ما وراء الخبر

مستقبل اتفاق "سد النهضة" بين إثيوبيا ومصر والسودان

تساءلت حلقة (ما وراء الخبر) عن قيمة اتفاق سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، وما الذي قدمه لأطراف القضية، وإلى أي حد يؤسس لآلية سلمية تضمن حل النزاع بين أطرافه.

وقع رؤساء مصر والسودان ورئيس الوزراء الإثيوبي على وثيقة مبادي بشأن سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، وذلك في احتفال خاص استضافته الخرطوم.

وتعترف مصر بموجب الوثيقة بحق إثيوبيا في بناء السد مقابل تعهدات إثيوبية بمشاركة القاهرة في إدارته، ويمهد الاتفاق الطريق أمام حل الخلاف المصري الإثيوبي حول السد، وذلك باستحداث آليات للتعاون والتشاور.

حلقة الاثنين (23/3/2015) من برنامج (ما وراء الخبر) ناقشت هذا الاتفاق، وتساءلت عن القيمة الحقيقية له، وما الذي قدمه لكل من أطراف القضية، وإلى أي حد يؤسس لآلية سلمية تضمن حل النزاع بين أطرافه الثلاثة مستقبلا.

يأتي هذا فيما حذر خبراء مصريون من عدم إقرار إثيوبيا في الوثيقة بحصة مصر من مياه النيل، التي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب سنويا وفقا لاتفاقية عام 1959 من القرن الماضي.

الجانب الإثيوبي قال على لسان رئيس الوزراء هايلي ماريام ديسالين إن توقيع بلاده على إعلان المبادئ يستند إلى قاعدة عدم وجود أي خاسر بين الأطراف الثلاثة، وإن الإعلان سيمهد الطريق لمزيد من التعاون بين إثيوبيا ومصر والسودان.

أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فأكد أن السد يعتبر مصدرا للتنمية، لكنه يمثل هاجسا ومصدر قلق للمصريين، لأن النيل مصدر الحياة، معتبرا أن توقيع الاتفاق "خطوة أولى" للتعاون بين الدول الثلاث.

إنجاز سوداني
حول هذا الموضوع وصف مدير كرسي اليونسكو للمياه في جامعة أم درمان سابقا الدكتور عبد الله عبد السلام الاتفاق بأنه إنجاز يحسب للسودان وقيادته.

وأضاف أن السد الإثيوبي بهذا الحجم سبب كثير من النقاش بين الخبراء والمختصين، لأن هناك بعض القضايا ما زالت معلقة، أبرزها كيفية ملء خزان السد (74 مليار متر مكعب) والفترة التي سيملأ فيها وكيفية تشغيله وسلامة تصميم السد.

ولفت عبد السلام إلى أن الاتفاق الذي وقع اليوم بالخرطوم لم يشمل هذه الزوايا بالتفصيل، وإنما كان الاتفاق على قضايا عامة.

واعتبر أن إثيوبيا هي الرابح الأكبر من الاتفاق، لأنه بمثابة اعتراف من السودان ومصر بهذا السد، مما يفتح الباب أمام أديس أبابا للتوجه لكل المؤسسات الدولية للتمويل.

سوء فهم
من جهته قال الصحفي والمحلل السياسي الإثيوبي أنور إبراهيم إن هناك سوء فهم بدأ منذ شروع أديس أبابا في بناء السد، وكان للإعلام دور في تعظيم هذه الأزمة، مؤكدا أن إثيوبيا قدمت حُسن النوايا.

وأضاف أن إثيوبيا الآن أصبحت توضح حسن نواياها من خلال تقديم العديد من التنازلات، مشددا على أن السد يمثل مشروعا قوميا للشعب الإثيوبي الذي يدعمه، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من نقص في الكهرباء والمياه رغم مرور كميات هائلة من المياه عبر أراضيها.

في السياق أكدت مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية أماني الطويل أن الاتفاق يؤكد على توجهات مصر التعاونية إزاء كل دول حوض النيل فيما لا يضر بالأمن الإنساني لمصر.

الأمن الإنساني
وأضافت أن الاتفاق تعرض للعديد من المسائل وتناول الهواجس المصرية والإثيوبية، وأشارت إلى أن إعلان المبادئ قد لا يترتب عليه أي التزامات لطرف تجاه الآخر، لكنه يزيل الصورة الذهنية السلبية الأفريقية تجاه مصر.

ونفت الطويل أن يكون سد النهضة يشكل أي تهديد لحصة مصر من مياه النيل حتى الآن "إلا بقدر"، وشددت على أن إثيوبيا لا تستطيع مواصلة بناء هذا السد إذا كان مهددا للأمن الإنساني لدولتي المصب (مصر والسودان)، خاصة أن مصر وصلت لمرحلة الفقر المائي بالفعل ولن يسمح المجتمع الدولي بذلك.

واعتبرت أن الاتفاقية لن تصمد إلا بالتزام إثيوبيا بحصتي مصر والسودان، لكنها حذرت من أن أديس أبابا لديها خطة لبناء ستة سدود أخرى "وهذه هي خطورة المسألة، وبالتالي قد يكون الاتفاق ضروريا بإقرار إثيوبيا بعدم الإضرار بحقوق مصر.