ما وراء الخبر

هل تواطأت واشنطن وطهران للالتفاف على "النووي"؟

تناول برنامج “ما وراء الخبر” تقرير معهد العلوم والأمن الدولي عن اتفاق سري بين الولايات المتحدة وشركائها في التفاوض مع إيران؛ يسمح للأخيرة بالالتفاف على بعض بنود الاتفاق النووي.

ما إن مضى عام على إبرام الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى يوم 14 يوليو/تموز 2015 في فيينا، حتى بدأت وسائل الإعلام تكشف "تفاصيل صادمة في الاتفاق"، وهو التعبير الذي استخدمته صحيفة واشنطن تايمز الأميركية في يوليو/تموز الماضي.

لكن التقرير الذي كشفته رويترز وأصدره معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، يؤكد فحواه أن واشنطن وحلفاءها تواطؤوا سرا من أجل السماح لطهران بالالتفاف على الاتفاق النووي.

وعلى هذا دارت حلقة الخميس (2016/9/1) من برنامج "ما وراء الخبر" محاوِلة قراءة الفارق بين مستوى الصرامة التي أبداها ممثلو ما يعرف بلجنة "5+1" تجاه إيران أثناء مفاوضات النووي، وحقيقة مواقفهم التي يعكسها تقرير شارك في إعداده رئيس المعهد ديفد أولبرايت، وهو مفتش أسلحة سابق في الأمم المتحدة.

ما الذي يشير إليه التقرير من ثغرات؟
1- السماح لإيران بتجاوز ما نص عليه الاتفاق بشأن كمية اليورانيوم المنخفض التخصيب التي يمكن لطهران الاحتفاظ بها في منشآتها النووية.
2- إمكانية تنقية اليورانيوم المنخفض التخصيب ليصبح عالي التخصيب ويستخدم بالتالي في تصنيع الأسلحة.

كبير الباحثين في مؤسسة الأمن العالمي لشؤون الأمن النووي جوزيف سيرينسيوني يقول إنه لا يوجد ما يريب في التقرير، وهي "محاولة واهية" من منتقدي الاتفاق، وإن من يحاولون استثمار التقرير "هم -ربما- معارضو" الرئيس باراك أوباما.

تقرير بلا مصداقية
ويضيف سيرينسيوني -وهو أيضا عضو المجلس الاستشاري للأمن الدولي التابع لوزير الخارجية الأميركي- أن إيران تخلصت من نحو ثلثي ما لديها من يورانيوم وحيّدت مفاعل البلوتونيوم وهي بعيدة كل البعد عن إنتاج قنبلة، بما يعني أن التقرير "هراء وبلا مصداقية".

من ناحيته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي إن التقرير لم يجر تأكيده بعد، لكن ما يلفت أن المشارك في إعداده (ديفد أولبرايت) شخصية لها وزن كبير في مجال التفتيش على الأسلحة النووية وكان عضوا في لجنة بهذا الخصوص في العراق.

ووفقا له فإن الإيرانيين مفاوضون شرسون وأذكياء يتقدمون خطوة ويتأخرون أخرى، ويلتزمون ببند ويخرقون آخر، كما جرى في تجارب الصواريخ البالستية مؤخرا. لكنهم -يضيف- استطاعوا رفع العقوبات والاندماج في المجتمع الدولي.

إذا ما كان ثمة تواطؤ أميركي، فماذا عن الدول الأخرى الدائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا؟ يسأل سيرينسيوني ويضيف أنه لا مؤامرة، بل إن الاتفاق علامة فارقة. أما الخروقات الصغيرة التي يتحدث عنها التقرير فهي تجري في كل الاتفاقيات الدولية، ولكن هناك آليات لتحديدها والرد عليها.

وسؤالا بسؤال، يقول الشايجي إذا لم تكن ثمة أشياء مريبة فلماذا رفض مندوبو الدول الدائمة العضوية وألمانيا الرد على أسئلة رويترز؟ مبينا أن دفاع سيرينسيوني بحماس لا يجيب على طروحات التقرير، ومن ذلك أن اللجنة المشرفة على تنفيذ الاتفاق لا تعلم كمية اليورانيوم المخصب على مستوى 20% القابل للتحول إلى سلاح نووي.

وأضاف أن الاتفاق -بحسب التقرير- لا يأتي على ذكر إرسال خمسين طنا من الماء الثقيل في سلطنة عمان تشرف عليها إيران، وغير ذلك مما يشير إلى محاباة وتساهل رأته طهران نصرا يشجعها على التجاوزات والتمادي في المنطقة.

خلص الشايجي إلى أن التقرير لدى نشره رسميا سيسمح بقراءة أسباب النعومة والقفازات الحريرية التي تواجه بها إيران، خصوصا من واشنطن، إذ لا يسمع تنديد بالتجارب البالستية ولا بسجل حقوق الإنسان ولا بتدخل إيران في المنطقة.

سيرينسيوني رد بدوره أن الاتفاق يستهدف أمرا واحدا فقط، ألا وهو منع إيران من تصنيع القنبلة النووية، ولا علاقة لذلك بحقوق إنسان ولا بأي مسألة أخرى.