الاقتصاد والناس

كيف انعكس تعويم الجنيه على معيشة المصريين؟

ناقش برنامج “الاقتصاد والناس” القرار الذي اتخذته مصر يوم الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتحرير كامل للجنيه، وانعكاس ذلك على المشهد الاقتصادي ومعيشة المواطنين.

كان الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي علامة فارقة في المشهد الاقتصادي والمعيشي للمصريين، وهو اليوم الذي اتخذت فيه الحكومة قرارا بتحرير كامل للعملة الوطنية (الجنيه).

لم يكن القرار الوحيد العام الماضي، غير أنه كان الأبعد تأثيرا في حياة المصريين حيث خسر الجنيه أكثر من 150% من قيمته أمام الدولار.

هناك مجموعة من العوامل أدت إلى تعويم الجنيه، وبالتالي الضغط الكبير على احتياطيات البلاد من العملة الصعبة التي هبطت من 36 مليار دولار إلى 16 مليارا.

مسّ هذا القرار المواطنين من الطبقة المتوسطة والفقيرة، وترك أثره على المشهد الاقتصادي، وهو ما عاينه برنامج "الاقتصاد والناس" في حلقة السبت (2017/1/14)).

عوامل سابقة
من العوامل التي سبقت التعويم، انخفاض مردود السياحة إلى 3.8 مليارات دولار بعد أن كانت تدر حوالي 11 مليارا عام 2011. أما الاستثمارات الأجنبية فقد بلغت خمسة مليارات العام الماضي مقارنة بـ 13 مليارا عام 2010.

قناة السويس التي تعد من أهم موارد العملة الصعبة بلغت إيراداتها خلال الشهور العشرة الأولى من العام الماضي 4.2 مليارات دولار، بتراجع نسبته 3.7%.

أخيرا، بلغت تحويلات المغتربين 19.2 مليار دولار عام 2013، ووصلت العام الماضي 12.4 مليارا بنسبة تراجع تقدر بنحو 35%.

هل كان التعويم الحل الأوحد لما تعانيه مصر من أزمات اقتصادية؟

يرى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أنه كان بالإمكان بدل التعويم تنشيط قطاع السياحة وقطاع الصادرات الذي تراجع، ولكن قبل كل هذا إحداث استقرار سياسي يجلب الاستثمارات والسياح.

الحل الأسهل
ووفقا للمتحدث، فإن الحكومة اختارت الحل الأسهل، بناء على ضغوط السوق والمضاربين وصندوق النقد الدولي. وفي المقابل لم توفر آليات مساندة للتعويم مثل تلبية البنوك لاحتياجات التجار والمستوردين والمستثمرين، ما عطل القضاء على السوق السوداء المستهدفة -كما يفترض- بهذا القرار.

أما حافظ غانم نائب مدير البنك الدولي فقال إن قرار التعويم كان ضروريا، لكن ذلك يقتضي أيضا تحسين مناخ الاستثمار وتحسين التعليم وبرامج لمساعدة الناس الأكثر فقرا وتنمية المناطق الريفية وخصوصا الصعيد.

وحول من ربح من تحرير سعر صرف الجنيه ومن خسر، قال المحلل المالي طه عبد الغني إن الرابح بالضبط هو البنك الدولي، وإزاء ذلك ارتفعت تكلفة الواردات بشكل كبير. هذا الارتفاع حمّل على أكتاف المستهلك المصري.

قطاع الدواء
أسعار الأدوية سجلت ارتفاعا بعد التعويم بقيمة 60%. وهنا يقول عضو نقابة الصيادلة سابقا محمد فتحي إن الارتفاع لم يمس الأدوية فقط بل المحاليل الطبية التي لا غنى عنها بالعمليات الجراحية، إذ وصل سعر الكرتونة ذات الـ 24 عبوة إلى ستمئة جنيه، بعد أن كان بـ 42 جنيها.

وواصل القول إن المسؤولية عن المريض بمصر تقع على عاتق الحكومة، لافتا إلى أن الشركات الحكومية التي توفر أدوية بأسعار معقولة لا تلقى دعما حكوميا، بل تواجه تعويقا وضغطا يستهدف خصخصتها وبيعها.

وعن استفادة المغتربين، قال عمرو سيد مدير فروع صرافة في الدوحة إن قرار التعويم قضى على أكثر من 80% من السوق الموازية التي كانت تستقبل حوالات المغتربين.

وبين أن العمالة المصرية بدأت ترسل حوالاتها مباشرة إلى البنوك بعد أن أصبح الدولار قريبا من السوق الموازية، مفيدا أن وصول الدولار إلى 19 جنيها زاد كثيرا من حوالات المصريين.

لكن أحد العاملين المغتربين يقول إن مبلغ ألف ريال قطري كان يساوي ألفي جنيه، والآن أصبحت القيمة تزيد على خمسة آلاف، لكن هذا -فيما يبدو مغريا- يوازيه ارتفاع كبير بالأسعار يجعل الأمر في النهاية هو هو.