ما وراء الخبر / صورة عامة
ما وراء الخبر

قضايا الفساد وحصانة كبار المسؤولين السياسيين

تتناول الحلقة قضايا الفساد وحصانة كبار المسؤولين السياسيين على ضوء إحالة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أمام المحكمة في قضية وظائف وهمية واختلاس أموال عامة.

– دلالات إحالة شيراك ومسؤولين آخرين للمحاكمة
– حصانة المسؤولين في البلاد العربية وإمكانيات مساءلتهم قضائيا

محمد كريشان
محمد كريشان
فيصل جلول
فيصل جلول
ناصر الصانع
ناصر الصانع

محمد كريشان: السلام عليكم. نتوقف في هذه الحلقة عند قضايا الفساد وحصانة كبار المسؤولين السياسيين على ضوء إحالة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أمام المحكمة في قضية وظائف وهمية واختلاس أموال عامة عندما كان عمدة لبلدية باريس. في حلقتنا محوران، ماذا يعني إحالة رئيس دولة سابق وتسعة مسؤولين آخرين للمحاكمة في قضايا فساد؟ ومتى ترفع الحصانة في عالمنا العربي عن كبار المسؤولين لإخضاعهم لتحقيقات قضائية كالآخرين؟… في سابقة هي الأولى من نوعها وعلى خلفية اتهامات بخلق وظائف لا ضرورة لها دفع أجورها مكتب عمدة باريس حينما تولاه بين عامي 1977 و1995 تلقى الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك دعوة للمثول أمام القضاء، المكتب الإعلامي للرئيس السابق قال إن شيراك قابل الدعوى القضائية بهدوء وإنه واثق من أنه يملك الحجج والإثباتات التي تؤكد سلامة موقفه في تلك القضية.

[تقرير مسجل]

أمير صديق: غادر السلطة منذ عامين لكن حب الشعب الفرنسي له لم يغادره فقد أظهر استطلاع أجري منتصف الشهر الماضي أن ثلاثة أرباع الفرنسيين لا يزالون يعتبرونه السياسي المفضل بالنسبة إليهم، إنه جاك شيراك الرجل الذي خدم فرنسا لثلاثين عاما من خلال موقعه في رئاسة بلدية باريس ثم رئاسة بلاده بأسرها. كل هذا الإرث وكل ذلك الحب لم يشفعا له ولم يحمياه من ملاحقة قضائية بسبب قضايا قد تعتبر إثبات شرف في أجزاء أخرى من العالم كعالمنا العربي مثلا، فشيراك الذي سقطت حصانته القضائية تلقائيا بعد تركه منصب رئاسة بلاده لم يتهم بأنه اختلس أموالا لنفسه أو أنه تورط في محاباة أو حماية أحد أقربائه بل إنه سيمثل أمام القضاء من أجل 21 وظيفة وافق عليها إبان توليه رئاسة بلدية باريس واعتبرها التحقيق غير ضرورية على عكس رؤية وتقدير شيراك للمسألة، ومع ذلك فإن شيراك لم يوقع بنفسه سوى على وظيفة واحدة هي وظيفة سائق خصص لمحافظ سابق. النيابة العامة التي تمثل وزارة العدل في فرنسا طالبت بإسقاط جميع التهم الواردة بحق شيراك معللة قرارها بجملة أسباب من بينها أن تصرفات موضوع القضية سقطت بالتقادم، ومع ذلك فإن هذه الفتوى القانونية لن تنهي القضية تلقائيا وإنما ستمثل دفعا تبت بشأنه المحكمة حين انعقادها. على مستوى الطبقة السياسية الفرنسية قوبلت فكرة ملاحقة شيراك بعدم الترحيب من خصوم شيراك قبل حلفائه بيد أن بعض أنصار الرجل رأى فيها فرصة تتبدى من خلالها عظمة الديمقراطية الفرنسية وتقدم باريس من خلالها درسا آخر للعالم في هذا الصدد.


جان فرانسوا بروبست/ المستشار السياسي السابق للرئيس شيراك: إنها ربما فرصة للاطمئنان على أننا نعيش في دولة السيادة فيها للقانون ولسنا في إحدى إمبراطوريات الموز، إننا نعيش في ديمقراطية تتميز بسلطات قضائية وتشريعية وتنفيذية مستقلة تمام الاستقلال، صحيح أنها تتداخل أحيانا بشدة لكن ما حدث يظل أمرا جيدا يمثل نوعا ما فرصة للرئيس الفرنسي كي يمثل أمام القضاء كعامة الفرنسيين.


أمير صديق: هكذا إذاً ينظر الكثير من الفرنسيين إلى ما أثير بخصوص رئيسهم المحبوب، لم تتحرك المظاهرات لردع الخونة الذين يستهدفون كرامة البلاد عبر إشانة سمعة الرئيس الرمز ولم تستنفر القوانين الاستثنائية لحمايته.

[نهاية التقرير المسجل]

دلالات إحالة شيراك ومسؤولين آخرين للمحاكمة


محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من باريس فيصل جلول الكاتب والمحلل السياسي، ومن الكويت الدكتور ناصر الصانع عضو مجلس الأمة الكويتي ورئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد، أهلا بضيفينا. نبدأ من باريس وفيصل جلول، هذه السابقة في فرنسا ما الذي تعنيه؟


فيصل جلول: في الواقع ليست سابقة، فالماريشال فيليب بيتان قدم للمحاكمة وصدر عليه حكم بالإعدام، لويس السادس عشر قدم للمحاكمة وأعدم، صحيح أنها سابقة في مجال ربما قضايا غير الخيانة العظمى أو تغيير النظام لكن حتى في هذا المجال من الصعب القول إن شيراك سيذهب إلى المحكمة لأن النيابة العامة والمدعي العام قد يصل إلى الاستئناف ويقرر ألا يصل إلى المحكمة. عموما من الناحية الرمزية والأخلاقية هذه مسألة في غاية الأهمية، وهي بالنسبة لبلد كفرنسا مقياس أساسي لأن يقتنع العامة بأن القانون ليس قانونين وأن الجنحة التي تبدأ بمخالفة مرور يمكن أن تصل إلى رئيس الدولة كجنحة بتوظيف أشخاص أو مساعدين لا يقومون بوظائف فعلية، هذا على الصعيد الرمزي مهم جدا ويدخل ضمن تقاليد هذا البلد الأخلاقية والقانونية.


محمد كريشان: نعم، هي بالتأكيد على الأقل سابقة في الجمهورية الخامسة ولكن الإحالة لا تعني الإدانة بالضرورة، ما الذي تعنيه بالنسبة إلى جانب الجانب الرمزي الذي أشرت إليه؟


فيصل جلول: على الصعيد القانوني سيكون على المدعي العام أن يعاين الأسباب وأن يأخذ بعين الاعتبار الجهد الذي بذلته القاضية سيميونيه وهو ممتد على أكثر من 18 سنة ومسألة بالنسبة إليها في غاية الأهمية كانت، وهنا القضاة الابتدائيون يحتفظون بسلطة كبيرة فإذاً على المدعي العام أن يأخذ بعين الاعتبار الجهد الذي بذل وأن يأخذ أيضا بعين الاعتبار أن ما فعله شيراك في هذا المجال ربما ليس محصورا بشيراك وحده، هناك الكثيرون، ناهيك عن أن ابن الجنرال شارل ديغول في هذه القضية.. عفوا، حفيد الجنرال شارل ديغول في هذه القضية..


محمد كريشان: حفيده نعم.


فيصل جلول: حفيده طبعا وشخصيات أخرى، إذاً هذا الأمر يعطي القضية هذا البعد الكبير ويجعل منها يعني قضية في غاية الأهمية بالنسبة للرأي العام الفرنسي وبالنسبة للطبقة السياسية الفرنسية. يجب ألا نستبعد أيضا أن التمسك بهذه القضية يمكن أن يعود أيضا لأسباب الحزازات الداخلية ضمن الطبقة السياسية الفرنسية وهذا يحدث لأنه مثلا رئيس الوزراء السابق بيير بيرغوفا انتحر بسبب قضية فساد لم يكن فعلا يعني فاسدا إلى هذا الحد في حين أن الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان اتهم برشى عبر يعني ألماسات من رئيس أفريقيا الوسطى بوكاسا وظلت القضية لمدة سنوات ولم يقدم للمحاكمة، إذاً يجب أن ننظر إلى الصورة في فرنسا في مثل هذه القضايا من مختلف الجوانب وليس فقط من زاوية واحدة.


محمد كريشان: نعم. دكتور ناصر الصانع في الكويت، يعني أن يحال رئيس دولة على المحكمة ليس فقط لأن.. ليس لأنه متع عائلته أو هناك محاباة لأبنائه أو لأنه اختلس أموالا أو لأنه هرب أموالا إلى الخارج أو لأي شيء آخر وإنما فقط لأن هناك وظائف لم تكن ضرورية وهو أقرها، كيف تنظر إلى هذه المسألة؟


ناصر الصانع: طبعا هذا منظر يعني فارق عجيب في منطقتنا يعني لو نشوف كبار المسؤولين عندهم توظيف وهمي بأعداد كبيرة ما حدا سألهم، شوف الزعماء العرب في منطقتنا، خلنا نقول مو كلهم لكن الأغلبية الساحقة منهم إحنا مو توظيف وهمي إحنا الفلوس اللي عندهم ما نعرف مو تفاصيلها ما نعرف كميتها ما نعرف مشروعيتها، الموقف هذا موقف رمزي ينبغي أن يخجل كل إنسان يعني يرأس بلدا سواء في منطقتنا أو خارجها كيف أن الدولة، وأنا حقيقة سعيد أن أسمع الشخص اللي علق في التقرير لما يقول نفتخر أن دولتنا دولة مؤسسات وفيها قضاء نزيه، هذه الدول اللي تفتخر بأنها استطاعت أن تجعل الشعب رقيبا حقيقيا على الأموال العامة وعلى السياسة العامة فلذلك هذه اللفتة يعني صحيح فرنسا بالنسبة لنا مو مثال يعني أنا إذا تحب أعطيك أمثلة عن الفساد في فرنسا أمثلة كثيرة عن الفساد مع دولنا في الصفقات العسكرية، فرنسا مشهورة أنها تدفع رشاوى لشخصيات نافذة في منطقتنا والصفقات هذه تتم وتخلص والناس تقبض الرشاوى وتأتي صفقات بعدها، لا، هذا ملف كبير وأنا يعني أنصح يعني كل ناشط في منطقتنا يريد أن يتحرك في هذا المجال في هناك مكاتب في أوروبا تستقبل شكاوى للأنشطة التي تقع خارج أوروبا من رشاوى وفساد. لكن حتما خبر جاك شيراك خبر مثير وملفت للنظر، صحيح حجم الفساد اللي فيه لربما مو كبير والقصة يمكن قديمة لكن نحن مثلما نقول اللي يبوق دينار مثل اللي يبوق مليون، القصة قصة مبدأ قصة بلد استطاع أن يضع شخصا في هذا الموقع حتى من الحب والشعبية قال له لا القانون أكبر منك والمال العام أكبر منك تعال خلي نسألك خلي نسمع. أنا أعتقد أن يعني لو كل مسؤول في منطقتنا العربية بالذات الزعماء العرب لو كل واحد منهم شاف هذا التقرير خلي يسأل فعلا أنا شعبي يعرف الفلوس اللي أنا قاعد أنفقها؟ يمكن قاعد ينفقها بأمور خيرية يمكن معظمها قاعد يروح لمصلحة شعبه، ما ندري، بس هل مستعد أن يكشف لشعبه الثروة اللي عنده وكيف ينفقها حتى الناس تطمئن؟ ولا كما هو معروف أنه حول المسؤولين والزعماء -معظم زعمائنا في منطقتنا- مجموعة من المنتفعين من رجال الأعمال ومن الموظفين ومن الأقارب اللي يعني تأخذ قدرا كبيرا من هذه الثروة وتبعدها عن يعني مصبها الرئيسي للتنمية والتعليم والصحة والبطالة. أنا أعتقد القصة فعلا تدعونا أن نتوقف وأنا بهالمناسبة بودي أن أوجه تحية لتحالف أطلقته أوروبا اسمه "غريكو" ودعينا قبل أسابيع لاحتفالية عشر سنوات على مروره، كيف استطاع الأوروبيون أن يجعلوا نظاما للتدقيق على المصروفات وما يسمى بتدقيق الزملاء يعني دولة من دول أخرى يدققون على حساباتها ويقولون لا والله أنتم منافذ الفساد اللي نتكلم عنها سليمة أو فيها خلل، أنا أعتقد أنه خبر..


محمد كريشان (مقاطعا): نعم على كل يعني فيصل جلول أشار إلى نقطة مهمة أريد أن أستوضحها أكثر منه، أشرت إلى أننا لا يجب أن نغيب بعض الحزازات السياسية أو جانب سياسي في الموضوع، ألا يمكن استبعاد بالكامل أن تكون المسألة لها خلفية معينة لتصفية حسابات على الكل كتساؤل معين يمكن أن يطرح؟


فيصل جلول: نعم، نعم، يعني يجب ألا نغفل أهمية الجانب الأخلاقي في المسألة والقانوني، هذا ثابت هذا لا نناقش فيه لكن أحيانا تتدخل حزازات سياسية أو خصومات سياسية فتدفع هذه القضية وتخفي قضايا أخرى أو يعني تؤجل قضايا أخرى. أنا من معاصرتي للحياة السياسية في هذا البلد أثناء الحكومات اليسارية كنا نشاهد أن يعني قضايا ضد اليمين تعطى الأولوية مثلا أو تكون هي الأولوية وتستخدم خاصة قبل الانتخابات النيابية، قضايا ضد اليسار أيضا نفس الشيء لدى الحكومات اليمينية، هذا أمر لا يبخس من أهمية ورمزية القضاء ودور القانون في هذا البلد لكن هذا يحدث. بالنسبة لشيراك في هذه المسألة يجب أن ننتبه إلى شيء مهم وهو أنه قبل أيام مثلا أليس غريبا أن يكون دومينيك دوفيلبان مثلا رئيس وزرائه وخصم الرئيس الحالي ساركوزي أمام المحكمة وأن يكون يعني حديث الرأي العام؟ أليس غريبا أيضا أن تكون شخصية مثل شارل باسكوا وهو من مساعدي شيراك التاريخيين أمام قضية أخرى قضية صفقة السلاح أونغولا غيت؟ في يعني هذا التجمع لهذه القضايا في وقت واحد..


محمد كريشان (مقاطعا): ولكن هذه المرة سيد جلول اليمين داخل اليمين يعني القضية ليست يسار ويمين هذه المرة يعني.


فيصل جلول: نعم، وهذا يعني الحساسيات عابرة لحدود التيارات السياسية يعني أنت تعرف أخي محمد في هذا البلد أن الحساسيات السياسية قد تكون داخل فريق واحد أكبر بكثير من يعني ما تكون داخل فريق يمين يسار أو يمين متطرف ويمين معتدل. تبقى نقطة أخيرة اسمح لي فيها أستاذ محمد وهي أنه عندما نتحدث عن الفساد في بلداننا يجب أن نحاربه بشدة..


محمد كريشان (مقاطعا): لا، بالنسبة يعني عفوا بالنسبة لبلداننا سيكون هذا هو الموضوع بعد الفاصل، ولكن فقط سؤال بشكل سريع جدا، لماذا لم تسقط هذه القضية -وشيراك متورط فيها كعمدة لباريس وليس كرئيس دولة- لماذا لم تسقط بالتقادم مع أن قانونيا القضية يفترض أن تكون خمس سنوات فقط كتقادم؟


فيصل جلول: لهذا السبب أنا أقول بأن القضية لن تصل إلى المحاكمة لأن الحجج التي لدى شيراك قوية جدا وهو الآن موجود في المغرب لقضاء عطلة ولم.. يقول محاميه المحامي المكلف بالدفاع عنه بأنه لم يتأثر إطلاقا بهذه المسألة وهو واثق من براءته، وأظن أن يعني أنا شخصيا أظن أن شيراك محمي وليس فقط بالقرائن وإنما أيضا يعني بالخريطة السياسية في بلده ولا أظن أنه سيصل إلى المحاكمة، هذا ظن ربما يعني أكون..


محمد كريشان: على كل بالنسبة للحصانة التي يتمتع بها كبار المسؤولين في البلاد العربية من أية ملاحقات تتعلق في قضايا فساد وفساد ربما في قضايا أكبر وأفدح بكثير مما تعرض له الرئيس شيراك، سنتناول هذه المسألة بعد الفاصل نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

حصانة المسؤولين في البلاد العربية وإمكانيات مساءلتهم قضائيا


محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نناقش فيها قضايا الفساد وذلك في ضوء إحالة الرئيس الفرنسي السابق إلى القضاء. دكتور ناصر الصانع في الكويت، الظاهرة بالنسبة للبلاد العربية -وقد أشرت إلى جزء قبل الفاصل- أن الرؤساء والملوك وكبار المسؤولين والوزراء يتمتعون بالحصانة وهم يمارسون المهنة أو يمارسون المسؤولية ويتمتعون بالحصانة بعد ترك المسؤولية، كيف نفسر هذه الحصانة المطلقة والإفلات من العقاب في قضايا كل الناس تتحدث بها من سرقة من اختلاسات من محاباة للأقرباء إلى غير ذلك؟


ناصر الصانع: بطبيعة الحال إحنا طبعا رؤساء الدول بالكويت عندنا ما في رؤساء دول بعد تركهم المنصب تلقاهم أحياء يعني هو يقعد لحين يتوفاه الله إلا يمكن استثناءات قليلة. إنما موضوع الحصانة، تقرير منظمة الشفافية العالمية أثبت أن معظم الفساد في الدول يكون لدى السياسيين، سياسيين، أعضاء البرلمانات، الوزراء، كبار المسؤولين هدول اللي يعني يسمونه فساد ذوي الياقات البيضاء، هذه الحصانة لازم في جهة من حقها أن ترفع الحصانة إذا احتاج الأمر إلى ذلك، إن كان عضو برلمان يروح المجلس إذا كان يعني أي كان.. لازم في جهة تسمح برفع الحصانة لكن القصة مو قصة رفع الحصانة، القصة من قاعد يحرك المساءلة؟ من قاعد يعتبر هذا ملف يستحق أن يتابعه؟ الجميع يعني أصيب بحالة من اليأس والجميع يتفرج ويتندر عن كيفية تصرف المصروفات للقائد الفلاني والزعيم الفلاني هنا وهناك بشكل يعني مخجل وبشكل حقيقة يعني أصبح مثل عرف أنه إذا كان أنفق كثيرا فهذا شيء طبيعي لأنه والله على هذه السدة، هذا خلاف ما هو يعني واقع يعني إحنا نقول إذا ما يردعكم وازع من القانون ما ردعكم وازع دستوركم ما فيه نصوص تلزمكم يا أخي خلي يردعكم وازع من الدين أن تكفوا أيديكم ما تكون أيديكم على الأموال اللي مو لكم، الأموال هذه تخص الشعوب..


محمد كريشان (مقاطعا): يعني دكتور يعني هل الحل في.. يعني هناك بعض الدول تطلب من المسؤول جردة بممتلكاته قبل تبوؤ المنصب وجردة بعد أن يترك، هل تعتقد بأن هذا حل؟ لأن البعض يعني في سنوات قياسية أصبح من المليارديرات وهو كان معدما قبل عشر سنوات أو خمس سنوات، القضية لا تحتاج إلى شرح كبير يعني.


ناصر الصانع: صحيح هذه التشريعات نحن نسميها في ثقافتنا تشريعات من أي لك هذا؟ يعني إذا ظهرت عليه مظاهر الثروة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل القادة، قادة من الصحابة وغيرهم إذا وجد عليهم مظاهر الثراء يقول له من أين لك هذا؟ هذا كشف الذمة المالية وتدوينها والتدقيق عليها بعد تركه المنصب هذا عرف موجود في كل دول العالم المتحضر، مع الأسف في بعض دولنا موجود يعني في جمهورية مصر العربية أنا أعرفه موجود المغرب موجود عدد من الدول العربية موجود بس ماكو تطبيقات، الاستيلاء على الثروة أصبح سمة للغالبية العظمى من اللي يتولون مناصب بل أصبحوا يفتخرون بل أن أحدهم في مجلس وزراء إحدى الدول رشح شخص لوظيفة قيادية فقال وزير من الحاضرين فلان حرامي فرد عليه رئيس الوزراء قال طيب يعني في عيب آخر غير حرامي؟ خلونا، الجميع كلها حرامية، أصبحت ثقافة قبول يعني الحرامية ويعني أولئك اللصوص من حولنا. أنا أعتقد اللي قاعد يصير في المجتمع العربي، في اتفاقية دولية اسمها الـ UNCAC اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد اللي خلال عشرة أيام بيصير لها مؤتمر دولي في الدوحة تجتمع الدول، من أكثر العقبات تواجه الاتفاقية هو كيف نفرض على الدول الموقعة طريقة لمراجعة ما عملت، نشوف جديتها في الانصياع لأحكام الاتفاقية، أكبر خصوم لهذه الآلية هما دولتان عربيتان كبيرتان الآن يتداول أسماؤهم في كل المنتديات العالمية، أنا شخصيا اتصلوا فيني قالوا يا دكتور شوف لنا طريق شلون نصل لهم لأنهم قاعدين يشتغلوا بهمة وعزيمة عالية لترك الفساد يستشري ووقف هذه الآليات اللي قاعد المجتمع الدولي يرتب نفسه لمواجهتها. ففي تقرير الشفافية العالمية أرقامنا مو زينة كدول عربية وقاعدة تتراجع، تقرير البنك البنك الدولي قاعدة تتراجع، تقرير الالتزام باتفاقيات الأمم المتحدة لمكافحة الفساد -أقصد أحكامها- التقرير رح يبين بعد أقل من أسبوعين في الدوحة للي يحبوا يكشفوا، البعض ما رح يكشفوا بياناتهم. في ظاهرة خطيرة جدا وخصوصا بعد الأزمة المالية اللي عصفت بالعالم أصبحت الموارد قليلة فاللي يستولون على نفس الكمية من الأموال أصبح ما يتبقى للناس أقل معناتها الأمية بتزيد البطالة بتزيد الناس اللي تحتاج علاج وتعليم وغيره كلها رح تقل الموارد اللي أمامهم، فالجريمة قاعدة تصير بيد واضعي السياسات ومتخذي القرار في منطقتنا. أنا كل اللي أقوله خلونا نشوف هالأدوات اللي قاعد العالم يركبها يوم بعد يوم من اتفاقيات وخلونا إحنا نراقب داخل دولنا ونروح حق مسؤولينا ونقول لهم..


محمد كريشان (مقاطعا): أنا يعني بشكل متعمد دكتور لم أسألك ما هي الدولتان العربيتان حتى لا ندخل في تخصيص دون غيره لأنه لا نريد أن تتحول الحلقة وكأنها موجهة لطرف ضد طرف، نتحدث عن الظاهرة بشكل عام. ولكن أريد أن أسأل في نهاية البرنامج فيصل جلول، برأيك ما هي الآليات -مثلما أشار الدكتور- التي تجعل على الأقل من القادة العرب ومن كبار المسؤولين عرضة للمساءلة في يوم من الأيام سواء كانوا في الحكم أو حتى عندما يترك، لا يجب أن يظن البعض أنه إذا ترك الرئاسة فهو في مأمن من الملاحقة؟


فيصل جلول: نعم، مع الأسف أنا يعني أسمع بطريقة سيئة ولم أستمع إلى الأستاذ الصانع أيضا لكن أفترض أن السؤال يعني يتصل بالزعماء العرب وكيف نقيس وجوب يعني محاسبتهم أخلاقيا وقضائيا وقانونيا بالقياس إلى المحاكمات التي يعني يتعرض لها الزعماء في الغرب. هنا اسمح لي فقط بإشارة بمثال للإشارة إلى مثال شعبي لبناني يقول الثلم الأعوج من الثور الكبير، يعني عندنا فساد نحن صحيح ولكن الفساد الأكبر يأتي من هذه الدول، أشار الأستاذ صانع إلى الصفقات صفقات الأسلحة التي يعني تتم بتدبير من هذه الدول الغربية التي تقدس القانون في بلادها وتعتبر أننا نستحق نحن أن ينتشر الفساد في بلداننا وأن يعني توزع أموال السمسرة هنا وهناك ويرشى المسؤولون وهناك يعني شواهد تتجاوز هذا الأمر، ليس فقط السلاح هناك أيضا البنية التحتية..


محمد كريشان (مقاطعا): شكرا جزيلا..


فيصل جلول (متابعا): كل البنى التحتية التي تم التعاقد عليها مع شركات غربية كلها كانت يعني تتم بواسطة الفساد. طبعا..


محمد كريشان: شكرا جزيلا، أنا أفترض أيضا أنك أيضا لا تسمعني، أنا آسف جدا سيد فيصل جلول، شكرا جزيلا لك كنت معنا من باريس وشكرا أيضا لضيفنا من الكويت الدكتور ناصر الصانع. بهذا نصل إلى نهاية البرنامج، إلى اللقاء.