الواقع العربي

حزب جبهة التحرير الجزائري.. الدهاليز والعلن

سلط برنامج “الواقع العربي” الضوء على حزب جبهة التحرير الجزائري الذي يشهد صراعا بين مراكز النفوذ، وتأثير ذلك على مستقبل البلاد. كما بحث ظاهرة رجال الأعمال وأثرها على الحزب.

ليس جديدا صراع الأجنحة في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري، لكنه هذه المرة يأخذ منحى جديدا في التحضير لمرحلة ما بعد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.

مناصرو الحزب يرون أنه يستكمل دوره الريادي، فهو ابن جبهة التحرير التي تأسست منذ حرب استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1954، وأصبحت نموذجا لحركات التحرر في العالم.

أما منتقدوه فيرون أنه انحرف عن مساره وفرط في رصيده التاريخي وأصبح عائقا أمام الديمقراطية.

تصاعد وتيرة الصراع بين أجنحة الحزب بدت أكثر وضوحا في المؤتمر العاشر الذي انعقد في مايو/أيار الماضي، وتجدد فيه الاستقطاب بين مناصري الأمين العام للحزب عمار سعداني وبين مناصري رئيس جهاز المخابرات الذين طالبوا برحيل سعداني.

يذكر أن الخلاف بين الرجلين (أو مركزي النفوذ) يمتد منذ عام مضى، وكال فيه سعداني اتهامات للمخابرات بالفشل في ملفات عديدة.

غير أن الأمر أشمل من ذلك، وهو ما حاولت حلقة 10/7/2015 من "الواقع العربي" كشفه من خلال تسليط الضوء على حزب جبهة التحرير الذي يمسك بمفاصل المشهد السياسي عبر حيازته أغلب مقاعد البرلمان، اعتمادا على ما يسميها "الشرعية الثورية".

حزب الدولة
الباحث الجزائري زهير الحامدي قال إن جبهة التحرير ليست هي حزب جبهة التحرير، فالجبهة التي قادت حرب الاستقلال ضمت طيفا سياسيا موحدا تحت هدف واحد هو الخلاص من الاستعمار. أما حزب الجبهة فهو كيان مهيكل وظيفته أن يضفي الشرعية وأن يلعب دور الأداة للدولة.

فقد كان الحزب -حسبما يضيف- زمن الرئيس هواري بومدين ضعيفا لأن السلطة كلها تمركزت بيد بومدين. أما في عهد الشاذلي بن جديد فأصبح الحزب أداة.

ومضى الحامدي يقول إنه لا توجد في المنظومة السياسية الجزائرية شفافية، وإن الصراعات المتوافرة هي بين ثلاثة أركان: الرئاسة والمخابرات والقيادة العامة للجيش.

هذا على مستوى الجبهة التي تحكم البلاد، لكن الحامدي يشير إلى أن معظم الأحزاب هي نسخ من جبهة التحرير ولا يوجد فرق جوهري بينها.

وحذر المتحدث من بروز ظاهرة رجال الأعمال الذين يصوغون الأجندة السياسية، معتبرا هذا مؤشرا سلبيا يذكر بطبقة رجال الأعمال في مصر الذين قادوا الحزب الوطني ودفعوا إلى ثورة 25 يناير.

انشقاق عن المجتمع
من جانبه قال الكاتب والإعلامي الجزائري نصر الدين بن حديد إن العشرية السوداء (الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1992) أفرغت الأحزاب من دورها الفاعل.

ومن وجهة نظره فإن الجزائر ديمقراطية شكليا، بينما في واقع الحال تعيش الأحزاب حالة انشقاق عن المجتمع، فأكثر من 70% من الجزائريين شباب وهؤلاء لا يجدون أنفسهم في التشكيلات السياسية الراهنة.

وانتقد بن حديد تحول حزب جبهة التحرير بعد العشرية السوداء إلى مزاج الأحزاب الإسلامية، فهو يمنع الاختلاط بين الرجال والنساء وهذا أشد "إسلامية" من حركة النهضة في تونس التي لا تمنع الاختلاط، بل إن حزب الجبهة لا يضع صور المرأة على ملصقاته.

وحول صعود طبقة رجال الأعمال كنفوذ في الحزب، قال إن القرار أصبح خارج الحزب الذي أصبح -والكلام لبن حديد- صدى لما يأمر به رجال الأعمال الذين يريدون موطئ قدم لهم في المشهد السياسي.