ما وراء الخبر

كيف نجحت إسرائيل بترحيل 19 يهوديا يمنيا؟

ناقشت حلقة الاثنين (21/3/206) من برنامج “ما وراء الخبر” أبعاد ودلالات إعلان إسرائيل نجاح عملية نقل 19 يهوديا يمنيًّا من صنعاء.

بعد وجود امتد لنحو ألفي عام في اليمن، اضطرّ نحو ثلث من تبقى من اليهود اليمنيين إلى ترك بلادهم والهجرة إلى إسرائيل التي وصلها مؤخرا 19 يهوديًّا تم تهريبهم من العاصمة اليمنية صنعاء، في عملية وصفت بأنها سرية ومعقدة.

السبب كما ذكر المهجرون القادمون من صنعاء وعمران، هو أجواء الكراهية والتحريض التي بثها الحوثيون في اليمن، وهي الأجواء التي نجحت تل أبيب أخيراً في توظيفها لإقناع هذه المجموعة بترك اليمن والهجرة إلى ما تسميها أرض الميعاد، بعد عشرات السنين من محاولات الإغراء التي قامت بها لإقناعهم بذلك.

حلقة الاثنين (21/3/206) من برنامج "ما وراء الخبر" ناقشت أبعاد ودلالات إعلان إسرائيل نجاح عملية نقل 19 يهوديا يمنيا من صنعاء، وما الذي أرغم هؤلاء على الهجرة؟ وما حجم خسائر المجتمع اليمني جرّاء سيادة الأجواء التي هاجرت بسببها هذه المجموعة إلى إسرائيل؟

في البداية، يرى الكاتب والباحث السياسي اليمني محمد جميح أن اليهود كانوا موجودين في صعدة وهي معقل الحوثيين، وكذلك في مناطق شمال اليمن وصنعاء، وبدأ استهداف الحوثيين لليهود بلعنهم باعتبار ذلك جزءا من التعبد، مشيرا إلى أن الحوثيين استخدموا ورقة اليهود للضغط على خصمهم آنذاك وحليفهم الحالي الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح أمام الولايات المتحدة.

وأضاف جميح أن اليهود خرجوا لاحقا من صعدة إلى صنعاء، قبل أن يتم نقل مجموعات منهم إلى إسرائيل في عمليات مستمرة.

من جهته أرجع أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة حيفا محمود يزبك السبب في هجرة هؤلاء اليهود اليمنيين في الوقت الحالي إلى الحرب القائمة في اليمن والتي أتاحت فرصة لإسرائيل كي تقنعهم بأن أوضاعهم الأمنية والاقتصادية ستتحسن إذا انتقلوا إليها.

ولفت يزبك إلى أن هناك مجموعة يهودية أخرى رفضت الهجرة إلى إسرائيل وفضلت البقاء في اليمن كغيرهم من اليمنيين، مذكرا بأن نسبة الهجرة إلى إسرائيل في السنوات الأخيرة تراجعت بشدة، بل وارتفعت في المقابل نسبة الهجرة العكسية من إسرائيل إلى خارجها.

طرف ثالث
وعاد جميح إلى التأكيد أن اليهود الذين هُجروا من اليمن خرجوا من مناطق يسيطر عليها الحوثيون، وهو ما يشير إلى أن "هذه العملية لا يمكن أن تتم دون معرفة الحوثيين الذين يحكمون سيطرتهم على هذه المناطق".

ومضى إلى القول إن الولايات المتحدة ربما تكون هي الطرف الثالث الذي أشار إليه بيان الخارجية الإسرائيلية، والذي ساهم في إنجاح العملية.

وعما إذا كان هناك تناقض بين شعارات الحوثيين المنادية "بالموت لأميركا والموت لإسرائيل" وبين هذه العملية التي تساهم بتحقيق رغبات دولة إسرائيل في استقطاب يهود العالم، قال جميح إن الحوثيين يرفعون تلك الشعارات للاستهلاك المحلي، بينما يرددون أمام الولايات المتحدة أن شعارهم "ثقافي وأنهم لا يدعون لموت أحد".

وعلى عكس ما تقوله إسرائيل من أن العملية "بالغة التعقيد"، يرى جميح أنها ليست كذلك، واصفا الإعلان الإسرائيلي بأنه تسويق لأجهزة مخابراتها أمام العالم.

واتفق يزبك مع هذا الرأي مؤكدا أن إسرائيل استغلت هذه الحادثة فعلا لإظهارها بصورة البطل الذي أنقذ يهود اليمن، لافتا في المقابل إلى تحليلات إسرائيلية تحدثت عن أنه سيتم إهمال هؤلاء بعد أشهر قليلة، وبعد أن يتم الانتهاء من استغلال عملية تهجيرهم بشكل واسع.

وأكد أن الدعاية الإسرائيلية تحاول على مدى سنوات عديدة التأكيد أن "إسرائيل حامية اليهود في العالم، في مقابل أن العالمين العربي والإسلامي لا يقبلان الآخر".

من جانبه، قلّل جميح من تأثير عملية التهجير هذه على السلم الاجتماعي في اليمن لقلة عدد اليهود هناك الذين لا يزيد عددهم عن خمسين شخصا، محذرا من سياسة الإقصاء التي يتبعها الحوثيون ضد المخالفين لهم في الدين أو الطائفة.