الواقع العربي

الاتحاد المغاربي بين حلم الشعوب وخصومات السياسيين

كان ناتج الاتحاد المغاربي الذي تأسس عام 1989 أقل من محدود. وتعثر حلم الشعوب التي يناهز تعدادها المائة مليون في الوحدة أمام صخرة الحسابات السياسية.

سلطت حلقة "الواقع العربي" ليوم 28/2/2015 الضوء على أسباب إخفاق الاتحاد المغاربي في تحقيق الوحدة بين دوله الخمس (المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا) بعد ست وعشرين سنة من تأسيسه.

وكان ما تمخض عنه الاتحاد الذي تأسس في مدينة مراكش المغربية عام 1989 أقل من محدود. وتعثر حلم الشعوب التي يناهز تعدادها المائة مليون في الوحدة أمام صخرة الحسابات السياسية، فكان الناتج لا يتعدى البيانات التي تصدرها أمانة الاتحاد تعليقا على التطورات الإقليمية والدولية.

رغم ذلك فإن كاتب الدولة السابق للشؤون المغاربية والعربية والأفريقية عبد الله التريكي يرى أن كل المقومات موجودة حتى تقترب دول الاتحاد من بعضها، وأنه ليس هناك سوى بعض الجزئيات التي تفرقها.

ومضى التريكي بالقول إن بلاده تونس ما بعد الثورة بذلت جهدا كبيرا لتقريب هذه الدول، وكان تشخيص الداء يشير إلى الخلاف الجزائري المغربي "وهو شبه عويص" يتطلب الصبر لحله، مؤكدا أن مقاربة تونس تقول إنه "لا عيش ولا وجود ولا نمو مستداما إلا في نطاق الاتحاد المغاربي".

يذكر أن الخلاف الجزائري المغربي هو الأبرز بين الخلافات المغاربية بسبب ملف الصحراء الغربية التي يعتبرها المغرب جزءا من ترابه الوطني، في حين تدعم الجزائر جبهة البوليساريو في حق تقرير المصير.

وعن الإمكانات التي يتوفر عليها الاتحاد مجتمعا، قال التريكي إن لدى الاتحاد طاقة بشرية كبيرة ويمتلك مساحة ثلثي الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط،، وهو الأول عالميا في إنتاج الفوسفات ومن أوائل منتجي الحديد والغاز والبترول، وتستطيع دوله إطعام أوروبا كاملة، ولديه الأنهار واليورانيوم وحدود شاسعة مع أفريقيا.

مقاربتان
وخلص التريكي إلى مقاربتين في شأن الاتحاد، أولاهما ترى أنه لا بد من البدء بالتعاون الثنائي وصولا إلى الوحدة الاقتصادية الكبرى، وهناك مقاربة "تونسية براغماتية" تقول بإمكانية تنمية التعاون الثنائي وفي آن معا مراجعة مؤسسات الاتحاد لإقامته، فكل يوم يمر دون قيام الاتحاد خسارة للشعوب.

من جانبه قال رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات محمد معزوز إن تأسيس الاتحاد لم تصاحبه رؤية علمية تجنب المستقبل الأخطاء، مشيرا إلى أن التأسيس كان بنوايا مختلفة ومتضاربة، ضاربا مثلا على ذلك المادة السادسة من المعاهدة التي تقول إن القرارات تؤخذ بالإجماع وليس الأغلبية، مما يعني توجس الدول المغاربية من بعضها.

وبين أن تأسيس الاتحاد كان محكوما بنظم سياسية تبرر وجودها عبر دساتير غير ديمقراطية وغياب حقوق الإنسان.

وعن إمكانية تضييق الفجوات السياسية وخصوصا في ملف العلاقات بين الجزائر والمغرب، قال معزوز إن بلاده المغرب قدمت مبادرة لحل النزاع في الصحراء وهو الحكم الذاتي الذي "أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب" وقد رفضته الجزائر، وإن بلاده طالبت بفتح الحدود المغلقة مع الجزائر لكن الأخيرة "ظلت متعنتة" وتمسكت بإغلاقها.

وختم معزوز بأن الوحدة المغاربية "مطلب سياسي مستعجل للمساهمة في بناء مغرب عربي حداثي ديمقراطي"، وأنه من "دون هذا التكتل لا يمكن تحقيق البعد التاريخي لهذه الأمة".