شاهد على العصر

مورو: وساطة السعودية أنقذت الإسلاميين من الإعدام ج11

يواصل عبد الفتاح مورو، أحد مؤسسي حزب حركة النهضة التونسية في شهادته الحادية عشرة- كشف المزيد من التفاصيل حول ملاحقة نظام الرئيس (الراحل) الحبيب بورقيبة للإسلاميين عام 1987.

يكشف عبد الفتاح مورو -أحد مؤسسي حزب حركة النهضة التونسية- أن وساطة سعودية أسهمت في إسقاط أحكام الإعدام على قادة حركة "الاتجاه الإسلامي" بتونس عام 1987، ويقول إنه التقى بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي في سيرت وكان يتخوف من أن يشتري ذمة الحركة بمساعداته.

ففي شاهدته الحادية عشرة لبرنامج "شاهد على العصر"، يؤكد مورو أنه خلال محاكمة زملائه قام بزيارة المفتي السابق للسعودية الشيخ عبد العزيز بن باز في بيته، وعرض عليه أن يطلب من السلطات السعودية التدخل لدى نظيرتها التونسية من أجل الحيلولة دون إصدار أحكام الإعدام بحق قادة "الاتجاه الإسلامي" الذين بدأت محاكمتهم في أغسطس/آب 1987، وكان بينهم الشيخ راشد الغنوشي .

وتوجه الشيخ لولي العهد السعودي في تلك الفترة، الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، لكنه عاد بجواب غير مطمئن، مما جعل مورو -بحسب ما يكشف هو نفسه في شهادته- يقع في حالة نفسية ثائرة، وجد معها نفسه يقبض حنقا على بن باز بيده، وذكّره بأن رفاقه مهددون بالإعدام، وكيف أن المملكة سبق أن توسطت لإسلاميين لدى الرئيس الصومالي السابق سياد بري، وحولت الإعدام إلى أحكام بالسجن.

فما كان من الشيخ بن باز -الذي كان متفهما لحالة مورو النفسية- إلا أن عاد إلى ولي العهد السعودي الذي اتصل أولا بالرئيس التونسي بورقيبة، لكن الأخير أجاب بأن الموضوع لدى القضاء الذي وصفه بالمستقل، وأنهى المكالمة مع ولي العهد السعودي، غير أن رئيس الحكومة التونسية آنذاك رشيد صفر، عاود الاتصال بولي العهد واعتذر عن سلوك بورقيبة وبرره بتردي حالته الصحية، ووعد بأن لا تصدر أحكام الإعدام ضد قادة الاتجاه الإسلامي.

وكما يقول مورو، فإن شفاعة الراحل عبد الله بن عبد العزيز كانت أحد المرجحات لعدم صدور أحكام الإعدام في 27 ديسمبر/كانون الأول 1987 بحق الغنوشي وغيره.

ويصف ضيف "شاهد على العصر" محاكمة تسعين من الإسلاميين في تلك الفترة من طرف نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بأنها كانت محاكمة سياسية، ومن الطرائف التي رواها أن القاضي الذي تولى المحاكمة كان يتميز بالارتباك والضعف حتى أنه لم يكن يميز بين دولتي السنغال والسودان، حيث سأل المتهمين عن اجتماع لهم عقدوه في السنغال وأنكر جميعهم ذلك، لأن الأمر كان يتعلق بالسودان.

ويتهم في ذات السياق الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي -الذي كان مديرا للأمن الوطني قبل ترقيته إلى وزير للداخلية ثم لاحقا إلى رئيس للحكومة- بتقديم معلومات مغلوطة لبورقيبة يضخم فيها من خطر الإسلاميين، حتى يحقق هدفه في الوصول إلى خلافة بورقيبة نفسه في السلطة.

فما كان من الشيخ بن باز -الذي كان متفهما لحالة مورو النفسية- إلا أن عاد إلى ولي العهد السعودي الذي اتصل أولا بالرئيس التونسي بورقيبة، لكن الأخير أجاب بأن الموضوع لدى القضاء الذي وصفه بالمستقل، وأنهى المكالمة مع ولي العهد السعودي، غير أن رئيس الحكومة التونسية آنذاك رشيد صفر، عاود الاتصال بولي العهد واعتذر عن سلوك بورقيبة

ويعتبر مورو أن تعيين بن علي في منصب وزير الداخلية كان "خطأ" ارتكبه بورقيبة، حتى أن زوجته السابقة الراحلة وسيلة لامته في هذا الاختيار بحجة أنه طالما تمسك بمبدأ "عزل الجيش عن السياسة".

لقاء بورقيبة
ومن جهة أخرى، يروي مورو قصة اللقاء الذي جمعه بالقذافي، وكيف أن السفير الليبي في السعودية أبلغه برغبة العقيد بلقائه، وكيف تم اللقاء بموافقة حركة "الاتجاه الإسلامي" مع السفير خارج السعودية التي كانت اشترطت على مورو عدم ممارسة أي نشاط سياسي عندما لجأ إليها بعد خروجه من تونس.

ويكشف مورو أن لقاءه بالسفير الليبي حدث في نيقوسيا، ثم ذهب به إلى مكان راق قريب من العاصمة طرابلس، ليتم نقله على متن طيارة خاصة إلى سرت حيث كان اللقاء مع القذافي داخل خيمة. ويروي أن القذافي تحدث معه في اللقاء الذي دام أكثر من أربع ساعات عن ما يسميها النظرية الثالثة وعن حكم الشعب، وعن قناعته بأن "الإسلام هو الدين القومي للعرب فقط"، وأن الإمام الخميني في إيران هو الوحيد الذي استطاع أن يتصدى لأميركا التي تلعب بالعالم.

ويضيف السياسي التونسي أنه خلال اللقاء كان يتخوف من شيء واحد وهو أن يسعى القذافي إلى شراء ذمته وذمة حركة "الاتجاه الإسلامي" بتقديم مساعدات لهما، ويقول مورو إنه سد الطريق على القذافي من خلال مداعبته بأن أحواله المادية أفضل من أحوال العقيد الذي لا تظهر عليه الرفاهية.

كما سد عليه الطريق في مسألة التوسط بين الإسلاميين ونظام بورقيبة من خلال إبلاغه أن القضية داخلية وتحل بين التونسيين.