صورة عامة / مالك التركي + محمد أركون / مسارات
مسارات

محمد أركون.. دعوة إلى تجديد الفكر ج1

تستضيف الحلقة محمد أركون ليتحدث عن مسار فكره الذي وجهه نحو خدمة قضية أكاديمية جريئة تتمثل في تأسيس تاريخ منفتح وتطبيقي للفكر الإسلامي.

– القَصصي والأسطوري والخطاب الاجتماعي
– إشكالية الترجمة في الثقافة العربية

undefined

مالك التريكي: كلما ذُكرت مسألة تجديد الفكر العربي الإسلامي من منطلق نقد العقل الذي أنتج التراث الذي لا يزال يفعل فعله في تشكيل المحددات المعرفية للحضارة الإسلامية فإن اسم المفكر الجزائري محمد أركون غالبا ما يكون أحد اثنين أو ثلاثة من الأسماء التي يقترن ذكرها بهذه المسألة اقترانا حتى لَكأنه منها بمثابة العنوان ورغم أن أعمال أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة السوربون الدكتور محمد أركون تحظى باحترام بالغ لدى الأوساط الأكاديمية الغربية وخاصة منها الفرنسية والأميركية ولدى نخبة متخصصة من الباحثين والمثقفين العرب والمسلمين فإنه ينعَى على المؤسسات الجامعية والساحة الثقافية في العالم العربي والإسلامي عدم الاطلاع الكافي على القدر الأدنى من إنتاجه الغزير، ناهيك عن ارتياد ما يفتحه من آفاق فكرية، ذلك أن محمد أركون ملتزم منذ أواخر ستينيات القرن الماضي بتوجيه مساره الفكري نحو خدمة قضية أكاديمية جريئة تتمثل في تأسيس تاريخ منفتح وتطبيقي للفكر الإسلامي ونظرا إلى أن هذا المشروع النقدي الذي أطلق عليه محمد أركون اسم الإسلاميات التطبيقية وحَسَب وصفه مشروع شديد الجِدة وشديد التعقيد فإن محمد أركون ما انفك يدعو منذ البداية إلى أن تتجند لهذا المشروع مجموعة متنوعة من الباحثين حتى تتضافر في إخصابه مختلف المقاربات والإضاءات التي يمكن أن تثمرها العلوم الإنسانية ولكن رغم أن هذه الدعوة لم تلقَ إلا استجابة محدودة للغاية فإن محمد أركون مستمر منذ نحو أربعين عاما في بلورة هذا المشروع الفكري الطموح، بل أنه لا يزال لغاية اليوم يتَّقد في سبيله حماسا كما لو أنه قد باشر فيه للتو. وإذا كان خطاب محمد أركون غير مألوف بالنسبة للثقافة العربية بقدر ما هو غير مألوف بالنسبة للثقافة الأوروبية بحكم جذرية موقفه النقدي ومنهاجه التعددي فليس ذلك بغير ذي صلة بثراء شخصيته وتعدد انتماءاته، هو الجزائري ذو الأصل الأمازيغي الذي آلت به نشأته في حفظ لغات ثلاث إلى أن يجترح الفضيلة من الضرورة، فضيلة التفتح الثقافي من ضرورة التنوع اللساني.

القَصصي والأسطوري والخطاب الاجتماعي

محمد أركون – كاتب ومفكر جزائري: عندما تنتمي لأقلية لسانية دائما الأقلية مجبرة أن تتعلم اللغة المكتوبة التي يستعملها الناس وتستعملها الدولة لأن اللغة مرتبطة بالدولة والمدرسة كذلك، فإذاً لابد أن تتعلم لغة أو لغات عديدة وبالنسبة.. فيما يخص المغرب مثلا الآن نجد في المغرب معظم المغاربة يتكلمون البربرية إذا انتموا إلى الأقليات الموجودة إلى الآن ثم العربية ثم الفرنسية وهذا كسب ثروة.. ثروة فكرية وثروة لسانية لأن تعلُّم اللغات وتعدد اللغات يفتح آفاقا عديدة وإذاً يجب أن نرحب بهذه الثروة وأن لا نهملها، خاصة في الظروف التي نعيش فيها والتي.. الآن مثلا يجب أن نتعلم الإنجليزية، لا يمكن أحد اليوم أن يتخلى عن هذه اللغة مهما كانت لغته الأصلية والرسمية.

مالك التريكي: نعم، فالتنوع الثقافي الذي أصبح الآن مطلبا أساسيا لكثير من المجتمعات واتخذته اليونيسكو هدفا من أهدافها تأكيد أهمية التنوع الثقافي هو موجود..

"
اللغات هي ذاكرة الجماعات البشرية، فالذاكرة دالة على ثقافة وعلى مدنية خاصة بكل جماعة تتكلم لغة ولذلك يجب علينا أن نحافظ على جميع اللغات
"

محمد أركون: اللغات هي ذاكرة الجماعات البشرية والذاكرة دالة على ثقافة وعلى مدنية خاصة بكل جماعة تتكلم لغة ولذلك يجب علينا أن نحافظ على جميع اللغات اليوم لأننا إذا همَّشنا أو ألغينا لغة من اللغات ومع الأسف تُلغى اللغات كل يوم.. هناك لغات..

مالك التريكي: تندثر..

محمد أركون: تندثر، نعم وهذه خسارة كبيرة فيما يتعلق بتعرف الإبداع الإنساني لطرق من التفكير لطرق من الإبداع الأدبي ومن الإبداع الفني ومن الإبداع في تنظيم الحياة البشرية ويجب أن نحافظ على هذا وهذا نسميه تراث الإنسانية ولذلك اليونسكو يحافظ على.. وهذا من المزايا الكبيرة لهذه المنظمة أن تحافظ على هذه اللغات حتى لا تندثر.

مالك التريكي: ذكرتَ في أحد كتاباتك أنك كعضو في مجتمع تنتمي إلى مجتمع لجأ إلى الكفاح المسلح من أجل التحرر ثم احتذى النموذج السوفيتي في إدارة الشؤون العامة، شعرتَ كباحث اجتماعي وأنثروبولوجي بدرجة أكبر من المسؤولية من الباحثين الآخرين الذين ليس لهم نفس الخلفية التي لديك بضرورة إعادة التفكير في الموروث الإسلامي متوسلا بأحدث ما توصلت إليه مناهج العلوم الاجتماعية؟

محمد أركون: هذا لابد منه وهذا العمل هو عمل علمي لا يمكن أن نقوم به إلا إذا تسلحنا بجميع المعاجم الاصطلاحية التي ينتجها كل علم من العلوم التي نسميها علوم الإنسان والمجتمع وهذه العلوم هي التي تمكننا من أن نتعرف على الأبعاد الأنثروبولوجية لكل ثقافة والأنثروبولوجية مفتاح.. مفتاح للثقافات البشرية ومفتاح لنتعرف لا على ما أنتجته الثقافات فقط بل على ما يُغذِّي تلك الثقافات، على أسس كل ثقافة، أعني بأسس كل ثقافة مثلا الدين، ما هو الدين؟ وكيف الدين هو الذي يصبح مصدرا لفكر البشر في كل الثقافات والدين أيضا يشير إلى أسلحة للتعبير، آلات للتعبير، مثلا القصص ما نسميه القصص والقرآن يسميه القصص {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ} وترجمة القصص هنا هو (كلمة فرنسية) أذكر هذا لأن اللغة العربية مع الأسف أخطأت في ترجمة هذا المفهوم الأنثروبولوجي الذي هو مفتاح من مفاتيح التعرف والتطلع على الثقافات وعلى الأنظمة الفكرية التي يبدعها الإنسان في كل ثقافة، لماذا؟ لأن مفهوم (le mythe) نجده في بداية الفلسفة، أفلاطون الفيلسوف المعروف يؤدي جميع تفكيره الفلسفي اعتمادا على قصص ميثولوجيا (le mythe)، (كلمة يونانية) باللغة اليونانية يوازي (Le gauche) هو التفكير والتحليل جميع الآلات الذي يستعملها العقل للاستدلال للاستنتاج للتفهيم، هذا (Le gauche) ميدان (Le gauche) والـ (Le gauche) يستعمل الرموز يستعمل الاستعارات كما نجد ذلك في الأدب وكما نجد ذلك فيما نسميه الخطاب الديني بصفة عامة..

مالك التريكي: المجاز..

محمد أركون: نعم، الخطاب الديني بصفة عامة فيما نسميه التوراة ولكن التوراة قسم فقط كتاب من الكتب العديدة التي تكوِّن ما نسميه كتب العهد القديم، هناك العهد القديم والعهد الجديد على حسب التعبير المألوف طبعا الآن في تاريخ الأديان والخطاب الديني مبني على القَصص وهذا نجده في القرآن.. القرآن الفن القصصي في القرآن هناك كتاب معروف جدا لخلف الله محمد خلف الله ومع الأسف عندما أصدر كتابه وجد رد فعل سلبي لأن الثقافة العربية لم تتعود على هذا الاستعمال للقصص في الإنتاج الأدبي بصفة عامة وفي الخطاب الديني شاملا.

[فاصل إعلاني]

مالك التريكي: لابد أن نوضح دكتور أركون ما تقصده أن الشائع في اللغة العربية التداولية منذ حوالي قرن هو ترجمة مصطلح أو لفظ (le mythe) بالفرنسية (The myth) بالإنجليزية بأسطورة وأنت تترجمها تقول إن الترجمة الدقيقة لها ما يعادلها عربيا هو مفهوم القَصص لأن القرآن يفرِّق بين القَصص وبين الأساطير.

محمد أركون: نعم، عندي مَثَل وهذا صارت له قصة طويلة لا يتسع لنا الوقت حتى نذكرها هنا ولكن كتبت جملة أقولها بالفرنسية (جملة فرنسية) وتُرجمت هذه الجملة إلى العربية، القرآن خطاب أسطوري البنية، لأن اللغة العربية ترجمت مفهوم كما ذكرت (le mythe) بأسطورة ولكن كلمة أسطورة لفظ أسطورة موجود في القرآن وموجود في سياق لا يؤدي المعنى الذي يؤديه لفظ القصص، القرآن يقول {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ} والقرآن.. الخطاب القرآني نجد فيه {إنْ هَذَا إلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} مَن يقول هذا؟ هؤلاء الذين..

مالك التريكي: يُكذِّبون..

محمد أركون: يُكذِّبون ما أتى به القرآن، إذاً سياق سلبي، لا يمكن أن نستعمل هذه الكلمة بسبب ما ورد في القرآن لأننا إذا عملنا هذا لا يمكننا طبعا إذا.. جملتي إذا تُرجمت هكذا بالعربية الناس يُكفِّرونني..

مالك التريكي [مقاطعاً]: بينما ما تقصده هو أن القرآن خطاب ذو بنية قصصية..

محمد أركون [متابعاً]: خطاب قصصي مبني على القصص..

مالك التريكي: قصصي البنية، نعم..

محمد أركون: كجميع الكتب في العهد القديم والعهد الجديد وجميع الكتب في الأديان الأخرى الهندوسية والكونفشيوسية وهذا قاعدة عامة وعندما تُطلق قاعدة عامة تكون مطلقة على جميع الثقافات هذا هو المستوى الأنثروبولوجي للمعرفة، عندما نقول إن هذا شامل لجميع الثقافات البشرية مثلا الحرام الذي يختلف عن المقدَّس وبالفرنسية نقول (كلمة فرنسية) ونحن في اللغة العربية نقول المقدَّس ونخلط بين ما نسميه الحرام..

مالك التريكي: والمقدَّس..

محمد أركون: وما يسمى المقدَّس، هناك أيضا نقص في الاستعمال اللُّغوي، هذه أشياء.. هي الأشياء هي التي تثير صعوبات في ترجمة كتبي إلى العربية، لأني أستعمل جميع الاصطلاحات التي نجدها في المعجم الأنثروبولوجي في المعجم السسيولوجي، في معجم اللسانيات وفي معجم الإثنوغرافيا وفي معجم التحليل النفسي، جميع هذه المعاجم لابد من استعمالها، نستمد منها تلك الآلات للكتابة وللتفسير وللتفهيم وللتدريس وهذه الآلات لابد من نقلها إلى العربية ولكن عندما ننقلها إلى العربية وأنا مثلا أقول (كلمة فرنسية) المقدس باللغة الفرنسية وتترجم بالعربية المقدَّس لا تؤدي المعنى، المقدَّس هم مثلا أولياء الله الصالحين يعني اللي حياتهم تنتمي إلى ما نسميه القدس، مقدَّس لأنهم المقربون من الله، أما (كلمة فرنسية) هو ما نسميه في الفقه هذا حرام وهذا حلال والحرام هو الذي لا يمكن للإنسان أن يمسه دون أن يكون في.. من جهة النجاشي..

مالك التريكي: ولهذا من الترجمات طبعا هذه اجتهادات لابد..

محمد أركون: هذه الاجتهادات نتعلمها من علم الإثنوغرافيا، إثنولوجيا والأنثروبولوجيا ومع الأسف وهذا نعرفه، هذه العلوم لم تُدَّرس بعد على المستوى الذي يجب وخاصة على المجتمعات العربية لأننا ذكرنا أن البربرية لا تُكتب مثلا ولكن اللغة العربية فيها لهجات واللهجات لا تُكتب مع أنها لغة الشعب وهي اللغة الحية..

مالك التريكي: اللغة الحية..

إشكالية الترجمة في الثقافة العربية

محمد أركون: وهي اللغة الحية وعندنا العرب وهذا معروف.. مستوى من اللغة مكتوب.. خاص بالمكتوب ومستوى من اللغة هي لغة الحياة اليومية وفي هذين المستويين..

مالك التريكي[مقاطعاً]: هناك اختلاف كبير..

محمد أركون: هناك اختلافات كبيرة ولكل مستوى من مستويات اللغة له فضائله ووظائفه الخاصة..

مالك التريكي: ووظائفه، نعم.. جانب له علاقة بهذه المسألة مسألة ضبابية المفاهيم وقصور الترجمة هو انعدام التراكم المعرفي لأن مسألة القَصص مثلا لو عدنا إلى بداية الستينيات عندما شاعت كلمة الأسطورة كترجمة (le mythe)..

محمد أركون: لقد شاعت قبل ذلك ولكن الآن يعني لصقت..

مالك التريكي: شاعت قبل ذلك، نعم وتوصلت أنت لأن الحوار الفكري غير موجود لأن البناء المعرفي لا يتم بشكل تراكمي في المجتمعات العربية فهذه الاجتهادات تبقى اجتهادات فردية لا تؤدي إلى تيار فكري يصقل اللغة المعرفية..

محمد أركون: مع الأسف لأننا البلدان العربية، كل البلدان العربية لم تهتم الاهتمام اللازم علينا ضروري وهو يأتينا بمدارس خاصة لتعليم الترجمة، مش الترجمة فقط في المحكمة ولكن الترجمة العلمية، هناك تراث علمي تراكَم ولا يزال يتراكم كل يوم، هناك إنتاج كل يوم لكتب تأتي بمصطلحات جديدة ولابد من أن نعتني بالمصطلحات الجديدة التي تُنتَج في جميع الثقافات والأفكار التي نعرفها والعربية لم يُسنح لها.. تُسنح لها الفرص وتُسنح لها أيضا مؤسسات خاصة لترجمة جميع الكتب المهمة طبعا مش كل الكتب، لكن المهمة التي تأتي جديدة تُغذي الفكر الجديد وتؤدي إلى توجيهات جديدة في ما نسميه الإشكاليات.. إشكاليات الحقيقة (كلمة فرنسية) هذا كله لازم نعلمه حتى تُغنَى اللغة العربية وتُمكِّن جميع القراء عندما يقرؤون مثلاً في الخيال أو يقرؤون في عنوان كتاب ككتابي نزعة الأنسنة.. الأنسنة هي مفهوم لابد من استعماله اليوم لأن اللغة العربية قد استعملت كلمة معروفة جداً ومنتشرة في اللغة العربية وهي لغة الأدب لكن ابن قتيبة عندما كتب كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة وللجاحظ وكذا.. وكذا كان يدل بالضبط على ما نسميه باللغات الأوروبية (كلمة فرنسية) لأن الأدب هو الإحاطة.. يدل على الإحاطة بجميع العلوم المتوفرة والمنتشرة في مجتمع والمجتمع في فترة من فترات تاريخه ازدهر الأدب في اللغة العربية والمجتمعات العربية الإسلامية في القرن التاسع والعاشر أي الثالث والرابع الهجري ولذلك نجد كتب وكل الناس عندما يقرؤون كتاب أدب الكاتب الناس يفهمون ما قلته، أما اليوم إذا قلت فيه كتاب الأدب العربي ماذا أقول؟ شيء ضيق جداً، كلية الأدب.. ضيِّق الشعر والروايات الأدبية وكذا، إذاً لا يمكننا أن نستعمل هذه الكلمة لأنها تغيرت ولأن الفكر العربي انفصل عن هذا المفهوم الذي يدل على مستوى من التثقيف والثقافة وهذا الانحراف والانفصال يرجع تاريخه إلى القرن.. بدأ في القرن الحادي عشر أي الخامس الهجري فلذلك كتبت كتابا ثانٍ هو في طريق الترجمة الآن إلى العربية أيضاً رجعت إلى قضية الأدب بالمعنى القديم ولكن اليوم لابد من استعمال اصطلاح آخر ولكن العرب والقراء العرب لم تُسنح لهم الفرصة أن يقرؤوا كتب خُصصت لتاريخ الأنسنة في الفكر الأوروبي ونقارنه بتاريخ الأنسنة كما نسميها اليوم في الفكر العربي وهذا ما قمت به ولكن هذا مع الأسف الزملاء الذين يُدرِّسون في المدارس لا يساهمون في هذا.. مثلاً هذا الكتاب الذي صدر غير موزع في.. حتى بالفرنسية في كل إفريقيا الشمالية اللي هو المغرب لا يوجد.

مالك التريكي: رغم أنه باللغة التي.. وهي لغة منتشرة رغم أنه بالفرنسية وهي لغة منتشرة في المغرب العربي.

محمد أركون: وأنا أشير لنقص آخر في حياتنا الثقافية وفي الفكرية العربية لأن الذين يبيعون الكتب في بلداننا لا يهتمون بالعناوين الجديدة التي تصدر باللغة الإنجليزية، باللغة الفرنسية، باللغة الإيطالية، بجميع اللغات الأوروبية وتصدر ولكن تعالج موضوعات جديدة بمناهج جديدة لابد لطلبة العرب أن يتعرفوا عليها ويقرؤوها قبل أن تُترجَم، إذا انتظرنا أن تترجم أين نحن وكيف نتقدم؟

مالك التريكي: خاصة أن ما نترجم قليل جداً، آخر الأرقام التي صدرت تقول إن ما يترجم في كل البلدان العربية كل العالم العربي يساوي أقل من نسبة 5%..

محمد أركون: هذه كارثة..

مالك التريكي: أقل من 5% مما يترجَم في بلد وحيد هو ألمانيا.

"
في العالم العربي الإسلامي لا توجد  سياسة للثقافة والتثقيف أو سياسة لإبراز وتأييد تدريس البحث العلمي في علوم الإنسان وعلوم المجتمع
"

محمد أركون: لا أجيال منذ ثلاثين سنة أكرر الكلام في جميع محاضراتي في العالم العربي الإسلامي أن هناك ليست هناك سياسة للثقافة والتثقيف وليست هناك سياسة لإبراز وتأييد تدريس البحث العلمي في علوم الإنسان وعلوم المجتمع لأن هذه العلوم هي التي تفتح لنا آفاقا جديدة لنفهم تراثنا ولنعيش تراثنا على مستوى علمي ولا على مستوى المخيال الاجتماعي..

مالك التريكي: ولابد من الإشارة أن عدم نجاحك في نشر كلمة القصص كمعادل ل(le mythe) قابلة نجاح في نشر كلمة المخيال لأنك أول من استعملت المخيال لترجمة (كلمة فرنسية) وشاعت..

محمد أركون: هذا.. نجحت في هذا، بدأت أنا أترجم لأن مفهوم (كلمة فرنسية) لا يوجد أيضاً حتى في الإنجليزية..

مالك التريكي: نعم، نص غير موجود، نعم.

محمد أركون: الإنجليزية تقول (Imaginary).. (Imaginary) لا ينطبق أبداً، الأسطورة مع الميث..

مالك التريكي: لذلك تُستعمل في النصوص الإنجليزية في أصلها الفرنسي تُستعمل كما هي..

محمد أركون: نعم مطلقة، هذا هو العمل العلمي لأن هناك تيارات علمية تبرز في بلد ولا تبرز في بلد آخر، كل بلد له تجربته التاريخية وله أيضاً مزايا خاصة باللغة، هناك مزايا خاصة باللغة العربية، هناك ألفاظ عربية لا يمكن أن تُنقَل إلى لغات أخرى هذا.. هذه أيضاً قاعدة عامة لجميع اللغات.