المشاء

تستور.. عقارب طليطلة

تجولت كاميرا “المشاء” الخميس 12/2/2015 في مدينة تستور التونسية التي تنام على ربوة. لها نهرها الصغير وهواها الأندلسي في الغناء، وتسترها الجبال المحيطة بها، فصار اسمها تستور.

إطلالة أخرى على الأندلس من خلال مدينة "تستور" (شمالي تونس)، التي تذكر بأختها المغربية شفشاون، حيث صلة الرحم أسسها اللاجئون من ديار الأندلس، واحتفظوا بمفاتيح بيوتهم على أمل العودة.

في الحلقة الـ28 التي بثت يوم 12/2/2015، حطت قدما المشّاء في هذه المدينة التي تنام على ربوة. لها نهرها الصغير وهواها الأندلسي في الغناء.

يقول المختص في مدينة تستور رشيد السويسي إن الجبال المحيطة تستر المدينة، فصار اسمها تستور. المدينة محاطة بثلاثة أودية والماء الذي يجري فيها صالح للشرب وتزود به تونس العاصمة وسوسة وصفاقس، كما يوضح السويسي.

المؤرخ أحمد الحمروني قال إن اللغة القشتالية -إحدى اللهجات الإسبانية- كانت حاضرة في تستور في القرن الـ16، إذ كان يتحدث بها الموريسكيون القادمون من الأندلس. واستشهد بما رواه قس إسباني حضر في ذلك الوقت حفلا غنائيا بالإسبانية ومصارعة الثيران.

تحدث الحمروني عن الشاعر إبراهيم التيبلي الذي ينسب إلى تيبلة بالقرب من طليطلة، لكن ختم حياته في تستور ونظم قصيدة تزيد على أربعة آلاف بيت بالقشتالية دفاعا عن الإٍسلام.

يلتقي المشاء من يخبره عن التاريخ، لكنه يذهب إلى نماذج "تستورية" تخبره عن الراهن لتكتمل دائرة الحكاية.

فهذه فاطمة الشريف الناشطة الاجتماعية والفلاحة، درست علم الاجتماع والهندسة الزراعية وتمارس الفلاحة التي ورثتها عن أبيها.

تقول فاطمة إن عملها الاجتماعي فيه عطاء واقتراب من الناس وكسب ثقتهم، أما المجال الزراعي فقد انخرطت فيه مؤمنة بدوره المهم في العجلة الاقتصادية.

الجامع الكبير
أمام الجامع الكبير فقد وقف المشاء مستمعا إلى المؤرخ الحمروني متحدثا عن الجامع الذي بناه محمد تغرينو سنة 1630، فقال إن خصائص هذا البناء تبرز الطابع الطليطلي، حيث النجمة الخماسية والنجمة السداسية ضمن مفردات عمارة الجامع.

وأشار الحمروني إلى أن القسم الأول من صومعة الجامع مربع كرمز للمذهب المالكي لسكان البلد، والقسم الثاني مثمن كرمز لأصحاب المذهب الحنفي وهو مذهب العثمانيين الذين كانوا يحكمون تونس، أما محراب المسجد فكان طابعه المعماري بيزنطيا.

بقي أهل تستور يحافظون على مظاهر التراث الأندلسي الموريسكي  في العمارة واللباس والطعام والعادات والتقاليد عموما.

يعتبر فن المالوف الغنائي الخيط الذي يربط حاضر تستور بماضيها، وقدمت فرقة شيوخ تستور لغناء المالوف وصلة غنائية من هذا الفن.

يقول رشيد السويسي إن المالوف هو أحد العناصر الأساسية للثقافة الأندلسية، وهو يشبه الموشحات الغنائية، مشيرا إلى أن المالوف يتكون من نوبات عددها 13، وتتراوح بين طويلة ومتوسطة.

ويوضح السويسي أن أهل تستور يعتبرون المالوف مكونا من الهوية التي حافظوا عليها منذ أوائل القرن الـ17، واستعملوه في الغناء الصوفي والمدائح النبوية كما استعملوه في الغناء الهزلي، حيث يقول التستوريون إن المالوف فيه جد وهزل.