الواقع العربي

معابر غزة.. حصار خانق ومعاناة متجددة

ناقشت الحلقة وضع المعابر في قطاع غزة، وتأثيراته على مستقبل الأوضاع في القطاع، خاصة مع إغلاق مصر لمعبر رفح الحدودي مؤخرا بشكل كامل.

ظلت المعابر واحدة من أهم قضايا التفاوض في سياق محاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار إبان العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، بعد أن اتفق بشأن هذه القضية على ما يضمن فتح المعابر بطريقة توفر لأهل غزة احتياجاتهم وتضمن تحركهم من قطاعهم وإليه.

هذا ما اتفق عليه على الورق، لكن الواقع على الأرض في الشهرين الماضيين جاء مغايرا إلى حد كبير، سواء للمعابر التي تربط القطاع بإسرائيل، أو لمعبر رفح الذي يربطه بمصر.

حلقة الثلاثاء (4/11/2014) من برنامج (الواقع العربي) ناقشت وضع المعابر في غزة، وتأثيرات إغلاقها على مستقبل الأوضاع في القطاع، خاصة مع إغلاق مصر لمعبر رفح الحدودي على خلفية الأوضاع الأمنية بسيناء.

معاناة متجددة
قبل أن يكتمل شهران على احتفالات الفلسطينيين بانتصار المقاومة في غزة أمام العدوان الإسرائيلي الأخير، تتجدد معاناة القطاع الذي قدم أكثر من 1200 شهيد لتتجسد في أبشع صورها.

يعود الحصار ليطبق بالكامل على أنفاس قرابة مليوني إنسان، في ظل تذبذب مواقف إسرائيل تجاه المعابر، وآخرها إعلانها الأحد إغلاق معبري كرم أبو سالم وبيت حانون، ردا على ما قالت إنه سقوط قذيفة صاروخية من القطاع في النقب الغربي مساء الجمعة دون وقوع إصابات أو أضرار.

قبل ذلك بأسبوع وعقب تطورات سيناء أغلقت السلطات المصرية إلى إشعار آخر معبر رفح، وأرجأت مفاوضات تثبيت التهدئة مع إسرائيل، بل شرعت في إقامة منطقة عازلة، فضلا عن تضاؤل الأمل في حسم ملفي المطار والميناء.

عادت غزة تحت الحصار الكامل إذن، وتجددت صروف المعاناة المستمرة منذ سنوات، عقب الإجراءات الإسرائيلية والمصرية الأخيرة.

تحاصر المعابر المغلقة غزة بالكامل، رغم أن المقاومة الفلسطينية التي خاضت الحرب الأخيرة لم ترض بوقف إطلاق النار إلا بعد اتفاق تهدئة نص أولا على فتح فوري لكل المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل.

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اعتبرت الإغلاق مخالفا لاتفاق وقف إطلاق النار، حتى نقلت مصادر صحفية عن القيادي في الحركة محمود الزهار قوله "إننا غير ملتزمين بما تم الاتفاق عليه إذا لم ترفع إسرائيل الحصار عن غزة".

تهديدات لم يعد ممكنا تجاهلها بعد ما أظهرته عمليات المقاومة في الحرب الأخيرة من قدرات عالية، مما ينذر بانفجار الوضع في أي لحظة، خاصة أن البعض رأى في قرارات الإغلاق الإسرائيلية والمصرية ما يشبه اقتناص أدنى فرصة لإعادة الحصار لسابق عهده.

معاناة الأهالي
يقول المحلل الاقتصادي ماهر الطباع إنه منذ الحصار أغلقت اسرائيل كل المعابر التجارية، وأبقت معبر كرم أبو سالم الذي كان يعمل قبل العدوان الأخير لإدخال السلع الغذائية الضرورية فقط لقطاع غزة، وبعد انتهاء الحرب منعت إسرائيل دخول أكثر من مائة سلعة تشمل مواد البناء وغيرها من السلع الضرورية لإعادة الإعمار.

وبشأن اتفاق المصالحة الفلسطينية وما نص عليه بشان المعابر، قال الطباع إنه كان من الطبيعي أن تسلَّم إدارة المعابر بعد تشكيل حكومة التوافق الوطني لأمن الرئاسة الفلسطينية، لكن حتى اللحظة لا يوجد جديد في هذا الملف. واستطرد "المواطنون في غزة لا يشعرون بأن هناك مصالحة حقيقية تطبق على أرض الوقع".

أما معبر رفح مع مصر، فكان يعمل أثناء العدوان الأخير على غزة، ولكن لفئات محدودة كالمرضى وأصحاب الإقامات وحملة الجوازات الأجنبية وبالتالي بأعداد قليلة جدا.

وأضاف أن إغلاق المعبر الآن يسبب معاناة كبيرة لأهالي قطاع غزة، والكثيرون لا يستطيعون الخروج سواء طلاب أو مرضى أو رجال أعمال.

انسحاب تخريبي
سعت إسرائيل إلى عزل قطاع غزة حتى قبل انسحابها منه في 2005، إذ خربت منشآت مطار غزة الدولي بضربات جوية، وقبل ذلك دمّرت تجهيزات خصصت لإنشاء ميناء غزة التجاري في عهد الزعيم الراحل ياسر عرفات.

أما المعابر البرية المرسومة على الخرائط فأضحت وسيلة تضييق مستمر، واشتهر معبر رفح مع مصر لكثرة تعرضه للإغلاق.

يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت عبد الستار قاسم أن الشعب الفلسطيني تعرض لحملة من الأوهام بأن اتفاق المصالحة يعني حل مشاكل المعابر، والحقيقة أن إسرائيل ومن معها يستخدمون الحرب من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية.

وأضاف أنه طالما أن هناك سلاحا في غزة ومقاتلين مستعدين لقتال إسرائيل، فلا يمكن أن تُفتح المعابر إلا لأشياء بسيطة وهامشية، الحصار ما زال قائما وسيبقى قائما.

وأكد قاسم أنه لا يمكن أن يكون لغزة مطار وميناء إلا إذا كانت قادرة على حمايتهما عسكريا، وإلا قامت إسرائيل بتدميرهما.

وتابع "لن نصل لفتح المعابر إلا إذا وافقت حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية على شروط اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بتجريد المقاومة من السلاح تماما والتنسيق الأمني مع إسرائيل والاعتراف باتفاق أوسلو، وأعرب عن اعتقاده بأن المقاومة لن تترك سلاحها.