلسطينية ويعمِّق الالتزام بقضية فلسطين، ويرفض المساومة على حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، نحن لسنا في أي موضع لكي نعتذر لأحد، نحن الضحية، نحن المناضلين من أجل حرية واستقلال الشعب الفلسطيني، وهذا ما جسده إدوارد.

حافظ الميرازي: وديع ابن إدوارد، وديع سعيد، محامٍ حرص على قضاء عام في فلسطين بعد انتهاء دراسته الجامعية ليتمسك بجذوره ولغة وطنه، ألقى كلمة رثاء في والده، بينما ألقت أخته نجلاء قصيدة شعرية لشاعر يوناني كان يعيش في الإسكندرية بمصر أحب القصيدة والدهما، وهي بعنوان: "في انتظار قدوم البرابرة"، تتحدث عن مدن أشلَّها الخوف في انتظار العدو المجهول الذي اخترعه وجهاء المدينة ليبرروا تقاعسهم أو عداوتهم للآخرين، إنها قصيدة تمثل -على ما يبدو- جوهر الرؤية النقدية لإدوارد سعيد للغرب في تعامله العدائي مع الشرق وللشرق في تقاعسه عن المواجهة.

كل من حضروا جنازة إدوارد سعيد يجمعون على أنه لم يكن يخشى المواجهة، إدوارد سعيد الذي وُلد في الأول من نوفمبر/تشرين ثاني من عام 1935 رحل عن عالمنا في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول 2003.

من بين الذين شاركوا في جنازته التي تحدثنا عنها والتي كنا فيها اثنان من الناشطين ومن البارزين على الساحة العربية الأميركية خصوصاً في واشنطن، الدكتور كلوفيس مقصود (مدير مركز دراسات عالم الجنوب بالجامعة الأميركية بواشنطن، والسفير السابق للجامعة العربية لدى الأمم المتحدة وهنا في العاصمة الأميركية)، والدكتور زياد العسلي (رئيس فريق العمل الأميركي العربي من أجل فلسطين، والرئيس السابق للجمعية الأميركية العربية لمكافحة التمييز).

مرحباً بكما في واشنطن. دكتور كلوفيس، ما الذي يمكن أن نلخصه للمشاهد العربي ونحن نتحدث عن هذا الجمع الغفير لحضور جنازة إدوارد سعيد أو تأثير هذا الغياب، رأيتك دخلت كان معك مروان معشر (وزير الخارجية الأردني)، كان هناك الأخضر الإبراهيمي، ثم كان هناك كل ألوان الطيف، ولكن أغلبه اليساري المعارض وغيره، هل إدوراد سعيد كان يعني رمزاً للجميع سواء حكومة أو معارضة؟

د. كلوفيس مقصود: كان يعتبر من الجميع عطاءً فلسطينياً وعربياً للحضارة الإنسانية، ولكن مهما كانت آراؤه السياسية فكان ينتزع الاحترام دون أن ينتزع بالضرورة من سائر الأطياف الموافقة، ولذلك كان هذا الجنازة التي أقيمت تعبيراً عن التقدير الكامل الكبير من كل أطياف المجتمع العربي والأميركي لإدوارد سعيد مهما تباينت الآراء في بعض آرائه السياسية وغيرها، لذلك أعتقد أن إدوارد سعيد كان بحجم يتجاوز المعارضة والتأييد، ولذلك عندما فقدناه كأننا فقدنا إحدى أسس الوجود العربي في الولايات المتحدة وإلى حدٍ كبير الوجود العربي الحضاري، ولذلك التحدي الذي يواجهنا اليوم هو أن نستحضر هذا الإرث الذي وهبنا إياه إدوارد سعيد لكي نستأنف المسيرة، وكان بهذا نموذجاً للمثقف الطليعي وليس المثقف النخبوي.

حافظ الميرازي: نعم، دكتور زياد.

د. زياد العسلي: أعتقد أن هذا المهرجان الذي حضرناه جميعاً كان تعبيراً عن تقدير لشخصية فريدة، فريدة لأنها جمعت مزيج من الصفات لم نرها في هذا العصر في أي شخص آخر، كانت شخصيته مبنية على أساسين من الالتزامات المبدئية البحث عن العدالة والبحث عن الكرامة، وتكوينه الشخصي كان ناقد، هو شخص ناقد، هو محطم أصنام، هو شخص لا يقبل بالأمر الواقع كيفما كان، وهذه الشخصية عندما ترتبط بهذه المبادئ وهبتها الشجاعة والقدرة على المواجهة -كما رأيت- وعلى الإبداع، فكلنا مهما كانت لدينا أفكار وتحليلات سياسية، كنا نعرف أن هذا الشخص هو شخص شجاع وشخص ملتزم وشخص له نية تفوق أي اعتبار آخر، ومن هنا أجمعت الآراء على احترام هذا الشخص وعلى قبولنا به كصديق.

حافظ الميرازي: نعم، كان هناك محاولة جدل أو تشكيك حتى من كتابات لبعض الإسرائيليين ضده حين أخرج كتابه “out of place" أو "خارج المكان" ليروي قصة حياته وبدايته والمنزل الذي نشأ فيه في القدس والحديث عن أنه حتى أصلاً لم يولد في القدس أو ليس فلسطيني، إلى.. إلى أي حد يعني يرمز هذا؟ هناك حتى من يقول بأن هناك كانت نصائح من اللوبي الموالي لإسرائيل لبعض الشباب في الجامعات ألا تدخلوا في مناقشة معه حتى لا تخسروها.

د. زياد العسلي: آه طبعاً، هذا فيه شخص أعطى 3 سنين من حياته لكي يثبت أن إدوراد سعيد غير فلسطيني، وأنه لا ينتمي إلى عائلة مقدسية، لأنه لم يكن له بيت في القدس، هذا كلام فارغ، وطبعاً إدوارد قاد الحملة في الدفاع عن نفسه وفي.. وفي كشف هذه المسخرة.. المهزلة التي وصل إليها اليمين الإسرائيلي في معارضة ونقد شخص مثل إدوارد سعيد، واستفدنا طبعاً إحنا كتأكيد وتركيز على أن الهوية الفلسطينية هي أكبر كثيراً من مكان ولادة شخص أو إذا كان عنده بيت أو لأ.

حافظ الميرازي: دكتور كلوفيس، كان هناك شبه مقاطعة أو تجاهل من الإعلام الأميركي لإدوارد سعيد بعد مواقفه من أوسلو ورفضه لما سمي بعملية السلام بينما كان في البداية يبرز كشخصية أكاديمية تقدم موضوع الاستشراق، أيضاً وجدنا على الجانب العربي، على الأقل في الأراضي الفلسطينية، في فترة مُنعت حتى كتب إدوارد سعيد من جانب السلطة الفلسطينية، هل خسرها على الجانبين من ناحية النخبة المؤسسة الحاكمة؟

د. كلوفيس مقصود: أعتقد أن هذا الحرمان المفتعل كان تزويراً لحقيقة فعالية إدوارد سعيد الفكرية والسياسية، لذلك لم تكن خسارة على الميلتين، كانت كسب للرأي العام الأميركي بأن يكتشف التزوير والتشويه الذي تعمدته الصهيونية في الولايات المتحدة بحرمان شخصية إنسانية ضخمة مثل إدوارد سعيد أن يظهر على التليفزيون خوفاً منه وليس إبعادا له.

د. زياد العسلي: أريد أن أقول أن إدوارد كان حساس وكان حساس بشكل خاص لشعور الناس ولصداقتهم وعداوتهم وإلى آخره، فعدم.. عدم تقدير الإعلام الأميركي في السنين.. العقد الأخير من حياته كان مصدر إزعاج لإدوارد بالفعل، ولذلك هو اتجه كما نرى دائماً إلى الأمام فكان ينشر في أوروبا وكان ينشر في العالم العربي ويرفض أن.. أن.. أن ينشر في أميركا حتى في آخر..، ومع إنه كان يعرف أن تأثيره هنا طبعاً سبب وجوده العالمي كان ممكن أن يكون أكثر لأنه كان اعتبرها تحدي شخصي.
حافظ الميرازي: نعم، أيضاً انتقد إدوارد الحكومات العربية والأنظمة العربية وليس فقط السلطة الفلسطينية رغم أنه في كتابات أخرى كان يرد على الغرب الذي يقول: لا توجد بعض الحرية النسبية في هذه المجتمعات لا توجد تعددية هو يقول: لأ، توجد تعددية، كيف نوافق بين الرؤيتين.

د. كلوفيس مقصود: أعتقد أن إدوارد سعيد يشارك كثير من الطليعيين والمثقفين بأن نقد الذات هو استباق وعملية استباقية لهدم الذات وهدر الذات ولذلك كان واضحاً وكان صادقاً، قد لا يتفق مع كل ما قاله في هذا الصدد، ولكن إجمالاً كعملية سائدة في النقد كان لابد أنه أكَّد ورسَّخ في أذهان الأجيال المثقفة العربية ضرورة نقد الذات باستمرار حتى أن لا تكون نواقصنا مدخلاً لمن يريد أن يفرض علينا و.. تفسير حضارتنا كما يريدها هو بدلاً من كما نريدها نحن في حقل متقدم ومتطور ومستنير باستمرار.

حافظ الميرازي: نعم.

د. زياد العسلي: بسبب.. بسبب التزامه بالمبادئ ونظرته الإنسانية الشمولية على العموم كان إدوارد من الرواد اللي بحثوا في موضوع اللاسامية في العالم العربي والإسلامي، و.. وكان يشجع العرب في أميركا مثلاً عن أن يذهبوا إلى متحف الهولوكوست هنا، كان شيء هذا غريب أول ما سمعناه إدوارد، ولكن بالواقع..

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: هو أيضاً يؤكد أعتقد على ضرورة أن نعترف بموضوع الإبادة الجماعية.

د. زياد العسلي: طبعاً.. طبعاً.

حافظ الميرازي: دون أن نشكك فيها لليهود.

د. زياد العسلي: طبعاً

حافظ الميرازي: ولكن هذا شيء.

د. زياد العسلي: وهذا شيء.. وهذا شيء.

حافظ الميرازي: وفكرة أن ننسى محنة…

د. زياد العسلي: بالضبط.

حافظ الميرازي: الفلسطينيين شيء آخر.

د. زياد العسلي: اعتقد كما يعتقد الكثيرون أن هذه.. أن هذه الفكرة، لنحاول أن نقلل من أهميتها..

حافظ الميرازي: من أهميتها.

د. زياد العسلي: هي شيء يضرنا بدل ما يفيدنا، إحنا بنقول طيب إنتم تعذبتوا وانأذيتوا، بس عم تؤذونا ويقول (we are the victims of the victims) نحن ضحايا الضحايا، وهذه قضية مقنعة أكثر من أن ننكر حضور المحرقة على العموم.

حافظ الميرازي: كتب إدوارد سعيد، وربما من أول من كتبوا عن التغطية السيئة للإسلام في الإعلام الأميركي قبل 11 سبتمبر.. قبلها بأكثر من عشر سنوات مع الثورة الإيرانية وبعد الثورة الإسلامية في إيران، كيف ترى هذه العلاقة اللي ربما قد تغيب عن البعض بين هذا المثقف الفلسطيني المسيحي الغربي التفكير إلى حد ما أو الغربي النشأة والدراسة ثم هذا الدفاع عن هذه الثقافة والحضارة الإسلامية؟

د. كلوفيس مقصود: أولاً: يعني مثل الكثير من النصارى العرب اكتشفوا الإسلام من خلال عروبتهم كما اكتشفت العروبة في المغرب العربي الكبير من خلال إسلامهم، فكان إدوارد سعيد مثل ألبرت حوراني، مثل قسطنطين زريق، من جَسَّر بين العروبة والإسلام بشكل ممزوج، بشكل أنه عندما كان يشوه الإسلام اعتبر أن هويته والإنسانية تشوه، ولذلك دافع عن الإسلام ليس من نوع التملق لكن من نوع القناعة بأن الهوية العربية والحضارة العربية تشوه، ولذلك فإن النصارى العرب اكتشفوا العروبة.. اكتشفوا الإسلام حقيقي كجزء من كيانه الروحي والنفسي والعقلي والفكري والحضاري والإنساني من خلال عروبتهم كذلك اكتشف أهالي المغرب بتونس والمغرب والجزائر عروبتهم من خلال الإسلام.

حافظ الميرازي: من خلال الإسلام، نعم.

د. كلوفيس مقصود: هذا التجسيد هو المنارة التي نستطيع أن تسترجع الأمة العربية وعيها الحضاري ووعيها بوحدة مصيرها.

د. زياد العسلي: الشيء الثاني اللي لازم نقوله عن إدوارد إنه لم.. إدوارد لم يكن فلسطينياً فقط ولم يكن أميركياً فقط كان رجل عالمي وافترض من نفسه أن تكون له مقاييس عالمية فكونه إنه هو مسيحي مولود مسيحي أصلاً كان جزء من…

حافظ الميرازي: التركيبة..

د. زياد العسلي: تركيبته الشخصية ولكنها لم تلعب دوراً حاسماً في تطويره الفكري أو في طريقة معاملته مع الإسلام وقد انتقد وقد كان من المسيحيين القلائل الذين انتقدوا التصرفات التي عملها بعض المسلمين باسم الإسلام وكانت تضر الإسلام والعرب والقيم الإنسانية، وكان لديه مكانه خاصة تسمح له بأن يكون أكثر شجاعة من الآخرين في هذا الانتقاد.

حافظ الميرازي: شكراً جزيلاً زياد العسلي والدكتور كلوفيس مقصود، من الذين شاركوا في جنازة إدوارد سعيد الذي رحل عن عالمنا في الأسبوع المنصرم، وأعود إليكم بعد هذا الفاصل في برنامجنا (من واشنطن) لنتحدث عن شخصية عربية بارزة في أميركا من المسلمين الأميركيين اعتُقلت في الأسبوع المنصرم قبل أن نختتم هذه الحلقة.

[فاصل إعلاني]

تداعيات وأبعاد اعتقال الناشط الإسلامي الأميركي عبد الرحمن العمودي

حافظ الميرازي: اعتقالات السلطات الأميركية لمسلمين في أميركا أو مسلمين أميركيين ليست جديدة خصوصاً بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، بل وحتى في الأيام السابقة وعلى مدى الأسبوعين الماضيين امتلأت الأخبار بالحديث عن الاعتقالات بين مسلمين أميركيين في القوات المسلحة الأميركية لهم علاقة بمعتقل وسجن جوانتانامو لأسرى حرب أفغانستان وذلك بتهم متعددة كالتعاطف الشديد معهم أو محاولة تسريب معلومات سرية من خارج السجن، ثم التشكيك حتى في ولاء المسلمين الأميركيين في القوات المسلحة الأميركية، ومطالبة من السيناتور الديمقراطي اليهودي الأميركي (شومر) من نيويورك بالتحقيق حتى في المنظمات الإسلامية التي أدخلت هؤلاء المرشدين الدينيين إلى القوات المسلحة الأميركية.

لكن أن تطول الاعتقالات شخصية تعتبر شخصية قومية على مستوى المسلمين في أميركا من أبرز شخصياتهم، من أبرز الذين أسسوا مؤسسات سياسية على الساحة القومية الأميركية، وهنا في واشنطن، وأيضاً من الذي عرفوا باعتدالهم سواء في محاولة توضيح ما يتمتع به المسلمون في أميركا من حقوق وغيرها لصالح الخارجية الأميركية في الكثير من الندوات والجولات التي قام بها في العالم العربي والإسلامي أو حتى في موقفه لقبول استخدام القوة في العراق إن تحتَّم ذلك من الجانب الأميركي لتغيير أنظمة ديكتاتورية أو استبدادية كما هو الحال بالنسبة لموقفه من الحرب في العراق، أن تطول الاعتقالات هذا الرجل فهذا يتطلب وقفة.

إننا نتحدث عن عبد الرحمن العمودي، (الناشط الإسلامي الأميركي)، وهو من أصل أريتري، عبد الرحمن العمودي أسس المجلس الإسلامي الأميركي ليكون أبرز المؤسسات السياسية للمسلمين الأميركيين على الساحة خلال عقد التسعينيات، أسس العديد من المؤسسات الإسلامية الأخرى وشارك فيها وكان له دور كبير أيضاً في إدخال المرشدين الإسلاميين والمرشدين الدينيين في القوات المسلحة الأميركية، في دخول البيت الأبيض ومحاولة التأكيد على أن المسلمين الأميركيين ليسوا بالضرورة على تناقض كبير مع الولايات المتحدة، ولكنهم يريدون أن يعملوا من داخل النظام وليس من خارجه.

عبد الرحمن العمودي تم اعتقاله الأحد الماضي في أحد مطارات العاصمة واشنطن وهو عائد من رحلة خارج الولايات المتحدة.

حول ظروف هذا الاعتقال وطبيعة التهم الموجهة إلى عبد الرحمن العمودي نلتقي مع المحامي كمال نعواش، وهو رئيس مكتب المحاماة الذي دافع عن عبد الرحمن العمودي.

أستاذ كمال مرحباً بك معنا.

كمال نعواش: مرحباً أستاذ.

حافظ الميرازي: حدثنا أولاً عن ظروف هذه الاعتقال لنفرق ما بين ما ينشر أحياناً في وسائل الإعلام وبين طبيعة التهم الموجهة إلى عبد الرحمن.

كمال نعواش: إذا بتقرأ الجرائد والوسائل إشي بتفكر إن هذه القصة بيخصها بالإرهاب وإشي كبير، بس يوم تتطلع شو متهمينه فيه، متهمينه في بس شغلة واحدة إنه راح على ليبيا بدون رخصة، إذا أنت أميركي ممنوع تروح على ليبيا إلا إذا معك إذن من دولة أميركا، وفوق هذا ممنوع.. ممنوع تصرف مصاري في ليبيا إذا روحتها ممنوع تأخد مصاري من أي واحد بيخص بالدولة الليبية فهم متهمينه إنه راح ليبيا أكثر من مرة ودفع تذكرته والأوتيل والأشياء هيك إجت من الدولة الليبية، بيحكوا إنه راح على مؤتمر في ليبيا، وهذا هو الوحيد الإشي اللي هم متهمينه فيه كل إشي ثاني وكل إشي تاني ما إله دور قانوني وكل هذه إله دور سياسي، يعني اليوم يعني مثلاً الأخبار والإشي يوم يقروا الاتهام ضده يقروا كل الأشياء الثانية عنه.

حافظ الميرازي: نعم.

كمال نعواش: ما بيعرفوش الفرق إن هذا قانوني ولا غير قانوني، so بيخربطوا الموضوع كله.

حافظ الميرازي: لكن المدعين الأميركيين وهذه المرة خرجوا بوضوح يتحدثون عن أن.. أنه تم ضبط مبلغ 340 ألف دولار في مطار لندن كان يحملها وهو قادم من ليبيا وهي نقداً وكان سيأخذها إلى سوريا، ثم اتهامات جديدة بأنه ربما كان يأخذ هذه الأموال (340 ألف) إلى منظمات في دمشق.. حماس والجهاد الإسلامي وغيره للتأكيد على اتهامات سابقة للعمودي بدعمه لحماس والجهاد.

كمال نعواش: بس مضبوط هذا إشي حاكيينه بس مش متهمينه بهذا الحكي رسمي.

حافظ الميرازي: في الاتهامات الرسمية.

كمال نعواش: اللي متهمينه.. هذا.. هذا الحكي بيحكوه على التليفزيون، هذا الحكي بيحكوه بالجرائد بس الاتهام الرسمي إنه راح على ليبيا بدون رخصة، كل إشي ثاني هذه يعني بتذره بعين كل الشعوب.. الشعوب العرب والشعوب الأميركان إشي إنه الواحد يسمع إذا بس.. إذا بس حكوا إنه إحنا حبسناه عشان راح ليبيا بدون رخصة، هه شو يعني، بس يوم يحكوا إنه كان معه 300 ألف دولار ويبنوا قصة كبيرة يعني الواحد بينسى إنه بس متهمينه إنه راح على ليبيا وبيفكر إنه هذا إنسان إرهابي، لو مضبوط اتهامه إنه رايح على سوريا يدعم الإرهاب أو إشي ليش ما يتهموه بهذا الإشي رسمي، مش متهمينه.

حافظ الميرازي: نعم، هل عدم الاتهام بسبب أنه.. أنه هذا..

كمال نعواش: ما عندهمش إثبات.

حافظ الميرازي: لا يوجد إثبات.

كمال نعواش: ما عندهمش إثبات بالمرة، والأشياء اللي متهمينه فيه مش غير قانوني يعني لو كان معاه، خلينا نحكي أنه كان معه 300 ألف دولار أو 350 ألف دولار كاش في بريطانيا شو يعني.

حافظ الميرازي: بريطانيا لا يوجد أي اتهام يعني حين قيل أن السلطات البريطانية صادرتها منه.

كمال نعواش: نعم، صادرتها منه.

حافظ الميرازي: وتركته يمر.

كمال نعواش: آه، ما حبسته ما سجنته، مش ممنوع يعني فيش فرق بين خمسين دولار و500 ألف دولار تحطه في جيبتك، ما مضبوط بيقدر يشك ليش بني آدم حامل معاه 300 ألف دولار وإحنا مش حاكيين إنه كان معاه 300 ألف دولار بس خلينا نحكي إنه.

حافظ الميرازي: الافتراض.

كمال نعواش: نفترض أن الاتهام مضبوط مش ممنوع، وماتنساش العمودي إنسان اللي عنده مؤسسة في أميركا بيساعد الفقراء، عنده مستشفى ببلاش للناس، إذا ومن الأشياء اللي كان يهتم فيها العمودي كتير إذا المرة أو الزوجة كانت تغضب من زوجها كان يحطوها في البيت ويديروا بالهم عليها. المصاري كانت تجيهم من بره كانوا يصرفوها في أميركا، وكانوا يلموا مصاري من وين ما كان هذا إشي عادي.

حافظ الميرازي: نعم.

كمال نعواش: so هم حاولين يرسموا قصة كبيرة، بس مش.. بس عشان ما عندهمش إثبات مش متهمينه إشي رسمي في هذا الإشي.. لو تتطلع في إشي رسمي ما بتشوف هذا الإشي بالمرة.

حافظ الميرازي: أحد الأشياء التي كانت يقدمها عبد الرحمن العمودي هي تبرعات لسياسيين أميركيين في حملاتهم الانتخابية سواء في الكونجرس حتى في البيت الأبيض وربما بدأت المشاكل السياسية لعبد الرحمن العمودي مع هذه الإدارة أو منذ عام 2000 حين أعاد (جورج دبليو بوش) المرشح الجمهوري وقتها تبرعات قدمها، (هيلاري كلينتون) المرشحة لمجلس الشيوخ في نيويورك وقتها، أعادته، وكان ذلك بسبب حديثه في مظاهرة لدعم الانتفاضة الفلسطينية بأننا كلنا حماس إن كانوا يقولون هذا عن حماس أو حزب الله.

كمال نعواش: هذه بصراحة أكبر غلطة وهو بيعترف فيها، أكبر غلطة عملها العمودي، العمودي..

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: غلطة من الناحية السياسية رغم إن حرية التعبير عن الرأي قائمة في هذا المجال..

كمال نعواش: من كل.. من ناحية التعبير عن الرأي هو قانوني، الحكاية مش.. مش غير القانون، بس الغلط لأن العمودي غير عن كثير (قادة) إسلاميين إنه بالمرة ما بيآمنش بالعنف، من مرة بيآمنش بالعنف، وما بيآمن.. ما بيقبل العنف لا من حماس لا من حزب، هذا أفكاره من جوه، ويوم حكى هذا الحكي، كان هيك بيحكي مع الجمهور ومش مفكر شو بيحكي وهذا الإشي اللي طيحته لتحت كان هذا الوقت.. كان العمودي واصل لدرجات عالية من أول مسلمين في أميركا كان ده يعني دخل.. دخل الـ White House أكثر من رئيس الوزارة في الوقت هذاك، كان رايح جاي على الوزارة وهذه نزلته وذرت كل.. ذرت كثير شغلات..

حافظ الميرازي: استغلت ضده.

كمال نعواش: وهو معترف إنها غلطة.. غلطة كبيرة.

حافظ الميرازي: أعتقد كمال أنت يعني ناخذك من جانب المحامي، أنت مرشح كعربي أميركي مرشح نفسك لعضوية مجلس التشريعي في ولاية فيرجينيا والآن أعتقد أنه منافستك تحاول تستغل بأنك مرة تبرع لك العمودي وإنك رجعت الأموال إليه قبل اعتقاله.

كمال نعواش: نعم، لابد أنا مضبوط أنا مرشح حالي للسينت في جوه فيرجينيا والانتخابات ماشية قوية يعني إحنا.. إحنا آخر إحصائيات عملناها كنا واصلين لـ 47% يعني آخر نتائج (…).

حافظ الميرازي: نعم وأنت.. أنت تتنافس مع عضوة.

كمال نعواش: لها 8 سنوات.

حافظ الميرازي: لها 8 سنوات أصلاً في مجلس شيوخ ولاية فيرجينيا.

كمال نعواش: نعم so يوم تصل.. يوم يجيك واحد من بره هيك ويقرر إنه بده يغلبك راح يعني عادة.

حافظ الميرازي: تستخدم أي شيء.

كمال نعواش: راح تستعمل أي شيء تحتك إنك تغلبه، يعني من أول شيء عملت راحت هي اللي ضربت تليفون مثلاً لجريدة "البوست" حكت إلهم إنه كمال أخذ مصاري من العمودي..

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: هي لست معنا فأنا لا أستطيع في الواقع أن أدعم.. أو أؤكد أو أدعم ما تقوله عنها، لكن أنت من ضمن أيضاً.. على الأقل "الواشنطن بوست" تقول أنت من ضمن الذين أعادوا أموال العمودي يعني.

كمال نعواش: نعم.. نعم.

حافظ الميرازي: يعني ليس فقط سياسيين أميركيين.

كمال نعواش: نعم، لأ يعني لأنه العمودي إنسان كويس أنا.. أنا كمحامي بآمن 100% إن العمودي بريء، إن العمودي ما كسر القانون من ناحية.. من ناحية .. قانونيا ما سواش إشي شو غلط…

حافظ الميرازي: لكن أنت.. لكن الاستخدام السياسي السلبي.

كمال نعواش: بس من الناحية السياسية.. بس من الناحية السياسية غلط كثير..

حافظ الميرازي: نعم.

كمال نعواش: الحكي اللي حكاه قدام البيت الأبيض، وهو بيعترف هذا مش كلامي أنا..

حافظ الميرازي: نعم المظاهرة أو غيره.. نعم.

كمال نعواش: هذا كلامه هو، إنه كلامه إنه غلط، يعني أنت يوم بدك تقوي الجالية في أميركا يوم بدك.. لازم برضو تحافظ على الكلام اللي بدك تحكيه وكل هذا الإشي، هو غلط وضر حاله وبرضو إذا أنا بدي أخذ مصاري منه يعني بغض النظر عن شو بأحس فيه راح تضرني.

حافظ الميرازي: طيب، هناك فارق بين إنك تقول أشياء يعني حين لا تتسق مع التيار العام وتكون سياسية خطأ لما.. حين (ترينت لود) زعيم الأغلبية حتى في مجلس الشيوخ يقول أشياء عن الأفريقيين.. الأفارقة الأميركيين أو أشياء تضرهم ويخبو نجمه السياسي، لكن أن نصل إلى اعتقالات، إلى سجون، إلى حتى عدم الإفراج عن شخص بكفالة لحين التحقيق معه مع كل بروزه، هل هناك خطوة أخرى تأخذها هذه الإدارة ووزارة العدل تحت (أشكروفت) لا يوجد فيها أي حدود مع مسلمين أميركيين أو مع أي أحد مهما كانت مكانتهم.

كمال نعواش: أنا لليوم بآمن إن الدولة الأميركية مش ضد المسلمين، ومش ضد العرب، هذه الدولة لليوم فيها عدل، أنا بآمن في هذا الحكي 100%، الغلط اللي بيصير إنه بعد سبتمبر eleven، أميركا تغيرت 100% صار خوف في هذه البلد، والمشكلة اللي صار عشان الخوف صار إن 3000 واحد ماتوا بوقت صغير، وصار ضغط على الدولة أنها تلاقي حل إن هذا ما يصيرش ثاني مرة، صار بدهم يلاقوا حل بأسرع وقت، المشكلة إنهم ما بيعرفوا هم عشان ما كان هم يفهموا الجالية تبعتنا، ما بيعرفوا الإنسان الكويس المسلم أو العربي الكويس من المسلم العربي القطاع الطرق مثلاً، المش كويس، هذه المشكلة تبعتهم، وأنا بأشوف إنه يعني يوم بيحاولوا يضبطوا المجرمين مثلاً ضبطوا كثير بريئين وهذه المشكلة اللي بنحاول نغيرها.

حافظ الميرازي: نعم، يعني أنت مازال لديك الأمل في أن هذه عاصفة سرعان ما ستنقشع ولن يكون هذا هو الاتجاه للدولة البوليسية في أميركا.

كمال نعواش: no.. no.. no ، أميركا مش من نوع الدولة هيك، أميركا ما بتستفيد يعني هي.. ما بآمنش بالمرة إنها ضد الإسلام ولا ضد العرب هذه أميركا ما بتفكر هيك، لو أميركا بتفكر هيك كان ما كانتش أول دولة في العالم.

حافظ الميرازي: كمال نعواش شكراً جزيلاً لك.

كمال نعواش: شكراً لك.

حافظ الميرازي: كمال نعواش (المحامي العربي الأميركي وأحد فريق المدافعين عن الناشط الإسلامي الأميركي عبد الرحمن العمودي).

أشكركم، وإلى اللقاء في حلقة أخرى من برنامجنا (من واشنطن) مع تحيات فريق البرنامج في الدوحة وهنا في العاصمة الأميركية، وتحياتي.. حافظ الميرازي.