صورة عامة - ماوراء الخبر - 24/03/2008
ما وراء الخبر

تراجع الجهود الدولية لمكافحة السل

نتوقف في هذه الحلقة عند تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية حول تباطؤ دول العالم في مكافحة مرض السل بسبب ضعف البرامج في رصد الحالات المصابة وتشخيصها.

– أسباب تراجع الجهود الدولية في مكافحة السل
– وجود المرض في العالم العربي
– الأمراض المهملة وآفاق المستقبل

خديجة بن قنة
خديجة بن قنة
عبد اللطيف الخال
عبد اللطيف الخال
آمال باسيلي
آمال باسيلي

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا وسهلا بكم، نتوقف في حلقتنا اليوم عند تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية حول تباطؤ دول العالم في مكافحة مرض السل بسبب ضعف البرامج في رصد الحالات المصابة وتشخيصها، ونطرح في حلقتنا تساؤلين، ما هي أسباب تراجع الجهود الدولية لمكافحة مرض السل وما مدى انتشاره في عالمنا العربي؟ وما هي السبل لحل أزمة توفير الأدوية الأساسية لمعالجة السل والأمراض المهملة الأخرى في البلدان الفقيرة؟. تحت عنوان المكافحة العالمية للسل أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرها هذا العام، وأشار التقرير إلى أن مشكلة السل تزداد خطورة بعد أن ظهرت أنواع جديدة من البكتيريا تقاوم كل وسائل العلاج المتعارف عليها، وأن فشل الأسرة الدولية في التصدي للسل يهدد بخسارة معركة استئصال هذا المرض.

[تقرير مسجل]

يوسف عوض: نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرا دقت به ناقوس الخطر، تحذيرا من انتشار نوع جديد من مرض السل، مقاوم للأدوية المضادة، قد يودي بحياة سبعين مليون من البشر بنهاية عام 2020، المنظمة العالمية قالت إن المناطق التي يكثر فيها المرض، هي الأكثر فقرا في العالم، وخاصة في أفريقيا وآسيا، وتقول المنظمة إن غياب المعلومات والإحصاءات في القارة الأفريقية يعطل دراسة اتجاهات السل المقاوم للأدوية وتقدر أن نصف مليون حالة تظهر كل عام في أفريقيا من مجموع تسعة ملايين حالة تظهر في العالم كله، ويقول التقرير إن الفلبين وكامبوديا والصين وكوريا الجنوبية وفيتنام تسجل نسبة عالية من الإصابات، أما في آسيا الوسطى فتسجل باكو، عاصمة أذربيجان، أعلى معدلات الإصابة بنسبة 22% من مجمل الإصابات الجديدة في العالم، وتقول منظمة الصحة العالمية إن افتقار الدول النامية إلى المختبرات الحديثة يجعل من الصعب اكتشاف المرض في مراحله الأولى وتقدر أن العالم يحتاج إلى ستة مليارات دولار حتى يتمكن من مواجهة الزيادة المطردة في نسبة الإصابة، لا يتوافر منها سوى نصفها، من جانبها طالبت منظمات المجتمع المدني أن يقوم البنك الدولي بدوره في مقاومة هذا الوباء، كما طلبت من شركات صنع الأدوية أن توفر الأدوية الرخيصة للدول الفقيرة، وتعزو منظمة الصحة العالمية ظهور الأنواع المضادة للأدوية التقليدية إلى سوء صرف المضادات الحيوية من قبل المراكز الصحية واستخدامها بغير وصفات طبية من قبل أفراد الجمهور، ولكن المنظمة تطمئن الجمهور أن انتقال المرض لا يتم بسرعة كبيرة فهو على الرغم من أنه ينتقل عبر الهواء فإن العصيات السلية تبقى في الجسم حتى يفقد مناعته الطبيعية، وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ثلث سكان العالم يحملون هذه العصيات السلية داخل أجسامه، أما أعراض الإصابة فهي السعال المستديم والحمى وفقدان الشهية والتعب والتعرق الليلي وعسر التنفس.

[نهاية التقرير المسجل]

أسباب تراجع الجهود الدولية في مكافحة السل


خديجة بن قنة: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة الدكتور آمال بسيلي، مسؤولة الرصد أو الترصد والأبحاث الميدانية بوحدة السل بمنظمة الصحة العالمية. ومعنا أيضا في الأوستوديو الدكتور عبد اللطيف الخال رئيس قسم الأمراض الانتقالية بمؤسسة حمد الطبية، أهلا بكما في هذه الحلقة. أبدأ معك دكتور عبد اللطيف الخال، يعني في القرن الواحد والعشرين ما زلنا نتحدث عن انتشار فظيع لمرض السل، ما الأسباب؟


عبد اللطيف الخال: نعم، للأسف يعني ولو أن هذا شيء يدعو إلى الخجل من الناحية الطبية إلا أن هذا المرض القديم اللي موجود مع البشرية منذ آلاف السنين مازال موجود في يومنا الحاضر يمكن بشكل أشد قوة من السابق بالرغم من كل التقدم العلمي والطبي والأبحاث ووجود الأدوية الفعالة ضد هذا المرض إلا أن المرض ما زال قوي جدا وما زال يستشري في جميع المجتمعات.


خديجة بن قنة: طيب دكتورة بسيلي أنتم في المنظمة كيف تقرؤون يعني أسباب هذا الانتشار الواسع أو تراجع جهود مكافحة مرض السل ووجوده بهذا الحجم الكبير اليوم في العالم؟


آمال بسيلي: والله هو الحقيقة المرض طول عمره كان موجود يعني هو من انتهاش من العالم، لكن اللي حصل أنه بداية من الثمانينات لما ابتدأ مرض نقص عوز المناعة المكتسب، ابتدأ يزيد تاني، معدلات انتشاره ابتدأت تزيد عن الأول، فده يعني خلى المجتمع الدولي يوجه اهتمامه إلى هذا المرض. حاليا عندنا في الإقليم يقدر عدد الحالات المكتشفة حديثا بربع مليون حالة وبالنسبة لمعدل انتشار الحالات المعاندة للمرض مايعتبرش يعني ما بيزيدش عن 5%، عندنا في مصر 2.2% المعدلات مش عالية قوي يعني ما عداش 5%. أنا عايزة أقول الكلام ده علشان ما يبقى في ذعر بالنسبة للناس ولازم يعرفوا إن هذا المرض قابل للشفاء، تشخيصه بالمجان في كل وحدات أو مراكز الصدر في بلدان الإقليم وهو قابل للشفاء. اللي عايزين نقوله كمان أنه نحن لازم نزيد الوعي في المجتمع، يعني أن أي حد أي إنسان يعاني من سعال لمدة تزيد عن أسبوعين لازم يقوم بفحص للبصاق وإذا كان إيجابي القشع، يأخذ جرعات العلاج، وهذا العلاج يكون حسب إستراتيجية دوتس وهي لمدة ما يتراوح من ستة إلى ثمانية أشهر، حسب إستراتيجة الدوتس اللي هي معالجة قصيرة الأمد تحت الإشراف المباشر.


خديجة بن قنة: دكتور عبد اللطيف يعني طالما أنه يمكن التعرف على المرض، يعني هناك وسائل استباقية على الأقل للاحتراس من انتشاره؟


عبد اللطيف الخال: صحيح، هناك في سبل للكشف المبكر للإصابة بالمرض، على سبيل المثال، كما ذكرت الدكتورة آمال، إذا كان الواحد عنده كحة مزمنة صار لها أسبوعين أو ثلاثة مش راضية تخف، الأشعة ممكن بسرعة تعمل التشخيص بالإضافة إلى فحص البلغم، لكن المشكلة أن الناس اللي أكثر عرضة لهذا المرض هم أقل الناس اللي عندهم القدرة للوصول إلى الرعاية الصحية..


خديجة بن قنة (مقاطعة): بسبب الفقر؟


عبد اللطيف الخال: لعدة أسباب، يعني على سبيل المثال في الدول الأكثر تضررا اللي هي في أفريقيا وفي جنوب شرق آسيا، هو بسبب الفقر وعدم توافر الخدمات الصحية. الشيء الآخر هو في الدول مثل منطقتنا هناك عدة عوامل منها عامل اللغة، وهو يعتبر حاجز، عامل الخوف من الإبعاد من البلد إذا تم اكتشافه..


خديجة بن قنة (مقاطعة): كيف يكون عامل اللغة حاجزا؟


عبد اللطيف الخال: عامل اللغة أن الإنسان بشكل عام إذا كان لا يتكلم لغة أهل البلاد ولا يجيد اللغة الإنجليزية فإنه يجد أن هذا عائق بينه وبين الطبيب أن يشرح له مشكلته بشكل وافي، خصوصا إذا كان الطبيب مضغوط ويشوف عشرات الحالات في نفس الوقت، فهناك عدة عوامل تعيق من التوصل إلى التشخيص، وإحصائيات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن في شرق المتوسط، في إقليم المتوسط اللي هو منطقتنا، نسبة التشخيص تتجاوز بالكاد 50%، معناها أن هناك 50% لا يتم تشخيصهم في الوقت المناسب حتى يتقدم المرض كثيرا ويصبح المريض معدي ويصيب وينقل المرض إلى غيره من الناس. أقل نسبة من التشخيص المطلوبة والمقبولة من منظمة الصحة العالمية هي 70%، لكن بشكل عام في شرق المتوسط النسبة فقط 53%..


خديجة بن قنة: يعني في أي مرحلة من المراحل يمكن أن نقول أنه صعب التحكم في المرض ينتشر؟


"
جرثومة السل شديدة المقاومة لجميع الأدوية إضافة إلى أن انتشار المرض يقلل من احتمال الشفاء
"
 عبد اللطيف الخال

عبد اللطيف الخال: صعب التحكم في المرض في عدة حالات، منها إذا كان مقاوم للأدوية، جرثومة السل متعددة المقاومة للأدوية، أو جرثومة السل شديدة المقاومة لجميع الأدوية، إضافة إلى إذا كان المرض أصبح منتشر بشكل كبير في جسم المريض إلى أن المرض يصيب كل أجهزة الجسم، مش في الرئتين فقط، هو أكثر شيء يصيب الرئتين، لكنه يصيب أيضا المخ والأغشية المخية ويصيب الجهاز الهضمي والكبد وما إلى آخره. أسوأ نوع من أنواع السل هو اللي يصل إلى السحايا وإلى المخ، فهذا تكون نسبة الوفاة معه عالية أو التعقيدات منه عالية، بالإضافة إلى السل الرئوي اللي بسبب الإصابة بالجرثومة متعددة المقاومة فإن نسبة النجاح فيه ليست عالية بكثير على عكس الجرثومة العادية اللي هي تشكل 95% من الحالات.

وجود المرض في العالم العربي


خديجة بن قنة: طيب نريد أن نتحدث قليلا عن وجود هذا المرض في العالم العربي، سنتحدث عن قطر ودول الخليج، وأتحدث قبل ذلك مع الدكتورة بسيلي عن مصر، ما حجم انتشار هذا المرض في مصر وما هي أنتم كإحصائيات متوفرة لديكم في المنظمة، يعني تضع أي دول عربية في المقدمة من حيث انتشار مرض السل؟


آمال بسيلي: بالنسبة للدول العربية أكثر الدول العربية معاناة من أعباء المرض هي جيبوتي، الصومال، السودان، اليمن والعراق والمغرب، بالنسبة لمصر تعتبر..


خديجة بن قنة (مقاطعة): يعني مصر هي ذات كثافة سكانية عالية، هل يمكن أن نقول أن المرض منتشر فيها بشكل كبير أم لا؟


آمال بسيلي: هي يعتبر متوسط الانتشار في مصر، يعني هي..


خديجة بن قنة (مقاطعة): بأي نسبة تقريبا؟


آمال بسيلي: نحن نحسبها كمعدل، يعني بالنسبة لمصر 25 حالة لكل مائة ألف من السكان.


خديجة بن قنة: طيب دكتور عبد اللطيف في قطر مثلا.. نتحدث عن دول الخليج، هي دول غنية كيف نفهم انتشار المرض في دول غنية؟ نتحدث مثلا عن دولة صغيرة مثل قطر، فيها تقريبا أربعمائة حالة أليس كذلك؟


عبد اللطيف الخال: نعم لعام 2007 تم تشخيص أربعمائة حالة..


خديجة بن قنة (مقاطعة): هل هي نسبة عادية؟


عبد اللطيف الخال: هذه النسبة تعتبر عادية، عدد سكان البلاد يبلغ مليون ونصف، فهذا يعطينا ثلاثين حالة لكل مائة ألف، بس طبعا معظم الحالات 95% منها بين غير القطريين، والسبب هو كثافة العمالة الشرق آسيوية الموجودة في دولة قطر والتي تعكس بالتالي النسب الموجودة في البلاد التي تأتي منها العمالة. 4% من الحالات فقط بين القطريين، نحن نلاحظ أن هناك زيادة في العدد الإجمالي في الإصابة في السل في دولة قطر، بينما هناك انخفاض بالإصابة بين القطرين نعتقد بسبب برنامج الوقاية المكثف. على مستوى دول الخليج هناك في استراتيجية بين أو خطة بين منظمة الصحة العالمية في الإمرو وبين دول الخليج على أنها تشترك في عوامل عدة فيما بينها بما فيها العمالة الوافدة وتشابه التركيب السكاني، بالإضافة إلى قوة الموارد، إن الخطة تهدف إلى تقليص الإصابة بالسل في دول الخليج في عام 2010 لتصل إلى إصابة واحدة بين المواطنين والمقيمين لكل مائة ألف..


خديجة بن قنة (مقاطعة): وهذا ما ينطبق على دول الخليج الأخرى؟


عبد اللطيف الخال: هذا أيضا ينطبق على دول الخليج الأخرى، لكن هنا تفاوت بين دول الخليج في تحقيق هذا الهدف.


خديجة بن قنة: سنتحدث في الجزء الثاني من البرنامج عن الأمراض، ما يسمى بالأمراض المهملة لماذا هي مهملة ولماذا عادت، بعد فاصل قصير فلا تذهبوا بعيدا.

[فاصل إعلاني]

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم من جديد، ليست الموجة الأولى لانتشار وباء السل، فقد سبق للإنسانية أن عانت منه الأمرين في بدايات ومنتصف القرن العشرين، غير أن عودته في السنوات الأخيرة ارتبطت بجملة تحولات جعلت إنتاج الأدوية وتوزيعها على المحتاجين أقرب من أي وقت مضى إلى حسابات الربح والخسارة.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: 10% فقط من مجمل الأبحاث الطبية تخصص لأمراض تصيب 90% من مجموع الإنسانية، مفارقة صارخة، أحكمت قبضتها على ما بات يعرف بالأمراض المهملة في إشارة إلى عدد من الأوبئة التي ظن التقدم العلمي أنه ألحق بها هزيمة حاسمة، إلا أن عودتها مجددا عصفت بهذا الادعاء العلمي، تشكيلة من الأوبئة الفتاكة مثل الملاريا وحمى الضنك والسل والنعاس تحصد ملايين الأرواح البشرية دون أن تنفع المضادات والأدوية القديمة في إيقاف مجازرها. عاد السل أذكى مما كان، درسناه واكتشفنا ترياقه، لكنه درسنا هو الآخر وتعلم كيف يفلت من أدويتنا لينشر الموت بين مليوني نسمة من أصل ثمانية ملايين يصيبهم سنويا، حربا صامتة فاقت حصيلتها المفتوحة ما خلفته الحربان الكونيتان من ضحايا قضوا بأسباب للعدوى تلتصق بأكثر عاداتهم اليومية تكرارا، كالأكل والتنفس والشرب، مع ذلك بقي الوعي الصحي تجاه شبح الإبادة هذا دون المأمول، فقد أظهرت الإنسانية في القرن الماضي تضامنا صحيا أكبر رغم الحروب القائمة آنذاك، أما اليوم فقد أضحى السل يمسك بأوراق قوية جعلته عصيا على المقاومة، مجتمعات فقيرة منهكة الإمكانيات لا تكاد تحصل على لقمة العيش فضلا عن الدواء اللازم  للوقاية والعلاج، أسرة دولية غارقة في النزاعات السياسية وفي إدارة حروب النفوذ والمصالح غير مدركة أو متجاهلة لحجم الكارثة الصحية، والأدهى من ذلك زواج مصلحة بين البحث العلمي ولوبيات الدواء التي تشرف على إنتاجه وتوزيعه وفق منطق الربح والخسارة مما يبدد تكافؤ الفرص في النجاة بين ضحايا الأوبئة، عوامل تؤكد أن نصف المصيبة انبعاث الأوبئة من سباتها، أما النصف الآخر فتحول انتشارها إلى استثمار في جيوب المرضى وليس في حياتهم.

[نهاية التقرير المسجل]

الأمراض المهملة وآفاق المستقبل


خديجة بن قنة: إذاً دكتور عبد اللطيف ليس.. لا يأتي لوحده، هناك أمراض كثيرة مهملة، لماذا هي مهملة؟


عبد اللطيف الخال: مهملة في المقام الأول لأنها في النهاية مسألة حسابات، يعني مين اللي ينتج الأدوية؟ هي الشركات الكبيرة، الشركات عادة الغربية، بالنسبة للشركات هذه SHARE HOLDERS ولازم تحقق أرباح كل سنة، فإذا هذه الشركات بدأت تستثمر في إنتاج عقاقير موجهة لأمراض موجودة في دول العالم الثالث التي لا تستطيع أصلا أن تشتري هذه العقاقير، فإنها يعني مسألة خاسرة، فللأسف الدافع الأول والأخير من وراء هذه الأمور هو الربح، علما بأن نحط في حسباننا تكلفة إنتاج دواء جديد، في الوقت الحالي في الدول الغربية أصبح تقريبا يكلف 500 مليون دولار ما بين التفكير في إنتاج الدواء إلى وصوله إلى الأسواق، أو يمكن أكثر من ذلك، فأصبحت المسألة غير مجدية، وكثير من هذه الأدوية في النهاية لا يتوصل  إلا إلى طريق مسدود وترمى يعني تهمل، فهناك تكلفة عالية جدا في إنتاج مثل هذه الأدوية، فعلى سبيل المثال نرى مرض زي مرض الأيدز هو صحيح منتشر في الغرب لكنه منتشر بكثرة في بقية أنحاء العالم، 10% فقط من الذين يحتاجون إلى العلاج يستطيعون الوصول إلى العلاج وهم الذين يعيشون في الدول الغربية والغنية، بينما دول العالم الثالث بالكاد نسبة بسيطة من هؤلاء الناس يحصلون على الدواء والسبب هو التكلفة العالية، بينما الأمراض مثل الملاريا والتي بي وحمى الضنك لا تصيب الدول الغربية، تصيب دول العالم الثالث فقط، فلا يوجد هناك سبب قوي لمثل هذه الشركات في إنتاج الأدوية.


خديجة بن قنة: يعني دكتور كأنك تقول إنه ليس فقط ميزان الربح والخسارة هو الذي يحكم هذه العملية وإنما أيضا فيه نوع من الأنانية لأن الإنسان الغربي لا يصاب بمثل هذه الأمراض، أو ليس معنيا بشكل كبير  لنقل؟


عبد اللطيف الخال: هذا يعني إن صح التعبير، نعم، هناك طبعا الشعوب عندها القدرة في هذه الدول على الضغط على السياسيين وبالتالي يضغطون على شركات الأدوية لإنتاج مثلا أدوية قوية وفعالة لمرض معين كما حصل في الإيدز، هناك كانت مجموعات ضغط قوية في العالم الغربي ضغطت على شركات الأدوية وخلتها تسرع في إنتاج الدواء، وضغطت على الـ (إف.دي.إيه) وخلته يسرع في الموافقة على استخدام هذه الأدوية، بينما في دول العالم الآخر عندما يموت مليوني شخص من الملاريا أو مليونين شخص من السل أو ما شابه هذه الأرقام من الأمراض، الإسهال وإلى غير ذلك، فإن هذا يعني لا يثير الكثير من العواطف.


خديجة بن قنة: دكتورة آمال إلى أي مدى يمكن تحميل شركات الأدوية ومراكز الأبحاث الطبية مسؤولية إهمال هذه الأمراض؟


"
الصندوق الدولي يمول البرامج الصحية في مختلف الحكومات وهناك التزام حكومي للسل والملاريا والإيدز
"
آمال بسيلي

آمال بسيلي: الحقيقة يعني ما نقدرش نعمم الأمراض كلها، نأخذها كلها أنها مهملة، يعني إحنا عندنا مثلا في الإقليم وفي العالم كله في الصندوق الدولي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، هذا الصندوق الدولي يمول البرامج الصحية في مختلف الحكومات هناك أيضا التزام حكومي، التزام الحكومات بالنسبة للسل والملاريا والإيدز، الأمراض التي نستطيع أن نقول أنها مهملة فعلا هي أمراض المناطق المدارية مثل اللشمانيا مثلا، مهملة أكثر من الملاريا، هناك درجات في الإهمال، وكما تقولون هناك طبعا إهمال من شركات الأدوية لأنه ليس هناك ربح.


خديجة بن قنة: طيب دكتور ما هي الإستراتيجية..


آمال بسيلي (مقاطعة): أريد أن أضيف أن المدير الإقليمي للمنظمة قد أطلق أو سيطلق مبادرة الشراكة الإقليمة لدحر السل. وسوف يكون ذلك في مايو وذلك لتضافر الجهود لمكافحة هذا المرض، أيضا لإضافة الموارد لمكافحة هذا المرض.


خديجة بن قنة: طالما طرحت مثال مرض السل وهو من الأمراض المهملة أيضا، هناك عجز فادح دكتور عبد اللطيف في الميزانية المخصصة لمكافحة هذا المرض خصوصا هذه السنة سنة 2008، وهناك عجز كبير في الميزانية.


عبد اللطيف الخال: صحيح، نعم، منظمة الصحة العالمية تقدر أن في عام 2008 في الدول التسعين في العالم، تسعين دولة هم اللي أكثر الدول المعنية في السل وفيها 90% من السل في العالم، سيكون هناك عجز قدره مليار دولار لسنة 2008، هذا معناه أنه سيؤثر سلبيا أكثر على القدرة على التشخيص وعلى التوصل إلى الحالات المصابة، هناك تباطؤ بين عام 2005 – 2006 بالكشف عن الحالات المصابة بنسبة النصف، بدل ما يكون الزيادة بنسبة 6% كانت الزيادة فقط بنسبة 3%، هناك مخاطرة أن يحدث هذا أيضا في هذا العام، أن يكون هناك عجز في القدرة على تشخيص الناس المصابين بشكل مبكر بسب العجز في الميزانية. البادرة التي ذكرتها الدكتورة آمال هي بادرة جديدة أطلقتها منظمة الصحة العالمية وهي محاولات شراكة الحكومات والقطاعات الخاصة والقطاعات الغير حكومية وإدخالها مباشرة في موضوع مكافحة الإيدز وهناك آمال كبير معلقة على هذه الخطة إن شاء الله.


خديجة بن قنة: عمليا دكتور آمال هذه المبادرة قابلة للتطبيق؟


آمال بسيلي: أكيد أنها قابلة للتطبيق، لأن هو يعني الحقيقة المبادرة تهدف إلى شراكة المجتمع المدني بالإضافة إلى الحكومات، الحكومات لوحدها لا تستطيع أن تقوم بدحر السل أو تخصيص الميزانيات المطلوبة لمكافحة هذا المرض والمتوقع هو زيادة السلالات المعاندة للمرض فحتى نستطيع أن تغلب على هذا المرض ودحره بالفعل، يجب شراكة المجتمع المدني، القطاع الخاص، وزارات الإعلام، كل الهيئات المعنية لمكافحة هذا المرض.


خديجة بن قنة: طيب دكتور عبد اللطيف ما هي الإستراتيجية الأنجع لمكافحة الأمراض المهملة هذه؟ لتحدثنا على أمثلة من الواقع طالما أنك تعاملت مع حالات مثل هذه، بالنسبة لدولة قطر مثلا.


عبد اللطيف الخال: الإستراتيجية التي أثبتت جدواها ونجاحها مقارنة لأي مرض آخر، في علاج أي مرض معدي آخر، هي المبادرات التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وتعرف باسم العلاج تحت الرقابة المباشرة قصيرة الأمد، إستراتيجة العلاج تحت الرقابة المباشرة (دوتس) الإستراتيجية التي ذكرتها الدكتورة آمال، وهذه حتى البنك الدولي أثنى عليها وقال هذه من أكثر الإستراتيجيات من الناحية Cost-effectiveness أو الجدوى الاقتصادية، الإستراتيجية.. النقاط المهمة فيها بشكل مبسط، إعطاء العلاج بشكل مباشر من قبل الطبيب أو الممرضة طول فترة العلاج التي قد تمتد من ستة أشهر أو إلى سنة أو سنتين في حالات..


خديجة بن قنة (مقاطعة): يعني إشراف المؤسسة التي يعالج بها أو متابعة المريض والإشراف عليه على طول فترة العلاج.


عبد اللطيف الخال: ومراقبته يبلع الدواء أمام الممرضة أو أمام الطبيب.


خديجة بن قنة: هذا عندما يكون عدد السكان قليل أو عدد المصابين لنقل.


عبد اللطيف الخال: حتى لو كان عدد السكان كثير أو عدد المصابين كثير، هذه الإستراتيجية الوحيدة التي أثبتت فعاليتها، فهناك يعني طرق عديدة من أجل تطبيق هذه الإستراتيجية، على سبيل المثال الممرضة يعني كل اللي تحتاج من المريض يجي عندها ويبلع الدواء قدامها ما تأخد المسألة دقيقتين، فبهذه الطريقة تستطيع أن تراقب عشرات المرضى في اليوم الواحد، وهذه ممرضة واحدة، فما بالك بكل المراكز الصحية والعيادات وحتى ممكن أن يتم هذا بالاتفاق مع القطاع الخاص، بأن يعطى الدواء للطبيب في القطاع الخاص، والطبيب في القطاع الخاص أو الممرضة في القطاع الخاص تشرف على إعطاء الدواء للمريض، أو توصيل الدواء للمريض إلى منزله أو إلى مكان عمله، وكل هذه الأشياء تحصل عندنا في دولة قطر، وهذا نعتبره أساس من أساسات نجاح البرنامج.


خديجة بن قنة: نعم، لكن قد تكون صعبة جدا بالنسبة لمناطق في أفريقيا وآسيا ذات الكثافة السكانية العالية وذات الانتشار الواسع لهذه الأمراض. على كل حال أشكرك دكتور عبد اللطيف الخال على هذه المشاركة معنا في برنامجنا اليوم، دكتور عبد اللطيف الخال رئيس قسم الأمراض الانتقالية بمؤسسة حمد الطبية، شكرا لك. أشكر أيضا ضيفتي من القاهرة الدكتورة آمال بسيلي مسؤولة الترصد والأبحاث الميدانية بوحدة السل بمنظمة الصحة العالمية من القاهرة. وبهذا نأتي مشاهدينا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم كالعادة المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net غدا بحول الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد، أطيب المنى وإلى اللقاء.