الواقع العربي

واقع الأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي

استعرض برنامج “الواقع العربي” واقع الأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي، وطرح أسئلة حول مفهوم هذه الأقليات وواقعها ومستقبلها، إضافة إلى تأثير ثورات الربيع العربي في إيقاظها.

ظلت الأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي تؤكد أنها نبت أصيل ضمن مكونات أوطانها، وتطالب بحقوقها في التمتع بالمواطنة الكاملة والمساواة التامة أمام القانون في الحقوق والواجبات.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول العربية نحو تحقيق الاستقرار واللحاق بركب الحداثة، تظل هذه الدول تنظر بتوجس إلى كل نزعة تطرح بُعدا خارج الدائرة الوطنية، فضلا عن أن يقود ذلك إلى حراك انفصالي يزيد المقسم انقساما وتقسيما.

ويطرح واقع الأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي تساؤلات حول مفهوم هذه الأقليات وواقعها ومستقبلها، إضافة إلى تأثير ثورات الربيع العربي في إيقاظها.

مكونات أصلية
وبشأن مفهوم الأقليات، رأى المؤرخ العراقي علي النشمي أن تسمية هذه المجموعات "بالأقليات" تسمية خاطئة واستفزازية، ولا تنطبق على الواقع لأنهم يمثلون سكان البلاد الأساسيين قبل دخول العرب، ونادى بتسميتهم بدلا عن ذلك "بالمكونات الأصلية"، وأوضح أن مفهوم "أقلية" له مدلول سياسي ونفسي انعكس على الممارسات الحياتية، وأصبح هناك مواطن درجة أولى وآخر درجة ثانية.

واتهم النشمي في تصريحاته لحلقة (5/7/2015) من برنامج "الواقع العربي" الأنظمة القومية في البلاد العربية بإهمال هذه الأقليات، والتعامل معها باعتبارها عاملا "مقللا" من قوة الوحدة الوطنية. وأضاف أن هذه الأنظمة حرمت الأقليات من التجمعات السياسية والثقافية، ومارست ضدهم أقسى عمليات الاضطهاد.

وعن الدور الذي لعبته ثورات الربيع العربي في إيقاظ هذه الأقليات، قال النشمي إن دور الربيع العربي كان معكوسا في بعض الدول -مثل سوريا وليبيا– التي كانت أنظمتها الدكتاتورية والشمولية تعطي هذه الأقليات بعضا من الحقوق، ولكن عندما سقطت هذه الأنظمة برزت على الساحة المليشيات المسلحة التي فرضت حكم القوة، وحرمت هذه الأقليات من أبسط حقوقها.

ولتحقيق صدقية رسائل التطمين بين الجانبين، دعا إلى أن تكون ممارسة الحكم في إطار دستور حقيقي يستفتى عليه الشعب، وأن يتم إعطاء الحقوق للجميع وعدم اللجوء إلى المحاصصات السياسية في الحكم، إضافة إلى تحقيق نوع من الرخاء الاقتصادي.

الطائفية الأميركية
من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية سالم الأبيض إن الحساسية التي تصاحب إثارة موضوع الأقليات ليست مقصورة على المنطقة العربية، فهناك الكثير من الحساسية تصاحب إثارة الموضوع عند الحديث عن الأقليات في إقليم الباسك بإسبانيا ومناطق أخرى في مثل جزيرة كورسك في فرنسا.

وأرجع الأبيض الخوف في الوطن العربي من قضايا الأقليات إلى أنها كانت تستخدم من قبل الاستعمار عاملا لتفتيت الدول بدلا من أن تكون محفزة على الوحدة، ولكنه أشار إلى تجربة مختلفة تتمثل في حصول البربر والأمازيغ في المغرب على مكاسب كثيرة تمثلت في الاعتراف بلغتهم وأصبحت لهم مؤسسات أكاديمية ووسائل إعلام خاصة بهم.

وبحسب رأيه، فإن إحساس المواطن العربي بالاختلافات الثقافية لم يكن موجودا قبل دخول الأميركيين إلى العراق والذي سمح للطائفية والعرقية بالظهور، وضرب مثلا على ذلك بالثورة الجزائرية التي قادتها مجموعات تنتمي إلى العديد من الأقليات الشاوية والأمازيغية والبربرية ولم يشعروا بأنهم مختلفون، مشيرا إلى أن عراق صدام حسين وقف فيه "السني والشيعي والمسيحي والكردي جنبا إلى جنب دون تفرقة أو تمييز".