شاهد على العصر

مورو يروي قصة سفره المحظور من بن علي ج9

يخصص عبد الفتاح مورو -أحد مؤسسي حركة النهضة التونسية- شهادته التاسعة للحديث عن وضع حركة “الاتجاه الإسلامي” بعد خروج قادتها من السجن بموجب قرار أصدره الرئيس بورقيبة عام 1984.

رغم أن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة أصدر في أغسطس/آب 1984 قرار الإفراج عنهم، فإن قادة حركة "الاتجاه الإسلامي" في تونس لم يمنحوا رخصة العمل العلني في الساحة السياسية. ومثلما يؤكد عبد الفتاح مورو -أحد مؤسسي حركة النهضة– في شهادته التاسعة لبرنامج "شاهد على العصر"، فقد وجد هؤلاء القادة أنفسهم مرة أخرى في صدام مع النظام.

وزيادة على عدم منحهم حق العمل القانوني، واجه قادة "الاتجاه الإسلامي" خلال خروجهم من السجن وضعا مختلفا، حيث قيادة جديدة للحركة يقودها حمادي الجبالي، ومجموعة يقودها الشيخ راشد الغنوشي أو من يعرفون بالحمائم، وأخرى يتزعمها صالح كركر ويعرفون بالصقور.

وبحسب مورو فقد وقع الاتفاق على أن تبقى الزعامة للقيادة التاريخية للحركة تحت رئاسة الغنوشي، وهو القرار الذي اتخذ خلال اجتماع لمجلس الشورى الحركة يومي 25 و26 أغسطس/آب 1984 عقد في ولاية نابل شمال تونس بحضور سبعين عضوا.

ومن أهم القرارات التي اتخذها الاجتماع أن يتم التمكين لوجود الحركة على المستويات الثلاثة: الدعوي والثقافي والاجتماعي.

ويؤكد مورو أن حركتهم لم تعرف الانشقاق مثل بقية الحركات الإسلامية في الوطن العربي، حيث اتفق قادتها على "وحدة التنظيم" مع ترك حرية الفكر والرأي لبقية الأعضاء.

وفي السياق ذاته، يشير ضيف "شاهد على العصر" إلى أن إسلاميي تونس لهم "مشروع نهضوي حداثي" يقوم على ثقافة البلد ويرتقي بالقيم التي تجعل الإنسان متحضرا "لا نقدم للناس برنامجا ورائيا.. نحن نفكر في الواقع والمستقبل".

ودعا إلى فتح باب الحوار بين المسلمين والغرب وتكسير تاريخ سبعة قرون من الصدام، ولكنه أعرب عن خشيته من أن يفسد هذه الخطوة المتطرفون منهم و"من يتحركون دون عقول منا".

سفر
ويعود مورو في شهادته أيضا إلى علاقة الإسلاميين بنظام بورقيبة، ويقول إن الصدام معه بدأ عندما بدأ هذا النظام يتآكل من داخله في قضية الخلافة عام 1986 في ظل الحصار الذي فرض على رئيس الحكومة وقتها محمد مزالي (1980-1986)، ثم عزل بورقيبة عن محيطه.

الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي -وكان حينها وزيرا للداخلية- حبس مدير أمن المطار بعدما علم أن مورو موجود في فرنسا، وذلك لأن هناك قرارا أصدره بن علي نفسه يحظر على قادة الاتجاه الإسلامي السفر إلى الخارج

وفي ظل هذه الأوضاع قرر مورو الذهاب إلى الخارج بعد التشاور مع الغنوشي ودون أن يُعلم حتى زوجته وعائلته، وتمكن من السفر إلى فرنسا في يونيو/حزيران 1986 بتسهيل من مدير أمن المطار حمد بوستة الذي كان يشرف على حراسة مورو خلال فترة إقامته الجبرية.

غير أن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي -وكان حينها وزيرا للداخلية- حبس بوستة بعدما علم أن مورو موجود في فرنسا، وذلك لأن هناك قرارا أصدره بن علي نفسه يحظر على قادة "الاتجاه الإسلامي" السفر إلى الخارج.

وكان بن علي هو من سها عن ضم اسم مورو إلى قائمة الممنوعين من السفر من قادة "الاتجاه الإسلامي"، ولذلك أطلق سراح بوستة بعد ثلاثة أيام من اعتقاله، مع العلم بأن بن علي أصدر جواز سفر مورو بطلب من مزالي، لكنه لم يسجله في وثائق الوزارة وقتها. 

ويقول مسؤول حركة النهضة التونسية إنه قرر الرحيل خارج تونس ليكون واجهة للحركة التي كان وضعها لا يبشر بالخير.

من جهة أخرى، أثنى مورو على ما اعتبرها بعض إنجازات بورقيبة الذي قال إنه نجح في مسألتين هما إشاعة التعليم والصحة في كل القرى التونسية، ولكنه أقر بأنه كان دكتاتورا متسلطا على الشعب.