تأييد بوش تدريس نظرية التصميم الذكي في الولايات المتحدة
ما وراء الخبر

نظرية التصميم الذكي

تتناول الحلقة إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش تأييده لتدريس طلبة المدارس الحكومية نظرية جديدة منافسة لنظرية داروين عن نشأة الخلق والحياة.

– الصراع بين التيار المحافظ والتيار الليبرالي
– العلمانية والحدود التي يفرضها الدين عليها

ليلى الشايب: مشاهدينا أهلا بكم، نناقش في هذه الحلقة إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش تأييده لتدريس طلبة المدارس الحكومية نظرية جديدة منافسة لنظرية داروين عن نشأة الخلق والحياة، ما أثار جدلا في الدوائر العلمية والفكرية الأميركية ونطرح فيها تساؤلين، هل يعكس هذا الجدل صراعا بين التيار المحافظ والتيار الليبرالي؟ وهل للعلمانية في نظام الدولة الأميركية حدود يفرضها الدين؟ النظرية الجديدة المعروفة باسم نظرية التصميم الذكي تؤمن بصورة ما بالخلق المباشر فهي ترى أن الخلق من فعل قوة خفية ذكية على عكس نظرية داروين التي تزعم بأن الخلق نشأ وارتقى تلقائيا، توجه.. أو توجُه بوش هذا أثار ردود فعل متباينة خرجت بالجدل من الدائرة العلمية إلى التأويل السياسي، تصريح بوش نقلته صحيفة الواشنطن بوست وقال فيه أنه ينبغي أن يتعلم التلاميذ نظرية التصميم الذكي كمنافس لنظرية النشوء والارتقاء وأضاف في لقاء مع صحفيين من تكساس أن ذلك جزء من العملية التعليمية التي يتعرض فيها الناس لمدارس علمية مختلفة ولكنه أوضح في الوقت نفسه أن القرار بتدريس النظرية الجديدة يجب أن تتخذه إدارات المدارس لا الحكومة الفدرالية، المناهضون لموقف الرئيس بوش ردوا عليه بالقول أن نظرية التصميم الذكي ليس لها أي أساس علمي أو تربوي وأنها نظرية لم يختبر صدقها ولكنها تروج لغايات تخدم اليمين المسيحي المتطرف وأبدوا تخوفهم من أن يكون موقف بوش هذا يدعم دعاوى رُفعت أمام القضاء لتغيير مناهج التعليم لصالح رؤية اليمين المحافظ في أميركا، يبدو أن المسألة تتعدى الخلاف في نظريات تفسير نشأة الكون، هذا الاختلاف قديم ولكن الجديد يكمن في السياق الأميركي الذي طُرح فيه حيث ترى فيه مدارس فكرية وسياسية أميركية أطروحة التصميم الذكي من زوايا متباينة.

الصراع بين التيار المحافظ والتيار الليبرالي

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: من أجل تحديد صلة قرابتنا بالشمبانزي يخوض الأميركيون حربا شرسة هذه الأيام ألهب نارها تصريح للرئيس جورج بوش دعا فيه لتدريس نظرية تدعى التصميم الذكي لا تتفق والمُسلمة الدروينية بأن القردة هم أجدادنا وأجداد الأميركان أيضا قبل آلاف السنين، كان يُفترض في الخلاف أن يبقي أسير جدل النظريات داخل أسوار المعاهد والجامعات العلمية، لكن القصة تجاوزت الرغبة في كشف أسرار نشأة الكون إلى معارك الفكر والسياسة في أميركا التي يحكمها اليمين المحافظ، المناهضون لتوجهات سادة البيت الأبيض وجدوا فيها دعما لأصولي اليمين المسيحي الراغبين في فرض تصوراتهم الدينية على التلاميذ والطلبة في مبحث يوصف بكونه علميا قبل كل شيء، الواضح أن نظرية التصميم الذكي نجحت في إيقاظ الجدل في مدى علمانية النظام السياسي الأميركي قبل أن تنجح في ولوج مناهج تدريس علم الأحياء مذكرة بمظاهر أخرى تدعم دعوى من يقول أن الدولة الأميركية علمانية الشكل دينية الجوهر ومن أهمها كثرة الرموز الدينية في الأماكن العامة والموقف الرسمي المناهض لحق الإجهاض وللموت الرحيم وللزواج المثلي والقََسم بالذات الإلهية في تأدية اليمين الدستوري، إضافة إلى الحضور الديني المتعاظم في المؤسسة التعليمية الأميركية وفي الخطاب السياسي الرسمي عامة، اتهامات قد تثبت إن صدقت أن نظرية التصميم الذكي لم تصمم بالذكاء الكافي الذي يدرأ عن الإدارة الأميركية شُبهة دعم الأصولية المسيحية وتثبيت أقدامها في عقول النشأ الأميركي وهي التي لم تتوقف عن دعوة وحمل دول العالم على محاربة أصولييها في ساحة التعليم وخارجها.

ليلى الشايب: ومعنا في هذه الحلقة من واشنطن الكاتب والباحث مجدي خليل ومن عمّان جورج حواتمة الباحث في الشؤون الأميركية، نبدأ من واشنطن والباحث مجدي خليل، أستاذ مجدي أولا ما الذي أثار الجدل حول هذه القضية قضية الخلق الآن.

مجدي خليل- كاتب وباحث: المسألة ببساطة شديدة إن المفروض في الدستور الأميركي والقانون الأميركي هو.. إذا افترضنا أن هناك عقد اجتماعي بين الدولة والمواطنين فالعقد الاجتماعي يفترض حماية الحريات الدينية والحرية الاقتصادية والحرية العامة، العقد الاجتماعي يمنع طغيان الدولة في فرض سَطوتها على الدين ويمنع تسلط رجال الدين من أن يتسلطوا على الدولة وبالتالي هناك كما قال غيفرسون حائط ما بين الدين والدولة، في هذا الإطار.. هذا الفصل الموجود في الدستور الأميركي وفي القوانين الأميركية بين الدين والدولة لا يمنع أن المجتمع مجتمع متدين وبالتالي هناك دولة علمانية ومجتمع متدين، في هذه.. كل فترة تحصل نوع من.. يحدث نوع من الجدل حول مسائل معينة كما حدث أخيرا حول نظرية النشوء والارتقاء.

ليلى الشايب: سألتك هذا السؤال أستاذ خليل، يعني لماذا يثار هذا الجدل الآن بالذات في أميركا؟ إذا أردنا أن نعطيه طابع تعليمي بحت لأنه هناك مسائل ربما أكثر إلحاحا كما يقول.. يعني المشرفون أو مَن هم على علاقة بالمجال التعليمي، يقولون مثلا إنه الأوٌلى الاهتمام بتردي مستوى الطلبة الأميركيين بدل الحديث واختلاق قضية جديدة معقدة بهذا الشكل؟

مجدي خليل: ما فيش اختلاق ولا حاجة، هو في عشرات القضايا المثارة يوميا في المجتمع الأميركي، المسألة إنه أنتم اخذتوا خبر وبتعلقوا عليه لكن في عشرات القضايا فيما يتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة، هناك قضايا مطروحة أمام المحاكم الأميركية الآن، أكثر من قضية وبالتالي مثلا لو لوس أنجلوس كونتي مثلا في قضية مرفوعة في أربعة من رؤساء الأحياء زي ما يقولوا في لوس أنجلوس كونتي، صوتوا ضد واحد إنه يتشال الصليب من الختم بتاع الكونتي وهناك حاليا توقيعات المفروض يتجمع مائة وسبعين ألف توقيع علشان يحدث استفتاء، فهناك قضايا مثارة يوميا في مجتمع أميركا ومنها إصلاح التعليم، إصلاح التعليم جزء أساسي من القضايا المثارة داخل المجتمع الأميركي ولكن.. فقضية النشوء أو الارتقاء أو نظرية أخرى أو حرية البحث العلمي، هذه قضايا مثارة بشكل يومي في المجتمع الأميركي وفي الأوساط العلمية وفي الأوساط الليبرالية والمحافظة وهناك دائما جدل ما بين الليبراليين والمحافظين، فهذه جزء أساسي من حيوية المجتمع الأميركي ولكن تبقى الفصل التام بين الدين والدولة يميز هذا المجتمع، شعب متدين وقانون مدني علماني يحمي الحريات الدينية والاقتصادية ويحمي الحريات العامة ولا يُرسخ أي دين، ليس هناك دين للدولة وليست هناك كنيسة رسمية للدولة وليس هناك دين عند التوظيف في الوظائف الفدرالية أو الوظائف العامة وليست هناك.. يعني كل المسائل تؤكد علمانية الدولة الأميركية، أما الشعب الأميركي فمتدين وهذا حقه جزء أساسي من الحريات الدينية، المسألة ما حدث في أميركا.. ليه المسألة غريبة عن العالم الإسلامي؟ لأن المجتمع الأميركي الحقيقة حقق المعادلة الصعبة، إن يبقى في دولة علمانية ومجتمع متدين، هذا الموضوع لأن المهاجرين الأميركيين طالبوا اللجوء إلى أميركا أصلا كانوا هربانين من الاضطهاد الديني وبالتالي لما وصلوا إلى الولايات المتحدة الأميركية حافظوا على الحريات الدينية وفي نفس الوقت هم يعلمون جيدا سطوة رجال الدين وسطوة الدولة عندما تتسلط على حريات الأفراد سواء الحريات العامة أو الحريات الدينية فبالتالي أقاموا هذا الجدار الفاصل بين الدولة وبين الحريات العامة والحريات الدينية، العالم الإسلامي لم تحدث فيه هذه المشكلة، لم تحدث فيه هذا الفصل لأن ما حصلش فيه إصلاح ديني، علمانية الدولة الأميركية هي نتائج للإصلاح الديني اللي حصل على يد مارتن لوثر وكلفن..

ليلى الشايب ]مقاطعةً[: طيب سيد مجدي خليل بما أنك في صدد الحديث عن علمانية النظام الأميركي، أنقل لك ما صرح به باري لين المدير التنفيذي في الاتحاد الأميركي لفصل الدين عن الدولة، علَّق على تصريحات بوش في هذا الموضوع بالقول إن تصريحاته غير مسؤولة، برأيك لماذا قال هذا الكلام؟

"
القرار الأميركي حصيلة لمجموعة كبيرة من قوى الضغط وتشمل المؤسسات الدستورية والتشريعية والتنفيذية والقضائية والجدل الحيوي في الإعلام وفي المدارس والجامعات
"
 مجدي خليل

مجدي خليل: هذا جزء أساسي ما فيش شخص فوق النقد هنا في المجتمع الأميركي وبالتالي حراس الفصل بين الدين والدولة لهم الحق في أي وقت أن يتدخلوا وينتقدوا أي شيء أو أي قرار أو أي خطوة تؤدي إلى هذا الخلط بين الدين والدولة مرة أخرى، فالمجتمع الأميركي بقواه حارس هو حارس أساسي لفكرة العلمانية، حارس أساسي للقانون، حارس أساسي للدستور الأميركي وبالتالي من حقه أن ينتقد الرئيس الأميركي ومن حق أيضا مؤيدي الرئيس الأميركي أن ينتقدوه أيضا فهذا هو الجدل الصحي وهذا هو طبيعة المجتمعات الديمقراطية في الوصول إلى القرارات النهائية، هناك سلطة تشريعية قوية، هناك سلطة قضائية بتقرر، هناك سلطة تنفيذية تقترح أحيانا، فبالتالي في النهاية القرار الأميركي هو حصيلة لمجموعة كبيرة من قوى الضغط وجماعات الضغط والمؤسسات الدستورية والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والجدل الحيوي في الإعلام وفي الصحافة وفي المدارس وفي الجامعات..

ليلى الشايب ]مقاطعةً[: طيب سيد مجدي خليل دعني أتحول إلى عمّان وأطرح الموضوع أيضا على جورج حواتمة الباحث في الشؤون الأميركية، سيد حواتمة هل أنت أيضا تضع هذا الجدل في سياق الحراك الفكري والسياسي كما يقول مجدي خليل أم أن للموضوع أبعاد أعمق وأبعد من الظاهر برأيك؟

جورج حواتمة- باحث في الشؤون الأميركية: حقيقة مش قادر أتابع طروحات الأستاذ خليل جيدا لأنه في مشاكل في الصوت ولم استمع بالكامل لما قال إلى إنه..

ليلى الشايب: طيب..

جورج حواتمة: تفضلي.

ليلى الشايب: تفضل.

جورج حواتمة: إلى أنه من الواضح صورة ماذا يحدث بأميركا، لا يغيب عن ذهن الجميع أن هناك مد ديني في الولايات المتحدة كما هو موجود حقيقة في العالم العربي ومناطق أخرى بالعالم، العلمانية في المدى البعيد باعتقادي لن تتأثر، إنما التأثير الديني واضح وما يهمنا.. في الحقيقة أكثر ما يهمنا في الموضوع هو امتداد لما يحدث في المنطقة، سياسات بوش في العراق، في فلسطين، في المنطقة العربية عامة، نحتاج إلى بعض الوقت لفهم ما يجري.. ما يحدث في الولايات المتحدة شيء طبيعي الرئيس متدين يرى بأن شرعيته مستمدة من الذين انتخبوه أكثر من 58 مليون ناخب أميركي ولربما من الذات الإلهية أيضا، ما يحاول أن يفعله هو أن يؤثر على السياسات الأميركية، لن يغير شيئا بفصل الدين عن الدولة بالولايات المتحدة ولا في العلمانية، إنما أنه يدرك جيدا بأنه هو والمتشددون في إدارته يحاولوا قدر الإمكان التأثير على السياسات الداخلية وبالتالي أيضا السياسة الخارجية، لا ندري مدى نجاحها الآن يبدو أن هناك صعوبات جمة تواجهه في العراق، كما تواجهه أيضا مشاكل داخلية وضغوطات ومقاومة لسياساته في نشر الدين والمبادئ الدينية، من المبكر جدا أن نعرف مع أنه صار له أيضا تقريبا سنة في حكمه الثاني.

ليلى الشايب: هل تعتقد أن ربما شخصية الرئيس الحالي الولايات المتحدة وطبيعة الإدارة التي تحيط به هي التي تفرض نوعية معينة من القضايا وتثير حولها جدل في أوقات معينة قد تكون مختارة هذه الأوقات كما ذكرت ما يحصل في العراق ومحاولات فرض وجهات نظر أو آراء فكرية أو عقائدية معينة؟

جورج حواتمة: طبيعته شيء مهم ولكن قاعدته الانتخابية هي أهم والناس اللي حوله كلهم يؤثرون في سياساته، هناك تلاقي بالتالي والمحافظون الجدد أو المتجددون أو التجديديون إذا احببتي يفلسفون له ما يعتقد به شخصيا، له تاريخ طويل وليس كله متدين، تلاقي المصالح الانتخابية والسياسية هو ما نراه اليوم.. الآن هو ليس بأول رئيس محافظ وإدارته ليست محافظة ويقال عنه أنه ليس امتدادا لحكم وإدارة أبيه الرئيس جورج بوش الأول وإنما الإدارة الثالثة لرونالد ريغان، حاول رونالد ريغان أن يحافظ على ما.. أو أن يقدم التيار الديني والتيار المتشدد في السياسة الخارجية، نجح إلى حد ما وسقوط الاتحاد السوفيتي دليل على ذلك ما أراد أن يفعله هذا الرئيس لربما من المبكر، هناك صعوبات وهناك مقاومة له في الداخل وفي الخارج وباعتقادي أنه مبكر الحكم عليه.

ليلى الشايب: سنواصل النقاش في قضية الليلة ولكن هل يفرض الدين في الولايات المتحدة حدودا تقيد نطاق العلمانية في نظام الدولة وقوانينها؟ سؤال نجيب عليه بعد وقفة قصيرة فأبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

العلمانية والحدود التي يفرضها الدين عليها

ليلى الشايب: أهلا بكم من جديد، حلقة اليوم نناقش فيها الجدل الذي أثاره إعلان الرئيس بوش تأييده تدريس نظرية جديدة منافسة لنظرية داروين عن نشأة الخلق والحياة، أستاذ مجدي خليل في واشنطن وتعقيبا على ما ذكره السيد جورج حواتمة في عمّان، هذا الجدل هل نعزله في إطار تربوي أو أكاديمي أو علمي بحت، أم هو نموذج لقضايا أخرى تختلف فيه الرؤى بهذه الحدة قضايا الدين مثلا؟

مجدي خليل: الحقيقة أنا بأختلف مع حاجة قلتيها إن يعني.. كما تقولي أن المجتمع الأميركي أو الرئيس الأميركي بيحاول يلهي شعبه بهذه القضية في وقت متعسر في العراق، المسألة في أميركا ما بتدارش بهذا الموضوع المسألة في أميركا أن هناك لابد يكون هناك نوع من الجدل ما بين العلمانية وما بين المتدينين، لأن في الفترة الأخيرة حصل أن الليبرالية نفسها بدرجة ما تطرفت، على سبيل المثال قضايا الزواج المثلي اللي هم Home sexy married)) الرئيس الأميركي قال لهم سموه (Union) يعني سموه نوع من الاتحاد، عيشوا مع بعض لكن هما مصممين على أن يكون زواج رسمي ويأخذوا حق في الضرائب وميزات اثنين يتجوزا بعض رسمي.. يعني هو لم يعترض لكن هو التطرف جيه من فكرة أنهم عازوا يحولوا العلاقة المثلية إلى زواج معترف به من الدولة وأعتقد ده نوع من التطرف الغير مقبول، الحاجة الثانية مثلا الإجهاض الغير محدود، الإجهاض الغير محدود يعني المنظمات النسائية هنا وصلت لمراحل في المفاهيم في فكرة أن المرأة تملك جسدها فكرة متطرفة جدا، هو الجسد المرأة مش ملكها وحدها حتى بالنسبة للزواج والأبناء هو عبارة عن علاقة مشتركة تتم بالتفاهم بين الرجل والمرأة لأن نوع من الاتحاد بين الرجل والمرأة سواء حتى في الفكر الديني أو في الفكر العلماني أن هو نوع من الشراكة الإنسانية بين الرجل والمرأة، فأما الإجهاض الغير محدود وبقرار انفرادي من المرأة أعتقد أن ده مش عدل بالنسبة لطرفي العلاقة الزوجية، هناك أيضا اللي عاوزين يشيلوا لوحة تاريخية مثلا من محاكم تكساس، محاكم تكساس المحكمة الفدرالية العليا في الولايات المتحدة الأميركية لأنها لوحة تاريخية جميلة موجودة خارج المحكمة للوصايا العشر ولكن نفس المحكمة الفدرالية اللي حكمت ببقاء هذه اللوحة الجميلة التاريخية لأنها تعبر عن تاريخ ليس أكثر، أمرت أيضا بأن إزالة لوحتين جداد داخل محاكم كنتاكي لأنهم ليس لهم أي أثر جمالي ولأنهم موجودين داخل المحكمة وبالتالي يمكن يشيروا إلى دين معين، فبالتالي العلمانية محروسة من المجتمع ومن المحاكم العليا في الولايات المتحدة الأميركية، أما الجدل فهو جزء طبيعي نتيجة التطرف..

ليلى الشايب ]مقاطعةً[: طيب لنتوقف في هذه النقطة بالذات أنت تقول إن العلمانية محروسة من المجتمع، سيد جورج حواتمة يعني الجانب الأكبر من العلماء في المؤسسة البحثية الأميركية في تعقيباتهم على حث بوش في.. على تدريس هذه النظرية الجديدة، يقولون باختصار إنها مجرد مسعى يتم التسويق له ببراعة لإدخال التفكير الديني خاصة المسيحي في تفكير التلاميذ، هذا الكلام هل يجعلنا أو يعطينا الحق في القول أن النظام أو الدولة الأميركية في ظاهرها دولة علمانية ولكن في جوهرها دولة دينية؟

"
تأثير أي رئيس أميركي داخل أميركا محدود فلا يستطيع تغير التشريعات والقوانين إلا بالذهاب إلى المؤسسات التشريعية المدنية الموجودة في أميركا خاصة في التعليم
"
جورج حواتمة

جورج حواتمة: أولا فاتني سماع الجزء الأكبر من التي.. من ما تفضل السيد خليل به ولكني سمعته يقول بأنه لا يوافقني بأن هذه ملهاة للشعب الأميركي في العراق، أنا لم أعني ذلك يا سيد خليل.. أنا أقول هناك سياق متصل بين ما يفعله الرئيس بوش وإدارته في أميركا وفي بقية العالم، هم جماعة محافظون، متشددون، يعتقدون بأن شرعيتهم تستمد من الذات الإلهية وبالتأكيد من قاعدتهم الانتخابية المتدينة عموما، هل يؤثر ذلك في علمانية أميركا؟ أنا لا أعتقد ذلك.. تأثير أي رئيس أميركي في داخل أميركا محدود، يريد أن يغير من التشريعات ومن القوانين لا يستطيع بضربة سيف أو عصا أن يغير أي شيء يجب أن يذهب إلى المؤسسات التشريعية المدنية الموجودة في الولايات المتحدة من أجل أن يغير شيء خصوصا في التعليم والذي يحكمه عناصر كثيرة من أهلية، من عائلات الطلاب، من الرأي العام، من الإعلام، إذاً العملية أعقد من أن يقال أن هذا الرئيس يستطيع أن يضعف العِلمانية ويقوي من التدين، هل المجتمع الأميركي متدين بطبيعته؟ لا أعلم وإنما الانتخابات الأخيرة التي حصلت العام الماضي تقول لنا بأن المجتمع الأميركي منقسم بالنصف..

ليلى الشايب ]مقاطعةً[: يعني هل أنت تطرح تساؤل، السيد حواتمة هل تطرح تساؤل إن كان المجتمع الأميركي مجتمع متدين؟

جورج حواتمة: أنا أقول لكِ بأنه ما حدث في الانتخابات يثبت بأنه المجتمع الأميركي مقسوم بالنصف حوالي 58 مليون أميركي صوت للرئيس بوش ومعظمهم من المتدينين والمحافظين، الآخرون كان لهم رأي آخر، هل هناك عودة إلى التراث إلى الماضي إلى التدين؟ نعم هناك وليس فقط بالولايات المتحدة وإنما في بقية أنحاء العالم في العالم الإسلامي والعالم العربي كما في دول أخرى كثيرة، أنا أعتقد بأنها مرحلة تعتمد على تحالف قوى موجودة في الولايات المتحدة، تعتمد على ظروف اقتصادية واجتماعية ومادية وهي أمور سيكون لها أثرها في الانتخابات القادمة وإنما..

ليلى الشايب] مقاطعةً[: هل يمكن أن تسمي لنا هذه الجماعة أو هذه المجموعة؟ طيب أحيل هذا السؤال إلى مجدي خليل في واشنطن، أستاذ مجدي هل يمكن أن نقول إننا نشتم رائحة الأصولية المسيحية من وراء إثارة مثل هذه القضايا في المجتمع الأميركي؟

مجدي خليل: أنا قلت لحضرتك أن المجتمع الأميركي مجتمع متدين، أكثر من 85% من الأميركيين بيقولوا إن إحنا (Believers) يعني نؤمن بالله.. الكنائس الأميركية مزدحمة يوم الأحد يعني تشوفي الكنائس الأميركية غير الأوروبية، الأوروبية أقل من 10% بيرتادوا دور العبادة في أميركا يقترب من 50% وبالتالي المجتمع الأميركي مجتمع متدين ولكن يفهم الفرق بين حرية التدين وهي حرية ليس فقط موجودة في المجتمع الأميركي ولكن أيضا تدافع الولايات المتحدة الأميركية عنها في كافة أنحاء العالم حرية الاعتقاد وبين أن يفرض رجال الدين نمط معين على الدولة هذا غير موجود المسألة كلها أن الليبرالية في الولايات المتحدة الأميركية تطرفت وبدأت تتطرق إلى أمور هامشية، هامشية بس أكمل..

ليلى الشايب ]مقاطعةً[: لكن سيد خليل يعني عذرا للمقاطعة، لكن الأميركيون أنفسهم يقرون ويعني يشيرون بأصبع الاتهام وراء مثل هذه القضايا إلى من يسمونهم بالأصوليين المتدينين أو المسيحيين إلى غير ذلك، لا نختلف في أن المجتمع الأميركي مجتمع متدين ولكن ما نختلف عليه هو أن يقول جورج بوش أو إدارته إنه يحارب الأصولية والتطرف في العالم ثم من جهة أخرى يرضخ لمطالب وآراء يعني لا تلقى قبول داخل المجتمع الأميركي نفسه.

مجدي خليل: مين اللي قال كده؟ إن المسألة كلها أن الليبرالية الأميركية أنجزت أهم الحقوق الأساسية للمواطن.. أُنجزت وبالتالي هناك الآن القضايا المطروحة بالنسبة لليبراليين الأميركيين هي قضايا هامشية مِثل زواج المثليين، مثل الموت الرحيم، مثل الإجهاض غير المحدود أو إزالة كل ما يتعلق بالدين، في فرق بين حياد الدين وبين كراهية الدين، الليبرالية الأميركية في بعض عناصرها بتتجه إلى إعداء الدين وكراهيته كما حدث في أوروبا، المسألة في أميركا هي مسألة حياد الدين وليس كراهيته وبالتالي هناك.. في جانب أصولية مسيحية موجودة في أميركا وبالطبع لها أجندة وبالطبع بتضغط، مثل ما في جانب متطرف أيضا في الليبرالية لأميركا له أجندة متطرفة الليبرالية المتطرفة بتضغط..

ليلى الشايب ]مقاطعةً[: نعم السيد مجدي خليل، نعم عذرا للمقاطعة أدركنا الوقت مجدي خليل من واشنطن شكرا لك، أشكر أيضا جورج حواتمة من عمّان والذي التحق إلينا متأخرا نوعا ما في هذه الحلقة لأسباب تقنية، مشاهدينا انتهت حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة، ننتظر تعليقاتكم ومقترحاتكم على عنوان برنامجنا الإلكتروني indepth@aljazeera.net غدا إن شاء الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد، إلى اللقاء.