صورة عامة ماوراء الخبر
ما وراء الخبر

العقبات التي تعترض نجاح المبادرة المصرية

تتناول الحلقة المبادرة المصرية لإلقاء مزيد من الضوء على العقبات التي تعترض نجاحها في وقف الحرب على غزة وخصوصا موقف القوى الفلسطينية منها الذي يتراوح بين الرفض الكامل والاعتراض على بنودها الأساسية.

– أسباب تعثر مفاوضات القاهرة والمسار المتوقع لها
– الخيارات والبدائل المطروحة لإنهاء الحرب على غزة

خديجة بن قنة
خديجة بن قنة
جمال عبد الجواد
جمال عبد الجواد
عبد الحليم قنديل
عبد الحليم قنديل

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم. نتوقف في حلقتنا اليوم عند المبادرة المصرية لإلقاء مزيد من الضوء على العقبات التي تعترض نجاحها في وقف الحرب على غزة وخصوصا موقف القوى الفلسطينية منها الذي يتراوح بين الرفض الكامل والاعتراض على بنودها الأساسية. وفي حلقتنا محوران، ما هي العقبات التي تعترض إنجاز اتفاق يوقف العدوان في مفاوضات القاهرة؟ وما البدائل الدبلوماسية المتاحة أمام الأطراف العربية لإنهاء الحرب على غزة؟… بعد أيام من المناقشات بدت المبادرة المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة اليوم وكأنها تواجه لحظة الحقيقة، موقف قوى المقاومة الفلسطينية منها بدا اليوم أوضح من ذي قبل، رفض تام لها بوصفها استسلاما أو تحفظ على بنودها الأساسية باعتبارها لا تستجيب لمطالب ومصالح الشعب الفلسطيني.

[شريط مسجل]


ماهر الطاهر/ عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية: المناقشات تدور باتجاه هدنة أو تهدئة مؤقتة لمدة 15 يوما تبقى فيها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، وخلال هذه الـ 15 يوما يتم إجراء ترتيبات محددة تقوم على قاعدة فرض تهدئة دائمة طويلة الأمد لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 عاما وبالتالي لن يتم انسحاب من قطاع غزة إلا ارتباطا بهذه الترتيبات، النقطة الأخرى إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة وبعد ذلك إيجاد مراقبين دوليين على المعابر ويريدون من المقاومة الفلسطينية تعهدات بوقف إطلاق الصواريخ، وقف تصنيع الصواريخ، وقف تهريب أي سلاح إلى داخل غزة، ويقولون لنا بعد ذلك إنه إذا تمت هذه الترتيبات من الممكن أن نعطى ضمانات بأن لا يتم اغتيال قيادات فلسطينية، ويجري حديث عن ممر آمن لتقديم مساعدات إنسانية.

[نهاية الشريط المسجل]

خديجة بن قنة: ومعنا في هذه الحلقة الدكتور جمال عبد الجواد رئيس وحدة العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، ومعنا من القاهرة أيضا عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة صوت الأمة. لكن قبل أن نبدأ النقاش لنتوقف أولا مع هذا التقرير لإلقاء مزيد من الضوء على المصاعب التي تعترض مبادرة القاهرة.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: ما تزال محادثات القاهرة بعيدة عن تحقيق أهدافها فالحرب الإسرائيلية على غزة مستمرة ومواقف الأطراف المعنية بوقفها متباينة إلى حد بعيد. نحن من يملك قرار الحرب، قالتها ليفني حريصة على رسم سقف ووجهة المبادرة بحيث تكون في كل الأحوال ضد حركة حماس ففي إسرائيل شبه إجماع على أن لا وقف للحرب ما لم تقض على المقاومة وتجفف المنابع التي تمدها بالحياة. كان لا بد للمبادرة المصرية الداعية للعودة إلى التهدئة من الذهاب إلى التفاصيل وفي التفاصيل طلب بالكف عن إطلاق الصواريخ الفلسطينية وتهريب السلاح في مقابل وقف الهجمات الإسرائيلية ومن ثم يقع السماح بممرات إغاثة إنسانية وينظر في رفع الحصار وذلك بفتح المعابر تحت إشراف أطراف عدة بينها تركيا والاتحاد الأوروبي. عرضت حماس على القاهرة تحفظاتها على بعض بنود المبادرة على أمل أن تأخذها بعين المرونة لكن القاهرة لم تغير شيئا في مقترحها وتمسكت به سبيلا حصريا لإنقاذ غزة، طرح لم تقبل به حماس ولا غيرها من الفصائل الفلسطينية العشر وها هي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تميط اللثام عن ضغوط مورست لحمل المقاومة الفلسطينية على القبول بمعادلة جديدة اعتبرتها مصلحة إسرائيلية خالصة.


ماهر الطاهر: بعد الـ 2005 عمليا استمر الاحتلال، الآن يريدون فرض معادلات جديدة تقول: بقاء الاحتلال ووقف المقاومة، هذه معادلة نرفضها في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفضا قاطعا وترفضها كل الفصائل الفلسطينية وبالتالي طالما هناك احتلال هناك مقاومة.


نبيل الريحاني: ليست الشعبية وحدها من رفض المبادرة المصرية في ملامحها الراهنة فبقية الفصائل الفلسطينية العشر ترى فيها إغفالا لمبادرة تل أبيب بالعدوان على قطاع غزة ولضرورة انسحاب قواتها من هناك ومدخلا غير مباشر لتصفية المقاومة، داعية إلى عدم تمكين إسرائيل بالنتيجة من هذا الهدف الذي لم تنجح فيه عقودا طويلة وحثت تلك الفصائل الدول العربية على تبني خطاب بديل حول أحداث غزة يستفيد من صمود المقاومة لحمل الجيش الإسرائيلي على وقف حربه، هدف تقول حماس إن الطريق نحوه لا يمر حصريا بأروقة القاهرة.

[نهاية التقرير المسجل]

أسباب تعثر مفاوضات القاهرة والمسار المتوقع لها


خديجة بن قنة: إذاً نبدأ نقاشنا في هذا الموضوع مع عبد الحليم قنديل في القاهرة، سيد عبد الحليم بعد يومين تدخل الحرب أسبوعها، الرابع نحن أمام خيارين اليوم، الذهاب إلى تسوية على أساس قرار مجلس الأمن 1860 والمبادرة المصرية أو الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب المتدحرجة على غزة، برأيك الاتجاه الغالب هل هو اتجاه يجنح إلى التسوية أكثر في ظل هذه المواقف المعلنة التي شاهدناها واستمعنا إليها من المبادرة المصرية؟


الاتجاه الغالب هو الاستمرار في الحرب مع تأكد إسرائيل أنها غير قادرة على تحقيق أهدافها العسكرية وتستعيض عن عجزها بمحاولة قتل أكبر عدد من المدنيين وإيقاع أكبر عدد من الضحايا واستخدام أسلحة محرمة دوليا

عبد الحليم قنديل: يعني لا أظن أن الاتجاه الغالب هو للتسوية الآن، الاتجاه الغالب هو للاستمرار في الحرب مع تأكد إسرائيل يوما بعد يوم أنها غير قادرة على وجه الإطلاق على تحقيق أهدافها العسكرية وهي تستعيض عن العجز بمحاولة قتل أكبر عدد من المدنيين وإيقاع أكبر عدد من الضحايا واستخدام أسلحة محرمة دوليا. أعتقد أن.. من يوقف الحرب؟ الذي يوقف الحرب هو أن تتبين إسرائيل يوما بعد يوم -وهي تتبين ذلك الآن وسوف تتبينه أكثر- أن أهدافها في غزة غير قابلة للتحقق عسكريا. المبادرة المصرية في تقديري ليست إلا غطاء سياسيا للفشل العسكري الإسرائيلي، المبادرة المصرية تريد أن تحقق بالسياسة ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه بالسلاح.


خديجة بن قنة: طيب، دكتور جلال عبد الجواد يعني في ظل كل هذه الضغوط التي تمارس على حركة حماس، ضغوط سياسية دعائية نفسية حرب أعصاب من قبيل انقسامات بين قيادات الداخل والخارج من قبيل أن القيادات في الداخل فقدوا السيطرة على الوضع وهناك خسائر فادحة وما إلى ذلك، أليس من واجب مصر برأيك تبني مطالب حماس أم عليها أن تبقى عند دور الوسيط المحايد في هذا الوضع؟


جمال عبد الجواد: لا، أعتقد أن المبادرة المصرية هي أفضل طريقة للوقوف إلى جانب حركة حماس في هذه اللحظة للوقوف إلى جانب شعب غزة اللي بيتعرض لأكبر مذبحة تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ بدأت هذه المأساة الفلسطينية قبل أكثر من ستين عاما، أعتقد أن هذا هو العدد الأكبر من الفلسطينيين الذين راحوا ضحايا لعدوان إسرائيل منذ بدأ هذا الصراع في مثل هذه الفترة القصيرة، مساعدة حركة حماس ومساعدة شعب غزة على التوصل لإنهاء الحرب إنهاء القتال في هذه المرحلة هذا هو الهم الأول اللي بيشغل القاهرة في هذه المرحلة وخاصة أن ما أتصوره الآن أن هذا الصراع بدأ يتطور في اتجاه اتخاذ منحى دبلوماسي أو منحى الوصول إلى تسوية، ربما أختلف مع زميلي عبد الحليم قنديل في هذا أنه لا أتصور أن هذه الحرب ستطول، أمامنا نافذة محدودة من الوقت تضيق تدريجيا تضيق لأسباب تتعلق بمتغيرات في السياسة الأميركية تضيق لأسباب تتعلق بمتغيرات في السياسة الإسرائيلية نفسها قرب الانتخابات الإسرائيلية قرب تولي رئيس أميركي ونعلم جميعا أن إسرائيل أصرت على شن هذا العدوان في هذا التوقيت بالذات لتجنب المواجهة مع إدارة جديدة تشك في مدى تطابق وجهة نظرها مع وجهة النظر الإسرائيلية ومن ثم نحن نتحدث عن أيام باقية كيف يمكن الاستفادة من هذه الأيام لتقصير مدة الحرب بقدر الإمكان تقليل عدد الضحايا وفي نفس الوقت تقليل أي تعديل في ميزان القوى أو ترتيبات بعيدة المدى قد تضر بالشعب الفلسطيني وبالقضية الفلسطينية في المدى البعيد. هذا هو أفضل دعم يمكن أن يقدم للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة، وقف العدوان..


خديجة بن قنة (مقاطعة): يعني ألا يمكن، دكتور عبد الجواد، ألا يكون أفضل دعم هو تبني المطالب التي تطرحها المقاومة للقبول بهذه المبادرة؟ واليوم استمعنا إلى تصريح موسى أبو مرزوق وهو يقول هناك فعلا فرصة لقبول هذه المبادرة بعد أخذ ملاحظات المقاومة، الملاحظات الجوهرية بعين الاعتبار، والملاحظات الجوهرية أو تحفظات المقاومة كلنا نعرفها طبعا، لماذا لا تستجيب مصر لهذه التحفظات أو لهذه المطالب؟


جمال عبد الجواد: دعيني أقل التالي، المبادرة المصرية عبارة عن هيكل خرساني إذا جاز استخدام التعبير والأساس فيه هو العملية السياسية، عملية التفاوض الجارية الآن ما بين ممثلين للحكومة المصرية وممثلين لحركة حماس وأيضا ممثلين للدولة الإسرائيلية -اختفوا منذ الأمس أو منذ أول أمس ولم يعودوا أعتقد أنهم حيرجعوا قريبا- على أي الأحوال هذه العملية هي اللي بتعطي بتكسي هذا الهيكل الخرساني شكله، تقسيم الأدوار المصالح ترتيبات ما بعد الحرب إلى آخره، مصر دولة لها مصالحها الحكومة المصرية معنية بحماية مصالح الدولة المصرية وأمنها ومعنية أيضا بحماية مصالح الشعب الفلسطيني وأمنه لكنها في كل الأحوال ليست مجرد طرف وسيط يحمل وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية وينقلها لحماس وليست أيضا وسيطا مطلوب منه أن يتبنى وجهة نظر حماس وينقلها للإسرائيليين أو يتبناها متخليا عن كل وجهات نظره وخاصة أنه في خلافات بالتأكيد قديمة بين مصر وحماس خلافات تتعلق.. خلاف في التقدير بشأن ما حدث في غزة قبل حوالي عامين، هذا الانقسام الفلسطيني مصر تراه خطيرا وتحاول استغلال أي فرصة لتوظيفها لإعادة اللحمة الفلسطينية بما فيها هذا النزاع، والبند الثالث أو النقطة الثالثة من هذه المبادرة تنطوي على إعادة اللحمة وإحياء مباحثات المصالحة الوطنية الفلسطينية لإعادة اللحمة الفلسطينية، هذا خلاف مهم ما بين مصر وحركة حماس. في أيضا خلاف في الإستراتيجية هذا أيضا أمر قديم، حركة حماس تتبنى ما زال.. لا تتحدث عن تحرير الأرض العربية المحتلة في عام 67 وإقامة دولة فلسطينية عليها، لا تتحدث عن حل الدولتين هذا هو الحل الذي ارتضاه كل العرب بما فيهم سوريا والراديكاليون، حماس تتحدث عن تحرير..


خديجة بن قنة (مقاطعة): يعني هي سقف المطالب ربما أقل من ذلك..


جمال عبد الجواد (مقاطعا): لحظة أستكمل كلامي..


خديجة بن قنة (متابعة): نعم يعني سقف مطالب حركة حماس أقل من ذلك، هي تقول فتح المعابر رفع الحصار، المطلب الأول وقف هذا العدوان على غزة وبعد ذلك طبعا فتح المعابر ورفع الحصار وطبعا ترفض نشر قوات دولية، ألا ترى أن هذه مطالب معقولة؟ باختصار لو سمحت حتى ننتقل إلى الأستاذ عبد الحليم.


جمال عبد الجواد: نعم، مرة أخرى أريد أن أضع هذا في سياق الخلاف الإستراتيجي ما بين الرؤية المصرية ورؤية حماس، رؤية حماس تحرير كامل التراب الفلسطيني من الأرض إلى النهر 48 رؤية مشروعة لكن كل العرب جربوها قبل ذلك وتبينوا صعوبتها والتكلفة الكبيرة التي تعود على الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية سواء وارتضى العرب بما فيهم راديكاليو العرب رؤية أخرى، حماس تختلف مع هذه الرؤية، في هذا السياق يحدث الجدل ما بين مصر وحماس ومن ثم ليس من المقبول إذاً أن يقال أن تتبنى مصر وجهة نظر حماس..


خديجة بن قنة (مقاطعة): طيب دعنا نأخذ رأي عبد الحليم قنديل في هذا الموضوع، ما رأيك..


جمال عبد الجواد (متابعا): لا يجوز أن تقود حركة حماس دولة كبيرة كمصر وتحدد لها إستراتيجيتها وسياستها.


خديجة بن قنة: نعم، أستاذ قنديل ما رأيك بهذا الكلام؟


عبد الحليم قنديل: يعني أنا رأيي أولا في نقاط أن هناك خللا في الدور المصري انتقل به إلى دور الوسيط بدلا من الدور العربي الطبيعي القيادي المساند للحركة الفلسطينية هذا تم منذ فترة طويلة ثم انتقل من دور الوسيط المحايد إلى دور الوسيط الضاغط على الفلسطينيين لمصالح إسرائيلية في غالبها وهذا أمر يتعلق بالسياسة المصرية وبوضع النظام المصري وأولوياته في تلبية الرغبات الأميركية الإسرائيلية أساسا. نقطة اثنين أن المطالب الواضحة العادلة للمقاومة الفلسطينية واضحة، لا نريد أن ندخل في متاهات أوسلوية من جديد من نوع الترتيبات المعقدة، الأمر واضح جدا هو استكمال تحرير غزة وفتح المعابر وانسحاب القوات الإسرائيلية ووقف العدوان، هذا أمر عادل يجب على كل عربي بالبداهة وكل مساند للشعور الإنساني بالبداهة أن يقف معه بدلا من أن يدخلنا في متاهات وإذا كانت السياسة المصرية ترفض نشر قوات دولية على الجانب المصري من الحدود فمن حق الجانب الفلسطيني أن يرفض نشر قوات دولية على الجانب الفلسطيني من الحدود خاصة أن الترتيبات كلها تؤدي كما سمعنا إلى فكرة تأبيد الاحتلال وشل المقاومة. المطلوب ببساطة رأس المقاومة، عجزت إسرائيل إلى الآن بحملتها العسكرية النازية عن أن تقطع رأس المقاومة -وسوف تعجز كما عجزت مع حزب الله- أنا أعتقد أن الذي يوقف الحرب هو مزيد من الصمود الفلسطيني مزيد من تأييد المقاومة. إذا كانت مصر أو أي دولة عربية تتطلع بالفعل إلى وقف العدوان ليس الأمر أمر أيديولوجيات ولا إستراتيجيات كما ذهب زميلي الدكتور جمال عبد الجواد، الأمر أمر ضمير وموقف يصدر عن أي شعور عربي، أي شعور عربي يوصي أولا بضرورة سحب مبادرة السلام العربية هذا أولا وهذا الأمر موجه ليس إلى مصر فقط بل إلى كل الأطراف حتى الأطراف التي تصور نفسها في الموقع الممانع من النظم العربية، ثانيا قطع كل علاقة بالكيان الإسرائيلي بما فيها جريمة تصدير الغاز المصري لإسرائيل، لا يمكن لمصر الكبيرة أن تضبط متلبسة بهذا العار عار تزويد آلة الحرب الإسرائيلية بطاقة النار اللازمة لقتل الفلسطينيين ثم نتحدث بعد ذلك عن وساطة أو عن مساندة الفلسطينيين! الفلسطينيون قادرون وقد أثبتوا في هذه المعركة الطويلة مقدرتهم على تحدي آلة الحرب الإسرائيلية التي يخاف منها كل الحكام العرب في سجال النار الذي يجري الآن، نعم ضحايا الفلسطينيين وشهداؤهم عدد هائل جدا لكن أنا أعتقد أن الشعب الفلسطيني في محرقة النار يلد نفسه من جديد ولا يمكن بعد كل هذه التضحيات أن نتحدث عن خرافات من نوع ترتيبات تشبه خرائط أوسلو وتعقيداتها وتتيح لإسرائيل قفل المعابر في أي وقت أو تتيح للمصريين الحديث عن تعقيدات في فتح معبر رفح، فتح معبر رفح الفتح الدائم لمعبر رفح مطلب الوطنيين المصريين قبل أن يكون مطلب الوطنيين الفلسطينيين، مطلب الشعب المصري الذي يتظاهر الآن، ثلاثة ملايين مصري على الأقل تظاهروا في الشوارع رافعين مطالب واضحة كلها تعبر عن موقف من العدوان الإسرائيلي من أول طرد السفير الإسرائيلي إلى وقف تصدير الغاز إلى حتى تجميد معاهدة السلام، هذا الموقف لا يصدر فقط عن معارضين، سلامة أحمد سلامة وهو كاتب في جريدة الأهرام وليبرالي ولا يعرف عنه معارضة طالب اليوم بتجميد معاهدة السلام ووقف جريمة تصدير الغاز خاصة بعد أحكام القضاء المصري، أحكام القضاء المصري التي صدرت مرتين ومعروف أن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة..


خديجة بن قنة (مقاطعة): نعود إلى موضوع المبادرة أستاذ عبد الحليم..


عبد الحليم قنديل (متابعا): فإذا كنا بصدد حكم لا يرتجع ولا ينصاع للقضاء المصري فهل يمكن أن يتحدث عن مبادرة لصالح الفلسطينيين؟!


خديجة بن قنة: نعم، دعنا نعد إلى موضوع المبادرة المصرية وحظوظ نجاحها، وإن لم تنجح ما هي البدائل الدبلوماسية المتاحة أمام الدول العربية لوقف الحرب على غزة؟ ولكن بعد فاصل قصير فلا تذهبوا بعيدا.

[فاصل إعلاني]

الخيارات والبدائل المطروحة لإنهاء الحرب على غزة


خديجة بن قنة: أهلا بكم من جديد، في هذا الجزء من حلقتنا نناقش الخيارات والبدائل الممكنة المطروحة لإنهاء الحرب على غزة. دكتور جمال عبد الجواد الآن برأيك ما هي الصيغة التي يمكن أن تكون مقبولة؟ لأن الذي يدفع الثمن اليوم هو الفلسطيني الغلبان، المدنيون، الأطفال، النساء، الشيوخ، هل القمة العربية برأيك تعتبر بديلا واقعيا قابلا للتحقيق ممكن حدوثه؟


الأحداث في غزة والعدوان الإسرائيلي عليها سيحتل مكانة رئيسية في أعمال القمة الاقتصادية والمكون الرئيسي لها أو سيتم تهميش المكون الاقتصادي أو حصره جزئيا للتركيز على البعد السياسي

جمال عبد الجواد: هناك قمة عربية ستنعقد في الكويت بعد أيام قليلة أعتقد أن الأحداث في غزة والعدوان الإسرائيلي عليها ستحتل مكانة رئيسية في أعمال هذه القمة أعتقد أنه حيتم إلى حد بعيد تهميش المكون الرئيسي لهذه القمة، المكون الاقتصادي أو حصره جزئيا للتركيز على البعد السياسي هذه الأزمة الكبيرة التي تمر بها المنطقة، هذا إذا خرجت هذه القمة، إذا خرجت هذه القمة بتوافق عربي كبير بلا نزاعات عربية بصورة عرب أفضل مما هم عليه الآن فبالتأكيد سيمثل هذا دعما للشعب الفلسطيني ودعما للكفاح في غزة وتسريعا لإنهاء الصراع.. وتسريعا لإنهاء هذه الحرب. لكن إذا خرجت هذه القمة العربية قمة الكويت أو أي قمة أخرى تنعقد قبل ذلك إذا خرجت حضرها بعض العرب وتغيب عنها آخرون أو إذا حضر الجميع لكي يتعاركوا ونظهر أمام العالم منقسمين لا أعتقد أن العرب المنقسمين يقدمون دعما للقضية الفلسطينية ولقضية إنهاء الصراع في غزة لكن دعي.. علينا ألا ندع هذا يفوت القضية الرئيسية، إن مؤتمرات القمة أو أي مؤتمرات على هذا المستوى لا تنهي النزاعات، النزاع المسلح الحرب الجارية الآن في غزة لن تنتهي سوى من خلال اتفاق يتم التوصل إليه من خلال مفاوضات والمفاوضات الجارية حتى الآن هي المفاوضات المبنية على المبادرة المصرية، قد تتعدل المبادرة المصرية هنا أو هناك، المبادرة المصرية ليست نصا مقدسا وقد تعدلت كثيرا من يوم أن طرحت، ما طرحه الرئيس مبارك لأول مرة كان عبارة عن أفكار عامة وتطورت كثيرا منذ هذه اللحظة وما زالت مفتوحة على مزيد من التطور وأعتقد أن استمرار الأخوة ممثلي حماس في المشاركة في هذه المفاوضات مرات بإظهار أن.. يعلقون بأن المفاوضات تتقدم بشكل إيجابي، مرات أخرى يصرحون أنها لا تتقدم بما توقعوه من إيجابية لكن استمرارهم في التفاوض يدل على أن هذه هي العملية الرئيسية التي من خلالها سيتم وضع حد لهذا النزاع. تنعقد قمة عربية تمثل دعما للجانب الفلسطيني وضغطا على إسرائيل لا بأس بشرط أن تكون قمة يظهر فيها العرب بصورة جيدة أفضل مما هم عليه الآن.


خديجة بن قنة: والقمة المطروح عقدها في الدوحة يوم الجمعة طبعا مصر والسعودية أعلنتا بشكل غير مباشر عدم الذهاب إلى هذه القمة. إذاً أستاذ عبد الحليم، القمة الاقتصادية التي تعقد في الكويت على هامشها ستعقد قمة تشاورية، هل حرب بهذه الخطورة بهذه الجسامة لا تستحق سوى قمة تشاورية على هامش قمة اقتصادية مبرمجة من قبل؟


عبد الحليم قنديل: يعني في وضع سليم يستحق ما جرى منذ اليوم الأول أكثر من قمة لكن القمم العربية سواء قمم تشاورية أو غير تشاورية في السياق القائم أنا أعتقد أنها من ألعاب المسرح لا من أفعال السياسة يعني القمة أي قمة في الدنيا ثنائية أو جماعية إقليمية أو دولية تفترض وجود إرادات لأطرافها وإمكانية التوصل لإرادة مشتركة أو متوسط حسابي أو غير حسابي، واقع الأمر وعلينا أن نسلم به أن النظم العربية في غالبها لا تملك إرادتها الذاتية وبالتالي هي تنتظر إشارات غالبها إشارات تصدر من واشنطن أو تل أبيب. أنا أعتقد أن صمود المقاومة في الميدان وتغير الإدارة الأميركية مع صمود ومع إيقاع مزيد من القتلى في صفوف الإسرائيليين أنا أعتقد أن هذا هو الذي يوقف الحرب هو الذي يدفع إسرائيل للتراجع، ليس أي شيء آخر لأنه نفترض أنه عقدت القمة التي دعت إليها قطر -وأنا هنا أوجه الحديث للنظم العربية كافة وغير مقتنع بتقسيمها بين نظم ممانعة ونظم معتدلة لأنها كلها في الهم نظم تابعة- القضية الأساسية هل بوسع هذه الأنظمة الممانعة على سبيل المثال أن تعلن من طرف واحد سحب توقيعها أو سحب اعترافها بمبادرة السلام العربية؟ هل يمكن وبعضها الكثير لديه قواعد عسكرية أميركية ومكاتب اتصالات مع الإسرائيليين أن ينهي هذه المكاتب؟ هل من إمكانية لفعل ما لنصور به أو نستعيد التصور الأساسي للقضية الفلسطينية لا كقضية إنسانية نصور بها الفلسطينيين كمجموعة بشرية أوقعها سوء الحظ في مصيدة النار، ليس الفلسطينيين كذلك، الفلسطينيون هم شعب تحت الاحتلال ويخوضون معركة تحرير وطني باسلة ويتعرضون لهجوم نازي استفز ملايين الناس من حول العالم لتأييد حركتهم وتألقت القضية الفلسطينية من جديد كما لو كنا في عام 48 من جديد، هذا التطور هو ما يجب أن نلتفت إليه لا إلى القمم ولا إلى من يحضرونها، فليذهبوا جميعا إلى الجحيم الذي يستحقون.


خديجة بن قنة: شكرا بعد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة صوت الأمة كنت معنا من القاهرة، أشكر أيضا الدكتور جمال عبد الجواد رئيس وحدة العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية أيضا كنت معنا من القاهرة، شكرا جزيلا لكما. وبهذا نأتي إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم كالعادة المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net

غدا بحول الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أطيب المنى وإلى اللقاء.