عزت شحرور – منير شفيق – البروفيسور فيتالي نعومكن / ماوراء الخبر
ما وراء الخبر

التقارب الروسي الصيني

تتناول الحلقة زيارة الرئيس بوتين إلى الصين في ظرف يشهد تقاربا واضحا بين البلدين اكتسب أكثر من دلالة على أن القطار الذي يحملهما ماض في طريقه نحو مزيد من التقارب وتنسيق المواقف.

– فرص نجاح الشراكة الروسية الصينية
– تأثير التقارب الروسي الصيني على الساحة الدولية


undefinedعلي الظفيري: أهلا بكم، نحاول في حلقة اليوم التعرف على ما وراء زيارة الرئيس الروسي للصين والتقارب الذي يشهده البلدان ونطرح فيها تساؤلين اثنين، ما هي فرص نجاح هذه الشراكة الجديدة؟ وما تأثير محور صيني روسي على الساحة السياسية الدولة؟ زيارة الرئيس الروسي فلاديمر بوتن إلى الصين في ظرف يشهد تقارب واضح بين البلدين اكتسبت أكثر من دلالة على أن القطار الذي يجمع الدب الروسي بالتنين الصيني ماض في طريقه نحو مزيد من التقارب وتنسيق المواقف.

فرص نجاح الشراكة الروسية الصينية

[تقرير مسجل]

مكي هلال: زيارة الرئيس الروسي فلاديمر بوتن إلى الصين لم تكن مجرد زيارة رسمية تطغى عليها المجاملات وأصول الضيافة فالتقارب بين القوتين الاقتصاديتين بات أمر لافت في السنوات الأخيرة والمتابعون لعلاقة البلدين يقولون إنها بلغت مستوى شراكة استراتيجية تطمح لإقامة نظام دولي متعدد الأقطاب يكسر تفرد أميركا بالقرار الدولي، ملفات كثيرة بدأ بوتن والوفد المرافق له تداولها مع نظرائهم الصينيين ولعل ملف التعاون الاقتصادي وخصوصا في مصادر الطاقة التي تحتاجها نهضة الصين الاقتصادية ظل البند الثابت في لقاءات باتت دورية بين بوتن وهوغينتاو، البلدان الجاران يجمعهما شريط حدودي بطول أربعة آلاف وثمانمائة كيلو متر يمتد في آسيا الوسطى حيث تخشى روسيا خطر ما بات يعرف بالثورات الملونة التي تتهم روسيا واشنطن بدعمها، التنسيق الأمني مع الجار الصيني قد يكون أكثر من ضروري إذاً وهو ما دفع بالتعاون العسكري والأمني إلى مستوى الحاجة الاستراتيجية للطرفين وظهر ذلك جليا في حجم المناورات المشتركة السنة الماضية فيها في شبه جزيرة شاندون من حيث نطاقها الجغرافي والقوات التي شاركت فيها، الملف النووي الإيراني وما يثيره من مواقف دولية شكل هو الآخر نقطة التقاء مهمة إذ عبر الروس عما أسموه بتطابق في المواقف دون الخوض في تفاصيلها وأيا يكن الأمر فالمؤكد أن تقارب كهذا من شأنه خلق جبهة قادرة على موازاة الموقف الأميركي قد تستفيد منها طهران وفي قضية الشرق الأوسط تطمح روسيا وبكين إلى لعب دور أكبر بعد صعود حماس وإعراض الولايات المتحدة عن التعامل معها، المحادثات الروسية الصينية تجاوزت مؤخرا طابعها السنوي حيث يجتمع الرئيسان ثلاث مرات في السنة على الأقل في مناسبات كمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والباسفيك وقمة منظمة شنغهاي للتعاون ولعل تواتر تلك اللقاءات وتلاقي مصالح عدة دعم جسر الثقة الناشئة بين البلدين وخلق تنسيق قد يترجم قريبا إلى مواقف متطابقة في مجلس الأمن.

علي الظفيري: ومعي في هذه الحلقة كلا من البروفيسور فيتالي نعومكن مدير المركز الروسي للدراسات الاستراتيجية والدولية وكذلك السيد منير شفيق الكاتب والباحث في قضايا العولمة والعلاقات الدولية، مرحبا بكما، أبدأ مع السيد فيتالي نعومكن ربما نتساءل هنا عن ماهية الملفات المطروحة والساخنة تحديدا في مثل هذه الزيارة.

"
التقارب الذي يشهده البلدان لم يسبق له مثيل في العلاقات الثنائية بين روسيا وأي بلد آخر، والصين ليس بشريك سهل، وهناك تخوفات وخلافات قديمة ولكن تم القضاء عليها سريعا
"
فيتالي نعومكن

فيتالي نعومكن- المركز الروسي للدراسات الاستراتيجية والدولية: قبل كل شيء هذا التقارب الذي يشهده البلدان الآن لم يسبق له مثيل في العلاقات الثنائية بين روسيا وأي بلد آخر فالصين طبعا ليس بشريك سهل هناك تخوفات هناك خلافات قديمة ولكن تم القضاء عليها بشكل سريع، صحيح أن لدى الصين وتائر نمو مخيفة لاقتصادها وللاستمرار في هذا الخط الصين تحتاج إلى طاقة روسيا وأظن أن أهم ما حدث أثناء هذه الزيارة هو التوقيع على اتفاقية حول الغاز، 10% من الغاز الروسي سيباع الآن إلى الصين وستصل مبيعات الغاز إلى ستصل تقريبا إلى 80 مليار متر مربع..

علي الظفيري: هل نستطيع القول أم ملف الطاقة أو موضوع الطاقة والنفط وما إلى ذلك هو الموضوع الرئيسي الآن في مثل هذه العلاقة وهذه الزيارة تحديدا؟

فيتالي نعومكن: في رأيي الملف الاقتصادي هو أهم الملفات، أهم من الملف السياسي..

علي الظفيري: سؤالا آخر إذا سمحت لي سؤال آخر هذه العلاقة بين روسيا والصين شهدت كثير من الشد والجذب، الآن ما الذي يضيف لها مزيد من الثقة؟ ما هي الثقة الاستثنائية المطروحة الآن في هذه العلاقة؟

فيتالي نعومكن: الثقة الاستثنائية في رأيي هو أولا أن الصين تثق بنفسها، الصين تتحول إلى دولة جبارة وهي دولة متحدية لدور المهيمن للولايات المتحدة الأميركية.. الولايات المتحدة الأميركية قد تستعمل روسيا للضغط على الصين أو قد تستعمل الصين للضغط على روسيا وهناك تفهم لمثل هذه النوايا لدى بعض النخب في الولايات المتحدة ولذلك أيضا هناك مصالح مشتركة في أسيا الوسطى في أسيا بشكل عام، هذا ما يجمع الآن البلدين مع بعض.

علي الظفيري: أرحب أولا قبل أن أتحول إلى السيد عزت شفيق منير شفيق عفوا أرحب بعزت شحرور مراسلنا في بكين ينضم لنا أيضا في هذه الحلقة ليطلعنا على مزيد من المعلومات حول هذه الزيارة، سيد منير شفيق هناك مصالح مشتركة وتخوفات مشتركة، دعنا نقرأ أو نحاول قراءة التخوفات المشتركة التي يمكن أن تدفع بالعلاقة إلى مزيد من التقدم الآن.

"
الزيارة الهامة تشكل ردا على زيارة بوش إلى الهند، لأن ما أحدثه بوش في زيارته كان تغييرا إستراتيجيا كبيرا بالنسبة إلى السياسية الأميركية التقليدية وللهند وكذلك بالنسبة للمنطقة
"
منير شفيق

منير شفيق- كاتب وباحث في قضايا العولمة والعلاقات الدولية: الحقيقة بداية أرى أن الزيارة الهامة والرئيسية تشكل ردا على زيارة بوش إلى الهند وهي رسالة أيضا للهند قبل أن تكون لأميركا لأن ما أحدثه بوش في زيارته إلى الهند كان تغييرا استراتيجيا كبيرا بالنسبة إلى السياسية الأميركية التقليدية بالنسبة إلى الهند وكذلك بالنسبة إلى المنطقة ومن ثم الزيارة هذه بالإضافة كونها استمرار لعلاقات صينية روسية آخذة بالتطور باستمرار وهي في الحقيقة آخذة بالتشكل كمحور أو هي في الحقيقة محور مستقبلي إن لم يكن محور آني لأن كلا البلدين يعلمان علم يقينيا أن حفلتهما مع أميركا قادمة فإذا كانت أميركا الآن غارقة في الشرق الأوسط وفي صراعات جانبية إلا أن أنها تعرف أن خصومها الأقوياء المرشحين في المستقبل ليلعبوا دورا دوليا كبير على مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية هما روسيا والصين ولذلك هي الآن تقاربت من الهند، صحيح إن السبب الأول كان كسب الهند بخصوص الملف الإيراني إلا أن لهذه الزيارة أو الاتفاق الذي حدث بين بوش والهند له أبعاد تمس الصين وروسيا مباشرة.

علي الظفيري: طيب أستاذ منير هل ترجح كافة المخاوف المشتركة في هذه العلاقة على كافة المصالح المشتركة؟

منير شفيق: لا أعتقد أن المخاوف لا تصنع علاقات قوية بقدر ما المصالح المشتركة الإيجابية هي التي تصنع تلك المصالح، هنالك الآن مصالح روسية أكيدة من زاوية التقارب مع الصين وكذلك الصين بدأبدأ أب

من زاوية التقارب مع روسيا فالمسألة ليست فقط مخاوف.. المخاوف لا نستبعدها ولكن أنا أرى السياسة تبنى على الإيجاب وليس على السلب خصوصا عندما نأتي إلى التحالفات أو العلاقات المتينة والإيجابية.

علي الظفيري: أرحب مرة أخرى بعزت شحرور وأسألك عزت أجواء هذه الزيارة ما الذي طرح حتى الآن من ملفات؟ ربما الموضوع الرئيسي أو التركيز الرئيسي أيضا على الموضوع الاقتصادي والملف الاقتصادي وما يحويه.

عزت شحرور- مراسل الجزيرة في بكين: نعم كان من الواضح أن العامل الاقتصادي هيمن على هذه الزيارة طبعا، هذه الزيارة تأتي بمناسبة العام الروسي في الصين كما ستقوم روسيا في العام القادم باستضافة العام الصيني هناك، مما لا شك فيه أن العلاقات بين الجانبين منذ أن قاما بالتوقيع على اتفاقية الشراكة البناءة عام 1992 وأتبعاها باتفاقية الشراكة الاستراتيجية عام 1996 ومن ثم نجحا في ترسيم الحدود لأول مرة منذ أكثر من مائة وخمسين عاما خلال العام الماضي فإن العلاقات بين الجانبين تسير بشكل جيد ولكن بطيء جدا فعلى الرغم من أن هذا العام هو العام السنة العاشرة لتوقيع هذه الاتفاقيات الاستراتيجية إلا أن الميزان التجاري بينهما مازال لم يتجاوز سقف الثلاثين مليار دولار..

علي الظفيري: عزت هل من أثر لخلافات ما فيما هو مطروح الآن في العلاقة بين البلدين؟

عزت شحرور: نعم يجب ألا ننسى علي أن هناك إرث كبير جدا من انعدام الثقة التاريخية بين الجانبين بالإضافة إلى أن هناك تنافس استراتيجي إقليمي بينهما وإن كانت الظروف والتغيرات الدولية قد فرضت نوعا من التقارب بينهما فلا أعتقد أنهم على الأقل في المدى القريب يمكن أن يشكلا حلفا منسجما وقويا يكسر حدة الأحادية القطبية فالصين من جانبها ما تزال ترى في نفسها أنها لا تمتلك جميع أوراق لعب دور على الساحة الدولية ويقتصر دورها على الساحة الإقليمية فقط ومازالت لديها الكثير من المشاكل سواء قضية تايوان..

علي الظفيري: عزت اسمح لي عزت فقط أن أتوقف..

عزت شحرور: أو مشاكل اقتصادية كثيرة ولهذا تحاول أن تنأى بنفسها عن الأزمات والقضايا الدولية وأن تنأى عن أي مواجهة مع الولايات المتحدة..

علي الظفيري: عزت اسمح لي أن أتوقف معك قليلا، نتحول إلى السيد فيتالي نعومكن، احتاج البلدان إلى أربعة عقود من المفاوضات لكي يسويان ملف الخلافات الحدودية، الآن ما هي أبرز العقبات المطروحة في علاقة روسية صينية متميزة؟

فيتالي نعومكن: أظن إنه هذه كل العقبات الآن تتلاشى لأنه قضية الحدود تقريبا أغلقت وهناك حاجة ماسة إلى طاقة روسية.. مصادر الطاقة من روسيا للصين وهناك أيضا حاجة ماسة إلى تكنولوجيات عسكرية وأسلحة روسية لأنه الصين تحولت إلى دولة جبارة اقتصاديا ولم تتحول بعد إلى دولة عسكرية مهمة يعني في العالم وتحتاج إلى طبعا التعاون مع روسيا وبالنسبة لما ذكره زميلي بالنسبة للعامل الهندي الأميركي أنا لا أستطيع مثلا لا أعتقد أن هذا العامل مهم الآن مع أن بعض المحللين الاستراتيجيين الأميركان يحاولون الآن ترسيم حدود جديدة في العالم بين العالم الديمقراطية والعالم الأنظمة الأوتوقراطية ولذلك هناك انتقادات شديدة ضد الصين وضد روسيا مع بعض ولذلك هناك حس بهذه التحديات الجديدة، أظن إنه روسيا.. الولايات المتحدة الآن لا تنظر إلى روسيا كخصم مستقبلي ولكن تنظر إلى الصين قبل كل شيء بجبروتها الاقتصادي كعنصر كمصدر تحدي أساسي مستقبلي.

علي الظفيري: أستاذ منير شفيق هل فعلا هناك حس بالتحديات بحيث يمكن تجاوز البلدان كل الخلافات القائمة حاليا أو الخلافات المتوقعة مستقبليا بين قوتين عظميين؟

منير شفيق: في الحقيقة لا أستطيع أن أرى أن هنالك خلافات جادة بين الصين وروسيا، روسيا من جهتها الآن تسعى لأن تتحول إلى دولة كبرى وخصمها في هذا هو الولايات المتحدة التي تحاول أن تهاجمها وأن تضربها من الداخل وتضرب غلافها الجيوستراتيجي بينما الصين لا تتدخل في الشؤون الروسية وليس هنالك من احتكاك بين روسيا والصين فيما يتعلق بالأمن القومي لأي من البلدين، الذي يتدخل حقيقة في الأمن القومي للبلدين هو أميركا وعندما تتحدث أميركا عن الدول التي تفتقر إلى الديمقراطية أو غيرها هذه ذريعة للدخل في الشؤون الداخلية الروسية والصينية لذلك في الحقيقة أرى أن الطريق ممهد بين البلدين ليطورا علاقاتهما إلى أبعد الحدود وإن كانا حريصين على ألا يبدو أنهما يشكلان محورا ضد أميركا أو ضد أي طرف آخر فهذه اللعبة الدولية الآن هي جعل المحاور في الدرجة الثانية أو تحت الغطاء وكي لا تخرج إلى العلن فعندما تزور أميركا الهند وتقيم معها تلك الاتفاقيات الخطيرة حول الملف النووي أو حول الاتفاقات النووية هي لا تقول إنني أحاول أن أجذب الهند ضد الصين أو ضد روسيا أو ضد إيران ولكن الآن السياسة الدولية ما يظهر على السطح ليس بالضرورة هو ما يخبأ في الأعماق، الآن..

علي الظفيري: نعم أستاذ منير نعم ربما من هذا نتساءل ونقرأ إلى أي مدى يمكن أن يكون هذا التقارب الروسي الصيني خطوة نحو إنهاء التفرد الأميركي في السياسة الدولية أم أنه توزيع لنفوذ جديد؟ نتابع هذه المسألة مع ضيوفنا ومعكم أنتم بعد وقفة قصيرة فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

تأثير التقارب الروسي الصيني على الساحة الدولية

علي الظفيري: أهلا بكم من جديد، حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر تتناول التقارب الصيني الروسي ومغازيه، عزت شحرور في بكين.. عزت إلى أي مدى ألقى الوجود الأميركي النفوذ الأميركي في آسيا الوسطى شرقي آسيا أيضا بظلاله على المحادثات الجارية بين الطرفين؟

عزت شحرور: طبعا هذا العامل الأميركي بشكل عام يلعب دورا رئيسيا في التقارب أو التباعد ما بين موسكو وبكين وبالطبع فإنه في هذه الزيارة أيضا لعب دورا مميزا وتم مناقشة هذا الموضوع ليس خلال هذه القمة فقط ولكن في جميع اللقاءات والقمم التي التقى فيها الرئيس الصيني هوغينتاو مع نظيره بوتن وكما نعلم فإن الجانبان أيضا بحثا في القمة القريبة المرتقبة لمنظمة التعاون شنغهاي وكما لاحظنا خلال القمة السابقة لهذه المنظمة فإنه بعد القمة مباشرة بدأت أصوات بعض الدول في آسيا الوسطى تطالب بجدولة أو بخروج القوات الأميركية أو إغلاق القواعد الأميركية في هذه المنطقة، فباختصار شديد تزايد النفوذ الأميركي في جمهوريات آسيا الوسطى يلعب دورا كبيرا جدا في التقارب ما بين موسكو وبكين.

علي الظفيري: أستاذ منير شفيق البلدان قويان وهذا شيء معلوم للجميع وكل منهما ربما يتحصل على عدد كبير من عوامل القوى لكنهما أيضا غارقان في مشاكل كثيرة، هذه العلاقة هل يمكن أن تخلق محور صيني روسي جديد قادر على زحزحة موضوع أحادية القطبية والتفرد الأميركي في العالم أجمع؟

"
نظرية أحادية القطبية أو التفرد الأميركي في السياسة الدولية أصبحت بعيدة عن الواقع فأميركا الآن إذا تابعتَ ما يجري في مجلس الأمن أصبحت حريصة على أن تأخذ قراراتها بالتفاهم مع فرنسا وروسيا والصين
"
منير شفيق

منير شفيق: أولا أريد أن أؤكد أن نظرية أحادية القطبية أو التفرد الأميركي في السياسة الدولية أصبحت هذه بعيدة عن الواقع فأميركا الآن إذا تابعت ما يجري في مجلس الأمن أصبحت حريصة على أن تأخذ قرارات بالتفاهم مع فرنسا ومع روسيا ومع الصين مما يعني الاعتراف بتعدد القطبية قطعا فأميركا التي تحدثت كثيرا عن التفرد والانفرادية قبل ثلاث سنوات أو أربع سنوات هي ليست أميركا الحالية.. أميركا الحالية تساوم روسيا وتساوم الصين من أجل أن تأخذ قرارات ضد سوريا أو ضد لبنان أو ضد فلسطين أو ضد إيران..

علي الظفيري: طيب إذا افترضنا جدلا أستاذ منير أنه في وجود ربما يعني قطبية ذات تأثير أعلى أو أكبر للولايات المتحدة الأميركية على الأطراف الأخرى هل هذا المحور الجديد قادر على إحداث نقلة نوعية في تأثيرها على ما يجري في الساحة الدولية؟

منير شفيق: أنا بتصوري هذا المحور الجديد إذا جمعت القوة العسكرية الروسية والقوة الاقتصادية الروسية الصاعدة وكذلك القوة الصينية الاقتصادية الصاعدة إلى جانب قوتها العسكرية الصاعدة يصبح موازيا لأي قوة غربية بل ربما متفوقا عليها بكثير من المواضع، هذان القطبان الروسي والصيني بلحظة واحدة إذا تقرر أن يدخل الوضع الدولي إلى مستوى المحاور والمعسكرات والمواجهات سوف يتحول إلى قوة هائلة قد توازي الغرب وقد تتفوق عليه، المهم الذي أريد أن أركز عليه هنا في هذا الصدد يجب ألا يقلل من أهمية الزيارة التي قام بها بوش والاتفاقات مع الهند.. الهند بالنسبة لروسيا حليف استراتيجي احتياطي أو هو مستقبلي وهو حليف تقليدي والهند بالنسبة إلى الصين تشكل منافس يجب أن يأخذ بعين الاعتبار، عندما تتطور العلاقات الأميركية الهندية إلى مستوى التعاون النووي وإلى اتفاقات تجاوز فيها بوش تقليد السياسة الأميركية وموقفها من الهند فأنا بتصوري هذا تطور كان لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار روسيا صينيا، أما موضوع الاقتصاد فأنا في الحقيقة لا أعطيه كل تلك الأهمية وإن كان هو الطافي على السطح لأن الاقتصاد هو في الحقيقة يخبئ وراءه سياسة دائما ويخبئ وراءه استراتيجية دولية ولهذا بتصوري أن علاقة الدولتين الروسية والصينية ذات أثر كبير المدى في المستقبل وهو رادع بالنسبة لأميركا وسيجعل أي مساومة تقوم بها أميركا الآن سواء في موضوع الملف النووي الإيراني أو أي مساومة أخرى سيكون ثمنها غاليا إذا أرادت أن تأخذ صوت روسيا والصين إلى جانبها.

علي الظفيري: أستاذ نعومكن رغم القوة والحسبة النظرية لمثل قوة كل بلد من البلدين روسيا أو الصين إلا أن المفاتيح دائما في العلاقات الدولية وفي التفاعلات الدولية المفاتيح دائما تظل في واشنطن وحاجة كل بلد إلى واشنطن ربما أكبر وأقوى كثيرا من حاجتهم أو قدرتهم على إيجاد حلف مقابل للولايات المتحدة الأميركية، هل هذا صحيح إلى حد ما؟

فيتالي نعومكن: هذا صحيح إلى حد ما لذلك الطرفان لا يسعيان إلى بناء أي محور لا ضد الهند ولا ضد الولايات المتحدة الأميركية، الصين تحتاج إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا تحتاج أيضا إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، أما الهند فيجب علينا ألا ننسى أن هناك تقارب أيضا مستمر بين الصين والهند وهناك أيضا تعاون مستمر بين موسكو ودلهي والهند تبقى يعني مشتري من المشترين الأساسيين للسلاح الروسي فلا يمكن أن نقول إن هناك يعني أي عملية تجري لبناء مثلا محور صيني روسي من جهة وهندي يعني أميركي من جهة أخرى، لا هناك صحيح أنا لا أثق بوجود العالم الأحادي القطب نعم هناك تعدد الأقطاب وهناك تنوع واسع..

علي الظفيري: أستاذ نعومكين إذا ما قرأنا تأثير هذه العلاقة على مناطق وقسمناها إلى مناطق.. منطقة الشرق الأوسط كمنطقة نفوذ أميركي رئيسي، الملف النووي الإيراني الملف الفلسطيني الملف العراقي، هل هذه العلاقة بإمكانها إحداث تأثيرات ما على ما يجري في هذه الملفات؟ ونبدأ من الملف الإيراني.

فيتالي نعومكين: طبعا إذا بدأنا من الملف الإيراني فهناك إجماع كامل بين كل من موسكو وبكين ضد العقوبات، مثلا لا روسيا ولا الصين يعني لا تثقان بضرورة مثلا فرض عقوبات من قبل مجلس الأمن ضد إيران على هذه المرحلة، هما مع استمرار العملية الدبلوماسية واستمرار المفاوضات مع الطرف الإيراني مع أن ليس هناك أي مصلحة لا لروسيا ولا للصين في أن تتحول إيران إلى دولة نووية.

علي الظفيري: طيب عزت أسألك في بكين إلى أي مدي طرحت مثل هذه الملفات ملفات الشرق الأوسط كالملف النووي الإيراني وغيره من الملفات في الجدال والنقاش الدائر بين أو أثناء هذه الزيارة؟ ما الأهمية التي حظي بها؟

عزت شحرور: أستطيع أن أتكلم عن الجانب الصيني، يبدو أن الجانب الصيني يصر على بقائه طالما أن أي قضية دولية لا تمسه بشكل مباشر وخاصة عندما تكون تتعلق بالولايات المتحدة فإنه يفضل الاختباء إذا صح التعبير وعدم الخروج بمواقف واضحة، بالنسبة للملف النووي الإيراني.. الموقف الصيني هو يرفض العقوبات بشكل عام ولهذا نلاحظ أن هناك تفاوت في الموقف بين موسكو وبكين أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فإن كما شاهدنا موسكو ذهبت إلى حد استضافة وفد قيادة حماس في موسكو ولكن بكين حتى الآن مازالت تتريث ولم تعط أي موقف واضح بالنسبة لفوز حماس في الانتخابات الأخيرة.

علي الظفيري: عزت شحرور مراسلنا في بكين وكذلك السيد منير شفيق الكاتب والباحث في قضايا العولمة والعلاقات الدولية والبروفيسور فيتالي نعومكين مدير المركز الروسي للدراسات الاستراتيجية والدولية من موسكو شكرا لكم جميعا، بهذا تنتهي حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net، غدا إن شاء الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد، شكرا لكم وإلى اللقاء.