توفيق طه – مقدم البرنامج – قناة الجزيرة
أوراق ثقافية

ختام مهرجان الدوحة بليلة استثنائية

اختتم مهرجان الدوحة الثقافي الثالث بأمسية فنية استثنائية بين الشعر والموسيقى بين أدونيس ونصري شمة، إذ صدحت آلة العود بين أنامل نصري وأطلق أدونيس العنان للكلمة شعرا، في حين غنى مارسيل خليفة للمقاومة والثورة.

مقدم الحلقة:

توفيق طه

ضيوف الحلقة:

فوزي غبارة: صحفي وناقد
نصير شمة: موسيقي عراقي
مارسيل خليفة: موسيقي

تاريخ الحلقة:

30/3/2004

– ليلة استثنائية
– تداول الفن الراقي
– بيت العود العربي والفن الأصيل
– ألحان الثورة


undefinedليلة استثنائية

توفيق طه: أهلا بكم من الدوحة التي اختتمت يوم السبت الماضي مهرجانها الثقافي الثالث في أمسية فنية بعنوان ليلة استثنائية، كان اللقاء استثنائيا بين الشعر والموسيقى بين أدونيس ونصير شمة، صدحت آلة العود بين أنامل نصير وأطلق أدونيس العنان للكلمة شعرا متمردا على تقاليد اللغة وصور عصية اتخذت من الغناء سبيلا للوصول.

عملا فنيا عرض من قبل في عواصم عربية ولقي هواً لدى الجمهور لكنه في الدوحة ظل محتفظاً بجدته وسحره، كيف لا وهو نابع من تجربتين تتخذان من الحداثة والبحث عن الإنساني منهجاً يطلب الجديد ليس لذاته بل لشغف قديم بدروب لم تفتح بعد.

أمسية أدونيس ونصير شمة وما شهدته من إقبال لدى جمهور المتابعين أكدت مرة أخرى أن الفن الجاد يظل قادراً على تأكيد أحقيته بالوجود واجتذاب الجمهور رغم سطوة الفن الاستهلاكي وصخب الألوان والألحان.

أنامل الفنان المبدع نصير شمة لم تعزف منفردة هذه المرة فمشاركة الشاعر المثير للجدل أدونيس كان لها وقع استثنائي في ليلة استثنائية، كما في عنوان العرض سفر يأخذك برفق إلى مقامات موسيقية نائية ومناخات شعرية قصية تسكن مسافة ما بين الذاكرة والمستقبل.

في أمسية الدوحة اقترب شعر أدونيس أكثر من جمهوره ربما بفضل توسله الموسيقى حاملاً والغناء وسيطاً، أخذ الحاضرين إلى أجواء من الطرب لم يعد معها رقي الكلمة وجدتها وانزاحيتها عائقاً أمام فهم الشعر وتذوقه فجمل نصير شمة اللحنية وكذلك إيقاعاته كانت أقرب إلى روح كل قصيدة وهو الذي يجد في قصائد أدونيس على حد قوله فضاءً لحنياً واسعاً وأرض خصبة لتعدد الميلوديات أو النغمات، حتى كأن الكلام يجد لحنه وكأن مقاربة نصير شمة الموسيقية لشعر أدونيس نتاج علاقة مباشرة بين الكلمة والموسيقى.

فوزي غبارة- صحفي وناقد: من المعروف أن الشاعر أدونيس هو من السهل الممتنع، هو من الشعر التجريبي الذي لا يمكن أن يرتقي حسب رأي بعض النقاد إلى مستوى الطرب بين ضفتين، لكن هذه الليلة نرى أن شعر أدونيس يطرب شعر أدونيس مفهوم وشعر أدونيس يتحول إلى لغة بإمكان كل أذن عربية أن تستمتع بها وبإمكان كل أذن عربية أن تفهمها وأن تروق لها.

تداول الفن الراقي


أمسية أدونيس ونصري شمة وما شهدته من إقبال جماهري أكدت أن الفن الجاد يظل قادرا على تأكيد أحقيته بالوجود واجتذاب الجمهور رغم سطوة الفن الاستهلاكي وصخب الألوان والألحان

توفيق طه: صوتان فتيان غنيا وأمتعا بشعر أدونيس وإلحان نصير شمة الذي ربما باختياره لهما أراد الوقوف مع جيل اليوم المتهم بضائقة تقبل ما يقدم لها دون فرز وهو ما تفنده أجواء الطرب والفن الجميل التي طغت على المكان بفضل أدائها هذين الصوتين.

توفيق طه: ولعل في حضور أدونيس ونصير شمة ومي وريهام فضلاً عن لقاء الشعر بالموسيقى لقاء ثلاثة أجيال تصر على تداول فن راق وإبداع رصين يحقق متعة تطلب فلا تدرك أحياناً.

حضور الفنان نصير شمة على المستويين العربي والعالمي بات لافتاً في السنوات الأخيرة وهو الذي تنقل بين عواصم عربية عدة منذ مغادرته العراق سنة 1993 لتكون القاهرة محطته وحاضنة مشروعه وحلمه بيت العود العربي، وقد تمكن قبلها أثر سنوات قضاها بتونس من تخطي بوابات الاعتراف العالمي به عازفا منفردا ومتفرداً، اسم لا يقل إبداعاً وألقاً عن رواد مدرسة بغداد منير وجميل بشير وسالم عبد الكريم مع توق أكبر للبحث والتجريب والانفتاح على الآخرين، ألتقيناه خلال زيارته للدوحة مشاركاً في فعاليات مهرجانها الثقافي لنقلب معه أوراق مشروعه الموسيقي وعلاقته بالعود وكان سؤالنا الأول له ما إذا كان العود وحده كفيلاً بأن يكون السند والأداة لبحثه واشتغاله على جماليات الموسيقى وعلاقتها بالشعر.

نصير شمة: العود هو هوية وهو أساس هو أحياناً لسان حالي لكن هناك الكتابة الموسيقية، هناك ما معناه التأليف الموسيقي سواء كان للسينما أو للمسرح أو للأفلام الوثائقية اللي أنا أنجزت أكثر من 45 فيلم يمكن عشقي بين الفنون هذه كلها والكتابة عنها وإليها أيضا هذا أداة أخرى أنا أفكر فيها، إضافة إلى الكتابة في علم الجمال وفي مجال الموسيقى وفي مجال علاقة أحلام اليقظة بالموسيقى لأنني أنا أثرت أحلام يقظتي كثير على مستقبلي فأذن بديت أكتب في هذا المجال وبديت انشر بعض الأشياء وأيضا الموسيقى لا تنفصل عن وحدة جمالية الكون، هناك شعر هناك فنون بصرية هناك فن تشكيلي هناك مسرح هناك باليه هناك كل أنواع الفنون، يعني ما يجب أن ننفصل عنها ونفهم في هذا التخصص اللي يعد صغير من آلية متكاملة كبيرة لا بالعكس أنا شفت أن دخولي عالم الفن التشكيلي كان في خدمة كبيرة للموسيقى وللتشكيل وعالم الشعر نفس الشيء وهكذا باقي الفنون الأخرى اللي نسجت معها علاقة فهم لغرض أن تكتمل صورة الجمال في داخلي وبالتالي تكتمل في العمل الفني اللي أقدمه.

توفيق طه: وماذا عن اختياره شعراء مثل البياتي ودرويش وأدونيس وقبلهما لوركا هل فيه فرز ما أم هو لتقاطع يحدث مع مثل هؤلاء الشعراء وقضاياهم.

نصير شمة: يعني حين تتعامل مع نص لشاعر كبير عليك أن تعرف مرجعيات النص المنشور وعليك أن تلج عالم الشاعر اللي هو في الغالب الأسماء اللي ذكرت، عالمهم عالم واسع وكبير ومرجعياتهم الثقافية بعيدة ومتنوعة جدا بنظر لمعيشتهم لتجربتهم لسعة اطلاعهم حين يمنحك شاعر مبدع قصيدة هو يمنحك تجربة قد تمتد إلى ستين عاماً أو أكثر حين يكون أسم مهم وشكل حالة ثقافية وشكل مصدر ثقل يعني عليك أن تتعامل مع هذا النص ليس بحدر بل بجهد كبير في أن تفهم هذا النص وبالتالي ماذا يريد الشاعر لا ماذا تريد أنت من الشعر، يعني وأنا قبل اشتغلت على المتنبئ أيضا وقبله اشتغلت وبيناتهم اشتغلت على الشعر الصوفي وقدمت في الأربع سنوات العشق الإلهي في القاهرة.

توفيق طه: هل في تكثيف الذاكرة ونداءات المستقبل في أعماله نظرة المبدع الذي يريد مخاطبة العالم بما يملكه من مورود وبما أنتجه الآخر في هذا العالم أيضاً.


الخطاب المطلوب أن يمتلك أدوات حضارية فيها موهبة وعلم وجد واجتهاد، والإنسان الآن عندما يبحث عن العالمية تأتيه حتى لو كان في أبعد نقطة من العالم لأن الإنسان يبحث عن شيء استثنائي

نصير شمة: بداية خطاب الموسيقي هو للإنسان بشكل مجرد تماماً أنا من الأول ما شايف أني لما كنت في مدينتي الكوت أفكر كنت في بغداد، لما صرت في بغداد صرت أفكر في الوطن العربي، لما صرت في الوطن العربي صرت أفكر في العالم، لأنه أنا شايف أن هي مثل حجارة صغيرة ترميها في مياه في نقطة جميلة كمية من المياه وتبدأ تتفتح دوائر أنا بديت من نقطة صغيرة من العالم وبديت تتوسع هذه الرقعة فالخطاب حين يكون يعني أدواته أدوات حضارية وأدوات فيها موهبة وفيها علم وفيها جد وفيها اجتهاد أنسى بعد فكرة أنك تبحث عن العالمية تأتيك العالمية وأنت في أبعد نقطة في العالم لأنه الناس تبحث عن شيء استثنائي تبحث في كل مكان في العالم وعلى فكرة لن يختلف رد الفعل عن حفلة في جنيف أو في نيويورك أو في الكوت في مدينتي أو في تتطاوين في تونس في الجنوب أو في مكناس في المغرب في أي مكان في العالم في الإسكندرية في القاهرة نفس رد الفعل ليه لأنه العمل أولاً جديد على الكل يعني العود قديم لكن العمل اللي يخرج منه جديد، جديد على الإذن الغربية والإذن العربية فرد الفعل متفاوت قليلاً لكن النتيجة واحدة.

بيت العود العربي والفن الأصيل

توفيق طه: بيت العود العربي في القاهرة ماذا يمكن أن يضيف اليوم لساحة فنية صاخبة تغازل عين المتلقي أكثر من مخاطبتها لأذنه.

نصير شمة: بيت العود العربي الآن أصبح مركز يوفد له الطلبة من كل مكان كما كان مركز زرياب في الأندلس، هذا حلم صغير وشوية شوية أيضا بدأ ينمو صار حقيقة الآن بيت العود العربي فيه أساتذة خريجين من بيت العود فيه عدد من أربعين إلى ستين طالب وهادي أقصى استيعاب حالياً لبيت العود فيه أفكار جديدة بدأنا نقدمها بدينا نكتب لأربعة أعواد بدينا نكتب لعودين لثلاثة أعواد، عروض سولو إذا مناهج جديدة بدينا نضع للعود أخلاق جديدة بدينا نطلع فيها طلبتنا أنه ما يأخذ آلته ألا في المكان اللائق ألا في المكان المحترم لأنه أنا مؤمن أن الموسيقى نشأت في دور عبادة في بابل وفي المعابد القديمة فلا يمكن أن نستهزئ بها ونأخذها إلى مكانات أقل قدسية.

توفيق طه: كيف يفسر شمة غياب موسيقى الصالة أو الموسيقى المجردة لدينا هل لذلك علاقة بما يسمى بالتخت العربي وهل نحن مهيؤون اليوم لتقبل هذا النوع من الإبداع.

نصير شمة: موسيقى الصالة إحنا مو أخذينها من الغرب لأنه أصلاً ما كانت موجودة في الغرب يعني ما أريد أرجع لك إلى سبعة آلاف عام، لأنه كان أصل الملك البابلي يمارس طقوس موسيقى الصالة قبل لا يصير أصلاً كل هذه الدول الأخرى.

توفيق طه: كانت لسة ما بدأت

نصير شمة: ليه لأنه كان يتعبد من خلالها فكانت ثلاثة آلات تعزف له في صالة مفتوحة وهو قبالة حائط فارغ من كل شيء يتأمل ويتعبد ويتصل في آلهته كما كان يعتقد إذاً وزرياب لما ذهب للأندلس وأسس هناك مدرسة في الأندلس، خلق مواصفات للشكل الموسيقى اللي هو يسمى موسيقى الصالة وبنفس الوقت كانت فيه طبعا موسيقى كلاسيكية بدأت تخرج هنا وهناك، موسيقى وبعدين أجىء عصر النهضة وبعدين أجيت الموسيقى تأخذ شكلها اللي نعرفه الكلاسيكي.

توفيق طه: اليوم

نصير شمة: التخت هو الموسيقى الصالة أكثر انضباطاً من التخت لأنه كل شيء محسوب كل شيء مكتوب.

توفيق طه: وماذا عن تجربة فرقة عيون التي أنشئها في القاهرة هل يمكن تصنيفها في إطار موسيقى الصالة.

نصير شمة: الموسيقى العيون اللي تقدمها مجموعتي اللي اسمها عيون الموسيقى لصالة العربية وهي من خيرة العازفين في مصر تقدم موسيقى الصالة اللي شروطها عالمية، بس نكهتها صرفة نكهتها نكهة الشرق نكهتها نكهة الوطن العربي كله لما تجي تسمع على حافة الألم وهي عن بطولات المرأة الفلسطينية ويوم تعزفها تعرف أن الموسيقى هي مو حالة ترف فقط هي حالة تصور واقع إنساني مهم أنا هذا دوري من الأساس أنا من بداياتي أنا لصيق بهم الشارع العربي وهذا الدور عمره من الانتفاضة الأولى من الثمانينات ثورة وأمل قطع ما أليها نهاية عدد القطع المسرحيات البلاد اللي طلبتها لها كل هذه أعمال عن فلسطين كانت مع المنصف السويسي والمخرج الكبير من تونس والدكتور عبد اللطيف عقل من نابلس الله يرحمه والفنان زهير النوباني الفنانة عبير عيسى وفنانين كبار شاركوا فيها، فمن زمان أنا هذا هاجسي آخر فيلم خلصته وثائقي كان المخرج أحمد عبد التواب مخرج مصري شاب وبارع واقتنص فكرة جميلة جدا تاريخ فلسطين من الطوابع أيش لون كل ما يبلعوا جزء من فلسطين كل ما تصغر فلسطين في الطابع وتكبر في العبري يعني هذا عالمي أنا لصيق بالإنسان العربي لما صارت قضية العراق أنا ما اطمأنت نفسي لا مو بمعنى أن هذا فقط بلدي والاقربون أولى لا أنا أحس أني أنا بلدي هو وين حط رجلي في الوطن العربي هو بلدي.

توفيق طه: عراق اليوم والغد كيف يتراءى لنصير شمة.

نصير شمة: أنا كاتب كذا عمل واحد منه اسمه ألا بغداد لأنه أنا أعتقد أن بغداد لن تسقط بغداد ما سقطت سقط نظام والنظام غير والدليل على ذلك أن بغداد الآن هي عصية نعم هما فيها لكن عصية على أن يستقروا فيها حتى لو بالتعاون مع بعض العراقيين، أيضا عصية ولن يدوم هذا الوضع القائم تسألني إذا متفائل أم لا ما أريد أخدع نفسي ولا أخدع الناس أنا شايف أنه العراق جرح اتسع وجرح نازف ولا أدري متى سيندمل هذا الجرح، ولا أدري متى سيشفى هذا الجرح للعراقيين اللي صار باين على ملامحهم وفي سلوكهم وردود أفعالهم ويعني الآن اللي وده تشوف رد الفعل عنيف من الشارع العراقي تجاه الاحتلال هذا الطبيعي.

توفيق طه: أكيد.

نصير شمة: هذا اللي كان حاصل ثورة العشرين قبل أن تتأجج ونطرد الإنجليز وهذا اللي حاصل اليوم وان شاء الله سيطردون كذلك الأميركان والإنجليز لأنه هذا بلد مو مخلق حتى يحتل مخلوق حتى يؤثر حتى المخلوق حتى ينشر ثقافة.

توفيق طه: ولأن عزف نصير شمة يظل أبلغ من الكلام فقد حرك فيه سؤالنا عن العراق أحاسيس الفنان فراح يرسم بموسيقاه صورة العراق اليوم والعراق الذي يحلم به غداً.

[فاصل إعلاني]

ألحان الثورة

توفيق طه: هل كان يجب أن تمر خمس وعشرون سنة قبل أن يزور مارسيل خليفي الدوحة والرحلة من بيروت إلى هنا لا تزيد على ساعتين بالطائرة، أميمة خليل صوت الصفاء والموقف رافقت مارسيل فغنيا معاً ليلة للأم وجواز السفر والحب والحرية والهمة العربية ألوان المهرجان كان فيها العالمي أيضا أوبرا كارمن شهيدة العشق وحب الحياة ونار الأناضول التي أشعلت طيفا جميلا من الإيقاع والحركة مكي هلال

[تقرير مسجل]


غنى مارسيل خليفة كما عهدناه دوما للمقاومة والثورة والأم وحيا مساجين الوطن الكبير في زنزانته وفي سجون الاحتلال

مكي هلال: في ليلة ربيع خليجية هبت فيها نسائم الوطن ومشاعر انتماء قوية لدى جموع الحاضرين غنى مارسيل خليفة كما عهدناه دوما للمقاومة والثورة والأم وحيا مساجين الوطن الكبير في زنزانته وفي سجون الاحتلال صحبة ابنيه بشار ورامي بدأ مارسيل عرضه عزفاً لمقطوعة متتالية أندلسية يستحضر فيها صورة كانت مشرقة ذات يوم قبل أن يغني آلام الحاضر بعناوين اقترنت بصوته والتزامه ومثلت بمرحلة غير بعيدة منارة تضيء الدروب المعتمة لجيل بأكمله.

مارسيل خليفة : الحفلة هي حفلة دعوى أو صرخة، صرخة نقول لا ضد هذا المد الطافح بالقذارة والبؤس واللي عم نعيش فيه عل سنضيء شمعة صغيرة في هذا الظلام الدامس.

مكي هلال: أما للحرية فدندن مارسيل رائعته جواز السفر عنواناً لغربة العربي في موانئ الدنيا وشعوراً يعتريه كلما حل بمطار أو هم بالعبور إلى فضاء أرحب، ثم ما لبست أن أطلقت أميمة الخليل عصفوراً يطل من الشباك مناجياً محدثاً كل سجين بتباشير أمل قادم وليس أفضل من النشيد ختاماً تحريضياً وتذكيراً للجموع بدور ما وبجرعة تفاؤل لازمة حتى يستمر نهر الحياة التي نريده، من الفعاليات اللافتة الأخرى أوبرا كارمن عمل كلاسيكي عالمي شارك فيه زهاء المائة وخمسين فناناً أوبرا تراجيدية كتبها الشاعر الفرنسي بوريس بير ميريميه في عشرينيات القرن التاسع عشر ليشيع تناولها في السينما والمسرح والأوبرا، يحكي العرض قصة كارمن فاتنة الغجر بين حبها وحبها للحياة والحرية وهي التي أغوت الشرطي خوسيه لكنها أحبته وكرهت نفسها من أجل ذلك ورفضت إصرار العاشق على الزواج لطوقها إلى حياة الحرية التي لم تهنأ بعد أن قتلها عاشقها، أليس من الحب ما قتل؟ آخر العروض العالمية كانت فرقة نيران الأناضول التي أوقدت شعلة لإبداع استعراضي شرقي بمفردات عالمية، لوحات الباليه عالجت قضية أزلية صراع الخير والشر وموقع الإنسان في دوامة ذاك الصراع ونشدانه الصمود ثلاثية تكشفها الألوان والإيقاع في توليفة بصرية رائعة صممها المبدع مصطفى اردوغان، نيران أتت من الأناضول فأشعلت لهيبا من التصفيق والاستحسان ورغبة جامحة في تواصل العرض في غفلة عن الزمان والمكان.

توفيق طه: انتهى لقاءنا اليوم لكن أوراقنا لم تنتهي ما زال لدينا الكثير للقاءات معكم ننتظرها انتظرونا.