بهجت أبو غربية
شاهد على العصر

بهجت أبو غربية.. القضية الفلسطينية ج10 والأخيرة

تستضيف الحلقة شيخ المجاهدين الفلسطينيين بهجت عليان أبو غربية ليروي شهادته على أحداث القضية الفلسطينية، ما هي فحوى وأهمية رسالة عرفات إلى كرايسكي ولي عهد النمسا؟.

– دور مصر ومواقف جمال عبد الناصر
– بدايات التفكير في التسوية ودور منظمة التحرير الفلسطينية

– مسار عملية التسوية والنتائج المتوقعة لها

– قضية اللاجئين الفلسطينيين ومستقبل القضية الفلسطينية

 أحمد منصور
 أحمد منصور
بهجت أبو غربية
بهجت أبو غربية


أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر، حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة الأخيرة من شهادة المناضل بهجت أبو غربية أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية، أستاذ بهجت مرحبا بك.


بهجت أبو غربية: أهلا بك.

دور مصر ومواقف جمال عبد الناصر


أحمد منصور: نسعى في هذه الحلقة الأخيرة أن نلملم هذه المسيرة الطويلة ما يقرب من سبعين عاما من الكفاح والنضال انتهت بتسوية فلسطينية مع الإسرائيليين. في الحلقة الماضية أشرت إلى نقاط خطيرة للغاية، ذكرت بأن العرب كان لديهم الاستعداد من البداية للدخول في مفاوضات صلح مع إسرائيل لكنهم كانوا يريدون أن يكون الفلسطينيون معهم، في العام 1969 حينما أنت كنت عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تم تسليم قيادة المنظمة إلى ياسر عرفات وأنت قلت إن مصر هي التي لعبت الدور الرئيسي في ذلك، كان هذا في عهد عبد الناصر وأنت لك رأي خاص في عبد الناصر، أما يعتبر هذا اتهاما لعبد الناصر أيضا بأنه لعب دورا في ترتيب عملية التسوية في وقت مبكر؟


بهجت أبو غربية: موضوع التسوية الحقيقة في مؤشرات كثيرة أن الدول العربية كانت موافقة عليها، عندك مثلا تقسيم الـ 1937 الأردن كان موافقا وعلى أساس أن يضم القسم القسم الفلسطيني للأردن وهذا لا يتم إلا من خلال قيام دولة يهودية وضم الباقي.. تقسيم.. محاولة الملك عبد الله في 1950 تكلمنا عنها سابقا الصلح، اليهود كانوا يضغطون ويعملون عمليات قتال ومذابح في القرى مثل معركة قلية وكنا نقول هذا لغرض أن تفرض إسرائيل وجودها والصلح مع.. إسرائيل قامت، بعدما قامت كان يهمها أن يجري بها اعتراف عربي واعتراف دولي وتعامل عربي وتعامل دولي مع أنه بعد 1948 كان في مقاطعة وكان عربيا ودوليا يعني فتريد أن تفرض نفسها، الدول العربية يعني في مؤشرات كثيرة أنها كانت مع إجراء التسوية وحصل..


أحمد منصور: الدول الأخرى إيه غير الأردن؟


بهجت أبو غربية: فيما بعد الحرب الـ 67، حرب الـ 67 كانت نكبة ما في شك يعني وكانت هزيمة للجيوش العربية هزيمة للأنظمة يعني ما كانش كافيا أنه في الـ 48 صرنا نقول إن الأنظمة العربية خواء و.. و.. الـ 67 دلت أيضا على أن الأنظمة العربية في وضع سيئ لكن الحرب بالذات في الـ 1968 كان القصد منها تدمير القوة العسكرية المصرية ودمرت للأسف وأصبحت مصر في وضع غير طبيعي وكل تفسير لموقف مصر في مؤتمر الخرطوم فيما يتعلق بالخط المهادن نسبيا وفيما بعد مثلا مشروع روجرز كله هذا الغرض منه كان حسب ما كان يقول لي مثلا محمود رياض نفسه ومراد غالب وآخرون من مستشاري الرئيس أن الغرض منه هو كسب الوقت لنستعد، لكن الشعار..


أحمد منصور (مقاطعا): نستعد لإيه؟


بهجت أبو غربية: لكن الشعار اللي رفع كان يلفت النظر، في الأساس الشعار كان التحرير قبل حرب الـ 67، بعد حرب الـ 67 كان إزالة آثار العدوان، إزالة آثار العدوان يعني غير محددة ممكن تخطر في بال الناس إزالة آثار العدوان طبعا ممكن تصير بالقوة لكن أيضا ممكن تصير بالسياسة، لا أستغرب أن الرئيس عبد الناصر كان يحاول يعني يوزن الإمكانيات بدليل أنه في الخرطوم قال للملك حسين روح فاوض بس تحت اللاءات، واحد اثنين ثلاثة..


أحمد منصور: يتفاوض مع مين؟


بهجت أبو غربية: يتفاوض مع اليهود.


أحمد منصور: قال للملك حسين؟


بهجت أبو غربية: هذه قرارات الخرطوم مش هو، قرارات الخرطوم فوضت الملك حسين أن يعمل ما يستطيع -هذا النص اللي استعملوه، مش روح فاوض يعني بس المعنى بالنهاية يعمل ما يستطيع لاسترجاع الضفة الغربية تحت اللاءات الثلاثة، لا مفاوضة -على قولة يفاوض- لا مفاوضة، لا اعتراف، لا صلح. فهذه الاشتراطات يعني كانت نظرية أما هي تبيح نوعا من الاتصالات وبدأت الاتصالات من ذلك الوقت يعني ما فيهاش كلام بين الأردن وبين اليهود. فلا أستبعد يعني أن عبد الناصر كان مثلما بيقول بدائل أمكن ما أمكنش كذا لكن شيئا فشيئا كان واضحا أن هذا مش ممكن وكما قلت لك كان مستشارو الرئيس يعني وأركان الحكم يعني في ذلك الوقت يقولون لي أنا يعني بالاتصالات معهم..


أحمد منصور (مقاطعا): قل لي بالضبط من اللي قال لك وكان يقول لك إيه؟


بهجت أبو غربية: أنا محمود رياض بنفسه.


أحمد منصور: كان وزير خارجية في ذلك الوقت؟


بهجت أبو غربية: نعم، محمود رياض.


أحمد منصور: مراد غالب بعده كان وزير خارجية في عهد السادات.


بهجت أبو غربية: هذا موضوع ثاني، الدكتور مراد غالب، كمال الدين رفعت كلهم كانوا يقولون إحنا بوضع انتظاري يعني ننظم أنفسنا.


أحمد منصور: طيب تفسيرك إيه لقبول عبد الناصر بمبادرة روجرز سنة 1970 وكانت عبارة عن تسوية بين العرب وإسرائيل؟


بهجت أبو غربية: لا، شوف..


أحمد منصور: دعوة للتسوية.


بهجت أبو غربية: شوف، مشروع روجرز كان نقطتين يتكون من نقطتين، وقف إطلاق النار وتطبيق قرار 242.


أحمد منصور: يعني الدخول في تسوية.


بهجت أبو غربية: عفوا، قرار 242 كان مقبولا من الأساس وأنا من يوم ما قبلوا قرار 242 كنت أجادلهم أقول لهم قبلتم قرار 242 على أي أساس؟ هل تعتقدون -والله هذا الكلام بيني وبين محمود رياض بالذات يعني بالدرجة الأولى- هل تعتقدون أن 242 رح يعيد الضفة الغربية؟ الضفة الغربية ما عدناش نتكلم في التحرير يعني في هذاك الوقت، فقال لا نحن مش معولين عليه نحن نريد كسب وقت للاستعداد، هذا الذي أعرفه هذا الذي قيل لي بغض النظر عن وجهة نظرك أو نظرتك وتحليلك هذا شيء آخر..


أحمد منصور: مش تحليلي أنا بس بشكل فردي..


بهجت أبو غربية: لا، ما هو استنتاجات يعني.


أحمد منصور: الناس كلها تقرأ كما أنت تستنتج آخرون يستنتجون أيضا من الأشياء التي تطرح على الساحة بل على العكس الدكتور مصطفى خليل قالها بوضوح في شهادته على العصر..


بهجت أبو غربية: خطورة مشروع روجرز..


أحمد منصور (متابعا): الدكتور مصطفى خليل -وبثيتها- قال إن قبول عبد الناصر لمبادرة روجرز كان يعني القبول بالدخول في تسوية سلمية مع الإسرائيليين وهذا كان رجلا يعتبر من رجال عبد الناصر كما هو كان من رجال السادات بعد ذلك وهو الذي وقع اتفاقية كامب ديفد.


بهجت أبو غربية: هو بيقدر يقول هالكلام لأنه كمان مرة أقول ما هو مشروع روجرز؟ وقف إطلاق النار وتطبيق قرار 242، تطبيق قرار 242 معناه بده مفاوضات وبده بحث وبده كذا نعم لكن جرى بحث، هم من وجهة نظرهم من وجهة.. قم قبلوا قرار 242 قبل مشروع روجرز وسوريا بعدما صار حافظ الأسد رئيسا قبل قرار 242، الأردن قبل قرار 242، الجامعة العربية قبلت قرار 242 فكان هذا واقعا يعني مش جديد مشروع روجرز، الجديد كان وقف إطلاق النار، وقف إطلاق النار كانوا يقررونه أنا صار بيني وبينهم هنا في عمان ملحق عسكري كان صار جدال بيني وبينه..


أحمد منصور: ملحق عسكري مصري؟


بهجت أبو غربية: كان واحدا يسمي نفسه سامي، ما أعرفش اسمه إيش هو لكن كان اسما مستعارا وهذا الاسم هذا الشاب كان يعني زي ضابط ارتباط مع الفدائيين كلهم يعرف كل المنظمات والعلاقات فيها إلى آخره كان يسمي نفسه سامي بس أنا أعرف أنه اسم رمزي يعني. فسامي قال لي أنت ليش بتخطب ضد مشروع روجرز؟ أنا خطبت وتكلمت كثيرا في ذلك الوقت واللي كان حاصل مصر كان فيها حرب الاستنزاف وما كانش في عمل فدائي من مصر، لما قلت له يا سامي أنا مش ضد مصر ومش ضد عبد الناصر أنا ضد مشروع روجرز، أفهم ليش، قلت له لما يصير وقف إطلاق النار البند الأول مصر تأمر جيشها بوقف إطلاق النار، عنا في الأردن الجيش الأردني ما فيه يطلق نار بيننا وبين اليهود، وقف إطلاق النار يعني وقف العمل الفدائي، وقف العمل الفدائي في الأردن إحنا لا يمكن أن نقبله، معناها بده يصير بيننا وبين الجيش الأردني اصطدام وهذا ما حصل، وحتى قلت.. قال هو لا، الرئيس عبد الناصر ما يقبلش ذبح الفدائيين، قلت له حنذبح نحن شايفين حالنا بدنا نذبح ونظل ساكتين؟ قال لا، الرئيس عبد الناصر ما يقبلش يذبحوا الفدائيين، قلت له أنا متأكد أنه ما بيقبلش ذبح الفدائيين لكن اسمع يا سامي عندما يبدأ الجيش الأردني أو الملك حسين بالمذبحة للعمل الفدائي لن يستطيع الرئيس عبد الناصر وقفها لن يجد وسيلة يعني وإذا كان يشعر بأن له يعني أثر أدبي ومعنوي على الملك حسين هذا شيلوه من الحساب.

بدايات التفكير في التسوية ودور منظمة التحرير الفلسطينية


أحمد منصور: في نقطة مهمة أيضا خطيرة أنت قلت عنها إنه ربما يكون تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية تمهيد لدخول هذه المنظمة في تسوية مع الإسرائيليين، ما الذي يجعلك تقول ذلك؟


بهجت أبو غربية: لأن..


أحمد منصور: وهي اسمها منظمة التحرير.


بهجت أبو غربية: لأنه قلت أنا أكثر من مرة اليوم يعني وفي أكثر من حلقة، إنه كانت الحكومات العربية عندها نية وعندها استعداد لتسوية للقضية الفلسطينية تسوية سياسية وكنا دائما نخشى هذا وكلما يصير حدث يعني لما قامت منظمة التحرير ليش قامت؟ كذا؟ هل هو حقيقة؟ أنا رحت رأسا وقتما قامت..


أحمد منصور: في 1964؟


بهجت أبو غربية: لا، والله هي بدأت الفكرة الكيان الفلسطيني في 1959، في 1960، قابلت كمال الدين رفعت قلت له شو اللي بدكم إياه؟ بدكم كيان فلسطين، سألوني الشباب يعني هل توافق على كيان فلسطيني؟ قلت لهم نفهم ليش.. مصر هي القوة الرئيسية ماذا تريد؟ فقابلت كمال الدين رفعت ورجاني أشياء يعني كان في مفاوضات بينهم وبين الحاج أمين حول الموضوع إلى آخره وقال لي لا، إحنا.. قلت لهم بدكم هيئة سياسية تفاوض؟ بصراحة يعني إذا بدكم هيئة سياسية ساووا ليش لا؟ بس مش إحنا، إذا بدكم نسيء للتحرير؟ قال لا، إحنا بدنا للتحرير. هذا كله يعني كان مطروحا إنما المخاوف كانت قائمة مخاوفنا أنا مخاوفي بالذات..


أحمد منصور (مقاطعا): ممن؟ مخاوفك ممن وأنت يعني ممن؟


بهجت أبو غربية: من العرب ككل من جامعة الدول العربية، جامعة الدول العربية مسيطر عليها إنجليزيا يعني جامعة الدول العربية من يوم ما انخلقت وهي أداة بيد الإنجليز..


أحمد منصور (مقاطعا): إلى اليوم؟


بهجت أبو غربية: لكن عبد الناصر كان..


أحمد منصور (مقاطعا): إلى الستينات والخمسينات؟


بهجت أبو غربية: الجامعة؟


أحمد منصور: نعم.


بهجت أبو غربية: يعني ما عنديش فكرة واضحة لكن لحد حرب فلسطين لحد الخمسينات نعم لأواخر الخمسينات نعم كان في سيطرة إنجليزية على الجامعة العربية ولليوم وبكره يعني في عليها سيطرة أجنبية لأنها هي محصلة أصلا.


أحمد منصور: يعني أنت تشكك في استقلالية الجامعة؟


بهجت أبو غربية: الجامعة العربية هي محصلة للدول العربية، معظم الدول العربية خاضعة للأنظمة الأجنبية إيه بتطلع نتيجة طبيعية يعني محصلة.


أحمد منصور: الآن أنت أشرت لشيء خطير، لأبقى في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وكونها صنعت لتقوم بالتسوية مع إسرائيل.


بهجت أبو غربية: ما بأقولش إنها صنعت، أقول كان عندي مخاوف أنها صنعت لهذا.


أحمد منصور: والمخاوف دي الآن بعدما هي قامت بالتسوية؟


بهجت أبو غربية: اللي حصل أنه في عهد الشقيري في أيام ما كنا في اللجنة التنفيذية ما حصلش يعني من اللجنة التنفيذية ومن الشقيري أي تقدم نحو شيء من هذا القبيل على الرغم من أنه أعتبر أنا أنه جرت بعض الاتصالات مع اللجنة التنفيذية في أيامنا بهذا الخصوص.


أحمد منصور: ممن؟


بهجت أبو غربية: يعني مثلا وكالة الغوث قالوا لنا استلموا موضوع اللاجئين وخذوا الفلوس بتوع اللاجئين وأشرفوا على اللاجئين، هذا نوع من التسوية. بعض السفراء هنا في عمان كانوا يتصلون ببعض أعضاء اللجنة التنفيذية، السفير الفرنسي مثلا في عمان، هذا الحكي في 1967، شايفين قوة اليهود وكذا وكذا ادخلوا في مفاوضات.


أحمد منصور: لكن ما فيش طرف عربي طلب منكم.


بهجت أبو غربية: أنا شخصيا لا أعرف يعني، مني أنا بالذات أو من..


أحمد منصور (مقاطعا): يعني أنت تقصد أن مجموعة الشقيري استبعدت في سنة 1969 لكي يأتي محلها مجموعة ياسر عرفات وتسير في التسوية التي تم توقيعها في 1993؟


بهجت أبو غربية: والله مش بهالشكل تماما، اللي حصل..


أحمد منصور: طيب قل لنا الشكل اللي أنت متصوره.


بهجت أبو غربية: اللي حصل أن فتح أخذت يعني سمعة وتوسع وبرستيج يعني لكل الدول العربية، سوريا تخطب ودها، السعودية بعدما كانت معارضة، الحاصل، مصر تخطب ودها فكانت يعني قوة بارزة واستطاعت أنها تعمل تنظيما شعبيا فلسطينيا واسعا، هذه حقيقة يعني، لكن فتح من يومها يعني من يوم ما دخلت المجلس الوطني الفلسطيني تموز 7/ 1968 شاركت، مع أنهم رفضوا يعني إحنا في أول ما راح الشقيري قلنا بدنا نشكل مجلسا وطنيا جديد ودعوناهم وأنا كنت أفاوضهم ادخلوا في إطار واحد اللي هي منظمة التحرير ولا تتوقعوا.. لأنهم كان خطهم أن كل الناس لازم يدخلوا في فتح، كانت الجزائر تشجعهم على هذا قياسا على ما جرى في الثورة الجزائرية، قلنا لهم مش ممكن إلا ضمن إطار منظمة التحرير وهم اختلفوا بين بعضهم وستة أشهر وأنا أفاوضهم لحد ما وافقوا بمساعي أيضا يعني جانبية من هنا وهناك على الاشتراك في المجلس الوطني الذي عقد في 1968، عقدنا المجلس الوطني في 1968 وهم مشاركون، كانوا يصورون حالهم أغلبية يعني اتضح أنهم مش أغلبية وأنا قلت هذا..


أحمد منصور: أنت أشرت إلى ذلك.


بهجت أبو غربية: لكن الأهم من هذا الحقيقة أنه بعد فترة قصيرة يعني انفضت الدورة، أبو إياد عمل تصريحا في الصحف نقترح إقامة دولة علمانية في فلسطين للعرب واليهود ولكل الطوائف. إقامة دولة علمانية؟! كيف ممكن تصير؟! بدها تكون من خلال المفاوضات، يعني من هنا بدأ الطرح. بعده بفترة قصيرة..


أحمد منصور (مقاطعا): سنة كم تفتكر؟


بهجت أبو غربية: هذه في 1968. بعد فترة قصيرة بدأ في الطرح يعني أنا مثلا شخصيا بحث معي ياسر عرفات هنا في جبل الأشرفية شخصيا بيني وبينه..


أحمد منصور: متى؟


بهجت أبو غربية: في أيلول، بعد أيلول يعني بين أيلول والأحراش يعني في السبعين بعدما هدأت الأحوال شوي في عمان.


أحمد منصور: نهاية السبعين.


بهجت أبو غربية: قريب من نهاية السبعين. ما رأيك في حكومة منفى، إنشاء حكومة منفى؟ قلت له مشان إيش حكومة المنفى يا أبو عمار؟ حكومة منفى من أجل التفاوض، التفاوض من وضع الضعف معناتها التسليم، قال لا، لا، هو أنا مجرد سؤال عابر. لكن بعدها بفترة قصيرة رحت للشام سألني بعض الشباب شو رأيك وكذا وقالوا لي إن أبو عمار قال لنا روج لفكرة حكومة منفى. إحنا عرض عنا هون علينا ونحن لجنة تنفيذية بأقول لك كان اتصالات رفضنا، جاء إلى عمان بروفسور أميركي اسمه بروفسور فيشر، هذا الحكي في أوائل 1968 هذا البروفسور فيشر قيل إنه صديق شخصي للرئيس الأميركي وإنه نصير للعرب، إجا لعنا وطلب مقابلة اللجنة التنفيذية الموجودين كان يحيى حمودة وعبد القادر وأنا، طلب مقابلتنا، رفضنا لأنه نشك في هدول الناس وقولة أنه صديق وما صديق يعني رفضنا خصوصا الشخص العربي اللي جاءنا يعني ما كانش مريحا يعني فرفضنا، بعث وسيطا ثانيا بعث وسيطا ثالثا، الوسيط الثالث قال يا أخي هذا الرجل يعني مالوش غرض ليش بدكوش تقابلوه؟ معلش هو كل ما هنالك عنده اقتراحات، هذه الاقتراحات، جاب لنا اقتراحات خطية..


أحمد منصور: ما هي؟


بهجت أبو غربية: الاقتراحات الخطية تاعة البروفسور فيشر، طبعا قرأناها، جابها لنا، الاقتراحات الخطية أولا صفحتان من التمجيد في النضال الفلسطيني وأنتم مظلومون وأنتم لكم حق و… و…


أحمد منصور: الرجل نصير لكم أهه.


بهجت أبو غربية: انتصار هائل للنضال الفلسطيني وللفدائيين، بعدها بتيجي الاقتراحات، الاقتراح الأول تحل منظمة التحرير وتشكل جبهة التحرير الفلسطيني.


أحمد منصور: إيه الفرق؟


بهجت أبو غربية: وتوافق عليها الدول العربية تعترف بها الدول العربية وبعد ذلك تشترك في كل النشاطات السياسية في الأمم المتحدة وغيرها. في فرق بين منظمة التحرير وجبهة التحرير، معناه غيروا ميثاق منظمة التحرير، هذا المدلول السياسي الذي ينادي بالحرب وبينادي بالعمل الفدائي وشكلوا تنظيما جديدا له فكر ومواقف جديدة تعترف فيها الدول العربية، هي معترفة فينا بس بده يصير اعتراف جديد على أسس جديدة..


أحمد منصور: طرح شكلا من أشكال الأسس هذه؟


بهجت أبو غربية: ما قعدناش إحنا، هذه اقتراحاته بس هذا تحليلنا لها. الاقتراح الآخر الثاني، الاقتراح الثاني من البروفسور فيشر، تستقيل الحكومة الأردنية وتشكل حكومة مناصفة أردنية فلسطينية -يعني من منظمة التحرير بالذات- وهذه الحكومة يعني إذا حصل شيء من هذا، وهذا كان الحقيقة مطروحا في الأردن قبل مجيئه يعني كان استشارات واتصالات من النظام يعني نفسه، فالوزارة اللي بتتشكل نصفها منظمة تحرير نصفها حكومة أردنية يعني بتفتح أمامها الأبواب للمشاركة في الأمم المتحدة بكل المجالات السياسية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، يعني إيش؟ يعني تدخل في مفاوضات سياسية. الاقتراح الثالث وهذا اقتراح يعني كان في رأيي غير مقصود منه سياسة بقدر ما مقصود منه نوع من الإساءة لنا والإحراج لنا، أنتم استلموا حكم الأردن وادخلوا في السياسة.


أحمد منصور: إزاي؟


بهجت أبو غربية: احكموا البلد يعني معناته أن أميركا مستعدة تحكمك البلد واحكم البلد بس ادخل في السياسة وادخل في مفاوضات مع اليهود، إيه هذا معناه هذا اتصال بروفسور فيشر. وتبين فيما بعد -لي يعني فيما بعد- أنه اتصل في بيروت فيما بعد يعني بأبو جهاد واتصل بوليد قمحاوي يعني اتصل بغيرنا فيما بعد وتبين أنه من عتاة مخابرات الـ سي آي إيه، البروفسور فيشر، في اتصالات يعني إحنا رفضنا لكن..


أحمد منصور: لكن غيركم قبل.


بهجت أبو غربية: غيرنا قبل نعم. الدلائل، أول دليل رسالة اللي حملها الدكتور عصام سرطاوي لكرايسكي اللي هو مستشار النمسا والتي اعترف ياسر عرفات في المجلس الوطني لما ضغطنا عليه أنه هو الذي كلفه بإرسالها.


أحمد منصور: متى سنة كم؟


بهجت أبو غربية: هذا الحكي في 1973، 1974، الاعتراف من ياسر عرفات كان في 1974 على ما أذكر والرسالة حملها كرايسكي لليهود وقالوا مش مكلف كان يعني من ذاته يعني، الرسالة ورد فيها نص صريح، لأنه جبرناهم في المجلس الوطني 1974 أن نطلع على هذه الرسالة، كان مكتوبا عنها في الجرائد شيء كثير، نقول لهم اسمعوا يعني في من هذا الكلام ولا ما فيش؟ حتى نقدر نقول آه أو لا، ورجوا وقولوا يا آه يا لا، عصام سرطاوي كان موجودا طلب الكلام قال له ياسر عرفات لا تتكلم، طيب بدنا نعرف قولوا آه أو لا؟ ضغطنا يعني ضغطا كبيرا في المجلس الوطني..


أحمد منصور (مقاطعا): فحوى الرسالة إيه؟


بهجت أبو غربية: الرسالة بعدين قرئت يعني فيها بند رئيسي، منظمة التحرير على استعداد أن تعقد معاهدة عدم اعتداء مع إسرائيل، كيف ممكن تصير معاهدة عدم اعتداء مع أسرائيل؟!


أحمد منصور: سنة 1974؟!


بهجت أبو غربية: نعم، هذه رسالة عصام سرطاوي اللي سلمها عصام سرطاوي لكرايسكي وكرايسكي مستشار النمسا نقلها لليهود. بدأ بعدين محاضرات وأحاديث وغيره في أن.. هاني الحسني في له محاضرة في لندن عند اليهود بيقول لهم إحنا موافقون على تسوية ومفاوضات مع إسرائيل لكن شعبنا مش راضي وإحنا عم نهيئ شعبنا لقبول ذلك.


أحمد منصور: سنة كم؟


بهجت أبو غربية: محاضرة لندن والله لا أذكر يعني.


أحمد منصور: في السبعينات يعني؟


بهجت أبو غربية: يعني في الثمانينات نعم.


أحمد منصور: لكن إذا في الثمانينات إذا رسالة عصام سرطاوي في 1974؟


بهجت أبو غربية: الآن على الستلايت في واحد من أسبوع يعني فرنسي أظن..


أحمد منصور: إريك لوريل؟


بهجت أبو غربية: أظن، قال إنه من قبل أوسلو الأولى سماها قبل ما تعقد مفاوضات أوسلو كان في مفاوضات مع كوهين الأميركي المعروف اليهودي واللي كان قائما فيها محمود عباس، أصلا محمود عباس من 1974 جابه لنا ياسر عرفات حتى يشرح موضوع رسالة كرايسكي وكذا، حط مظلة أنه هو يقوم بنشاط وبده يأخذ الموافقة عليه تقريبا، يقوم بنشاط لتفسيخ وتدمير المجتمع الإسرائيلي من داخله.


أحمد منصور: طيب هذه نظرية أما يمكن تحقيقها؟


بهجت أبو غربية: أي نظرية؟


أحمد منصور: تفتيت المجتمع الإسرائيلي من داخله وتمزيقه.


بهجت أبو غربية: يعني أولا..


أحمد منصور: كثير من الشخصيات الموجودة في السلطة الآن تقول..


بهجت أبو غربية: الفكرة كفكرة ممكن تخطر على البال لكن المهم الإمكانيات وهل فعلا هذا النشاط من أجل ذلك؟

مسار عملية التسوية والنتائج المتوقعة لها


أحمد منصور: هم يقولون بأن عملية التسوية الآن شقت المجتمع الإسرائيلي لأن المجتمع الإسرائيلي في ناس مؤيدة للسلام وناس معارضة وهم استطاعوا أن يشقوا الصف الإسرائيلي.


بهجت أبو غربية: لا، لا، ما شقوه، أنا عايش بين اليهود.. اليهود من الثلاثينات الحزب الإصلاح جابتونسكي، الحزب الصهيوني للعموميين، بن غوريون ووايزمن بينهم دائما صراعات لكن كل الأحزاب عندها موقف واحد مائة المائة من نقطتين ما في عنهم يعني خلاف نقطة أن هذه أرض إسرائيل كلها يجب أن تصبح أرض إسرائيل لليهود، اثنين أن القدس يجب أن يحتلوها وتعود، هذا كل الأحزاب وكل الشخصيات.


أحمد منصور: أستاذ بهجت الآن منطق الذين دخلوا في مفاوضات تسوية مع إسرائيل أنكم أنتم تناضلون منذ الثلاثينيات وربما قبلها بسنوات عديدة ولم تستطيعوا أن تصلوا إلى شيء وكل يوم إسرائيل بتأخذ مكاسب جديدة وهم دخلوا للحصول على مكاسب على أن تأتي الأجيال فيما بعد لتحاول الحصول على المزيد، الظروف فرضت ذلك لماذا لا تتعامل أنت أيضا مع الواقع المفروض وتقبل بالتسوية مع إسرائيل؟


بهجت أبو غربية: الآن يطرح سؤال، وهذا أصبح فيه شيء منه كثير واقعي، هل ما تعمله منظمة التحرير أو ياسر عرفات في الوقت الحاضر هو مكاسب فلسطينية ولا تسليم ومخاسر فلسطينية وبالعكس مكاسب لليهود؟


أحمد منصور: مكاسب.


بهجت أبو غربية: مكاسب فلسطينية؟ لا أنا أختلف معك.


أحمد منصور: أنا تحاورت مع قيادات في السلطة وقالوا إن كل شبر نكسبه نحن كل يوم نحقق مكاسب منذ أوسلو إلى الآن.


بهجت أبو غربية: هم ما كسبوا ولا شبرا، هم أعطوا صلاحية وحتى الآن واضح مثل عين الشمس صلاحيتهم أن يديروا الناس وليس الأرض، أنت أو أنا أو أي واحد لسه الآن لما بيدخل على اليهود لازم أولا هم اللي يسمحون لهم، حتى ياسر عرفات لما بعض الشخصيات يقولون له بيقول له بأحكي لك.. بدي أدخل عندك يعني بيقول له أحكي لك مع فلان من اليهود يعني. فأنا من وجهة نظري هم بيقولوا طبعا السلطة أنه نحن نراكم المكاسب، هم يراكمون التنازلات أنا برأيي واليهود في وضع أقوى منهم وقادر أن يفرض، اليهود مش..


أحمد منصور (مقاطعا): لكن هم يقولون إن الظروف سوف تتغير مستقبلا وسوف يثبت أنهم هم الذين على حق وأنتم على باطل.


بهجت أبو غربية: ما يجري الآن أنه في قول بأن ما يجري الآن مكسب، أنا عند هذه النقطة أقف، ما يجري الآن ليس مكسبا، هو تنازل عن حقوقنا خطوة خطوة ومكسب لليهود خطوة خطوة.


أحمد منصور: أنت تعتبر التنازلات بدأت منذ 1968 حينما طرح أبو إياد قضية الدولة العلمانية الواحدة ثم بعد ذلك أرسل ياسر عرفات رسالته إلى كرايسكي سنة 1974، أنت كنت موجودا عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني وأيضا كنت عضوا في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، لماذا لم تتخذ خطوات مبكرة لإيقاف هذه المسيرة؟


بهجت أبو غربية: إحنا من 1964.. عفوا، من 1974 شكلنا ما يسمى جبهة الرفض، كان الجبهة الشعبية، جبهة التحرير العربية، جبهة النضال يعني عدة منظمات شكلنا معارضة باسم جبهة الرفض وقاومنا التيار اللي كان قائما..


أحمد منصور: والآن الأفكار تغيرت وفي مساعي من بعض هؤلاء الرافضين للدخول في مفاوضات وتسوية مع إسرائيل.


بهجت أبو غربية: بالضبط، صار في ميوعة يعني لكن من يوم ما بدأ الخط هذا يتضح ونحن نرفضه، عندما طرح نايف حواتمة في المجلس الوطني إقامة السلطة الوطنية أنا قدمت يعني كراسا خطيا مطبوعا وزعته باسم جبهة النضال يعالج موضوع السلطة الوطنية وقلت إن السلطة الوطنية لا يمكن إقامتها إلا بالصلح مع اليهود وتجادلت أنا ونايف يقول لا مش شرط الصلح. في فرق بين ما تقيم سلطة وطنية لما أنت تكون بالثورة وتحتل أرضا طبعا بدك تعمل سلطة لكن سلطة وطنية بالقوى الحالية بميزان القوى القائم لا يمكن إلا بالتفاوض مع اليهود ولأنك بدك تتفاوض من موقع الضعف بدك تكون تستجدي.


أحمد منصور: متى وصل إليك تأكيدا ويقينا بأن منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات في طريقها للدخول في تسوية أكيدة مع الإسرائيليين؟


بهجت أبو غربية: هو يعني الموقف الحاسم، كل هذه كانت مؤشرات واتجاه ونوايا وإلى آخره لكن الموقف الحاسم كان لما طرحت فكرة مؤتمر مدريد، جاء بيكر وفاوض وكذا وكانوا يخبوا عنا يعني حتى في المجلس الوطني اللي وافق على إقامة دولة فلسطينية ستار، وافق على 242 ووافق على مدريد وافق على كذا، يا أخي قولوا لنا أنتم يا قيادة منظمة التحرير ماذا جرى بين بيكر وفيصل الحسيني حتى نقول آه ولا، فكانوا سرا ماشيين واستطاعوا فتح يعني فيما بعد كونت أغلبية في المجلس الوطني وكنا أحيانا إحنا نقول إن المعارضة يجب أن تبقى من الداخل أحيانا نقول لا يعني خلي المعارضة.. يعني بعض المؤتمرات المجلس الوطني كنا ما نحضرهاش، فوقتها كنا حاضرين كان يوم ما بدأ المجلس الوطني وقبل المفاوضات وجابوا لنا فيصل وحنان عشراوي على المجلس الوطني اسمنهم مهربين من اليهود ليقنعوا المجلس الوطني أن يقبل الدخول في مفاوضات مدريد، طيب إيش قالوا لك يا فيصل؟ إيش هو آخر لقاء بينك وبين بيكر؟ ما نعرفش ما يقولوش للناس، أوهموا الناس دولة فلسطينية وإقامة دولة فلسطينية تحت ستارها قبل 242.


أحمد منصور: في 21 أكتوبر 1990 تقدمت باستقالتك من المجلس الوطني الفلسطيني هل معنى ذلك أنك تعلن الآن وبشكل علني بعدما تأكدت من أن منظمة التحرير سوف تدخل مسيرة التسوية تعلن رفضك لمسيرة التسوية والدخول فيها؟


بهجت أبو غربية: بطبيعة الحال مش بس كده يعني أنا صرت أعتبر أن منظمة التحرير لم تعد تمثل شعب فلسطين.


أحمد منصور: لماذا؟


بهجت أبو غربية: لأن الخط اللي هي مثلته فتح في منظمة التحرير أنا عندي قناعة أن أغلب الشعب الفلسطيني غير قابل رغم كل الدعايات ورغم كل الإحباط ورغم كذا..


أحمد منصور (مقاطعا): لكن دخلوا الآن إلى فلسطين وعملوا انتخابات وفازوا فيها.


بهجت أبو غربية: أنت أدرى بالانتخابات ولا بد وصلتك معلومات كيف زيفت، نفس الكتاب اللي أصدره أبو مازن..


أحمد منصور: أوسلو.


بهجت أبو غربية: "الطريق إلى أوسلو" بيقول إن اليهود قالوا لنا بدنا مجلسا واليهود قالوا لنا من الآن شوفوا مين جماعتكم اللي بره مشان ندخلهم لكم مشان ينجحوا بالمجلس، ليش؟ اليهود بدهم مجلس هدول يعني بينظروا للأمور يعني بمستوى موضوعي ومخطط، ما بيكفيش يقال في التاريخ في المستقبل إن واحدا اسمه ياسر عرفات وافق لهم، يجب أن تجري انتخابات ويجي مجلس يمثل الناس وهو اللي يوافق، وهذا اللي جرى للأسف.


أحمد منصور: يعني هم يقولون إنهم يحققون مكاسب وأنتم الآن مجرد تحققون خسائر، أنت تقاتل منذ سبعين عاما ولم تحقق أي مكاسب.


بهجت أبو غربية: يا سيدي أجيب لك مثلا بسيطا، الدكتور حيدر عبد الشافي صديقي من اللجنة التنفيذية الأولى يوم ما كان بده يروح على مدريد، أنا استغربت يعني، جاء إلى عمان التقينا فقلت له يا دكتور حيدر أنا والله ما أزال يعني محبتك وثقتي فيك كاملة وأعتقد أنك قبلت هذه المهمة لتخدم شعبك لكن أنا بدي أسألك ماذا تستطيع أن تحقق في ظل مش بس اليهود، مرجعيتك ياسر عرفات؟ لأنه بالنهاية هو اللي بده يقرر، الوفد اللي معك فيه فلان وفلان يعني بيخربوا عليك بس بدي أسألك مع ذلك شو بدك تساوي، يعني اللي بده يروح يفاوض بده يحقق شيئا، ماذا تتمنى أن تحقق؟


أحمد منصور: قال لك إيه؟


بهجت أبو غربية: قال لي أنا شاعر يعني بالإحباط وغيره وغيره، أنا إذا حققت وقف الاستيطان بأكون حققت شيئا، بغير وقف الاستيطان البلاد عم تتهود شيئا فشيئا بيستولوا عليها، المفصل من وجهة نظري وقف الاستيطان. وأنت ترى لحد الآن الاستيطان يتوسع مش يخف حتى في عهد رئيس..


أحمد منصور (مقاطعا): أنا التقيت الدكتور عبد الشافي وذكر لي أيضا أنه فوجئ وصدم بأن هناك مفاوضات سرية تجري في الوقت الذي كان هو مع حنان عشراوي يفاوض في واشنطن.


بهجت أبو غربية: طبعا، طبعا. لا، بس أنا أقول على المكاسب على قضية المكاسب، حتى أنا يومها قلت له، قلت له دكتور هذا شيء أساسي عند اليهود، اليهود عندهم خطان رئيسيان، جيب مهاجرين وجيب كل مهاجري العالم هذا ما يزال للآن أي يهودي في العالم بده يجيء بيعتبروه مهاجرا بره، لما بتجيب يهود العالم كلهم في فلسطين ماذا يترتب عليه؟ بده يترتب عليه توسع بده يترتب عليه طرد العرب، والاستيلاء على الأراضي، الاستيطان يعني هو العمود الفقري للنشاط الصهيوني.

قضية اللاجئين الفلسطينيين ومستقبل القضية الفلسطينية


أحمد منصور: الآن في قضية مزمنة أنت عايشتها من بدايتها أو بعد بدايتها بقليل إلى.. لا، من بدايتها من الثلاثينات على وجه الخصوص وزخمها وهي قضية تهجير اللاجئين الفلسطينيين وهناك الآن مقترحات كثيرة حول قضية التهجير، أريد بإيجاز في ختام هذه الشهادة أن تدلي بشهادتك على قضية اللاجئين الفلسطينيين باختصار.


بهجت أبو غربية: يا سيدي هذا موضوع مهم جدا لأنه الآن تجري محاولات ومؤتمرات ومساعي كثيرة لإنهاء قضية اللاجئين، نفس أميركا عملت لجانا على أعلى مستوى وتقول تقارير هذه اللجان إنه لا تنتهي القضية الفلسطينية إلا بإنهاء قضية اللاجئين وإنهاء قضية اللاجئين بإعطائهم جوازات سفر ليقيموا ويستوطنوا في الدول المقيمين فيها. هذه بدأت من 1937 نفس مشروع تقسيم الـ 1937 اللي اقترحته لجنة بيل كان في بند صريح وواضح منطقة الجليل الغربي في فلسطين في الشمال الغربي كانت كلها عرب فيها 240 ألف عربي ليس فيها مستوطنة واضحة طلعت بحصة التقسيم في 1937 فكان نص يهجروا إلى شرق الأردن يعني ينقلوا وصار جدل مين.. فقضية اللاجئين أيضا لما صارت في 1948 اليهود مش عملوا إرهاب وقبية وغيرها وهم نفسهم كتابهم كتبوا كيف كانوا يدخلوا البلد يكون فيها أهلها مثل اللد مثل الرملة مثل بعض القرى وبعدين يطردوهم. اللي حصل أيضا أن الحكومات الأجنبية اللي تآمرت بسايكس بيكو بوعد بلفور غربية تآمرت أيضا لتسليم فلسطين خالية من السكان ودليلي على ذلك لما صار اللجوء الفلسطيني كيف تصرفت الأمم المتحدة؟ الأمم المتحدة أصدرت قرار 194 عودة أو تعويض، كلمة تعويض تطعن كلمة عودة إلى حد غير قليل، اتركها، العودة، ماذا قامت بإجراءات فيما يتعلق بالعودة؟ عملت كل ما هو عكس العودة، في ذلك الوقت يا سيدي كان في ولا تزال لحد الآن مؤسسة أو هيئة من هيئات الأمم المتحدة اسمها المفوضية العامة لشؤون اللاجئين هذه أنشئت بعد الحرب العالمية الأولى مهمتها المحددة إعادة اللاجئ إلى بلده وخدمته إذا لم يعد، المفوضية العام، لم توكل قضية اللاجئين الفلسطينيين للمؤسسات اللي كانت موجودة وشكل ما سمي الأونروا لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأوسط، لاحظ كلمة في الشرق الأوسط..


أحمد منصور: علشان يستوطنوا.


بهجت أبو غربية: وهذه الهيئة اللي هي الأونروا حاولت بطاقات اللاجئين تشتري من اللاجئ بطاقته وتلغي كونه لاجئا، هذا نوع من التوطين، حاولت تعمل تعليما لصناعات خفيفة والتشغيل واللي تشغله أو تعمل له خبرة تسحب بطاقته كلاجئ، من الخمسينات، وأيضا شكلوا لجنة اسمها لجنة التوفيق اللجنة هذه أحصت أملاك اللاجئين حتى يصير قادر للتصرف أنا لي القطعة الفلانية وإلى آخره، هذه برضه وكالة الأونروا اللي عملتها، عملوا هيئة اسمها اللجنة الاقتصادية -الأمم المتحدة- للشرق الأوسط هذه -الاقتصادية- هذه درست أوضاع الأردن ولبنان بصفة خاصة وقالت أعطوا مساعدات للأردن ومساعدات للبنان يعملوا طرقا يعملوا كذا يعملوا كذا حتى يصير الوضع الاقتصادي العام هو بيطبيعته يستوعب..


أحمد منصور (مقاطعا): خلاصة موضوع اللاجئين؟


بهجت أبو غربية: خلاصة موضوع اللاجئين أن الأمم المتحدة والغرب واليهود متآمرون على أن اللاجئين لا يجوز أن يعودوا إلى بلادهم، والآن الآن يعني في شيء واضح مثل عين الشمس، في عندك المعاهدة الأردنية نص صريح في المعاهدة الأردنية معاهدة وادي عربة مع إسرائيل تقول مساعدة اللاجئين على كذا وكذا بما في ذلك التوطين، نص في المعاهدة! في عندك اتفاق يوسي بيلن محمود عباس هذا اللي يعني هم يتجاهلونه أو يتسترون عليه هذا اتفاق صار معروفا، صريح في اتفاق يوسي بيلن محمود عباس اللي وافق عليه ياسر عرفات ووقع عليه رابين، توطين اللاجئين حيث هم.


أحمد منصور: يعني قضية ادعاء السلطة الفلسطينية الآن بأنها تعمل على عودة اللاجئين غير صحيحة؟


بهجت أبو غربية: بالعكس هي تحاول تتخلص عم بتقول هذه قضية في يد الدول العربية هذه مش لنا لحالنا اللاجئون موجودون في الأردن وموجودون في سوريا فبتحاول تعوم القضية.


أحمد منصور: سبعون عاما من الجهاد والنضال على الساحة الفلسطينية في قضية لا زالت هي القضية المحورية الرئيسية للعرب والمسلمين، كيف تنظر إلى هذه المسيرة الطويلة؟ في ختام هذه الشهادة.


بهجت أبو غربية: الوضع يعني القائم حاليا وضع خطير، ما تزال يعني طبعا دولة العدو الصهيوني قوية وعندها مواقف معلنة ويعني نوايا توسع اقتصادي توسع نفوذ سياسي، عنا في الأردن بدأ التهويد يعني تهويد الأردن نفسه، والأنظمة العربية يعني ما بتقاوم هذا بل بالعكس في كثير من الأحيان تسهل هذه المهمة وللأسف منظمة التحرير أيضا أصبحت بادعاء أنها تحرر حجرا على حجر تسهل هذه البرامج اليهودية، طبعا يتفقون مرات على أشياء للإخراج الشعبي بس للتخرج يعني في اتفاق يوسيبين محمود عباس..


أحمد منصور (مقاطعا): لا أنا عايز أسألك..


بهجت أبو غربية: كلمة صغيرة.


أحمد منصور: تفضل.


بهجت أبو غربية: اتفاق يوسي بيلن محمود عباس بيقول توطين اللاجئين على أن يتم يعني إخراج ذلك بشكل لا يحرج المنظمة ولا يحرج الدول العربية، نص.


أحمد منصور: عايز أسألك رؤيتك أنت إيه لمسيرة الجهاد الطويلة التي قمت بها خلال السبعين عاما الماضية؟


بهجت أبو غربية: أنا أقول إن الجهاد اللي قام به الشعب الفلسطيني والعرب عموما في مواجهة الحركة الصهيونية رغم أن العدو الصهيوني بدعم من إنجلترا وبدعم أميركا وبدعم كذا حقق مكاسب وحقق انتصارات وحقق برنامجا يهوديا لكن المهم ألا يتقبل العرب هذا الواقع يعني في واقع وبيقول لك اقبل.. الواقع تتعامل معه بأحد وسيلتين، يا بتقبله يا بترفضه..


أحمد منصور (مقاطعا): وأنت ستظل ترفض الواقع الإسرائيلي؟


بهجت أبو غربية: سأظل أرفض هذا الواقع أنا وشعبنا يرفض، أنا برأيي أغلبية شعبنا ترفض.


أحمد منصور: ستظل تناضل؟


بهجت أبو غربية: بطبيعة الحال.


أحمد منصور: رغم مرور سبعين عاما من النضال لم تحقق خلالها انتصارا؟


بهجت أبو غربية: لا، يعني أنا لا أستغرب أن تحصل هذه النتائج، أؤكد لك نحن من الثلاثينات كنا لما نقاتل بريطانيا نقول بهالبواريد المصدية بالرصاص القديم بدنا نغلب بريطانيا؟


أحمد منصور: لست نادما على أي شيء قمت به؟


بهجت أبو غربية: يعني الواحد له بعض أخطاء لكن مش وقتها يعني، أما مش جذري يعني في المواقف السياسية.


أحمد منصور: راض تماما عن كل مواقفك السياسية الأساسية؟


بهجت أبو غربية: أشعر بالرضا.


أحمد منصور: بما فيها استمرار معارضة التسوية في المنطقة؟


بهجت أبو غربية: هذه على رأسها، على رأسها، قانع. وكانت تمر فترات يعني مثلا لما إجا ياسر عرفات على نابلس استقبلته الجماهير فكان يقولوا لي الناس تفضل شعبك كله بده هذا، أقول لهم لا، شعبنا تخيل.. عرضة للإعلام و.. تخيل أشياء في ذهنه، بعد فترة صغيرة شوفوا شعبنا إيش بيقول. الآن روح للضفة الغربية 90% من الناس غير راضية عما هو جار.


أحمد منصور: كيف تنظر إلى مستقبل القضية الفلسطينية؟


بهجت أبو غربية: المستقبل ما يزال يعني الدفع الصهيوني قائم في اتجاه فرض شرعية وجوده شرعية احتلاله في اتجاه التغلغل في الوطن العربي اقتصاديا بما يمهد.. يعني في ناس بيقول لك اليهود بطلوا عن التوسع الجغرافي، أنا أقول لا، اليهود الآن يعني هم يركزون على التوسع الاقتصادي لكن دوما التوسع الاقتصادي يحمل معه السيطرة السياسية والتي تمهد للبرنامج التوسعي. الأردن هنا معرض للاستيطان وأنا من 1989 أو 1988 عملت محاضرة في إربد قلت لهم في احتمال صلح بين الأردن وإسرائيل -في 1988- سجلوا لي -مجمع النقابات في إربد- سجلوا، يوم ما يصير صلح بين الأردن وإسرائيل اعتبروه بداية تطبيق وعد بلفور على شرق الأردن، يومها جادلوني بعض الموجودين أنه ما في صلح، قلت لهم لا، في شيء على الطريق، مش متوقعين،مستغربين.


أحمد منصور: ما هي كلماتك الأخيرة إلى الأجيال التي تستمع إلى هذه الشهادة المطولة منك على العصر؟


بهجت أبو غربية: يعني أنا لا أريد أن أطيل، أن يستمروا في المقاومة حتى تحرير فلسطين.


أحمد منصور: أستاذ بهجت أبو غربية أشكرك شكرا جزيلا على ما تفضلت به وعلى تحملك لي طوال الحلقات العشر الماضية وعلى هذه الشهادة المطولة التي أدليت بها للأجيال.


بهجت أبو غربية: أنا شاكر جدا، يعني أستغفر الله على الشكر، أنا شاكر جدا لإذاعة الجزيرة لأنه أنا يهمني جدا أن يسمع شعبنا هذه الآراء وهذا التاريخ لأنه الآن يعني هذا العصر هو عصر الإذاعات والفضائيات وأنا مثلا كتبت مذكراتي بتفاصيل يعني ما ذكرته بما قبل 1949 كتاب من أربعمئة صفحة يعني..


أحمد منصور: إلى العام 1949.


بهجت أبو غربية: إلى العام 1949، في خضم النضال العربي والفلسطيني، لكن كم من شعبنا قرأه يعني؟


أحمد منصور: لكن إحنا أخذنا منك إلى العام 2000.


بهجت أبو غربية: نعم. فالفضائيات الآن هي الإعلام الرئيسي للجيل، وأنا ترى اشتغلت في الصحافة من 1937 يعني أقدر قيمة..


أحمد منصور: صحيح وأسلوبك راق جدا في الكتابة، وأنا استمتعت حتى بقراءة الجزء الذي لم تنشره حتى الآن من مذكراتك.


بهجت أبو غربية: نعم.


أحمد منصور: شكرا جزيلا لك.


بهجت أبو غربية: أستغفر الله، شكرا لكم.


أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة جديدة مع شاهد جديد على العصر هذا أحمد منصور يحييكم وأنقل لكم تحيات مخرج البرنامج جاسم المطوع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.