الواقع العربي

هل استنزفت تونس تجربتها الديمقراطية؟

تناول برنامج “الواقع العربي” التقاليد التي أرستها التجربة التونسية في إدارة الخلافات بين نخبها، خاصة السياسية منها.
قال رئيس مركز دراسات الإسلام والديمقراطية في تونس رضوان المصمودي إن ما ميز الثورة التونسية عن بقية الدول العربية أنها كانت منذ البداية ثورة شعبية شارك فيها الجميع ولم تهيمن عليها جهة معينة أو حزب ما. 

وأضاف في حلقة (1/8/2016) من برنامج "الواقع العربي" التي ناقشت التقاليد التي أرستها التجربة التونسية في إدارة الخلافات بين نخبها أنه كانت هناك منذ بداية الثورة رغبة في أن يكون هناك حكم تشاركي وألا يهيمن أحد على التجربة الديمقراطية، خاصة أنه تم عمل القانون الانتخابي النسبي الذي لا يسمح لأي حزب بالهيمنة في الانتخابات، بل يعطي الفرص للأحزاب الصغيرة ليكون لها صوت في البرلمان.

وقال إن كل الأحزاب كان همها إنجاح التجربة الديمقراطية، وإن المهم هو إيجاد الصيغ التي تسمح بالتوافقات ومشاركة الجميع في بناء النظام الديمقراطي.

واعتبر المصمودي أن الثورة التونسية لم تفشل رغم أنها لم تحقق بعد أهدافها في التنمية وتشغيل العاطلين ومحاربة الفساد، مشيرا إلى أن أي ثورة ثانية ستأتي بنفس الأحزاب الحالية، وليس هناك حزب قادر على أن يحكم تونس بمفرده.

وأشار إلى أن السبب الرئيسي لتغيير حكومة الحبيب الصيد هو فشلها في معالجة المشاكل الكبرى للبلد، وأنها كانت رخوة في مواجهة الفساد رغم إنجازاتها الكبيرة في مكافحة الإرهاب، واعتبر أن بناء النظام الديمقراطي والقضاء على الفساد سيستغرقان ما بين عشر و15 سنة.

وأعرب المصمودي عن اعتقاده بأن الاستقرار سيتواصل في تونس في ظل حزبي نداء تونس وحزب حركة النهضة لكن ذلك سيتطلب وقتا. 

استنزاف التجربة
من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية نور الدين العلوي إن الوقائع على الأرض توضح أن التونسيين قد استنزفوا التجربة الديمقراطية وأوصلوها إلى حدودها الدنيا، وأصبح مشكوكا فيه أن تواصل إنتاج نظام سياسي قادر على العيش في ظل ما سماها التنازعات الخفية التي حركت الحرب ضد حكومة الحبيب الصيد وأسقطتها.

وأوضح العلوي أن الاستنزاف حصل من زاوية المطالب الشعبية التي دفعت إلى الثورة وأدت لإسقاط رأس النظام القديم والدخول في عملية تغيير سياسي حيث لم تتحقق أهداف الثورة، مشيرا إلى أن اللعبة الديمقراطية محصورة الآن بين ممثلين لأحزاب لا وجود لها على الأرض.

وأضاف أن بين الرباعي الحاكم حزبين ولا وجود لهما في الشارع، هما حزبا سفارات ومافيا وأحزاب مال تشكلا فجأة بعد الثورة واشتريا الأصوات خلال الانتخابات، حسب قوله.

وأكد أنه "ما لم تكن هناك ردة فعل وطنية وشجاعة تقدم رجالا أكفاء لمرحلة ما بعد حكومة الصيد لقيادة المرحلة القادمة فإننا سنعيد إنتاج حكومة تشبه الرخويات البحرية لا تستطيع الصمود ولا يصلنا منها إلا ذلك اللعاب الحارق".

وأضاف العلوي أن التوافق لا يتم لمصلحة وطنية وإنما يصب في مصلحة ممثلين للنخب السياسية يجعل اللعبة كلها تدور داخل الكواليس ولا تصل نتائجها إلى الأرض.

ورأى أن الثورة أنتجت الحرية وهي المكسب الأغلى للتونسيين "لكن المشكلة هي أن النخبة السياسية كلما أعطيت الفرصة لقيادة البلد اختصمت على مغانمها الشخصية، ونحن نواجه الآن تحت مظلة التوافق السياسي عصابات مافيا مسيطرة تجعل البلد يتفتت بالتدريج".

وأضاف أن القوانين السائدة "سمحت لعصابات من اللصوص والفاسدين بالتمكن من الدخول تحت مظلة التوافق السياسي وتمويل انتخابات وإيصال أحزاب فاسدة عن طريق المال السياسي الفاسد إلى السلطة، وهؤلاء يدفعوننا إلى زاوية ضيقة فإما أن نحتج عليهم بالقوة عن طريق الشارع أو نتركهم ليخربوا البلد".

واعتبر العلوي أن مكسب الحرية الذي خرج به التونسيون من الثورة مهدد الآن من قبل دوائر الفساد، متوقعا أن تحدث محاولات اغتيال لك شخصية سياسية تمس تلك الدوائر.