ما وراء الخبر

كيف تواجه السعودية قانون "11 سبتمبر"؟

ناقش برنامج “ما وراء الخبر” دلالة إصدار الكونغرس الأميركي قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب”، رغم تحذير الإدارة والاستخبارات من خطورة إجازته والتفاعلات المحتملة لهذا القانون لدى تطبيقه وردود الفعل المترتبة.
 

للمرة الأولى خلال ثماني سنوات، أبطل الكونغرس الأميركي قرار نقض أصدره الرئيس باراك أوباما، وأجاز بغرفتيه وبأغلبية ساحقة ما سمي "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" (جاستا)، أو ما بات يعرف في الأوساط الأميركية بقانون "11 سبتمبر"، الذي يجيز ملاحقة دول أجنبية في قضايا الإرهاب.

وذهبت التفسيرات إلى أن المملكة العربية السعودية هي المعني الأول بهذا القانون، الذي حذر البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من تأثيراته السلبية على الأمن القومي الأميركي، بينما أعربت الخارجية الأميركية عن أملها في ألا تتأثر علاقات الرياض وواشنطن بسببه.

وكان أوباما استخدم الجمعة حق النقض ضد القانون، إلا أن مجلسي الشيوخ والنواب أعادا التصويت الأربعاء، فأيد 348 نائبا تعطيل الفيتو الرئاسي في مقابل 77. وفي مجلس الشيوخ، أيد التعطيل 97 سيناتورا من 98.

انتخابات الكونغرس


المدير التنفيذي لمجلس سياسة الشرق الأوسط توماس ماتير يحيل هذا التطور السريع إلى قرب موعد انتخابات الكونغرس وبالتالي مراعاة ضغط الناخبين، وإلى وصول رئاسة أوباما لنهايتها، وبرأيه ساعد هذان الأمران في تسهيل تمرير القانون.

وفي حديثه لحلقة (2016/9/29) من برنامج "ما وراء الخبر"، قال إن البيت الأبيض لم يحاول إقناع الكونغرس ومجلس الشيوخ مبكرا، وعندما تطرق وزير الدفاع للموضوع وقدم رئيس الاستخبارات آراءه كان قد فات الأوان لإقناع أي عضو بعدم تجاوز فيتو الرئيس.

وأمل ماتير بأن تفكر السعودية مليا برد فعلها على القانون، ذلك لأن القضايا التي سترفع ستكون بطيئة جدا وسيتطلب الأمر وقتا طويلا لجمع الأدلة.

أما الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي الدكتور خالد باطرفي فقال إن مشروع القانون بقي في الأضابير سنوات طويلة، وتحرك بسرعة خلال الشهرين الماضيين بطريقة مشبوهة.

وأضاف أن السعودية والولايات المتحدة تربطهما علاقة دولة بدولة، لكن الكونغرس ملعب للوبيات وفي مقدمتها اللوبي الصهيوني وغيره من شركات ولوبيات أخرى ذات طابع شعبي، مبينا أن الابتزاز هو العنوان الواضح وراء القانون، علما بأنه لم يثبت أن السعودية وقفت وراء 11 سبتمبر.

ابتزاز السعودية
ويرجع باطرافي إقرار القانون إلى رغبة في تجميد الأموال السعودية التي بدأت تسحب من الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة للمساومة عليها، مشيرا إلى بند في القانون يسمح بوقف أي محاكمة بحجة إجراء مباحثات مع الدولة المعنية، وبالتالي فتح باب ابتزاز للمملكة مقابل إيقاف إجراءات التقاضي.

وما جرى "سابقة خطيرة جدا" على المنظومة الدولية وفق ما يقول الخبير في القانون الدولي سعد جبار، الذي أشار إلى أن اتفاقية فيينا تمنع ملاحقة الدول أمام محاكم محلية، وأن الاتفاقية ألزمت جميع الدول بذلك بما فيها أميركا التي أدخلتها في قانونها الداخلي.

وذكّر جبار بلوبي المحامين في أميركا وهو الأخطر في هذا السياق، قائلا إنه لوبي معروف برفعه القضايا الجماعية كما حصل مع شركات التبغ التي حصلوا منها على تعويضات بأربعين مليار دولار وشركات الأسبتوس التي أفلست ثلاثة أرباعها، وكذلك البنك العربي.

ونبّه إلى أن على السعودية التحرك بمعية الدول التي تؤازرها لتحصين استثماراتها في أميركا، ذلك لأن المحامين الذين يقدرون بالآلاف بمجرد رفع القضايا يمكن أن يطلبوا تجميد الممتلكات، وأن يصل الرقم المطلوب من السعودية ترليون دولار.

سيناريوهان
هناك سيناريوهان يشير إليهما خالد باطرفي، فيقول إنه في أسوأ الأحوال يمكن تكرار ما حصل لدى مقاضاة شخصيات اعتبارية سعودية في قضايا امتدت عشر سنوات، صحيح أنها انتهت بالبراءة لكن مصالحهم تعطلت وجمدت أموالهم، وفي السيناريو الآخر يمكن أن تكون المحاكمة سريعة وتنتهي بالبراءة وألا تجمّد الأموال السعودية من خلال تحويلها إلى أوقاف أو سحبها.

أما سعد جبار فقال إن السعودية يمكنها أن تستند إلى أن هناك سيادة للدولة وهي جزء من القانون الأميركي وبالتالي تدفع بعدم اختصاص هذه المحاكم، ويمكنها أيضا أن تطالب بكشف أوراق المخابرات والداخلية.

هل ستؤثر هذه الانعطافة على علاقات البلدين؟ يأمل توماس ماتير عدم حدوث ذلك، قائلا إن أميركا تضمن أمن السعودية وتسليحها، وهي في المقابل توفر لأميركا قدرا من المعلومات الاستخبارية والتعاون في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى استثمارات اقتصادية كبيرة بينهما.