ما وراء الخبر

مدن الأنبار بين خياري الدم والتسوية

تتعرض أحياء مدينتي الفلوجة والرمادي بمحافظة الأنبار العراقية لقصف شبه يومي من قبل القوات الحكومية، منذ عدة أشهر. لماذا الإصرار على خيار القوة رغم طرح مبادرات عدة لتسوية سياسية؟

تتعرض أحياء مدينتي الفلوجة والرمادي في محافظة الأنبار العراقية لقصف شبه يومي من قبل القوات الحكومية منذ عدة أشهر، مما أدى إلى قتل وجرح الكثيرين ونزوح مئات الآلاف إضافة إلى خسائر جسيمة في الممتلكات والبنى التحتية.

وتساءل برنامج "ما وراء الخبر" في حلقة 14/8/2014 لماذا الإصرار على خيار القوة رغم طرح مبادرات عدة لتسوية سياسية؟ وما الموقف الغربي في هذه الأزمة على الصعيدين العسكري والإنساني؟

ووسط التجاذب حول العملية السياسية في العراق يزداد الوضع الأمني تعقيدا في المحافظات الست التي انتفضت على سياسات حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.

فمنذ فض الاعتصامات السلمية قبل ثمانية أشهر، اندلع القتال بين مسلحي العشائر وقوات المالكي، ثم تبدل المشهد مع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة وطرد الجيش منها، وصولا إلى طلب محافظ الأنبار أحمد خلف الدليمي مساعدة الولايات الأميركية لمجابهة التنظيم.

مدن منسية
كل هذه التعقيدات لا تنفي أن مدن الأنبار -ومنها الفلوجة التي نالت القصف الأشد- تكاد تكون منسية مقارنة بسنجار ومن قبلها أربيل، حيث تحرك الطيران الحربي الأميركي لمنع تمدد تنظيم الدولة، دون أن يعني شيئا حتى الرقم الذي أوردته وزارة حقوق الإنسان العراقية عن نزوح أكثر من مليون إنسان من محافظة الأنبار.

"
لقاء مكي:
الرمادي لم تكن لتهاجم لولا الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، مستهجنا من "انتباه العالم" إلى سياسات المالكي "الحمقاء والطائفية" فقط بعد أن احتل تنظيم الدولة ثلث العراق

يتحدث الكاتب والباحث السياسي لقاء مكي عن الفلوجة بوصفها ذات رمزية خاصة في العراق، وهي التي تصدت في العام 2004 لعدوانين أميركيين، بما يفسر -حسب رأيه- التغاضي الأميركي عن الخيار العسكري الذي لجأ إليه المالكي، انتقاما من الصورة التي قدمتها المدينة حين عرفت بأنها معقل المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي.

وأكد أنه لم تكن لتهاجم الرمادي لولا الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، مستهجنا من "انتباه العالم" إلى سياسات المالكي "الحمقاء والطائفية" فقط بعد أن احتل تنظيم الدولة ثلث العراق.

وعن الحكومة الجديدة المكلفة قال مكي إن "التركة ثقيلة وتتعلق بعودة المصداقية، وهي ليست أمرا مستحيلا ولكن تقترب من المستحيل" مشيرا إلى أن المشاركة السنية في الحكومة لا تعكس بالضرورة الرأي العام السني، بل المطلوب المشاركة بالنفوذ واحترام السني الذي يشعر بالمهانة حينما يدخل بغداد، على حد قوله.

القصف العشوائي
ومن الفلوجة تحدث الأكاديمي عبد الله الفلوجي ليصف المشهد على أرض الواقع قائلا إن وضع السكان الباقين في المدينة أكثر سوءا من النازحين، بسبب القصف العشوائي بالبراميل المتفجرة والراجمات.

وأشار إلى أن نصف السكان يسكنون المدارس وأن الأسواق والمساجد وحتى المستشفيات تتعرض للقصف، ومن ذلك مستشفى الفلوجة الذي تعرض للقصف أكثر من 25 مرة، كما أضاف.

واستنكر الفلوجي ما قال إنه ادعاء بوجود عناصر مسلحة بين المدنيين قائلا إن المسلحين يتواجدون في أطراف المدن وليس في الأسواق والمساجد والمدارس، حيث استهدف النساء والأطفال والشيوخ وأبيدت عائلات بأكملها.

من جانبه قال الخبير في شؤون الأمن القومي في مركز التقدم الأميركي كن صوفر إن المهم لواشنطن سلامة أراضي العراق وتقليل خطر تنظيم الدولة، وأضاف أن الولايات المتحدة لديها الاستعداد للتعامل مع شريك محلي فعال لمحاربة التنظيم، كما هي الحال مع قوات البشمركة.

وأقر صوفر بأن الإدارة الأميركية لم تكن تمارس ضغطا على المالكي كي يكف عن سياساته، أما الآن فالحاجة باتت مطلوبة لحكومة شاملة تأخذ العرب السنة بعين الاعتبار، على حد تعبيره.