المشهد الثقافي - الهوية الثقافية لفلسطينيي الداخل ومتابعات أخرى- تاريخ الحلقة: 6/11/2000
المشهد الثقافي

الهوية الثقافية لفلسطينيي الداخل ومتابعات أخرى

الهوية الثقافية لفلسطينيي الأرض المحتلة منذ عام 48 – المهرجان الثالث للمسرح البديل في سراييفو -رائعة (يوليسيز) للكاتب الإيرلندي جيمس جويز.

undefined
undefined

توفيق طه:

أهلاً ومرحباً بكم إلى هذه الإطلالة الجديدة على المشهد الثقافي ومعنا هذا الأسبوع:

الهوية الثقافية لفلسطينيي الداخل، وكيف تصدوا للسياسات الإسرائيلية لتذويبهم وتفريغ شخصيتهم الثقافية من محتواها العربي؟

مهرجان المسرح البديل في البلقان عروض هابطة وتميز مجري.

و(محمد) قصيدة جديدة يخص بها المشهد الثقافي الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.

الهوية الثقافية لفلسطينيي الأرض المحتلة منذ عام 48
توفيق طه:

لعل من أهم إفرازات انتفاضة الأقصى أنها أبرزت الهوية العربية لفلسطينيي الأرض المحتلة منذ عام 48، أو مَنْ يُسمون في لغة الأخبار (عرب إسرائيل)، فهؤلاء الذين -كانوا أول مَنْ أبدع أدب المقاومة- قدموا في سبيل دعم إخوانهم في الضفة وقطاع غزة أحد عشر شهيداً. الشاعر الفلسطيني المتوكل طه حدّثنا عن التماسك الثقافي لأولئك الصامدين في أرضهم.

المتوكل طه: (شاعر فلسطيني)

مع النكبة وقيام دولة الكيان الإسرائيلي بقي في فلسطين من السكان الأصليين قرابة مائة وسبعين ألف مواطن، وعندما أُعلنت إسرائيل قال قادة إسرائيل مقولتهم المشهورة: بأن مَنْ بقي من العرب سيصبحون ماسحي أحذية وجامعي نفايات لليهود الإسرائيليين الذي اغتصبوا فلسطين.

 وحتى يحققوا ذلك عمدوا إلى وضع استراتيجيات حاسمة من شأنها أن تؤدي إلى عدمية قومية بين الفلسطينيين، وفرغوا المناهج التعليمية من محتواها الوطني والقومي، وحتى الإنساني، وسلطوا عليهم عبر غير وسيلة ما يؤدي إلى تفريغ شخصيتهم من محتواها العربي والإسلامي، لكن العرب الذين بقوا في فلسطين استطاعوا أن يجابهوا هذه العدمية، ويجابهوا نظرية التغريب الاحتلالي الإسرائيلي، واستطاعوا أن يقيموا منطقة ثقافية فلسطينية عربية، تماماً مثلما استطاع الفلسطينيون في منافيهم أن يخلقوا أماكن ومناطق ثقافية فلسطينية.

توفيق طه:

ما هي علاقتهم بالثقافة الإسرائيلية؟

المتوكل طه:

ليسوا على الإطلاق جزءاً من بناء إسرائيل لا الاجتماعي ولا الثقافي ولا السياسي على الإطلاق، وبالتالي علاقتهم بالثقافة الإسرائيلية أعتقد بأنهم اطلعوا جيداً بحكم فرض اللغة العبرية عليهم، قرؤوا اللغة العبرية جيداً، وكل ما تُرجم إلى العبرية، وهذا فتح أمامهم مصادر جديدة من المعرفة، لكنهم كانوا محصنين، ولديهم المناعة الكافية، بحيث لم يتماهوا في الثقافة الإسرائيلية، ولم يصبحوا جزءاً منها بقدر ما كانوا نقيضاً للثقافة الإسرائيلية على مدار ما يربو على خمسين عام.

 حتى نحن الذين تم احتلال ما تبقى من أرضنا عام 67 في الضفة الغربية وقطاع غزة وجدنا أنفسنا ككتاب كالزهر البري، الذي لا يوجد مسكب أو أرضية يحيا فيها وينمو، فوجدنا أن عمقنا الثقافي الذي أخذنا منه المضمون والنسغ لنتاجنا الثقافي كان من أشقائنا الفلسطينيين الموجودين الذين تبقوا عام 48، أثير حول هؤلاء الذين يحملون جواز السفر الإسرائيلي بأنهم جزء من إسرائيل، وبأن التعاطي معهم يُعتبر تطبيعاً مع الكيان الإسرائيلي، وهذا فيه ظلم كبير على هؤلاء.

هؤلاء عرب بقوا في وطنهم، وتشبثوا بأرضهم، وحافظوا على ثقافتهم، وأثروا هذه الثقافة، وأمدوها بمضامين جديدة، وهم الذين خلقوا ترابية الأدب المقاوم في فلسطين عام 48.

المهرجان الثالث للمسرح البديل في سراييفو
تقرير سمير حسن (مراسل الجزيرة – سراييفو)

توفيق طه:

في المهرجان الثالث للمسرح البديل في سراييفو تنافست مجموعات حرة من المسرحيين هواة ومحترفين من دول بلقانية عديدة، وتناولت العروض مشكلات المنطقة السياسية والاجتماعية، ولكن بكثير من الرمز والخيال، فاتسعت أكثر الهوة بين العارضين والمتفرجين، وحدها الفرقة المسرحية المجرية تميزت بعرض متكامل ومتناسق.

سمير حسن:

الاهتمام بتحديث تقنية المسرح، وتبادل الخبرات، واكتشاف القدرات الإبداعية كانت أهداف المهرجان الثالث للمسرح البديل الذي ينظمه المركز الثقافي الأكاديمي في جامعة سراييفو، وشاركت فيه عشرة عروض، من البوسنة وكرواتيا، وسلوفينيا، ومقدونيا، والمجر، وبلغاريا.

وقد اعتمد برنامج المهرجان على عروض المجموعات الحرة، سواء كانت من المحترفين أو من الهواة، لكن ذلك أدى إلى وجود عروض هابطة من وجهة نظر النقاد، كما لم يأخذ المهرجان بعين الاعتبار أعمال طلاب أكاديمية الفنون المسرحية في البوسنة، في حين نُظمت على هامش المهرجان حلقات للمناقشة والنقد وندوة حول لغة المسرح الحديث كلغة عامة للاتصال الإنساني، وقد ركزت معظم العروض على الإكثار من الاستعراض، والإفراط في الرمز والخيال، مع نصوص وحوار أقل، ويرجع ذلك إلى عامل اختلاف لغة العارضين والمتفرجين، وعالجت بعض المسرحيات المشاركة في المهرجان موضوعات هامة بطريقة باهتة وهابطة، فمسرحية (هذه هي الجنة يا عزيزي) تناولت القضايا العامة للشباب، مثل فقدان الأمل في حل مشاكلهم من خلال قصة شابين هما آدم وحواء، الذين يتورطان في عالم المخدرات، أو الجنة التي تحميهم من العالم الخارجي من وجهة نظر المؤلف.

أما الخيال والعرض الصامت والحركات الراقصة فقد تجسدت في المسرحيات الكرواتية. العرضان المقدونيان تطرقا لأزمة منطقة البلقان، وعدم انسجام أحلام شعوبها مع الإمكانيات المتاحة، ومقارنتها مع فيلم أمريكي كأسلوب للحياة.

وقدم البلغاريون حكاية من تراثهم الشعبي معتمدين في سردها على الأقنعة والحركة.

أما العرض المجري فكان الوحيد الذي اكتملت وتناسقت فيه عناصر العمل المسرحي، فاستحق جائزة المهرجان عن جدارة، ليؤكد أن المسرح المجري واحد من أفضل المسارح الأوروبية.

(سمير حسن – المشهد الثقافي – سراييفو)

إصدارات جديدة:
توفيق طه:

من الإصدارت الجديدة نقدم اليوم رواية بعنوان (إذا الأيام أغسقت) للكاتبة والمترجمة العراقية (حياة شرارة) التي توفيت عام 1997م، وفي هذه الرواية التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت تضعنا شرارة في قلب الحصار الذي يعاني منه الشعب العراقي منذ بداية التسعينيات.

 ونقرأ من أجوائها: "ولكن عليك أن تقرب أذنك من شفاهي، لأنني اعتدت أن أتكلم بطريقة غريبة عليك، أن أتكلم همساً كي لا يسمعني أحد، لقد استبدلت الكلام بصوت اعتيادي بالوشوشة، لأنني مسكون بالخوف، لا في عقلي الواعي وحده، وإنما في كل حواسي وأوصالي، يداي ترتجفان إذا سمعت صوتي العالي، وركبتاي تخوران، وعيناي تزوغان، وأرنبة أنفي تهتز، وأنفاسي تلهث، وريقي يجف، والدماء تجمد في عروقي، وأصبح ظلاً لا نور فيه لشكل آدمي ظاهراً بناءً ورقياً واهياً وخاوياً ومهتزاً".

توفيق طه:

أما الكتاب الثاني الذي نقدمه اليوم فهو بعنوان (في الفكر والفكر الإسلامي – بحث في المصطلح) للكاتب جهاد عبد الإله الخنيزي، والذي صدر أخيراً عن دار الجديد ببيروت.

يقول الكاتب عن كتابه: جاءت فكرة هذا البحث عن مصطلح الفكر بعد أن كثر تداوله في أوساط النخبة والعامة، ومن إشكالية المفهوم ذاته وعلاقته بالعلم، وبالطبع فإن لمصطلح الفكر جذوراً في الثقافة، كما لمصطلحات أخرى، وإذا كان المفهوم منها واضحاً لدى أصحاب الدراسات المنطقية والفلسفية والعلمية، فإنه لم ينعم بالوضوح ذاته عند شرائح أخرى من الناس.

رائعة (يوليسيز) للكاتب الإيرلندي (جيمس جويز)
تقرير (خالد القضاة- قناة الجزيرة)

توفيق طه:

منذ نحو مائة عام أبدع الكاتب الإيرلندي (جيمس جويز) James Goyes رائعته (يوليسيز) التي تحدثت بالتفصيل عن يوم في حياة رجل من أهل العاصمة الإيرلندية دبلن، ولكن دار كريستي للمزاد تعرض هذه الأيام مخطوطة تقول إنها لجزء كبير من الرواية، لم يُنشر معها في ذلك الوقت، ولم يطلع عليه أحد حتى اليوم.

خالد القضاة:

صالة كريستز للمزاد تقول: إن المخطوطة التي تعرضها من المتوقع أن تجني بين ستمائة ألف وتسعمائة ألف دولار أمريكي، وتضيف أنها مخطوطة لم يطلع عليها أحد قبل اليوم، وأنها اكتشاف جديد تماماً.

المخطوطة هي جزء من رواية يوليسيز، التي بدأ الروائي الأيرلندي جيمس جويز كتابتها في عام 1915م، ونُشرت أول مرة على شكل كتاب في عام 22، رواية يوليسيز تناولت بالتفصيل يوماً واحداً في حياة رجل من العاصمة الأيرلندية دبلن، اسمه ليوبولد بلوم، وذلك اليوم كان السادس عشر من (حزيران) يونيو عام 1904م، المخطوطة هي أطول جزء في الرواية، وأهم حلقة في الكتاب، وتخص الفصل الخامس عشر من الرواية، وتتكون من سبع وعشرين ورقة كبيرة مكتوبة بخط اليد، وكل ورقة منها عليها حذف وتعديل وإضافة في الهامش، وكان جويز قد باع المخطوطة إلى أحد المحامين المدافعين عن الأعمال الأدبية في عام 1921م.

النقاد يعتبرون يوليسيز أفضل أعمال جيمس جويز الذي يُعتبر واحداً من أكثر مؤلفي القرن العشرين تأثيراً في الأدب، وأحد أبرز ممثلي الرواية النفسية على مر العصور، المخطوطة معروضة مع المغلف الذي كان يستخدمه جويز لإرسال أعماله إلى المحامي، الذي كان يشتريها منه، ويبيعها إلى دور النشر، وقد ظهر عنوان جيمس جويز على الجهة الخلفية من المغلف، الذي استخدمه قبل ثمانين سنة.

فرقة (إنانا) السورية للرقص الفولكلوري
تقرير ليلى موعد (مراسلة الجزيرة – دمشق)

توفيق طه:

من رحم فرقة (كركلا ) اللبنانية خرجت فرقة (إنانا) السورية للرقص الفولكلوري والتعبيري، ولكن لتعبر عن خصوصية سورية، وتقترب من عادات المجتمع الدمشقي وصورة المواجهة مع الإقطاع في الأرياف إبان الاحتلالين: العثماني والفرنسي، وفي لوحاتها مزجت إنانا بين الدبكة والباليه لتقترب من الرقص كلغة عالمية.

ليلى موعد: 

من آلهة الحب والقمر عند السوريين القدماء اقتبس مؤسس الفرقة اسمها (إنانا) وعروض تعتمد الرقص التعبيري والتراثي القديم ضمن قالب من الباليه الحديث. هواجس الشام 880، وعرض لم نره منذ سنوات طويلة، إن لم يكن نادر الحدوث، لكنه حمل في ثناياه تساؤلاً حين يتذكر المرء دون مواربة فرقة كرك الله اللبنانية، ويعقد في ذاته مقارنة قد تكون في محلها أو لا تكون.

جهاد مفلح: (مدير فرقة إنانا)

أنا طبعاً دارس في كرك الله، أو كنت في كرك الله، شاركت في كرك الله ثلاثة أعمال (الثأر) و(الأندلس المجد الضائع) وبـ(ليلة عمر) كرك الله مدرسة يعني بحد ذاتها، بالإضافة إلى دراستي بمدرسة اسمها الـ Body wave (بدي ويف) بالروشة، كلاسيك أربع سنوات، وعدة دورات بالعالم، بس مش إنه واخد من كرك الله، أكيد بتأثر، أي إنسان بيتأثر بمدرسته، خاصة إذا كانت مدرسة مثل كرك الله، مدرسة عريقة.

ليلى موعد:

سبع وعشرون لوحة تتحدث عن آلام ومظالم الشام التي احتدمت في العقود الأخيرة، من الفترة العثمانية عبر رؤى عكست أيام تلك الفترة، فمن حالة الطهارة الفطرية والبحث عن الخير والجمال مرتسمة في حاملات الفوانيس حين يحتفلن بقدوم العيد إلى جوانب من عادات المجتمع الدمشقي، لتنتقل الصورة إلى الأرياف، وتعكس المواجهة مع الإقطاع من خلال (حسن) الشخصية التي دفعت حياتها ثمناً لمبادئها، ومن حالة الحب المتجسدة في قلبي بدرية ورسلان، وكابوس الخوف من التقاليد الزائفة إلى حالة إثبات وجود، وإصرار على البقاء، لتصل عملية الصراع إلى أوجها ممثلة بحملة الطرد التي قدمها المجتمع كعادته لعوالم التفرد الداخلية سواء عبر مقتل حسن، أو طرد أبي خليل القباني، أو التسلل إلى حالة حب قد تبدو في وجهة نظر الكثيرين محرمة.

وفي النهاية، ورغم هامشية إشكالات هذا المجتمع التي بدت في وقتها كبيرة، إلا أنها تتحول جزئيات بسيطة حين تتجه الرؤى إلى حدث كبير، إنها الثورة العربية، وكأن هم الوطن والدفاع عنه هو وحده من يطهر الآخرين ولو مؤقتاً.

الموسيقى أخصبها محمد هبَّاش بتوزيع جديد أغنى حضور الآلات الشرقية، وانصهر في تراث عدة بلدان عربية في وقت واحد.

محمد هباش: (ملحن هواجس الشام)

بالنسبة لموضوع الرقص، بالنسبة لموضوع الرقص بهذا الموضوع، موضوع حواجز الشام 880 الموسيقى نفسية أكثر.

ليلى موعد:

لكن وكما حال الدراما السورية، التي أصبحت ولفترة طويلة لسان حال عهدي الاحتلالين: العثماني والفرنسي، ومبرزة بقصد ودون قصد إسقاطاً تاريخياً، تحول بنداً أساسياً في كتابة السيناريو، ومسبوكاً بالكثير من الرمزية، ومحبوكاً بالفانتازيا فإن المسرح الراقص يتحرك الآن في ذات الإطار.

(ليلى موعد – الجزيرة – للمشهد الثقافي – دمشق)

إبداعات المشاهدين
توفيق طه:

قصائد كثيرة وصلتنا خلال الأسبوعين الماضيين، وكلها تدور حول موضوع واحد (انتفاضة الأقصى الباسلة في فلسطين) وسنحاول أن نقرأ من هذه القصائد ما يسمح به وقت البرنامج.

عطا الله أبو زياد فلسطيني من الأردن كتب تحت عنوان (وتسير قافلة الفداء):

تتفجر الأحجار في الأيدي المطهرة النحيلة

 لتصير باروداً وناراً

وتحيق بالعادي دماراً

وتصب فوق رؤوس جيش البغي تنهمر انهماراً

مسنونة كحجارة السجيل

تفتك بالجنود

وتصيد كيد المعتدين من الصهاينة اليهود.

توفيق طه:

(من الحجر) للدكتور طارق محمد شقران – مصري في السعودية:

أجل والله يا أمي.. من الحجر

سيعلم كل من يسعى لفرقتنا

بأن الخطب ألفنا وجمعنا

وأيقظ نار قوتنا

وأن مصير أمتنا غدا.. رهناً لوحدتنا

وأنا لم نعد نهباً لخدعة كاذب أشرِ.

توفيق طه:

(السلام المزيف) شعر المقدم على الزعبي من الأردن:

قتلوا الشيوخ المقعدين  

 ولوثوا القدس الحرام

سفكوا الدماء ومزقوا      

أطفالنا قبل العظام

فقأوا العيون وأجهضوا   

من كل فارعة القوام

نبشوا القبور وما رعوا     

للموت قدراً واحتشام

ماذا تبقى عندنا             

كيما نقايض بالسلام؟

قلنا كثيراً وانتهى           

لم يبق باب للسلام.

توفيق طه:

(يا خيول اشرئبي) لعبد الملك بو منجل من الجزائر:

مَنْ لقدس في جرحه الكبرياءُ      

مستغيث في مقلتيه الضياءُ

مَنْ لأرض تُسبى وشعب يعنَّى     

ولغدر يلظى به الأبرياءُ

لصبي في قلبه الغض حلم           

بات شلواً قد خضبته الدماءُ

لأب ضم جرحه لجراح              

ولأم يهتاج فيها البكاءُ

مَنْ لهم؟ يا مواسم الخيل هبي         

نحوك الآن يشرئب الرجاءُ

توفيق طه:

أما أحمد بن علي الفيفي، من مكة المكرمة فقد كتب يقول:

أتدري يا محمد ما فعلنا؟       

أتدري أننا حقاً أسفنا؟

أتدري أننا لما رأينا             

سقوطك ميتاً فعلاً حزناً؟

ترحمنا عليك بكل صدق        

وكنا قد ترحمنا علينا

نفكر كيف نثأر من عدو         

محا كل العهود وما كتبنا

فقررنا انتقاماً من عدو            

بشتم ثم سب ما قدرنا

ألا يكفي، جمال أليس هذا          

بثأر؟ قل لنا إنا ثأرنا.

توفيق طه:

أصدقاء المشهد الثقافي ابعثوا بإسهاماتكم وآرائكم على العنوان التالي:

قطر – الدوحة

صندوق بريد: 23123

فاكس: 885333 (974+)

البريد الإلكتروني:

 cultural@aljazeera.net.qa

الفنان التشكيلي اللبناني شفيق عبود
تقرير فاروق يوسف (قراءة: محمد الصوفي- قناة الجزيرة)

توفيق طه:

لوحاته شرائح من الواقع، تختلط بمادة خياله فتقطع صلتها بماضيها وتسعى إلى الاستقلال، لتلقي بالمشاهد في مغامرة بصرية ساحرة، ذلك هو الفنان التشكيلي اللبناني شفيق عبود.

محمد الصوفي:

يجمع الرسام اللبناني شفيق عبود بين الحس والحدس، رسومه محاولة لإيقاظ البصيرة عن طريق البصر، فما نراه على السطوح يشكل الحد الذي يتصل فيه الواقعي بالمتخيل، يأخذ عبود شريحة من الواقع المرئي، ويقطع صلتها بماضيها الاصطلاحي، يستولي عليها ويضمها إلى ممتلكاته، لكن بعد أن يسرب إليها مادة خيالية، وعندما يحين موعد خروجها مرة أخرى إلى العالم الخارجي تظهر وكأنها خُلقت من جديد، لا يتذكر منها المشاهد إلا وجودًا غامضاً توحي به الرسوم لتدل عليه، وكأن الرسام يسعى إلى تغليف أشيائه بعاطفة نسيانها، هذه العاطفة التي تتفجر من خلال ألوان صاخبة ومجنونة، ومن تسحره هذه الألوان لابد أن يعثر على ما تخفيه من واقع، وفي هذه الوقائع يمتزج الشكل بما يمثله، الصوت بمعناه، الجرح بألمه، ولا يمكننا هنا الحديث عن شكل ومضمون، فالشكل قائم في تخيله عن شكلانيته، وهو لا يرغب إلا في أن يكون أثراً لعلامة، أو واقعاً لصيحة، فلا العلامة تغريه ولا الصيحة تثيره.

تسعى رسوم عبود إلى استقلالها، لا عن ماضي الشيء فحسب، بل عن تحولاته أيضاً، رسوم قائمة بذاتها تسحب المشاهد من حياته، ومن شغفه الخاص بالأشياء لتلقي به في خضم مغامرة بصرية ساحرة، مغامرة يتعرف من خلالها على ما فاته من لذائذ جمالية، فشفيق عبود رسام النسيان الذي تنعش رسومه ذاكرتنا.

قصيدة (محمد) للشاعر الفلسطيني محمود درويش
توفيق طه:

ليس من عادة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش أن يقرأ شعره في غير الأمسيات الشعرية الخاصة، لكنه قرر -تحت إلحاحنا- أن يتخلى هذه المرة عن تحفظه المعهود، وخص المشهد الثقافي بقصيدته الجديدة (محمد).

محمود درويش: (شاعر فلسطيني)

(محمد)

محمد

يعشش في حضن والده

طائراً خائفاً من جحيم السماء

احمني يا أبي من الطيران إلى فوق

إن جناحي صغير على الريح، والضوء أسود.

محمد

يريد الرجوع إلى البيت

من دون دراجة أو قميص جديد

يريد الذهاب إلى المقعد المدرسي

إلى دفتر الصرف والنحو

خذني إلى بيتنا يا أبي

كي أعد دروسي وأكمل عمري رويداً رويداً

على شاطئ البحر تحت النخيل

ولا شيء أبعد، لا شيء أبعد

محمد

يواجه جيشاً بلا حجر أو شظايا كواكب

لم يلتفت للجدار ليكتب

حريتي لن تموت

فليست له بعد حرية ليدافع عنها

ولا أفق لحمامة (بابلو بيكاسو)

فمازال يولد، مازال يولد في اسم يحمله لعنة الاسم

كم مرة سوف يُولد من نفسه..

ولداً ناقصاً، بلداً ناقصاً، موعداً للطفولة؟

أين سيحلم لو جاءه الحلم..

والأرض جرح ومعبد؟

محمد

يرى موته قادماً لا محالة

لكنه يتذكر فهداً رآه على شاشة التليفزيون

فهدا قوياً يحاصر ظبياً رضيعاً

وحين دنا منه

شم الحليب فلم يفترسه

كأن الحليب يروض وحش الفلاة

إذاً سوف أنجو

يقول الصبي ويبكي

فإن حياتي هناك مخبأة في خزانة أمي

سأنجو وأشهد.

محمد

ملاك فقير على قاب قوسين من بندقية صياده البارد الدم

من ساعة

ترصد الكاميرا حركات الصبي الذي

يتوحد في ظله

وجهه كالضحى واضح

قلبه مثل تفاحة.. واضح.

وأصابعه العشر كالشمع.. واضحة

والندى فوق سرواله.. واضح

كان في وسع صياده أن يفكر بالأمر ثانية

ويقول: سأتركه ريثما يتهجى

فلسطينه دونما خطأ

سوف أتركه الآن رهن ضميري

وأقتله في غدٍ عندما يتمرد

محمد

يسوع صغير ينام ويحلم

في قلب أيقونة صُنعت من نحاس

ومن غصن زيتونة

ومن روح شعب تجدد.

محمد

دم زاد عن حاجة الأنبياء

إلى ما يريدون

فاصعد إلى سدرة المنتهى

يا محمد.

توفيق طه:

سعدنا بصحبتكم، كونوا معنا الأسبوع المقبل فمعكم نستمر، وبكم يكتمل المشهد.