صورة عامة - ماوراء الخبر- أصداء الأزمة الكينية
ما وراء الخبر

الأزمة الكينيّة

تتناول الحلقة الأزمة الكينيّة التي تلت الانتخابات الرئاسية وأودت بحياة مئات الأشخاص في موجة عنف بين قوات الأمن ومناصري زعيم المعارضة.

– أطراف الأزمة وأسبابها
– المواقف الدولية والتداعيات المحتملة



undefined

علي الظفيري: أهلاً بكم. نتوقف في حلقة اليوم عند الأزمة الكينيّة التي تلت الإنتخابات الرئاسية وأودت بحياة مئات الأشخاص في موجة عنف بين قوات الأمن ومناصري زعيم المعارضة، الذي اتهم خصمه رئيس البلاد بالتلاعب بأصوات الناخبين وتزويرها. أطرح في حلقتنا تساؤلين رئيسيين، ما هي عناصر الأزمة الكينية، وأي تداعيات يمكن أن تتركها على الاستقرار في هذا البلد الإفريقي؟ وكيف ينظر المجتمع الدولي إلى الوضع في كينيا؟ وكيف ستنعكس هذه التطورات على المنطقة؟… ما بدا تدافعاً سياسياً تتوق إليه كثير من الدول استحال تقتيلاً وتفجيراً ودماراً وفوضى عارمة في كينيا، ذلك البلد الإفريقي الذي طالما ظل ينعم باستقرار عزّ نظيره في محيطه الإقليمي. حتى الساعة القتلى بالمئات والمشردين بالآلاف وأعمال السلب والنهب لا تحصى ولا تعد، كينيا تقف اليوم على المحك، وبعد أزمتها التي بدأت سياسية تبدو اليوم على تخوم نوازع التجاذبات العرقية والقبلية التي لطالما أغرقت كثيراً من دول القارة عقوداً من الزمن.

[تقرير مسجل]


أمير صديق: في حالة أشبه بالمجاعة تعيش كثير من المناطق في أنحاء متفرقة من كينيا، خاصة في المدن الرئيسية وأطرافها التي أرغمت أحداث العنف باعتها على التوقف عن العمل وتوفير الاحتياجات الغذائية، واقعٌ يجد المواطنين معه صعوبة بالغة في الحصول على أبسط أساسيات الحياة، لكن ورغم بشاعة الوضع الإنساني والمعيشي للمواطنين فإن الأسوأ، كما يبدو، هو ما تشهده منطقة مذاري حيث بدأت، كما في مناطق أخرى، أحداث عنف على أساس فرز قبلي يخشى الجميع من أن تكون مقدمة لنهاية لا تُحمد عقباها.

مشارك: اذهب إلى المستشفى ماريستوب وستجد النساء والأطفال الذين تم اغتصابهم، إنهم يقتلون الكيكويو لذا هربت بأسرتي حتى أحتمي بمعسكر الجيش هذا.


أمير صديق: وهكذا ومع دخول الأزمة الكينية يومها الرابع، ومع تواتر الحديث عن أحداث عنف لا تهدأ إلا لتنفجر من جديد، فإن هذه الأزمة في ما يبدو، بدأت تتمخض وبصورة مستمرة عن نتائج قد تزعج استقراراً طالما تميزت به كينيا عن جاراتها في الإقليم المضطرب. المراقبون الأوروبيون قالوا كلمتهم حول الإنتخابات الكينية، وإذا ما أخذنا في الإعتبار نعومة الديبلوماسية الأوروبية التي طبعت حديث هؤلاء المراقبين في التعبير عن رأيهم حول مسيرة هذه الإنتخابات، فإن الكثير من الشك قد بدا واضحاً من خلال ما قالوه. كينيا التي تعيش الآن أزمة تقف بها على حافة الهاوية، تتعلق وبشدة بكل ما من شأنه توفير مخرج من هذه الأزمة. بهذه النفسية انتظر الكينيون تقرير بعثة مراقبي الإتحاد الأوروبي لعله يفضّ نزاعاً يصر جانباه على التمسك بموقفين هما على طرفي نقيض.


مشارك: لقد استُبعد مراقبون من احصاء الأصوات خاصة في المحافظة الوسطى، التي لم تطلعهم لجنة الإنتخابات على نتائجها. وفي إحدى الدوائر رفض المسؤول عن الانتخابات إطلاع مراقبين على النتائج بحجة أنه كان يشعر بالتعب.


أمير صديق: ورغم هذا الحديث المفصل عن انتهاكات معروفة ومحددة حدثت أثناء العملية الإنتخابية، إلا أن كبير مراقبي الإتحاد الأوروبي رفض اعطاء أي تقييم حول صحة وشرعية النتائج المعلنة للإنتخابات خاصةً في مستواها الرئاسي.


مشارك: من غير الممكن القول بأن الخروق التي رصدناها يمكن أن تؤثر على النتيجة الكلية، لكن ما أقوله أننا نملك الأدلة على وقوع تلك الخروق كما هو شأن المراقبين الأوروبيين دائماً.


أمير صدّيق: ومع هذا التحفظ فقد أوصى المراقبون الأوربيون بتحقيقٍ دقيق وصارم حول نتائج الإنتخابات…. أمير صدّيق، الجزيرة، نيروبي.

[انتهاء التقرير المسجل]

أطراف الأزمة وأسبابها

علي الظفيري: نناقش مشاهدينا الكرام الأزمة الكينية مع الدكتور محمود أبو العينين مدير مركز البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة، وكذلك مع السيد متاهي نغونهي من نيروبي المحلل السياسي، وبانتظار أن ينضم لنا الدكتور حسن مكي مدير مركز الدراسات الإفريقية من الخرطوم، مرحباً بضيوفنا جميعاً. نبدأ معك سيد نغونهي في نيروبي، الأمر في البداية كان مجرد انتخابات رئاسية تنافسية لكن بعد ذلك تعقدت الأمور بشكل كبير. هل لك أن تفسر لنا ما الذي جرى تحديداً؟ ولماذا وصلت الأمور لما هي عليه الآن؟


متاهي نغونهي: شكراً لكم. أولاً، ما حدث هو أن عملية فرز الأصوات أصبحت معقدة للغاية، كان هناك مزاعم بخروقات وتزوير وخاصة فيما يتعلق بالنتائج، وبعد الإنتخابات رصدنا أعمال عنف جرت….


علي الظفيري: أخشى أننا فقدنا الإتصال مع السيد نغونهي من نيروبي سأعود له بعد قليل، ونستأنف ربما النقاش في هذه النقطة. أستفسر من الدكتور محمود في القاهرة، يعني هل فعلاً المسألة مسألة خلاف حول عملية فرز الأصوات أو عملية تزوير جزئي، الأمور بدت وكأنها كارثة سقطت فيها البلاد بشكل مفاجئ.


"
ترجع أسباب الأزمة الكينية إلى حدوث خروقات وتزوير في الانتخابات الرئاسية، والمعارضة تلقفت هذا الموضوع وطرحت نفسها باعتبارها صاحبة الحق، ومعالجة الرئيس كيباكي للمسألة لم تكن حكيمة فبعد الفرز بساعة حلف اليمين في القصر الجمهوري
"
محمود أبو العينين

محمود أبو العينين: هذا حقيقي، يعني التقرير اللي تقدم وصف المسألة وصف دقيق، وهو إنه فيه سبب مباشر للأزمة، السبب المباشر للأزمة هي المنافسة الإنتخابية، عندنا منافسة انتخابية بين جبهتين كبار، جبهة تمثل الرئيس والحزب الحاكم والرئيس القائم وجبهة أخرى معارضة تمثل قيادة بديلة للتغيير، هذه المنافسة ظهر فيها شكل من أشكال التزوير الملموس والمحسوس، يعني بحيث المراقبين يؤكدون في أكثر من اتجاه مش بس الأوروبيين وحتى الأمريكان، يعني السفارة الأميركية سفيرة أمريكا وتقرير السفارة الأمريكية في نيروبي يؤكد على وجود خروقات وتزوير في عدد كبير من الدوائر، وفيه بطء في فرز النتائج، وفيه مسألة، يبدو أنه هو حصل فعلاً لا بد من التحقيق فيها. المعارضة طبعاً تتلقف هذا الموضوع وتطرح نفسها باعتبارها صاحبة الحق، الرئيس نفسه ومعالجة الرئيس كيباكي للمسألة، لم تكن فيها قدر من الحكمة لأنه في الواقع بعدما تم الفرز مباشرةً، بعده بساعة على طول راح حلف اليمين في القصر الجمهوري، هذه المسألة أدت إلى رد فعل عنيف وخصوصاً إنه فيه تقارب في…


علي الظفيري (مقاطعاً): الأرقام أو النتائج..


محمود أبو العينين (متابعاً): عدد الأصوات، يعني عندنا حوالي عشرة مليون في النتائج، عندنا حوالي عشرة…


علي الظفيري (مقاطعاً): إذا تسمح لي دكتور أعود لك، اسمح لي دكتور فقط أنا أخشى أن أفقد الإتصال كثيراً من السيد نغونهي من نيروبي وهو قريب من الأوضاع فأريد أن نستطلع رأيه في أكثر من مسألة ثم نستأنف أيضاً نقاشنا بشكل مفصّل. يحدث تزوير في كثير من أماكن في العالم، تحدث إشكاليات حول نتائج التصويت، سيد نغونهي، ولكن لا تسقط البلدان في كارثة، كارثة حقيقية، اليوم كل شيء معطل في كينيا، فما هو تفسيرك لما حدث؟


متاهي نغونهي: هناك أمران، أولاً طريقة تزوير هذه الإنتخابات كانت معقدة والنظام لم يعط نتائج مقنعة، ونتيجة لذلك كان هناك قدر من عدم الرضا بالنسبة للنتائج، هذا أولاً. ثانياً، الدولة كانت منقسمة قبل ذلك، وبحلول عملية الإنتخابات ست مقاطعات انقلبت الناس فيها انقلاباً طائفياً ضد بعضهم البعض، ولذلك الرئيس كيباكي أتى من طائفة الكيكويوس ولذلك نرى في مناطق أخرى من البلد أناس انقلبوا ضد هذه الطائفة التي هي أنصار الرئيس، وأيضاً هناك أناس من هذه الطائفة تعرضوا للعنف، إذاً وضع كينيا هذا في هذا الوضع من الأزمة لأنه هناك أصلاً مشاكل في كينيا.


علي الظفيري: طيب سيد نغونهي، الآن تجاوزت الأمور الخلافات السياسية بين سلطة ومعارضة وبدأنا نسمع هذا الأمر بين قبيلة تتبع للرئيس وجملة قبائل تتبع للمعارضة، هل يمكن إيقاف هذا الإنهيار الأمني الآن في البلاد؟


متاهي نغونهي: نعم هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها كينيا هذا الوضع، ورأينا أوضاعاً أمنية كهذه في السابق، إلا أن الحجم الآن مختلف. هذا الوضع يمكن وقفه الآن، قادة المعارضة في الأماكن التي حدث فيها خلافات أصدروا بياناً للناس أن يتوقفوا عن العنف، إذاً يمكن لذلك أن يقف، أي العنف، لكن علينا أن نصل إلى حل سياسي جوهري، وما لم نصل إلى ذلك الحل المقبول للكل أعتقد أن العنف ربما يستمر بلا توقف.


علي الظفيري: إذاً سيد نغونهي ابق معنا، أتحول للدكتور محمود، وكنت تصف ربما ما سبق هذا السقوط الكبير لكينيا، هل فعلاً كانت الأمور هشة بدرجة كبيرة حتى تسقطها ربما أو يسقطها هذا الخلاف السياسي حول نتائج التصويت في هذه المتاهة الكبيرة جداً وهذه الكارثة الأمنية؟


محمود أبو العينين: ده صحيح لأنه إذا نظرنا إلى كينيا في الفترة السابقة سنجد أن دي أول انتخابات تحصل في إطار تعددي وبعد انتخابات 2002، وهذه الانتخابات تحدث بين جبهتين، زي ما أنا قلت، جبهتين كبار، فيه جبهة مستمرة تاريخياً في حكم البلاد من أيام الإستقلال، وجماعة الكوكويو، الجماعة الكبرى التي ينتمي إليها الرئيس، هي الجماعة الحاكمة منذ فترة طويلة وحزب الرئيس أيضاً، دي أول فرصة للمعارضة يعني ترى المعارضة والبيانات قدامنا تقول إنه هناك إمكانية لتداول السلطة لأول مرة والخروج من الحزب الحاكم التقليدي والتاريخي لكينيا إذاً…


علي الظفيري (مقاطعاً): دكتور أستوضح منك أمر، هذه الطبقة التي كانت تحكم منذ الإستقلال هي طبقة سياسية أم هي مركب عرقي قبلي متماثل، وبالتالي وجد الآخرون فرصة في الانقضاض عليه؟


محمود أبو العينين: هي حاجتين الإثنين مع بعض، هي مستندة في الأساس على قبيلة كبيرة، يعني قبيلة الكوكوي حوالي 20 أو 22% من عدد سكان كينيا، وأيضاً مركب سياسي نتيجة الخبرة الطويلة في الحكم من أيام الرئيس جو موكنياتا وبعده الرئيس أرابموي ثم الرئيس كيباكي، هؤلاء هم أصحاب الخبرة والسلطة في تاريخ كينيا الحديث. والآن لأول مرة تظهر المعارضة من الجماعات الأخرى في الحقيقة، القبائل الأخرى والجماعات الأخرى، ويقال إنهم جماعات مهمشة أو قبائل مهمشة بمعنى أنها بعيدة عن السلطة وعن الثروة، يعني المعارضة تطرح نفسها الآن باعتبارها دفاعاً عن الفقراء في كينيا، وأن ما يحدث أن الرئيس ومجموعة الأغنياء يستأثرون بالسلطة، والمعارضة تطرح برنامج مخالف تماماً لبرنامج الرئيس أو برنامج الحزب، المعارضة تتكلم..

علي الظفيري (مقاطعاً): طيب دكتور.. يعني إذا سمحت لي دكتور محمود أسأل السيد نغونهي في نيروبي، هل أصبح الإستقرار في كينيا شيء من الماضي؟


متاهي نغونهي: كلا.. لا أقول ذلك أنا لا أقول إن الإستقرار أصبح أمراً من الماضي ولكن في أسبوع ربما سنتوصل إلى حل ما لأنه كما قلت سابقاً هناك حل سياسي لهذه المشكلة، نعم هناك عنف جرى وهذا تعبير فوري عن الغضب ولكنه لم يعبر عنه كحل رسمي، وأعتقد أن الشعب في كينيا وبالوساطة المقتدرة سيتوصل إلى حل، وأحد الحلول السياسية هنا في البرلمان لأنه يمكن أن نلجأ إلى البرلمان ونعقد انتخابات في ثلاثة أشهر ونحل المسألة في وقت قصير في كينيا.


علي الظفيري: أتوقف مع فاصل قصير، وأعتذر عن انضمام الدكتور حسن مكي لأن هناك صعوبات وعقبات فنية تقف أمام انضمامه إلينا. بعد الفاصل سنشير إلى نظرة المجتمع الدولي لما يحدث في كينيا وتأثير هذه المواقف وكذلك تأثير ما يجري في كينيا على المحيط، تفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

المواقف الدولية والتداعيات المحتملة

علي الظفيري: أهلاً بكم من جديد، أصداء الأزمة الكينية ترددت في عواصم ومراكز القرار الدولي، كلٌ سجل موقفه بالإقرار بحدوث تجاوزات، والدعوى إلى تدارك الوضع كي لا تخرج الأحداث عن السيطرة.

[تقرير مسجل]


نبيل الريحاني: لم يكن ذلك ما ينتظره المجتمع الدولي من الإنتخابات الرئاسية في كينيا، شكوكٌ في مصداقية النتائج، واحتجاجات عنيفة تسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، وبلد على شفير الإنفلات. مشهدٌ دامٍ أفرزه الاستقطاب الإنتخابي الحاد بين مواي كيباكي الذي احتفظ بالرئاسة وفق النتائج المعلنة، وزعيم المعارضة ريلا أودينغا الذي رفض تلك النتائج، لتدخل كينيا في دوامة الإضطرابات مثيرةً موجة قلق، عبّرت عنها مواقف عواصم دولية عديدة. أول تلك العواصم لندن التي لم تخف قلقها مما وصفته بالتجاوزات التي شابت الإنتخابات، رغم اعترافها بالجهود التي بُذلت لتسييرها بالشكل المناسب، داعيةً أطراف الأزمة لتبديد أسبابها بالحوار السلمي. قريباً من وجهة النظر البريطانية، شعرت واشنطن بالقلق نفسه وهي تسجل ما تقول إنها مخالفات في فرز الأصوات ينبغي، حسب الأمريكيين، تداركها بالطرق الدستورية والقانونية. الطرق القانونية بدت أوضح في الخطاب الأوروبي الذي طالب بإجراء تحقيق مستقل حول مجريات العملية الإنتخابية، التي أكد أنها لم تحترم المعايير اللازمة خاصة في فرز الأصوات. الأمم المتحدة قالت إنها تتابع عن كثب تطورات الحدث الكيني، مبدية الأسف لسقوط مزيد من الأرواح في انتخاباتٍ، كان يُفترض بها أن تقدم المثال لقارة أفريقية القاعدة في كثير من أوضاعها السياسية صراعات وتقاليد ضاربة في الإستبداد والإنقلابات. قاعدةٌ أمل الكثيرون أن تكون الإنتخابات الكينية الإستثناء فيها، فهل فات الوقت؟

[انتهاء التقرير المسجل]


علي الظفيري: أعود لضيفي المحلل السياسي متاهي نغونهي من نيروبي وكذلك الدكتور محمود أبو العينين من القاهرة، سيد نغونهي أتساءل أولاً، الولايات المتحدة هنأت الرئيس كيباكي في البداية، وأشارت إلى وجود تجاوزات يجب التعامل معها وفق الدستور والقانون، برأيك هل تشددت أميركا أم تساهلت مع ما حدث؟ ولصالح مَن جاء موقفها؟


"
الولايات المتحدة لها مصلحة في كينيا بسبب وضع القرن الأفريقي والوضع الجيوسياسي لذلك اعترفت بالعملية الانتخابية وبنزاهتها، ولكن عندما عرفوا أن الأوروبيين شككوا في الانتخابات غيروا موقفهم تباعا
"
متاهي نغونهي

متاهي نغونهي: الموقف الأمريكي، نحن بدورنا لم نتوقع من الولايات المتحدة أن تعترف بالعملية الإنتخابية فوراً، ونحن نعرف أن الولايات المتحدة لها مصلحة في كينيا بسبب وضع القرن الأفريقي والوضع الجيوسياسي هنا، ولكن عندما عرفوا أن الأوروبيين شككوا في الإنتخابات أدركوا أنه ما كان بإمكانهم الإصرار على موقفهم الأولي، ولذا غيروا موقفهم، لكن في الأصل قالوا إن الإنتخابات كانت نزيهة. ولكنهم كانوا مخطئين بذلك، وهذا قالوا المبدأ الأول والموقف الأول بسبب مصالحهم الخاصة ولكن بعد ذلك استمعوا إلى ما قاله المراقبون الأوروبيون وغيروا موقفهم تباعاً.


علي الظفيري: طيب دكتور محمود في القاهرة، ما الإعتبارات التي تحدد موقف الولايات المتحدة الأمريكية، وهي لاعب رئيسي، مما يجري في كينيا؟


محمود أبو العينين: أولاً أنا أتفق مع زميلي في كينيا أن الولايات المتحدة تسرعت في الحكم يوم الأحد، والتهاني السريعة للرئيس كيباكي، دون أن تنظر حتى في تقرير السفارة الأمريكية في نيروبي. الولايات المتحدة بطبيعة الحال دولة لاعب كبير في العالم وفي منطقة القرن الإفريقي بشكل خاص، وتعتمد على كينيا اعتماد كبير في الإستقرار وتنفيذ السياسات الدولية في المنطقة، يعني سواء في فترة الحرب الباردة ومقاومة الشيوعية، أو حتى بعد انتهاء الحرب الباردة، فيما يتعلق بسياسات مقاومة الإرهاب في المنطقة، ومقاومة الإسلام السياسي في المنطقة، وزادت أهمية كينيا بعد وصول حكومة الإنقاذ للسودان، وأيضاً الأوضاع المتردية في الصومال والدور الكيني في هذا الإطار، الآن كينيا تنظر إليها الولايات المتحدة باعتبار أنها دولة أساسية ودولة مرشحة، بحكم الإستقرار النسبي الموجود فيها، لإستضافة القيادة الأميركية الخاصة، أفريكوم، التي تعدها الولايات المتحدة والجيش الأمريكي في القارة الإفريقية، كثير من الدول الإفريقية مش عايزة تستضيف هذا، وأنا أعتقد أنهم وهم يتكلمون مع الكينيين يفكرون أن كينيا هي أنسب مكان لاستضافة هذه القيادة. الشيء الآخر أن الولايات المتحدة لها مصالح كبيرة داخل كينيا، يعني لا أحد يعرف إنه فيه أكثر من 5000 مواطن أمريكي قاعدين في كينيا، أغلبهم من المبشرين واللي بيشتغلوا في الجوانب دي وأسرهم، وأيضاً من الزائرين الأمريكيين هناك زائرين بأعداد هائلة كل سنة إلى كينيا، هناك مصالح كبيرة تنفذها كينيا سواءً بالنسبة للولايات المتحدة أو بالنسبة حتى لإسرائيل، ودورها وعلاقتها بالمجتمع الدولي وخصوصاً الأوربيين علاقة قوية وحسنة…


علي الظفيري (مقاطعاً): كل ما تشير له دكتور مهم جداً، أسأل السيد نغونهي، هل هناك خلاف بين السلطة الحاكمة الآن والمعارضة حول العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وأيضاً تيسير مصالحها؟


متاهي نغونهي: في الحقيقة في الماضي تكهن بأن الحكومة الأمريكية دعمت المعارضة، ربما لأنه ما كانوا سعداء بحكومة كيباكي بسبب الإدارة الإقتصادية، وكيباكي قام بعمل اقتصادي خلق استقلالاً عن السلطات الغربية هذا جعل الحكومة الأمريكية تقلق وتساعد المعارضة، ولكن المعارضة بدأت تدعم القضية الإسلامية وأودينغا دخل في مذكرة تفاهم مع المسلمين في قضية أن يحاكم محاكمة عادلة في قضايا الإرهاب، هناك يقال إن خلية صغيرة للقاعدة في كينيا وهناك كينيون يذهب بهم إلى الولايات المتحدة كي يحاكموا، لكن المعارضة وافقت بموجب مذكرة تفاهم مع المجموعات الإسلامية بهذا الشأن ولكن…


علي الظفيري (مقاطعاً): سيد نغونهي سامحني على المقاطعة، الدكتور محمود في نصف دقيقة إذا سمحت الوقت انتهى تماماً، هل فقدت منطقة القرن الإفريقي أحد أهم عناصر إستقرارها أو ما كان يساعد نسبياً بشكل محدود على الإستقرار فيها؟


محمود أبو العينين: إذا دخلت الحالة في كينيا نفق طويل من عدم الإستقرار ولم تحسم هذه القضية في بحر أسبوع أو اثنين، أنا أعتقد أن الأمور ستتفاقم في كينيا ومن ثم منطقة القرن الإفريقي تدخل هي بكاملها في عملية صعبة جداً ومستقبل مظلم، على ضوء أن كينيا هي العامل واللاعب الرئيسي في المصالحة الداخلية في الصومال، وبالإضافة إلى دورها الذي نعرفه في ما يتعلق بالسلام بين الحركة الشعبية وبين الحكومة في الخرطوم.


علي الظفيري: شكراً لك دكتور محمود أبو العينين مدير مركز البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة من القاهرة، وللسيد متاهي نغونهي المحلل السياسي الكيني من نيروبي. بهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، ودائماً بإمكانكم المساهمة معنا في إختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها عبر العنوان الإلكتروني للبرنامج indepth@aljazeera.net غداً إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، شكراً لكم وإلى اللقاء.