ستيفان مورغان / المغرب
أصدقاء العرب

ستيفان مورغان.. إنشاء مشروع سياحي في المغرب

جاء إلى المغرب لأول مرة عام 1988 في رحلة عمل تلبية لدعوة أحد الموردين.. سمحت له الزيارة باكتشاف مراكش لأول مرة.

undefinedستيفان مورغان: جئت إلى المغرب لأول مرة عام 1988 في رحلة عمل في نهاية الأسبوع، جئت بصحبة زملاء لي في العمل تلبية لدعوة أحد الموردين وكانت نهاية أسبوع رائعة سمحت لي باكتشاف مراكش لأول مرة، عدت إلى المغرب ثانية عام 1999 وأيضا في رحلة عمل استمرت لبضعة أيام وأحسست أنه ينقصني شيء فزوجتي لم تكن هنا وزوجتي من أصل جزائري من قسنطينة.. كانت تحكي لي عن طفولتها عندما كانت تزور جديها، لذلك فقد شعرت أن هنالك عنصرا مفقودا فهي لم تكن معي لتشاركني الروائح والأشياء التي تعرفها لذلك أحسست فعلا أن هناك أمرا مفقودا، تزوجنا في فبراير/ شباط 2000 واخترت المغرب لقضاء شهر العسل، جئنا إلى هنا لثلاثة أسابيع في شهر العسل وطفنا المغرب من شماله إلى جنوبه طول المدة ثم عدنا لقضاء بضعة أيام في فرنسا لأننا كنا قد قررنا الذهاب إلى بانكوك في تايلند والاستقرار هناك ورغبنا في تأسيس منزل للضيافة وبعد عودتنا إلى فرنسا وضبنا حقائبنا واستقلينا السيارة إلى مراكش، قمنا بجولة فيها ولم نغادرها منذ ذلك الحين وهكذا غيرنا وجهتنا، فقبل رحلة شهر العسل كنا نفكر في الاستقرار في بانكوك وها نحن هنا منذ فبراير/ شباط 2000، لماذا اخترنا المجيء إلى مراكش؟ في الحقيقة لم نتردد أبدا، في البداية زرنا ساويرا وبقينا فيها بضعة أيام وهي مدينة صغيرة لكن بما أننا كنا نفكر في إنجاب الأطفال كان علينا التفكير في تعليمهم ومن الناحية الطبية كان يُفترض وجود مستوصف، كنا نبحث عن الضمان الصحي نوعا ما وفي مراكش توجد مدارس جيدة من مدارس مغربية وفرنسية وثانوية أميركية أيضا وفيها عيادات تضم أطباء بارعين جدا، أنجبت زوجتي طفلتنا الثانية هذا العام في مراكش، قررنا أن ننجب ابنتنا الأولى في فرنسا لكن هذه المرة أحسسنا أننا نعيش في أمان في مراكش فهي تقدم كل وسائل الراحة الصحية والتعليمية التي نجدها في فرنسا أو أي بلد غربي، لا يوجد فرق إطلاقا.. لكل تلك الأسباب اخترنا مراكش.

الاستقرار في المغرب وإنشاء مشروع سياحي

"
اشترينا منزلا في مراكش وحولناه إلى بيت للضيافة، وبالتعاون مع شريك فرنسي أنشأنا بوابة تجمع كل المنازل المستقلة في عنوان واحد على الإنترنت لجذب السياح وسميت بوابة "تير ماروك" أو أرض المغرب
"

لدى وصولنا إلى مراكش درسنا عدة مشاريع من بينها شراء منزل قديم أو رياض لتحويله إلى بيت للضيافة، في البداية كان هنالك مشاريع قليلة مشابهة والقليل من المنازل كان مفتوحا للزوار حينها لذلك اشترينا هذا المنزل مباشرة وبدأنا أعمال الترميم التي استغرقت 24 شهرا.. أي سنتين لترميمها تماما ومنذ شرائه انكببنا على التسويق للمنزل، فكرنا كيف سنملأ المنزل وكيف سنعثر على السواح وبحثنا في طرق مختلفة لذلك كالصحافة والمجلات وكانت الإنترنت هي إحدى طرق الإعلام الممكنة، ببساطة نظرا لعدد المنازل التي اُفتتحت في تلك الفترة مما أدى إلى زيادة الحاجة لتنسيقها لذلك فكرنا إنشاء بوابة بالتعاون مع شريك فرنسي تجمع كل تلك المنازل المستقلة في عنوان واحد على الإنترنت وقد كان ذلك سهلا للغاية فيما يتعلق بتنسيقها في مراجع فقد جمعنا كل مَن يزاولون مهنة واحدة على عنوان واحد مما يسمح لمتصفح الإنترنت بالتنقل بينها بسهولة أكبر كما يفعل دليل الهاتف، كان عنوانا عاما يضم مهنة واحدة وهكذا أنشأنا هذه البوابة التي تسمى (تير ماروك) أو أرض المغرب، في البداية فكرنا في إدراج أسماء بعض الأصدقاء لكن تسارعت الأمور وأدرجنا جميع المنازل في المغرب في دليلنا ولدينا زبائن يدخلون إلى حيز المشتركين، بالطبع الدليل محاني وفيه صورة للمنزل المدرج، فنحن ندرج جميع منازل الضيافة مجانا على دليلنا لكن بالإضافة لذلك لدينا زبائن يرغبون في أن نطور لهم موقعا على الإنترنت وبالتالي فإن هذه المنازل لها حضور أهم في قلب البوابة وللتحضير لذلك لدينا مصور وفريق تصوير فيديو.. نقوم بإعداد النص ولدينا فريق مترجمين ونقوم بإدارة كامل عملية تطوير مواقعهم الإلكترونية والفكرة من اللجوء إلى الإنترنت في ذلك الوقت كانت إمكانية تأجير لا بيع خدماتنا، لذلك فالملاك يدفعون اشتراكا في النظام وهم يدفعون اشتراكا شهريا يشمل إنشاء الموقع والإدراج على الدليل والاسم الذي يسمح بالعثور على عنوانهم أي عنوان الموقع والصور ونقوم بتأجير كل ما سبق مقابل، لا نبيع شيئا.. لدينا تعريفتان للاشتراك ويمكن الاشتراك بأي منهما وهذا يشمل التعديلات والإدارة وكل شيء لذلك فقد كان ذلك أمرا جديدا في ذلك الوقت وبما أن الموقع نجح في المغرب اتجهنا إلى بلدان أخرى وبدأنا في بلد مجاور وهو موريتانيا، صحيح أنه سوق صغير جدا إلا أن التواجد في سوق صغيرة مثير للاهتمام بالتأكيد لا نجني منه المال لكننا نحاول تطوير هذه الصناعة في بلد تحتاجها لذلك فنحن موجودون في موريتانيا، بدأنا توا موقعا على الإنترنت في السنغال أي الجزء الإفريقي وهكذا لدينا المغرب… "تير ماروك" "تير موريتاني" و"تير سنغال" وبالاتجاه شمالا أنشأنا في إسبانيا "تير إسباني" وتوجهنا إلى جنوب فرنسا في مقاطعة بروفانس مع موقع تير بروفانس وشمالا في مقاطعة بريتانيا وهي منطقتي الأم وأنا متعلق بها أيضا، أنشأنا هناك تير بروتاني ثم أنشأنا الآن تير إيرلند. في البداية كنا شريكين، هو كان يهتم بالناحية التقنية وأنا كنت أهتم بما له علاقة بالصور والتعبير الفني والتسويق، أما الآن فيساعدنا 50 موظفا محترفا، عندما أرى أشخاصا أوروبيين يرغبون في تأسيس مشاريع تقنية في المغرب أراهم دائما يشككون في إمكانية العثور على طاقم عمل كفء لكن المغاربة متعلمون جدا ولدينا فريق من مصممي مواقع الإنترنت في فرنسا وهم بارعون جدا، تمكنوا وما زالوا يطورون لنا جميع البوابات، كما يوجد هنا أشخاص كفؤ مثلهم تماما متوفرون دائما ويرغبون في العمل وقد شكلنا طاقم عمل جيد، لدينا أناس يريدون فعلا أن يعملوا ويدركون مفهوم النوعية ويقدمون عملا ممتازا ولا أرى فرقا بين العمل وإدارة فريق في أوروبا وبين إدارة فريق في المغرب، المشكلة الوحيدة هي بما أنني لا أتكلم العربية فإنني أحاول توظيف أشخاص ومعاونين يتقنون الفرنسية مما يسمح لي بإدارة حوار معهم والتفاهم بشكل جيد.

زوجة ستيفان مورغان: الحاجز الوحيد بالنسبة لي كان حاجز اللغة فأنا لا أتكلم العربية بطلاقة بما أننا ولدنا في فرنسا من أم فرنسية فقد كانت اللغة الأم هي اللغة الفرنسية بينما بقيت العربية لغة ثانية، لكنني أكرس وقتي لتعلمها يوميا حتى إنني أستعين بمدرس خاص، فمن المهم جدا تكلم لغة أهل البلد الذي نعيش فيه، بالنسبة إلى ستيفان كان المجيء إلى المغرب سهلا فقد تكيف مباشرة مع محيطه، بالنسبة له لا توجد حواجز فالإنسان يبقى إنسانا فهو ينطلق ويبحث عن اتصالاته ويتصرف بأسلوبه كي يعبر عن أفكاره لأشخاص لا يتحدث لغتهم، يستطيع أن يوضح أفكاره وهو يشع بطاقة وينقلها للآخرين وهي بذلك تظهر جلية، لقد وجد هنا أرضا مضيافة وهو يشعر أنه في بلده هنا فنحن من أهل مراكش.

[فاصل إعلاني]

ستيفان مورغان: أراد صديقاي فيليب وكورين العناية بأحد الشبان، كان يُفتَرض بالرعاية الطبية أن تتم في فرنسا لكننا واجهنا مشاكل فقد استحال علينا نقله إلى فرنسا للحصول على الرعاية فالسلطات لا تسمح بذلك، لذلك سعينا لكي نعتني به في المغرب وكانت فرصه في النجاة ضئيلة فقد سبق له أن خسر 12 أخا وأختا بسبب هذا المرض ولم نكن نعرف في البداية ما هو المرض، أجرينا فحوصات استمرت شهرا كامل،ا كان يُفترض به أن يخضع للجراحة في 9 أيلول لكن في 8 أيلول طلب البروفسور الذي كان سيجري له العمل إيقاف كل شيء إذ كان قد عرف ماهية المرض وكان ببساطة مرضا تحسسيا في الجهاز الهضمي ولم يكن عليه اتباع نظام غذائي فحسب وبسبب عدم اتباع هذا النظام توفي 12 من أشقائه وشقيقاته.

الانخراط في العمل الخيري

"
جمعية ألتر إيغو تهدف إلى العناية بعدد أكبر من الأشخاص في المغرب، ليس فقط في مجال التطبيب، وإنما في جميع المجالات التي نستطيع من خلالها التحرك بتقديم المساعدة المالية تحديدا
"

فيليب- صديق ستيفان مورغان: أخذنا على عاتقنا هشام الصغير، بدأ تشخيص المرض يظهر لكن اضطررنا للسفر وبما أن تأجيل فحوص وعلاج هشام لم يكن ممكنا فقد طلبنا العون من ستيفان الذي لم يكن مستعدا ورغم أنه لم يكن يعرف شيئا عن هشام أو الطب إلا أنه هب فورا ليتسلم مسؤولية هشام وعلاجه الطبي وهذا يعني مرافقته إلى المستشفي والانتظار معه لفترة من الزمن إلى أن يعاينه الأطباء المسؤولون ومن ثم مرافقته إلى منزله فحينئذ لم تكن هناك وسائل نقل متوفرة أمامه واصطحابه إلى المختبر سواء في الصباح الباكر أو المساء والحصول على نتائج التحليل ومن ثم إرسالها إلى فرنسا وإلى البروفيسور الذي كان يهتم بحالته هنا في مراكش للسماح بتشخيص مرض هشام وبعد ذلك أخذ علاجه على عاتقه، بعد ذلك كان ستيفان متحمسا جدا تجاه هذا العمل فقام بتطويره من خلال إنشاء جمعية ألتر إيغو التي تهدف إلى العناية بعدد أكبر من الأشخاص في المغرب وليس فقط في مجال التطبيب أو التشخيص وإنما أيضا في مجال العناية وفي جميع المجالات التي نستطيع من خلالها التحرك بتقديم المساعدة المالية تحديدا، فهم يعملون في مجال السياحة حين يمكن الحصول على النقود وحيث يمكن التأثير بالكثيرين كما أنه لدى ستيفان وسيلة اتصال مهمة للغاية مما سمح لنا بجمع المال وتوظيفها فيما بعد في تطوير مشاريع في الجمعيات، ثم اقترح ستيفان بعد أن رأي تحسن هشام توظيفه في هذه الجمعية التي تمثل استمرارية للعمل الأولى وبذلك يشكل الصلة بين هشام والجمعية والشبكة التي تكونت بين جميع العاملين في هذه ألتر إيغو.

ستيفان مورغان: نحصل على المال من بيوت الضيافة فقد طلبنا منهم تقديم يورو واحد مقابل كل غرفة يتم استئجارها وهذا مبلغ زهيد لكن إن احتسبت جميع المنازل والغرف المستأجرة في مراكش فإن المبلغ يصبح كبيرا، لبى طلبنا حتى الآن حوالي أربعين بيتاً ونبحث كل يوم عن بيوت جديدة ويقوم هشام بجمع هذا المال وهو أول موظفي جمعية ألتر إيغو، يذهب من بيت لآخر ليجمع المبالغ التي يود المالك أن يقدمه من إجمالي أرباحه. المشروع الجديد الذي نقوم فيه في جمعية ألتر إيغو هو وضع صناديق في كل بيت ضيافة وفندق في مراكش وحث السياح على التبرع لهذه الجمعية وكل هذه الصناديق هي من صنع حرفي قام بتقديمها لنا بغاية اللطف، هي صناديق جميلة من النحاس الأصفر وقد قدمها لنا كهدية فبالمجمل هناك حوالي 100 صندوق طلبنا منه صناعتها وتقديم فاتورة بها لكن عندما شرحنا له هدف جمعيتنا قام بإهدائنا إياها، إنها هدية من أحد الحرفيين.

الحرفي صانع الصناديق: غالبية العاملين في جمعية ألتر إيغو هم أصدقاء وهم أناس قاموا بتوظيفنا في البداية قبل ست سنوات وهم يقيمون تظاهرة إنسانية وقد أثرت بنا كثيرا والمغرب بحاجة إلى تظاهرات وجمعيات كهذه نقدر البادرة التي قاموا بها وبدورنا نستطيع أن نساعدهم بالمواد وبالمال، أعضاء جمعية ألتر إيغو هم أشخاص يريدون الخير للمغرب وهم يساعدون المحتاجين.

ستيفان مورغان: ما أن نستلم الهبة في مغلف مخصص لذلك نقوم بتأكيد استلام الهبة عن طريق البريد الإلكتروني فورا وخلال 48 ساعة وهذه الهبات تظهر على موقعنا على الإنترنت alterego-maroc.com وعلى هذا الموقع نوضح بالتفصيل كيفية إنفاق هذه الهبات لكي تكون العملية شفافة تماما، فعندما يقدم الناس الهبات يساورهم الشك إن كانت النقود ستوظف بشكل جيد، لذلك فالإنترنت ستساعدنا كثيرا في هذا المجال فمتصفح الإنترنت أو السائح سيرى أنه قدم المال وسيرى المبلغ، سيكون كل شيء واضح على الإنترنت وسنشرح له ماذا فعلنا بالنقود. بدأنا حاليا بتمويل مشروع لجمعية اسمها كوتوبيا وهي جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة وفي هذه المرحلة الأولى نقوم بتجهيز مكان إقامتهم كالمرافق الصحية المطبخ وأمور أخرى، سبق أن مولنا عملية تجهيز جزء من المرافق الصحية وتكاد الأعمال تنتهي.

أحد العاملين في جمعية كوتوبيا: المشروع الكبير الذي دعمته جمعية ألتر إيغو هو مشروع الآلات التعويضية والإصلاح الذي استفاد منه عدد كبير من المعاقين بما فيهم غير المنخرطين في الجمعية، إذ أن المعاقين هنا في مراكش كانت لديهم مشكلة هي أن آلاتهم التعويضية أو كراسيهم المتحركة عندما تتعطل لا يجدون مَن يصلحها، الآن حلت هذه المشكلة لأن المعاقين أصبحوا يلجئون إلى المؤسسة لتصليح آلاتهم، ما يعني أنهم يستفيدون من هذا المشروع وجمعية ألتر إيغو ستساعدنا على خلق فرص عمل لقرابة خمسين معاق وهو عدد قليل لكننا نطمح لأن تحاول الجمعية الوصول بالعدد إلى 270 أو 300 معاق وهذا هو الهدف الذي لم تتمكن من الوصول إليه حتى الهيئات الكبيرة، نحن لدينا ثقة كبيرة في ألتر إيغو ونحن حينما نتصل بهم يأتون ويناقشون معنا مشاكلنا وهذا أكبر دليل على أن هؤلاء يريدون دعمنا والتعاون معنا.

ستيفان مورغان: اليوم يحمل طابع خاص بعض الشيء فنحن ننظم من وقت لأخر بعض النشاطات ونشاط اليوم هو التزلج على الثلج، نحن في مكان يبعد مسافة ساعة عن مراكش على ارتفاع 2500 متر، مسالك التزلج المرتفعة تبدأ على ارتفاع 3000 متر ونحن نتزلج بالنسبة للكثيرين، ها هو هشام إنه اليوم الأول وهذا جيد وسنحاول كلنا تمضية نهار ممتع من خلال ممارسة رياضة التزلج وسنختتم اليوم بعشاء في مراكش في رياض ما، نحاول مؤخرا أن نقيم نشاطات للفريق، في المرة الأخيرة نظمنا يوما لكرة القدم وقد نظمنا قبل أيام مباراة بين موظفي المؤسسة وهذا أول نشاط لنا في الجبال وهذه اللقطة تم تصويرها بالكاميرا. هل نجحت في حياتي هنا؟ بكل تواضع أقول أجل ومن العلامات الأبرز لهذا النجاح كوني كونت عائلة من طفلتين في المغرب، لدينا فريق جيد ونحن نتسلى كثيرا ونعيش في بلد مذهل والطقس رائع جدا، لدينا الثلج على مسافة ساعة من مراكش وهذا أمر لا يصدق، أعتقد فعلا أننا نجحنا.