اللغات المحلية في الاعلام+الاعلام الغربي
كواليس

اللغة والإعلام

تتناول الحلقة التنوع اللُّغوي داخل حدود الدولة الواحدة، وتأثير ذلك على وسائل الإعلام. هل يمكن اعتماد لغة رسمية في بلد ما وتهميِّش اللغات المحلية في المجال الإعلامي؟

– أثر التنوع الثقافي على الإعلام
– الأهداف الخفية للإعلام الغربي الموجه للعرب


undefinedفيروز زياني: أهلا بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج كواليس، مع كل ما يقال عن العولمة لا تزال بلدانٌ عديدة تحتفظ بتنوعها اللُّغوي داخل حدود الدولة الواحدة، لكن ما تأثير ذلك على وسائل الإعلام؟ وهل استطاع اعتماد لغةٍ رسمية في بلد ما أن يهمِّش اللغات المحلية في المجال الإعلامي؟ وما مستوى حضور تلك اللغات المحلية في وسائل الإعلام؟ اللغة والإعلام موضوع هذه الحلقة من برنامج كواليس، في باكستان تتعايش لغات متنوعة فمع الأوردو لغة البلاد الرسمية هناك السندية والبشتية والبنغابية والبلوشية ينعكس هذا كله على وسائل إعلامها.

أثر التنوع الثقافي على الإعلام

[تقرير مسجل]

أحمد بركات: في والوقت الذي تتخذ فيه كثير من الدول كل الإجراءات لعدم بروز أي لغة داخل حدودها سوى تلك المعتمدة فيه كلغة رسمية حفاظا على وحدة البلاد نجد الحال مختلفا مع باكستان، قنوات كثيرة انطلقت بلغات تتجاوز حدود باكستان إلى ما جاورها من بلدان وباتت توصف بالقنوات الإقليمية، فضائية خيبر الناطقة بلغة الباشتو والتي تستهدف الباشتون في باكستان وأفغانستان واحدة من هذه القنوات، القائمون عليها يرون أن المخاوف من تعميق النزاعات العرقية غير مبرَّرة وأن فوائد هذه القنوات تفوق مضارها وهي تؤصل للعادات والتقاليد وتحفظ التراث والقيم.

عمر فاروق – محرر الأخبار في فضائية خيبر: بوجود القنوات الإقليمية أصبحنا على معرفة بثقافات الآخرين ويمكن الاستفادة منها وهذه القنوات بدلا من أن توسع الشقة بين الثقافات المختلفة في المجتمع الواحد يمكنها أن تقرب بينها وتعلمنا ثقافة التعايش وتعدد الثقافات بدلا من ثقافات الاختلافات.

أحمد بركات: قناة أبنا الناطقة باللغة البنغابية غدت مهمة رغم حداثة انطلاقتها قبل عام فقط نظرا لأنها تبث لشريحة سكانية واسعة تمتد عبر إقليم البنغاب الذي يعد أكثر أقاليم باكستان إلى نظيره الهندي المجاور ومما يزيد من أهميتها هو تداخل الثقافات والعادات والتقاليد بين الإقليمين اللذين كانا إقليما واحدا قبل تقسيم شبه القارة عام 1947، برامج القناة تشجع التقارب والتفاعل من خلال عرض الأفلام ونقل الندوات والمهرجانات الثقافية.

عمران مقصود – محرر في قناة أبنا: في عصر المعلومات والتكنولوجيا بات وجود تلفزيون ناطق باللغة البنغابية مطلبا مُلحا مما دفعنا إلى إنشاء قناة لهذه الغاية والثقافة البنغابية واللغة البنغابية غنيتان بما يتطلب أن تكون لهما هويتهم المميزة.

أحمد بركات: الخوف من التأثير الاجتماعي والثقافي على المواطن الباكستاني ومعتقداته جعل البعض يتحفظ على دور هذه القنوات المستقبلي في ظل زيادة النفوذ الهندي كما لا يخفي هؤلاء مخاوفهم من تمام النزعات العرقية وسط القبائل البشتونية والبولوشية المقسمة بين باكستان وأفغانستان وإيران.

مطيع الله جان – محلل إعلامي: أعتقد أن القنوات الإقليمية جلبت تغييرا إيجابيا لمجتمعاتنا وبشأن المخاوف فهذه موجودة لدى الحكومة وليس المجتمع، ما نحتاجه هو الوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع بلغاتهم.

"
مع تعاظم دور القنوات الإقليمية تزايدت المخاوف السياسية، ومما يضاعفها بروزا ما بات يعرف بجيش تحرير بلوشيستان وحركة تحيا السِلم القومية الانفصالية وحزب عوامل بشتوني القومي
"
تقرير مسجل

أحمد بركات: ومع تعاظم دور القنوات الإقليمية كقنوات (KTN) وكاشيش السنديتين وروهي السرايكة وبولان البلوشية وآت و(ARY1) وجي وإندوس وغيرها فإن المخاوف السياسية تتزايد يوما بعد يوم ومما يضاعفها هو بروز ما بات يعرف بجيش تحرير بلوشيستان وحركة تحيا السِلم القومية الانفصالية وحزب عوامل بشتوني القومي، التلفزيون الرسمي خصص مساحة للغات المحلية على شاشاته لكن ذلك لا يعد كافيا، مسألة استمرار كل تلك القنوات في ظل التكاليف العالية وما تتطلبه من برامج وخبرات إعلامية تبقى موضع شك لاسيما وأن بعضها بالفعل أغلق بعد سنوات قليلة من انطلاقته كقنوات (STN) الثالثة و(UTN) الناطقتين بالأردية وروهي الناطقة بالسراكية، القنوات الإقليمية سلاح ذو حدين فمن ناحية تحفظ اللغات والثقافات والعادات ومن ناحية أخرى قد تكون أداة انتحار في يد أي أمة قد لا تحسن استخدامها، أحمد بركات لبرامج كواليس، الجزيرة، إسلام أباد.

فيروز زياني: وفي الصين لغة تسمى اليوغورية ينطق بها ما يقرب من عشر ملايين شخص في محافظة شينغ يانغ شمال غربي الصين، هذه اللغة تُكتب بحروف تشبه في الشكل أحرف اللغة العربية لكن نطقهم لها يختلف عن العربية وهذه بعض مقاطع لبث إعلامي للغة اليوغورية من محطة صينية محلية ولمناقشة هذا الموضوع معنا من الصين السيد حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم، سيد حسين يبدو غريبا أن اللغة تعتبر صينية هي اللغة اليوغورية وتُكتب بأحرف تشبه أحرف اللغة العربية، من أين أتى هذا التشابه؟

حسين إسماعيل – نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم: أعتقد أن له.. هذا الأمر له علاقة بتاريخ قومية الوغور في الصين، أولا اللغة اليوغورية تنتمي إلى الأرومة التركية فهي أحد فروع اللغة التركية القديم بالطبع لغة ما قبل آتاتورك فهذه اللغة تتكون رئيسيا من مفردات تركية وبالتالي كمان نعلم أن اللغة التركية القديمة كانت تستخدم الحروف العربية، تشتمل على كثير من المفردات التركية والفارسية وقليل من المفردات العربية، على سبيل المثال مثلا مستشفى في اللغة الوغورية يقولون دكتور خانة، مثلا كلمة جيد أو طيب خوش وهي من اللغة الفارسية، الاتجاهات شمالي جنوبي شرقي غربي هذه كلها من اللغة العربية، أعتقد أن هذا أيضا..

فيروز زياني [مقاطعةً]: نعم، سيد حسين حتى لا نسترسل كثيرا في هذا الموضوع إقليم شينغ يانغ المتحدث بتلك اللغة هو إقليم حكم ذاتي ذو أقلية قومية مسلمة، هل لهذا علاقة بوجه التشابه بين اللغتين باعتقادك؟

حسين إسماعيل [متابعاً]: أعتقد أن أولا كما قلت هذا مرتبط بأن الوغور قوم مسلمون جاؤوا من آسيا الوسطى إلى الصين واستقروا في الصين وبالتالي فإنهم يتحدثون هذه اللغة التي كما قلت لها كثير من المفردات العربية وخاصة ذات الجانب الديني باعتبارهم مسلمين، نعم إذاً هناك ارتباط مع اللغة العربية ولكن كما قلت أكثر مع اللغة التركية واللغة الفارسية على اعتبار أن معظم الوغور ينتمون إلى العِرق التركي أو القبائل التي هاجرت من آسيا الوسطى وكان فيها كثير من الأتراك وكثير من المناطق التي كانت تسيطر عليها الدولة العثمانية وبالتالي فهم كانوا يتكلمون بلغة هذه الدولة.

فيروز زياني: نعم، حتى نعود لموضوعنا الإعلامي، بث تلك القنوات بلغات محلية هل هو مقتصر على المناطق المتحدثة بها فقط أم أنها تُبَث لأنحاء الصين كافة؟

"
القنوات التي تَبث بلغات تنتمي إلى الأقليات القومية في الصين 55 أقلية قومية يمكن استقبالها في أي مكان في الصين، وهذا مرتبط بالإمكانيات التقنية لأن هذه القنوات تُبث على أقمار صناعية
"
حسين إسماعيل

حسين إسماعيل: القنوات التي تَبث بلغات تنتمي إلى الأقليات القومية وهي 55 أقلية قومية في الصين يمكن استقبالها في أي مكان في الصين هذا مرتبط بالإمكانيات التقنية لأن هذه القنوات تُبث على أقمار صناعية وبالتالي مَن لديه إمكانيات فنية لاستقبال هذه القنوات يمكن أن يشاهدها، نحن هنا نشاهدها في بكين نشاهد القنوات التي تُبث ليس فقط في منطقة شينغ يانغ الذاتية الحكم وإنما أيضا في الأقاليم الأخرى التي تَبث قنوات بلغات أو بلهجات محلية ولعلِّي أشير هنا أيضا إلى نقطة أعتقد أنها مهمة وهي أن اللغة الصينية ذاتها وهي التي تتكلم بها الصين هذه اللغة تتكون من كثير من اللغات ولكن هناك لغة رسمية واحدة وهي بوتونخوا أو ماندرين وهي اللهجة الدارجة أو اللهجة الأكثر استخداما أو الشائعة وبالتالي فهناك تنوع كبير في اللغات في الصين ليس قاصرا فقط على لغات الأقليات القومية وإنما حتى داخل قومية هان نفسها، القومية التي تمثل حوالي 95% من سكان الصين.

فيروز زياني: وكيف تتعامل الحكومة الصينية مع هذا التنوع اللُّغوي في وسائل الإعلام؟

حسين إسماعيل: الحكومة الصينية في الحقيقة تشجع هذا التنوع اللُّغوي لأسباب كثيرة ولعلي أشير هنا إلى أن الحكومة الصينية شجعت شركاتها التي تنتج أجهزة النقال على أن تُطور برنامجا للهاتف النقال باللغات الصينية وأقصد بالصيني هنا البوتونخوا أو لغة الماندرين واللغة الإنجليزية ولغة الوغور أيضا، هذا له أسباب لأن الصين أولا هذا يفيدها من الناحية السياحية، الصين تروِّج لما يسمى بسياحة الأقليات القومية، هذا أيضا يعطي للصين وجه أنها دولة تحافظ على التراث الثقافي والحضاري للأقليات القومية وبالتالي هذا يعطيها ورقة في الدفاع عن سجلها في حقوق الإنسان تجاه ما تتعرض له في هذا المجال، الصين أيضا تريد أن تحافظ على صورتها كدولة متعددة القوميات 56 قومية في الصين، الهان وهم يمثلون 95% والـ55 أقلية قومية الأخرى يمثلون حوالي 5% أو أقل وبالتالي فإن الحكومة الصينية تشجع هذا التنوع اللُّغوي التي.. بل إن الحكومة الصينية تشجع على صدور كتب وصحف وهناك بالفعل كتب كثيرة وصحف ومجلات بلغات الأقليات القومية ومنها لغة قومية الوغور.

فيروز زياني: نعم، حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم من بكين شكرا جزيلا لك، صحافة أخرى تكتب بأحرف مثل العربية وتصدر داخل الوطن العربي، إنها صحافة كردستان العراق، تجربة خاصة مرت بمخاض طويل إلى أن وصلت إلى تنوع ملحوظ من الصحافة الحزبية والمستقلة على اختلاف أنواعها.

[تقرير مسجل]

أحمد الزاويتي: الصحافة الكردية تعيش عصرها الذهبي، هكذا تبدو لكثير من المراقبين في كردستان العراق، فهنا تجد الصحافة في كل شيء، نقابة صحافيي كردستان ارتقت عضويتها في الاتحاد الدولي للصحافة إلى عضو فاعل لتصبح بذلك النقابة الوحيدة في الاتحاد الدولي لا تمثل صحافة دولة أو النقابة التي لا دولة لها، إذا ما اعترفنا بالفصل الموجود بينها وبين نقابة صحافيي العراق.

فرهاد عوني – نقيب صحفيي كردستان: نقابة صحافيي كردستان هي النقابة الوحيدة التي ليس لها دولة وهي عضو في الاتحاد الدولي للصحافة والتي لها ما يقارب نصف مليون عضو.

أحمد الزاويتي: لكن هذا النجاح لا يخفي معضلة في الصحافة الكردية، إذ لا تزال هذه الصحافة أسيرة الطابع الحزبي الذي يفرض نفسه على جميع مجالات الحياة وخاصة المجال الصحافي فالأحزاب هنا تتسابق لكسب ود الصحافة والصحافيين كما لا تدخر جهداً في دس أفكارها وطروحاتها في مختلف وسائل الإعلام، هذا الوضع الذي أحدث عزوفاً لدى الجمهور دفع مؤسسات كثيرة إلى محاولة تدارك الخلل والهروب من السياسة وهيمنة الحزب، مؤسسة ميرك إحدى المؤسسات الصحافية التي تشكلت حديثاً كمحاولة لإخراج الصحافة من طابعها السياسي الحزبي تمكنت وفق القائمين عليها من إيجاد قبول لها لدى القراء حتى الآن.

محمد خوشينار – رئيس تحرير مؤسسة ميرك: مؤسسة ميرك مؤسسة فنية ثقافية تتكون من ثلاثة مجلات مجلة ميرك ومجلة شيوكاري التشكيلية ومجلة ميركي.

عباس عبد الله – مدير تحرير مجلة ميرك: وتهتم المجلة بالقضايا الثقافية العامة كالأسرة والأطفال والشباب يعني كافة قطاعات المجتمع وتهتم بالعلوم والتاريخ والفن والأدب والفكر وعلم النفس.

أحمد الزاويتي: الصحافة الأكاديمية ورغم ما قد يعاب عليها من عدم توجهها إلى جمهور واسع هي أيضاً تعتبر خطوة في تجاوز الطابع السياسي في الصحافة الكردية.

قرني جميل- رئيس تحرير مجلة شيوكاري: فكرنا بمجلة اختصاصية نخبوية تبحث عن مواد فنية نظرية وأيضاً بحيث تهتم بالفنانين الأكراد والأوروبيين وبشكل عام كافة أنواع الفن التشكيلي الحديث والقديم.

أحمد الزاويتي: أما الصحافة الأهلية أو المستقلة وكما يحلو لأصحابها تسميتها فقد أصبحت مصدر قلق للسياسيين الأكراد فهي صحافة تمتلك جرأة التطرق إلى قضايا حساسة طالما أُهملت في وسائل الإعلام الكردية، بل وصل الأمر ببعضها حد فتح ملفات لطالما حرص أصحابها على أن تكون مقفلة، لكن ثمن هذه الجرأة بدأ يتجلى في ملاحقة السلطات لأصحاب هذه المؤسسات الصحافية فكان أن سارع هؤلاء إلى عقد المؤتمرات والندوات في محاولة لتوفير حماية لصحافتهم والحفاظ على استمراريتها.

تياري راست – مديرة مؤسسة الصحافة والسلام الدولية: أنا آسف للقول بأن الخوف يتزايد بين الصحافيين الأكراد وذلك بسبب تشديد الرقابة وعمليات المداهمة على الصحافيين، (C.P.J.) جمعية حماية الصحافيين في نيويورك أصدرت تقريراً بالأمس عن أحوال الصحافيين في العراق وأربعة من الخمسة قضايا التي طُرحت كانت في كردستان العراق.

أحمد الزاويتي: صحافة حزبية وأخرى تدَّعي الاستقلال تشكلان واقعا للصحافة الكردية يستند على أساسا المنافسة للبحث عن القارئ والمراقبون يتوقعون النتيجة لصالح الصحافة المستقلة، أحمد الزاويتي لبرنامج كواليس، الجزيرة آربيل.

[فاصل إعلاني]

الأهداف الخفية للإعلام الغربي الموجه للعرب

فيروز زياني: أهلاً بكم من جديد، من الإعلام الناطق باللغة المحلية إلى الإعلام الغربي الموجَّه للناطقين باللغة العربية ففي السابق عرفنا محطة الحرة التلفزيونية وإذاعة سوا الذين تمولهما الولايات المتحدة الأميركية وقبل ذلك عرفنا إذاعة الـ (B.B.C.) بلغاتها المختلفة والتي تمولها الحكومة البريطانية لكن الجديد هو (Deutsche Welle) وهي محطة تلفزيونية ألمانية موجهة للناطقين باللغة العربية.

[تقرير مسجل]

أكثم سليمان: في مدينة بون أو العاصمة الألمانية القديمة يقع المقر المركزي لإذاعة (Deutsche Welle) الترجمة العربية لهذا الاسم هي الموجة الألمانية والمقصود هو إذاعة ألمانيا الموجهة إلى الخارج التي تبث بثلاثين لغة مختلفة، هذه اللغات بدأت بالألمانية عام 1953 ولمدة ثلاث ساعات يومياً للوصول إلى الألمان المهاجرين في مختلف أنحاء العالم، لكن البث ما لبث أن توسع مع اتضاح الهدف من المحطة.

كريستيان غرامش – مدير البرامج في الدويتشه فيلله: نريد تقديم برنامج متعدد اللغات للعالم يعكس الرؤيتين الألمانية والأوروبية للقضايا المختلفة لكن هذا ليس كل شيء فنحن نتناول الرؤى الأخرى من خلال الحوار وتقديم وجهات النظر والآراء المختلفة لكن يهمنا أن تكون قيمنا الغربية والأوروبية في المقدمة.

أكثم سليمان: ولإيصال رسالة المحطة تم إنشاء أقسام حتى لأصعب اللغات وأندرها، في الأستوديو رقم اثنين بدأ البث للتو باللغة السواحلية التي تنتشر في شرق أفريقيا، وحده مهندس البث ألماني أما بقية العاملين فتعود أصولهم إلى المنطقة التي يتم البث إليها، البرنامج يشمل المواضيع الدولية والمحلية والألمانية في آن معاً، أما المستمعون فيتفاعلون مع البث من خلال رسائل مكتوبة أو رسائل الهاتف النقال.

جوزيفات تشارو – صحفي في القسم السواحيلي: نكتب ونوثق ما يأتينا عبر الهاتف من ردود فعل المستمعين عن الأخبار والتقارير التي نبثها الآن.

أكثم سليمان: في نفس الوقت وعلى بعد عدة ممرات وحجرات أخرى القسم الصيني في غمرة التحضير للبرنامج، هنا يسود النَفَس الآسيوي وللقسم أهميته البالغة حيث يشكِّل الصينيون جزءا لا يستهان به من بين الملايين الـ 65 الذين يشكلون الحجم الإجمالي لمستمعين المحطة باللغات المختلفة، البث الذي يعده حوالي عشرين صحافياً يتم باللغة الصينية لهجة بكين التي يفهمها 90% من سكان البلاد.

داي جينغ – مذيع في القسم الصيني: أنت تعلم أن الإعلام الصيني تسيطر عليه الحكومة والحزب الشيوعي، لذا نحاول أن نوصل للمستمعين ما يحتاجونه من معلومات محايدة وقريبة للحقيقة.

أكثم سليمان: تختلف التعقيدات باختلاف البلدان والمناطق لكن الأكيد كما يؤكد على القائمون الدويتشه فيلله هو أن وجود اللغات والأديان والقوميات المختلفة يؤدي إلى تفاعلات إيجابية على المستويين الإنساني والصحفي، تفاعلات يستفيد فيها الجميع من الجميع.

منى صالح – رئيسة القسم العربي في الدويتشه فيلله: يسألوننا ونسألهم عن طريقة لفظ الأسماء بالشكل الصحيح وكما رأيت على هذا الطابق نحن جيران للقسم الأفغاني والقسم الإيراني ليس بعيدا عنا.

أكثم سليمان: تعاون وتنافس يتجاوز قاعات الاجتماعات ويصل إلى أوقات الفراغ وساعات السمر بعد أن يتوقف البث ويقول المذيعون على مدى أكثر من خمسين عاما بلغاتهم المختلفة الدويتشه فيلله تودعكم وتتمنى لكم أطيب الأوقات وأسعدها، برج بابل هكذا يسمي بعض العاملين هنا محطتهم محطة الدويتشه فيلله التي يتكلم الموظفون فيها ثلاثين لغة مختلفة لكنه برج يسعى إلى الوصول إلى المستمعين في مختلف أنحاء العالم لا إلى السماء، أكثم سليمان، لبرنامج كواليس، الجزيرة، بون.

فيروز زياني: وللحديث عن ظاهرة الإعلام الموجه الناطق باللغة العربية معنا من لندن السيد نور الدين ميلالي الباحث والمحاضر في جامعة وست مونت، سيد نور الدين ما سر هذا الاهتمام الإعلامي الغربي بالجمهور العربي؟

نور الدين ميلالي – باحث ومحاضر بجامعة وست مونت – لندن: طبعا هناك دواعي كثيرة لاهتمام السياسيين الغربيين وكذلك وسائل الإعلام الغربية بالظاهرة العربية، الأمر الأول هو ما تبين أو ما ظهر في السنوات الأخيرة من ظهور قنوات عربية تتكلم باللغة العربية وتخاطب الجمهور العربي وتؤثر في الجمهور العربي مما مثَّل تحديا لوسائل الإعلام الغربية في التأثير على الرأي العام العربي هذا الأمر الأول، الأمر الثاني هو ما تريده بعض الدول الغربية من التأثير على السياسات الخارجية لبعض الدول العربية فهذا الاهتمام طبعا هو اهتمام يعني له دواعي ثنائية من هذا الجانب.

فيروز زياني: وما الأسباب المعلَنة من قِبل القائمين على وسائل الإعلام هذه من وراء إنشاء مثل هذه القنوات وماذا عن مصادر تمويلها الذي يثير في كثير من الأحيان جدلا ولغطا كبيرا؟

"
الاهتمام الروسي والأميركي بإنشاء قنوات عربية يؤكد أن هذه القنوات مموَّلة من طرف الدول الغربية لأنها سوف تخدم السياسات الخارجية لتلك الدول الغربية ومحاولة التأثير على الرأي العام العربي
"
نور الدين ميلالي

نور الدين ميلالي: واضح جدا أن مصادر التمويل هي من الحكومات نفسها، يعني لو تحدثنا مثلا أخذنا فرنسا أخذنا ألمانيا أخذنا الاهتمام الروسي الاهتمام الأميركي بإنشاء قنوات عربية فإن هذه القنوات هي بالتأكيد مموَّلة من طرف الدول، هذه الدول الغربية فهي في نهاية الأمر سوف تخدم السياسات الخارجية لتلك الدول الغربية وبالأساس محاولة التأثير على الرأي العام العربي بالأساس لأن ملاحظ جدا خلال العشر سنوات الماضية أن مثلا قناة الجزيرة كثير من القنوات العربية الأخرى سحبت البساط إن صح التعبير من طرف الإعلام الغربي الذي كان ربما يتبجح بما يسمى.. بما يسمى بالموضوعية في تغطية الخبر فتغطية القضية الفلسطينية تغطية الحرب على العراق تغطية الحرب في أفغانستان مثَّلت تحديا كبيرا للإعلام الغربي عموما لذلك مثلا الـ BBC الآن مثلا تريد أن تعطي صورة ربما مغايرة لما تعطيها الجزيرة لتغطية الحرب.

فيروز زياني: كما ذكرت سيد نور الدين غالبية هذه القنوات مموَّلة من جهات رسمية ما يلقي حولها بظلال من الشكوك، هل لهذه الشكوك ما يبررها بالفعل؟

نور الدين ميلالي: نعم بالتأكيد، بمعنى أن هناك أجندة إن صح التعبير تسميتها أجندة سرية لمَن وراء الذين يريدون أن يبعثوا هذه القنوات، فإذا أخذنا مثلا لماذا في هذا الوقت بالتحديد أرادت الـ BBC أو أرادت فرنسا أو تريد روسيا أو تريد الولايات المتحدة إنشاء بعض القنوات الناطقة بالعربية؟ لماذا أنشئت الحرة إلا لم تكن لسبب بسيط وهو لمواجهة التحدي الذي مثلته قناة الجزيرة في تغطية الحرب على العراق لماذا أنشئت مثلا قناة سوا.. راديو سوا وهكذا دواليك فإن التحدي العربي للتعبير عن مضمون أو عن مكنون الشارع العربي صار واضحا جدا.

فيروز زياني: بنظرة مهنية بحتة إذا ما حاولنا تقييم أداء الإعلام الغربي الموجه للناطقين باللغة العربية، كيف تجده؟ هل هو منصِف تجاه قضايا المنطقة مثلا؟

نور الدين ميلالي: بالتأكيد غير منصف، إن الإعلام الغربي الناطق باللغة العربية هو ينبثق عن قاعدة ثقافية سياسية هي تصبو في نهاية الأمر للصالح الغربي، الإعلام الغربي الناطق بالعربية لا يخدم المشروع العربي ولا المشروع الإسلامي، لا يمكن أن ننتظر من قناة الـ BBC الناطقة بالعربية أو قناة روسية ناطقة بالعربية أو قناة فرنسية ناطقة بالعربية أن تغطي قضايانا الحية مثل القضية الفلسطينية قضية العراق بمثل ما ممكن أن تغطيه قناة عربية لأن الموروث الثقافي، المصالح هي مختلفة يعني بمثل هذه البساطة.

فيروز زياني: نور الدين ميلالي الباحث والمحاضر في جامعة وست مونت من لندن شكرا جزيلا لك، إلى هنا مشاهدينا نأتي إلى ختام حلقة هذا الأسبوع من برنامج كواليس، بإمكانكم دائما التواصل معنا عبر بريدنا الإلكتروني kawalees@aljazeera.net ، دمتم في رعاية الله وحفظه والسلام عليكم.