مستقبل محاكمة رؤساء الدول في محاكم جرائم الحرب في ضوء تجربة ميلوشيفيتش
ما وراء الخبر

مستقبل محاكم جرائم البلقان بعد وفاة ميلوسوفيتش

تناقش الحلقة مستقبل محاكم جرائم البلقان بعد وفاة ميلوسوفيتش فملف الجرائم التي ظل يُحاكم في شأنها لا يزال محل نقاش طويل فمنهم من يرى انتهاء القضية بوفاته.

– التداعيات السياسية والخلافية لوفاة ميلوسوفيتش
– إشكاليات محاكمة رؤساء الدول

undefined

علي الظفيري: أهلا بكم، نحاول في حلقة اليوم التعرف على مستقبل محاكم جرائم البلقان بعد وفاة ميلوسوفيتش وما تلقيه التجربة من ظلال على محاكمة الرؤساء في محاكم دولية. ونطرح في الحلقة تساؤلين اثنين.. أي أثر لوفاة ميلوسوفيتش على محاكمات البلقان وتداعياتها السياسية؟ وما هي الدروس المستفادة من تجارب محاكمات الرؤساء في السياسة الدولية؟

سلوبودان ميلوسوفيتش رجل مثير للجدل أينما حل ولن تكون خلافات الصرب حول طقوس دفنه نهاية للجدل فملف الجرائم التي ظل يُحاكم في شأنها طوال السنوات الخمس الماضية لا يزال محل نقاش طويل بين من يرى انتهاء القضية بوفاته وضحايا يعلقون الآمال في انتظار عدالة محكمة الجنايات الدولية.

[تقرير مسجل]

مكي هلال: هل يكفى الموت تكفيرا عن خطايا وجرائم يرتكبها الساسة ضد الإنسانية؟ تساؤل أخلاقي وقانوني رافق الوفاة المفاجئة لسلوبودان ميلوسوفيتش قبل أن تقول المحكمة الجنائية الدولية كلمتها في جرائم وقعت أثناء حروب البلقان وحُمل ميلوسوفيتش ورفاقه مسؤوليتها. ردود الفعل حول عودة جثمانه ودفنه في صربيا تباينت حسب تصنيف كل فئة له، فهو كان بمثابة الابن البار لدى القومية الصربية والابن الضال في نظر ضحاياه من سكان يوغسلافيا السابقة في بوزاريفاتش شرقي صربيا كانت رحلة ميلوسوفيتش إلى مثواه الأخير في حديقة منزله هناك وبكثير من الورود والدموع والموسيقى الحزينة التي لم يعزفها حرس الشرف للرئيس السابق شيع الصرب جثمان من يعتبره بعضهم بطلا قوميا، لكن شيئا من الحسرة ظل يسكن نفوس عائلات الضحايا في كل من البوسنة وخصوصا سربيرنيتشا وكوسوفو إذ بوفاة ميلوسوفيتش تنتهي قضيتهم رسميا دون معاقبة الجاني وقد أسعفه الموت قبل أشهر من النطق بالحكم. جلسات المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة دامت أكثر من أربع سنوات ظل فيها ميلوسوفيتش رافضا الاعتراف بشرعية المحكمة وبالتهم الموجهة إليه ومثل القبض عليه سابقة فريدة من نوعها، فهو أول رئيس جمهورية يحاكم علنا أمام القضاء الدولي. محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وإن اختلفت من حيث الإطار القانوني للمحاكمة والمكان إلا أنها تظل حالة مشابهة في تجاوز حصانة الرؤساء وتعيد طرح الأسئلة القانونية حول مسؤولية الرئيس عن مجازر قد تحدث في عهده. وهل يتحمل المسؤولية الجنائية وحده أم أن حزبه وعناصر نظامه ومن نفذوا الأوامر يتحملون نصيبا من المسؤولية؟ وهل تضمن المحاكمة الدولية العدالة وتجنب المحاكمات السياسية أم أن محاكمة الرئيس داخل بلاده قد تكون أقرب للإنصاف ومدخلا للمصالحة جدل قانوني يلتبس فيه السياسي بالأخلاقي ونقاط استفهام كثيرة تثار عند محاكمة كل رئيس قد لا تحسمها النوايا الطيبة للقضاة ولا اجتهادات فقه القضاء الدولي.

التداعيات السياسية والخلافية لوفاة ميلوسوفيتش

علي الظفيري: ومعي في هذه الحلقة من لندن مأمون نحاس قنصل البوسنة السابق في بريطانيا ومن بيروت الدكتور شفيق المصري أستاذ القانون الدولي في الجامعتين اللبنانية والأميركية وعبر الهاتف من بلغراد أمجد ميقاتي مدير المؤسسة العربية اليوغسلافية للإعلام والنشر مرحبا بكم جميعا، أبدأ مع السيد أمجد ميقاتي دعنا نقرأ أولا التداعيات السياسية والخلافات ربما التي أثيرت بعد عودة جثمان ميلوسوفيتش وموضوع دفنه وطقوس الدفن والرسميات التي ربما ترافق ذلك، هل يعيد أو تعيد يعني وفاة ميلوسوفيتش مسألة الموقف داخل صربيا من هذه المحاكمة وتسليم ربما سياسيين صرب لهذه المحكمة؟

"
 المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بجرائم الحرب هدفها أن يتخلص القادة في الدول العظمى التي كانت مسؤولة عن تدمير يوغسلافيا السابقة من التهمة الأساسية وهي الجرائم بحق السلام
"
         أمجد ميقاتي

أمجد ميقاتي- مدير المؤسسة العربية اليوغسلافية للإعلام- بلغراد: أكدت وفاة ميلوسوفيتش ما كان يقوله سابقا أنصاره من أن هذه المحكمة هي محكمة سياسية تريد أن يتخلص أولئك القادة في الدول العظمى التي كانت مسؤولة عن تدمير يوغسلافيا السابقة من التهمة الأساسية وهي الجرائم بحق السلام، كذلك يؤكدون على أن رفع الدعوى خلال القصف الأطلسي والعدوان على صربيا والجبل الأسود يثبت أن الولايات المتحدة الأميركية والدول المعتدية أردت أن تجد تبريرا لعدوانها، الطريقة التي تمت بها.. تم بها موت السيد ميلوسوفيتش تثير الآن كثير من التساؤلات حتى يذهب فيها بعض المقربين منه وخاصة في إطار المتابعين القانونيين للموضوع أن السجن كان يريد أن تنهي حياته بهذا الشكل لأن المحكمة حتى لم تستطع أن تثبت أي إدانة له وبالعكس فقد تحولت كما يقولون إلى محكمة ضد الولايات المتحدة الأميركية بالأساس وألمانيا والفاتيكان وحلف الأطلسي الذي قام بالعدوان على يوغوسلافيا الاتحادية.

علي الظفيري: ولكن موضوع وفاته وأسباب الوفاة أعتقد أنه حُسم تماما يعني من خلال الفحوصات التي أجريت وبالتالي لا مجال للتشكيك هنا؟

أمجد ميقاتي: قد يكون حُسم النتيجة ولكن الأسباب التي أدت إلى تلك النتيجة لم تُحسم وخاصة أن تقارير الأطباء بما فيهم الهولنديون أنه لو تلقى العلاج في الوقت المناسب كما كانت قد طلب لما حصلت حالة الوفاة هذه من ناحية ومن ناحية ثانية أن السكتة القلبية التي أصابته.. هو ما يزال على قيد الحياة من مدة ما لا يقل عن نصف ساعة إلى ثلاث ساعات لو أن حرس السجن في الوقت المناسب قدموا له العلاج لما توفي.

علي الظفيري: هل يُلحظ جدال في الأوساط الصربية حول موضوع تسليم القادة الصرب إلى هذه المحكمة هناك مطلوبين أو قائمة من المطلوبين آخرين غير ميلوسوفيتش؟

أمجد ميقاتي: بالتأكيد أن هذا الجدال منذ فترة طويلة كان قائما والآن ازداد حدة. والملفت للانتباه أن هنالك تنامي في الرفض الشعبي بعد كان أن تراجع ذلك التنامي إلى ما أكثر بقليل من النصف الآن أكثر من نصف الرأي العام بشكل قاطع ضد التسليم والتعامل مع محكمة لاهاي وهم يطرحون.. وهنا سببان قانونيان ملفتان للانتباه أولهما أن من يكون وراء المحكمة هي الولايات المتحدة الأميركية التي ترفض بأي شكل من الأشكال أن يحاكم جنودها على أي أعمال يقوموا بها خارج الولايات المتحدة من ناحية، من ناحية ثانية لماذا لم تُحول ولم تُحول هذه الملفات إلى المحكمة الجنائية الدائمة للجرائم ضد الإنسانية التي أنشئت بموجب اتفاق روما وترفض ذلك بالتحديد الولايات المتحدة الأميركية؟

علي الظفيري: نعم أتحول إلى الدكتور شفيق المصري في بيوت دكتور جدل كبير أيضا يثار حول مسألة انتهاء القضية وطي كل الملفات المرتبطة بميلوسوفيتش بعد وفاته هل سينتهي كل شيء بعد نتيجة هذه الوفاة؟

شفيق المصري- أستاذ القانون الدولي: بالطبع لن ينتهي كل شيء لأن المحكمة التي شُكلت منذ العام 1993 لا يزال أمامها عدد من المتهمين وهي تطالب بهم ولا يسما القائد العسكري لصربيا كراديتش وبالتالي المحكمة كمؤسسة لن تغلق أبوابها اليوم وهي بانتظار المزيد من المتهمين وفتح ملفات تحقيقات عديدة، إلا أن ملف السيد ميلوسوفيتش طبعا سيُقفل وهذا شكل في الواقع نكسة مؤقتة لهذه المحكمة التي كان ينتظر أن تصدر حكمها مستندا طبعا إلى مبادئ القانون الدولي وإلى الاتهامات التي وجهت للرجل، فموته في الواقع حال دون تحقيق هذا الإنجاز..

علي الظفيري [مقاطعاً]: ولكن يا دكتور قلت نكسة للمحكمة المحكمة استمرت خمسة أعوام وهي تحاكم ميلوسوفيتش وهنا يطرح موضوع المسؤولية السياسية من المسؤولية القانونية كما ذكر السيد ميقاتي أنه هناك تسييس لمثل هذه المحاكمات؟

شفيق المصري: يعني عندنا نقول تسييس في الواقع يعوزنا الكثير من الإثباتات على ذلك لو أن ثمة تسييسا كان قائما كان طبعا من المفترض أن تعجل المحكمة في حكمها وأن تصدر إدانتها للرجل الذي كان سجينا بين يدي هذه المحكمة. التواصل في التحقيقات، استمرار التحقيقات.. لا أستطيع طبعا أن أحكم على الفترة الزمنية ولكن معايير القانون الدولي تكرس حق المتهم في الدفاع عن نفسه كما يُفترض بها أن تتبع الإجراءات الكثيرة المتعلقة بكل جانب من هذا الملف وهناك جرائم عديدة اتُهم بها سواء جرائم حرب أو جرائم ضد إنسانية أو حتى جريمة إبادة وكل هذه الأمور على تشعباتها المكانية والحقوقية استلزمت كما قالت رئيسة المحكمة استلزمت هذا الوقت الطويل من الإجراءات والتقاضي.

علي الظفيري: السيد مأمون نحاس في لندن نقطة المثارة الآن تلك المطالبات مطالبات أهالي الضحايا باستمرار المحكمة بأداء دورها ومحاكمة كل المسؤولين وفاة ميلوسوفيتش في هذه المرحلة من المحاكمة وعدم استمرارها هل سيؤثر بشكل من الأشكال على تلك المطالبات؟

مأمون نحاس- قنصل البوسنة السابق في بريطانيا: هو في الواقع يجب أن لا يؤثر لأن المحاكمة محاكمة ميلوسوفيتش مش محاكمة شخص هذه المحاكمة يعني محاكمة نظام بكامله مرحلة تاريخية من مراحل يوغسلافيا. هذه ليس محاكمة تشابه محاكمة صدام حسين، هذه محاكمة ضد شخص قاد جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، جرائم ضد إبادة جماعية، تطهير عرقي هذه حقبة تاريخية من التاريخ في أوروبا يجب أن تستمر هذه المحاكمة وأن ينال كل المجرمين بجرائم الحرب سواء كان ميلوسوفيتش أو ميلافيتش أو كراديتش أو إلى آخره هذه يجب ألا تكون.. هو المحكمة استمرت من سنة 2002 إلى الآن مش لأنه العملية فيها صعوبات أو إلى آخره هذا كان بسبب مرض ميلوسوفيتش من ناحية والتأجيلات المستمرة بسبب مرضه ومن ناحية ثانية أخذت فترة من الوقت بأن ميلوسوفيتش يرفض أي محامي يدافع عن نفسه كان هو عايز يدافع عن نفسه بنفسه وهذا أخذت وقت طويل من سنة 2002 لغاية الآن مش معنى الحديث.. صحيح إنه المحكمة أخذت حوالي مائة شاهد وصحيح كما تفضل أمجد ميقاتي بأنه هذه المحكمة لم تصل إلى أي دليل حسي هذا كلام وارد ومضبوط إنه ما في أي شاهد يثبت أنه ميلوسوفيتش أصدر أمر شخصياً بالإبادة ولكن هو كان على رأس القائمة هو الموجِه الأساس في الأساس فهذه المحكمة يجب أن تستمر وجميع القادة المشتركين بجرائم الحرب ضد البوسنة يجب أن ينالوا عقابهم سواء كانوا قضوها في السجن أو في..

علي الظفيري [مقاطعاً]: ولكن أستاذ مأمون إذا كنا نحاكم أو كانت المحكمة تحاكم نظام مرحلة تاريخية والآن تغييب رموز هذه المرحلة ورموز ذلك النظام فبالتالي يعني ما هو نوع الحكم نوع يعني الإدانة التي يمكن أن تقدم هنا هل هي مثلاً إدانة معنوية تاريخية فقط للتاريخ أم يترتب على ذلك حقوق وتعويضات وما إلى ذلك؟

مأمون نحاس [متابعاً]: لابد حقوق وتعويضات والآن البوسنة هي بصدد دعوى ضد صربيا يعني مش ميلوسوفيتش، ميلوسوفيتش هذا اللي جرائم الحرب المحكمة الدولية التي تقاضيه ولكن البوسنة لها قضية خاصة مرفوعة ضد صربيا والجبل الأسود باعتبارها دول معتدية على البوسنة ونتائج هذه المحاكمات لابد أن تكون هناك تعويضات معنوية ومادية وإلى آخره والآن ميلوسوفيتش مش معنى إنه مات بسكتة قلبية إنه انتهت المشكلة خلاص الراجل توفى وما فيش أي محاكمات يجب أن تستمر هذه المحاكمة وأن يحضر ميلوسوفيتش وكراديتش إلى نفس الكراسي ويحكم بنفس المحاكمات جرائم حرب.

علي الظفيري: وسنقرأ أيضاً في هذه الحلقة في ثناياها التداعيات التي تتركها المحاكمة على السياسة الدولية نتابع المسألة مع ضيوفنا الكرام ومعكم بعد وقفة قصيرة فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

إشكاليات محاكمة رؤساء الدول

علي الظفيري: أهلا بكم من جديد حلقة اليوم تتناول محاكم جرائم البلقان بعد وفاة سلوبودان ميلوسوفيتش، أستاذ أمجد ميقاتي في بلغراد محاكمة ميلوسوفيتش ربما كانت نقطة فاصلة في تاريخ المحاكمات الدولية، أول رئيس يقف أمام محكمة دولية يحاكم الآن في الأوساط السياسية الصربية كيف ينظر لهذه التجربة بعد وفاة ميلوسوفيتش تحدثت بداية عن التسييس وأن هناك تسييس لهذه المحاكمة وأهداف أخرى لكن كيف ينظر لمسألة محاكمة رئيس دولة في محكمة دولية.

أمجد ميقاتي: لابد في البداية من الإشارة لأن أن هذه القضية فيها جدل قانون حول السيادة المحدودة التي يريد أن يفرضها ما يسموا بسادة النظام العالمي الجديد والعولمة بشكل عام. وأرغب الإشارة إلى قضية مهمة حول التسييس إنه عندما توفي السيد دوغمان رئيس كرواتيا والسيد عزت بروكوفيتش رئيس البوسنة قالت المحكمة إنها كانت بصدد رفع دعوى نحو ضدهم بتهم جرائم الحرب ولكن الموت عاجلهم وأنقذهم من ذلك هذا يعني أنه كان القادة السياسيين ليوغسلافيا الذي شاركوا في الحرب الأهلية بناء على تسهيلات أو وعود خارجية سيتحمل المسؤولية عن هذه الحرب من هنا هذا السؤال يفتح جدلا قانونيا سياسيا واسعا هنا في صربيا هذا الجدل أصبح الآن يشق الشارع السياسي إلى شقين قد يكون متساويين وفي بعض الأحيان الشق المعادي للمحكمة واعتبار أن هذا دوسا على الكرامة الوطنية وتعدي السيادة الوطنية يتجاوز ويفوق على من يعتبر أن هذه هي قضية العدالة الدولية.

علي الظفيري: أقصد يا أستاذ أمجد كيف يُنظر لمسالة تسليم رئيس دولة سابق إلى محكمة دولية لتحاكمه على جرائم ارتكبها وهو في موقع الرئاسة؟

أمجد ميقاتي: هذا ما كنت أجاوب عليه يعتبر إنه خرق للقانون المحلي وللسيادة الدولية ولميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية السارية على اعتبار أن الولايات المتحدة بالتحديد هي معنية بقضية السيادة المحدودة لكي تستطيع أن تفرض..

علي الظفيري [مقاطعاً]: هذا واضح أستاذ أمجد إلى الدكتور شفيق المصري في بيروت دكتور الآن لدينا أيضا محاكمة مستمرة محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين ووفاة سلوبودان ميلوسوفيتش بعد خمسة أعوام أو أربعة أعوام ونصف تقريبا من الإجراءات القضائية والمحاكمة تطرح مسألة هذه المحاكمة محاكمة رؤساء الدول تحديدا والإشكالات هل لك أن تحدد لنا أبرز الإشكالات الفروقات بين المحكمات الموجودة.. محاكمة ميلوسوفيتش محاكمة صدام حسين وربما ما قد يأتي من محاكمات؟

شفيق المصري: نعم اسمح لي أولا أن أقدم بملاحظة توضيحية أن المحكمة التي تحاكم أو التي كانت تحاكم ميلوسوفيتش كانت تتعامل مع الأفراد ومدى معاقبتهم من دون الدخول بمسألة تعويضات وهي التي تتولاها الدول ضمن مسؤولياتها في الواقع، هناك مراجع أخرى لمسألة إثارة مسؤولية الدولة وبالتالي ترتيب التعويضات المترتبة على هذه الدولة لمصلحة الدول المتضررة أولا، ثانيا هذه المحاكمة لميلوسوفيتش محدودة في إطاريها الزمني والمكاني لأنها تتعلق فقط بمسالة يوغسلافيا السابقة أما المحكمة اليوم المحكمة الدولية المحكمة الجنائية الدولية فلعل بعض موادها عالجت سلبيا طبعا مسألة سيادة الدول لأن المادة 27 منها تقول أن حصانة الشخص بدءا برئيس الدولة بالذات بجب أن لا تحول دون استمرار المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة محاكمته وإصدار حكمها بحقه الموضوع الآخر أن ميلوسوفيتش عندما قدم إلى المحاكمة لم يعد رئيسا وكذلك الرئيس صدام حسين معنى أن الحصانة هنا وظيفية تتعلق بالمركز الذي يشغله حتى إذا تخلى عن هذا المركز تسقط عنه الحصانة بالنسبة لملاحقته ثم إن هناك..

علي الظفيري [مقاطعاً]: طيب دكتور ما الفرق عفوا دكتور على المقاطعة ما الفرق بين محاكمة صدام محاكمة ميلوسوفيتش ومحكمة الجنايات الدولية وما الذي ما الباب التي تفتحه ربما مثل هذه المحاكمات فيما هو قادم؟

شفيق المصري: نعم هناك عدة فروقات في الواقع الفرق الأول بين محاكمة ميلوسوفيتش وبين محاكمة صدام حسين أن الأولى صدرت بموجب قرار عن مجلس الأمن القرار 808 سنة 1993 وهو قرار ذاتي الإلزام يعني لا تستطيع أية دولة وليس فقط صربيا أن تخالفه قلت أنها محكمة دولية لهذا المكان ولتلك الفترة أيضا، محاكمة صدام حسين هي محكمة وطنية لم يصدر بصددها أي قرار عن مجلس الأمن ولكن القرار الذي مهد لهذه المحاكمة هو القرار 1483 وهو مستند أيضا إلى الفصل السابع بمعنى أن القرار نفسه هو الذي أسقط ولاية الرئيس العراقي وليس قوة الاحتلال ومهد بالتالي لهذه المحاكمة الوطنية عن جرائم ارتكبها صدام حسين في العراق بالذات..

علي الظفيري: وجود أكثر من شكل دكتور إذا سمحت لي وباختصار وجود أكثر من شكل قانوني وقضائي لمحاكمة الرؤساء ألا يثير قلاقل قانونية مشاكل تحفظات على مثل هذه المحاكمات عدم التوحيد في معاييرها؟

شفيق المصري: طبعا هناك اتفاقية صادرة سنة 1977 تمنع محاكمة الرؤساء ورؤساء الوزارات ووزراء الخارجية طالما أنهم يقومون بأعمالهم ولكن هذا لا يحول دون التحقيق معهم من دون التوصل إلى المعاقبة إلا أن العقوبة تتوقع عليهم أو تصبح نافذة بحقهم بمجرد تركهم لهذه الوظائف يعني الإشكالية بين الرمز الذي يمثله رئيس الدولة وبين وجوب معاقبته هذه الإشكالية قائمة ولا يصار إلى معاقبته مع أن التحقيق يمكن أن يستمر إلا بعد تخليه عن المركز التداعيات السياسية طبعا كثير ولكنها لا تدخل في..

علي الظفيري: نعم دكتور..

شفيق المصري: قُطر سياسي..

علي الظفيري: أستاذ مأمون النحاس في لندن لديكم تجربة في البلقان تجربة ربما رئيسية في هذا الموضوع إذا ما أردنا أن نصل إلى خلاصة في موضوع محاكمة الرؤساء من خلال محاكمة ميلوسوفيتش والتي توقفت الآن وتكاد تكون انتهت تماما وأيضا المحاكمات الأخرى محاكمة صدام حسين ونظامه بشكل عام إلى أي مدى يمكن أن تؤثر مثل هذه المحاكمات في ضبط سياسات الدول وتخوف أيضا من هم على رأس هذه السياسات من ارتكاب أية جرائم؟

"
هناك فرق بين محاكمة صدام حسين ومحاكمة ميلوسوفيتش، فميلوسوفيتش يحاكم على مرحلة تاريخية بجرائم حرب ضد الإنسانية، وصدام  يحاكم على إعدام بعض الناس من الدجيل
"
        مأمون نحاس

مأمون نحاس: طبعا أنا يعني بلا شك إنه محاكمات الرؤساء أي مجرم سواء كان رئيس أو غير رئيس أو إنسان عادي طالما إنه هو مجرم يجب محاكمته ومعاقبته وليس فقط محاكمته والمحاكمات الدولية التي تحصل الآن لرؤساء الدول وخاصة مثلا ميلوسوفيتش كأول رئيس دولة يحاكم ولو إنه لم تتم هذه المحاكمة لنهايتها وصدر حكم ويصدر حكم فيها وفرق شاسع طبعا زي ما تفضل الأستاذ منير بين محاكمة صدام حسين ومحاكمة ميلوسوفيتش، ميلوسوفيتش يحاكم على مرحلة تاريخية بجرائم حرب بجرائم ضد الإنسانية بجرائم إبادة تطهير عمقي بينما صدام حسين يحاكم على إعدام بعض الناس من الدجيل يعني في فرق كبير هون ولكن وللتاريخ يجب أن أذكر أيضا الأخ من بلغراد ذكر أنه السيد عزت بيغوفيتش رحمه الله مطلوب كان كمجرم حرب ليحاكم ولو إنه توفى وكان هذا كلام غير سليم وغير دقيق ولي الحق أقول أن هذا لم يحدث إطلاقا..

علي الظفيري: نعم يظن..

مأمون نحاس: هو الضحية وشعب البوسنة كان الضحية..

علي الظفيري: تظل الكثير من الأحكام معلقة ربما في هذه القضية قضية محاكمة الرؤساء السيد مأمون نحاس قنصل البوسنة السابق في بريطانيا من لندن وكذلك الدكتور شفيق المصري أستاذ القانون الدولي في الجامعتين اللبنانية والأميركية من بيروت وكان أيضا معنا عبر الهاتف من بلغراد أمجد ميقاتي مدير المؤسسة العربية اليوغسلافية للإعلام والنشر شكرا لكم جميعا انتهت حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم بإمكانكم المساهمة دائما في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد شكرا لكم وإلى اللقاء.