الواقع العربي

تصريحات زيدان عن الأقصى.. تاريخ أم تطبيع؟

ناقش برنامج “الواقع العربي” حديث الروائي المصري يوسف زيدان عن أن المسجد الأقصى موجود بالطائف وليس في القدس، وتطرقت للموقع الجغرافي للمسجد الأقصى بين حقائق التاريخ وأغراض السياسة.
الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. هذا ما يعتقده قرابة مليار وخمسمئة مليون مسلم عبر العالم, غير أن الكاتب الروائي المصري يوسف زيدان يرى عكس ذلك ويجتهد في ترسيخه في الأذهان.

ومن أبرز ما قاله زيدان إن المسجد الأقصى الحقيقي المذكور في القرآن موجود في الطائف لا في القدس. وأشار إلى أن المسجد الأقصى الحالي لم يكن موجودا، ومن أقامه هو الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. وأكد أن "المعركة بيننا وبين اليهود في الجزء الديني هي معركة سياسية فقط ومفتعلة".

حلقة (18/12/2015) من برنامج "الواقع العربي" ناقشت هل كلام زيدان صادر عن قراءة تاريخية متأنية؟ أم إنه مندفع في تيار التطبيع مع إسرائيل؟ وكيف يمكن توظيف المثقفين والإعلاميين خدمة لأغراض سياسية؟

قال المفكر الإسلامي وعضو هئية كبار العلماء في الأزهر الشريف محمد عمارة إن ما قاله زيدان ليس جديدا بالنسبة للإسرائيليين والصهاينة، ولكنه جديد وغريب ومريب بالنسبة للمسلمين. ففي أبريل/نيسان 1999 نشرت مجلة الأهرام العربي وثيقة منظمة الدفاع الإسرائيلية، التي كتب فيها رئيس المنظمة أن المسجد الأقصى ليس في القدس، ومن ثم فليس للمسلمين حقوق فيها، مدعيا أنه عندما نزلت الآية القرآنية "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" لم يكن هناك مسجد في القدس، وهو نفس ما قاله زيدان.

والرد على هذا أنه صحيح لم يكن وقت نزول الآية مسجد بمعنى بناء وجدران وأبواب في القدس، وإنما كلمة مسجد في الآية تعني الحرم، والمسجد الحرام أيضا لم يكن موجودا وقتذاك، والآن هناك مسجد وجدران وأبواب، وعندما أُسري بالرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام لم يكن نائما في الكعبة وإنما كان في مكة، ولأن مكة حرم فكلها مسجد، وكذلك الحال بالنسبة للقدس.

وأضاف عمارة أن قول زيدان بأن المسجد الأقصى موجود بمنطقة الجعرانة في الطائف قاله أيضا أستاذ صهيوني بجامعة دار إيلان يدعى موردخاي كيدار عام 2009 أمام الكنيست الإسرائيلي. إذن فيوسف زيدان يأخذ عن الصهاينة ولا يأخذ عن المسلمين.

وأشار إلى أن مسجد منطقة الجعرانة لم يُبن إلا بعد فتح مكة وأحرم منه الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك بعد نزول آية الإسراء بأكثر من عشر سنوات.

من جهته قال رئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث ومدير المسجد الأقصى السابق ناجح بكيرات إن اليهود سرقوا فلسطين وأرضها ويبدو أنهم يريدون سرقة تاريخها أيضا. واستشهد "بالحديث المروي في البخاري عندما سأل الصحابي أبو ذر الغفاري النبي صلى الله عليه وسلم: أي المساجد أولا، قال: المسجد الحرام، قال: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قال: فكم بينهما؟ قال: أربعون عاما".

وأضاف بكيرات أن "خرافات زيدان ليست الأولى، وإلا فكيف يرد على وصف النبي لمسار الإسراء ووصفه لبيت المقدس؟".

الانقلاب والصهاينة
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة سيف الدين عبد الفتاح فقال إن تصريحات زيدان سياسية لا تستند إلى أي حقائق تاريخية أو جغرافية، قائلا إنه واحد من "الجوقة" التي تمثل الانقلاب في مصر، "فهناك أذرع ثقافية وأكاديمية للانقلاب مثلما أن هناك أذرعا إعلامية".

وأضاف أن ما يقوم به زيدان يمكن تسميته بـ"تشويه الهوية والذاكرة الحضارية"، فهو يحاول التشكيك في هذه الحقائق لمصلحة "علاقة الانقلاب بالكيان الصهيوني، في إطار ما يمكن تسميتهم بالصهاينة العرب".

وعن علاقة ما قاله زيدان من اتفاقه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لترويج هذه الأفكار، تساءل عبد الفتاح "متى تحدث هذا السيسي عن أي انتهاك حدث للمسجد الأقصى مؤخرا؟".

في حين أشار عمارة إلى أن كلام زيدان لا يمس فقط مليار وخمسمئة مليون مسلم حاليا، وإنما يمس الأمة الإسلامية منذ فجر الإسلام وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. وتابع في إشارة لزيدان، "هؤلاء لم يصنعهم العلم وإنما صنعهم الإعلام والكذب".

ووصف بكيرات زيدان بـ"مسيلمة الكذاب"، مؤكدا أن حقائق التاريخ لا يمكن لزيدان أن يلغيها، وطالب الشعب المصري بأن يضعه وأمثاله في مزبلة التاريخ.

وأشار عبد الفتاح إلى أن هذه "إستراتيجية انقلابية" في تفريغ سيناء وتشويه المقاومة، فضلا عن ضم الأقصى والقدس لهذه الإستراتيجية.