ما وراء الخبر

لأي مدى أضرت قضية البوركيني بفرنسا؟

تناول برنامج “ما وراء الخبر” تداعيات منع البوركيني في فرنسا، وتساءلت: هل يعد ذلك تراجعا عن القيم الديمقراطية؟ وكيف أضرت هذه القضية بقيم فرنسا الديمقراطية والعلمانية والحقوقية؟
أعلن عدد من رؤساء البلديات في جنوب شرق فرنسا أنهم سيبقون قرارات منع ارتداء البوركيني في مناطقهم، رغم قرار مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء الحظر على ارتداء البوركيني.

حلقة (27/8/2016) من برنامج "ما وراء الخبر" تناولت تداعيات منع البوركيني في فرنسا وتساءلت: هل يعد ذلك تراجعا عن القيم الديمقراطية؟ وكيف أضرت هذه القضية بقيم فرنسا الديمقراطية والعلمانية والحقوقية؟

الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي بيير بيرتيلو أكد أنه لا يوجد وعي بأن هذه القضية أضرت بسمعة فرنسا كبلد للحريات والقانون، لأن هناك حالة عاطفية وليست عقلانية حول قضية البوركيني التي بدأت في مدينة نيس، حيث كان هناك رد فعل على الهجوم الإرهابي الذي جرى في نيس، بالاعتداء على نساء كن يرتدين البوركيني.

وأضاف رئيس الوزراء مانويل فالس أصيب بخيبة أمل من حكم مجلس الدولة، وتعرض لانتقادات من عدد من وزراء حكومته بسبب موقفه من الأزمة، أما الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي فقد استغل تلك الواقعة للإعلان عن ترشحه للرئاسة، وهو ما يورد سؤالا عن استغلال قيم العلمانية لأغراض سياسية.

وأشار إلى أن كندا والمملكة المتحدة سمحت لشرطيات بارتداء الحجاب، وهذا لا يعني أنه لا توجد علمانية في تلك الدول، ولكن هناك فهم مختلف للعلمانية، "ففي فرنسا فهم متشدد بعض الشيء في هذا السياق".

من جانبه قال الباحث في قضايا العالم العربي والإسلامي صلاح القادري إن القضية بأساسها سياسية، تخضع لمصالح سياسية، سواء لحزب اليسار الحاكم أو الأحزاب اليمينية الموجودة في المعارضة، ومجلس الدولة حين علق هذه المراسيم البلدية الصادرة عن خمس بلديات فقط من أصل 37 قال إن القضية ليس لها مستند قانوني وتتعارض مع الدستور الفرنسي، ومبدأ العلمانية بعدم التدخل في الحريات الشخصية".

جانب إيجابي
ورأى القادري أن الجانب الإيجابي في هذه القضية هو أن المؤسسات التي صعدت القضية لمجلس الدولة هي الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان والمرصد الفرنسي للعلمانية، وهي مؤسسات غير تابعة للمسلمين الفرنسيين.

ودعا المسلمين في فرنسا لحل هذه القضية وغيرها من القضايا من خلال النضال المدني، عبر الدستور الفرنسي الذي يحمي الحقوق الشخصية، وألا ينجروا للخطاب الديني الذي يقول إن الدولة الفرنسية تحارب الإسلام.

بدورها قالت الناشطة في مجال العمل النسائي في بريطانيا وأوروبا رغد التكريتي إن "العالم كله شاهد صورة المرأة المسلمة التي أحاط بها رجال شرطة مدججون بالسلاح، وأجبروها على خلع ملابسها، والحقيقة أن هذه الحادثة تضع فرنسا وقيمها الحضارية التي تتشدق بها على المحك، ولا سيما عندما يتعلق الأمر باختراق حقوق الفرد في اختيار اللباس وممارسة الدين".

وحذرت من تصاعد عدد من الحركات التي تستهدف المرأة المسلمة في عدة دول أوروبية، من خلال الربط بينها وبين الحركات الإرهابية، معتبرة أن "المقلق في هذه الحادثة ليس ما قامت به الشرطة، ولكن رد فعل الناس في المكان الذين شجعوا الشرطة وهاجموا المرأة وقالوا لها اخرجي من فرنسا".

وأضافت أن الحكومات الغربية تطالب المسلمين منذ سنوات بالاندماج مع المجتمعات الغربية، والمؤسسات الإسلامية عملت على تشجيع المسلمين للاندماج في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمهنية والتعليمية وإظهار نماذج مسلمة مميزة، والمرأة المسلمة التي تعرضت لاعتداء الشرطة الفرنسية كانت تمارس صورة من صور الاندماج، فقد كانت تستمتع بالشاطئ كغيرها من المواطنين الفرنسيين، وبدلا من الإشادة بها أصبح ما تقوم به جريمة.