ما وراء الخبر

حسابات ما قبل التدخل في مالي

تتناول الحلقة تدشين فرنسا لتدخلها العسكري في مالي بقصف جوي مكثف نفذته ضد المتمردين في معركة استعادة مدينة كونا للسيطرة الحكومية. ويأتي التدخل الفرنسي قبل أيام من وصول قوات من دول غرب أفريقيا المعروفة اختصاراً باسم “إكواس”.

– مبررات التدخل الفرنسي في مالي
– اتجاه الصراع بعد التدخل الفرنسي

– تقدير الخسائر الفرنسية في الحرب على مالي

 

‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪محمد محمود أبو المعالي‬ محمد محمود أبو المعالي
‪محمد محمود أبو المعالي‬ محمد محمود أبو المعالي
‪برونو ترتريه‬ برونو ترتريه
‪برونو ترتريه‬ برونو ترتريه

محمد كريشان: دشنت فرنسا تدخلها العسكري في مالي بقصف جوي مكثف نفذته ضد المتمردين في معركة استعادة مدينة كونا للسيطرة الحكومية، ويأتي التدخل الفرنسي قبل أيام من وصول قوات من دول غرب إفريقيا المعروفة اختصاراً بالأكواس منتظر أن تشارك أيضاً في الصراع الدائر في مالي منذ عدة أشهر.

نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين: ما مدى وجاهة التحليلات التي سندت عليها باريس في تبرير تدخلها في مالي؟ وما هي الوجهة التي يمكن أن يأخذها هذا الصراع بعد انخراط الفرنسيين فيه.

أسعد الله أوقاتكم، الصراع الذي عصف بجمهورية مالي أشهر عدة دخل منذ الجمعة الماضي مرحلة ليست كما قبلها وفق وجهة نظر الكثيرين، أما الحد الفاصل في تطور هذا الصراع فهو التدخل العسكري الفرنسي في معركة استعادة مدينة كونا من أيدي المتمردين حسمت المعركة لصالح القوات الحكومية لكن فرنسا قدمت أيضاً في هذه المعركة أول خسائرها البشرية بمقتل أحد طياريها.

[تقرير مسجل]

محمد الكبير الكتبي: تواصل القوات الفرنسية عملياتها العسكرية الداعمة للحكومة المالية ضد المسلحين القادمين من الشمال وذلك ضمن خطة بدأ تنفيذها يوم الجمعة تستهدف إيقاف تقدمهم نحو الجنوب باتجاه العاصمة وبقية أجزاء البلاد الواقعة تحت سيطرة حكومة الرئيس ديونكوندا تراوري ثم الحيلولة دون إقامة دولة إرهابية على مقربة من أوروبا على حد التعبير الفرنسي، استطاعت القوات بالفعل حسب رواية باريس قطع الطريق أمام أولئك المعارضين من خلال محور محيط بلدة كونا مع تأمين بلدة سفاري التي تعتبر بوابة العاصمة باماكو وتبعد عنها نحو 500 كم بينما انتشرت القوات الفرنسية في باماكو وضواحيها لحماية السكان المحليين وتأمين نحو 6 آلاف مواطن فرنسي موجودون هناك، فرنسا هي الدولة الأولى غربيا وأفريقياً التي تدخلت في مالي وتبدأ دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أكواس إرسال جنودها لمالي يوم الاثنين لتنفيذ المهمة المعلنة عبر مختلف المنابر الدولية والإفريقية وهي إنهاء احتلال شمال مالي من قبل الجماعات المسلحة التابعة للطوارق الانفصاليين وأنصار تنظيم القاعدة، والمعروف أن هذه الجماعات بمسمياتها المختلفة استولت على شمال مالي منذ الانقلاب الذي أطاح برئيس البلاد المخضرم أمادو توماني توري في مارس الماضي هي البداية لكن مؤشرات النهاية تظل ضبابية فرغم أن الإكواس دعت منذ شهور لتشكيل تحالف عسكري أفريقي ودولي لتحرير شمالي مالي إلى أن فرنسا هي الدولة الغربية الوحيدة التي استجابت بطريقتها وأحجم الشركاء الآخرون وسط شكوك وخلافات تتعلق بالتمويل والتفويض، ومع ذلك فإن الهدف واضح وبدأ تنفيذه ولكن إذا تحقق فإن كثيراً لا يرون في ذلك نهاية لتهديد القاعدة وحلمها بقيام دولة في المنطقة ولا نهاية لحلم الطوارق بقيام دولتهم هناك، قد تتفرق فلولهم في تخوم المنطقة الشاسعة التي يعرفونها ولكنهم قد يتحينون الفرص لتحقيق هدفهم بعد خروج المتدخلين، ومع وجود مثل هذا الاحتمال الذي يدركه الفرنسيون وغيرهم جيدا هل سينسحبون من مالي بعد انقضاء المهمة الراهنة في حل انتهائها أصلاً أم سيطول بقائهم بحجة مطاردة القاعدة والقضاء عليها؟

[نهاية التقرير]

مبررات التدخل الفرنسي في مالي

محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من نواكشوط محمد محمود أبو المعالي الخبير في الجماعات المسلحة في الساحل والصحراء، ومعنا أيضا من العاصمة الفرنسي برونو ترتريه الباحث في مؤسسة البحث الاستراتيجي في باريس أهلا بضيفينا لو بدأنا بباريس سيد ترتريه ما مدى وجاهة ما قدمته فرنسا لتبرير هذا التدخل في مالي؟

برونو ترتريه: أعتقد أن ما يبرر هذا التدخل هو أن الجهاديين قد فاجئوا العالم برمته مؤخراً بإطلاقهم هجوم سريع نحو الجنوب، وربما يعرفون كان يعرفون أن هناك تدخل عسكري كان يعد له ولكن ذلك كان من شأنه أن يكون تدخلاً متعدد الجنسيات قد يتطلب أشهر عديدة لذلك أراد هؤلاء أن يستفيدوا أو يستغلوا من حيث أن التدخل الإفريقي متعدد الجنسيات لا يمكن أن يحصل ويتحقق قبل مرور أشهر عديدة فأرادوا أن يستفيدوا من هذه الفرص، وانطلاقا من ذلك فإن الخيار أمام فرنسا كان إما أن لا يفعلوا أي شيء مع خطر التأثير وانتهاك السيادة الإقليمية لمالي والتي تحدت جميع الماليين وكذلك الرعايا الفرنسية هناك أو القيام بتدخل عسكري طارئ لم يكن هو ما تتمناه باريس لأن باريس كان تفضل أن تدعم تدخل إفريقي ومتعدد الجنسيات ولكن مالي في وضع صعب جدا وقلق بحيث لن تستطع أن تقاوم بحيث أصبح تدخلنا الأجنبي مشروعاً خاصة وأن رئيس مالي قد طالب بذلك.

محمد كريشان: سيد ترتريه أكثر كلمة تكررت على ألسنة المسؤولين الفرنسيين هي محاربة الإرهاب في مالي هل يمكن أن يكون هذا سبباً مقنعاً للرأي العام الدولي؟

برونو ترتريه: من وجهة نظر المجتمع الدولي ليس هناك أي غموض أو جهل ذلك أن العالم كله وخاصة دول إفريقيا أعلنت بشكل واضح بأنها تؤيد جميعا تدخل عسكري متعدد الجنسيات ولكن موضوع الإرهاب والخطر الذي تمثله الإرهاب ضد أوروبا وحتى ضد إفريقيا خاصة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ليس فقط هذا السبب لك هناك أيضاً مسألة حماية سيادة دولة مستقلة وحماية المدنيين وأيضا وجود الإرهابيين ووجود مختطفين ورهائن فرنسيين إضافة إلى المصالح الاقتصادية الأوروبية.

محمد كريشان: نعم إذا أخذنا في الاعتبار بأن الجماعات المسلحة هناك سيد أبو المعالي بادرت بهذا الهجوم لأنها كانت تتوقع أن تأتيها الضربة قريباً هل تراها أخطأت في هذا التوجه؟

محمد محمود أبو المعالي:  شكرا جزيلاً الواضح أن الجماعات الإسلامية المسلحة المسيطرة على أزواد حين أدركت أنه لا مناص من ولا مفر منها وأن باريس تعد لحرب على نار هادئة، حرب كاد يتوقعوا أن تخوضها فرنسا بجيوش افريقية مدعومة بسلاح جوي فرنسي وبالدعم أرادت الحركات الإسلامية المسيطرة وفي مقدمته حركة أنصار الدين أن تربك المخطط الفرنسي وأن تدفع إلى تدخل غير مدروس بحيث لا تكون النتائج مضمونة بل بالعكس قد تكون عواقبه وخيمة، أرادت أيضا أن تدفع بالفرنسيين إلى أن يجدوا أنفسهم على الميدان بدل أن يكون له وكلاء من الأفارقة وطالما سعت هذه الجماعات إلى استدراج الغربيين إلى المنطقة لتصطادهم عن قرب أعتقد أن حركة أنصار الدين والقاعدة وتوحيد الجهاد والحركات المتحالفة معها نجحت فعلا في استدراج الفرنسيين وفي إرباك الخطة بحيث انه لم يعد بدٌ أمام الفرنسيين من التدخل ميدانيا إذ أن القوات الإفريقية غير جاهزة وبإمكان الإسلاميين أن يصلوا إلى باماكو إن انتظرت فرنسا التدخل الإفريقي..

محمد كريشان: ولكن اسمح لي سيد أبو المعالي الرئيس الفرنسي قال بأنه تم إيقاف تقدم هذه القوات نحو باماكو وأيضا موضوع الإرهاب الذي أشار إليه الفرنسيون تردد أيضا على ألسنة مسؤولين آخرين البيت الأبيض قال أنه يساند فرنسا في مكافحة الإرهاب حتى روسيا على لسان مسؤولها الخاص بإفريقيا قال بأن هذه المنطقة تحولت إلى بؤرة للإرهاب والجريمة المنظمة، برأيك هذه الجماعات هل أصبحت محل إجماع دولي تقريبا وليس فقط فرنسي لمكافحتها؟

محمد محمود أبو المعالي: التنديد بهذه الجماعات ورفضها دوليا ليس بالأمر الجديد منذ سيطرتها على أزواد، بل دعني أقول لك منذ وجود القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بمنطقة أزاود بدأ العالم يتذمر وبدأ يشكو بدأ يعلن رفضه لكن هذا الرفض ما زال في غالبه الأعم رفضا كلاميا رفضا قوليا لا يوجد أي تدخل عملي باستثناء ما حصل الآن وما قامت به فرنسا وأنا اعتقد أن الفرنسيين وقعوا من حيث لا يدرون في شراك هذه الجماعات إذ دفعوها إذ دفعوا الجيش الفرنسي إلى أن ينزل على الميدان ليصطادوه وفعلا فرنسا بدأت تدفع النتائج منذ اليوم الأول جنديان سقطا مروحيتان هذا في معركة بلدة كونا الخارجة أصلا عن أزواد والتي لا تمثل أي قيمة إستراتيجية اللهم إذا كانت الخطوط الأمامية لدفاع الجيش المالي ليس إلا، تُرى ما هو الثمن الذي سيدفعه الفرنسيون لو حاولوا التقدم شمالا نحو تمبكو وغاوة وباقي المدن الأخرى..

محمد كريشان: هذه ربما من المخاطر التي يمكن أن تترتب على توسع هذا النزاع أو التورط الفرنسي فيه ولكن سيد ترتريه عندما يقول الرئيس فرنسوا هولاند بأن التدخل الفرنسي وهنا اقتبس مما قاله هو لمواجهة اعتداء لعناصر إرهابية يعلم الجميع أجمع وحشيتها وتطرفها، بالنسبة للمتابع خارج هذه المنطقة ربما السؤال الأكثر إلحاحا، ما دخل فرنسا في مكافحة الإرهاب في هذه البقعة من إفريقيا تحديدا؟

برونو ترتريه: نعم، أود أولا إذا ما سمحتم لي أن أرد باختصار على ما قاله الضيف الآخر إذا ما كان مجاهدي القاعدة وغيرهم يعتقدون أن فرنسا وقعت في فخ فهم مخطئون خطأ كبيرا فأولا أعتقد أن هذا التدخل لم يحصل بشكل سريع وبشكل خفيف وثانيا ليس هناك تدخل أرضي كبير، الأمر يتعلق بالهجوم على هذه المنطقة لإيقاف  تحرك واندفاع الجهاديين نحو الجنوب وبالتالي يعني أؤكد أن هذا التدخل سيبقى خفيفا ولا أعتقد أن فرنسا سقطت في فخ وهنا أذكر بأن التدخل كان ناجحا أما فيما يتعلق بما يفعله الفرنسيون هناك فأعود أذكر مرة أخرى بأن القاعدة في المغرب الإسلامي قد أعلنت أنها عدوة فرنسا وفرنسا لم تعلن الحرب عليها بل أن القاعدة في المغرب الإسلامي هي التي أعلنت الحرب على فرنسا قبل أريع أو خمس سنوات وبالتالي منذ ذلك الوقت ونحن في موقف مواجهة معهم مواجهة مع هؤلاء الذين لا يهاجمون فقط المصالح المالية بل أيضا المصالح الفرنسية والرعايا الفرنسيين في مالي والنيجر وغدا قد يعدون لهجمات على الأراضي الفرنسية وبالتالي فإن موقف فرنسا واضح حتى أن هذا التدخل لن يتحدد بمكافحة الإرهاب فقط..

محمد كريشان: نعم لكن سيد ترتريه مثلا المبعوث الروسي لإفريقيا سيد ميخائيل مارغيلوف يقول بأن تدخل كالتدخل الفرنسي يفترض أن يتم بإشراف من الأمم المتحدة أو من الاتحاد الإفريقي فرنسا حاولت أن تبرر هذا التدخل استنادا لميثاق الأمم المتحدة هل تعتقد أن هذا التبرير يمكن أن يقف على رجليه؟

برونو ترتريه: نعم ولسببين أولا ولأن هناك فعلا عدد من القرارات من مجلس الأمن التي تعطي إطارا قانونيا وشرعيا للتدخل في مالي وإضافة إلى ذلك وأيضا أذكر بأن هناك حق الدفاع الشرعي عن النفس المذكور في ميثاق الأمم المتحدة وهنا أيضا الأمر يتعلق بطلب المساعدة من مالي وبالتالي على فرنسا أن تتدخل بشكل مشروع ونتيجة الطلب من البلد مالي وبالتالي فرنسا لم تفعل سوى المشاركة في الدفاع المشروع عن مالي، بالنسبة لي اعتقد أن الإطار الشرعي والقانوني لهذا التدخل لا يشكل أي مشكلة اليوم إذا ما تحول التدخل بشكل جذري وهو ما لا أعتقد أنه سيكون ضمن نوايا الفرنسيين فذلك الأمر آنذاك سيختلف ولكن اليوم وما يقوم به الجيش الفرنسي اليوم  لا يبدو لي أنه يشكل أي مشكلة من الناحية القانونية أو الشرعية.

محمد كريشان: مع ذلك يظل السؤال ما إذا كانت فرنسا بتدخلها هذا ستحسم الأمور لصالح الحكومة المالية أم النزاع ربما يأخذ منحنا آخر في المستقبل هذا ما سنعود للتطرق إليه بعد هذا الفاصل نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

اتجاه الصراع بعد التدخل الفرنسي

محمد كريشان: أهلا بكم مشاهدينا الكرام مازلتم معنا في هذه الحلقة التي نناقش فيها اتجاهات الصراع في مالي بعد التدخل العسكري الفرنسي هناك سيد أبو المعالي برأيك إلى أين يمكن أن يسير هذا التدخل الفرنسي الآن؟ 

محمد محمود أبو المعالي: طيب شكرا جزيلا قبل الرد على سؤالك أنا اعتقد أن محاولة التلبيس الأخلاقي أو إضفاء مسحة أخلاقية على التدخل الفرنسي هو نوع من المزايدة درج عليه الغرب برمته إذ كلما أراد حماية مصالحه ألبسها ثوبا أخلاقيا وإذا لما غاب هذا التدخل عن الكثير من الأزمات التي فتك بها الكثيرين وأعيث في الأرض فسادا لأن مصالح غربية لا توجد فيها ردا على سؤالك أين تتجه الأمور أنا اعتقد أن ما يجري هو تعقيد عسكري وليس حلا عسكريا الأمور تتجه نحو التصعيد نحو مزيد من الانفجار يعني نحو الحرب وتوابعها حرب لم يعد لها جيدا، الفرنسيون أرادوا من وراء التدخل السريع منع سقوط العاصمة باماكو وعدم تكرار التجربة الصومالية لغياب الدولة المركزية لكنهم نسوا أن أي تدخل عسكري غير مدروس وغير محكم إنما هو نوع من تجذير الصوملة باعتبار أن ما يحصل بالصومال نتيجة تدخل إفريقي غير مدروس في الدول الإفريقية..

محمد كريشان: اسمح لي فقط سيد أبو المعالي يعني كلمة غير مدروس قد تكون غير مناسبة لأن الموضوع التدخل العسكري مطروح منذ أشهر ووقع الخوض فيه واجتماعات افريقية وفرنسية افريقية ودول الجوار وسفرات إلى الجزائر وغيرها يعني التدخل طبخ على نار هادئة يمكن القول.

محمد محمود أبو المعالي: لا كان قيد الطبخ على نار هادئة لكن الحركات الإسلامية استعجلت الفرنسيين والأفارقة ودفعتهم إلى التدخل، التدخل كان يتوقع أن يبدأ في شهر سبتمبر من هذا العام أي بعد عدة أشهر هذا التحرك نحو الجنوب الذي قامت به قوات أنصار الدين والحركات المتحالفة معها دفع الفرنسيين إلى التدخل والأفارقة بدؤوا إرسال قواتهم على عجل إذن هو إربك الخطة واستعجل التدخل قبل أوانه وبالتالي محاولة لاصطياد المتدخلين ودفعهم إلى المستنقع الأزوادي قبل أن يكونوا جاهزين وقبل اكتمال العدة وفعلا اتخذ القرار وبدأت دراسة المنطقة وبدأ الخبراء في الوجود في باماكو  في سفاري لكن لم تكن هناك قوة جاهزة ومعدة ولم ترسل حتى الآن وبدأ إرسالها على عجل وبدا أيضا إرسالها لا للاستعداد وإنما للدخول في الحرب بشكل مباشر لذلك ما حصل..

محمد كريشان: ولكن هذا مبدئيا سيد أبو المعالي مبدئيا هذا مستبعد هنا أسأل السيد ترتريه لأن فرنسا على لسان قائد عسكري هناك قال نحن نريد إيقاف زحف المتمردين وليس الدخول معهم في حركة لتحرير شمال مالي هل هذه الرؤية الفرنسية الآن؟

برونو ترتريه: نعم، نعم هذا بالضبط هو هدف العملية الجارية حاليا التي بدأت يوم أمس هي فعلا هدف محدود ألا وهو احتواء واندفاع وتقدم القوات الجهادية نحو الجنوب وأن مسألة تدخل مستقبلي متعدد الجنسيات أقوى بذلك بتحرير شمال مالي ما زال قائما ومحتملا، العملية الحالية حسب رأيي ليست بديلا عن هجوم أو عمليات متعددة الجنسيات تجري مستقبلا معظمها من الأفارقة ستجري في شمال مالي كلها، ولكن مرة أخرى أقول أن هذا التدخل في المستقبل لا يمكن توقع حصوله قبل عدة أشهر لأنه قبل كل شيء أن القوات الإفريقية وخاصة ابتداء بالماليين غير مستعدين الآن في الدخول بأي معارك، وبالتالي فإن حاليا أن ضعف القوات المالية هي التي أجبرت فرنسا بشكل ما إلى التدخل وأن الخطر كان إذا لم يكن هناك إيقاف ومعارضة لهذه الحركة والتوجه الجهادي نحو الجنوب فإن ذلك يعني أنهم سيتوصلون إلى العاصمة..

تقدير الخسائر الفرنسية في الحرب على مالي

محمد كريشان: سيد ترتريه هل هناك مجازفة فيما تتعلق في الخسائر التي قد تتكبدها فرنسا لأن البعض أشار بان التدخل الفرنسي في ليبيا مثلا طوال 7 أشهر لم تخسر فرنسا جنديا واحدا أو ضابطا واحدا في حين في مالي منذ اليوم الأول خسرت طيار هل هذا وارد؟

برونو ترتريه: نعم، أنت محق في التوضيح بأن الحرب في ليبيا ولحسن حظ الجيش الفرنسي لم يؤد إلى مقتل أي جندي فرنسي ولكن كل تدخل عسكري فيه خطر وفيه احتمال بالنسبة لكل المشارك فيه رجلا أن يسقط ضحايا فيهم وأن الرئيس كان يعرف ذلك وان الجيش كان مستعدا لقبول هذه المجازفة لكن لو حصلت نتائج جيدة نتيجة العملية فإن الرأي العام الفرنسي مستعد لقبول هذه التضحية واعتقد أن الخطر محدود نسبيا بالنسبة للجنود الفرنسيين اليوم نظرا لأن الأمر يتعلق بعميلة خفيفة نسبيا عدد الطائرات والمروحيات فيها محدود وقد أعتقد أنه لو حصل عدد قتلى أخرى فإن الرأي العام الفرنسي مستعد لقبول هذا الخطر والاحتمال إذا وجد أن ذلك مفيدا لمالي ولإفريقيا  ولأوروبا ولفرنسا.

محمد كريشان: هذا الخطر المحدود سيد أبو المعالي هل يعود أيضا إلى درجة كبرى إلى أن هذه الجماعات الإسلامية المسلحة هناك تقريبا معزولة يعني هي كل دول الجوار خائفة منها وتحاول الحد من تأثيرها وهناك إجماع دولي على ضرورة محاربتها وهناك شبه إجماع دولي وإقليمي على وجاهة التدخل العسكري لضربها إذن إمكانية التورط أو استمرار هذا النزاع يبدو مبدئيا مستبعدا..     

محمد محمود أبو المعالي: أنا لا اعتقد أن الأمر على هذه الصورة الوضع في أزواد بكل تأكيد ليس بأماني الفرنسيين ولا بأماني الماليين ولا بدول الجوار، الوضع في أزواد أكثر تعقيدا هنالك جماعات تجري محاربتها والتي أسست وجودها على مظالم تاريخية ومطالب تاريخية لسكان المنطقة، الفرنسيون أكدوا أنهم سيرسلون آلاف الجنود أو مئات الجنود إلى باماكو لحماية العاصمة هؤلاء الجنود لن يكونوا بمنجاة من أيادي القاعدة ومن أيادي الجماعات المسلحة، المصالح الفرنسية برمتها في المنطقة لن تكون بمنأى عن أي انتقام للقاعدة ناهيك عن الرهائن الفرنسيين الموجودين في قبضة القاعدة، أنا أعتقد أن التدخل الفرنسي وسقوط مروحيتين ومقتل جندي أو جنديين ليس إلا بداية المشوار لنتائج التدخل ولا أوافق ضيفك الكريم بالتدخل مازال بإمكانه محتمل لا التدخل بدأ القوات التي يجري لإعداده حاليا لإرسالها من النيجر من بوركينا فاسو من ساحل العاج هي ذاتها القوات التي كان يجري الحديث عن تحضيرها في إطار التدخل لاستعادة أزواد، إذن الحرب بدأت أو أرغم الأفارقة والفرنسيون على بدئها قبل موعدها والتحضير الكافي لها..

محمد كريشان: نعم ولكن اسمح لي سيد أبو المعالي هل نجح الفرنسيون في تأليب العالم كله على هؤلاء المتمردين المسلحين لأن مثلا عندما يقول السيد لوران فابيوس وزير الخارجية بأنه لأول مرة هناك خطر أن يسيطر إرهابيون على دولة في إفريقيا، إذن في هذه الحالة إمكانية توظيف هذا العنصر في مالي من قبل فرنسا يبدو ناجحا لحد الآن على الأقل..

محمد محمود أبو المعالي: تأليب الأمر على هذه الجماعات أصلا أمر قائم الكل يرفضها والكل يخشاها، وهي جماعات تصنف عالميا بأنها جماعات إرهابية وبعضها يصنف كجماعات انفصالية ضد الدولة المركزية في مالي وبالتالي العالم تقريبا برمته يرفضها ولكن من يقبل بالتدخل لمواجهتها على ارض الميدان الأفارقة وحدهم الايكواس أعلنوا أنهم يقبلون بالتدخل هذا التدخل أنا أؤكد لك أن حصل يعني أن مجازر سترتكب ذات طابع عرقي ضد سكان الشمال يعني أن القوات القادمة ستحارب في بيئة لا تعرفها، القوات الإفريقية قوات درجت على التدرب والحرب في الأدغال وعلى الضفاف والشطآن ولم تألف الصحراء وأزواد صحراء واسعة الانتشار، أيضا ستجد في مواجهتها جماعات غير إسلامية وغير سلفية من قبيل الحركة الوطنية لتحرير أزواد والجبهة العربية لتحرير أزواد، ستجد كتلة من المظالم ستجد أيضا تضاريس وصحاري ستقع في فخها، أيضا الفرنسيون سيكونون في متناول هذه الجماعات ستصطادهم من حيث أرادت وستجرهم إلى ارض معركة هي من حددتها لا هم من حددوها..

محمد كريشان: شكرا لك سيد محمد محمود أبو المعالي الخبير في الجماعات المسلحة في الساحل والصحراء كنت معنا من نواكشوط، شكرا أيضا لضيفنا من العاصمة الفرنسية باريس برونو ترتريه الباحث في مؤسسة البحث الاستراتيجي في باريس، بهذا مشاهدينا الكرام نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة دمتم في رعاية الله وإلى اللقاء.